عرض لنشرات كتاب (معرفة القراء الكبار) للإمام الذهبي (ت748هـ)

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29 مارس 2003
المشاركات
19,305
مستوى التفاعل
124
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
من أهم ما يُعنى به طالب العلم الحريص الطبعة المتقنة المحققة للكتاب الذي يريد شرائه وقراءته ، وقد دار بيني وبين أخي العزيز الدكتور يحيى الشهري حديث حول أجود طبعات كتاب الإمام الذهبي (معرفة القراء الكبار) ، فأشار عليَّ حينها -كان ذلك في رمضان عام 1426هـ - أن أكتب ذلك في الملتقى العلمي لتعم الفائدة بذلك من يرغب في اقتناء هذا الكتاب الثمين ، فاستعنت بالله وكتبت هذه المقالة التي أرجو أن ينفع الله بها من يطلع عليها ، وألا يحرمنا أجر الكتابة في هذا الملتقى العلمي . ًعلم طبقات القراء فرع من فروع علم التاريخ ، يعنى بالترجمة للقراء من عصر الصحابة فمن بعدهم حتى عصور المصنفين ، يذكر فيه ترجمة القارئ وشيوخه وتلاميذه ومؤلفاته ونحو ذلك مما يتعلق بترجمته ، وقد صنفت فيه مصنفات جليلة ، ومن أجل تلك المصنفات كتاب (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار) للإمام الذهبي . وقد صنف الإمام الذهبي كتابه (معرفة القراء الكبار) وفرغ من الصورة الأولى لتصنيفه مبكراً عام 718هـ وهو خطيب لجامع كفر بطنا بضواحي مدينة دمشق ، واستنسخه منه على صورته تلك عدد من الطلاب ، ثم زاد فيه ونقح بعد ذلك ، وبعد أن زاد فيه عدداً من التراجم قرأه عليه آخرون ، واستنسخوه منه ، وبقيت نسخته الخاصة به معه يزيد فيها ، وينقح حتى آخر أيام حياته عام 747هـ ، أي قبل وفاته بعام واحد ، فقد كان يضيف تواريخ وفاة بعض المترجمين الذين كانت وفاتهم ذلك العام. وقد انتشرت مخطوطات الكتاب لكل مرحلة من مراحل تصنيفه لهذا الكتاب ، وكلها نُسخٌ صحيحةٌ للكتاب ، وبعضُها قُرئ على الذهبيِّ ، غير أَنَّ آخرَهنَّ أكملُهنَّ ؛ لِما فيها من التراجم المزيدة ، والاستدراكات المتممة. وكما تعددت نسخ هذا الكتاب المخطوطة بمراحلها المذكورة ، فقد تعددت نشراته المطبوعة أيضاً ، فقد نُشر عدة مرات ، وكلُّ نشرةٍ منها اعتمدتْ على مخطوطةٍ تنتمي لمرحلةٍ من مراحل التصنيف الثلاث السابقة. وسأُفصِّلُ في هذه المقالة حالَ كل نشرة من النشرات ، والمخطوطات التي اعتمدتْ عليها ، وبيان قيمتها العلمية ، ومزايا وعيوب كلِّ نشرةٍ من هذه النشرات ، حتى يخرج القارئ وقد عرف قيمة كل نشرة من هذه النشرات، وأيها أجدر بالشراء والاعتماد في البحث .
* الإمام الذهبي وقيمة مصنفاته في التراجم :
هو محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز المعروف بالذهبي التركماني الأصل ، المولود بدمشق عام 673هـ والمتوفى بها عام 748هـ ، وهو من العلماء الذين رزقوا التوفيق والقبول في التصنيف والتأليف ، وقد فتح الله عليه في التصنيف في تراجم العلماء وتواريخهم مصنفات صارت عمدةً للعلماء من القراء والمحدثين والمؤرخين بعد ذلك. وقد صنَّفَ الإمامُ الذهبي كتباً متعددة في تراجم الرجال ، وكانت له عناية وتقدم في هذا الشأن ، حتى عُدَّ من شيوخ المحدثين في الجرح والتعديل [انظر : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 5/216] ، وقال السخاوي فيه:(وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال)[انظر: الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام لبشار عواد 127] . وقد بدأ الذهبي حياته العلمية بحفظ القرآن ، والاشتغال بتعلم القراءات ، وأخذها عن أهلها، حتى قرأ على شيوخ عصره بالقراءات العشر الكبرى ، ورحل من أجل ذلك إلى القاهرة وغيرها من البلاد ، وقد دعاه هذا إلى العناية بتراجم القراء الكبار ، الذين دارت عليهم أسانيد القراءات في بلاد الإسلام ، فَصَنَّفَ كتابَه الثمين (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار).

* مفهوم الطبقة عند الذهبي :
صنَّف الإمام الذهبي عدداً من كتبه على الطبقات مثل "سير أعلام النبلاء" ، و"تذكرة الحفاظ" ، و "معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار" ، و"طبقات الشيوخ" وغيرها ، ويذكر الدكتور بشار عواد منهج الذهبي في توزيعه للطبقات فيقول : (وتشير دراستُنا لهذه الكتبِ أَنَّ الذهبيَّ لم يُراع إيجادَ تقسيمٍ واحدٍ في عدد الطبقات بين هذه الكتب ، ولا راعى التناسقَ في عَددِ المُترجَمين بين طبقةٍ وأُخرى في الكتاب الواحد ، كما لم يلتزم بوحدةٍ زمنيَّةٍ ثابتةٍ للطبقة في جَميع كتبهِ فيما عدا "تاريخ الإسلام" الذي لا يدخلُ في هذا التنظيم).[سير أعلام النبلاء 1/100] فقد قسَّمَ الذهبيُّ كتابَه "معرفة القراء الكبار" على سبع عشرة طبقة أولاً ثم أضاف طبقة ثامنة عشرة في آخر نسخ الكتاب وأضاف ذيلاً له بعد ذلك ، وقسَّمَ "سير أعلام النبلاء" على أربعين طبقة ، وقسَّمَ "تذكرة الحفاظ" على إحدى وعشرين طبقة . مع أَنَّ الكتب الثلاثة تناولت نطاقاً زمنياً واحداً يَمتدُّ من الصحابة إلى عصر الذهبي. وهناك اختلافٌ في عدد التراجم بين الطبقات ، فتقلُّ التراجمُ في بعض الطبقات ، وتكثر في بعض الطبقات ، فالطبقة الأولى في معرفة القراء الكبار لم يذكر فيها إلا سبعةً من الصحابة. وأَمَّا الوحدةُ الزمنيةُ فلم يراع الذهبيُّ وحدةً زمنيَّةً ثابتةً في كتبه التي صنَّفَها على الطبقات ، فتلاحظ تبايناً كبيراً في المدة الزمنية التي تستغرقها كلُّ طبقةٍ من الطبقات. وبِهذا (يتضحُ أَنَّ الذهبي استعمل الطبقةَ للدلالةِ على القومِ المتشابِهين من حيث اللقاءُ ، أي : في الشيوخ الذين أَخذوا عنهم ، ثُمَّ تقارُبُهم في السنِّ من حيثُ المولدُ والوفاةُ تقارباً لا يتناقض مع اللُّقيا ، وهو أمرٌ يُتيح تفاوتاً في وفيات المُترجَمين من جهةٍ ، وتفاوتاً في عدد الطبقات أيضاً).[سير النبلاء 1/104] وعليه فإِنَّ الذهبيَّ لو أراد مثلاً أن يؤلف كتاباً في جَميع القراءِ وليس في الكبار منهم لاضطره الأمرُ إلى زيادةِ عددِ الطبقات ، ولم يكفهِ جعلُ الكتابِ في سبع عشرة طبقة كما صنع في كتابه هذا . والذهبي لَمَّا باشر تصنيف "معرفة القراء الكبار" حدد الضوابط التي تحكم إيراد ترجَمةٍ لأي من القراء في كتابه.

ويمكن تلخيص تلك الضوابط في الآتي :
1- قراء الصحابة ومن بعدهم الذين لم تتصل قراءتهم إلى عصر الذهبي لم يترجم لهم الذهبي في كتابه هذا. قال في آخر ترجمة الطبقة الأولى من الصحابة :(فهؤلاء الذين بَلَغنا أَنَّهم حفظوا القرآنَ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأَخَذَ عنهم مَنْ بَعدَهُم عَرْضاً ، وعليهم دارت أسانيدُ قِراءةِ الأَئمةِ العَشرةِ. وقد جَمعَ القرآنَ غيرُهُم من الصحابة كمعاذِ بن جبلٍ ، وأَبي زيدٍ ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وعبدالله بن عمر ، وعتبة بن عامر ، ولكنْ لم تتصل بنا قراءتُهم ، فلهذا اقتصرتُ على هؤلاء السبعة رضي الله عنهم ). وهؤلاء السبعة الذين ذكرهم هم : عثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، وأبي بن كعب ، وعبدالله بن مسعود ، وزيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري ، وأبو موسى الأشعري ، وأبو الدرداء عويمر بن زيد الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين.

2- ضم تراجم المقرئين الذين قرأوا على القراء المشهورين بقراءات شهيرة ، وقرأ عليهم القراء في زمانهم ، واستمر الإسناد والروايات تلك حتى عصر الذهبي . حيث أشار في آخر الطبقة الخامسة ، فقال :(وفي هذه الطبقة جماعةٌ كثيرةٌ من المقرئين ليسوا في الاشتهار كمن ذكرتُ ، ولا اتصلت بنا طرقهم ، وإنما العناية بمن تصدى للرواية).

3- ترجم للمشهورين بأسانيدهم ، وكثر الأخذ عنهم . قال في آخر الطبقة الثانية:(فهؤلاء الذين دارت عليهم أسانيد القراءات المشهورة ورواياتهم). وقال في آخر الطبقة الثالثة :(فهؤلاء الأئمة الثمانية عشر قطرة من بحر بالنسبة إلى حملة القرآن في زمانهم ، اقتصرتُ على هؤلاء لدوران الأسانيد في القراءات عليهم).

