سرد بأسماء العلماء القائلين بتحريم الترجمة الحرفية للقرآن الكريم

إنضم
22 مارس 2007
المشاركات
58
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
الإقامة
تبوك
سبق النقاش عن حكم الترجمة الحرفية للقرآن الكريم، وسوف أسرد هنا عددا من الهيئات الشرعية والعلماء القائلين بالتحريم، ومن حكى الإجماع منهم على هذا القول، علما أني لم أقف على قائل يقول بالجواز أو إمكان الترجمة الحرفية للقرآن من العلماء المعتبرين، وسوف أحاول الاختصار قدر الإمكان ولم ألتزم بالترتيب التاريخي للعلماء:
1_ ابن فارس العالم اللغوي. الصاحبي في اللغة: (41).
2_ القفال.
3_ الزركشي حيث قال: (وإذا لم تجز قراءته بالتفسير العربى لمكان التحدى بنظمه فأحرى أن لا تجوز الترجمة بلسان غيره، ومن هاهنا قال القفال من أصحابنا: عندى أنه لا يقدر أحد أن يأتى بالقرآن بالفارسية قيل له: فإذن لا يقدر أحد أن يفسر القرآن قال: ليس كذلك لأن هناك يجوز أن يأتى ببعض مراد الله، ويعجز عن البعض أما إذا أراد أن يقرأه بالفارسية فلا يمكن أن يأتى بجميع مراد الله أى: فإن الترجمة إبدال لفظة بلفظة تقوم مقامهان وذلك غير ممكن بخلاف التفسير.
وما أحاله القفال من ترجمة القرآن ذكره أبو الحسين بن فارس فى فقه العربية أيضا فقال: لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقل القرآن إلى شىء من الألسن كما نقل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية والرومية، وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى بالعربية لأن العجم لم تتسع فى الكلام اتساع العرب) البرهان: (1/465).
وحرر المسألة في البحر المحيط أيضا ثم قال: (وإفراد هذه المسألة بكلامي هذا لا تجده في كتاب فاشكر الله على هذا المستطاب).
(1/362)
4_ ابن قتيبة. تأويل مشكل القرآن: (21).
5_ الشاطبي حيث قال: (وإذا ثبت هذا، فلا يمكن من اعتبر هذا الوجه الأخير أن يترجم كلاما من الكلام العربي بكلام العجم على حال، فضلا عن أن يترجم القرآن وينقل إلى لسان غير عربي، إلا مع فرض استواء اللسانين في اعتباره عينا، كما إذا استوى اللسانان في استعمال ما تقدم تمثيله ونحوه، فإذا ثبت ذلك في اللسان المنقول إليه مع لسان العرب، أمكن أن يترجم أحدهما إلى آخر، وإثبات مثل هذا بوجه بَيِّنٌ عسيرٌ جدًّا، وربما أشار إلى شيء من ذلك أهل المنطق من القدماء ومن حذا حذوهم من المتأخرين، ولكنه غير كافٍ ولا مغنٍ في هذا المقام.
وقد نفى ابن قتيبة إمكان الترجمة في القرآن -يعني: على هذا الوجه الثاني- فأما على الوجه الأول، فهو ممكن، ومن جهته صح تفسير القرآن وبيان معناه للعامة ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معانيه، وكان ذلك جائزا باتفاق أهل الإسلام، فصار هذا الاتفاق حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي) الموافقات.ط ابن عفان: (2/107).
وممن وقفت عليه من المعاصرين:
1_ الذهبي في التفسير والمفسرون: (1/18)
2_ الزرقاني، وهو ممن أطال النفس في هذه المسألة، وحررها تحريرا بالغا، وأجاب عن أدلة المخالفين، ولم أقف على من فصل في المسألة مثل تفصيله، وخاصة في الجواب عن الأدلة والشبهات كما هي عادته. مناهل العرفان: (1/154_173).
3_ الشيخ مناع القطان. مباحث في علوم القرآن: (324).
4_ الدكتور فضل عباس، وقد حكى الإجماع على ذلك. اتقان البرهان: (2/303).
5_ الدكتور فهد الرومي، وحكى الإجماع على ذلك أيضا. نقل معاني القرآن ترجمة أم تفسير: (9).
6_ الدكتور غانم قدوري الحمد. محاضرات في علوم القرآن: (235).
7_ الشيخ محمد بن عثيمين. مقدمة أصول التفسير:(27).
8_ الشيخ عبد الكريم الخضير في شرحه على منظومة الزمزمي.
وأما الهيئات الشرعية:
1_ الأزهر الشريف.
2_ اللجنة الدائمة.
 
أين الأدلة يا دكتور محسن ؟
المهم هو الدليل
يقول الله تعالى:
(كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) آل عمران(93)
روى البخاري رحمه الله تعالى:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي فِي الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
{ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا }
قَالَ فِي التَّوْرَاةِ : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَا سَخَّابٍ بِالْأَسْوَاقِ وَلَا يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا"
 
أخي الفاضل أبو سعد: تجاهل هؤلاء العلماء وأقوالهم، والهيئات الشرعية المتخصصة ، والقول بقول ليس لك فيه سلف منهج فيه نظر، وما زال السؤال الذي سألتك عنه سابقا مطروحا ولم تجب عنه، هل لك سلف في القول بالجواز؟، مع وجود باحثين معمّرين حكوا الإجماع على عدم الجواز كالدكتور فضل عباس رحمه الله، والدكتور فهد الرومي، وغيرهم.
علما أني لم أرد استقصاء الباحثين القائلين بالتحريم.
والدليل الذي ينطلق منه المحرمون قائم على تعريف الترجمة الحرفية، وذلك أن المترجم حرفيا يدعي استيفاء المعاني اللفظية والتركيبية والمقاصد الموجودة في القرآن ببلاغته ومجازه وحقيقته ولا يجوز له الاستطراد في المعاني، وإلا انتقل عندها إلى الترجمة المعنوية، وذلك من الاستحالة بمكان لسعة اللغة العربية، وهذا ما صرح به فحول اللغة كابن فارس، وابن قتيبة، والشاطبي، وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين.
وأرجو ألا نخلط بين الترجمة الحرفية: وهي:نقل ألفاظ من لغة إلى نظائرها من اللغة الأخرى بحيث يكون النظم موافقًا للنظم، والترتيب موافقًا للترتيب.
وبين الترجمة المعنوية التفسيرية وهي: بيان معنى الكلام بلغة أخرى من غير تقييد بترتيب كلمات الأصل أو مراعاة لنظمه.
يقول الزرقاني: (ولكي نوضح لك معنى المثلية المستحيلة في ترجمة القرآن بهذا المعنى نرشدك إلى أن هذه الترجمة لا تتحقق إلا بأمور بعضها مستحيل وبعضها ممكن ذلك أنه لا بد فيها على ضوء ما تقدم من أن تكون وافية بجميع معاني القرآن الأصلية والتابعة على وجه مطمئن، وأن تكون وافية كذلك بجميع مقاصده الثلاثة الرئيسية، وتلك أمور مستحيلة التحقق كما سبق بيانه ثم لا بد فيها أيضا من أن تكون صيغتها صيغة استقلالية خالية من الاستطراد والتزيد وتلك أمور ممكنة الوقوع في ذاتها لكنها إذا أضيفت إلى سابقتها كان المجموع مستحيلا لأن المؤلف من الممكن والمستحيل مستحيل.
فإذا أريد بعد ذلك أن تكون ترجمة القرآن هذه حرفية وجب أن يعتبر فيها أمران زائدان وجود مفردات في لغة الترجمة مساوية لمفردات القرآن ووجود ضمائر وروابط في لغة الترجمة مساوية لروابط القرآن حتى يمكن أن يحل كل مفرد من الترجمة محل نظيرة من الأصل كما هو المشروط في الترجمة الحرفية.
وهذا لعمر الله مما يزيد التعذر استفحالا والاستحالة إيغالا ويجعل هذه الترجمة لو وجدت مثلا للقرآن يا له من مثل وشبيها لا يطاوله شبيه ومعارضا لا يغالبه معارض وقد عرفت دليل بطلان كل ما يصدق عليه أنه مثل للقرآن، وفي هذا يقول الله سبحانه: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) فنفى المثلية عن القرآن كما نفى المثلية عن نفسه في قوله: (ليس كمثله شيء) وبالغ في النفي وفي التحدي فجمع الإنس والجن على هذا العجز، ثم أكد هذا النفي وهذا التحدي مرة أخرى بتقرير عجز الثقلين عن المثلية على فرض معاونة بعضهم لبعض فيها واجتماع قواهم البيانية والعلمية عليها). مناهل العرفان: (1/157).
 
