سؤال عاجل لمشائخنا الأجلاء حفظهم الله (مالفرق بين لأنعمه ونعمه ؟)

إنضم
12/09/2008
المشاركات
5
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
[align=center]في قوله تعالى: ( إن إبراهيم كان أمة قانتاً لله حنيفاً ولم يك من المشركين* شاكراً لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم )
س/ مالفرق بين لأنعمه ونعمه ؟؟؟

أحتاج الإجابة قبل يوم الجمعه بوركتم
[/align]
 
نظرا للاحتياج العاجل للجواب أقول:
إن" أنعم " على وزن أفعُل وهو من جموع القلة الأربعة " أفعِلة ، وأفعُل، وفعْلة وأفعال " وما سوى هذه الأربعة فهو من جموع الكثرة وعلى هذا قال العلماء ما مؤداه، إن إبراهيم ـ عليه السلام ـ كان يشكر الله على قليل النعم فما بال شكره على الكثير .
قال الفخر :
لفظ الأنعم جمع قلة ، ونعم الله تعالى على إبراهيم عليه السلام كانت كثيرة . فلم قال : { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ } .
قلنا : المراد أنه كان شاكراً لجميع نعم الله إن كانت قليلة فكيف الكثيرة.


قال الآلوسي:" { شَاكِراً لاّنْعُمِهِ } ...أوثر صيغة جمع القلة قيل : للإيذان بأنه عليه السلام لا يخل بشكر النعمة القليلة فكيف بالكثيرة وللتصريح بأنه عليه السلام على خلاف ما هم عليه من الكفران بأنعم الله تعالى حسبما أشير إليه بضرب المثل أ.هـ آلوسي
قلت وهو ما جاء في قوله تعالى" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112) تعريضا بكفار مكة. فعين المدح لإبراهيم عليه السلام عين التعريض بذرّيته الذين أشركوا وكفروا نعمة الله.
ومن هنا يتضح الفرق بين أنعم التي هي من جموع القلة ونعم التي هي من جموع الكثرة فليتأمل. والله أعلم
 
سُئل الدكتور فاضل السامرائي هذا السؤال :