4- لم يترجم الذهبي للقراء المشهورين الذين لم يعرف أساتذتهم ، أومن قرأوا عليهم . قال في ترجمة حسين بن عبدالواحد الحذاء :(قلتُ : هذا وشبهه ليس من شرط كتابي ؛ لعدم علمنا بمن أقرأه ) [1/581 طبعة خان ]. وهو يشير أحياناً إلى هؤلاء مع مخالفتهم لشرطه لعلة رآها ، كقوله في ترجمة المفضل بن سلمة :(قلتُ : ما ذا من شرط كتابنا ، ولكن ذكرته للتمييز بينه وبين المفضل الضبي). وقال في ترجمة عيسى بن سعيد الكلبي :(وانقطعت رواياته ، وإنما أوردته أسوة أمثاله ، وإن كنت لم أستوعب هذا الضرب ، فلو استوعبت تراجم من تلا بالروايات أو ببعضها ، ولم ينقل إلينا طرقه لبلغ كتابي عدة مجلدات). [انظر طبعة خان 2/579]
ومعرفةُ طبقةِ المُترْجَمِ له في كتب الذهبي تختلفُ من كتابٍ إلى آخر ، فلا تستطيعُ القولَ بأَنَّ الراوي الفلانيَّ من أهل الطبقة الفلانية عند الذهبي ، وإِنَّما يُمكنك القول : إنه من الطبقة الفلانية في الكتاب الفلاني عند الذهبي . فلا تَجدُ تقسيماً موحداً للطبقات عند المؤلفين المسلمين ، فمكحول مثلاً في الطبقة الثالثة من أهل الشام عند ابن سعد ، في حين هو من أهل الطبقة الثانية عند خليفة بن خياط ، وفي الطبقة الرابعة عند الذهبي في تذكرة الحفاظ ، ومن أهل الطبقة الخامسة عند ابن حجر في تقريب التهذيب. وتقسيمُ الرواةِ على الطبقاتِ جاء لخدمة دراسة الحديث النبوي ، ومعرفة إسناد الحديث ونقده ، فهو الذي يؤدي إلى معرفة فيما إذا كان الإسناد متصلاً ، أو ما في السند من إرسال أو انقطاع أو نحو ذلك. وكان نظامُ الطبقات على غايةٍ من الأهميَّة في العصور الأولى التي لم يعتن المؤلفون فيها بضبط مواليدِ الرواة ووفياتِهم ، إِنَّما كانت تُحدَّدُ طبقاتهم بمعرفة شيوخهم والرواة عنهم. على أنَّ من أكبر عيوب التقسيم على الطبقات صعوبةُ العُثورِ على الترجَمةِ لغير المتمرسين بهذا الفنِّ تَمرُّساً جيداً. وفائدةُ التنظيم على الطبقاتِ إِنَّما تظهر في العصور الإسلامية الأولى ، وكلما مضى الزمن بالكتابِ صرنا لا نشعرُ بوجود الطبقةِ شُعوراً واضحاً ، حتى إن ابن الجزري(ت833هـ) لم يرتب كتابه غاية النهاية على الطبقات ، وإنما رتبهم على حروف الهجاء .

المؤلفات في تراجم القراء وطبقاتهم :
صُنِّفتْ كتبٌ في تراجم القراء وطبقاتهم قديماً وحديثاً ، وقل كتابٌ من كتب القراءات المتقدمة كجامع البيان للداني وغيره ، إلا ويتعرض لطبقات القراء المشهورين أصحاب القراءات والروايات فيترجم لهم ، ويذكر أسانيده إليهم ، غير أني أريد في هذه القائمة أن أشير إلى الكتب التي خصصت لتراجم القراء فحسب بحسب ما اطلعتُ عليه ، ومن أهمها :
1 - طبقات القراء لأبي بكر أحمد بن الحسين بن مهران (ت381هـ) ، وهو مفقود [انظر: غاية النهاية لابن الجزري 1/49] .

2 - طبقات القراء والمقرئين لأبي عمرو عثمان بن سعيد الداني الأندلسي (ت444هـ). وسماه ابن خير الإشبيلي في فهرسته (ص72) باسم :(كتاب تاريخ طبقات القراء والمقرئين من الصحابة والتابعين ، ومن بعدهم من الخالفين ، إلى عصر مؤلفه وجامعه ، على حروف المعجم) . وقال عنه ابن الجزري في غاية النهاية 1/505:(كتاب طبقات القراء في أربعة أسفار ، عظيمٌ في بابه ، لعلي أظفر بجميعه). قال الدكتور غانم قدوري الحمد عن هذا الكتاب :(ويبدو أن نسخ هذا الكتاب كانت نادرةً في عصر ابن الجزري المتوفى سنة 833هـ ، الذي سافر في معظم بلدان المشرق الإسلامي ، أما بلاد المغرب فيكفي أن نعرف أنّّ المَقَّري مؤلف كتاب (نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) تلقى رسالة من المغرب من صديقه محمد بن يوسف المراكشي التاملي ، مؤرخة في عاشورا المحرم فاتح سنة ثمان وثلاثين وألف ، والمقري مقيم يومئذٍ في بلاد الشام ، جاء فيها :(ثم المأمول من سيدنا ومولانا أن يتفضل علينا بكتاب طبقات القراء للإمام الحافظ الداني ، إذ ليس عندنا منه نسخة) [انظر : نفح الطيب 2/474] ، ولم أقف على ذكر لنسخة مخطوطة من الكتاب في عصرنا) [انظر: فهرست تصانيف الإمام أبي عمرو الداني بتحقيق د. غانم قدوري الحمد ص15 حاشية رقم 1] وقد ضَمَّن الإمام الذهبيُّ كتابَ أبي عمرو الداني في كتابه (معرفة القراء الكبار) والحمد لله وهذه من مزايا كتاب الذهبي ، والظاهر أن كتاب الداني لم يكن بالكبير لتقدم وفاة مؤلفه.

3- تذكير الحافظ لتراجم القراء والنظائر منها لأبي عمرو الداني أيضاً ، وهو مفقود ، إلا أن يكون مستلاً من مقدمة كتابه الآخر (جامع البيان في القراءات) . انظر : فهرست مصنفات أبي عمرو الداني ص18 ، ومقدمة تحقيق أحاسن الأخبار للمزي ص7
4 - طبقات القراء لعلي بن سعيد بن حزم الأندلسي (ت456هـ) وهو كسابقه ، أظن أن الذهبي لم يترك منه شيئاً. [انظر: معرفة القراء الكبار 1/239 قولاج ]

5- طبقات القراء لأبي بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني (ت460هـ) .

6- طبقات القراء لأبي معشر عبدالكريم بن عبدالصمد الطبري (ت478هـ) .

7- الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار لأبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطَّار (ت569هـ). قال ابن الجزري في ترجمته عند ذكر هذا الكتاب :(وألف كتاب الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار ... وألف لي فيما حكي لي عنه كتاب طبقات القراء ، وهو كتاب الانتصار الذي قدمت ذكره في مؤلفاته ، وأنا أتلهف للوقوف عليه أو على شيء منه من زمن كثير ، فما حصل منه ولا ورقة ، ولا رأيت من ذكر أنه رآه ، والظاهر أنه عدم مع ما عدم في الوقعات الجنكزخانية ، والله أعلم)[انظر : غاية النهاية 1/204]

8- معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام الذهبي وهذه المقالة عنه.

9- أحاسن الأخبار في محاسن السبعة الأخيار أئمة الخمسة الأمصار ، الذين انتشرت قراءاتهم في سائر الأقطار ، لمقرئ العادلية عبدالوهاب بن وهبان المزي الحنفي (ت768هـ) ، وقد حققه الدكتور أحمد بن فارس السلوم وفقه الله في رسالته للدكتوراه ، ونشر عام 1425هـ عن دار ابن حزم في مجلد واحد . وهو كتابُ مختص بتراجم القراء السبعة ، وقد اشتمل على أخبار فريدة في تراجمهم ، ونقل كثيراً من كتاب طبقات القراء للداني الذي كان أهم مصادره ، ولم يطلع – بِحَسبِ استظهار مُحقق الكتاب - على كتاب الذهبي (معرفة القراء الكبار) الذي توفي قبله بعشرين عاماً .

10 - نِهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات ، للعلامة محمد بن الجزري ، وهو مفقود .

11- غاية النهاية في طبقات القراء . وهو مطبوع طبعة قديمة للمستشرق برجشتراسر، وهو في أمس الحاجة إلى إعادة تحقيقه ، وقد حدثني أخي الكريم الدكتور محمد بن فوزان العمر أن الدكتور عماد بن أمين الددو يقوم الآن بتحقيقه على خمس نسخ خطية ، نسأل الله أن يعينه على إكمال تحقيقه ونشره ، فهو من أهم كتب تراجم القراء وأوسعها .

12- الدُّرُّ المدني في طبقات القراء بعد ابن الجزري ، للشيخ المقرئ محمد طاهر الرحيمي أحد علماء المدينة المنورة المقيمين بها ، وهو يشتمل على طبقات القراء بعد ابن الجزري رحمه الله . وقد زاد عدد تراجِمه – كما بلغني - على ثلاثة آلا ف ترجمة. ولعله يرى النور قريباً.

13- مِنَّةُ الرحمن في تراجم أهل القرآن للدكتور إبراهيم الجرمي ، وقد صدر حديثاً ، وانظر عرضاً له في موضوع [عرض كتاب (منَّة الرحمن في تراجم أهل القرآن) للدكتور إبراهيم بن محمد الجرمي] .

14- الحلقات المضيئات من سلسلة أسانيد القراءات ، للسيد أحمد عبد الرحيم ، وهو كتاب معاصر عني بالترجمة لرجال أسانيد القراءات من العصر الحاضر حتى عصر الصحابة . هذا ما وصلتُ إليه ، ولعله فاتني الكثير منها .