والدليل الذي ينطلق منه المحرمون قائم على تعريف الترجمة الحرفية، وذلك أن المترجم حرفيا يدعي استيفاء المعاني اللفظية والتركيبية والمقاصد الموجودة في القرآن ببلاغته ومجازه وحقيقته ولا يجوز له الاستطراد في المعاني، وإلا انتقل عندها إلى الترجمة المعنوية، وذلك من الاستحالة بمكان لسعة اللغة العربية، وهذا ما صرح به فحول اللغة كابن فارس، وابن قتيبة، والشاطبي، وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين. (1/157).

هذا الكلام غير دقيق ، فلا أحد يدعي أن الترجمة الحرفية تستوفي جميع هذه الوجوه المذكورة ، وهذا غير ممكن حتى في كلام البشر وذلك لاختلاف استخدام المفردات في كل لغة ، فتجد لغة تستخدم مفردة في معاني كثيرة ، ولغة أخرى تستخدم المفردة المقابلة في معنى واحد أو أثنين أوثلاثة.
الخلاف: نحن أمام نص عربي ، آية من كتاب الله ..."الحمد لله رب العالمين " مثلا. هذا النص يمكن أن يترجم مفردة مفردة كغيره من الكلام ، ومن يقول أنه لا يمكن فهي مكابرة...أما هل الترجمة ممكن أن تعبر عن المعنى المباشر للنص العربي المراد فهمه والمعاني الكثيرة الأخرى المستنبطة ؟
هذا محل قد تختلف فيه الأنظار والأفهام.
الشيء المجمع عليه هو أن القرآن المعجز الذي يطلق عليه أنه كلام الله المتعبد بتلاوته هو النص المثبت في المصحف باللسان العربي ، وأي تغيير في نص آية من آياته بزيادة كلمة أو تبديل كلمة من نفس اللسان يخرجها عن كونها قرآنا ، وهذا لا خلاف فيه.
وعليه فالترجمة من باب أولى ألا تكون قرآنا يتعبد به ولكنها ترجمة للنص وليست كلام مفسر ولا غيره....
أما القول بتحريم ترجمة النص فيحتاج إلى دليل ، ولا دليل ....
 
بالطبع لم تجب عن السؤال المطروح: هل لك سلف فيما ذكرت؟ فيتبين لي الجواب أنه ليس لك سلف في هذا القول، فيكون اجتهادا فرديا من أخينا أبي سعد الغامدي خالف به المتقدمين والمتأخرين، ومن حكى الإجماع على ذلك.
وأما ما ذكرت من أنه غير دقيق، فقد تبين لي وجه الخلط لديك بين الترجمة الحرفية والمعنوية وهو العلة في القول الذي ذكرت، ومن هنا أبين الفروق بين الترجمة الحرفية والمعنوية كما ذكره الزرقاني مختصرا:
وتفترق الترجمة عن التفسير بفروق :
1- استقلال الترجمة عن الأصل وليس كذلك التفسير..
2- لايجوز الاستطراد في الترجمة بعكس التفسير..
3- وفاؤها بالغرض كاملًا..
4- كمال الاطمئنان بالترجمة على وفائها بجميع الأغراض..مناهل العرفان: (2/125).
 
بالطبع لم تجب عن السؤال المطروح: هل لك سلف فيما ذكرت؟ فيتبين لي الجواب أنه ليس لك سلف في هذا القول، فيكون اجتهادا فرديا من أخينا أبي سعد الغامدي خالف به المتقدمين والمتأخرين، ومن حكى الإجماع على ذلك.
وأما ما ذكرت من أنه غير دقيق، فقد تبين لي وجه الخلط لديك بين الترجمة الحرفية والمعنوية وهو العلة في القول الذي ذكرت، ومن هنا أبين الفروق بين الترجمة الحرفية والمعنوية كما ذكره الزرقاني مختصرا:
وتفترق الترجمة عن التفسير بفروق :
1- استقلال الترجمة عن الأصل وليس كذلك التفسير..
2- لايجوز الاستطراد في الترجمة بعكس التفسير..
3- وفاؤها بالغرض كاملًا..
4- كمال الاطمئنان بالترجمة على وفائها بجميع الأغراض..مناهل العرفان: (2/125).

أما قضية هل من سلف فقد قدمت لك الأدلة من القرآن:
وهو أن هذا القرآن رسالة للبشرية جمعاء
وأن هذا القرآن حجة على من بلغه ولا يمكن تبليغة للبشر إلا بترجمة نصه
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عني ولو آية ، وتبليغ الآية لغير العربي لا تكون إلا بترجمتها.
وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد كتب بآيات من القرآن إلى غير العرب ولا يمكن أن يفهمها من أرسلت إليه إلا بترجمة النص الذي أمامه ، ولو كانت ترجمة نص الآية حراما لما فعل الرسول فعلا لا يتوصل إلى ثمرته إلا بارتكاب محرم.
ثم ارجع إلى كلام بن حجر الذي قدمته لك في موضوع الدكتور الفاضل عبد العزيز المبارك ، ومن خلاله تجد أن دعوى الإجماع إنما هي دعوى لأنها مفتقرة إلى الدليل من الكتاب والسنة ، بل هي خلاف الأدلة لمن تأمل.

أما بخصوص الفروق بين الترجمة والتفسير فهي غير مسلمة وغير صحيحة:
لأنه لا يشترط أن تفصل الترجمة عن أصلها حتى تكون ترجمة ، فيمكن أن تترجم أي نص من لغة إلى لغة وتبقي النص الأصلي والترجمة معا.
أما الاستطراد فلا حاجة له في الترجمة لأنه زيادة على كلام المترجم عنه ، إلا في الإضافة التي لا بد منها التي تقتضيها اللغة وهذا ليس من باب التفسير وإنما من باب الضرورات التي تقتضيها طبيعة كل لغة.
أما قضية الوفاء بالغرض فهذا أمر نسبي تختلف فيه الأنظار والأفهام ، إلا إذا اعتبرنا كل اجتهاد في فهم النص من أهل اللغة الأصلية من لوازم ترجمة النصوص فهذا شيء آخر.
 
