ظواهر قرآنية لم تُفسر..!!!

لطيفة

New member
إنضم
15 يوليو 2007
المشاركات
471
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
ثمة ظواهر قرآنية ينص عليها كثير من أهل علوم القرآن..دون تفسير لها وذكر للغرض منها،
فيذكرون أن القرآن الكريم يورد الجمع "أعين" للدلالة على العين الباصرة ،
نحو : (ترى أعينهم تفيض من الدمع ) ،و(هب لنا من أزوجنا وذرياتنن قرة أعين)
أما عين الماء فم تجمع في القرآن إلا على عيون ، (في جنات وعيون)
غير أني لم أقف على من علل ذلك أو ذكر الغرض منه..!

ومنه أيضًا ورود عباد في مقام التشريف (وعباد الرحمن) ، أما عبيد فعلى خلاف ذلك
وكذلك ورود إخوة لغير الأخوة الحقيقية ، وإخوان للأخوة الحقيقية

فقد نصّ عدد من العلماء على هذه الاختصاصات دون إشارة إلى الغرض من اختصاص كل صيغة بمعنى معين..!!
وهي ـ بلا شك ـ لم ترد بهذا الاطراد ، وبتلك الصورة التي لفتت أعين العلماء إلا لغرض ..غير أنه لم يُفتق عنه..!!
 
الظاهر أن موضوع أنواع الجموع في جذر واحد للِحاظ الفروق بينها أمر قد أشغل أختنا الباحثة، وهو بلا شك موضوع يحتاج إلى بحث وتعمق في فهم منهج القرآن في التعامل مع أنواع الجموع، لكنك قلت: "ومنه أيضًا ورود عباد في مقام التشريف (وعباد الرحمن) ، أما عبيد فعلى خلاف ذلك، وكذلك ورود إخوة لغير الأخوة الحقيقية ، وإخوان للأخوة الحقيقية" وقولك هذا غير دقيق، فقد ورد ذكر عباد في مواطن غير مواطن التشريف، من ذلك قوله تعالى في سورة آل عمران: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ}، وقوله تعالى في سورة الأعراف: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَاد أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194)}، وقوله تعالى في سورة يس: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}، وغير ذلك من الآيات، أما عبيد فقد وردت في القرآن في أربعة مواطن كلها جاءت لنفي الظلم عن الله بأنه ليس بظلام للعبيد، والعبيد لفظ عام يدخل فيه أهل الإيمان والكفران وليس خاصاً بأحد الفريقين، وعليه فلا يصح أن نقول بأن لفظ العبيد جاءت على المقابل من مقام التشريف، وكذلك لفظ إخوة فقد ورد في كتاب الله تعالى لإخوة النسب، من ذلك قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وغيرها كثير، وكذلك لإخوة الدين كقوله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة}، وكذلك إخوان وردت للمعنيين، فمثال إخوة الدين قوله تعالى: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ}، ومثال إخوة النسب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ}، فالأمر يحتاج إلى استقراء تام قبل الاستفسار عن أي ظاهرة في كتاب الله تعالى، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
 
مسألة القول باختصاص العباد في مقام التشريف والعبيد في مقام التحقير معروف وشائع في كتب التفسير
وكذلك القول بأن "إخوة" للأخوة الحقيقية و"إخوان" للأخوة غير الحقيقية
لذا لم أرغب في التفصيل أو التدليل لظني أنه من المعلوم الشائع الذي لا يحتاج إلى تكرار ، لاسيما في مثل هذا الملتقى المبارك الذي يرتاده عدد من المشايخ وطلبة العلم المتميزين
أما وقد احتاج الأمر إلى توضيح فاستمع ـ رعاك الله ـ إلى أقوال المفسرين:
يقول ابن عطية في المحرر الوجيز:
((و «العباد» بمعنى العبيد وهما جمعان للعبد أما أنا نجد ورود لفظة العباد في القرآن وغيره في مواضع تفخيم أو ترفيع أو كرامة، وورود لفظة العبيد في تحقير أو استضعاف أو قصد ذم، ألا ترى قول امرئ القيس: [السريع]
قولا لدودان عبيد العصا​
ولا يستقيم أن يقال هنا عباد العصا وكذلك الذين سموا العباد لا يستقيم أن يقال لهم العبيد لأنهم أفخم من ذلك، وكذلك قول حمزة رضي الله عنه وهل أنتم إلا عبيد لأبي، لا يستقيم فيه عباد))