قيمة كتاب الذهبي (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار):
تَميَّز الذهبي كما تقدم في فن التراجم ، وكتبَ فيها عشراتِ الكتب ، وصنَّف كتابه العظيم "تاريخ الإسلام" الذي اشتمل على أربعين ألف ترجمة ، وصنَّف "سير أعلام النبلاء" الذي يُعدُّ من أفضل كتب التراجم ؛ لما اشتمل عليه من النظرات النقديَّةِ البارعةِ المنصفة من الذهبيِّ ، فقلَّ أن تقرأ في فنِّ التراجم لِمثلِ الذهبي ، بلاغةً وصياغةً وإنصافاً ، وحُسنَ بَصَرٍ بالفنِّ. وقد كان الصفديُّ وهو من تلاميذه يُعجبُه في شيخه وقفاتِه النقديَّةَ للمترجمين وللروايات الحديثية ، فيُبينُ ما فيها من ضعفٍ ونحو ذلك. وتجد ذلك ظاهراً في كتابه هذا "معرفة القراء الكبار" فإنَّك لا تكادُ تَمرُّ بترجمةٍ من التراجم إلا وتجد فيها للذهبي وقفةً أو وقفات نقديةً لا تخلو من فائدة . وقد توسَّعَ في كتابه هذا في تراجم القُرَّاءِ الكبارِ ، وأَفاض في تراجِمهم ، وأَحالَ على تراجِمهم في كتابه هذا إذا جاء ذِكرُهُم في كتبه الأخرى. ففي ترجمة أبي عمرو بن العلاء في معرفة القراء الكبار توسَّعَ في ترجمته ، ولَمَّا ذكره في "سير أعلام النبلاء" اختصر ترجمته ، وقال :(استوفينا مِن أخبارهِ في طبقاتِ القُرَّاء)[السير 6/407] ، أضف إلى ذلك أَنَّه قد استوعب ما في كتاب "طبقات القراء" لأبي عمرو الداني رَحِمه الله ، وما في كتاب (طبقات القراء) لأبي مُحمدِ بن حزمٍ رحمه الله حيث قال في ترجمةِ عطية بن قيس:(وقال أبو محمد بن حزمٍ في طبقاتِ القُرَّاءِ له) [معرفة القراء الكبار 1/239 قولاج ] وكلاهما مفقودٌ حتى الآن .

أهمُّ طبعات كتاب (معرفة القراء الكبار) :
1- طُبع هذا الكتاب أول مرة عام 1388هـ الموافق لعام 1968م بالقاهرة.
2- طبع طبعة أخرى في مؤسسة الرسالة في بيروت عام 1404هـ بتحقيق الدكتور بشار عواد، وشعيب الأرناؤط ، وصالح مهدي عباس.
3- طبع عام 1416هـ في تركيا بتحقيق الدكتور طيار آلتي قولاج ، وقد اطلع على النشرتين السابقتين.
4- طبع عام 1417هـ في لبنان ، وصدر عن دار الكتب العلمية بتحقيق طالب العلم أبي عبدالله محمد بن حسن بن إسماعيل الشافعي .
5- طبع في مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية بالرياض بتحقيق الدكتور أحمد خان عام 1418هـ ، ويعد الآن لطبعة ثانية .
وهذا تفصيل الحديث عن كل نشرة من هذه النشرات .

النشرة الأولى : [align=center]
jadalhag.jpg
[/align]
نشر هذا الكتاب أول مرة عام 1389هـ الموافق لعام 1969م بالقاهرة في مجلدين ، 698 صفحة ، وأصدرته دار الكتب الحديثة ، بتحقيق السيد محمد سيد جاد الحق. غير أن هذه النشرة - وإن كان لها فضل السبق في التعريف بالكتاب ونشره – لم تكن على منهجٍ علميٍّ يليق بالكتاب ومؤلفه. ويُمكنُ إِجمالُ عيوبِ هذه النشرة في الآتي :
1- عدم اعتماد نسخة جيدةٍ موثقةٍ للكتاب.
2- سقوطُ تراجم كاملة من أصل الكتاب .
3- تداخلُ بعض التراجم ببعضها ، بحيث جعل الترجمتين في ترجمةٍ واحدةٍ .
4- وجود تراجم في غير أماكنها.
5- كثرة التصحيف والتحريف.
6- أخطاء في تسلسل ترقيم التراجم . وقد تتبع أخطاءَ هذه النشرة الدكتورُ بشارُ عواد ، والشيخُ شعيبُ الأرناؤوط ، وصالح مهدي عباس في نشرتهما للكتاب ، حيث رمزوا لهذه النشرة بحرف (م) ، وأشاروا إليها بقولهم :(سبق أن طُبع هذا الكتاب بالقاهرة سنة 1967 ، وقد تولَّى نشره مَنْ ليس له حَظٌّ في التحقيق العلميِّ ، فكانت طبعةً رديئةً سقيمةً أساءت إساءةً بالغةً إلى الكتابِ ومؤلفهِ ، بِحيثُ تعذَّر فيها الإحالةُ على سببٍ من الأسباب ، فكانت مَثلاً واضحاً بَيِّناً على امتهانِ التراث العربيِّ الإسلاميِّ ، وفقدانِ الأمانة العلمية ، وتوسيدِ الأمر إلى غير أهله ، وكأَنَّ الديارَ الإسلاميَّةَ قد خَلَتْ من مُراجعٍ حصيفٍ ، أو متابعٍ خِرِّيتٍ يقفُ على كل هذه المهانةِ التي يُمتهنُ فيها التراثُ الأصيلُ على مرأىً ومسمعٍ من أهله الغُيُرِ على سلامتهِ من عَبَثِ الجاهلين ، وتَعالُمِ المتطفلين) [1/14-15]. وقد انتُقدت هذه النشرةُ من كلِّ مَن نَشَرَ الكتابَ بعد ذلكَ ، بل إن الدكتور صلاح الدين المنجد قد كتب عنها مقالةً في مجلةِ المجمع العلمي الدمشقي (المجلد التاسع والأربعون ذي الحجة 1393هـ 133-147) . وهذه النشرةُ قد نفدت من الأسواق منذ زمنٍ بعيدٍ ، ولا يكاد يجدُها الباحثُ إلا في المكتباتِ العامَّةِ ، وبعض المكتبات الخاصة ، وكتب نوادر المطبوعات ، فلا نطيل الوقوف عندها ، ومن أراد الوقوف على أوجه القصور فيها ، فعليه بمقالة الدكتور صلاح المنجد الآنفة .

النشرة الثانية : [align=center]
Bashaar.jpg
[/align]
نُشِر الكتابُ نشرةً أُخرى في مؤسسة الرسالة في بيروت عام 1404هـ بتحقيق الدكتور المُحقق بشار عواد معروف ، والمحدث الشيخ شعيب الأرناؤط ، وصالح مهدي عباس. وصدرت هذه الطبعة في مجلدين . وقد اعتمد المحققون في نشرتهم هذه على نسخة خزائنية وصفوها بالنفيسة ، وهي نسخة محفوظة في الخزانة العامة بالرباط تحت رقم 119ق ، وقد كتبت هذه النسخة عن نسخة المؤلف ، وقُرئت عليه قراءةً مُحرَّرةً مُحبَّرةً متقنةً ، وأثبت المؤلفُ خطه في آخرها. وقد كتبت هذه النسخة قبل عام 726هـ [وقع خطأ في المطبوع فكتب 626 وهذا بعيدٌ جداً ، وقد نبه على ذلك د.طيار قولاج في تحقيقه] . وقال المحققون :(وبين هذا التاريخ وبين وفاة المؤلف – 748هـ - مدة طويلة لا بد أنه عاود النظر فيها فنقَّحَ شيئاً مما جاء فيها ، وزاد زيادات يسيرة تبيناها من النسخة المحفوظة بدار الكتب المصرية والتي رمزنا لها بالحرف (د) ، ومما نقله ابن الجزري في كتابه (غاية النهاية) الذي اعتمد نسخة المؤلف المكتوبة بخطه كما صرح بذلك في إحدى التراجم من كتابه (غاية النهاية) ، مِمَّا حدا بنا إلى إثبات هذه الزيادات والتنقيحات في مواضعها من هذا الكتاب ، والإشارة إليها ، بعد أن اتخذنا نسخة الرباط أصلاً للتحقيق) [1/17]. وقد ظن الأستاذ صلاح الدين المنجد أن نسخة دار الكتب المصرية ، هي نفسها نسخة مكتبة كوبريلي ، ونفى ذلك الدكتور طيار آلتي قولاج ، لاطلاعه على نسخة كوبريلي. [تحقيق قولاج 1/77-78]
من مزايا هذه النشرة :
1- تحقيق عنوان الكتاب ، حيث ذكروا أن الاسم الذي سماه به الذهبي هو :(معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار). كما جاء في طرة النسخ المخطوطة التي وصلت إلينا منه ، وقول تلميذه صلاح الدين الصفدي عند ذكره مؤلفات الذهبي :(وطبقات القراء ، وسماه : معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار ، تناولته منه ، وأجازني في روايته). [معرفة القراء الكبار 1/11] وذكروا أن تسمية الذهبي له في كتبه الأخرى بطبقات القراء من باب التجوز وعدم الالتزام بالعنوان الحقيقي للكتاب ، وأنه كثيراً ما يفعل ذلك بكتبه الأخرى عند الإشارة إليها.
2- إزالة وهم علمي عند بعض الباحثين ، وهو أن معظم مؤلفات الذهبي في التراجم قد استلها من كتابه الكبير (تاريخ الإسلام) ، وهذا وهمٌ مَحضٌ ، فقد أبانت دراسة الدكتور بشار عواد لسير أعلام النبلاء ضعف هذا الرأي ، وأنه لا يثبت على نقدٍ. كما أن دراسة كتاب (معرفة القراء الكبار) أبانت عن وجود تراجم كثيرة لم يرد لها ذكر في (تاريخ الإسلام) . بل إن الذهبي قد رفد كتابه (تاريخ الإسلام) بكثير من التراجم التي لم تكن موجودة فيه عند تأليفه أول مرة ، أخذها من هذا الكتاب ، فألحقها بخطه في حواشي الصفحات من نسخته الخطية ، أو كتبها في وريقات طيارة أدرجها في مواضعها من الكتاب. [1/13] .
3- قيام ثلاثة من المحققين الثقات على هذه النشرة ، ولا سيما الدكتور بشار عواد المختص بكتب الذهبي ، حيث كتب عنه رسالته النفيسة (منهج الذهبي في كتابه تاريخ الإسلام) التي تعد من أفضل الكتب التي كتبت عن الإمام الذهبي ومنهجه في التاريخ ، ثم حقق التاريخ بعد ذلك ونشره في دار الغرب الإسلامي . 4- ذكر موارد ترجمة القارئ في الحاشية التي أمكنهم التوصل إليها ، كما صنع محققوا سير أعلام النبلاء بعد ذلك. 5- يؤخذ على هذه النشرة أنها اعتمدت على نسخةٍ مخطوطةٍ واحدةٍ ، تُمثِّلُ مرحلةً متوسطةً تقريباً من مراحل تصنيف الذهبي لكتابه، ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن نسخ الكتاب الأخرى ، ولذلك فات هذه النشرة أكثر من خمسمائة ترجمة .

