عرض رسالة ماجستير " تنوع صيغ الجمع في القرآن الكريم " دراسة صرفية دلالية

إنضم
17/03/2006
المشاركات
159
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
نوقشت في هذا اليوم الخميس 21صفر الموافق 28/2/2008 رسالة ماجستير في جامعة ذمار اليمن بعنوان "تنوع صيغ الجمع في القرآن الكريم "دراسة صرفية دلالية للطالب ناصر العولقي تحت إشرافي وقد تناولت الرسالة مظهرا من مظاهر الاعجاز اللغوي فيه المتمثل في تنوع صيغ الجمع المتعددة في النظم القرآني وقد توصل الباحث فيها إلى نتائج جيدة وحلل الباحث مئة وخمسا وإربعين صيغة جمع في أكثر من مئة وخمسين آية ووقف الباحث فيها على دلالات هذا التنوع في صيغ الجمع للمفردة الواحدة ذات الاشتقاق اللغوي الواحد .
 
مبارك للشيخ ناصر العولقي .. جعلها الله في موازين حسناته ..
وننتظر منه التكرم بعرضها في الملتقى ...
 
ألف مبروك ، جعلها الله عوناً له على طاعته ، وبانتظار نبذة عن الرسالة .....
 
مبارك للشيخ ناصر، جعل الله ما أنجزه في ميزان حسناته، وبفارغ الصبر ننتظر عرض الرسالة في الملتقى، وفقني الله وإياكم إلى كل خير
 
هذ عرض لرسالة الطالب ناصر أحمد سعد العولقي ،أذكرها من خلال مقدمته للرسالة :

