في الوقف والابتداء: بعضُ الإعاداتِ تكونُ زيادةً في القرآنِ لا تجوزُ، وضابطها!

إنضم
19 ديسمبر 2009
المشاركات
73
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
مسئلةٌ


في أنَّ بعضَ الإعاداتِ تكونُ زيادةً في القرآنِ لا تجوزُ


وإنْ أشبهتِ الوقفَ الحسنَ، وضابطِ ذلك.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.



وبعد:



فقد كَثُرَ جِدًّا وشَاعَ سَهْلاً على ألسنة بعض القراء في هذه الأيام من الوقوف والابتداءات العجيبة ما شاع، ومن أعجبها وأغربها تلك الإعادات في صلب كلام الله ما أنزل الله بها من سلطان، فلا ورد بها عند أهل الأثر دليل، ولا قام عليها من العقل برهان، بل بِخِلافِ ذلك: دار النقل والعقل كلاهُما على مَجِّها ومنعها، وما تمسُّك بعض القراء بها إلا لطرافتها وإغرابها على السامعين وإن عَافَهَا الذَّوْقُ والعقلُ بَدَاهَةً!

وأحب قبل البدء في تفصيل المسئلة أن أشير إلى أن بعض قرائنا الكبار أتى شيئاً يسيراً مما نبهتُ عليه في هذه المسئلة، وهو منهم فعلٌ نتأولُ لهم فيه خطأ المجتهد إن شاء الله، وهو أمر لم يكن شائعاً عندهم ولا ظاهراً، لكن شيوعه اليوم وذُيوعه ألجأني إلى التفصيل في سرد أمثلته وحُكمه، والمقصودُ ألا يَحُجَّني أحدٌ بفعلِ هؤلاء الكبار، فإن الرجال يوزنون بالحق ولا يوزنُ الحقُ بالرجال، وكما قلتُ: لم يكن شائعاً عندهم فلا حجة فيه، والله أعلم.

أُعَرِّجُ الآن على طائفة من الأمثلة قبل البدء في تخريج قاعدة هذه المسئلة وبيان وجهها الصحيح إن شاء الله، فمن ذلك أن يقرأ القارئ هكذا:
o "قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّه" فيقف ثم يبتدئ مكرراً لفظ الجلالة فيقول "اللّهُ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ" (الأنعام 19)

o "وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا/ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا" (القصص 9) فهذا الوقفُ مما لا يصح أصلاً دون تكرار "لا"، فاحترز بعضُ القراء من مذمة الابتداء بـ"تَقْتُلُوهُ" بتكرار حرف النفي فانقلب زيادة، فقد راموا الخروج من لحنٍ فوقعوا في آخر!

o "وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ * أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ" (هود 45 - 46)

o وقوله تعالى "وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ/ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ" (القصص 42)

o وقوله "وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا/ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ" (النساء 157_158)


وضابط هذه المسئلةِ: أن يكون هناك زيادة في المعنى المفهوم؛ تتولدُ من تِكرارِ المبنى واللفظِ المنطوق، بأن تُعملَ العبارةُ أو اللفظةُ مرتين وقد وردت في نص القرآن الكريم مرة واحدة.

وعلى عكسِ ذلك قد تتكررُ اللفظة في نصِّ القرآن الكريم فيوقفُ اختياراً من أجل اجتناب تكريرها تكريراً من غير فصلٍ[1]، كما فى قوله تعالى "لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ/ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ" (التوبة 108)، ومنه كذلك قوله تعالى "وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ/ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ" (الأنعام 124)، ومثل قوله تعالى "وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيراً* قَوَارِيراً مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا" (الإنسان 16 - 15) بالتنوين في الموضعين معاًً لنافعٍ وشعبة والكسائي وأبي جعفر. وجماعُ ما سبق أن التكرار يكونُ لغرضٍ يريده الله، فمن كرر لفظةً لغير ضرورةٍ فقد حَمَّلَ نصَّ القرآن ما ليس منه!

ومن أغراض التكرار اللفظي في القرآن الكريم التوكيد كما في قوله تعالى "هيهات هيهات لما توعدون"، قال القرطبي والبغوي: نزل القرآن بلسان العرب، ومن مذاهبهم التكرار إرادة التأكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والايجاز[2].