النشرة الثالثة : [align=center]
golaj.jpg
[/align]
نشر الكتاب نشرة ثالثة عام 1416هـ (1995م) في تركيا ، عن طريق مركز البحوث الإسلامية التابع لوقف الديانة التركي بإستانبول ، وطبع بالأوفست بمطابع مديرية النشر والطباعة والتجارة التابعة لوقف الديانة التركي بأنقرة ، وقد حققه الدكتور التركي الفاضل طيار آلتي قولاج ، وهو الذي حقق كتاب (المرشد الوجيز) لأبي شامة في علوم القرآن ، وهو كتاب نفيسٌ بحاجة إلى إعادة تحقيق ودراسة . وقد كان مشروع تحقيق الكتاب يراود المحقق منذ عثوره على نسختين مخطوطتين للكتاب قبل ذلك بخمسة وعشرين سنة ، أي قبل عام 1388هـ (1968م) ، في مكتبات إستانبول . وكانت فهارس المخطوطات قد أشارت إلى إحدى هاتين النسختين وهي نسخة مكتبة كوبرلي ، وأغفلت النسخة الثانية التي عثر عليها الدكتور طيار قولاج في مكتبة مِلَّتْ نظراً لضياع الورقة الأولى منها ، فضاع العنوان ، مع إنها نسخة ممتازة ، فيها إضافات كثيرة بخط الذهبي نفسه. وقد قام المحقق بالبحث عن النسخ المخطوطة الأخرى للكتاب لدراستها ، فوجد نسختين إحداهما في باريس ، والأخرى في برلين ، وحصل عليهما ، ثم عثر بعد ذلك على نسخة خامسة للكتاب في مكتبة بايزيد بإستانبول ، وهي تُماثِلُ نسخةَ باريس ، غير أَنَّها لم تعد صالحةً للتحقيق لتلف معظمها ، وإن استفيد منها في الهيكل العام للكتاب ، وتصحيح بعض المواضع. وفي أثناء عمل الدكتور طيار في الموازنة والتحقيق ، معتمداً على المخطوطات التي بين يديه ، ومتخذاً نسخة مكتبة مِلَّتْ أصلاً ، صدرت الطبعة الأولى للكتاب التي أشرنا إليها في القاهرة ، فتوقف عن العمل ، حتى يرى النسخة المحققة . قال :(غير أَنَّني فوجئتُ في هذه الأثناء بنشر الكتاب في القاهرة (1969م) بعنوان (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار) ولكنني لم أنزعج من ذلك ، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها في هذا المجال ؛ لأن مثل هذا الأمر كثيراً ما يحدث للمؤلفين والمحققين ، بل بالعكس من ذلك فرحت به كثيراً : لأن كتاباً عظيماً مثل هذا الأثر الفريد قد رأى النور أخيراً ، إلا أن ما كان يهمني من هذا الموضوع ، هو معرفة النسخة التي اعتمد عليها المحقق في تدقيقه وتحقيقه للكتاب. ومرت سنوات قبل أن أتمكن من الحصول على النسخة المطبوعة من الكتاب المذكور ، وبعد دراسته هالني عدمُ الشعور بالمسئولية الأدبيةِ لدى المُحقِّق ، إذ جاء تحقيقه لهذا الكتاب العظيم سقيماً وغيرَ وافٍ بالغرض ، ومليئاً بمواضع عدم الدقة والوضوح ، بحيثُ لا يُمكن إطلاقُ تسميةِ التحقيق على هذا العمل الهَجينِ الذي أزعجني صدوره بهذا الشكل كثيراً ، فندمتُ على نفض يدي من تحقيق الكتاب ، لا سيما وإن المهام التي توليتها في مناصب الدولة العليا قد حالت دون ذلك. وفي هذه الأثناء علمتُ بقيام ثلاثة أشخاص بتحقيق هذا الأثر النفيس – من جديد – ونشره (بيروت 1404هـ / 1984م) ، فسعيت للحصول على نسخة منه ، وبعد الاطلاع عليه وجدته ثمرة يانعة من ثمرات البحث العلمي ، غير أن المحققين المحترمين ، الذين قدموا تحقيقات قيمة إلى دينا العلم والمعرفة ، لم يشاهدوا نسخ الكتاب الكامنة في مكتبات إستانبول وباريس. وكان ذلك ، يعني أن الطبعة الجديدة لهذا الأثر القيم ، قد جاءت ناقصة وغير كاملة ، من الناحية العلمية ؛ لأنها تفتقر إلى الإضافات والتعديلات التي أجراها المؤلف الذهبي على الكتاب في سنوات عمره الأخيرة ، وبالتالي فإنها تخلو من حوالي 500 سيرة ذاتية جديدة ، أضافها المؤلف الذهبي إلى نسخة مكتبة ملت في صيغتها الأخيرة).[1/8-9].
المخطوطات المعتمدة في التحقيق :
نسخةُ علي أَميري بِمكتبةِ مِلَّتْ في إستانبول ، برقم 2500، وتشتمل على 1228 ترجمة بخط الذهبي ، وأضاف إليها عفيف الدين عبدالله بن محمد المطري ذيلاً سَمَّاه فوائد ، تضمن 13 ترجمة جديدة ، وبذلك ارتفع مجموع عدد التراجم في هذه النسخة إلى 1241 ترجمة . وهذه النسخة كما قال المحقق ( تعد أوفى تلك النسخ ، وأكثرها احتواءً للمعلومات المضافة). وقد ذكر المحقق مصدر هذه النسخة النفيسة فقال :(ولا بد لنا في الختام أن نشير إلى مصدر هذه النسخة ، نظراً لأهمية ذلك بالنسبة إلى تحقيقنا ، حيث وردت العبارات التالية قبل الذيل ، وبعد انتهاء المؤلف من كتابة عبارة فراغه منها :(هذا لفظه بحروفه ، ومن خطه نقلت رحمه الله تعالى ، نقل ذلك سيدي والدي الإمام العلامة الحافظ تقي الدين أبو الفضل محمد بن محمد بن أبي الخير محمد بن فهد الهاشمي المكي ، ومن خطه – أبقاه الله تعالى – نقلتُ ذلك ، والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، وحسبنا الله ونعم الوكيل). ثم يدرج الناسخ العبارات التالية :(قال كاتبه الفقير إلى الله تعالى السيد علي المالكي : وهكذا في النسخة التي نقلنا منها ، وهي نسخة سقيمة جداً بخط المذكور أعلاه ، وهي لها من يوم كتبت إلى وقت الفراغ نحو من ثلاثمائة سنة وسبع سنين ، ثم يليه الذيل بخط المذكور أيضاً ، نفع الله بذلك ، آمين). تؤكد هذه النقول أن ابن فهد المكي استنسخ الكتاب من خط الذهبي ، ثم نقل من هذه النسخة ابنه ، ثم قام علي المالكي بدوره باستنساخها ، وهي النسخة المحفوظة بمكتبة ملت التي اعتمد عليها المحقق . مزايا هذه النشرة وعيوبها : 1- اعتمادها على نسخٍ مخطوطة تامة موثوقة للكتاب .
2- تلافيها الأخطاء التي وقعت في النشرات السابقة بقدر الاستطاعة ، مع تعذر الكمال ، حيث فاته تخريج كثير من التراجم مع وجودها في غاية النهاية لابن الجزري.
3- ترقيم التراجم .
4- تخريج التراجم ، وذكر مصادرها ، وقد استفاد من عمل محققي طبعة بيروت في هذا الجانب .
5- صنع عشرة فهارس وافية للكتاب ، وقد استغرقت المجلد الرابع كاملاً .
6- تخريجه للأشعار ، والآيات في الكتاب ، مع بعض الأخطاء في قراءة الشعار الواردة في الكتاب .

النشرة الرابعة : [align=center]
daralkotob.jpg
[/align]
هذه النشرة ضعيفة غيرمحررة ، أكتفي بالإشارة إليها فحسب حتى لا يقال : أغفلتَها ، ولا أنصح بها للباحث .

النشرة الخامسة : [align=center]
khaan.jpg
[/align]
نشر الكتاب نشرة رابعةً في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، وصدرت طبعته الأولى عام 1418هـ بتحقيق الدكتور أحمد خان . وصدرت هذه الطبعة في ثلاثة مجلدات . وقد اعتمد المحقق في نشرته هذه على مخطوطة أصلية وحيدة وجدها في مكتبة مدرسة محمد علي المكمدي في إحدى مدن باكستان ، وقد كتبت هذه النسخة في مكة المكرمة بخط العلامة محمد بن محمد بن فهد الهاشمي المكي (787-871هـ) ، ناقلاً لها من نسخة المؤلف الذهبي في ثلاثة عشر يوماً آخرها الرابع عشر من جمادى الآخرة عام 817هـ ، وقابلها بأصلها وصححها. وقد فقدت أوراق قليلة جداً من هذه المخطوطة ، منها ورقة العنوان . ولذلك اختار المحقق عنوان " طبقات القراء" للكتاب ، وذكر سبب اختياره للعنوان في تحقيقه (1/أب - أد) ، غير أن العنوان المكتوب على النسخ المخطوطة الأخرى هو كما تقدم " معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار" ، ويشار له اختصاراً في كتب التراجم بـ "طبقات القراء " والأمر في هذا قريب والحمد لله. وهذه النشرة للكتاب كانت بعد نشرة بيروت (عام 1984م) ، وقد اطلع المُحقق عليها ، واعتمد عليها وعلى ما فيها من تعقبات على الطبعة الأولى للكتاب ، ولم يطلع على نشرة الدكتور طيار آلتي قولاج . ولم يراجع الدكتور أحمد خان نسخاً مخطوطة أخرى غير نسخته الباكستانية الأصلية. وقد ذكر الفروق بين نسخته المخطوطة ، والنسخة التي اعتمد عليها محققو الطبعة البيروتية في جدول تفصيلي بحسب الطبقات . وخلاصته أن نسخته تزيد بخمسمائة وخمسة وثلاثين ترجمة (535) ، حيث اشتمل الكتاب في طبعة بيروت على سبعمائة وأربعة وثلاثين ترجمة (734) ، في حين اشتمل في نسخته المخطوطة على ألف ومائتين وستة وستين ترجمة (1266) . وهذه الفروق من حيث العدد ، أما الكيف فقد زاد الذهبي في بعض التراجم ، ونقح بعض التراجم ، وأعاد كتابة بعض التراجم من جديد.
مزايا وعيوب هذه الطبعة :
1- تعد هذه النسخة التي اعتمد عليها الدكتور أحمد خان أوفى نسخة للكتاب ، وهي أصلٌ لنسخة مكتبة ملت التركية التي اعتمد عليها محقق الطبعة التركية ، حيث إن النسخة التركية منقولة عن نسخة منقولة عن نسخة ابن فهد المكي هذه.
2- من عيوبها الاقتصار على المخطوطة الباكستانية مع جودتها ، والطبعة البيروتية وهي ناقصة ، دون البحث عن نسخ أخرى للكتاب مع توفرها في مكتبات تركيا وفرنسا كما تقدم في الحديث عن طبعة الدكتور طيار آلتي قولاج .
3- وضعه لحواشي كل جزءٍ في آخره ، وليس في أسفل الصفحات ، وفي هذا مشقة كبيرة على القارئ ، ولعله يستدرك هذا في الطبعة الثانية .
4- تصرفه في عنوان الكتاب ، مع وجود العنوان الصحيح على النسخ المخطوطة الأخرى للكتاب .