المقدمة
الحمد لله الذي علّمنا لا علم لنا إلا ما علمنا الذي لا علم إلا علمه والصلاة والسلام على المعلم الأول نور اليقين وسيد المرسلين وأفضل الخلق أجمعين سيدنا محمد الصادق الأمين بعثه الله رحمة للعالمين وشهد له بالخلق العظيم بقوله :(وانك لعلى خلق عظيم ) (القلم :4)
وبعد
فان أفضل العلم بعد العلم بالله تبارك وتعالى , العلم بكتابه لأنه انزله جل وعلا دستورا للحياة لنتدبره ليلا ونهارا ونقراه سرا وجهرا لنحل حلاله ونحرم حرامه , نبتغي بذلك رضاء الله تبارك وتعالى في الدارين الدنيا والآخرة
وقد اقبل عليه طلبة العلم من أبناء هذه الأمة لدراسة ألفاظه ومعانيه لما وجدوا فيه من حقل واسع وعلم لا قرار له , وخاصة الدراسات الحديثة من أطروحات ورسائل علمية التي اتخذت منه نبراسا تسير على هديه وتقتفي أثره لتجمع بين خيري الدنيا والآخرة 0
وقد كان لي الشرف الكبير أن أضم نفسي إلى طلبة العلم هؤلاء ليكون كتاب المولى عز وجل نور دربي وضياء قلبي وشارح صدري بفيض نوره الأخاذ
وقد أخذت من هذا البحر الزاخر قطرة صغيرة تكون موضوعا لدراستي وهو تنوع صيغ الجمع في القران الكريم
وقد نالت الجموع في القران الكريم حضا وافرا من اهتمام الباحثين واللغويين لاسيما جموع التكسير منها إذ قام محمد عبد الخالق عظيمة برصد الجموع في القران الكريم وبيان صيغها الصرفية مؤصلا لذلك من أقوال سيبويه , والرضي وبعض المفسرين وغيرهم مبتدئا بجمع المذكر السالم ثم جمع المؤنث السالم ثم جمع التكسير
وقد حاول الدكتور السامرائي في كتابه معاني الأبنية في العربية أن يقف على بعض الفرو قات في استعمال القران الكريم لجموع اللفظ الواحد كما في السجد والسجود وسنابل وسنبلات , وخطايا وخطيئات وأشهر وشهور , إلا انه كان يرجع معضم ذلك إلى دلالة القلة والكثرة
أو كما فعل أحمد مختار عمر في كتابه دراسات لغوية في القران الكريم وقراءاته
( الفصل السابع ) فقد حاول إيضاح بعض الدلالات لبعض هذه الجموع في سياقاته المختلفة إلا أنه في بعض منها كان يعزوها إلى دلالة القلة والكثرة أو إلى إرادة الاسمية والوصفية أو التذكير و والتأنيث أو إثبات مجرد الصفة أو المبالغة فيها إلى غير ذلك من الأسباب التي أوردها لتعدد الجموع
في حين تستمد هذه الدراسة أهميتها في إثبات أن التنوع في القران الكريم تنوع دلالي اقتضاه السياق ,
وان القاعدة لصرفية قد تكون حجة على اللغة لكن ليس بالضرورة أن تكون حجة على كتاب الله , المعجز من جميع النواحي لاسيما الناحية اللغوية ومنها تعدد الجموع لمفرد واحد في سياقات مختلفة
وقد سعت هذه الدراسة إلى إثبات أن التنوع بين الجموع سواء منها المذكر أو المؤنث أو التكسير ليس ضربا من التوسع اللغوي أو الثراء النحوي أو الجواز الصرفي أو مراعاة للفواصل أو المواءمة اللفظية أو الدلالة العددية إنما هو تنوع دلالي مقصود في سياقاته للكشف عن سر من أسرار إعجاز هذا الكتاب اللغوي الصرفي 0
ولما كانت الجموع في القران كثيرة ومتنوعة والدراسة لا تستوعب لكل ذلك , فقد اقتصرت على الجموع المتنوعة في السياقات, ذات الأصل اللغوي الواحد , والتي اتفقت مفرداتها
فهناك جموع متنوعة في سياقات اختلفت مفرداتها مثل : أولاد , ولدان لان مفرد الأولى ولد ومفرد الثانية وليد , ومثل حداد وحدود ؛ لان مفرد الأولى حديد , ومفرد الثانية حدّ 0
وهناك جموع لم تتنوع في الاستعمال في السياقات مثل: الأنهار , الأشراط , الأوتاد , الأسفار , الأزلام
وقد اقتضت طبيعة هذه الدراسة أن أقدمها في فصلين الأول نظري والثاني تطبيقي تقدمتهما مقدمة وتلتهما خاتمة
تضمنت المقدمة الحديث عن أهمية هذه الدراسة وأسباب اختيار الدراسة والمنهج المعتمد في هذه الدراسة
والفصل الأول (الدراسة النظرية) مقسم على ثلاثة مباحث :
الأول بعنوان :( تمهيد عند علماء الصرف ) وقد تحدثت فيه تعريف الجمع من الناحية اللغوية والاصطلاحية وعدم اطراد قول من يرى دلالة الجمع السالم على القلة وجمع التكسير على الكثرة 0
وعن أنواع الجمع الثلاثة والملحق بالجمعين السالمين موضحا سبب تسمية كل جمع من هذه الجموع 0
وإن الصفات (سواء منها اسم الفاعل أم اسم المفعول) أم غيرها يمكن أن تجمع جمع تكسير , وأن كان بعضهم يضعّف ذلك أو يعتبره شاذ ا 0