* ما دلالة إستخدام كلمة (نعمة) بالإفراد (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (18) ؟
المفرد له قد يكون يدل على الجنس أو على الواحد. مثلاً تقول: الحصان أسرع من الحمار، هل تعني به واحداً؟ أو الجنس عموماً؟ تعني كل الجنس. الأسد أقوى من الكلب، لا تعني به أسداً واحداً وإنما الجنس. إذن قد يؤتى بالواحد للدلالة على الجنس. فالنعمة قد يراد بها جنس النعمة والعرب أحياناً تأتي بالمفرد للتكثير والكسائي نقل لنا: أتينا فلان فكنا عنده في لحمة ونبيذا، يعني أكل كثيراً. إذن هي للجنس والجنس أكثر من الجمع أحياناً. نعمة أكثر من نِعَم وأنعم. مثال: نقول: لا رجل في الدار، لا رجلين في الدار، (لا رجل) نفيت كل الجنس أي لا واحد ولا اثنين ولا أكثر، لكن لما تقول لا رجلين في الدار فأنت تنفي العدد فقط يمكن أن يكون هناك واحد أو ثلاثة، لا رجال في الدار قد يكون هناك واحد أو اثنين. (لا رجل) تعني لا واحد ولا اثنين ولا أكثر. الجنس يجمع وهو أعم وأشمل. هذا احتمال. رب العالمين في القرآن يذكر الجنة ويذكر فيها الفاكهة يقول (فاكهة) ويذكر الدنيا ويقول (فواكه) فاكهة مفرد وفواكه جمع. فإذن إذا أريد الجنس يستعمل المفرد لأنه أعم وأشمل. النُحاة يضربون مثلاً نحن نعدّله نقول الرجل أقوى من المرأة الرجل لا يقصد به رجل بعينه وإنما الجنس.
الوجه الآخر أن النعمة الواحدة لا تُعدّ. لو جئت أن تعد نعمة الأكل إحصِ من خلق المادة الأولى وكيف كانت مزروعة ؟ومن زرعها ومن حصدها ومن طحنها وكم من الأيادي بعد الخلق الأول عملت بها إلى أن جاءت عندك؟ ثم لما هُيأت لك كيف تأكلها؟ بالأسنان والمعدة والعصارات الهاضمة، هذه نعم لا تحصى. الإحصاء هو العدّ. مفردات النعمة الواحدة لا تُعدّ ومن الصعب أن تعدها. نعمة البصر أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم لما بكى الرجل العابد فقال تعالى أدخلوه الجنة برحمتي قال بل بعملي قال تعالى برحمتي قال بل بعملي فقال تعالى زنوا له نعمة البصر فوضعوها في كفة وسائر أعمال الرجل في كفة فرجحت كفة نعمة البصر فقال الرجل لا بل برحمتك. كم في نعمة البصر من تهيئة النور واستقبالها والأعصاب وغيرها! إذن لا تحصى مفردات النعمة الواحدة فكيف بالنِعَم؟ (وإن تعدوا نعمة الله) تعدوا أي أن تحاولوا إحصاءها. موجودة في القرآن نعمة ونعِم وأنعم. أنعم جمع قلة من أفضل (من 3 إلى 10) في اللغة فإذا صارت عشرة تدخل في الكثرة. في القرآن الكريم وردت نِعَم ونعمة وأنعم، نعمة وردت في الإفراد وقد يكون هذا الجنس والله أعلم إبراهيم عليه السلام قال (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) النحل) لأنه لا يمكن أن يشكر الإنسان نعم الله تعالى فأتى بجمع القلة. وقال تعالى (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً (20) لقمان) بالكثرة لأن النعم كثيرة الظاهرة والباطنة لكن لا يمكن أن نقول (شاكراً لنعمه)، نحن نشكر الله تعالى ونحمد الله بما نستطيع كما ينبغي لجلال وجهه والله تعالى أثنى على إبراهيم (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121) النحل).
 
بارك الله فيك , د. عبدالفتاح على هذا الإيضاح الجميل ,,,
حقيقة استفدت منه كثيراً ,,,


والشكر موصول للسائلة
وكذلك لأبي البراء القصيمي على ما نقله من كلام السامرائي ...
 
شكر الله للجميع ففيكم الخير ومنكم نتعلم ولا شك أننا أفدنا كثيرا مما ذكره الدكتور السامرائي والله ولي التوفيق
 
كيف يكون جمع قلة والرزق يأت من كل مكان في
قوله تعالى" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ...." مما يفيد الكثرة والتعدد
 
جزاك الله المشايخ خيرا على هذه الفوائد الجليلة، لكن ما وجه الإتيان بجمع قلة والرزق يأت من كل مكان في
قوله تعالى" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ ...."
 
أشكر الإخوة الكرام على ما أفادوا به، وأخص فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الفتاح على ما تفضل به، وأستأذنه في أن أدلي بدلوي لا تقدما بين يديه، وإنما رغبة في تذاكر العلم مع أهله لنستفيد مما يفيدوننا به من توجيه وإرشاد



فأقول:
في مفرد (أنْعُم) ثلاثة أقوال لأهل العلم:
القول الأول: أن (أنْعُم) جمع (نِعْمَة) قال به الزمخشري ابن عطية والرازي وخلق ممن تبعه على توجيهه، وقد أخطأ ابن الجوزي في نسبة هذا القول لأبي عبيدة.
وهذا القول خطَّأه بعض أهل اللغة، حتى قال ابن قتيبة: (ليس قول من قال : هو جمع (نعمة) بشيء ، لأن (فِعْلَةَ) لا تجمع على (أفْعُلٍ)).