أما كلام ابن حجر فليس صريحا في الترجمة الحرفية بل يحتمل الترجمة الحرفية والمعنوية، وقد جاء في سياق الكلام عن قراءة
القرآن في الصلاة بالفارسية، وفرق بينه وبين مسألتنا.
والذي أفهمه من كلامك أنك لا تعترف بالتمييز بين الترجمة الحرفية والمعنوية.
وهنا توجيهان لقصة هرقل:
قال الزركشي: (ورأيت في كلام بعض الأئمة المتأخرين من المغاربة أن المنع مخصوص بالتلاوة، فأما ما ترجمته بالفارسية: فإن ذلك جائز للضرورة، وينبغي أن يقتصر من ذلك على بيان الحكم المحكم منه والقريب المعنى بمقدار الضرورة إليها من التوحيد وأركان العبادات، ولا يتعرض لما سوى ذلك ويؤمر من أراد الزيادة على ذلك بتعلم اللسان العربي.
قال: وهذا هو الذي يقتضيه الدليل، ولذلك لم يكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر إلا بآية واحدة محكمة1 بمعنى واحد وهو توحيد الله تعالى والتبري من الإشراك، لأن النقل من لسان إلى لسان قد تقصر الترجمة عنه لا سيما من العربي إلى العجمي. فإن كان معنى المترجم عنه واحدا عدم أو قل وقوع التقصير فيه بخلاف المعاني إذا كثرت لا سيما إذا اشتركت الألفاظ وتقاربت، أو تواصلت المعاني أو تقاربت. وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لضرورة التبليغ، أو لأن معنى تلك الآية كان عندهم مقررا في كتبهم وإن خالفوه) البحر المحيط: (1/263).
وقال الزرقاني في جواب عن هذه الشبهة: (الشبهة الثانية ودفعها:
يقولون إن كتبه إلى العظماء من غير العرب يدعوهم إلى الإسلام تستلزم إقراره على ترجمتها لأنها مشتملة على قرآن وهم أعجام ولأن الروايات الصحيحة ذكرت في صراحة أن هرقل وهو من هؤلاء المدعوين دعا ترجمانه فترجم له الكتاب النبوي وفيه قرآن
والجواب: أن هذه الكتب النبوية لا تستلزم إقرار الرسول على تلك الترجمة العرفية الممنوعة بل هي إذا استلزمت فإنما تستلزم الإقرار على نوع جائز من الترجمة وهو التفسير بغير العربية لأن التفسير بيان ولو من وجه وهو كاف في تفهم مضمون الرسائل المرسلة على أن هذه الرسائل الكريمة لم تشتمل على القرآن كله ولا على آيات كاملة منه بل كل ما فيها مقتبسات نادرة جدا ولا ريب أن المقتبسات من القرآن ليس لها حكم القرآن.
وهاكم نماذج تتبينون منها مبلغ هذه الحقيقة:
فكتابه الذي أرسله مع دحية بن خليفة الكلبي إلى هرقل هذا نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم : سلام على من أتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين وإن توليت فإنما عليك إثم الأريسين أي الفلاحين ويأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون)
فأنت ترى أن ما في هذا الكتاب من القرآن لم يبلغ آية تامة لأن الآية مبتدأة بقوله تعالى قل يأهل الكتاب ولكن الكتاب حذف منه لفظ قل وزيد فيه حرف الواو والحذف والزيادة دليلان ماديان على الاقتباس.
وكتابه الذي بعث به مع عبد الله بن حذافة إلى كسرى هذا نصه (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس : سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وأدعوك بدعاية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فإن توليت فعليك إثم المجوس)
فأنت ترى في هذه الرسالة النبوية أنها اشتملت على كلمة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين على حين أن نص الآية في القرآن الكريم لينذر من كان حيا وهذا دليل الاقتباس.
وقل مثل ذلك في سائر رسائله فإن كتابه إلى المقوقس هو نص كتابه إلى هرقل لا فرق بينهما إلا في كلمة الأريسيين إذا أبدلت بها كلمة القبط وإلا في اسم المرسل إليه ومكانته كما هو واضح.
وكذلك كتابه إلى جيفر وعبد ملكي عمان ليس فيه إلا كلمة لأنذر من كان حيا ويحق القول علىالكافرين وهي التي في رسالته إلى كسرى.) مناهل العرفان: (2/167).
وما زلت أقول أنك لم تأت بسلف لك في هذا القول، وهذا يضعف قولك كثيرا في مقابل هذا الكم الهائل من العلماء،
فأرجو أن تراجع نفسك فالمسألة تتعلق بكتاب الله.
 
إذا كانت المشكلة والحل في هل لي من سلف ، فإليك ما قاله بن بطال في شرحه على البخاري قال:
"واحتج أبو حنيفة بحديث هرقل، وأنه دعا ترجمانه، وترجم له كتاب النبي بلسانه حتى فهمه، فأجاز قراءة القرآن بالفارسية، وقال: إن الصلاة تصح بذلك. وخالفه سائر الفقهاء، وقالوا: لا تصح الصلاة بها. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان يحسن العربية فلا تجزئه الصلاة، وإن كان لا يحسن أجزأه."
فهذا أحد الأئمة الأربعة يجيز قراءة القرآن بالفارسية ، ولا شك أنه يقصد ترجمة نص القرآن.
وهذان الصاحبان يجيزان ما أجازه شيخهما بشرط العجز عن النطق بالعربية.
وهذه مسألة أعظم من المسألة التي نحن بصددها فهم يقولون بقرآنية الترجمة وأنها تجزي مطلقا على قول أبي حنيفة ، وبشرط العجز عن العربية على قول صاحبيه.
وأنا لست مع أبي حنيفة وصاحبيه رحمهم الله فيما ذهبوا إليه.
ثم إن كلام الزركشي نفسه ينقض دعوى الإجماع وتأمل قوله:

"وَرَأَيْتُ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْمَغَارِبَةِ أَنَّ الْمَنْعَ مَخْصُوصٌ بِالتِّلَاوَةِ ، فَأَمَّا مَا تَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ : فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى بَيَانِ الْحُكْمِ الْمُحْكَمِ مِنْهُ وَالْقَرِيبِ الْمَعْنَى بِمِقْدَارِ الضَّرُورَةِ إلَيْهَا مِنْ التَّوْحِيدِ وَأَرْكَانِ الْعِبَادَاتِ ، وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ وَيُؤْمَرُ مَنْ أَرَادَ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ بِتَعَلُّمِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ .
قَالَ : وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ"
وهذا التفريق يحتاج إلى دليل.
وإذا جاز ترجمة البسملة وهي كلام الله، وآية آل عمران كما كتبها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما لا يجوز في بقية القرآن؟

أما بخصوص الترجمة الحرفية والمعنوية فأقول إن ترجمة النص القرآني أبلغ في أداء المعنى من ترجمة قول مفسر أو آخر في معنى الآية.

وتعالوا نأخذ مثالا وليتأمله من يجيد الإنجليزية ثم ليخبرنا على أي شيء يعترض ، قول الله تعالى:
"آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " سورة البقرة(285)

وإذا أخذنا معنى الآية من أيسر التفاسير:
"صدَّق وأيقن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه من ربه وحُقَّ له أن يُوقن، والمؤمنون كذلك صدقوا وعملوا بالقرآن العظيم، كل منهم صدَّق بالله رباً وإلهًا متصفًا بصفات الجلال والكمال، وأن لله ملائكة كرامًا، وأنه أنزل كتبًا، وأرسل إلى خلقه رسلا لا نؤمن -نحن المؤمنين- ببعضهم وننكر بعضهم، بل نؤمن بهم جميعًا. وقال الرسول والمؤمنون: سمعنا يا ربنا ما أوحيت به، وأطعنا في كل ذلك، نرجو أن تغفر -بفضلك- ذنوبنا، فأنت الذي ربَّيتنا بما أنعمت به علينا، وإليك -وحدك- مرجعنا ومصيرنا."

وهذه ترجمة الآية لمن يجيد الإنجليزية:
The Messenger believes in what was revealed to him from his Lord, and the believers; each one believes in God and His angels, and in His Books, and His messengers, 'we make no distinction between any of His messengers'. And they say, 'We hear and obey; Your forgiveness, our Lord; to You is the homecoming'.
 
