صورةٌ جميلةٌ من صورِ تقديرِ العلماءِ أولادَهم

إنضم
30/04/2011
المشاركات
60
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
المدينة النبوية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إنّ مما يؤسفُ في واقعنا المعايشِ -المليءِ بالعجائب والغرائب- عدمَ اعتناء بعض المشايخ والدعاة بأبنائهم، وعدم رفع هممهم، واستجلاب طاقاتهم، وتشجيعهم، وتعليمهم، والدعاء لهم؛ لذا أحببتُ أن أنفثَ نفثة مصدورٍ في هذا الزمن -زمن الغربة،ووقت العجبة- تضيء قلوب الآباء تجاه فَلِذات أكبادهم؛ وذلك بطرح مثال جَلل يبين حسن معاملة إمام من أئمة المسلمين بابنته حتى إنه ترجم لها في أحد كتبه؛ إنّ هذا الإمام هو الجبل الأشمّ، الحبر العلم، إمام هذا الفن -القراءات- ومحققه؛ إنه الإمام ابن الجزري -رحمه الله-.
فقد ترجم لابنته في كتابه الشهير غاية النهاية فقال: "سلمى بنت محمد بن محمد أم الخير ابنتي -نفع الله تعالى بها، ووفقها لما فيه صلاحها دنيا وأخرى-، ولدت " بياض "، وشرعت في حفظ القرآن سنة ثلاث عشرة، وحفظت مقدمة التجويد، وعرضتها، ومقدمة النحو، ثم حفظت طيبة النشر الألفية، وحفظت القرآن وعرضته حفظاً بالقراءات العشر، وأكملته في الثاني عشر من ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة قراءة صحيحة مجودة مشتملة على جميع وجوه القراءات؛ بحيث وصلت في الاستحضار إلى غاية لا يشاركها أحد في وقتها، وتعلمت العروض، والعربية، وكتبت الخط الجيد، ونظمت بالعربي والفارسي؛ هذا وهي في ازدياد إن شاء الله تعالى، وقرأت بنفسها الحديث، وسمعت منى وعليّ كثيراً بحيث صار لها فيه أهلية وافرة فالله يسعدها ويوفقها لخير في الدنيا والآخرة" انتهى كلامه.
الله أكبر...
انظر أخا الإسلام إلى هذه الترجمة المختصرة الوافية التي خرجت من قلب أبٍ حنونٍ بصيرٍ بكلامه، خبيرٍ بمعناه.
وإننا نستنبط بعض الدرر من هذه الترجمة؛ وهي كالتالي:

1) الاعتناء الواضح بسلاح فعال ناجح يُسبب صلاح الذرية ألا وهو الدعاء لهم؛ فانظر -رحمك الله- إلى دعاء ابن الجزري لابنته؛ فقد دعا لابنته بأكثر من أربع دعوات صالحات جميلات خلال ترجمة لا تجاوز السبعة أسطر.
2) الرعاية العظيمة للأولاد من قبل الآباء في طريق طلب العلم؛ فتأمل إلى الإمام ابن الجزري كيف يعرف مراحل طلب العلم عند ابنته؛ حتى إنه ذكر سنة إكمال عرض ابنته القراءات؛ فلله درّه.
3) التدرج في طلب العلم، وعدم صعود سُلّم الطلب مرة واحدة؛ وإنما ارتقاؤه درجةً درجةً؛ فانظر لها كيف ابتدأت الطلب أولاً بحفظ القرآن الذي يغفل عنه بعض طلبة العلم -هدانا الله وإياهم- ويبتدؤون حياتهم العلمية بالجرح والتجريح، والوقيعة في الأفاضل؛ ظانين من أنفسهم بلوغ الذروة في هذا الأمر والله المستعان، ثم انظر كيف ابتدأت بأهم علوم الآلة -اللغة- التي يلزم طالب العلم فقهها واستبصارها.
4) جواز مدح الوالد لذريته أمام الملأ إن صدق في ذلك ولم يطلب رياءً ولا سمعة؛تأمل قول ابن الجزري: "حيث وصلت في الاستحضار إلى غاية لا يشاركها أحد في وقتها"؛ وإن من الأمور المجربة في الحياة العملية رفعةَ همة الولد، وسمو نشاطه بمدح والده له ؛كيف لا والوالد عنوان الحياة!!
أسأل الله أن يبصرنا في ديننا إنه ولي ذلك والقادر عليه
والصلاة والسلام على خير المربين محمد صلى الله عليه وسلم.
 
والواجب على الأب والأم تخصيص وقت لتعليم أبنائهم القرآن والسنة
أو تعيين من يقوم على ذلك عنهم من الثقات المؤهلين وإكرامهم بما يليق
وهذا هو الاستثمار الحق
 
عودة
أعلى