وانظر إلى قوله جلَّ وعلا حين أراد التِّكرارَ في الجواب بعد السؤال، قال: "فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ(5) خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ" (الطارق 6)، ثم انظر إلى قارئٍ يُكرر من تلقاءِ نفسه، واعجب! فلو شاء تعالى لقال "مِن مَّاء دَافِقٍ"، كما في مواضع تنبو عن الحصر من كلام الله، كما في قوله تعالى "لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ* لِيَوْمِ الْفَصْلِ" (المرسلات 12- 13)، ولو شاء لقال: أجلت "لِيَوْمِ الْفَصْلِ".
o "يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّه/ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" (لقمان 12) فقد عَمِلَ لفظُ الجلالة في هذا الوقفِ مرتين: مرة متعلقاً بقوله "لا تشرك"، ثم مرةً على سبيلِ القَسَمِ، وقد وردَ في الآية مرةً واحدةً، ففي الوقف الحسن هنا زيادة.

o ومثله: "وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا/ اللّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا" (الأعراف 89) فهو ابتداء قبيح لهذه القاعدة وللركاكة المتولدة من التِّكرار أيضاً.

o ومنها: " لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْم/ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ" (غافر 16) فقوله "الْمُلْكُ الْيَوْم" عَمِلَ مرتين: مرة في السؤال، ومرة في جوابه، ولم يَرِدْ في كلامِ الله إلا مرةً واحدة!!

o وقوله "ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّين/ يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا" (الانفطار 18_19) وهو مثل سابقه!
o وقوله تعالى "وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَة/ الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ" (الهمزة 5_6) وهو كسابِقَيْه.

o وقوله تعالى "وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ/ هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ" (القارعة 10-11)

o ومنها: "أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْم/ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ" (الأنعام 93) فقد عَمِلَ ظرف الزمان مرتين: مرةً مع "أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ"، ومرةً مع "تُجْزَوْنَ".

o وقوله: "قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْم/ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" (يوسف 92)، والخطأ فيها من وجهين: التِّكرار كسابقاتها، وتقييد الغفران بـ"اليوم"، والله جل وعلا لا مُكرِه له!

o وقوله "وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا/ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ" (الأنبياء 47) فإن جملة "وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ" متعلقة بما بعدها، ولا تعلق لها البتة بما قبلها، فإما أن يوصل من أول الآية إلى "أتينا بها"، أو يوقف على "شيئاً" ويُستأنفُ "وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ"، ولا يُعتدُّ بالوقف الحسن هنا لإيهامه الزيادةَ، فسوف تعملُ جملةُ "وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ" مرتين حينئذ: مرة فيما قبلها، ومرةً فيما بعدها، وهذا الموضعُ مُحْتَمَلٌ فيه التكرارُ فالأولى فيه صيانةُ السامع عن الوهمِ في الفهم، وإلا فالعربية الفصيحة لا تدعم التكرار فيه بقوة كما في الأمثلة الأخرى، والله أعلم.

o "أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّه/ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ" (البقرة 221) على سبيل القسم في الأولى، وهو ممتنعٌ من أوجه: أولُها التِّكرار، ولإيهامه أنهم يدعون إلى الله مع دعوتهم للنار، ولأنه لو صحَّ قسماً لكان مجروراً.


وليس من الباب قوله تعالى "ألا إنهم من إفكهم ليقولون/ من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون" (الصافات 152)لأن المعنى واللفظ لم يتمَّا بعدُ، إذ لابدَّ لقوله "لَيقولون" من جملة مقول القول. وليس منها كذلك قوله تعالى "فويلٌ للمصلين* فويلٌ للمصلين الذين هم عن صلاهم ساهون" لأن المعنى لم يتم بعد، وإن تمَّ اللفظُ واستَكْفَى على رأسِ الأية وأعطى معنى سقيماً، فإن الجملة التي بعده هي التي تعلقت به لتقييدها له!

والنَّسْجُ على منوال ما سبق مما يسهل على مُستحضِرِ القرآنِ الكريمِ، واللبيبُ بالإشارةِ يفهمُ.

وصلى الله على الحبيب البشير النذير وسلم تسليماً.