القول الثاني: أنه جمع (نِعَم) ونِعَم جمع كثرة لنِعْمََة فعلى هذا يكون (أنعم) جمع الجمع، ولا يخفى ما يدل عليه جمع الجمع من معنى الكثرة الكثيرة.
وهذا القول قال به أبو عبيدة وقطرب وأبو منصور الأزهري وابن منظور والزبيدي وغيرهم

القول الثالث: أنه جمع (نُعْم) أو (نُعْمَى) على وصف الحال، وممن قال بهذا القول أبو عبيدة وابن قتيبة وغيرهم
ونظيره جمع (بُؤسٍ) و (بُؤسَى) على (أَبْؤُس)
كما قال امرؤ القيس بعد أن عدد ما كان ينعم به ثم ما أصابه من تحول العافية وزوال النِّعَم وتوالي النقم:
[poem= font="Simplified Arabic,5,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
وبُدِّلتُ قرحاً داميا بعد صحة = فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا
فلو أنها نفس تموت جميعة = ولكنها نفس تساقط أنفسا[/poem]
وهذا يدلك على أن (نُعمى) فيها معنى الجمع، فلكثرة ما كان ينعم به كان في نُعمى، ولذلك قال: (تحولن) وكان يمكنه أن يقول: (تحولْتِ) فلا يحتاج إلى الالتفات
فعلمنا أنه عدل إلى الالتفات مبالغة في النص على الكثرة.
وهذا يدل بالمقابلة على دلالة جمع (أبؤس) على الكثرة.

ولا يخفى ما يدل عليه سياق كلامه من إرادة الكثرة ، فإن إرادة القلة منافية للبلاغة.

ولا يخفى على متأمل ما يدل عليه السياق في قوله تعالى: (شاكراً لأنعمه) وقوله: (فكفرت بأنعم الله) من إرادة الكثرة، وأن إرادة القلة منافية للبلاغة، مجافية للبيان، مخالفة لسَنن العرب.

ومما ينبغي أن يعلم أن تقسيم الجموع إلى جموع كثرة وجموع قلة إنما مصدره الاستقراء، والاستقراء التام في مثل هذه الأمور متعذر، والسياق يدل على المراد دلالة بينة، فهو دليل خاص، والاستقراء دليل عام، والدليل الخاص مقدم، هذا لو قدر التعارض.
ولذلك ذهب بعض أهل اللغة إلى القول بأن جموع القلة تنوب عن جموع الكثرة ، والعكس صحيح ، وهذا نحى إليه أبو الفتح ابن جني والجوهري وابن عقيل وجماعة
والذي حداهم إلى هذا القول: ورود شواهد كثيرة جاءت على أوزان جموع القلة مع ظهور السياق بإرادة الكثرة، ووقوع ذلك في أفصح الكلام كما في قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة) وقوله: (الله يتوفى الأنفس)، وقوله: (وهم في الغرفات آمنون)
وشواهد ذلك كثيرة ذكر الزركشي في البرهان، والسيوطي في الإتقان طرفاً منها
ومما يعضد هذا القول كثرة الاستثناءات في أوزان تلك الجموع.

والمسألة تحتاج إلى بسط أكثر، والنفس ضعيف، والله المستعان.
 
[align=center]
د خضر ، الشيخ عبد العزيز الدخيل ،،

ما أجمل ما تفضلتما به ، حفظكما الله وسددكما وبارك فيكما ,

وعندي أن أقربها هو القول الثاني ، وأبعدها هو الأول من الأقوال التي ذكرها اخونا عبدالعزيز الدخيل ، شكر الله له .

والعلم عند الله .
[/align]
 
أشكر الإخوة الكرام على ما أفادوا به، وأخص فضيلة الشيخ الدكتور: عبد الفتاح على ما تفضل به، وأستأذنه في أن أدلي بدلوي لا تقدما بين يديه، وإنما رغبة في تذاكر العلم مع أهله لنستفيد مما يفيدوننا به من توجيه وإرشاد
شكر الله لكم حسن قولكم، وكم أجاهد من أجل بسط هذا النوع من الأدب قبل العلم فجزاكم الله خيراً.


