الحسن محمد ماديك
New member
قال د. أنمار :
"وإني قد طلب مني الرد بأسلوب علمي" اهـ محل الإستشهاد من كلامه .
قلت : ومن الرد بأسلوب علمي حسب موازين هذا الدكتور الأنمار أقواله التالية :
ـ (على جنايات وافتراءات ارتكبت في حق القراءات العشر بحجة تنقيتها مما دخل على على القراءة من طريق القياس وأن هذه الرواية بزعمهم لم ترد ولم تصح)
ـ (وبعض هؤلاء الأغمار إنما هم أنصاف متعلمين، لم يتمكنوا في العلم ولم يتقنوه وظنوا بأنهم يقارعون ابن الجزري والشاطبي. وما هم إلا وبال على أهل القراءات بطيشهم وجهلهم العريض(.
ـ (وبما أن الوقت عندي أهم من أن يضيع في المهاترات والقيل والقال أحببت أن أضرب مثالا واحد يوضح حقيقة جهل بعضهم واللبيب من الإشارة يفهم إذ بالجزء يستدل على الكل(
ـ (المدعي المتشبع بما لم يعط يتظاهر بالتحقيق)
ـ(وأختم قائلا بأن مشكلتنا في بعض أنصاف المتعلمين المتجرئين على كتاب الله ببضاعة مزجاة ونظر سقيم، ولا يغرنك العبارات التي يطلقونها بأنهم طلبة علم ويبحثون عمن يرشدهم، فإنهم في ضلال بما يطلقون من الأحكام على كتاب الله وبما يخطئون به أئمة الهدى من أهل الله وخاصته.
وكان يكفيهم أن يتبنوا طريقة القراءة بالحرف كما هو حال الأعاجم في مشرق العالم الإسلامي ويتركوا أهل التحريرات في خدمتهم وإخلاصهم لكتاب الله بدل أن يكونوا عونا لأعداء القرآن.
وكم من عائب قولا صحيحا،،، وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الآذان منه ،،، على قدر القريحة والفهوم
اهـ محل الاستشهاد من كلامه
قلت : وجوابي على هذا الجزء من الرد العلمي هو الإعراض وقولي سلاما ... ولا لوم على الدكتور أنمار إذ رشح ونضح بهذا الكلام لأنه تصرف فيما يملك وهو لسانه وتصوراته ولقد ألزمت نفسي من قبل تقدير رأي المخالف ، غير أني أشفق عليه أن يوافق الوصف بالهمزة اللمزة
أما الجزء الثاني من ردوده فهو جدير بالمناقشة العلمية الهادئة كالتالي :
قال د . أنمار : قال المدعي: (يقصدني أنا الحسن ولد ماديك )
(وأما اختيارات المصنفين التي تدعو إلى الاستغراب فمنها اختيار ابن مجاهد في بداية القرن الرابع إمالة البارئ الحشر24 لدوري الكسائي قياسا على إمالته حرفي البقرة بارئكم فهذا الاختيار مبك حقا لأنه قراءة حرف من كتاب الله بأداء لم ينزل به جبريل من عند الله على النبي الأمي إذ قرأ جميع القراء والرواة حرف الحشر بالفتح الخالص وإنما ألحقه ابن مجاهد بأحرف اختص الدوري عن الكسائي وتفرد بإمالتها قال في النشر ( 2/39 ) وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك اهـ .
قال : وهو كذلك في جامع البيان للداني (1/469) والله المستعان .
اهـ الكلام وفيه ما فيه.
الرد:
أولا آفة بتر النصوص:
أقول هذا مثال واضح لمن يتتبع السقطات والشبهات ويترك اليقين الواضح
فالنص المذكور أعلاه مشكل لكن المدعي نقله مبتور البداية. فقد أثبت الإمام ابن الجزري قبل تلك العبارة ضعفها وأن الصواب خلافها بقوله:
واختلف عنه في (البارئ المصور) من سورة الحشر فروى عنه إمالته، وأجراه مجرى (بارئكم) جمهور المغاربة وهو الذي في تلخيص العبارات والكافي والهادي والتبصرة والهداية والعنوان والتيسير والشاطبية وكذلك رواه من طريق ابن فرح أعنى عن الكسائي صاحب التجريد والإرشادين والمستنير وغيرهم. ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراآت ونص على استثنائه الحافظ أبو العلاء وأبو محمد سبط الخياط وابن سوار وأبو العز وغيرهم والوجهان صحيحان عن الدوري. وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياساً عليهما، سمعت أبا الفتح يقول ذلك انتهى.