خلاصة حول مخطوطات كتاب (معرفة القراء الكبار):
1- نسخة كوبريلي رقم .
2- نسخة مكتبة مِلَّتْ بإستانبول رقم 2500 . وقد اعتمد عليها الدكتور طيار آلتي قولاج في نشرته ، وهي منقولة من نسخة مننقولة من نسخة ابن فهد المكي الهاشمي ، مع مخطوطة مكتبة كوبريلي ، ومخطوطة باريس ، ومخطوطة برلين .
3- مخطوطة باريس.
4- مخطوطة برلين .
5- مخطوطة بايزيد .
6- مخطوطة الرباط وقد اعتمد عليها محققو طبعة بيروت .
7- مخطوطة باكستان ، وقد اعتمد عليها الدكتور أحمد خان ، وهي بخط ابن فهد المكي وهي أجود النسخ المخطوطة للكتاب . وقد رجعت لقاعدة البيانات الالكترونية (خزانة التراث) التي أصدرها مركز الملك فيصل فلم أجد للكتاب إلا نسخة مخطوطة واحدة محفوظة بالمركز برقم (2084-فب) . مع إغفال بقية المخطوطات للكتاب . ولا أدري ماهو أصل هذه المخطوطة المحفوظة بالمركز. وهذا جدول صنعته للموازنة بين عدد التراجم في كل طبقة في نشرات الكتب المحققة الأربع المعتمدة ، وقد اعتمدت على عد الدكتور أحمد خان لتراجم طبعة بيروت وطبعة مركز الملك فيصل ، وقمت بعدِّ طبعتي القاهرة وتركيا . [align=center]
tabagat.jpg
[/align] وأما الفروق بين الطبعات في محتوى التراجم فهو كبير أيضاً ، وتزيد طبعتي تركيا ومركز الملك فيصل كثيراً على الطبعات السابقة ، ولم أشأ نقل أمثلة لهذه الفروق لأن هذا ليس من أغراض هذه المقالة ، ولعله يكون ذلك في بحثٍ أوسع يستوفي هذه الفروق .

وختاماً..
فإن كتاب (معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار) للإمام الذهبي رحمه الله من أجلِّ الكتب التي صنفت في تراجم قراء القرآن المشهورين منذ عصر الصحابة حتى عصر المؤلف رحمه الله الذي توفي سنة 748هـ ، وأوفى الطبعات لهذا الكتاب هما طبعةُ الدكتور طيار آلتي قولاج التركية التي طبعت في أربعة مجلدات واشتملت على (1244) ترجمة مع ذيول الكتاب لابن مكتوم وعفيف الدين المطري ، وطبعة الدكتور أحمد خان التي نشرها مركز الملك فيصل في ثلاثة مجلدات ، حيث اشتملت على (1269) ترجمة مع ذيوله أيضاً ، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك تراجم مكررة في طبعة خان . وهاتان الطبعتان لا يستغني الباحث عنهما ، وإذا أعاد الدكتور أحمد خان النظر في الكتاب في طبعته الثانية ، وتلافى القصور في طبعته بالاطلاع على نشرة الدكتور قولاج فستكون طبعته بإذن الله أوفى الطبعات لهذا الكتاب والله الموفق سبحانه وتعالى .
 
بارك الله فيك يادكتور عبد الرحمن ، فهذا عمل نفيس ، لو تمَّ صُنع مثله في الكتب لخرجنا بفوائد جمَّة ، إذ كم يسأل الباحثون عن أفضل الطبعات وأجودها .
 
هذه إضافة كتب في طبقات القراء :
1 ـ طبقات القراء " لخليفة بن خياط ( ت : 246 ). هدية العارفين 1 : 184 .
، وقد نقل منه المزي في تهذيب الكمال ، انظر على سبيل المثال : حاشية تهذيب الكمال ( 4 : 476 ) .وانظر 33 : 231
2 ـ ذكر الصفدي ضمن عنوان ( تواريخ القراء ) كتاب ( أفواج القراء ) لأبي الحسين ابن المنادي ( ت : 336 ) ( الوافي بالوفيات 1 : 24 ) .
3 ـ عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي بن محمد أبو معشر الطبري القطان ( ت : 478 )الشافعي شيخ أهل مكة إمام عارف محقق استاذ كامل ثقة صالح ، ذكر له ابن الجزري كتاب طبقات القراء . ( غاية النهاية 1 : 401 ) .
4 ـ الحافظ عفيف الدين أبو جعفر وأبو محمد عبد الله بن الجمال محمد بن أحمد بن خليف بن عبسي بن عباس بن يوسف بن بدر بن علي بن عثمان الخزرجي العبادي المدني ، المعروف بالعفيف المطري ( ت : 756 ) ، له كتاب ( ذيل طبقات القراء ) نقل منه ابن حجر في الدرر الكامنة ( 1 : 196 ).
5 ـ طبقات القراء لابن الملقن ( ت : 804 ) ، ذكره السخاوي في ترجمة خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل الشيخ أبو الصفا القرافي المصري المقرىء ، قال : ( وقد أثبت السراج بن الملقن اسمه في طبقات القراء له، وبيض له ) ( الضوء اللامع 2 : 107 ) .
6 ـ أحمد بن إسماعيل بن خليفة بن عبد العالي الشهاب أبو العباس بن العماد أبي الفداء النابلسي الحسباني الأصل الدمشقي الشافعي( ت : 815 ) ، له كتاب ( ترتيب طبقات القراء) . ( الضوء اللامع 1 : 153 )
7 ـ محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد الملقب شمس الدين أبو الخير وأبو عبد الله بن الزين أو الجلال أبي الفضل وأبي محمد السخاوي الأصل القاهري الشافعي ( ت : 902 ) له كتاب ( الذيل على طبقات القراء ) لابن الجزري في مجلد ( الضوء اللامع 4 : 73 ) .
8 ـ محمد الفاسي (000 - 1214 هـ) (000 - 1799 م) محمد بن محمد بن عبد السلام بن العربي ابن يوسف بن عبد السلام الفاسي (أبو عبد الله) مقرئ، نحوي.توفي بفاس عن نحو 85 سنة.
من آثاره: المحادي في علم القراءات، طبقات المقرئين، وفهرسة اشياخه.
معجم المؤلفين 11 : 234
 
بارك الله فيكم يا أبا عبدالملك على هذه الإضافة لقائمة كتب طبقات القراء وتراجمهم . وقد ظهرت لي ملحوظات تفصيلية في كل نشرة من النشرات علقتها على حواشي الطبعات ، غير أن نقلها وترتيبها يحتاج إلى وقتٍ لا أملكه الآن ، ولعل في الإشارة العامة السابقة ما يعطي فكرة مقبولة عن كل نشرة من تلك النشرات إن شاء الله ، وأتوقع أن يتفضل الزملاء الفضلاء بفوائدهم التي تثري هذا الموضوع إن شاء الله.
 
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم على هذا الموضوع الرائع المفيد
وأحب أن أضيف إلى قائمة الكتب التي اعتنت بتراجم القراء

1- إلياس بن أحمد حسين البرماوي، له كتاب: إمتاع الفضلاء بتراجم القراء فيما بعد القرن الثامن الهجري، دار الندوة العالمية للطباعة والنشر والتوزيع، 1421هـ الطبعة الاولى.
وسمعت ان المؤلف اضاف عليه الكثير وسيطبع طبعة جديدة.

2-عبد الرزاق بن حمزة المقرئ القادري وفاته بعد 860هـ له كتاب: نهاية الغاية في أسماء رجال القراءات أولي الرواية ، وهو مخطوط بمكتبة الأوقاف المركزية ببغداد رقم (964).
 