أما استدلالك بكلام أبي حنيفة فهو خارج عن محل النزاع فهو وارد في مسألة القراءة في الصلاة، ولم يطلق الجواز بل قيده بالضرورة، وعدم العلم بالعربية، وقد نقل عنه غير واحد الرجوع عن هذا القول، بل حكى الزركشي بزندقة من يقول بهذا القول فقال: (على أنه قد صح عن أبي حنيفة الرجوع عن ذلك. حكاه عبد العزيز في شرح البزدوي. والذين لم يطلعوا على الرجوع من أصحابه قالوا: أراد به عند الضرورة والعجز عن القرآن، فإن لم يكن كذلك امتنع، وحكم بزندقة فاعله).
وأما ذكرك لكلام بعض المغاربة فعجيب منك، فهم يقيدونها بقيود لا أدري هل تغافلت عنها؟
أولا: على الضرورة، ثانيا: الاقتصار على العقائد. ثالثا: لا يتعرض لما سوى ذلك، ويؤمر من أراد الزيادة بتعلم العربية.
فانظر إلى فقههم، وقيودهم، وتحرزهم في هذه المسألة، وأنت تطلق الجواز.
وبذلك مازالت حكاية الإجماع قائمة، ولم تنخرم بهذين النقلين.
وقيودهم تذكرني بكلام الزرقاني حيث قال في أسباب التحريم: ( الوجه الثالث: أن محاولة هذه الترجمة تشجع الناس على انصرافهم عن كتاب ربهم مكتفين ببدل أو أبدال يزعمونها ترجمات له وإذا امتد الزمان بهذه الترجمات فسيذهب عنها اسم الترجمة ويبقى اسم القرآن وحده علما عليها ويقولون هذا قرآن بالانجليزية وذاك قرآن بالفرنسية وهكذا.. وهاك شاهدا أبلغ من ذلك كله جاء في ملحق لمجلة الأزهر أن أهالي جاوه المسلمين يقرؤون الترجمة الإفرنجية ويقرئونها أولادهم ويعتقدون أن ما يقرؤون هو القرآن الصحيح...
الوجه الخامس: أننا إذا فتحنا باب هذه الترجمات الضالة تزاحم الناس عليها بالمناكب وعملت كل أمة وكل طائفة على أن تترجم القرآن في زعمها بلغتها الرسمية والعامية ونجم عن ذلك ترجمات كثيرات لا عداد لها وهي بلا شك مختلفة فيما بينها فينشأ عن ذلك الاختلاف في الترجمات خلاف حتمي بين المسلمين أشبه باختلاف اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل)
ولا أشك أن هذه الترجمات ستزهد الناس كثيرا في تعلم اللغة العربية، فإذا كان القرآن موجود حرفيا في لغتنا فما الداعي لتعلم اللغة العربية.
ولا أريد أن أخوض في الترجمة حتى نتفق على هذا الأصل، وهو وجود قائل بهذا القول، وعدم مخالفة إجماع العلماء، والهيئات الشرعية المتخصصة.
 
كيف استدلالي بكلام أبي حنيفة خارج محل النزاع !!؟
هذه والله من الغرائب!!
إذا كان يرى قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة ، فجواز القراءة خارج الصلاة من باب أولى.
وسواء قيده بالضرورة أو عدم العلم بالعربية فهو يرى جواز الترجمة .
وحكياة الزركشي بالزندقة لا تقدم ولا تؤخر فالقول ثابت عن أبي حنيفة.
وإذا كان أبو حنيفة قد رجع عن قوله ، فماذا عن صاحبيه هل رجعا؟
وأما قولك أن المغاربة قيدوها بقيود وقبلها الزركشي فهذه الأخرى من العجائب ، فأين الدليل أولا على التحريم في الأصل ؟ ثم أين الدليل على الجواز بقيود ؟
إن هو إلا التحكم فقط لا غير.
ثم إنك تصر على إجماع وليس هناك إجماع على الإطلاق في المسألة .
المسألة المجمع عليها هو أن الترجمة النصية ليست قرآنا وهذا لا أناقش فيه وكلام الزركشي منصب على هذا
وليس على الترجمة التي يراد بها بيان أمر الله ونهيه وخبرها الوارد في القرآن.
ثم أنت تريد الناس تتحول إلى العربية لتفهم القرآن وهذا من الخيال والمصادمة للواقع.
وحتى نختصر الموضوع هذه الترجمات قد ملأت الدنيا وكلها ترجمات نصية حرفية وليست تفسيرية ونفع الله بها كثير من الناس على مختلف ألسنتهم وعرفوا دين الله من خلالها ودخلوا في دين الله أفواجا ، ولست بعدها بحاجة إلى قائل يقول بالجواز ، لأنه نقاش فيما لا جدوى منه.
أصل الموضوع كان : هل يمكن ترجمة القرآن ترجمة نصية حرفية أو لا يمكن هذا هو محل النزاع ؟
وهذه مسألة يحكم فيها العارفون باللغات وأمور الترجمة.
والله أعلم
وصل الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.

 
هل صحيح أن كل الترجمات نصية حرفية ؟ !
كنت أتصور أن معظم الترجمات تفسيرية ( ينظر المترجم للمعنى الذي قرره المفسرون ثم ينقله إلى لغة أخرى ) وحين يخرج المترجمون عن هذا الإلتزام يقعون في حيص بيص ، وأجد أن معظم الأخطاء الواردة عندهم ناشيء عن هذا ، لكن الأصل عندهم في الترجمة هي الترجمة للمعاني وليس الألفاظ .
وكنت أتصور أن قليلا من الترجمات هي التي اعتمدت الترجمة الحرفية النصية منهجا ، وأكثر هؤلاء كانوا من المستشرقين ومن اتبع منهجهم ، وبسبب هذا كثرعندهم الزلل والتحريف!
أرجو تصحيح معلوماتي هذه إن كانت خطأ !
 
هل صحيح أن كل الترجمات نصية حرفية ؟ !
كنت أتصور أن معظم الترجمات تفسيرية ( ينظر المترجم للمعنى الذي قرره المفسرون ثم ينقله إلى لغة أخرى ) وحين يخرج المترجمون عن هذا الإلتزام يقعون في حيص بيص ، وأجد أن معظم الأخطاء الواردة عندهم ناشيء عن هذا ، لكن الأصل عندهم في الترجمة هي الترجمة للمعاني وليس الألفاظ .
وكنت أتصور أن قليلا من الترجمات هي التي اعتمدت الترجمة الحرفية النصية منهجا ، وأكثر هؤلاء كانوا من المستشرقين ومن اتبع منهجهم ، وبسبب هذا كثرعندهم الزلل والتحريف!
أرجو تصحيح معلوماتي هذه إن كانت خطأ !

الأخ الفاضل محمد
لا أدري هل أنت تستفسر ؟ أو تعترض ؟ أو تقرر ؟
أنت إذا نظرت إلى أي ترجمة من الترجمات المشهورة باللغة الإنجليزية ، تجد النص القرآني الآية ورقمها ومقابلها الترجمة ، وهذه الترجمة واضحة أنها متوجهة إلى نص الآية ، هي تترجم النص الذي أمامها لا غيره.
لو كانت الترجمة للمعاني فلماذا يوضع النص القرآني بجوار الترجمة ؟
إذا كانت الترجمة للمعاني المفترض أن يؤتى بالنص القرآني ومعناه بالعربية ويقال هذه ترجمة لهذه المعاني.
وإذا كان الترجمة تعني فهم المترجم للنص المكتوب أمامه أو النص الذي يسمعه ، فالحكم على دقة الترجمه أو أنها زلت أو انحرفت ، هذا امر تختلف فيه الأنظار والأفهام .
وإذا كنت ترى أن هناك إنحرافا وزللا في الترجمة فهذا إقرار منك أنك تعلم ما هو الصح وماذا يجب أن تكون عليه الترجمة حتى تكون صحيحة ، وأن الترجمة ممكنة.
ثم تقول إن الترجمات الحرفية قليلة ...
فأقول أين هي ترجمات المعاني ؟ أو أين هي الترجمات التفسيرية ؟
هل ممكن أن تدلني على واحدة منها؟
 
