السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك رسالة ولكن غاب عني اسمها ولكن أبحث عنها في مكتبتي وأوافيك بها
وهنا كلام وجدته وأنا أتصفح في الإنترنت
شبهة عدم تناسب الكلمات والآيات في القرآن الكريم
تاريخ المقال : 26/6/2010 | عدد مرات المشاهدة : 3341
بقلم الدكتور: عبد الرحيمالشريف
دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الكريم
من الشبهات الواردة في مواقع الإنترنت وعدد من منتدياته: الطعن في الإعجاز القرآني من خلال زعم عدم تناسب آيات القرآن الكريم، ومما ورد إلى الموقع من استفسارات في ذلك..
أولاً: تناسب الكلمات:
1. جاء في صفحة (هل القرآن معصوم ؟) تحت عنوان " خلط الأسماء ":
" جاء في سورة الأنعام 84-86 "وَوَهَبْنَا لهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْمَاعِيلَ وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاً فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ".
ونحن نسأل: كيف صُفَّت هذه الأسماء بلا نظام ولا ترتيب، بما فيها من تقديم وتأخير يدعو للتشويش والخلط ؟ فما الداعي لذكر داود وسليمان قبل أيوب ويوسف وموسى وهرون ؟ وما الداعي لذكر زكريا ويحيى وعيسى قبل إلياس ؟ وما الداعي لذكر إسماعيل بعد إسحق ويعقوب وداود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس؟ وما الداعي لذكر أليشع ويونس قبل لوط ؟ مع أن الترتيب التاريخي معروف قبل القرآن بمئات السنين، وهو: أيوب في بلاد عوص. وإبراهيم وابن أخيه لوط وابناه إسماعيل وإسحاق وحفيده يعقوب وابن حفيده يوسف. ومن بعدهم موسى وهرون. ومن بعدهم داود وسليمان ابنه. ومن بعدهما إلياس وأليشع تلميذه. ومن بعدهما يونس. هؤلاء كلهم في العهد القديم. ومن بعدهم زكريا ويحيى وعيسى في العهد الجديد! ".
الجواب:
لا يمكن الاعتماد على التاريخ المذكور في كتابهم المقدس؛ لتناقضه وتحريفه ومخالفته للحقائق التاريخية المتفق عليها، بل القرآن الكريم هو المهيمن تاريخياً عليه، كما سبق بيانه. ولم تصرح الآية الكريمة بالتزام الترتيب التاريخي في ترتيب الأسماء الواردة أعلاه، فالواو العاطفة لا تفيد الترتيب. [1]
وقد اجتهد بعض العلماء في توجيه ترتيب الأسماء بما يلي: [2]
الآية التي سبقت ما استشهد به، قوله تعالى: " وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ".
فتلك الحجة في إظهار التوحيد لله تعالى والذب عنها، نعمة أنعم بها الله تعالى بها على إبراهيم. ومن نعمه عليه أيضاً أن جعل في ذريته النبوة، التي أغلبها من سلالة إسحق ويعقوب.
وقدم ذكر إسحق على إسماعيل؛ لأنه أظهر في الامتنان، حيث رزقه إياه بعد الكِبَر. وتمتع برؤيته ولم يفارقه.. ومن ذريته خرج القوم الموحدون الذين نشروا الإسلام الذي كان يدعوا إليه.
ثم ذكر نوحاً كي لا يظن ظان أن الهداية محصورة في أبناء إبراهيم فقط دون غيرهم، فأعاد الأذهان إلى مَن هدى الله تعالى مِن أقوام سبقوا بني إسرائيل.
وفصَل بين نوح وباقي الأنبياء بالجار والمجرور، إشارة إلى تراخي زمانه عن زمان من بعده.
ثم جمعَ بين الأنبياء الكرام ( نبيَّين نبيَّين ) للرابط بينهما:
فثنى ـ بعد إبراهيم ـ بذكر داود وسليمان؛ لأنهما رفعا قواعد المسجد الأقصى، وتكفلا بعمارته. كما رفع إبراهيم وإسماعيل [3]قواعد البيت الحرام.. وهما متوافقان في أنهما جمعا بين الملك والنبوة.
ثم أيوب ويوسف وكلاً منهما كان آية في الصبر، وكلاهما عانا من فراق الأهل.
ويجمع بين الأربعة (داود وسليمان وأيوب ويوسف) أن كلاً منهم ابتلي فصبر، ثم اغتنى وشكر، ورفِع شأنه بين الناس.
ثم بعد ذِكر يوسف الذي أعز الله تعالى شأنه في مصر، ذكَر موسى وهارون اللذين أرسلا إلى مصر، ولكنهما تسلطا على الحاكم فكانا سبباً في قتله.
ثم ذكر زكريا ويحيى، وكلاً منهما تسلط عليه الحاكم فقتله.
ثم ذكر عيسى واليسع، وكلاً منهما حاول الحكام قتلهما، ولكن الله تعالى أنجاهما.
ثم ذكر إسماعيل واليسع اللذين لم يكن بينهما وبين الحكام أمر، وكان إسماعيل سبباً في عمارة المسجد الحرام، واليسع سبباً في عمارة المسجد الأقصى، كما هدى الله تعالى قومهما بلا عذاب.
ثم ذكر يونس ولوطاً وكلٌّ هلك طائفة من قومه بعذاب.. وختم بهما؛ لكونهما ليسا من ذرية إبراهيم ـ صلى الله وسلم عليهم أجمعين ـ.
والذي يرجحه الباحث: أن الترتيب لم يأت حسب الزمن والفضل والحصر؛ لانصراف الذهن إلى أن جميع الأنبياء في شتى العصور، مهما كان فضلهم، أياً كان قومهم.. كانوا على دين واحد، هو دين الإسلام. [4]
وكلُّ ذلك لمزيد التأكيد على ربانية القرآن الكريم، وأنه ينفرد بكونه يحمل معه إعجازه، وردَّه على الشبهات المثارة حوله أيضاً؛ فهذا الترتيب للأنبياء الكرام، حجة على مدَّعي تلفيق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القرآنَ الكريم عن الكتب السابقة، وما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليعرِّض نفسه للنقد بلا داعٍ إن خالفَ ما تعلَّمه على يد معلميه المزعومين، أو اطَّلعَ عليه من الكتب، في ترتيب أنبياء بني إسرائيل.. وما أيسر ترتيبهم زمنياً لو كان له يد في ذلك.
كل هذا يضيف مزيداً من الأدلة، على أن أي شبهة حول القرآن الكريم لن تزيده إلا رسوخاً، ولإعجازه بياناً.. وسبحان الله العظيم !