فإن إرادة القلة منافية للبلاغة. ولايخفى على متأمل ما يدل عليه السياق في قوله تعالى: (شاكراً لأنعمه) وقوله: (فكفرت بأنعم الله) من إرادة الكثرة، وأن إرادة القلة منافية للبلاغة، مجافية للبيان، مخالفة لسَنن العرب.
قلت: حفظكم الله ورعاكم للعلم أهلا ولكن من باب تذاكر العلم أقول:
لقد أفدت مما ساقة الأستاذ عبد العزيز وهو محق في كل ما نقله ولكن أختلف معه في حكمه على منافاة جمع القلة للبلاغة ، أو مرجوحية جمع القلة في مقام الحديث عن خليل الرحمن سيدنا إبراهيم ـ عليه وعلى نبينا أفضل السلام وأزكى التسليم ـ وقياس " شاكرا لأنعمه" على" فكفرت بأنعم الله "
ولا أدعى العلم أو المعرفة فما الفقير إلا مجرد ناقل لأقوال من قالوا متضلعين باللغة من معينها،فماذا قالوا عين تفسير : فكفرت بأنعم الله" من حيثية القلة والكثرة؟
الجواب: قال الرازي :" إن الأنعم جمع قلة ، فكان المعنى : أن أهل تلك القرية كفرت بأنواع قليلة من النعم فعذبها الله ، وكان اللائق أن يقال : إنهم كفروا بنعم عظيمة لله فاستوجبوا العذاب ، فما السبب في ذكر جمع القلة؟
الجواب : المقصود التنبيه بالأدنى على الأعلى يعني أن كفران النعم القليلة لما أوجب العذاب فكفران النعم الكثيرة أولى بإيجاب العذاب ، وهذا مثل أهل مكة لأنهم كانوا في الأمن والطمأنينة والخصب ، ثم أنعم الله عليهم بالنعمة العظيمة ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به وبالغوا في إيذائه فلا جرم سلط الله عليهم البلاء ."

وتبعه الآلوسي قائلا:" وفي إيثار جمع القلة إيذان بأن كفران نعم قليلة أوجبت هذا العذاب فما ظنك بكفران نعم كثيرة "

ومن جهة أخرى انتصر الخازن للكثرة ونصه:" { بأنعم الله } جمع نعمة والمراد بها سائر النعم التي أنعم الله بها على أهل مكة فلما قابلوا نعم الله التي أنعم بها عليهم بالجحود والكفر ، لا جرم أن الله تعالى انتقم منهم"

والفقير ينتصر لجمع القلة إذ من يشكر على قليل النعم { من وجهة نظر الناس } يكون ـ من باب الأولى ـ أكثر شكراً على كثيرها فتدبر.

ومما ينبغي أن يعلم أن تقسيم الجموع إلى جموع كثرة وجموع قلة إنما مصدره الاستقراء، والاستقراء التام في مثل هذه الأمور متعذر،
إذن فالأمر فيه سعة.
والسياق يدل على المراد دلالة بينة، فهو دليل خاص، والاستقراء دليل عام، والدليل الخاص مقدم، هذا لو قدر التعارض.
هل قال بعين ما تفضلت به عالم من علماء التفسير أم هو من خاصتكم؟؟


والمسألة تحتاج إلى بسط أكثر، والنفس ضعيف، والله المستعان.
كلنا في شوق إلى المزيد ، وأرجو المعذرة على التأخير إذ كنت بين الظعن من مصر والإقامة بأبها والله يتولانا برعايته .