أما قولك: (كيف استدلالي بكلام أبي حنيفة خارج محل النزاع !!؟
هذه والله من الغرائب!!إذا كان يرى قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة ، فجواز القراءة خارج الصلاة من باب أولى.وسواء قيده بالضرورة أو عدم العلم بالعربية فهو يرى جواز الترجمة).
فأقول: فرق واضح لمن يعرف مناط الأحكام بين الأمرين: جواز الترجمة الحرفية، وقراءة القرآن في الصلاة لمن لا يجيد العربية فقط(عند الضرورة).
وأما قولك: (وأما قولك أن المغاربة قيدوها بقيود وقبلها الزركشي فهذه الأخرى من العجائب ، فأين الدليل أولا على التحريم في الأصل ؟ ثم أين الدليل على الجواز بقيود ؟إن هو إلا التحكم فقط لا غير).
أقول: إذاً أنت تعترض على قولهم، وتعترف بفهمك الخاطئ.
وقولك: (المسألة المجمع عليها هو أن الترجمة النصية ليست قرآنا وهذا لا أناقش فيه وكلام الزركشي منصب على هذا وليس على الترجمة التي يراد بها بيان أمر الله ونهيه وخبرها الوارد في القرآن).
فأقول: وهذا أيضا تحكم منك في كلام العلماء، وتغيير لفتواهم، وما هو إلا تحكم منك.
وقولك: (ثم أنت تريد الناس تتحول إلى العربية لتفهم القرآن وهذا من الخيال والمصادمة للواقع.
وحتى نختصر الموضوع هذه الترجمات قد ملأت الدنيا وكلها ترجمات نصية حرفية وليست تفسيرية ونفع الله بها كثير من الناس على مختلف ألسنتهم وعرفوا دين الله من خلالها ودخلوا في دين الله أفواجا ، (ولست بعدها بحاجة إلى قائل يقول بالجواز ، لأنه نقاش فيما لا جدوى منه)).
فأقول: إذاً المسألة لديك ليست رجوعا لأهل العلم وإنما هي اتباع للموجود،وهو كلام خطير للغاية يؤكد أنك لا ترفع رأسا بأقوال هؤلاء العلماء،وهذا هو الخلاصة فعلا وسبب اصرارك على القول بالجواز، وكان المفروض أن تصرح بذلك من بداية النقاش حتى تتبين لنا المسألة بوضوح، ولا أحتاج حينها إلى ذكر أقوال العلماء، والهيئات الشرعية، وكنت أتعجب من قولك في نقاش سابق: (نحن أمام تنظير وأمر واقع)، فأقول في نفسي وهل هؤلاء العلماء ينطلقون من غير الواقع.
والخلاصة: أننا أمام أقوال لأئمة كبار وهيئات شرعية فلا يجوز لنا أن نخالفها لأمور متوهمة،ونتجاهل هذه الأقوال وحكاية الإجماع على التحريم، وحتى لو لم نقل بالإجماع فإن اجتماع هؤلاء الأعلام بهذا العدد يجعل الباحث عن الحق، والمنصف يتوقف كثيرا قبل مخالفتهم، خاصة أننا لم نقف حتى الآن على قول صريح لمتقدم أو متأخر في القول بالجواز، والوسائل في الدعوة يجب أن تكون شرعية، وإلا فهي ممحوقة البركة، هدمها أكثر من بنائها.
وقولك الأخير أين هي الترجمات المعنوية؟ فلا أدري أين أنت عن أهم ترجمتين وهي ترجمة مجمع الملك فهد، وترجمة دار السلام، فقد نصت على أنها ترجمات لمعاني القرآن الكريم، في عناوينها، وهذا ما يؤكد لي أنك لا تميز بين الترجمة الحرفية والمعنوية، وصلى الله على نبينا محمد.
 
أما قولك: (كيف استدلالي بكلام أبي حنيفة خارج محل النزاع !!؟
هذه والله من الغرائب!!إذا كان يرى قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة ، فجواز القراءة خارج الصلاة من باب أولى.وسواء قيده بالضرورة أو عدم العلم بالعربية فهو يرى جواز الترجمة).
فأقول: فرق واضح لمن يعرف مناط الأحكام بين الأمرين: جواز الترجمة الحرفية، وقراءة القرآن في الصلاة لمن لا يجيد العربية فقط(عند الضرورة).
وأما قولك: (وأما قولك أن المغاربة قيدوها بقيود وقبلها الزركشي فهذه الأخرى من العجائب ، فأين الدليل أولا على التحريم في الأصل ؟ ثم أين الدليل على الجواز بقيود ؟إن هو إلا التحكم فقط لا غير).
أقول: إذاً أنت تعترض على قولهم، وتعترف بفهمك الخاطئ.
وقولك: (المسألة المجمع عليها هو أن الترجمة النصية ليست قرآنا وهذا لا أناقش فيه وكلام الزركشي منصب على هذا وليس على الترجمة التي يراد بها بيان أمر الله ونهيه وخبرها الوارد في القرآن).
فأقول: وهذا أيضا تحكم منك في كلام العلماء، وتغيير لفتواهم، وما هو إلا تحكم منك.
وقولك: (ثم أنت تريد الناس تتحول إلى العربية لتفهم القرآن وهذا من الخيال والمصادمة للواقع.
وحتى نختصر الموضوع هذه الترجمات قد ملأت الدنيا وكلها ترجمات نصية حرفية وليست تفسيرية ونفع الله بها كثير من الناس على مختلف ألسنتهم وعرفوا دين الله من خلالها ودخلوا في دين الله أفواجا ، (ولست بعدها بحاجة إلى قائل يقول بالجواز ، لأنه نقاش فيما لا جدوى منه)).
فأقول: إذاً المسألة لديك ليست رجوعا لأهل العلم وإنما هي اتباع للموجود،وهو كلام خطير للغاية يؤكد أنك لا ترفع رأسا بأقوال هؤلاء العلماء،وهذا هو الخلاصة فعلا وسبب اصرارك على القول بالجواز، وكان المفروض أن تصرح بذلك من بداية النقاش حتى تتبين لنا المسألة بوضوح، ولا أحتاج حينها إلى ذكر أقوال العلماء، والهيئات الشرعية، وكنت أتعجب من قولك في نقاش سابق: (نحن أمام تنظير وأمر واقع)، فأقول في نفسي وهل هؤلاء العلماء ينطلقون من غير الواقع.
والخلاصة: أننا أمام أقوال لأئمة كبار وهيئات شرعية فلا يجوز لنا أن نخالفها لأمور متوهمة،ونتجاهل هذه الأقوال وحكاية الإجماع على التحريم، وحتى لو لم نقل بالإجماع فإن اجتماع هؤلاء الأعلام بهذا العدد يجعل الباحث عن الحق، والمنصف يتوقف كثيرا قبل مخالفتهم، خاصة أننا لم نقف حتى الآن على قول صريح لمتقدم أو متأخر في القول بالجواز، والوسائل في الدعوة يجب أن تكون شرعية، وإلا فهي ممحوقة البركة، هدمها أكثر من بنائها.
وقولك الأخير أين هي الترجمات المعنوية؟ فلا أدري أين أنت عن أهم ترجمتين وهي ترجمة مجمع الملك فهد، وترجمة دار السلام، فقد نصت على أنها ترجمات لمعاني القرآن الكريم، في عناوينها، وهذا ما يؤكد لي أنك لا تميز بين الترجمة الحرفية والمعنوية، وصلى الله على نبينا محمد.

معذرة يا أخ محمد
يبدو أن طريقتي في الفهم مختلفة عن طريقتك ولهذا لن أرد على ردك.
ولكن سأرد على الجزء باللون الأحمر
فربما اللون يجعلني أميز بين الأمور
أنت تعلقت بالعنوان ورأيت أنهم قالوا ترجمة معاني القرآن ، فقلت ـ وأنت أستاذ جامعي ـ خلاص الترجمة للمعاني وليست للنص القرآني.
وأنا أقول لك هذه ترجمة مجمع الملك فهد لسورة الفاتحة :
فإذا كان لك علم بالإنجليزة وهذه في نظرك ترجمة لمعاني الفاتحة ، فهل ممكن أن تعطينا الترجمة الحرفية التي ترى حرمتها وعدم جوازها ، أو قريبا منها. وحينها أكن لك من الشاكرين أن جعلتني أميز بين الترجمة الحرفية وترجمة المعنى.
أوعلى الأقل أرني المعنى الذي جاءت هذه الترجمة له.


1. In the Name of Allâh, the Most Gracious, the Most Merciful

2. All the praises and thanks be to Allâh, the Lord[1] of the ‘Âlamîn (mankind, jinn and all that exists).

3. The Most Gracious, the Most Merciful.

4. The Only Owner (and the Only Ruling Judge) of the Day of Recompense (i.e. the Day of Resurrection)

5. You (Alone) we worship, and You (Alone) we ask for help (for each and everything).

6. Guide us to the Straight Way .

7. The Way of those on whom You have bestowed Your Grace[4] , not (the way) of those who earned Your Anger (i.e. those who knew the Truth, but did not follow it) nor of those who went astray (i.e. those who did not follow the Truth out of ignorance and error).