ويقول أبو حيان :
((إن لفظ: العباد، له في استعمال القرآن تشريف واختصاص، كقوله: ((إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ))،
((سبحان الذي أسرى بعبده ليلا ))، ((ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا ))،(( بل عباد مكرمون)) .))

ويقول ابن عاشور :
((والعباد: الناس وهو جمع عبد بمعنى عبد الله، فأما العبد المملوك فجمعه العبيد))

أما ما أوردته من قول الله عز وجل : ((إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم)) وما شاكلها من الآيات
فالمقام فيها مقام تشريف ؛ذلك أالمعبود وإن كان محتقراً لكونه صنم أو نحوه ، إلا أنه مقدس ومُشرّف عند من عبده ، وإلا لما عبده

أما الآيات التي وردت فيها "إخوة" لغير الأخوة الحقيقية ، فلذلك تخريجات يذكرها البلاغيون ، منها إنزال الأخوة غير الحقيقية منزلة الأخوة الحقيقية للدلالة على قوة تلك الأخوة

ثم إن الذين ذكروها ، يُفهم من كلامهم ـ سواء الذي أوردته أو الذي لم أورده لضيق الوقت ـ
يُفهم منه أن المراد أن ذلك الاستعمال هو الغااالب وليس الموجب أو الملزم
وكون ذلك تكرر في القرآن ، وكونه لفت نظر العلماء ، وكون أهل البلاغة يبحثون عن تخريج لمايرد مخالفًا لهذا الاستعمال
كل ذلك يؤكد أن ثمة غرض من اختصاص كل صيغة بمعنى
والذي أردتُه ـ حفظك الله ـ لماذا هذا الاختصـاااص ؟؟؟؟
لابد أن لذلك غرضًا .. أردت إخوتي في الملتقى أن يشاركونني الفائدة وأتلمس أنا وإياهم خيط المسألة ..لعل منهم من وقف على شيء لم أقف عليه..!
أكرر شكري لك أخي الكريم .​
 
