ثم إن موضوع الآية المستفهم عنها لاعلاقة له بالمعنى ، بل في سر التعبير أو قل في الملحة في اختيار لفظة الكفار دون لفظة الزراع[/size][/color]
الموضوع بكامله يدور حول: المراد بالكفار في الآية ؟ هل هي بالمعنى اللغوي أو الشرعي .
والتعرض للسر فيه أو الملحة = ملحة في الموضوع لا أثر لها ذا بال .
وكأنك تذهب إلى أن المعنى الشرعي في الآية صحيحٌ حين لا نعتبر مفهوم المخالفة , ولا يكون لازماً لنا هنا , فلا ينطبق الشرط الذي ذكرتُهُ حينذاك . ولك ذلك .
لكن أخي أبا الحارث السائل في الموضوع ذكر مفهوم المخالفة فأجبته بما يرده من قريب .
نعم الشرط الذي ذكرتُه ليس وجهاً مباشراً في الترجيح كغيره من الوجوه التي سأذكرها , غير أنه تبادر إلى ذهني من باب الإفادة به , وبينك وبين أن تعتبره أمران لازمان :
الأول : أن تدرك وجوه الترجيح المباشرة للقول بالمعنى اللغوي للَّفظة , والتي منها :
1: أني لم أجد من فسر هذه اللفظة بالمعنى الشرعي ممن سبق من مفسري السلف فمن بعدهم , بل كُلُّهم -فيما اطلعت- على أن المراد الزُّرَّاع . فإن لم يكن قول جميعهم فهو قول جمهورهم .
2: ثم في الأخذ بالمعنى الشرعي لهذه اللفظة هنا نزول بالمعنى عن التمام ؛ فإن السِّرَّ في تخصيص الكفار بالذكر عن المؤمنين غير ظاهر , ولم أجد من عرَّج عليه .
3
: في حين أن الأخذ بالمعنى اللغوي هنا هو المتبادر من السياق في عموم الخلق مؤمنهم وكافرهم .
4: وكذلك لفظ الآية المُصَدَّر بقوله {اعلموا} الشامل للصنفين .
5: وبه يتم التشبيه المقصود فيها .
6: وحيث كانت أوجه الافتتان بالدنيا في الآية {لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد} عامة لجميع الخلق وواقعة منهم , فكذلك التشبيه المقابل عام في كل من يغتر بما هو زائل , أياً ما كان دينه ؛ إذ لا أثر له في تمام التشبيه .
7: ثم ختم الآية بما يؤكد العموم للصنفين : {وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان} .
والثاني : أن تعتبر مفهوم المخالفة ؛ حين تقول بأن المراد : الكفار بالله . وهو: أن النبات من بعد الغيث لا يعجب المؤمنين .
فهناك ترى هذا الوجه المتأخر من وجوه الترجيح (الشرط الذي ذكرته) مناسباً وصحيحاً ومفيداً نوعاً من التقديم لهذا المعنى , وإن كان على العموم ليس بحاجة إليه .
لكن يكفي أن نقرر هنا أنه
وجهٌ وشرطٌ صحيح معتبر في اختيار المعنى اللغوي لكلمة الكفَّار .
أرجو بهذا أن يكون التطبيق صحيحاً , والله الموفق .