والحمد لله رب العالمين بكرةً وأصيلاً.


[1] البرهان في علوم القرآن - الزركشي ج1- ص368

[2] انظر تفسير القرطبي - (ج 20- ص 226)، وتفسير البغوي - (ج 8- ص 564)
 
موضوع مفيد

وخصوصاً مع كثرة من يتجاوز في هذه المسألة

لكن أحياناً يقف النفس عند القارئ فلابد أن يعيد لضبط المعنى

مثل " وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة " لأجل النفس يقف فلا يصح أن يقول بعدها " هم من المقبوحين " طبعاً على من فسرها من العلماء أن اللعن في الدنيا والتقبيح في الآخرة فيعود ويقول " ويوم القيامة هم من المقبوحين " وغيرها من المواضع التي يغلب على القارئ قصر نفسه

وفقت وسددت
 
<p>هذه الوُقوفُ الاصطناعيةُ كثيرٌ منها عبثٌ واضحٌ بكتاب الله , وهي كما يقول الشيخ الأخضر: وقوفُ الشهرة, والله المستعان.</p>
 
تنبيه مهم ، أشكركم على هذا ، ولقد شاع وذاع مثل هذا ، وإني لأتعجب ممن يستملح مثل هذا الأسلوب في الوقف والابتداء ، وهو لا يعلم أنه يهدم نظم القرآن العربي ، ومن ذلك :
يقف أحدهم على قوله تعالى : ( ذو العرش المجيدُ) ، ثم يبتدئ فيقول : ( المجيد فعال لما يريد ) .وقد وقع بهذا الابتداء القبيح في أمور :
الأول : أنه جعل جملة( ذو العرش ) مبتدءًا بلا خبر ، وهذا تنقيص في النظم العربي الذي أنزله الله .
الثاني : أنه جعل ( المجيد ) مبتدأ ، وخبره ( فعال ...) ، وهذا مخالف للنظم العربي الذي أنزله الله .ومعنى هذا أنه قطع الجملة التامة ، وألحق ما ليس من الجملة الأخرى بها ، وذلك ـ بلا ريب ـ خلل في الوقف والابتداء ، والله المستعان .
ولذا أحذِّر إخواني من القراء من مثل هذا ، وعليهم بأن يقفوا على علم النحو الذي هو ركن من أركان النظم ، وأن لا يخلُّو به من أجل استملاحٍ لا يقوم على برهان .
 
موضوع مفيد
وخصوصاً مع كثرة من يتجاوز في هذه المسألة
لكن أحياناً يقف النفس عند القارئ فلابد أن يعيد لضبط المعنى مثل "وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة" يقف لأجل النفس، فلا يصح أن يقول بعدها " هم من المقبوحين " طبعاً على من فسرها من العلماء أن اللعن في الدنيا والتقبيح في الآخرة فيعود ويقول " ويوم القيامة هم من المقبوحين " وغيرها من المواضع التي يغلب على القارئ قصر نفسه.
وفقت وسددت

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فهناك قاعدة نفيسة في هذا الباب، تقول:

يقبُحُ من الحافظ المتمكن ما لا يقبُحُ من غير المتمكن.

كما يقبُحُ - أيضًا - من الحافظ ما لا يقبح من غير الحافظ.

ويندرج تحت هذا الأمر: الوقف، والابتداء، والحفظ وعدم التعتعة فيه، وكمال تطبيق المخارج والصفات.

وسببه: أن انشغال ذهن الحافظ غير المتقن للحفظ - مثلا - بضبط تلاوة النص من الحافظة؛ يُلجِؤه إلى صرف طاقة الذهن إلى ضبط الحفظ، أما المتقن فباله أكثر خلُوًّا من غيره، فيتفرغ لضبط التلاوة: وقفا وابتداءا وتجويدا.

وعليه: فالمتمرس بالتلاوة، المتقن للحفظ غير المتعتع فيه؛ يعرف أوان انتهاء القراءة، فتكون وقفاته على أعلى الوقوف وأتمها، إذ أوانُ الوقفِ عندَهُ هو آخرما تُمَكِّنُه آلة النَّفَسِ من أعلى الوقوف وأتمها.