أشكر لأختي الفاضلة حرصها على فكرتها الموروثة، التي قال بها بعض العلماء، وليس كل ما شاع وذاع صحيحاً؛ ولذا فإنه من الواجب على طالب العلم الذي يتهيب للوقوف على النص القرآني دارساً ممحصاً ناظراً مفتشاً متتبعاً ومتدبراً أن لا تأخذه في العلم لومة من يخالفه الرأي، بل عليه أن يتجرد للحق لأنه يبحث في كتاب الحق، وما فائدة دراساتنا القرآنية إن كنا سنتابع من سبق في كل شيء؟؟!!
وعليه فأقول المقابلة بين هذه الألفاظ هي مقابلة بين لفظين جذرهما واحد اختلفا في صيغة الجمع، فكان لهذا الاختلاف نكتة بيانية يُبحث عنها، فالبحث بحث لفظي أولاً وقبل كل شيء، أما أن نقول: إن هذا الجمع معناه ذاك الجمع فهو أمر على مائدة البحث العلمي غير مقبول؛ لانعدام الدليل الدال عليه، وما فهمتيه عن بعض أعلام المدرسة الأندلسية على جلالة مقامهم ورفعة منزلتهم وعظيم قدرهم غير مسلم، فأما الآثار النبوية فلا يوجد فيها ما يعين على ما ذهبوا إليه، وأما اللغة فلا دليل فيها على ما أقروه، وأما السياق فهو يعتذر عن أن يقف في جانب هذا الفهم، نعم أنا لك زعيم بأن لفظة العباد توحي بما ذهب إليه ابن عطية رحمه الله تعالى، لكن هذا الإيحاء أمر ذوقي، والأمور الذوقية لا تندرج تحت مسمى العلم، فضلاً عن وقوع الخلاف فيها، فكيف إذا جاء في كتاب الله تعالى ما يدفع هذا الإيحاء؟!
وما قاله القاضي ابن عطية رحمه الله بأن العباد بمعنى العبيد، غير راجح لانعدام الدليل عليه، وما استقر في الأذهان ليس دليلاً، وقول أبي حيان: إن لفظ العباد في القرآن له مقام اختصاص وتشريف لا يدل على الاستقراء التام، بل يدل على الأغلبية وهذا أمر مسلَّم، وكلام ابن عاشور لا يخدمك، وقولك:
"أما ما أوردته من قول الله عز وجل : ((إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم)) وما شاكلها من الآيات فالمقام فيها مقام تشريف ؛ذلك أالمعبود وإن كان محتقراً لكونه صنم أو نحوه ، إلا أنه مقدس ومُشرّف عند من عبده ، وإلا لما عبده"
فعجيب! وحديثنا عن المقام!! وعن السياق!!! لا عن اعتقاد أولئك في أصنامهم، وإن سلمت لك ذلك فماذا تقولين في قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَاد مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30)}، وفي قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}؟؟
وكذلك ما ذكرتيه في إخوة وإخوان التي يخرج لها بعض البيانيين تخريجات لا دليل عليها، بإنزال لفظ معنى لفظ، بالله عليك أليس هذا من التحكم المرفوض؟؟! الله يقول إخوة ونحن نقول يقصد بها إخوان، والله يقول إخوان ونحن نقول يقصد بها إخوة، هكذا لأننا أردنا تقعيد قاعدة على حد قول القائل عنزة ولو طارت، أليس هذا من لي أعناق النصوص لتوافق قواعد وضعناها عن غير دليل؟
وبودي أن أقدم لك نصيحة فوظيفتك أختي البحث لا المتابعة، والباحث صاحب منهج، والمنهج هو الذي يصوب الأقوال والآراء وليس العكس، وأقترح عليك أن تجعلي هذه الجموع التي قال بها بعض المفسرين ولا يساندها الاستقراء التام، والمنهج الذي يعتمد القرآن مادةً للبحث، في فصل مستقل وتنقديها نقداً علمياً سديداً، وعندها تكونين قد أضفت الجديد، وأزلت بعض الغبار الذي تراكم، بدل أن تكوني متابعة ليس إلا، وسدد الله خطاك للخير.
 
أكرر شكري العاطر لك أخي المثنى
وإن كنتَ قد أجلبت عليّ بخيلك ورَجِلِك..وكأني أحمل رأيًا نشازاً أو قادحًا..!!
ولو تأملت ـ رعاك الله ـ الموضوع لوجدتني سائلة مستفسرة لا أكثر
ولستُ من قدم الفكرة وإنما هم العلماء الأفاضل.. وأردت التحقق من تلك الأقوال وتمحيصها..

أكرر شكري لك .. ولن أقول رفقًا بالقوارير .. بل رفقًا بالباحثين قواريرا كانوا أم حديداً
 
وفقكم الله وسدد خطاكم
هنا مسألة مهمة تتعلق بالموضوع، وينبغي أن يقدم البحث فيها قبل البحث في هذه الدقائق؛ حتى يكون البحث علميا مفيدا.

وهذه المسألة هي: (ما الداعي إلى افتراض تفسير معين لتخصيص هذا الجمع بمعنى وتخصيص الجمع الآخر بمعنى آخر؟)

أليس اختصاص المعاني المختلفة بألفاظ مختلفة أمرا معروفا في جميع اللغات وفي كلام جميع الناس من غير أن يكون له خصوصية معينة؟

فإذا كان هذا أمرا معروفا في جميع اللغات، وفي لغة العرب كذلك، فما المانع أن يكون الأمر كذلك في كتاب الله؛ والله عز وجل قد خاطبهم بلسانهم، فإذا كانوا يستعملون هذا الجمع في هذا المعنى، وذاك الجمع في معنى آخر، فالقرآن نزل يخاطبهم بما يفهمون، ولا داعي لتكلف تعليل شيء غير محتاج إليه من وجه ضروري لا معارض له.