وكأن العبارة [وإن قال الداني في جامعه ...]
فأول الكلام يقرر صحة الوجهين، أي ولا عبرة بما بعد ذلك.) اهـ كلام د. أنمار
قال الحسن ولد ماديك : يتضمن هذا المقطع من نقاش الدكتور أنمار المغالطات التالية :
1. أنه اعترف بأن كلام ابن الجزري مشكل ثم نجده يزيل الإشكال بقوله وكأن العبارة [وإن قال الداني في جامعه ...]
فأول الكلام يقرر صحة الوجهين، أي ولا عبرة بما بعد ذلك. اهـ يعني أن الإشكال يزول حسب رأيه يزيادة (وإن ) أي إدراجها في قول ابن الجزري في النشر ( 2/39 ) وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك اهـ .
ولست أدري هل يتصور دكتورنا أن النقاش العلمي يكتفى فيه بقول دكتور أي دكتور (وكأنّ ) ولكأنما خلا له البر ليستأسد أو نام فرأى في نومته أنه يخاطب عوام قاصرين ونسي أنه استيقظ.
2. قوله (فالنص المذكور أعلاه مشكل لكن المدعي نقله مبتور البداية فقد أثبت الإمام ابن الجزري قبل تلك العبارة ضعفها وأن الصواب خلافها) اهـ يعني أني حذفت من كلام ابن الجزري في النشر ما يحتج به عليّ وفيه مغالطات أفصلها تفصيلا منها زعمه أن المحقق ابن الجزري قد ضعّف عبارة أبي الفتح فارس بن أحمد التي نقلها عنه تلميذه الداني وهي مغالطة لا يحتملها كتاب النشر الذي لم يعقب عليها بل احتج بها ابن الجزري في نشره بعد ذكره رواية الفتح في حرف الحشر ﴿البارئ﴾ حين قال ما نصه :( ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراءات ونص على استثنائه الحافظ أبو العلاء وأبو محمد سبط الخياط وابن سوار وأبو العز وغيرهم) اهـ محل الغرض من النشر ، قلت وهو ظاهر في ترجيح استثناء حرف الحشر أي فتحه وترك إمالته خلافا لحرفي البقرة ترجيحا هو عكس التضعيف الذي ذكره الدكتور أنمار ، إذ ذكر صاحب النشر النص بفتح حرف الحشر وترك إمالته لدوري الكسائي عن جماعة من مصنفي طرق الرواة عدّ منهم أربعة هم : الحافظ أبو العلاء الهمذاني المتوفى سنة 515هـ عن سبع وتسعين سنة المرقم في غاية النهاية برقم (945) قال عنه ابن الجزري :"إمام العراقيين ومؤلف كتاب الغاية في القراءات العشر وأحد حفاظ العصر ثقة ديّن خيّر كبير القدر اعتنى بهذا الفن أتم عناية وألف فيه أحسن كتب ...ومن وقف على مؤلفاته علم جلالة قدره وعندي أنه في المشارقة كأبي عمرو الداني في المغاربة بل هذا أوسع رواية منه بكثير مع أنه في غالب مؤلفاته اقتفى أثره وسلك سبيله" اهـ من غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ، وثاني الأربعة الذين أسند لهم ابن الجزري في النشر النص عن دوري الكسائي بالفتح وترك الإمالة في حرف الحشر هو أبو محمد سبط الخياط المرقم في غاية النهاية برقم (1817) قال عنه ابن الجزري :"الأستاذ البارع الثقة شيخ الإقراء ببغداد في عصره ...وهو أحد الذين انتهت إليهم رئاسة القراءة علما وعملا والتجويد علما وعملا " اهـ محل الغرض منه توفي سنة (541) هـ ، وثالث الأربعة هو أبو طاهر أحمد بن علي ابن سوار المرقم في غاية النهاية برقم (390) البغدادي صاحب المستنير قال عنه ابن الجزري :"إمام كبير محقق ثقة" اهـ توفي سنة (496) هـ ، ورابعهم هو أبو العز القلانسي المرقم في غاية النهاية برقم (2958) شيخ العراق ومقرئ القراء بواسط وقال عنه ابن الجزري :"وكان بصيرا بالقراءات وعللها وغوامضها عارفا بطرقها عالي الإسناد " اهـ توفي سنة (521) هـ وهؤلاء الأربع وغيرهم نصوا على استثناء حرف الحشر أي عدم إمالته لدوري الكسائي كما أمال حرفي البقرة بل انتصر ابن الجزري لروايات الفتح في حرف الحشر لدوري الكسائي بقوله " ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراآت"اهـ ولا مزيد على وضوحه وأن أكثر كتب القراءات على رواية الفتح لا الإمالة وكذلك رواية أبي عثمان الضرير تلميذ دوري الكسائي مباشرة وعنه ثمانية عشر طريقا إلى دوري الكسائي كما عن جعفر بن محمد ست طرق فقط منها التيسير والشاطبية إلى دوري الكسائي