أخيراً أقول: ما اختلافنا إلا اختلاف رحمة وإثراء ينصبّ كله في خدمة الكتاب العزيز الذي لا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد .
والله الموفق
 
بارك الله فيك
ولكن قول القائلين بالقلة أراه يخالف سنة الله في اذاقة العذاب إذ تصل النعمة وكثرتها أن يقولوا من أشد منا قوة ،ويزيدهم الله بسطة ،وآخرون يقول لهم رسولهم إني أراكم بخير
فأين القلة هنا ؟
هذا فضلا عن أن الآية توحي أن سلب النعم أدي إلي الجوع والخوف فيعني أنهم كانوا في شبع تام وأمن تام
وأري أن الأمر يحتاج لتأصيل جديد لمثل هذه الصيغ
فمثلا صيغة "نعم "تكون عطاء أوليا أما الأنعم فتترتب علي ما قبلها من شكر أو كفر فكأن الأولي عطاء ربوبية والثانية عطاء ألوهية لمزيد ابتلاء أو مزيد استدراج
وهذا يجب أن يتم وفقا لقاعدة صرفية ليطبق علي الصيغ المشابهة مثل نفوس وأنفس
 
وبارك فيكم أخي الكريم والأمر لا يتعدي أحد معنيين {القلة أوالكثرة} وأنت مع الكثرة لمرجحات تفضلتم بها وذكرتموها على عمومها من كون العذاب لا ينزل بقوم إلا بعد وقت طويل من الكفران المقابل لمزيد من النعم .
ولعل النكتة في وجاهة حمل كفران النعمة ـ عند أهل مكة ـ على القلة مقام البلد الحرام ومكانته، فمن يكفر بقليل النعم في مكة المكرمة كمن يكفر بكثيرها في غير مكة ، ويعضد ذلك ويقويه أن مجرد الإرادة في الحرم لها حكم قال تعالى:" {.... وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }{الحج25} ولا يخفى على لبيب ما اختصت به مكة من أحكام دون سائر بلاد الله. ومن هنا كان ميلنا إلى جمع القلة في " فكفرت بأنعم الله " وتأكيد ما تفضل به العلامة الفخر وتلميذه الآلوسي مع تقديرنا لما ذهبتم إليه، ولمن سبقكم به كالخازن غيره. والعلم عند الله تعالى
 
شكر الله للإخوة والمشايخ الفضلاء تعقباتهم وتعليقاتهم النافعة.

(والسياق يدل على المراد دلالة بينة، فهو دليل خاص، والاستقراء دليل عام، والدليل الخاص مقدم، هذا لو قدر التعارض).
هل قال بعين ما تفضلت به عالم من علماء التفسير أم هو من خاصتكم؟؟
هذا -سلمكم الله- تطبيق لقاعدة أصولية، وهي أن الدليل الخاص مقدم على الدليل العام
وهي قاعدة مهمة ولها تطبيقات كثيرة في عدد من العلوم
والأدلة العامة أنواع كثيرة وتختلف باختلاف العلوم ، وضابطها أن تشمل دلالة الدليل العام حكم المسألة من غير نص عليها، ويكون الاستدلال صحيحاً موجباً للحكم ما لم يعارض بدليل خاص.
فعلى سبيل المثال: في بعض أبواب الفقه يستدل بعض الفقهاء بالبراءة الأصلية -وهي دليل عام- على نفي إيجاب حكم من الأحكام، فإذا ورد دليل صحيح صريح الدلالة على إيجاب ذلك الحكم فالواجب الأخذ بالدليل الخاص لأنه يخصص دلالة الدليل العام.
والأدلة العامة أنواع كثيرة وتختلف باختلاف العلوم فمن الأدلة العامة في مسائل الفقه: مقاصد الشريعة، والقواعد الفقهية، والاستصحاب، وغيرها

والاستقراء من الأدلة العامة، التي يؤخذ بها في عدد من العلوم وهو دليل معتبر ما لم يعارض بدليل خاص.