وإنما يقال هذا لأن هذا الباب لو فتح لكان واردا على كل الألفاظ، وليس على الجموع فقط، وحينئذ نحتاج إلى تفسير كل لفظ، ولماذا دل على هذا المعنى دون ذاك، ولماذا استعمل للمعنى هذا اللفظ دون ذاك.

وهذه مسألة أصولية مشهورة؛ وهي أن دلالة الألفاظ على معانيها ليست ذاتية، كما هو المعتمد عند الأصوليين واللغويين أيضا، خلافا لعباد الصيمري فيما حُكِي عنه، كما قال السيوطي في الكوكب الساطع:
وكونه مناسب المعنى فلا ........... نشرطه وقال عباد بلى
ومع هذا فقد تأول بعض العلماء ما حكي عن عباد أنه لا يقصد هذا وإنما يقصد شيئا آخر، وسواء أقصد هذا أم لم يقصده فهو مذهب واضح الخطأ؛ إذ لو كانت دلالة الألفاظ على معانيها ذاتية لاستطاع جمهرة العقلاء فهم معاني كثير من اللغات من غير تعليم.

والله تعالى أعلم.
 
شكر الله لك أخي أبا مالك
أوافقك في كل ما ذكرت .. لكن الذي يلفت النظر في المسألة ليس لماذا وردت هذه اللفظة في هذا المقام ، وتلك في ذلك وحسب ،
وإنما لماذا نص العلماء على ذلك..؟ وهل نوافقهم عليه..؟ وهل لهم سبب وتعليل يستندون عليه..؟

وإن كنت أخالك ـ أخي الكريم ـ لا توافق السابقين فيما قالوا
لكن هم حين قالوا ماقالوا على أي أساس اعتمدوا..؟
هل اعتمدوا على قاعدة لغوية ـ مثلاًـ تفيد أن تلك الصيغة تحمل ذلك المعنى دون ذاك..؟
أم أنهم لحظوا أن الغالب في القرآن الكريم استعمال تلك الصيغة .. دون وجود تعليل لذلك..؟

وأضرب لك مثالاً يسيراً يبين المراد : لو أن أحدهم قال: تظهر الورود الحمراء في أول الربيع والصفراء في آخره
فهنا نسأل : هل ملاحظتك هذه مجرد ملاحظة أم أنها تعتمد على رأي علمي..؟ وما الرأي العلمي في ذلك..؟ بل ما التعليل والسبب الذي جعل تلك تظهر في مقام والأخرى تظهر في مقام آخر..؟!
وهل رأيك مطرد بحيث لو تغير الوضع مرة وظهرت وردة صفراء في أول الربيع نبحث عن سبب لمخالفتها للغالب..؟
 
أحسن الله إليكم
كلامكم واضح، وأنا لا أعترض على إمكان التفسير والتعليل، ولكن كلامي عن اشتراط هذا التعليل.

فالبحث هنا فيه مقامان:
المقام الأول: هل هذه الظاهرة التي نص عليها بعض العلماء صحيحة؟
ومعرفة هذا تكون بالاستقراء للمواضع القرآنية، والاستقراء التام ممكن في مثل هذا.

المقام الثاني: إذا صحت الظاهرة، فهل لها تفسير وتعليل غير مجرد الوضع اللغوي؟
والكلام في المقام الثاني محتمل لاختلاف الأنظار أكثر من الأول.
 
المقام الثاني: إذا صحت الظاهرة، فهل لها تفسير وتعليل غير مجرد الوضع اللغوي؟
والكلام في المقام الثاني محتمل لاختلاف الأنظار أكثر من الأول.


هذا ما أردتـُه رعاك الله.
 
بارك الله فيك أبا مالك..

وإنما يقال هذا لأن هذا الباب لو فتح لكان واردا على كل الألفاظ، وليس على الجموع فقط، وحينئذ نحتاج إلى تفسير كل لفظ، ولماذا دل على هذا المعنى دون ذاك، ولماذا استعمل للمعنى هذا اللفظ دون ذاك.