قبل مدة طويلة تذاكرت مع أخي الكريم الدكتور محمد أجمل الإصلاحي نشرات كتاب (معرفة القراء الكبار) ، فكان مما ذكره لي أن الأخ علي بن محمد العمران في تحقيقه لكتاب (منجد المقرئين) عام 1419هـ قد أشار إلى رأيه في طبعات الكتاب . ولكنني لم أراجعها حينها ، وتذكرتُ بعد نشري للمقالة هذا الأمر فطلبت من أحد الزملاء إضافة ما ذكره الأخ علي العمران لبعد النسخة المحققة عن يدي ، فلم أتلق رداً . فسعيتُ للحصول على تحقيق (منجد المقرئين) للأخ علي العمران فوجدته يقول في تعليقه في الصفحة 31 عن طبعة مركز الملك فيصل للكتاب :
(طبعة مركز الملك فيصل ، تحقيق د/أحمد خان ، وهذه أكمل طبعات الكتاب ، حيث اعتمد على نسخة ابن فهد ، وهي آخر إخراج للكتاب ، وفيها زيادة أكثر من (500) ترجمة على الطبعات السابقة ، إلا أن على هذه الطبعة ملاحظات :
1- كثرة الأخطاء الطباعية ، خاصة في التراجم الزائدةن على طبعة مؤسسة الرسالة .
2- نفيه لوجود مصادر لترجمة العلم في غير كتاب الذهبي ، بقوله :(لم أعثر عليه) بينما ترجمته موجودة في أكثر من كتاب ، بل بعضها في (غاية النهاية) ، وقد وقع له ذلك - بالتتبع - في أكثر من (60) ترجمة) .
3- ادعى أن اسم الكتاب (طبقات القراء) وصوابه :(معرفة القراء الكابر على الطبقات والأعصار) لا ريب في ذلك ، وليس هنا موضع بسط الأدلة .
4- فهارسه غير متقنة .
وهناك طبعة للكتاب في تركيا بتحقيق د/طيار آلتي قولاج في أربع مجلدات ، وقد اعتمد أيضاً على نسخة فيها زيادات في التراجم تبلغ (500) ترجمة ، وهي أتقن من سابقتها ، والذي جعلني أعدل عن الإحالة إليها عزة وجودها بين طلبة العلم .
وجملة القول : أنه لا يستغنى بإحدى الطبعتين عن الأخرى ، ولو أعيد نشر الكتاب على النسخ التي اعتمدها المحققان مجتمعة ، لاكتمل حسنُ الكتاب ، وغدت هذه الطبعةُ أجود طبعاته).
انتهى .

قلتُ : جزى الله الأخ علي العمران خيراً على رأيه هذا وفوائده . وقد صارت طبعة تركيا اليوم أكثر وجوداً في المكتبات من غيرها ، وقد حصلت دار عالم الكتب بالرياض على إذن بطباعتها ، فنشرتها أيضاً وتوفرت في المكتبات ، في حين أصبحت نسخة مركز الملك فيصل عزيزة نادرة ، لا تكاد توجد رغم تأخر تاريخ طباعتها .
وأما المخطوطة التي اعتمدها الدكتور طيار قولاج فأصلها نسخة ابن فهد المكي أيضاً.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضيلة الدكتور عبدالرحمن جزاك الله خيراً على هذا الملخص التعريفي .
وتوضيحا لما ذكرته حفظك الله :
- ذكرت أن الذهبي عرض بالعشر الكبرى ، وهذا الاصطلاح إنما حدث بعد ابن الجزري كما لا يخفاك .
- ذكرت أن محققي طبعة الرسالة هم من حقق وأثبت اسم الكتاب بينما الطبعة المصرية سبقتها لذلك .
- ذيل ابن مكتوم لايوجد الا في الطبعة المصرية .
- عدد التراجم في الطبعة الفيصلية لا يمكن الاعتماد عليه ، فالمحقق يعد الذين ذكرهم الذهبي عرضاً أثناء التراجم ويفرد لهم رقماً ، وحتى من ذكرهم للتمييز أو من ورد ذكرهم استطراداً .
- يكثر السقط والبياض بسبب المخطوط في اوائل الطبعة الفيصلية ، وينتشر في أثناء الطبعة التركية .
النسخة التي في دار الكتب المصرية هي نفسها المصورة من كوبريلي ، لكن المحقق في الطبعة المصرية
زاد وغير أموراً من القطعة الألمانية مما حدا بالمحقق في الطبعة التركية لنفي أن تكون هي مصورة كوبريلي .
- يعتمد محققوا طبعة الرسالة على الطبعة المصرية في أماكن متعددة من الكتاب دون أن ينوهوا به كسابق لهم بأكثر من 15 سنة ، ومع ذلك تفننوا في إبراز أخطائها المطبعية حتى تلك التي نبه محقق الطبعة المصرية إلى أنها خطا طباعي وألحقه في آخر الكتاب .
- تناسى محققوا طبعة الرسالة قدم الطبعة المصرية 1968 هـ ولو قارنا تحقيق الطبعة المصرية بعصرها الذي حققت فيه لصنفناها في مستوى متوسط ولكن لا تصل للحد الذي ذكره الدكتور المنجد ومن تبعه .
- في مركز الملك فيصل أكثر من نسخة فيما أظن وكما في خزانة التراث تحت اسم طبقات القراء .
- أما ما ذكره الدكتور مساعد من ذيل ابن المطري فهو المطبوع مع الطبعتين التركية والفيصلية.
وكتاب أفواج القراء لابن المنادى أيضاً هو على الطبقات وقد جمعت نصوصاً منسوبة إليه ، كما بين الشريف موسى المعدل شيئاً من طريقة مؤلفه فيه.
نفعنا الله بك وبهم وبالمسلمين ووفقك لكل خير
 
أخي الكريم عاصم جنيد الله : جزاك الله خيراً على فوائدك وتصويباتك النافعة المتميزة ، فلا تحرمنا منها بارك الله فيك .
 
نبهني الأخ الكريم السائح على بعض الأخطاء والملحوظات في المقالة بأسلوب علمي مهذب كعادته رعاه الله ، ومن هذه الملحوظات :

- نبهني إلى خطأ نسبة الذهبي للأكراد ، وأن أصله تركماني ، وقد أصلحتُ هذا الخطأ في التعريف بنسبة الذهبي ، ولا أدري كيف وقع لي هذا الخطأ .

- كما نبهني إلى أن القول بأن الذهبي (من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال) هو من قول ابن حجر العسقلاني في شرح نخبة الفكر لا من قول السخاوي تلميذه ،وكنتُ نقلت هذا القول من كلام الدكتور بشار عواد (الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الإسلام) ص127 ، وهذه فائدة .

- وفيما يتعلق بطبقات القراء لخليفة بن خياط والداني والباطرقاني أشار الأخ السائح إلى أنه يحسن الرجوع إلى كتاب موارد ابن عساكر قي تاريخ دمشق للأستاذ طلال بن سعود الدعجاني 1/ 439-442 ففيه فوائد حول هذا الأمر .

- وحول أفواج القراء لابن المنادي والمعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم للنقاش ..... ؛ تفضل بالنظر في موارد الخطيب في تاريخ بغداد ص200-201 للأستاذ أكرم العمري .

- وأما ما يتصل بكتاب تذكير الحافظ لتراجم القراء والنظائر منها للداني ؛ ففقد أشار إلى أن الأمر بحاجة إلى تحرير ومزيد بحث ، وقد ذكر المرعشلي في مقدمة المكتفي أن نسخة منه بتركية باسم : تذكرة الحافظ لتراجم القراء السبعة واجتماعهم واتفاقهم في حروف الاختلاف .
والاطلاع على الكتاب حقيق بأن يجعل الباحث يبتّ بكونه في تراجم القراء ، أو أنه خالص لذكر قراءات القراء السبعة واجتماعهم واتفاقهم في حروف الاختلاف ، كما قد يُؤخذ من ترجمة الكتاب ، والله أعلم .

قلتُ : جزى الله الأستاذ السائح خيراً على فوائده وتعقباته ، وأسأل الله أن يزرقنا جميعاً العلم النافع .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
زيادة للفائدة
ابن الجزري رحمه الله لم يطلع على النسخة الأخيرة من كتاب الذهبي .
ولهذا لم يستوعب جميع من ذكره الذهبي ، وأيضا لم يستوعب كتاب الداني .
يدل على هذا ترجمة عطية بن سعيد القفصي الأندلسي .
فهي لاتوجد إلا في نسخة ابن فهد وما نسخ منها ولم يذكرها الذهبي قبل ذلك ، ففاتت ابن الجزري ، مع أن الداني ترجم له في طبقاته كما في الصلة لابن بشكوال ج 2/ 425.
 
بارك الله فيك أخي الكريم عاصم القارئ على هذه الفائدة ، وفعلاً فابن الجزري اطلع على النسخة قبل الأخيرة للكتاب .
ومن الفوائد ذات الصلة بهذا الموضوع ، أن السيوطي اطلع على بعض من كتاب طبقات القراء للداني رحمه الله ، حيث ذكر هذا في مقدمة كتابه بغية الوعاة 1/3-5 وهو يشير إلى مصادره التي رجع لها في تصنيف كتابه . مما يدل على أن طبقات الداني كانت متوافرة حتى عصر السيوطي .
 
بحث رائع ومتميز .
وكم كنت أتمنى أن تدرس طبعات كتب التراث بهذه المنهجية والدقة وتبيين ما فيها من غث وسمين .
جزاك الله خيراً يا أخانا الفاضل عبد الرحمن الشهري .
ولكن يا أخي من خلال تصفحي لطبعة مركز الملك فيصل وطبعة تركيا ، والتي حصلت عليها في هذا الصيف بعد عناء ، وجهد جهيد تبين لي أن طبعة تركيا ، أكثر دقة وإتقاناً وفي المنهج العلمي في تحقيق التراث ؛ أجود لأنها اعتمدت على مجموعة من المخطوطات .
وفي اتصال هاتفي مع شيخي وأستاذي وصديقي الدكتور حاتم الضامن وقد أخبرته بهذه المقالة ، وأخذت رأيه في الطبعتين فوافقني في الرأي ، بجودة طبعة تركيا ، وتميزها على غيرها من الطبعات .
وفقكم الله ، ودمتم سالمين .

