السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عدت إليكم واعتذر عن التأخير لذلك سأطرح بحول الله ثلاث خطوات:
الخطوة الثانية: قراءة الآيات قراءة متدبرة متمعنة؛ فعن يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة-رضي الله عنها-عن قراءة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وعن صلاته؛ فنعتت صلاته، ثم نعتت له قراءته فإذا هي تنعت قراءة
مفسرة مفسرة ).
قال ابن بطال-رحمه الله-:(إنما كان يفعل ذلك والله أعلم لأمر الله له بالترتيل، وأن يقرأه على مكث، وألا يحرك به لسانه ليعجل به؛ فامتثل أمر ربه تعالى فكان يقرؤه على مهل ليبين لأمته كيف يقرءون، وكيف يمكنهم تدبر القرآن وفهمه ).
ومن ذلك ما ذكره ابن القيم-رحمه الله-حينما قال:( إذا مر-متدبر القرآن-بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها مائة مرة ولو ليلة؛ فقراءة آية بتفكّر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم،وأنفع للقلب، وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن ).
الخطوة الثالثة: وضع موضوع للسورة والمراد به التوصل إلى مقصود السورة؛ بجعل كل متدرب يتفكر في الآيات ويذكر ما توصل إليه؛
وهذه الخطوة يشترط فيها أمران:
1. أن يكون الموضوع للسورة كلها وليس جزئيًا.
2. أن يكون الموضوع بصيغة تقرير أو قاعدة يمكن استصحابها في مواطن مختلفة من كتاب الله.
سأطبق اليوم على سورة الإخلاص حتى يتضح المطلوب-بعون الله-.
موضوع سورة الإخلاص-مثلاً-تحقيق إثبات كمال صفات الربّ-سبحانه وتعالى-بالجمع بين النفي والإثبات وذلك حقيقة التوحيد.
الخطوة الرابعة: إثارة الذهن باستفهامات تجاه الآيات.
قد يقول قائل: وما علاقة التدبر بالاستفهامات؟
فنقول-مستعينين بالله-أن التدبر هو الفهم، والاستفهام هو طلب الفهم.
وهذا الأسلوب أسلوب تربوي نبوي تعليمي فقد استخدمه النبي-صلى الله عليه وسلم-في تقرير المسائل العظام؛ على سبيل المثال حينما أراد أن يبيّن للناس حق الله-تعالى-لم يقل لمعاذ-رضي الله عنه-حق الله كذا مباشرة وإنما وجه له السؤال بقوله-صلى الله عليه وسلم-:( يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ؟)، قَالَ اللَّهُ: وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:( أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ؟)، قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:( أَنْ لا يُعَذِّبَهُمْ ) رواه البخاري.
وكذلك حديث جبريل-عليه السلام-الطويل المعروف بحديث مراتب الدين جاء في هيئة السائل؛ فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-في آخر الحديث:(يَا عُمَرُ أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ؟) فقال: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ-صلى الله عليه وسلم-:( فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) رواه مسلم.
إذن الخطوة الرابعة إثارة الذهن بأسئلة تعين على التدبر؛
نطبق على سورة الإخلاص:
{
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}: لمن وجه الخطاب؟ ما دلالة ضمير الشأن ( هو )؟ ما معنى اسم ( الله )؟ ما دلالة تنكير لفظ ( أحدٌ )؟
{
اللَّهُ الصَّمَدُ}: ما الحكمة من تكرار لفظ الجلالة؟ وما معنى ( الصمد )؟
{
لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}: ما علاقة الآية بما قبلها؟ وما دلالة ( لم )؟ ما الحكمة من تكرار ( لم )؟ وما وجه ذكر الخبر بصيغة الفعل المضارع؟
{
وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}: ما علاقة الآية بما قبلها؟ ما معنى { كفوًا}؟ وما دلالة {أحد}؟
ملاحظة: يطلب من المتدربات مجرد وضع الأسئلة ومنع الإجابة؛ لأنها ستأتي في خطوة مستقلة.
قد يقول قائل: هل كل مرة سنقرأ فيها القرآن سنقوم بهذه الخطوة؟
الجواب: طبعا هذه خطوات اجتهادية وليس إجبارية لكن تجد بحول الله فائدتها، وستصبح عندك ملكة بالتدريب.
يكفي هذا القدر أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفع بها.