هو كذلك بالفعل يا أبا مالك ولكن ليس بهذا التجريد،وأوافقك على أن هذه بهذا التجريد ليست مجالاً للبحث،لكن لا أوافقك إن أردت الإطلاق وظننت أن للبحث في هذا جهة واحدة هي جهة المناسبات الطبيعية فحسب..

ذلك أن للبحث في ذلك جهة أخرى (فلا نطلب هذا الفرق في المعاني والألفاظ المجردة) وهي : المعنى الذي لأجله استعمل المتكلم هذا اللفظ بعينه لهذا المعنى بعينه وعدل عن ألفاظ مقاربة تستعمل في معان مقاربة ،فما فرق بين هذا اللفظ وما يقاربه وفرق بين هذا المعنى وما يقاربه والذي أدى لاختيار المتكلم وتفريقه بين الألفاظ وأن وراء هذا التفريق فرقاً في دلالة الألفاظ على المعاني في لسانهم يطلب هذا الفرق ،ولا يهتدي لهذا الباب إلا من طرح عن نفسه أساطير الوضع اللغوي.

وطلب هذا في كلام الله عز وجل من هذه الجهة هو من أجل أبواب العلم ورضا بعض الناس بالقعود عن هذا هو ما جعلهم يخلطون بين دلالات الألفاظ ويحسبون أن هذا اختير دون هذا هكذا من غير شيء،والقرآن ومن ورائه عربية العرب الذين خاطبهم القرآن بلغتهم إنما يختار صاحب البيان فيهم اللفظة دون اللفظة لمعنى : طلبه وتحقيقه هو عينه طلب وتحقيق موضع البيان في الكلام.

ولا شأن لهذا بمسألة دلالة الألفاظ على المعاني هل هي ذاتية أم لا(بل ذكر هذه هنا غريب عن سياق الأخت أصلاً إلا إن أرادت بالصيغة صورة الحروف الذاتية لا ما وراءها من الدلالة)؛لأننا لا نعلل البحث عن هذه العلل بأنه بحث عن المناسبة بين اللفظ والمعنى والتي جعلت اللفظ يوضع للمعنى(فسواء وضع اللفظ لمناسبة بينه وبين المعنى أم لا ).

وكانت لتورد المسألة المذكورة لو كان البحث هو في المناسبة التي جعلت هذا اللفظ المعين يوضع لهذا المعنى المعين،وهم يقصدون مناسبات راعاها الواضع في طبيعة اللفظ كأن توضح للحرب لفظة لحروفها خصائص تختلف عن خصائص لفظة السلم(مثلاً)،وهذا كما ترى ليس محل البحث ،بل سلمنا أن هذا اللفظ وضع لهذا المعنى لغير مناسبة،وانتقلنا لمسألة أخرى : وهي تعيين المعنى المعين الذي وضع له اللفظ المعين(لغير مناسبة) الآن : ما هي محددات وفروق ما بينه وبين ألفاظ تقاربه تستعمل بين أهل اللسان المعين في معان تقارب معناه فما هي الفروق الدلالية بينه وبين غيره ،وطريق ذلك هو النظر في سياقات كل لفظ ومعنى ودلالة اللفظ على هذا المعنى.

فالتعليل في المسألة المذكورة سينزع إلى خصائص في الحروف وفي اللفظ نفسه وطريقة نطقه ونحو ذلك ليربط بينها وبين المعنى.

والتعليل في محل بحثنا ينزع إلى طلب الخصائص والفروق الدلالية بين الألفاظ والمعاني لمعرفة سبب اختيار المتكلم للدلالة على معنى معين لفظ معين والسببية هنا لا ترجع لخصائص الألفاظ وطبائعها بل لفروق الدلالات وتفاوتها.