قال الحسن ولد ماديك :فأين هذا النص عن المذكورين الذي احتج به ابن الجزري في نشره من زعم الدكتور أنمار أن صاحب النشر قد ضعّف كلام أبي الفتح فارس ؟ أما المغالطة الثانية من الدكتور أنمار فهي أنه احتج برواية الإمالة في حرف الحشر لدوري الكسائي عن رواة لم يتعب نفسه ولم يكلفها تحقيقا أي تحقيق علمي إلا نقله كلام ابن الجزري في النشر حرفيا حين قال "واختلف عنه في ﴿ البارئ المصور﴾ من سورة الحشر فروى عنه إمالته وأجراه مجرى ﴿ بارئكم﴾ جمهورالمغاربة وهو الذي في تلخيص العبارات والكافي والهادي والتبصرة والهداية والعنوان والتيسير والشاطبية وكذلك رواه من طريق ابن فرح أعنى عن الكسائي صاحب التجريد والإرشادين والمستنير وغيرهم" اهـ من النشر وهو أقرب إلى الإشارة إلى القياس كما يستفاد من قوله "وأجراه مجرى ﴿ بارئكم﴾ .اهـ أي قاسوه عليه والله أعلم .
قال الحسن بن ماديك : وإن مدار كل من الشاطبية والتيسير في رواية الدوري عن الكسائي لعلى قراءة الداني على شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضرير الذي قطع بقوله " لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياساً عليهما" اهـ بلفظه وسمعه من فيه تلميذه الداني وسطّره الداني في جامع البيان (1/469) في باب ذكر مذاهبهم في الفتح والإمالة ، واحتج ابن الجزري بما نقله وسمعه الداني من شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضريرالمرقم في غاية النهاية برقم (2544) المتوفى سنة (333)هـ قال عنه في غاية النهاية :"قال عنه الداني "لم ألق مثله في حفظه وضبطه وكان حافظا ضابطا حسن التأدية فهما بعلم صناعته واتساع روايته مع ظهور نسكه وفضله وصدق لهجته" اهـ فيا ليت شعري كيف نرمي في البحر ما قطع به أبو الفتح فارس حين قال "لم يذكر أحد في ﴿ البارئ ﴾ نصا" ونأخذ بظن الدكتور أنمار وهو يقول :" وكأن " اهـ يتيمة لا دليل معها إلا السب والشتم والهمز واللمز
وإن مدار تلخيص العبارات لابن بليمة (من المغاربة ) في رواية الدوري عن الكسائي لعلى قراءة الداني على شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضرير .
وكان حريا بالدكتور أنمار أن يأتينا بمصنف سبق أبا الفتح فارس أو يأتينا بالنص عن ابن مجاهد أو عن من عاصره من طرق الرواة نص في كتابه على روايته إمالة حرف الحشر مثل حرفي البقرة
ويدرك الباحث المنصف أن رواة الإمالة في حرف الحشر لدوري الكسائي هم من المتأخرين عن ابن مجاهد كما لا يخفى من وفاة ابن شريح الأندلسي صاحب الكافي سنة (496) هـ ومن وفاة ابن سفيان القيرواني صاحب الهادي سنة (415) هـ ومن وفاة مكي الأندسي صاحب التبصرة سنة (437) هـ ومن وفاة المهدوي المغربي سنة (430) هـ ومن وفاة أبي الطاهر إسماعيل الأندلسي المصري سنة (455) اهـ ومن وفاة ابن بليمة القيرواني سنة (514) اهـ
يتواصل بقية الحقات العشر
في كل يوم جزئية إن شاء الله
طالب العلم
"وإني قد طلب مني الرد بأسلوب علمي" اهـ محل الإستشهاد من كلامه .