والذي أردت بيانه أن أوزان جموع القلة (أفعل، وأفعال، وأفعلة، وفعلة) قد علم بالاستقراء دلالتها على القلة في شواهد كثيرة في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف وفي كلام العرب.
فهذا من حيث الأصل لا ينبغي أن ينازع فيه، ولكن وردت أمثلة كثيرة وردت فيها بعض أوزان القلة في مواضع يأبى السياق أن يراد بها القلة، ولذلك قال بعض اللغويين بأن جموع القلة تنوب عن جموع الكثرة، وجموع الكثرة تنوب عن جموع القلة، وسبق ذكر بعض من قال به.
وهذا القول وإن كان له ما يعضده إلا إنه لا يمكن قبوله بإطلاق.
ولذلك ذهب بعض الحذاق من علماء اللغة إلى وضع قيود للإتيان بجموع القلة في موضع الكثرة
منها: أن لا يكون لتلك اللفظة جمع كثرة أصلاً، فيؤتى بجمع القلة ويؤكد عند الحاجة بما يدل على الكثرة كما في قوله تعالى: (أضعافاً كثيرة).
وعندي أنه ينبغي أن يلحق بها ما كان أصله جمعاً كما في مسألتنا هذه
فإن مفرد (أنعم) ليس (نعمة) وإنما هو (نِعَم) ، أو (نُعمى) وكلاهما من حيث القياس صحيح.
و(نِعَم) جمع كثرة لنِعمة.
و(نُعْمى) فيها معنى الامتلاء بالنعم؛
ففيهما دلالة على الجمع، فإذا جُمع هذا الجمع فإنه لا يرجع إلى القلة لأن الجمع يزيده ولا ينقصه.
ولو قلنا بأنها دالة على القلة لكان اللفظ قبل جمعه أدل على الكثرة منه بعد الجمع وهذا باطل.

أضف إلى ذلك أني لم أجد أحداً علماء اللغة المتقدمين، فهم معنى القلة من قوله تعالى: (شاكراً لأنعمه) أو قوله: (فكفرت بأنعم الله).



وأرجو المعذرة على التأخير إذ كنت بين الظعن من مصر والإقامة بأبها والله يتولانا برعايته
تولاكم الله برعايته وأحاطكم بكلأته، وجعلكم مباركين حيثما حللتم.

أخيراً أقول: ما اختلافنا إلا اختلاف رحمة وإثراء ينصبّ كله في خدمة الكتاب العزيز الذي لا تنقضي عجائبه ، ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد .
والله الموفق
بل هي مذاكرة نافعة استفدنا منها جميعاً، وما خفي علينا علمه أعظم
نسأل الله أن يزيدنا علماً نافعاً ، وبصيرة وفقها مباركاً في كتابه الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه
الآنعم تشمل الحسي كالصحة والمال والخيرات الدنيوية ...وتشمل ما هومعنوي وهو في حق سيدنا ابراهيم كونه نبيا رسولا عزميا
النعمة بفتح النون او بكسرها لا تعني الا الحسيات الدنيوية الفانية
قوله تعالى" وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ.....اي كفرت بالرسول الدي ارسله الله اليها =المعنوي =كما لم تؤدي شكر الخيرات الالهية التي تكرم الله بها عليها
والله اعلم
 
بارك الله فيك د خضر
فمن يكفر بقليل النعم في مكة المكرمة كمن يكفر بكثيرها في غير مكة
هذا حكم إن كان استنباطنا من هذا التفسير لكلمة أنعم هو الشاهد الوحيد له و لا توجد شواهد أخري ،فلنتراجع عن هذا الحكم
الأخ عبد العزيز
الاشكال عندنا أن القواعد اللغوية في مثل هذا لا تعطينا الدلالات التامة للكلمات
وعندي أنه ينبغي أن يلحق بها ما كان أصله جمعاً كما في مسألتنا هذه
فإن مفرد (أنعم) ليس (نعمة) وإنما هو (نِعَم) ، أو (نُعمى) وكلاهما من حيث القياس صحيح.
و(نِعَم) جمع كثرة لنِعمة.
و(نُعْمى) فيها معنى الامتلاء بالنعم؛
ففيهما دلالة على الجمع، فإذا جُمع هذا الجمع فإنه لا يرجع إلى القلة لأن الجمع يزيده ولا ينقصه.
ولو قلنا بأنها دالة على القلة لكان اللفظ قبل جمعه أدل على الكثرة منه بعد الجمع وهذا باطل.
فهذه كلمة نعمي تشعر أن حالة يكون فيها شخص ما، مثل كلمة ذكري "إنا أخلصناهم بخالصة ذكري الدار " ولا يستساغ جمعها لاقلة ولا كثرة
والأمر يحتاج إلي اجتهاد للخروج بقواعد جديدة غير مسألة جمع قلة وكثرة
وكما ذكرت أن العلماء لا حظوا بالاستقراء أن هناك استثناءات كثيرة ووضعوا شروطا لها
ولكني اري أن وضوح دلالة كلمة أنعم في الآية علي الكثرة لدليل كاف علي أن قاعدة جمع القلة والكثرة غير صحيحة ،وكذلك كثرة استثناءاتها
 