فقول اختنا مثلاً:

ومنه أيضًا ورود عباد في مقام التشريف (وعباد الرحمن) ، أما عبيد فعلى خلاف ذلك

هي هنا لا تبحث(إن كانت ترمي لما أرمي إليه كما أظن) عن سبب يتعلق بطبيعة اللفظ في نفسه وحروفه وأصواته وأن في (ع،ب،ا،د) خصائص طبيعية تفترق عن (ع،ب،ي،د) وإنما بحثها عن ما جعل المولى سبحانه يتكلم بهذا اللفظ(عباد) بإزاء التشريف دون لفظ(عبيد) وهل لهذا الاختصاص سبب دلالي (ومنه السياق).

ومثله البحث عن موارد استعمال لفظ (السنة) دون لفظ(العام) والعكس.

وموارد استعمال لفظ (النبي) دون لفظ (الرسول) والعكس.

ويدرك هذا بالاستقراء كما تفضلت،ونتيجته إما أن تكون كلية أو أغلبية،وكلاهما يكون قطعياً أو ظنياً.

وهذا كله كما ترى خارج عن مسألة المناسبات الطبيعية بين الألفاظ والمعاني.
 
بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشافعي رحمه الله في الأم: أخبرني من لا أتهم وذكر إسناده إلى ابن عباس قال " ((ما هبت ريح إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا، اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا)) قال ابن عباس: في كتاب الله تعالى: ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً﴾ ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ﴾ وقال الله تعالى: ﴿وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾، و ﴿أن يرسل الرياح مبشرات﴾." أخرجه الشافعي في مسنده ، وأخرجه الطبراني في الكبير.
 
والأثر الذي ذكر سابقا يشير إلى النماء والبركة التي تناسب لفظة " الرياح " كما يظهر،فالبركة في الكثرة والجماعة كما تشير بعض النصوص الشرعية.والله أعلم

قال ابن عطية
" ومنه وما ربك بظلام للعبيد لأنه مكان تشقيق وإعلام بقلة انتصارهم ومقدرتهم ".اهـ

وقال الدكتور فاضل السامرائي:

ما الفرق بين كلمتي (سنبلات) و(سنابل) في القرآن الكريم وكلاهما جمع؟

ما الفرق بين كلمتي (سنبلات) و(سنابل) في القرآن الكريم وكلاهما جمع؟
سنابل جمع كثرة وقد استخدمت هذه الكلمة في سورة البقرة (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {261}) والحديث في السورة عن مضاعفة ثواب المنفق في سبيل الله لذا ناسب السياق أن يُؤتى بجمع الكثرة (سنابل)
أما كلمة سنبلات كما وردت في سورة يوسف (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ {43})، فهي تدلّ على جمع قَلّة والسياق في سورة يوسف في المنام وما رآه الملك فناسب أن يُؤتى بجمع القلة (سنبلات)." اهـ
 
فقول اختنا مثلاً:



هي هنا لا تبحث(إن كانت ترمي لما أرمي إليه كما أظن) عن سبب يتعلق بطبيعة اللفظ في نفسه وحروفه وأصواته وأن في (ع،ب،ا،د) خصائص طبيعية تفترق عن (ع،ب،ي،د) وإنما بحثها عن ما جعل المولى سبحانه يتكلم بهذا اللفظ(عباد) بإزاء التشريف دون لفظ(عبيد) وهل لهذا الاختصاص سبب دلالي (ومنه السياق).



نعم هذا هو المقصود أخي الفاضل..شكر الله لك .
 
الفاضلة أم عبد الله الجزائرية .. أشكر لك هذه الإضافات الثرية .. نفع الله بك.
 
استقراءا فإنها وردت على ثلاثة اوجه:
عبيد:وتشمل المؤمن والكافر في حال عبودية القهر والذلة ، وكما اسلف الاخوة وردت عند نفي الله صفة الظلم عنه برغم قدرته على ذلك وضعف وذلة خلقه بمالا يتيح لهم دفع الظلم ولارده ولها ظرف زمان وهو يوم الحساب فالعبودية هنا متلازمة مع الذلة والندم وانعدام الارادة.
عباد: واستخدمت للكافر والمؤمن في الدنيا والمقصود عباد المجردة من الاضافة.