وأما المبحث الثاني بعنوان :(موقف علماء الصرف من تعدد صيغ الجمع ) وقد ذكرت فيه أن الجمعين السالمين لا يتعددان في الاستعمال وليست لهما أقسام أو فروع وإنما هناك ألفاظا تلحق يهما في الإعراب وتسمى الملحقات وتختلف عن الجمعين السابقين بأنها ليس لها مفرد من لفظها
ولان جمع التكسير يعد من أوسع الأبواب الصرفية دراسة وتقسيما وفروعا وتشعبا ومن أوسعها خروجا عن مقتضى ظاهر القواعد الصرفية فقد كان الحديث عن موقف العلماء من ذلك, فقد حصرها بعضهم في سبعة وعشرين صيغة للدلالة على القلة والكثرة وبعضهم زاد على ذلك كالفراء والتبريزي وغيرهما
ومتى يمكن أن تحل إحداهما محل الأخرى , ولم نكن مع الصرفيين في ما أسموه بالشاذ وهو ما خرج عن القواعد الصرفية التي وضعوها , لان منها ما ورد في القران الكريم وحاشا أن يكون في كتاب الله ما هو شاذ 0
وأما المبحث الثالث فقد كان بعنوان :( أقسام جمع التكسير ) وقد أشرت فيه إلى أقسام جمع التكسير مفصلة وهي سبعة أقسام: جمع القلة , وجمع الكثرة , وصيغة منتهى الجموع , واسم الجمع , واسم الجنس الجمعي , واسم الجنس ألإفرادي , وجمع الجمع 0
ذاكرا ما جاء على القياس منها وما خرج عن تلك القواعد سوا ء ما استوفى الشروط منها وجمع على غير القياس , أم لم يستوف الشروط منها وجمع على القياس مثل : عين , جمعت على أعين 0
وأن البلاغة قد لا تكمن أحيانا في تطبيق القاعدة , بل إن البلاغة تكون في مخالفة هذه القاعدة لملحظ بلاغي دقيق يلفت الانتباه إليه وهو ما يسميه البلاغيون ( خروجا عن مقتضى الظاهر ) 0
الفصل الثاني ( الدراسة التطبيقية ) ويتكون من أربعة مباحث :
المبحث الأول : حصر الجموع المتنوعة في الاستعمال ذات الأصل اللغوي الواحد والتي اتفقت مفرداتها , وقد استعنت في ذلك بحصر أحمد مختار عمر في كتابه المذكور سابقا , مع مطابقة ذلك على حصر محمد عبد الخالق عظيمة في كتابه دراسات لأسلوب القران الكريم في الصيغ التي ذكرها وقد بلغت سبع وخمسون متقابلة منها ماله تنوعان أو ثلاثة أو أربعة كما في : شهود , وشهداء , وأشهاد , وشاهدون
وتقسيمها إلى ثلاثة أقسام فكانت ثماني وخمسين متقابلة , لا ن( صواف) تنوعت مع المؤنث السالم (صافات) ومع المذكر السالم (صافون) : وهي
1- جمع التكسير مقابل جمع المؤنث السالم 0
2- جمع التكسير مقابل جمع المذكر السالم 0
3- جمع التكسير مقابل جمع التكسير 0
وكانت هذه الأقسام ثلاثة مباحث :
المبحث الثاني : جمع التكسير مقابل جمع المؤنث السالم : ويتكون من تسع متقابلات وهي :
1) جواري : جاريات
2) خبائث : خبيثات
3) خطايا : خطيئات
4) أخيار : خيرات
5) رواسي : راسيات
6) سنابل : سنبلات
7) صواف : صافات
8) غرف : غرفات
9) نسوة : نساء
المبحث الثالث جمع التكسير مقابل جمع المذكر السالم ويتكون من ست وعشرين متقابلة وهي :
1) أخر : آخرون
2) إخوة : إخوان
3) براءاء : بريئون
4) أبناء : بنون
5) حفظة : حافظون
6) حكام : حاكمون
7) خزنة : خازنون
8) خشع : خاشعون
9) رحماء : راحمين
10) أراذل : أراذلون
11) رعاء : راعون
12) ركع : راكعون
13) زراع : زارعون
14) سجد ,سجود : ساجدون
15) سحرة : ساحرون
16) شفعاء : شافعين
17) أشهاد, شهود , شهداء : شاهدون
18) صواف : صافون
19) علماء : عالمون
20) على : اعلون
21) قعود , قواعد : قاعدون
22) كفار , كفرة, كوافر : كافرون
23) أموات , موتى : ميتون
24) أنبياء: نبيون
25) أنصار, نصارى : ناصرين
26) ورثة :وارثون
المبحث الرابع جمع التكسير مقابل جمع التكسير ويتكون من ثلاث وعشرين متقابلة وهي :
1) أسارى : أسرى
2) الآف : ألوف
3) أبحر : بحار
4) أبرار : بررة
5) حمر : حمير
6) خلائف : خلفاء
7) ذكران : ذكور
8) أسورة : أساور
9) أشتات : شتى
10) أشداء : شداد
11) أشهر : شهور
12) أشياع : شيع
13) ضعاف : ضعفاء
14) عباد : عبيد
15) عمي , عميانا : عمون
16) أعين : عيون
17) فتية : فتيان
18) فجار : فجرة
19) كبر: أكابر
20) أكنان : أكنة
21) أنصاب : نصب
22) انعم : نِعَم
23) أنفس : نفوس
وقد اعتمدت المنهج الوصفي في هذه الدراسة لان طبيعة الموضوع اقتضت ذلك , من خلال اختيار الآيات ذات الجموع المتعددة, لأرى ماذا قال المحدثون فيها ثم عرضها على كتب التفسير والمتشابه من القران , ثم أدلو بدلوي حول ذلك محاولا الوصول إلى دلالة الجمع في السياق الذي ورد فيه
فكانت النظرية السياقية التي سرت عليها لتحديد الدلالات المتنوعة للجموع في القران هي االمعول عليها في المنهج المذكور 0
 