قلت : ومن الرد بأسلوب علمي حسب موازين هذا الدكتور الأنمار أقواله التالية :
ـ (على جنايات وافتراءات ارتكبت في حق القراءات العشر بحجة تنقيتها مما دخل على على القراءة من طريق القياس وأن هذه الرواية بزعمهم لم ترد ولم تصح)
ـ (وبعض هؤلاء الأغمار إنما هم أنصاف متعلمين، لم يتمكنوا في العلم ولم يتقنوه وظنوا بأنهم يقارعون ابن الجزري والشاطبي. وما هم إلا وبال على أهل القراءات بطيشهم وجهلهم العريض(.
ـ (وبما أن الوقت عندي أهم من أن يضيع في المهاترات والقيل والقال أحببت أن أضرب مثالا واحد يوضح حقيقة جهل بعضهم واللبيب من الإشارة يفهم إذ بالجزء يستدل على الكل(
ـ (المدعي المتشبع بما لم يعط يتظاهر بالتحقيق)
ـ(وأختم قائلا بأن مشكلتنا في بعض أنصاف المتعلمين المتجرئين على كتاب الله ببضاعة مزجاة ونظر سقيم، ولا يغرنك العبارات التي يطلقونها بأنهم طلبة علم ويبحثون عمن يرشدهم، فإنهم في ضلال بما يطلقون من الأحكام على كتاب الله وبما يخطئون به أئمة الهدى من أهل الله وخاصته.
وكان يكفيهم أن يتبنوا طريقة القراءة بالحرف كما هو حال الأعاجم في مشرق العالم الإسلامي ويتركوا أهل التحريرات في خدمتهم وإخلاصهم لكتاب الله بدل أن يكونوا عونا لأعداء القرآن.
وكم من عائب قولا صحيحا،،، وآفته من الفهم السقيم
ولكن تأخذ الآذان منه ،،، على قدر القريحة والفهوم
اهـ محل الاستشهاد من كلامه
قلت : وجوابي على هذا الجزء من الرد العلمي هو الإعراض وقولي سلاما ... ولا لوم على الدكتور أنمار إذ رشح ونضح بهذا الكلام لأنه تصرف فيما يملك وهو لسانه وتصوراته ولقد ألزمت نفسي من قبل تقدير رأي المخالف ، غير أني أشفق عليه أن يوافق الوصف بالهمزة اللمزة
أما الجزء الثاني من ردوده فهو جدير بالمناقشة العلمية الهادئة كالتالي :
قال د . أنمار : قال المدعي: (يقصدني أنا الحسن ولد ماديك )
(وأما اختيارات المصنفين التي تدعو إلى الاستغراب فمنها اختيار ابن مجاهد في بداية القرن الرابع إمالة البارئ الحشر24 لدوري الكسائي قياسا على إمالته حرفي البقرة بارئكم فهذا الاختيار مبك حقا لأنه قراءة حرف من كتاب الله بأداء لم ينزل به جبريل من عند الله على النبي الأمي إذ قرأ جميع القراء والرواة حرف الحشر بالفتح الخالص وإنما ألحقه ابن مجاهد بأحرف اختص الدوري عن الكسائي وتفرد بإمالتها قال في النشر ( 2/39 ) وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك اهـ .
قال : وهو كذلك في جامع البيان للداني (1/469) والله المستعان .
اهـ الكلام وفيه ما فيه.
الرد:
أولا آفة بتر النصوص:
أقول هذا مثال واضح لمن يتتبع السقطات والشبهات ويترك اليقين الواضح
فالنص المذكور أعلاه مشكل لكن المدعي نقله مبتور البداية. فقد أثبت الإمام ابن الجزري قبل تلك العبارة ضعفها وأن الصواب خلافها بقوله:
واختلف عنه في (البارئ المصور) من سورة الحشر فروى عنه إمالته، وأجراه مجرى (بارئكم) جمهور المغاربة وهو الذي في تلخيص العبارات والكافي والهادي والتبصرة والهداية والعنوان والتيسير والشاطبية وكذلك رواه من طريق ابن فرح أعنى عن الكسائي صاحب التجريد والإرشادين والمستنير وغيرهم. ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراآت ونص على استثنائه الحافظ أبو العلاء وأبو محمد سبط الخياط وابن سوار وأبو العز وغيرهم والوجهان صحيحان عن الدوري. وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياساً عليهما، سمعت أبا الفتح يقول ذلك انتهى.
وكأن العبارة [وإن قال الداني في جامعه ...]
