سؤال في كلام ابن عاشور.

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع البسام
  • تاريخ البدء تاريخ البدء

البسام

New member
إنضم
27/06/2007
المشاركات
165
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
السلام عليكم.
عند قول الله تعالى: (ومن يُؤتَ الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا)، قال ابن عاشور: "وقرأ الجمهور {ومن يُؤت} بفتح المثناة الفوقية بصيغة المبني للنائب، على أن ضمير يُؤت نائب فاعل عائد على من الموصولة وهو رابط الصلة بالموصول".
وسؤالي: لِمَ جعل ابن عاشور (من) في الآية موصولة، على الرغم من كونها شرطية بدليل جزم الفعل بعدها؟
وشكرًا لكم.
 
(من) و(ما) الشرطيتان يتضمنان معنى (من) و(ما) الموصوليتين ، وعليه فلا ضير في إطلاق اسم الموصولية عليها معنى ، وإن كان جزم الفعل يقتضي جعلها شرطية ؛ لأنها هي الجازمة ، كقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا) فإن شئت قلت : ( والذي يتقي يجعل له مخرجا ) ...
 
قد يكون الفعل مرفوعا، وليس حذف الياء في الرسم بدليل على الجزم، فالياءات والواوات تحذف في الرسم لغير جازم، كما في قوله تعالى (وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما)، وفي قوله (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير).
ويبدو أن الشيخ ابن عاشور رحمه الله خالف الشائع في إعراب الآية وهو اعتبار (من) شرطية، ومال إلى موصوليتها للطيفة تبينت له في نظم الآية، فهو يقول "هَذِهِ الْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ وَتَذْيِيلٌ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ آيَاتُ الْإِنْفَاقِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَالْآدَابِ وَتَلْقِينِ الْأَخْلَاقِ الْكَرِيمَةِ، مِمَّا يُكْسِبُ الْعَامِلِينَ بِهِ رَجَاحَةَ الْعَقْلِ وَاسْتِقَامَةَ الْعَمَلِ. فَالْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ إِلَى نَفَاسَةِ مَا وَعَظَهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَتَنْبِيهُهُمْ إِلَى أَنَّهُمْ قَدْ أَصْبَحُوا بِهِ حُكَمَاءَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي جَاهِلِيَّة جُهَلَاءَ. فَالْمَعْنَى: هَذَا مِنَ الْحِكْمَةِ الَّتِي آتَاكُمُ اللَّهُ، فَهُوَ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ".
فمعنى الموصولية يصرف المراد بها إلى المسلمين المخاطبين بهذه التكاليف الشرعية من الإنفاق وآدابه، ولعل هذه الإشارة لا تساعد عليها (من) الشرطية، لما فيها من دلالة العموم على ما تقرر عند الأصوليين، والله أعلم.
 
بيد أن (من) الموصولية أيضا من ألفاظ العموم ، كما لا يخفى على شريف علمكم ، وفي قولكم : (( فالياءات والواوات تحذف في الرسم لغير جازم، كما في قوله تعالى (وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما)، وفي قوله (ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير). )) لفتة بديعة ، بارككم الرحمن
 
شكرًا لكما، وبارك الله تعالى فيكما.
 
بيد أن (من) الموصولية أيضا من ألفاظ العموم ، كما لا يخفى ...
نعم، صرح بذلك كثير من الأصوليين، وهو مشكل، وقد نبه على إشكاله البدر الزركشي في البحر المحيط، إذ يقول:
"تَنْبِيهٌ: جَعْلُ الْمَوْصُولَاتِ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ النُّحَاةَ صَرَّحُوا بِأَنَّ شَرْطَ الصِّلَةِ أَنْ يَكُونَ مَعْهُودَةً مَعْلُومَةً لِلْمُخَاطَبِ، وَلِهَذَا كَانَتْ مُعَرِّفَةً لِلْمَوْصُولِ، وَالْمَعْهُودُ لَا عُمُومَ فِيهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ."
وقد يزول الإشكال بما تفضلتم به من أن الموصول قد يتضمن معنى الشرط، فيؤول بذلك التعميم إلى الشرط. وجزاكم الله خيرا
 
بارككما الله تعالى.
لعل جَعْلَ ابن عاشور (من) في الآية موصولة باعثه قراءة يعقوب (يُؤتِ) بصيغة المبني للمعلوم، وقد أُثِرَ عنه أنه كان يقف على الفعل بالياء، قال ابن الجزري: "وذلك يقتضي أن تكون (من) عنده موصولة، أي: والذي يُؤتيه الله الحكمة، ولو كانت عنده شرطية لوقف بالحذف...."
فلعل ابن عاشور حمل قراءة الجمهور على قراءة يعقوب؛ لأن القراءات يوضح بعضها بعضًا.
ويُعلَّل حذف ياء في (يُؤتَ) وصلًا بالتقاء الساكنَين.
 
عودة
أعلى