الدكتور مروان الجاسمي الظفيري
خادم التراث العربي والإسلامي
 
مرحباً بأخي الكريم الدكتور مروان الظفيري في ملتقى أهل التفسير بين إخوانه وزملائه . وقد اسعدني تعقيبكم على هذا الموضوع . والأمرُ كما ذكرتم بشأن طبعة الدكتور طيار آلتي قولاج التركية من حيث المنهج العلمي في التحقيق والاعتماد على عدد من مخطوطات الكتاب وكثير من جوانب خدمة الكتاب الأخرى ، وقد انتفع بالجهود السابقة في إخراج الكتاب من جهة ، وهو فوق ذلك ذو خبرة بتحقيق كتب التراث من قبلُ من جهة أخرى مع كثرة شواغله الإدارية إبان تحقيقه للكتاب . غير أنه قد فات عليه كثيرٌ من الصواب في قراءة المخطوطات ولا سيما حين ترد أبيات شعرية في الكتاب في ثنايا تراجم القراء ، وكذلك نوعية الحرف الذي طبع به الكتاب غير مريح للعين في رأيي كما في نشرة بيروت التي حققها الشيخ شعيب الأرناؤوط وزميليه .
وطبعة تركيا أجود من طبعة مركز الملك فيصل بهذا الاعتبار . إلا أن طبعة الملك فيصل تميزت كما سبق بكونها اعتمدت على مخطوطة تعدُ أصلاً لمخطوطات الكتاب في صورته الأخيرة التي تركه عليها مؤلفه الإمام الذهبي ، ولو استكمل الدكتور أحمد خان ما فاته من جوانب تحقيق الكتاب وخدمته لكانت نشرته أجود النشرات ، وهو الآن بصدد إعادة نشر الكتاب في طبعة ثانية ، أرجو أن يوفق لعمل ذلك أعانه الله وبارك في جهده وجهود العاملين المخلصين في خدمة العلم وأهله .
 
عبدالرحمن الشهري قال:
ولو استكمل الدكتور أحمد خان ما فاته من جوانب تحقيق الكتاب وخدمته لكانت نشرته أجود النشرات
.

وفقكم الله جميعا وسدد مساعيكم

عندي الطبعتان لكني أؤيد العكس وهو لو أن الدكتور قولاج استكمل ما فاته من طبعة مركز الملك فيصل لكانت نشرته أجود النشرات لالتزامه بأصول التحقيق المعتبرة والإحالات المحررة.
 
]كم أتمنى ياأخي الغالي الفاضل المفضال الباحث المدقق الدكتور عبدالرحمن الشهري أن تُدْرس جميع كتب التراث بهذه المنهجية الرائعة ، وأن يكون الباحث منصفا فيما يكتب ، وفيما ينقد .
وفقكم الله لأعمال أخرى .

ودمتم سالمين
 
صدور الطبعة الثانية من نشرة مركز الملك فيصل أواخر 1427هـ

صدور الطبعة الثانية من نشرة مركز الملك فيصل أواخر 1427هـ

صدرت الطبعة الثانية من تحقيق الدكتور أحمد خان التي أصدرها مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية عام 1427هـ ، ولم تصل إلا في أواخر أيام معرض الكتاب الدولي الأسبوع المنصرم وبالتحديد يوم الأربعاء 17/2/1428هـ .

[align=center]
645f9579bbcad6.jpg
[/align]

التعديلات التي طرأت على الطبعة الثانية :
1- صدور الكتاب في مجلدين من الحجم الكبير جداً (21سم ×29سم) تقريباً ، وهو حجم غير مناسب في نظري .

2- طباعته على ورق أصفر جميل ، مريح للنظر ، وهذه منقبة للطبعة .

3- استبعاد تقديم الأمين العام السابق لمركز الملك فيصل للكتاب .

4- الإفادة من النسخة المخطوطة الثانية للكتاب ، وهي نسخة مكتبة ملت التركية التي حقق الكتاب عليها الدكتور طيار آلتي قولاج . وقد ذكر في تقديمه أنه حاول كثيراً الحصول على هذه المخطوطة إلا أنه لم يوفق فاعتمد على تحقيق الدكتور طيار آلتي قولاج مع الحذر مما أدخله المحقق فيها من نسخ الكتاب من صيغتيه الأولى والثانية ، ومن مصادر أخرى .

5- إصلاحه لكثير من الأخطاء الطباعية التي وقعت له في الطبعة الأولى .

6- عرضه للنشرات السابقة للكتاب ونقده لها بالاطلاع المباشر عليها، وبعضها بواسطة .

7- انتقد الدكتور أحمد خان تحقيق الدكتور طيار آلتي قولاج كثيراً ، وذكر أنه فوق نقده هذا قد كتب نقداً مطولاً لهذه النشرة سينشره فقال :(كتبت تعريفاً مفصلاً لهذه النشرة واصفاً ما فيها من قصور ، وما طرأ عليها من زيادات ، وما حدث بها من العبث ، وسيظهر عن قريب في مجلة تعنى بالتراث بعون الله) ص39 من مقدمة الطبعة الثانية .

8- أعاد ترتيب وكتابة مقدمة التحقيق بعد اطلاعه على نشرة الكتاب التركية ، وهي أهم ما انتفع به في طبعته الثانية مع نقده الشديد لها ، وتهوينه من منهج المحقق لها بأسباب لم يظهر لي وجاهتها ، وقد ختم تقديمه بشكره لصديقين محققين وهما المحقق الفاضل الأستاذ عزير شمس ، والدكتور المحقق محمد أجمل الإصلاحي لما أفاداه به في إخراج الكتاب ومراجعته .

في الرياض يوم الخميس 25/2/1428هـ
 
الإخوة الفضلاء
د.أنمار
د.مروان الظفيري
الطبيب
محب القراءات

شكر الله لكم تعقيباتكم ودعواتكم .
وفي الحق إن كتاب الذهبي هذا أجود كتب تراجم القراء لما فيه من الفوائد والنفائس ، والمنهجية المتميزة في الترجمة للقارئ ، مع نقدات الذهبي التي تدل على خبرته ومهارته في فن التراجم رحمه الله وغفر له ، وليت من بعده ولا سيما المعاصرين ممن تصدوا لترجمة القراء استفادوا من أسلوبه النقدي في تراجمهم للقراء ، فقد قرأت بعض كتب التراجم المعاصرة ، فلم أرها عنيت بالجانب النقدي ، وإنما عنيت بالمعلومات العامة عن القراء كالأسماء والشيوخ والتلاميذ دون توقف عند أسلوبه في الإقراء ، ومنهجيته في الإجازة ونحو ذلك .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
 
وإنما عنيت بالمعلومات العامة عن القراء كالأسماء والشيوخ والتلاميذ دون توقف عند أسلوبه في الإقراء ، ومنهجيته في الإجازة ونحو ذلك .
نعم أستاذي الكريم :
والأدهى من ذلك وأمرّ أن تكون التراجم مكتوبة بقلم المترجم له ، وإن كتبت بقلم المترجِم فلا بد من عرضها على صاحبها ليجيزها - عفواً ليرتضيها- أولا يرتضيها ؟؟فالله المستعان ؟؟؟؟؟
 
جزاكم الله خيرا.
قرأت في ترجمة المقرئ المحدث عمر بن علي القزويني من معرفة القراء الكبار 3/1512 - طبعة الأستاذ طيار آلتي قولاج:
وفيه دين وورع شر !
وقيّدها بعضهم: وورع بشر ؟

وأود أن أعرف صواب الكلمة، وما وقع في طبعة الأستاذ أحمد خان.
 
ثم قال الذهبي:
وقد تقدم وبَعُد صيته، وبيننا مراسلات، ثم تركت كتابته لأمور بلغـتني.
كذا وقع: كتابته.
ولها وجه، لكن يحتمل أن يكون أصلها: مكاتبته.
والله أعلم.
 
أخي الكريم السائح وفقه الله
جاء في ترجمة المقرئ عمر بن علي القزويني من معرفة القراء الكبار 2/889 (رقم الترجمة 1235) طبعة الدكتور أحمد خان :
وفيه دين وورع بشرّ ، وقد تقدم وبعد صيته ، وبيننا مراسلاتٌ ثم تركت كتابته لأمور بلغتني.
 
أثابك الله وجزاك خيرا أستاذي النبيل.

هل يمكن توجيه قوله: وفيه دين وورع بشرّ ؟
ثم توجيه قوله: ثم تركت كتابته لأمور بلغتني.
كيف يصح أن يُقرن الورع بالشرّ ؟
ولو قال: ثم تركت مكاتبته.
أو قال: تركت الكتابة إليه. لكان ذلك متوجّها.
أما أن يقول: تركت كتابته، وهو مزبور مسطور في كتابه، فهو بحاجة إلى توجيه.
وقد عجبت من عدم استشكال من أثبت هذا النص ما أشرتُ إليه، مع أن الذي ينبغي على المتدبر المتعقّل: التفهّم ثم التوجيه، وعدم الاقتصار على رسم ورقم ما قرأه في النسخ.
وهذه تذكرة بالقراءة الفاحصة لنصوص التراث، وليس القصد التثريب.
والله الموفق.
 
صدقت أخي الكريم ، إن في صياغة العبارة قلقاً ظاهراً ، وربما لو اطلعنا على المخطوطة لظهر في قراءتها وجه أليق من هذا ، وأظن أن العبارة لم تكن واضحة بالدرجة الكافية أمام المحققين مما جعلهم يرسمونها رسماً كما هي فجاءت هكذا ، وإنما يُختبر المحقق وتظهر خبرته ومهارته في مثل هذه المضائق .
 
شكراً لكم جميعاً على ما تفضلتم به من تعليق حول طبعات هذا الكتاب النفيس، وأود أن أضيف أن كتاب ( نهاية الغاية) لعبدالرزاق بن حمزة المقرئ، ت 860هـ، هو مختصر لكتاب (غاية النهاية لابن الجزري) و لم نقف له إلا على نسخة بغداد، وقد رأيته محققاً بيد وقلم الدكتور عمر عبد السلام التدمري، منذ عامين زارنا في المركز وقدمه للنشر فيه، إلا أن المركز اعتذر عن نشره، ولست أدري ما فعل به الدكتور بعد ذلك.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
من باب الفائدة : جاء في ترجمة ( أحمد راتب النفاخ - رحمه الله تلميذ العلامة محمود شاكر - أن له تحقيقاً لكتاب طبقات القراء للذهبي ولكنه لم ينشر

إتمام الأعلام ص36
 
أخي الدكتور عمار الددو وفقكم الله على هذه الإفادة العلمية .
أخي أبا الخطاب العوضي : أشكرك على هذه الفائدة ، وكثيرة تلك المشروعات التي لم تر النور والتي نسبت للنفاخ رحمه الله .
 