الأخ عبد العزيز
الاشكال عندنا أن القواعد اللغوية في مثل هذا لا تعطينا الدلالات التامة للكلمات
فهذه كلمة نعمي تشعر أن حالة يكون فيها شخص ما، مثل كلمة ذكري "إنا أخلصناهم بخالصة ذكري الدار " ولا يستساغ جمعها لاقلة ولا كثرة

حياك الله أخي مصطفى ، وبارك فيك.

(ذِكرَى) مكسورة الفاء ، وتجمع جمعاً صحيحاً على ذكريات، وهذا الجمع شاع في العصور المتأخرة، ولا أعرف له شاهداً مسموعاً، لكن قياسه على ما ذكرت.
وجموع التصحيح صالحة للقلة والكثرة.


والأمر يحتاج إلي اجتهاد للخروج بقواعد جديدة غير مسألة جمع قلة وكثرة
وكما ذكرت أن العلماء لا حظوا بالاستقراء أن هناك استثناءات كثيرة ووضعوا
أحسنت بارك الله فيك، وقد قام السيوطي في كتابه المزهر في علوم اللغة بمحاولة جيدة لجمع المباحث اللغوية وتصنيفها.
والحاجة ماسة إلى القيام بمشاريع علمية لجمع كلام الأئمة في المسائل اللغوية وتصنيفه وترتيبه وتحريره
وأرى أنه لو فُعل ذلك لكان فيه خير عظيم
وأنا أدعو إلى قراءة مقدمة الأستاذ الجليل محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله لكتابه (دراسات لأسلوب القرآن الكريم)
وكذلك تقريظ الأستاذ محمود شاكر له.
فلعله يتضح ما يُحتاج إليه عند القيام بمثل هذه الأعمال من جهد مضن ووقت كبير وتأهل علمي سابق.
وما يرجى من ثمرات هذه الأعمال الجليلة، وأثرها المتعدي على تحرير البحوث العلمية وتجويدها.
فقد مكث –رحمه الله- في تأليفه خمساً وأربعين سنة، ومع ذلك فاتته بعض المباحث
وقد رجعت له في مسألتنا هذه فلم أجده تناولها إلا باقتضاب شديد.

وأنا يؤسفني قلة رجوع الباحثين لهذا الكتاب الجليل وتكرار أخطاء تداولتها كتب العربية نبه الشيخ عليها في كتابه، ولا زال بعض الباحثين يكررونها في بحوثهم.

وأذكر أنه جرى بيني وبين الشيخ مساعد الطيار –حفظه الله- نقاش قبل تسع سنوات حول الاستفادة من هذا الكتاب، وذكر لي قلة رجوع الباحثين له وقلة استفادتهم منه رغم جلالة هذا الكتاب وعظيم نفعه، وعزا ذلك إلى كبر حجم الكتاب وكثرة تقسيماته، وأنه إذا كثرت الشواهد رمز للآيات بأرقامها وأرقام السور.
وخرجت من عنده وأنا عاقد العزم على القيام بمشروع علمي لتقريبه وخدمته
وتتميم بعض مباحثه ودعوة المختصين للمساهمة في ذلك.
ولا زلت إلى الآن أرجّي تنفيذ ما عزمت عليه، والله المستعان.