أما غير الحافظ، أو الحافظ غير المتقن؛ فغالبا ما يقف عند أقرب الأجلين: انتهاء النفس أو آخر الآية!

والله أعلى وأعلم وأحكم.​
 
إضافة إلى ما ذكره الإخوة - بارك الله فيهم جميعاً - أحببتُ أن أضيف كلام الإمام ابن الجزري - رحمه الله - حول هذه الوقوف، حيث قال في النشر 1/231-232 : ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفاً وابتداء ينبغي أن يعتمد الوقف عليه بل ينبغي تحري المعنى الآثم والوقف الأوجه وذلك نحو الوقف على (وارحمنا أنت)والابتداء (مولانا فانصرنا) على معنى النداء نحو (ثم جاؤك يحلفون) ثم الابتداء (بالله إن أردنا) ونحو (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك) ثم الابتداء بالله إن الشرك على معنى القسم ونحو (فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح) ونحو (فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً) ويبتدأ (عليه أن يطوف بهما، وعلينا نصر المؤمنين) بمعنى واجب أو لازم ونحو الوقف على (وهو الله) والابتداء (في السموات وفي الأرض) وأشد قبحاً من ذلك الوقف على (في السموات) والابتداء (وفي الأرض يعلم سركم) ونحو الوقف على (ما كان لهم الخيرة) مع وصله بقوله (ويختار) على أن "ماء" موصولة، ومن ذلك قول بعضهم في (عيناً فيها تسمى سلسبيلا) أن الوقف على (تسمى) أي عيناً مسماة معروفة. والابتداء (سل سبيلا) هذه جملة أمرية أي اسأل طريقاً موصلة إليها، وهذا مع ما فيه من التحريف يبطله إجماع المصاحف على أنه كلمة واحدة، ومن ذلك الوقف على (لا ريب) والابتداء (فيه هدى للمتقين) وهذا يرده قوله تعالى في سورة السجدة (لا ريب فيه من رب العالمين) ومن ذلك تعسف بعضهم إذ وقف على (وما تشاؤن إلا أن يشاء) ويبتدئ (الله رب العالمين) ويبقي "يشاء" بغير فاعل فإن ذلك وما أشبهه تمحل وتحريف للكلم عن مواضعه يعرف أكثره بالسباق والسياق ) ا.هـ .
 
السلام عليكم أخي الحبيب ورحمة الله وبركاته:
إضافة إلى ما ذكره الإخوة - بارك الله فيهم جميعاً - أحببتُ أن أضيف كلام الإمام ابن الجزري - رحمه الله - حول هذه الوقوف، حيث قال في النشر 1/231-232 : ليس كل ما يتعسفه بعض المعربين أو يتكلفه بعض القراء أو يتأوله بعض أهل الأهواء مما يقتضي وقفاً وابتداء ينبغي أن يعتمد الوقف عليه بل ينبغي تحري المعنى الآثم والوقف الأوجه وذلك نحو الوقف على (وارحمنا أنت)والابتداء (مولانا فانصرنا) على معنى النداء ... فإن ذلك وما أشبهه تمحل وتحريف للكلم عن مواضعه يعرف أكثره بالسباق والسياق ) ا.هـ .

جزاكم الله خير، فلقد أتيتم بجماع الباب بنقلكم عن ابن الجزري، ولطالما ظن أحدنا أنه أتى بالجديد، وإنما استفاده من كلام الأولين فرسخ في ذهنه حين قرأه، فلما انقدح في ذهنه بعد أمد ظنه من بنيات أفكاره!
شكر الله لكم وغفر، وأُثَمِّنُ غاليًا ما نقلتم مشكورين.
 
سبق لأحد الإخوة في الملتقى أن صوَّب كلمة في هذا النص المقتبس من "النشر" ..
وهي:
بل ينبغي تحرّي المعنى الأتَمّ والوقف الأوجه
 
سبق لأحد الإخوة في الملتقى أن صوَّب كلمة في هذا النص المقتبس من "النشر" ..
وهي:
بل ينبغي تحرّي المعنى الأتَمّ والوقف الأوجه
جزاكم الله خيرا، ولا يستقيم المعنى إلا بالتصويب.
 
عودة
أعلى