وأنقل هنا أنموذجا من تحليل الجموع في الرسالة



1- الآف : ألوف
كلا اللفظين لمفرد واحد وهو (ألف) وقد جاء الجمع الأول على أحد أوزان القلة (أفعال) وجاء الجمع الثاني (ألوف)على احد أوزان الكثرة (فعول) وما يهمنا هو الوقوف على دلالة كل من الجمعين في سياقه وملائمته له
قال الراغب :" والألف : العدد المخصوص وسمي بذلك لكون الأعداد فيه مؤتلفة , فان الأعداد أربعة آحاد وعشرات ومئون وألوف فإذا بلغت الألف فقد ائتلفت وما بعده يكون مكررا "
وقال سيبويه :" وأعلم انه قد تجيء في (فعل) أفعال , مكان أفعل وليس ذلك بالباب في كلام العرب "
وأما فعول قال سيبويه :"وكان فََعلا ... فإذا جاوزت العدد هذا فان البناء يجيء على (فعال) وعلى (فعول)... وأما الفعول :فنسور وبطون , وربما كانت فيه اللغتان فقالوا :فعول وفعال وذلك قولهم : فروخ وفراخ , وكعوب وكعاب , وفحول وفحال "
وقال الرضي :" وفي كثرته (فعول) في غير باب ثوب , فانه على ثياب ,

وفعال في غير باب (سيل) فإنه على سيول "
قال تعالى: ﭽإذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين (أل عمران:124)
وقال تعالىﮙ ألم تر إلى اللذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت البقرة: ٢٤٣


مرات الورود
ورد الجمع الأول (ألاف) مرة واحدة في القران الكريم في الآية السابقة
وورد الجمع الثاني (ألوف) مرتين في القران الكريم الآية السابقة وقوله تعالى
:( ويمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة ) (أل عمران :125)
ويرى أحمد مختار عمر :"بان القران استخدم عند إرادة الكثرة لفظ (ألوف) الذي جاء على وزن من أوزان جموع الكثرة , واستخدم عند رادة القلة لفظ(آلاف) الذي جاء على وزن من أوزان جموع القلة , ومن المعروف عند النحاة أن القاعدة في تمييز العدد من الثلاثة إلى العشرة أن يأتي جمع قلة"
وقد ذهب إلى ذلك أيضا فاضل السامرائي في معاني الأبنية
قال الألوسي:" ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة ألاف من الملائكة منزلين:الكفاية سد الحاجة وفوقها الغنى بناء على انه الزيادة على نفي الحاجة ,والإمداد في الأصل إعطاء الشيء حالا بعد حال ,وفيه إشعار بأنهم كانوا حينئذ كالا يسين من النصر لقلة عددهم وعدتهم ,وفي التعبير بعنوان الربوبية مع الاظافة إلى ضمير المخاطبين مالا يخفى من اللطف وتقوية الإنكار ومن الملائكة بيان أوصفة لآلاف أولما أضيف إليه ومنزلين صفة لثلاثة آلاف وقيل: حال من الملائكة , وفي وصفهم بذلك إشارة إلى أنهم من اشرف الملائكة وقرئ (منزلين ) بالتشديد للتكثير أوللتدرج وقرئ مبنيا للفاعل من الصيغتين عل معنى منزلين الرعب في قلوب أعدائكم أو النصر لكم "
وقال الرازي : وعد الرسول بذلك المؤمنين الذين بواهم مقاعد للقتال وأمرهم بالسكون والثبات في تلك المقاعد ,فهذا يدل على انه صلى الله عليه وسلم إنما وعدهم بهذا الوعد بشرط أن يثبتوا في تلك المقاعد فلما أهملوا هذا الشرط لاجرم لم يحصل المشروط , كذلك الحال في إنزال خمسة ألاف كان مشروطا بشرط أن يصبروا ويتقوا في المغانم , ثم إنهم لم يصبروا ولم يتقوا في المغانم , بل خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فلما فات الشرط لا جرم فات المشروط "
وقال الزمخشري :"إذ تقول:ظرف لنصركم على أن يقول لهم ذلك يوم يدر , أو بدل ثان من (وإذا غدوت) على أن يقول لهم يوم احد . فان قلت كيف يصح أن يقول لهم يوم احد ولم ينزل فيه ملائكة , قلت : قال لهم مع اشتراط الصبر والتقوى عليهم فلم يصبروا عن الغنائم ولم يتقوا , حيث خالفوا أمر رسول الله فلذلك لم تنزل الملائكة ولو تمو على ما شرط عليهم لنزلت , وإنما قدم لهم الوعد بنزول الملائكة لتقوى قلوبهم ويعزموا على الثبات ويثقوا بنصر الله "
وقال ابن كثير :"اختلف المفسرون في هذا الوعد هل كان يوم بدر أو يوم احد على قولين احدهما : إن قوله :( إذ تقول للمؤمنين ) متعلق بقوله (ولقد نصركم الله ببدر)
القول الثاني : إن هذا الوعد متعلق بقوله :(وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال ) وذلك يوم احد ولكن قالوا لم يحصل الإمداد بالخمسة الآلاف لان المسلمين فروا يومئذ , زاد عكرمة ولا بالثلاثة الآلاف لقوله (بلى إن تصبروا وتتقوا ) فلم يصبروا بل فروا فلم يمدوا بمللك واحد "
قال ابن عطية في تفسير الآية الثانية(الم تر إلى اللذين خرجوا ) هذه رؤيا القلب بمعنى الم تعلم , والكلام عند سيبويه بمعنى تنتبه إلى أمر اللذين , ولا تحتاج هذه الرؤيا إلى مفعولين وقصة هؤلاء فيما قال الضحاك : هي أنهم قوم من بني إسرائيل أمروا بالجهاد فخافوا الموت بالقتل في الجهاد ,فخرجوا من ديارهم فرارا من ذلك فأماتهم الله ليعرفهم انه لا ينجيهم من الموت شيء , ثم أحياهم وأمرهم بالجهاد بقوله :(وقاتلوا في سبيل الله )(البقرة :190-244)