ولكني اري أن وضوح دلالة كلمة أنعم في الآية علي الكثرة لدليل كاف علي أن قاعدة جمع القلة والكثرة غير صحيحة ،وكذلك كثرة استثناءاتها

أما تقسيم الجموع إلى جموع قلة وجموع كثرة فهذا لا يمكن دفعه من حيث الأصل
وهو أمر مستقر وله تطبيقات كثيرة في علم الصرف وعلم البلاغة وعلم المفردات اللغوية.
لكن الخلاف فيما ورد من أوزان جموع القلة في سياق يأبى أن يراد به إلا الكثرة
وكذلك العكس
كما في قوله تعالى: (ثلاثة قروء) قال الأصمعي: هذا على خلاف القياس.
لأن جمعها على القلة (أقرؤ)
وعلماء الصرف يرون أن ما دون العشرة يجمع جمع قلة
والقُرء: يجمع على قروء وأقراء وأقرؤ
ولذلك اختلفوا في توجيهها على مذاهب في هذه المسألة وغيرها
أما القروء فمن المفسرين من قال جمعت على الكثرة باعتبار كثرة المطلقات
وأجود منه أنه لمراعاة طول أمد الانتظار للمطلقة حتى ترى تلك الأقرء قروءاً
ومنهم من خرج من هذا كله إلى القول بأن جموع القلة يستغنى بها عن جموع الكثرة والعكس صحيح
ونظير هذه المسألة مسألة نيابة بعض حروف المعاني عن بعض، فمنهم من قال بالنيابة، ومنهم من قال بالتضمين، ومنهم ذهب إلى مذاهب أخر ليس هذا محل بسطها.

والذي خَلَصْتُ إليه بعد بحث عدد من المسائل والنظر في عدد من النظائر
أن ما ورد على أوزان جموع القلة أن الأصل فيه إرادة معنى القلة لدلالة الاستقراء إلا ما دل السياق فيه على إرادة الكثرة، وقد يظهر في بعض الأمثلة لطائف في أسباب العدول والإتيان بجمع القلة في موضع الكثرة، فما ظهر من ذلك –دون تكلف-قلت به، إما نقلاً وإما استنتاجاً.

والله تعالى أعلم.
 
[align=center]في الحقيقة ليس عندي ما أقوله أو أضيفه فبضاعتي في العلم قليلة

نسأل الله من واسع فضله

لكن الحق أقول أن المرء يتعلم من نقاش أهل العلم كيف يكون النقاش حول المسائل

فالكل يقول مافتح الله عليه بدون تعصب ولا تشدد

والأمر الثاني : رؤية أن السؤال له من البركات ماقد يجهله السائل !!!!

نفع الله بكم وزادكم من واسع فضله وإحسانه وجوده

وألف بين قلوبكم وبارك فيكم ....
[/align]
 
القول الثاني: أنه جمع (نِعَم) ونِعَم جمع كثرة لنِعْمََة فعلى هذا يكون (أنعم) جمع الجمع، ولا يخفى ما يدل عليه جمع الجمع من معنى الكثرة الكثيرة.
وهذا القول قال به أبو عبيدة وقطرب وأبو منصور الأزهري وابن منظور والزبيدي وغيرهم

.

فتحت الملف .. وأعدتُ بحث المسألة
لكن يهمني أن أعرف نص أبي عبيدة وقطرب والأزهري وابن منظور والزبيدي..
لأني وجدت قطرب وابن منظور والزبيدي يقولون : إن أنعم جمع نُعْم ، مثل بؤس وأبؤس ، وليس جمع نِعَم كما تفضل الأخ عبد الرحمن
ولم أقف على من قال بأن أنعم جمع نِعم ، فليت الأخ عبد الرحمن يتفضل علينا بذكر المواضع التي أخذ منها تلك المعلومة
وله خالص الشكر
 
عودة
أعلى