جزاك الله خيرا شيخنا الشهري على ما تفضلت به حول طبعات كتاب الإمام الذهبي (معرفة القراء) وقرأت جميع ما كتبته دون ملل وقد استفدت كثيراً منه بارك الله في جهدك وفي علمك ونفع الله بك الأمة ودمت ذخراً للعلم وأهله
محبكم
 
..
هل يمكن توجيه قوله: وفيه دين وورع بشرّ ؟
ثم توجيه قوله: ثم تركت كتابته لأمور بلغتني.
كيف يصح أن يُقرن الورع بالشرّ ؟

..

لعلّه عنى به بشراً الحافي المتوفى سنة 227 هـ

فقد قال - رحمه الله - في ترجمته [ من سير أعلام النبلاء ]:
.. وقلّما روى من المسندات ، كان يزمّ نفسه ، فقد كان رأسا في الورع والإخلاص ثم إنه دفن كتبه .. !!

وقال - رحمه الله - بعد ترجمة بشر المريسي المتوفى سنة 218 هـ[ من السير ]:
.. فهو بشْرُ الشَرّ ، وبشْرُ الحافي بشْرُ الخير
كما أن أحمد بن حنبل هو أحمد السنة ، وأحمد بن أبي دواد أحمد البدعة
ومن كُفّر ببدعة وإن جلّت ليس هو مثل الكافر الأصلي ولا اليهودي والمجوسي
أبى الله أن يجعل من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر وصام وصلى وحج وزكى وإن ارتكب العظائم وضل وابتدع
كمن عاند الرسول وعبد الوثن ونبذ الشرائع وكفر ولكن نبرأ إلى الله من البدع وأهلها أ.هـ

وعليه تكون اللفظة مضافة إلى الورع بهذا الشكل: وورعُ بشْرٍ
رحم الله الذهبي
وجزاكم الله خيراً على ما تبذلونه
 
وليت من بعده ولا سيما المعاصرين ممن تصدوا لترجمة القراء استفادوا من أسلوبه النقدي في تراجمهم للقراء ، فقد قرأت بعض كتب التراجم المعاصرة ، فلم أرها عنيت بالجانب النقدي ، وإنما عنيت بالمعلومات العامة عن القراء كالأسماء والشيوخ والتلاميذ دون توقف عند أسلوبه في الإقراء ، ومنهجيته في الإجازة ونحو ذلك .
التراجم المعاصرة مبنية في غالبها على الأسلوب العاطفي، وقد سألتُ الشيخ إلياس البرماوي، صاحب إمتاع الفضلاء عن غياب الجانب النقدي في كتابه، فذكر أن ذلك سيؤدي لكثير من المشكلات مع المشايخ وطلابهم ومحبيهم، فآثر السلامة، غير أنه أشار في تراجم قليلة إشارات خفية، وسأرسل لفضيلتكم على الخاص مثالا لذلك.
وجزاكم الله خيرا.
 
صدقت أخي الكريم ، إن في صياغة العبارة قلقاً ظاهراً ، وربما لو اطلعنا على المخطوطة لظهر في قراءتها وجه أليق من هذا ، وأظن أن العبارة لم تكن واضحة بالدرجة الكافية أمام المحققين مما جعلهم يرسمونها رسماً كما هي فجاءت هكذا ......

تكملة:
وما أكثر ما يُشبّه ببشر الحافي - رحمه الله -:

ومن طريف ما ورد في ذلك
ما حكاه نجم الدين أبو النعمان بشير بن حامد التبريزي الصوفي
صاحب التفسير الكبير المتوفى سنة 646 هـ[ من سير أعلام النبلاء ]:
قال: دخلت على ابن الخوافي ببغداد فسُرقت مشّايتي فكتبت إليه:

دخلت إليك يا أملي بشيراً ** فلما أن خرجت بقيت بشراً
أعِدْ يائيَ التي سقطت من اسمي ** فيائي في الحساب تُعدُّ عشرا
فسيّر لي نصف مثقال ..

وفي ترجمة الحميدي المتوفى سنة 488 هـ[ من السير ]:
.. قال الحافظ ابن عساكر: كان الحميدي أوصى إلى الأجل مظفرَ بن رئيس الرؤساء أن يدفنه عند بشر !
فخالف ، فرآه بعد مدة في النوم يعاتبه ، فنقله في صفر سنة إحدى وتسعين [ بعد سنتين ]
وكان كفنه جديداً! وبدنه طرياً يفوح منه رائحة الطيب - رحمه الله أ.هـ

هكذا بدا لي ..
ثم رأيت الذهبي – رحمه الله - قد وصف غيرَ واحد ممن ترجم لهم بأنه: دائم البشر
فربما سقطت الواو ثَمَّ ، فتكون العبارة :[ .. وفيه دينٌ وورعٌ وبِشْرٌ ]
 
التراجم المعاصرة مبنية في غالبها على الأسلوب العاطفي، وقد سألتُ الشيخ إلياس البرماوي، صاحب إمتاع الفضلاء عن غياب الجانب النقدي في كتابه، فذكر أن ذلك سيؤدي لكثير من المشكلات مع المشايخ وطلابهم ومحبيهم، فآثر السلامة، غير أنه أشار في تراجم قليلة إشارات خفية،

أحسنت أخي أبا غادة .

ولكني أعتقد أن من يعرف من نفسه عدم التأهل لهذا المسلك والإحسان فيه =فمجانبته له هو الأليق.
ومنهج الإمام الذهبي رحمه الله في النقد منهج فريد يندر مثله.
 
جزاك الله خيرا شيخنا الشهري على ما تفضلت به حول طبعات كتاب الإمام الذهبي (معرفة القراء) وقرأت جميع ما كتبته دون ملل وقد استفدت كثيراً منه بارك الله في جهدك وفي علمك ونفع الله بك الأمة ودمت ذخراً للعلم وأهله
محبكم
زادك الله علماً أخي الكريم ونفع بك ، وقد أسعدني كلامُك واستفادتك من هذا الموضوع المتواضع .
 
لعلّه عنى به بشراً الحافي المتوفى سنة 227 هـ

فقد قال - رحمه الله - في ترجمته [ من سير أعلام النبلاء ]:
.. وقلّما روى من المسندات ، كان يزمّ نفسه ، فقد كان رأسا في الورع والإخلاص ثم إنه دفن كتبه .. !!

وقال - رحمه الله - بعد ترجمة بشر المريسي المتوفى سنة 218 هـ[ من السير ]:
.. فهو بشْرُ الشَرّ ، وبشْرُ الحافي بشْرُ الخير
كما أن أحمد بن حنبل هو أحمد السنة ، وأحمد بن أبي دواد أحمد البدعة
ومن كُفّر ببدعة وإن جلّت ليس هو مثل الكافر الأصلي ولا اليهودي والمجوسي
أبى الله أن يجعل من آمن بالله ورسوله واليوم الآخر وصام وصلى وحج وزكى وإن ارتكب العظائم وضل وابتدع
كمن عاند الرسول وعبد الوثن ونبذ الشرائع وكفر ولكن نبرأ إلى الله من البدع وأهلها أ.هـ

وعليه تكون اللفظة مضافة إلى الورع بهذا الشكل: وورعُ بشْرٍ
رحم الله الذهبي
وجزاكم الله خيراً على ما تبذلونه

توجيهٌ رائعٌ للعبارة وفقك الله وفتح عليك يا أبا تيماء .
 
شكر الله مشرفنا المبارك: عبد الرَّحمن الشهري - وفقه الله - وشكر الله بقية الأعضاء بارك ربي فيهم
ومما يمكن أن يضاف إلى كتب تراجم القرَّاء ( طبقات صلحاء اليمن ) للبريهي ، أو المسمَّى ( تاريخ البريهي ) للمؤرخ عبد الوهَّاب بن عبد الرَّحمن البريهي - رحمه الله - من أعلام القرن التاسع الهجري ، وقد طبع بتحقيق: عبد الله بن محمد الحبشي ، وهو من مطبوعات مكتبة الإرشاد بصنعاء، طبع في مجلد لطيف .
وقد حوى هذا الكتاب على أكثر من ثمانين ترجمة للمقرئين اليمنيين في هذه المرحلة والوافدين لليمن أيضاً كابن الجزري وغيره، وذكر عدداً من تلامذة الإمام ابن الجزري - رحمه الله - باليمن .
 
نشكركم شكرًا جزيلا على هذه الفوائد، بارك الله فيكم.
الأخ أبو تيماء قد استقر عنده أن المراد: بشر الحافي، فهو يحشد الأدلة على ذلك.
ولقائل أن يقول: من أين أتى أبو تيماء بهذا لهذا الموضع؛ يعني: ما مناسبة هذا بتراجم القراء؟
فأقول: للصلة التي بين بشر الحافي وسهل التستري.
و "سهلٌ" مذكور في قول الإمام الشاطبي:
وللدَّالِ كِلمٌ تربُ سهلٍ ذكا شذا * * * ضفا ثـمَّ زهدٌ صدقُه ظاهرٌ جلا​
فلم يغب تأثير الحرز عن صاحبنا، وفقه الله.
 
نشكركم شكرًا جزيلا على هذه الفوائد، بارك الله فيكم.
الأخ أبو تيماء قد استقر عنده أن المراد: بشر الحافي، فهو يحشد الأدلة على ذلك ...

...

حياك الله أخي المليجي ، وبارك فيك ..

وليس الأمر كما ذكرتَ .. وإنما هو من باب الاستطراد

والشيء بالشيء يذكر

تماماً كما أقحمتَ سهلاً التستري بذكرنا لبشرٍ الحافي

واستشهادك ! من حرز الشاطبي - رحم الله الجميع -

والذي حططتُ إليه رحالي ما ذكرتُه في التكملة آخراً:

أنها وصفٌ للمترجَم له بالبِشْر وطلاقة الوجه والمحيّا و ...

والله أعلم

..
 
شكراً لكم جميعاً على ما تفضلتم به من تعليق حول طبعات هذا الكتاب النفيس، وأود أن أضيف أن كتاب ( نهاية الغاية) لعبدالرزاق بن حمزة المقرئ، ت 860هـ، هو مختصر لكتاب (غاية النهاية لابن الجزري) و لم نقف له إلا على نسخة بغداد، وقد رأيته محققاً بيد وقلم الدكتور عمر عبد السلام التدمري، منذ عامين زارنا في المركز وقدمه للنشر فيه، إلا أن المركز اعتذر عن نشره، ولست أدري ما فعل به الدكتور بعد ذلك.

 
عودة
أعلى