الثالث عباد المضافة
وهي خاصة للمؤمنين دون سواهم على سبيل التكريم والتشريف في الدنيا ويلحق ويضاف اليها اما ضمير تقديره لفظ الجلاله كقوله عبادي ، عبادنا ، عباد لنا او اسم من اسماء الله ولن تجد عباد مضافة لله وتعني كفارا او مشركين البتة ، ومما قد يحتج به البعض قول عيسى عليه السلام ان تعذبهم فإنهم عبادك ، وقوله تعالى أأنتم اضللتم عبادي هؤلاء . وهنا انوه بأن الخطاب حال الحساب ويوم الوقوف بين يدي الله بعد ان امن الكافر واسلم المعاند يوم لا ينفع نفس ايمانها لذلك فلا تعارض الاية هذه القاعدة
والله ورسوله اعلم
 
بسم1

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات,,,, وبعد!

أما قولكم:

ثمة ظواهر قرآنية ينص عليها كثير من أهل علوم القرآن..دون تفسير لها وذكر للغرض منها،
فيذكرون أن القرآن الكريم يورد الجمع "أعين" للدلالة على العين الباصرة ،
نحو : (ترى أعينهم تفيض من الدمع ) ،و(هب لنا من أزوجنا وذرياتنن قرة أعين)
أما عين الماء فم تجمع في القرآن إلا على عيون ، (في جنات وعيون)
غير أني لم أقف على من علل ذلك أو ذكر الغرض منه..!

ومنه أيضًا ورود عباد في مقام التشريف (وعباد الرحمن) ، أما عبيد فعلى خلاف ذلك
وكذلك ورود إخوة لغير الأخوة الحقيقية ، وإخوان للأخوة الحقيقية

فقد نصّ عدد من العلماء على هذه الاختصاصات دون إشارة إلى الغرض من اختصاص كل صيغة بمعنى معين..!!
وهي ـ بلا شك ـ لم ترد بهذا الاطراد ، وبتلك الصورة التي لفتت أعين العلماء إلا لغرض ..غير أنه لم يُفتق عنه..!!

فأقول أن للقرآن الكريم ظواهره وأسراره فعلينا أن نحكم بظواهره ونرد لربه أن يتولى بأسراره حتى يتسر الله سبحانه وتعالى أن يكشف لنا ببعض أسراره ما يخفى عنا,,,, والله أعلم,,,,,
وتقبل تحياتي,,,,,,

أخوكم،
محمد حتى عبد الفتاح الإندونيسي
 
وهنا انوه بأن الخطاب حال الحساب ويوم الوقوف بين يدي الله بعد ان امن الكافر واسلم المعاند يوم لا ينفع نفس ايمانها لذلك فلا تعارض الاية هذه القاعدة
والله ورسوله اعلم

إضافة ثرية أخي الكريم عدنان..وإن كنت لا أوافقك في استثناء الآيتين، إذ أرى أنهما تخرمان القول بأن عباد تضاف للفظ الجلاله أو ضميره، والتعليل المذكور أعلاه غير مقنع.
أكرر لك شكري
 
أختي الكريمة لطيفة
البحث في معاني الجموع ودلالات ألفاظ القرآن الكريم مبحث عظيم محمود، لما قد يقدمه من أدوات تساعد المفسرين في فهم النص واستنباط الأحكام منه. وتفرد بعض صيغ الجموع بمعاني تختلف عن الأخريات مطرد في كلام العرب. والبحث في هذا الأمر يجب أن يشمل دراسة ما جاء من هذا القبيل في أشعار العرب وكلامهم وأن لا نظن أنه قد اقتصر على القرآن العظيم .
وهذان بيتان لكثير عزة قد يساعدان في توضيح كيف يستعمل العرب صيغ جموع مختلفة لدلالات مختلفة.

وأنت التي حببت كل قصيرة = الي وما تدري بذاك القصائر
عنيت قصيرات الحجال ولم أرد = قصار الخطا، شر النساء البحاتر

ولعل الأخوة العزاء يقدمون شواهد شعرية يعتد بها لتكون عوناً لكِ في هذا الأمر.
 
عودة
أعلى