وقال الزمخشري :"الم تر: تقرير لمن سمع بقصتهم من أهل الكتاب وأخبار الأولين وتعجب من شانهم ويجوز أن يخاطب به من لم ير ولم يسمع , لان هذا الكلام جرى مجرى المثل في معنى التعجيب , روي أن أهل (دار دان) قرية قبل واسط وقع فيها الطاعون , فخرجوا هاربين , فأماتهم الله ثم أحياهم ليعتبروا ويعلموا انه لا مفر من حكم الله وقضائه , قيل: هم قوم من بني إسرائيل دعاهم ملكهم إلى الجهاد فهربوا حذرا من الموت فأماتهم الله ثمانية أيام ثم أحياهم (وهم ألوف)فيه دليل على الألوف الكثيرة واختلف في ذلك فقيل:عشرة , وقيل: ثلاثون , وقيل: سبعون "
قال السيد قطب :"وقصص بني إسرائيل هو أكثر القصص ورودا في القرآن الكريم لأسباب عدة وذكر منها :
وهو أن الله سبحانه علم أن أجيالا من هذه الأمة المسلمة ستمر بادوار كالتي مرت فيها بنو إسرائيل , وتقف من دينها وعقيدتها مواقف شبيهة بمواقف بني إسرائيل فعرض عليها مزالق الطريق , مصورة في تاريخ بني إسرائيل لتكون لها عضة وعبرة ,ولترى صورتها في هذه المرآه المرفوعة لها بيد الله سبحانه قبل الوقوع في تلك المزالق أو اللجاج فيها على مدار الطريق "
وقال ابن عاشور :"وموقع الم تر : قبل قوله :(وقاتلوا في سبيل الله ) موقع ذكر الدليل قبل المقصود وهذا طريق من طرق الخطابة أن يقدم الدليل قبل المستدل عليه لمقاصد , والمقصود من مثل ذلك الاهتمام والعناية بالحجة قبل ذكر الدعوى تشويقا للدعوى , أو حملا على التعجيل بالامتثال "
وقال السيوطي وهو يتحدث عن الاستفهام :" أنها تدخل على الإثبات , وذكر منها التعجب من الأمر العظيم كقوله تعالى :(الم تر إلى اللذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت )وفي كلا الحالين – يقصد التعجب أم التذكير- والتنبيه التي تدخل الاستفهام على الإثبات لتفيد احد المعنيين نحو:( الم نهلك الأولين )
ويرى الباحث أن سبب التنوع بين ( الآف – وألوف ) راجع إلى دلالة كل منهما في سياقه , فقد جاء الجمع الآف يحمل دلالة التدرج في النزول في السياق ذاته , فهم لم ينزلوا دفعة واحدة يؤكد ذلك قوله (منزلين ) صفة لثلاثة الآف وفيه إشارة إلى إن المنزلين من اشرف الملائكة يؤكد ذلك استخدام من التبعيضية
فناسب خصوصية اللفظ خصوصية المنزلين لأنهم ملائكة ولأنهم من أشرفهم وليسوا ملائكة فحسب .
وكذلك الحال بالنسبة للجمع ألوف الذي جاء يحمل الدلالات المناسبة لسياقه منها:
1- أنهم بشر سواء أكانوا من بني إسرائيل أوغيرهم وهو أكثر عمومية
2- فيه دليل على الألوف الكثيرة الذين يقصدهم السياق
3- فيه دلالة العناية بالموضوع أو التعجيل بالامتثال لأنه قدم ( وقاتلوا في سبيل الله) وأخر هذه الآية
4- دلالة العضة والعبرة من مخالفة أوامر الله أ, عدم الاستسلام لقضاء الله وقدره
5- دلالة التحذير للأجيال القادمة من الوقوع في تلك المزالق أو الدخول فيها على مدار الأزمان حتى لايصيبهم ما أصاب من قبلهم
فناسب عموم الجمع عموم الدلالات المقصودة في سياقه وهي المذكورة سابقا وناسب خصوصية اللفظ السابق خصوصية المعنيين السابقين والله اعلم