 
الظاهر أني سأعيد النقاش، وأكرر ما لا يحتاج إلى تكرار، ولاحظ أنك تتجاهل كثيرا من الأدلة التي أوردها، وهذا ليس بنقاش علمي يراد له الوصول للحق، أما أنا فلا أتجاوز نقطة توردها إلا وأناقشها وأفندها، وألاحظ أيضا أنك تريد إخراج النقاش من دائرة الشرعيين إلى أهل اللغة والترجمة، ولم تجبني أولا: ما سبب اجتماع هؤلاء العلماء والهيئات الشرعية كلهم من المتقدمين والمتأخرين على هذا القول؟ هل تحاول اقناعي بأنك على صواب وهؤلاء على خطأ مع ظهور أدلتهم، وأنت ليس لك سلف في هذا القول إلا الواقع الذي تريد فرضه فقط، وبعض الأدلة التي تبين أنها مجرد شبهات.
وصرحت في آخر حديثك بأمرين:
الأول: أنك لست في حاجة إلى قائل بالجواز لأن الترجمات ملأت الدنيا وبينت لك خطورة هذا الأمر.
الثاني: أن هذه المسألة وهي الترجمة النصية الحرفية يحكم فيها العالمون باللغات والترجمة.
ومن هاهنا علمت أنك لست على استعداد للرجوع إلى أهل العلم في هذه المسألة إلا لأجل الترخص والبحث عن من يوافق ما تعتقد، وفرض الواقع فقط، ولذا فأنا أتوقف عن النقاش هنا، لأن المسألة لم تعد شرعية بالنسبة لديك كما صرحت بذلك، وأنك لست في حاجة إلى قائل بالجواز، وصلى الله على نبينا محمد.
 