فأول الكلام يقرر صحة الوجهين، أي ولا عبرة بما بعد ذلك.) اهـ كلام د. أنمار
قال الحسن ولد ماديك : يتضمن هذا المقطع من نقاش الدكتور أنمار المغالطات التالية :
1. أنه اعترف بأن كلام ابن الجزري مشكل ثم نجده يزيل الإشكال بقوله وكأن العبارة [وإن قال الداني في جامعه ...]
فأول الكلام يقرر صحة الوجهين، أي ولا عبرة بما بعد ذلك. اهـ يعني أن الإشكال يزول حسب رأيه يزيادة (وإن ) أي إدراجها في قول ابن الجزري في النشر ( 2/39 ) وقال الداني في جامعه لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياسا عليهما سمعت أبا الفتح يقول ذلك اهـ .
ولست أدري هل يتصور دكتورنا أن النقاش العلمي يكتفى فيه بقول دكتور أي دكتور (وكأنّ ) ولكأنما خلا له البر ليستأسد أو نام فرأى في نومته أنه يخاطب عوام قاصرين ونسي أنه استيقظ.
2. قوله (فالنص المذكور أعلاه مشكل لكن المدعي نقله مبتور البداية فقد أثبت الإمام ابن الجزري قبل تلك العبارة ضعفها وأن الصواب خلافها) اهـ يعني أني حذفت من كلام ابن الجزري في النشر ما يحتج به عليّ وفيه مغالطات أفصلها تفصيلا منها زعمه أن المحقق ابن الجزري قد ضعّف عبارة أبي الفتح فارس بن أحمد التي نقلها عنه تلميذه الداني وهي مغالطة لا يحتملها كتاب النشر الذي لم يعقب عليها بل احتج بها ابن الجزري في نشره بعد ذكره رواية الفتح في حرف الحشر ﴿البارئ﴾ حين قال ما نصه :( ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراءات ونص على استثنائه الحافظ أبو العلاء وأبو محمد سبط الخياط وابن سوار وأبو العز وغيرهم) اهـ محل الغرض من النشر ، قلت وهو ظاهر في ترجيح استثناء حرف الحشر أي فتحه وترك إمالته خلافا لحرفي البقرة ترجيحا هو عكس التضعيف الذي ذكره الدكتور أنمار ، إذ ذكر صاحب النشر النص بفتح حرف الحشر وترك إمالته لدوري الكسائي عن جماعة من مصنفي طرق الرواة عدّ منهم أربعة هم : الحافظ أبو العلاء الهمذاني المتوفى سنة 515هـ عن سبع وتسعين سنة المرقم في غاية النهاية برقم (945) قال عنه ابن الجزري :"إمام العراقيين ومؤلف كتاب الغاية في القراءات العشر وأحد حفاظ العصر ثقة ديّن خيّر كبير القدر اعتنى بهذا الفن أتم عناية وألف فيه أحسن كتب ...ومن وقف على مؤلفاته علم جلالة قدره وعندي أنه في المشارقة كأبي عمرو الداني في المغاربة بل هذا أوسع رواية منه بكثير مع أنه في غالب مؤلفاته اقتفى أثره وسلك سبيله" اهـ من غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ، وثاني الأربعة الذين أسند لهم ابن الجزري في النشر النص عن دوري الكسائي بالفتح وترك الإمالة في حرف الحشر هو أبو محمد سبط الخياط المرقم في غاية النهاية برقم (1817) قال عنه ابن الجزري :"الأستاذ البارع الثقة شيخ الإقراء ببغداد في عصره ...وهو أحد الذين انتهت إليهم رئاسة القراءة علما وعملا والتجويد علما وعملا " اهـ محل الغرض منه توفي سنة (541) هـ ، وثالث الأربعة هو أبو طاهر أحمد بن علي ابن سوار المرقم في غاية النهاية برقم (390) البغدادي صاحب المستنير قال عنه ابن الجزري :"إمام كبير محقق ثقة" اهـ توفي سنة (496) هـ ، ورابعهم هو أبو العز القلانسي المرقم في غاية النهاية برقم (2958) شيخ العراق ومقرئ القراء بواسط وقال عنه ابن الجزري :"وكان بصيرا بالقراءات وعللها وغوامضها عارفا بطرقها عالي الإسناد " اهـ توفي سنة (521) هـ وهؤلاء الأربع وغيرهم نصوا على استثناء حرف الحشر أي عدم إمالته لدوري الكسائي كما أمال حرفي البقرة بل انتصر ابن الجزري لروايات الفتح في حرف الحشر لدوري الكسائي بقوله " ورواه عنه بالفتح خصوصاً أبو عثمان الضرير وهو الذي في أكثر كتب القراآت"اهـ ولا مزيد على وضوحه وأن أكثر كتب القراءات على رواية الفتح لا الإمالة وكذلك رواية أبي عثمان الضرير تلميذ دوري الكسائي مباشرة وعنه ثمانية عشر طريقا إلى دوري الكسائي كما عن جعفر بن محمد ست طرق فقط منها التيسير والشاطبية إلى دوري الكسائي