2- أنصاب : نصب
قال تعالى " ياأيها اللذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون "المائدة: ٩٠
وقال تعالى "يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون" المعارج: ٤٣
مرات الورود
ورد الجمع الأول (أنصاب) مرة واحدة في القران الكريم في الآية السابقة
ورد الجمع الثاني (نصب) مرتين في القران الكريم الآية السابقة وقوله تعالى
:( وما ذبح على النصب) (المائدة:3)
قال الراغب :"النصيب : الحجارة تنصب على الشيء , وجمعه نصائب ونصب ... وقد يقال في جمعه أنصاب "
وقال ابن منظور :"النّصب : كل ما عبد من دون الله تعالى , والجمع أنصاب , وقال الزجاج : النّصب : جمع واحدها نصاب قال : وجائز ان يكون واحدا وجمعه أنصاب "
قال الالوسي :"ألأنصاب: هي الأصنام المنصوبة للعبادة , وفرق بعضهم بين الأنصاب والأصنام بان النصاب حجارة لم تصور كانوا ينصبونها للعبادة
ويذبحون عندها , والأصنام ما صور وعبد من دون الله عز وجل "
قال الزمخشري :"فان قلت :لمَ جمع الخمر والميسر مع الأنصاب والأزلام أولا ثم أفردهما آخر قلت: لان الخطاب مع المؤمنين , وإنما نهاهم عما كانوا يتعاطونه من شرب الخمر واللعب بالميسر وذكر الأنصاب والأزلام لتأكيد تحريم الخمر والميسر , واضهار أن ذلك جميعا من أعمال الجاهلية وأهل الشرك فوجب اجتنابه بأسره "
وقال الو احدي :" الخمر : التي تخمر حتى تشتد وتسكر , والميسر : القمار بجميع أنواعه , والأنصاب : الأوثان , رجس : قذر قبيح "
وقال ابن عطية :"الأنصاب : وهي حجارة يذكون عندها لفضل يعتقدون فيها , وقيل : هي الأصنام المعبودة كانوا يذبحون لها وعندها في الجاهلية , فان كانت المرادة في هذه الآية , الحجارة التي يذبح عندها فقط فذلك لأنه كان في نفس ضعفة المؤمنين شيء من تعظيم تلك الحجارة "
أما قوله:(كأنهم إلى نصب يوفضون )
قال الطبري :"كأنهم إلى علم قد نُصب لهم يستبقون , وأجمعت قراء الأمصار على فتح النون من قوله (نصب)غير الحسن البصري : فانه ذكر عنه انه كان يضمها مع الصاد , وكان من فتحها يوجه النصب إلى انه مصدر من قول القائل : نصبت الشيء أنصبه نصبا وكان تأويله عندهم : كأنهم إلى صنم منصوب يسرعون سعيا . وأما من ضمها مع الصاد فأنه يوجه إلى انه واحد الأنصاب , وهي ألهتهم التي كانوا يعبدونها "
قال ابن كثير :" إلى نصب : قال ابن عباس ومجاهد والضحاك : إلى علم يسعون وقال أبو العالية ويحي بن أبي كثير: إلى غاية يسعون إليها "
قال ابن عاشور :" شبه إسراعهم يوم القيامة إلى الحشر بإسراعهم في الدنيا إلى الأصنام لزيارتها , لان لهذا الإسراع اختصاصا بهم , وفي هذا التشبيه إدماج لتفضيع حالهم في عبادة الأصنام وإيماء إلى أن إسراعهم يوم القيامة إسراع دع ,
ودفع جزاء على إسراعهم للأصنام , وقرأ الجمهور (نصب) بفتح النون وسكون الصاد , وقراه ابن عامر وحفص عن عاصم بضم النون والصاد 0"
وقال الرازي :" ومعنى الآية أنهم يوم يخرجون من الأجداث يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصارهم "
وقال الزمخشري :" ونَصَب :ونُصُب : وهو كل ما نصب وعبد من دون الله, يوفضون : يسرعون إلى الداعي مستبقين كما كانوا يستبقون إلى أنصابهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "
قال الفيروز آبادي :" خروجهم من القبور سريعا إلى الصوت (كأنهم إلى نصب) أي راية وغاية وعلم (يوفضون) يمضون وينطلقون "
وقال الجصاص :" إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) وذلك يقتضي التحريم والضرورة المذكورة في الآية متضمنة لسائر المحرمات , وذكره لها في الميتة وما عطف عليها غير مانع من اعتبار عموم الآية الأخرى في سائر المحرمات , ومن جهة أخرى انه إذا كان المعنى في إباحة الميتة إحياء نفسه بأكلها وخوف التلف في تركها وذلك موجود في سائر المحرمات , وجب أن يكون حكمها لوجود الضرورة والله اعلم "
وقال أيضا:" وأما قوله :(وما ذبح على النصب ) فانه روي عن مجاهد وقتادة وابن جريج : أن النصب : أحجار منصوبة كانوا يعبدونها ويقربون الذبائح لها فنهى الله عن أكل ما ذبح على النصب لأنه مما أهل به لغير الله ,والفرق بين الصنم والنصب , أن الصنم يصور وينقش وليس كذلك النصب , لان النصب : حجارة منصوبة , والوثن : كالنصب سواء "