وهذا من باب الفائدة جزء من بحث محكم للدكتور محمد بن صالح الفوزان قدمه في ندوة نظمها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، فيه تحرير مهم لأقسام الترجمة لعله يوضح بعض الإشكال:
أقسام الترجمة
عند تأمل أقسام الترجمة التي ذكرها الباحثون، نجد أن التقسيم اجتهادي وأن هناك تداخلاً بين الأقسام، ولعل من أسباب ذلك، عدم الدقة في تحديد ضوابط كل قسم، والمراد به، ولا شك أن هذا التداخل سبب إشكالات عند ذكر حكم الترجمة. وبعد التأمل في حقيقة الترجمة والأقسام التي ذكرها بعض العلماء، ترجح لديّ أن ترجمة القرآن على أربعة أقسام، هي :
1- الترجمة الحرفية بالمثل، وبعضهم قد يسميها "لفظية" ومعناها: أن يُترجم نظم القرآن بلغة أخرى تحاكيه، بحيث تحل المفردة محل المفردة والأسلوب محل الأسلوب، وفيها يعمد المترجمُ إلى كل كلمة في الأصل يفهمها ويستبدل بها كلمة تساويها في اللغة المترجم لها، وإن أدَّى ذلك إلى خفاء المعنى المراد من الأصل، بسبب اختلاف اللغتين في مواقع استعمال الكلام في المعاني المرادة إلفاً واستحساناً .
وهذه الترجمة تكاد تكون مستحيلة، لأنها حتى تكون ممكنة لابد من أمرين:
أ- وجود مفردات في اللغة المترجم لها مساوية للمفردات في اللغة المترجم منها، حتى يمكن أن تحل كل مفردة في الترجمة محل نظيرتها في الأصل.
ب- تشابه اللغتين في الضمائر من حيث عودها واستتارها، وروابط المفردات كالعطف والاستثناء، إلى غير ذلك مما يؤلف التراكيب.
وهذان الشرطان عسيران عند ترجمة كلام الناس، فما بالك بالقرآن الكريم، كلام رب العالمين، المعجز؟ ولذلك حكم باستحالة الترجمة الحرفية بالمثل للقرآن الكريم.
2- الترجمة الحرفية بغير المثل، وهي أن يترجم نظم القرآن بقدر طاقة المترجم، ولا يلتزم لفظاً مقابل لفظ، بل المهم عند المترجم التراكيب وحسن تصوير المعاني والأغراض.
ووجه اختلاف هذه عن السابقة "الحرفية بالمثل" أنه في الأولى يلتزم المترجم بالألفاظ لفظاً مكان لفظ، ولا ينظر للمعنى، بينما في الثانية "الحرفية بغير المثل" ينظر للمعاني لكنه حسب نظم القرآن وترتيبه دون زيادة أو بيان، فليس قصده البيان والتفسير كما في الترجمة "التفسيرية" الآتية. وبعضهم يسمي هذه الترجمة بـ"المعنوية".
3- الترجمة التفسيرية "ترجمة معاني القرآن الكريم" وحقيقة هذا القسم أنه شرح وبيان لمعاني القرآن بلغة أخرى، دون محافظة على نظم الأصل وترتيبه، فالمترجم يسعى لشرح معاني القرآن وبيان مدلوله، وإيضاح مجمله، وتقييد مطلقه، واستنباط الأحكام، وتوجيه المعاني، وذكر سبب وأحوال النـزول إلى غير ذلك من المعاني التي يقصدها المفسر، فهي تفسير للقرآن لكن بلغة أخرى، ويكون طولها وقصرها حسب نهج المفسر ولا علاقة للنظم بها، فقد يفسر آية في صفحات، وقد يفسرها في بضع كلمات وهذا القسم يسميه بعضهم "الترجمة التفسيرية" ويسميه آخرون "ترجمة معاني القرآن" ولا مشاحة في الاصطلاح والاسم، إذا انضبط المعنى المراد. والأولى أن يُسمى: "تفسير القرآن بلغة كذا" للبعد عن اللبس.
ولابد هنا أن يتضح لنا الفرق بين "التفسيرية" و "الحرفية بغير المثل" إذ التداخل حاصل بينهما عند بعض الباحثين، وبعضهم لا يفرق بينهما، ويراهما شيئاً واحداً، والحقيقة أن بينهما فرقاً وإن كان دقيقاً، ولتوضيح هذا الفرق أقول:
في الترجمة الحرفية "بغير المثل" "المعنوية" يراعي المترجم نظم القرآن وترتيبه، فالمترجم يريد أن يأتي ببناء للقرآن مرتب حسب ترتيبه، باللغة التي يترجم لها، يستغني به عن الأصل، لكنه لا يلتزم الألفاظ كما في "الحرفية المثلية"، وليس شرحاً وبياناً للمعاني كما في "التفسيرية"، والمترجم في التفسيرية لا صلة له بالأصل المفسر إلا من جهة شرحه وبيانه، فهو يبني تفسيراً للأصل ليس بديلاً له. وإليك هذه الفروق بين الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" والتفسير بلغة الأصل، أو بلغة أخرى "الترجمة التفسيرية" لعلها تجلي لك الفوارق بين الأقسام:
1- أن الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" صيغة استقلالية يراعى فيها الاستغناء بها عن أصلها، وحلولها محله، بخلافالتفسيرفهو يريد أن يشرح ويبين هذا الأصل ولا يبني بديلاً له.
2- أن الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" لا يجوز فيها الاستطراد؛ لأنها صورة مطابقة للأصل، فلابد أن تساويه بدون زيادة، بخلاف التفسير فيزيد المفسر حسب منهجه في التفسير.
3- الترجمة الحرفية، تتضمن دعوى الوفاء بجميع معاني الأصل ومقاصده، بخلاف التفسير فهو قائم على الإيضاح بطريق الإجمال أو التفصيل، فقد يتناول المعاني كافة أو بعضها، حسب ظروف المفسر ومن يفسر له.
4- ترجمة التفسير:
والمراد أن يترجم تفسير القرآن الكريم، المكتوب باللغة العربية، سواء ألَّف قصداً لأجل الترجمة، أو اختير أحد التفاسير الموجودة ثم ترجمت، وجهد المترجم في هذا القسم يتوجه إلى ترجمة كلام المفسر، ولكنها لا تخلو من إشكالات قد تواجه المترجم، والترجمة تحتاج إلى منهج حتى تخرج بالصورة الشرعية الصحيحة وسيأتي الحديث عنه قريباً إن شاء الله.
حكم الترجمة
وإذا تأملنا أقسام الترجمة السابقة والفروق بينها يمكن أن نخلص إلى :
1- الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" حكمها واحد.
2- الترجمة التفسيرية أو كما يسميها بعضهم "ترجمة معاني القرآن" أو "تفسير القرآن بلغة أخرى" وترجمة التفسير حكمها واحد، إلا أن الحديث عنها يتطرق إلى أيهما أولى: أن نترجم معاني القرآن نفسره بلغة أخرى أو نترجم التفسير المكتوب باللغة العربية؟
ومن خلال هذين المحورين سوف يكون الحديث عن حكم الترجمة.
حكم الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية"
قلنا : إن الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" حكمها واحد، لأنه ليس ثمة ترجمة مثلية تماماً، فالذين أرادوا ترجمة القرآن ترجمة حرفية مثلية "لفظية" تعذَّر عليهم ذلك، لأنهم وجدوا أنفسهم مضطرين للتعرض للنص بالتقديم والتأخير، بل لم يلتزموا بهذا، حيث عمدوا إلى إجراء تبديل للألفاظ والتراكيب، باختيار ألفاظ وتراكيب أخرى، ولهذا سموها "معنوية". وأخذ هذا الاسم شهرة، حتى كأنه أعطى انطباعاً بتحقق المطلب في ترجمة القرآن الكريم بأمانة.
وإذا كانت الترجمة الحرفية المثلية "اللفظية" مستحيلة وغير ممكنة -وسبق أن ذكرنا بعض أوجه استحالتها- فإن الترجمة الحرفية "بغير المثل" "المعنوية" هي التي جرت حولها المعركة الخلافية وأجازها بعضهم مثل الشيخ محمد مصطفى المراغي، ومحمد فريد وجدي وغيرهم. ومن حجج المجيزين:
1- أن الدعوة للإسلام عامة لا تختص بفئة دون فئة، وهذا التبليغ يتوقف على ترجمة القرآن؛ لأنهم لا يعرفون العربية، ولا يمكن تكليفهم بتعلّم العربية.
2- أن الذين ترجموا القرآن إلى اللغات الأخرى أخطؤوا أخطاء فاحشة، فإذا نحن ترجمنا القرآن بعناية، أمكن أن نوقف تلك الأخطاء ونصححها.
3- أن القراءة في الصلاة واجبة، ومن لا يجيد أن يقرأ القرآن إلا بلغته، ولا يستطيع القراءة بالعربية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فلابد أن يترجم له ما تصح به صلاته.
4- يقولون: إن المحذور الذي يخشى منه في الترجمة موجود في التفسير باللفظ العربي، ولم يقل أحد بمنعه.
5- احتجوا بأقوال تنسب لبعض العلماء كالقول المروي عن أبي حنيفة –وقد سبق ذكره ونقل رجوعه عنه – وكقول الزمخشري عند تفسير قوله تعالى: ]وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ[[ الشعراء:196]، قال: "وبه يُحتج لأبي حنيفة في جواز القراءة بالفارسية في الصلاة، على أن القرآن قرآن، إذا ترجم بغير العربية…".
وقد تصدى للإجابة عن هذه الشبه الشيخ محمد رشيد رضا، والشيخ محمد الزرقاني، والشيخ محمد سليمان، وغيرهم.
وذهب جمهور علماء الأمة إلى منع ترجمة القرآن ترجمة حرفية "غير مثلية" "معنوية" وعدم جواز ذلك، وهو الصواب. ومن حجتهم على ذلك ما يلي:
1- لم يترجم الرسول e القرآن الكريم، ولا أمر به، ولم يفعله الصحابة والتابعون لهم على طريقهم، والخير في اتباع نهجهم.
2- عند ترجمة القرآن سوف تُفقد أهدافه، فالقرآن جاء لهدفين:
أ‌- مصدر تشريع وهداية، وهذا في القرآن العربي المنـزل، والمترجم هو فهم رجل للقرآن فلا يعتمد عليه بأخذ الدين منه، فيكون ضاع هذا الهدف العظيم.
ب‌- القرآن هو المعجزة التي تحدى بها النبي e الخلق، وهو دلالة نبوته، وبالترجمة يضيع هذا الهدف.
3- القرآن الكريم هو اللفظ العربي المنـزل على الرسول e وهو الذي له خصائص وأحكام، مثل: التعبد بتلاوته، وثواب قراءته، وغير ذلك، وهذه الخصائص لا تثبت للمترجم فيفقد القرآن تلك الخصائص.
4- إذا فتح باب الترجمة، فسوف تتعدد الترجمات، القرآن التركي، القرآن الهندي، الإنكليزي… الخ ولابد أن يكون بين هذه الترجمات فروق فيحصل خلاف بين الأمة، كما حصل عند النصارى واليهود في كتبهم حين ترجمت، وقد حفظ الله هذه الأمة من ذلك، كما أنه قد يدفع للتعصب، إذ تتجه كل فئة للترجمة بلغتها، وتدعي أن ترجمتها أصح وأسلم.
5- في الترجمة تشجيع للناس على الانصراف عن القرآن والاكتفاء بالمترجم بدله، ومع امتداد الوقت ربما أطلقوا عليه الاسم وحذفوا "ترجمة" فيقال: "هذا القرآن"، وهذا ما حصل في بعض بلاد المسلمين، وهذه التوراة والإنجيل يطلقون عليهما ذلك مع أنهما ترجمتان لأصلين عبرانيين باعترافهم.
6- في الترجمة إضعاف للغة العربية، وتثبيط للتوجه لتعلمها، وحسر لانتشارها، فالقرآن هو الذي قوى لغة العرب ونشرها، واللغة هي الرابطة بين المسلمين ورمز وحدتهم، وأقوى وسيلة للدفاع عنها بقاء القرآن الكريم على لغته التي نـزل بها، والمسألة مرتبطة بالهزيمة داخل الأمة، ومسألة الترجمة جزء منها.
7- في القرآن مواضع يصعب ترجمتها مثل الآيات التي فيها أسماء الله وصفاته، وبعض المصطلحات الشرعية، مثل: الصلاة والصيام، وبعض الألفاظ العقدية، مثل: الإيمان، والأعلام، مثل: الكعبة ونحوها، فإذا حاول المترجم ترجمتها فسوف يحيلها عن مدلولها الصحيح.
8- تبليغ الإسلام للناس لا يتم عن طريق ترجمة القرآن وإنما عن طريق ترجمة تعاليم الإسلام ومحاسنه، ويمكن أن يترجم تفسير القرآن، وقبل ذلك دعوتهم لتعلّم اللغة العربية.
9- في فتح باب الترجمة، تسهيل للفرق المنحرفة للدخول من هذا الباب حيث تترجم القرآن حسب معتقداتها المنحرفة كما فعل القاديانيون، حيث ترجموا القرآن إلى أغلب اللغات الأوربية، كما ترجموه إلى السواحلية لأهمية هذه اللغة التي تستعمل في شرق ووسط إفريقيا.
هذه بعض الوجوه والحجج الدالة على عدم جواز ترجمة القرآن ترجمة حرفية "غير مثلية" "معنوية".
ونتبع هذه الحجج بأقوال العلماء في هذا النوع من الترجمة للقرآن، فهذا الإمام الشافعي - رحمه الله – بعد أن ساق الأدلة على نـزول القرآن بلسان العرب، قال: "فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، حتى يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ويتلو به كتاب الله وينطق بالذكر فيما افترض الله عليه من التكبير، وأُمر به من التسبيح والتشهد وغير ذلك".
ويقول ابن قتيبة - رحمه الله – بعد أن ذكر ميزات كلام العرب : "وبكل هذه المذاهب نـزل القرآن؛ ولذلك لا يقدر أحد من التراجم على أن ينقله إلى شيء من الألسنة، كما نقل الإنجيل عن السريانية إلى الحبشية، والرُّومية، وترجمت التوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى بالعربية؛ لأن العجم لم تتسع في المجاز اتساع العرب".
ويقول الشاطبي - رحمه الله – بعد أن تكلم على دلالة ألفاظ اللغة العربية : "وإذا ثبت هذا، فلا يمكن من عدّ هذا الوجه الأخير أن يترجم كلاماً من الكلام العربي بكلام العجم على حال، فضلاً عن أن يترجم القرآن وينقله إلى لسان غير عربي…". ويقول النووي - رحمه الله – "مذهبنا أنه لا يجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب، سواء أمكنته العربية أو عجز عنها، وسواء كان في الصلاة أو غيرها، فإن أتى بترجمته بدلاً عن القراءة لم تصح صلاته، سواء أحسن القراءة أم لا، هذا مذهبنا وبه قال جماهير العلماء منهم مالك وأحمد وداود…".
ثم يقول: "… ترجمة القرآن ليست قرآناً بإجماع المسلمين ومحاولة الدليل لهذا تكلف، فليس أحد يخالف في أن من تكلم بمعنى القرآن بالهندية ليست قرآناً، وليس ما لفظ به قرآناً، ومن خالف في هذا كان مراغماً جاحداً، وتفسير شعر "امرئ القيس" ليس شعره، فكيف يكون تفسير القرآن قرآناً …"؟
بل إن الذين حاولوا الترجمة من المستشرقين وغيرهم يعترفون بالعجز عن التعبير عن المعنى الأصلي لآيات القرآن، فهذا الأستاذ الدكتور "إدوارد نتيت" من جامعة جنور بفرنسا، عبر عن هذا العجز في مقدمة ترجمته للقرآن من العربية إلى الفرنسية قال: "…فالذين يقرؤون القرآن باللغة العربية ويفهمونه متفقون على تنظيم جمال هذا الكتاب الديني، وفي تعظيم كمال أسلوبه في غاية الكمال الذي يعجز المرء عن التعبير عنه بأي ترجمة وبأي لغة من اللغات الأوربية".
وهذا "جورج سيل" من مترجمي القرآن للغة الإنكليزية يقول: "مهما حاولت أن أترجم القرآن لم أستطع ترجمته كما هو، وسيرى قرائي أنني لم أوفق للتعبير الصادق الصحيح عن متن القرآن".
 