قال الحسن ولد ماديك :فأين هذا النص عن المذكورين الذي احتج به ابن الجزري في نشره من زعم الدكتور أنمار أن صاحب النشر قد ضعّف كلام أبي الفتح فارس ؟ أما المغالطة الثانية من الدكتور أنمار فهي أنه احتج برواية الإمالة في حرف الحشر لدوري الكسائي عن رواة لم يتعب نفسه ولم يكلفها تحقيقا أي تحقيق علمي إلا نقله كلام ابن الجزري في النشر حرفيا حين قال "واختلف عنه في ﴿ البارئ المصور﴾ من سورة الحشر فروى عنه إمالته وأجراه مجرى ﴿ بارئكم﴾ جمهورالمغاربة وهو الذي في تلخيص العبارات والكافي والهادي والتبصرة والهداية والعنوان والتيسير والشاطبية وكذلك رواه من طريق ابن فرح أعنى عن الكسائي صاحب التجريد والإرشادين والمستنير وغيرهم" اهـ من النشر وهو أقرب إلى الإشارة إلى القياس كما يستفاد من قوله "وأجراه مجرى ﴿ بارئكم﴾ .اهـ أي قاسوه عليه والله أعلم .
قال الحسن بن ماديك : وإن مدار كل من الشاطبية والتيسير في رواية الدوري عن الكسائي لعلى قراءة الداني على شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضرير الذي قطع بقوله " لم يذكر أحد عن البارئ نصا وإنما ألحقه بالحرفين اللذين في البقرة ابن مجاهد قياساً عليهما" اهـ بلفظه وسمعه من فيه تلميذه الداني وسطّره الداني في جامع البيان (1/469) في باب ذكر مذاهبهم في الفتح والإمالة ، واحتج ابن الجزري بما نقله وسمعه الداني من شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضريرالمرقم في غاية النهاية برقم (2544) المتوفى سنة (333)هـ قال عنه في غاية النهاية :"قال عنه الداني "لم ألق مثله في حفظه وضبطه وكان حافظا ضابطا حسن التأدية فهما بعلم صناعته واتساع روايته مع ظهور نسكه وفضله وصدق لهجته" اهـ فيا ليت شعري كيف نرمي في البحر ما قطع به أبو الفتح فارس حين قال "لم يذكر أحد في ﴿ البارئ ﴾ نصا" ونأخذ بظن الدكتور أنمار وهو يقول :" وكأن " اهـ يتيمة لا دليل معها إلا السب والشتم والهمز واللمز
وإن مدار تلخيص العبارات لابن بليمة (من المغاربة ) في رواية الدوري عن الكسائي لعلى قراءة الداني على شيخه أبي الفتح فارس بن أحمد الحمصي الضرير .
وكان حريا بالدكتور أنمار أن يأتينا بمصنف سبق أبا الفتح فارس أو يأتينا بالنص عن ابن مجاهد أو عن من عاصره من طرق الرواة نص في كتابه على روايته إمالة حرف الحشر مثل حرفي البقرة
ويدرك الباحث المنصف أن رواة الإمالة في حرف الحشر لدوري الكسائي هم من المتأخرين عن ابن مجاهد كما لا يخفى من وفاة ابن شريح الأندلسي صاحب الكافي سنة (496) هـ ومن وفاة ابن سفيان القيرواني صاحب الهادي سنة (415) هـ ومن وفاة مكي الأندسي صاحب التبصرة سنة (437) هـ ومن وفاة المهدوي المغربي سنة (430) هـ ومن وفاة أبي الطاهر إسماعيل الأندلسي المصري سنة (455) اهـ ومن وفاة ابن بليمة القيرواني سنة (514) اهـ
يتواصل بقية الحقات العشر
في كل يوم جزئية إن شاء الله
طالب العلم