ويرى الباحث أن سبب التنوع بين (أنصاب- ونصب ) عائد إلى دلالة كل منهما في سياقه
إذ جاء الجمع (أنصاب ) يحمل دلالة كل ما نصب وعبد من دون الله , يدخل في ذلك الأصنام المنقوشة والمصورة والحجارة التي لم تصور التي كانوا ينصبونها للعبادة ويذبحون عندها , يؤكد ذلك انه جاء في سياق ذكر الخمر والميسر والأزلام ليدلل على أن ذلك جميعا من أعمال الجاهلية وأهل الشرك والتحريم هنا مطلقا .
وجاء الجمع (نصب) يحمل دلالة تلك الأحجار المنصوبة التي كانوا يعبدونها ويقربون الذبائح لها , وليست منقوشة ولا مصورة , لان التحذير في الآية عن الذبح للنصب , أي للحجارة , لأنه أهل به لغير الله وهذا شرك .
فقد جاء الجمع الأول في السياق الذي شمل أكثر من محرم وهي الخمر والميسر والأزلام فهذه جميعا محرمة لأنها أعمال جاهلية تحريما مطلقا .
وجاء الجمع الثاني في سياق يدل على أن ما ذبح على النصب ليس لله فيه شيء لأنه قربة لهذه الأحجار , والنهي عن الأكل منها خاصة فهو أخص من السياق السابق والله اعلم 0
 
عودة
أعلى