و ممن قال بحرمة ترجمة القرآن العظيم الي اللغات الاعجمية و صنفوا فيها تصانيف مفردة و لم يذكرهم الشيخ الفاضل محسن المطيري :
1- الشيخ مصطفي صبري رحمه الله الحنفي مذهبا اخر شيوخ الإسلام في الدولة العثمانية, صنف في المسألة كتاب (( مسألة ترجمة القرآن )) ط 1351.
2- الشيخ محمد سليمان رحمه الله نائب المحكمة الشرعية العليا في مصر, صنف كتاب (( حدث الأحداث في الإسلام : الأقدام علي ترجمة القرآن )) ط 1355.
3- الشيخ محمد مصطفى الشاطر رحمه الله قاضي المحكمة الشرعية , صنف كتاب (( القول السديد في حكم ترجمة القرآن المجيد )) ط 1355.
 
في ترجمة الشيخ الهلالي و الدكتور محمد خان ( طبعة الملك فهد) قاما بترجمة حرفية, وإذا كان معنى الآية ,المترجمة بالإنجليزية, مبهم, يقومان بوضع المعنى بين قوسين للتوضيح. وربما لهذا السبب عنون المترجمان لطبعتهما بترجمة معاني القرآن.
 
.....
أما بخصوص الترجمة الحرفية والمعنوية فأقول إن ترجمة النص القرآني أبلغ في أداء المعنى من ترجمة قول مفسر أو آخر في معنى الآية.

وتعالوا نأخذ مثالا وليتأمله من يجيد الإنجليزية ثم ليخبرنا على أي شيء يعترض ، قول الله تعالى:
"آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " سورة البقرة(285)

وإذا أخذنا معنى الآية من أيسر التفاسير:
"صدَّق وأيقن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه من ربه وحُقَّ له أن يُوقن، والمؤمنون كذلك صدقوا وعملوا بالقرآن العظيم، كل منهم صدَّق بالله رباً وإلهًا متصفًا بصفات الجلال والكمال، وأن لله ملائكة كرامًا، وأنه أنزل كتبًا، وأرسل إلى خلقه رسلا لا نؤمن -نحن المؤمنين- ببعضهم وننكر بعضهم، بل نؤمن بهم جميعًا. وقال الرسول والمؤمنون: سمعنا يا ربنا ما أوحيت به، وأطعنا في كل ذلك، نرجو أن تغفر -بفضلك- ذنوبنا، فأنت الذي ربَّيتنا بما أنعمت به علينا، وإليك -وحدك- مرجعنا ومصيرنا."

وهذه ترجمة الآية لمن يجيد الإنجليزية:

The Messenger believes in what was revealed to him from his Lord, and the believers; each one believes in God and His angels, and in His Books, and His messengers, 'we make no distinction between any of His messengers'. And they say, 'We hear and obey; Your forgiveness, our Lord; to You is the homecoming'.

ألا ترى أخي أن الترجمة الحرفية أو اللفظية هنا لا تفي بالمعنى المراد ؛ فمثلا :
1 - ترجمة لفظ { الرسول }بلفظ ( the messenger ) لا يؤدي المعنى المراد ؛ لأنه يعني حامل الرسالة ، حامل أي رسالة . message .

2 - هل كلمة ( his Lord ) بمعنى سيده تعني أو تعادل اللفظ { رَبِّهِ }؟!

3 - هل كلمة ( reveald ) تعني أو تعادل لفظ { أنزل إليه } ؟ !

4 - هل كلمة ( the homecoming ) بمعنى العودة للبيت أو الوطن تعني أو تعادل اللفظ القرآني { الْمَصِيرُ } ؟!
 
1- أن الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" صيغة استقلالية يراعى فيها الاستغناء بها عن أصلها، وحلولها محله، بخلافالتفسيرفهو يريد أن يشرح ويبين هذا الأصل ولا يبني بديلاً له.
2- أن الترجمة الحرفية "مثلية" و"غير مثلية" لا يجوز فيها الاستطراد؛ لأنها صورة مطابقة للأصل، فلابد أن تساويه بدون زيادة، بخلاف التفسير فيزيد المفسر حسب منهجه في التفسير.
3- الترجمة الحرفية، تتضمن دعوى الوفاء بجميع معاني الأصل ومقاصده، بخلاف التفسير فهو قائم على الإيضاح بطريق الإجمال أو التفصيل، فقد يتناول المعاني كافة أو بعضها، حسب ظروف المفسر ومن يفسر له.

المصدر: http://vb.tafsir.net/tafsir27371/#ixzz2Hsu3PRY0

هذه الفروق ليست مؤثرة و لا حقيقية فيما يبدو لي...و الفرق الوحيد المؤثر و الذي عليه مناط كل الاختلاف و ايضا يصح ان يبنى عليه حكايات الاجماع المذكورة ...هو الادعاء قولا او فعلا بأن الترجمة كافية شافية عن الأصل...سواء سميت مثلية او شبه مثلية او تفسيرية او ما كاتت...فلم يكن في عرف الأوائل الالتفات الى هذه الاصطلاحات الحادثة بعدهم ..و اعتبار هذا الفرق في الحكم هو الذي يجمع بين الأدلة التي قد تبدو متناقضة من الأحاديث و مذاهب الكبار...و حوله تنسجم المصالح و المفاسد سواء الواقعة كالنفع الذي حصل بانتشار الترجمات دون كبير ضرر او المتوقعة كأن نسلك سبيل أهل الكتاب من قبلنا و ننبذ كتاب الله وراء ظهورنا ونختلف عليه و لا يضرب فقه الواقع بآراء الرجال و لا آراء الرجال و ملاحظهم تنقض بفقه الواقع...و صدق الامام احمد أكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس...
 
عودة
أعلى