ركن الاستنباط وفوائد الآيات [ 2 ]

إنضم
02/04/2003
المشاركات
1,760
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
السعودية
الموقع الالكتروني
www.tafsir.org
كانت الحلقة الأولى من هذا الموضوع حافلة بالكثير من المشاركات النفيسة ، والاستنباطات الدقيقة ، وللرجوع إليه يرجع إلى هذا الارتباط ركن الاستنباط وفوائد الآيات

ولنبدأ سلسلة جديدة في هذا الباب المهم ، راجياً من الإخوة الكرام إثراءها بما يفتح الله به عليهم .


قال الله تعالى : (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً) (الكهف:94)

قال الإمام القرطبي : ( في هذه الآية دليل على اتخاذ السجون ، وحبس أهل الفساد فيها ، ومنعهم من التصرف لما يريدونه ، ولا يتركون وما هم عليه ، بل يوجعون ضربا ، ويحبسون ويطلقون كما فعل عمر رضى الله عنه) تفسير القرطبي (11/59)
 
قال تعالى «ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا» (المائدة)
قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي: «نهى الله المسلمين في هذه الآية الكريمة ان يحملهم بغض الكفار ان صدوهم عن المسجد الحرام في عمرة الحديبية أن يعتدوا على المشركين بما لا يحل لهم شرعا» .

ثم قال رحمه الله : (وفي هذه الآية دليل صريح على ان الانسان عليه ان يعامل من عصى الله فيه، بأن يطيع الله فيه. وفي الحديث «أد الأمانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك» وهذا دليل واضح على كمال دين الاسلام، وحسن ما يدعو إليه من مكارم الاخلاق، مبين أنه دين سماوي لاشك فيه).
 
بسم الله الرلاحمن الرحيم

جاء في كتاب العزلة للخطابي ما نصه :

( 134 أَخْبَرَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ الزِّيبَقِيِّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ زَكَرِيَّا التُّسْتَرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا الْعُتْبِيُّ قَالَ : " كُنَّا عِنْدَ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ وَقَالَ : مَا فِي الْأَرْضِ آدَمَيٌّ إِلَّا وَفِيهِ شَبَهٌ مِنْ شَبَهِ الْبَهَائِمِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَهْتَصِرُ اهْتِصَارَ الْأَسَدِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْدُو عَدْوَ الذِّئْبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْبَحُ نُبَاحَ الْكَلْبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَطَوَّسُ كَفِعْلِ الطَّاوُسِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُشْبِهُ الْخَنَازِيرَ الَّتِي لَوْ أُلْقِيَ لَهَا الطَّعَامُ الطَّيِّبُ عَافَتْهُ فَإِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ رَجِيعِهِ ، وَلَغَتْ فِيهِ فَكَذَلِكَ تَجِدُ مِنَ الْآدَمَيِّينَ مَنْ لَوْ سَمِعَ خَمْسِينَ حِكْمَةً لَمْ يَحْفَظْ وَاحِدَةً مِنْهَا وَإِنْ أَخْطَأَ رَجُلٌ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ حَكَى خَطَأَ غَيْرِهِ تَرَوَّاهُ وَحَفِظَهُ " .
[color=006600]قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ :مَا أَحْسَنَ مَا تَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهَا هَذِهِ الْحِكْمَةَ وَذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ مُطَاوِعًا لِظَاهِرِهِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَى بَاطِنِهِ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ وُجُودِ الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلِّ دَابَّةٍ وَطَائِرٍ وَكَانَ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا مِنْ جِهَةِ الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ وَعَدَمًا مِنْ جِهَةِ النُّطْقِ وَالْمَعْرِفَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَصْرُوفًا إِلَى الْمُمَاثَلَةِ فِي الطِّبَاعِ وَالْأَخْلَاقِ .[/color] وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّكَ إِنَّمَا تُعَاشِرُ الْبَهَائِمَ وَالسِّبَاعَ فَلْيَكُنْ حَذَرُكَ مِنْهُمْ وَمُبَاعَدَتُكَ إِيَّاهُمْ عَلَى حَسْبِ ذَلِكَ وَمِصْدَاقُ قَوْلِ سُفْيَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ حِينَ يَقُولُ فِي تَمْثِيلِ مَنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ بِالْكَلْبِ فَقَالَ عَزَّ وَعَلَا : فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ فَجَعَلَهُمْ أَسْوَأَ حَالًا مِنْهَا وَأَبْعَدَ مَذْهَبًا فِي الضَّلَالِ حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةُ فَلَمْ يُذْعِنُوا لَهَا . وَلِأَجْلِ ذَلِكَ رَأَى الْحُكَمَاءُ أَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ آفَاتِ السِّبَاعِ الضَّارِيَةِ أَمْكَنُ وَالْخَلَاصَ مِنْهَا أَسْهَلُ مِنَ السَّلَامَةِ مِنْ شَرِّ النَّاسِ *)
 
[frame="2 80"]قال الله تعالى : ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ) (صّ:35) [/frame]

قال الرازي في تفسيره : (دلت هذه الآية على أنه يجب تقديم مهم الدين على مهم الدنيا ؛ لأن سليمان طلب المغفرة أولاً ، ثم بعده طلب المملكة .
وأيضاً الآية تدل على أن طلب المغفرة من الله تعالى سبب لانفتاح أبواب الخيرات في الدنيا ؛ لأن سليمان طلب المغفرة أولاً ، ثم توسل به إلى طلب المملكة .ونوح عليه السلام هكذا فعل أيضا لأنه تعالى حكى عنه أنه قال : (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً . يرسل السماء عليكم مدراراً . ويمددكم بأموال وبنين ) (نوح 10 -12) وقال لمحمد صلى الله عليه وسلم : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) .)
 
قال الله تعالى في سورة ص :[color=000099] ( وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22) إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (23) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ {س}(24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26).[/color]
ذكر بعض الباحثين أنه يؤخذ من هذه الآيات سبعة دروس في القضاء هي:

الدرس الأول: أن محراب القضاء محراب مقدس، ينبغي عزله عن المؤثرات الجانبية التي ربما تحيط بالقضاء، فتؤثر عليهم وتفزعهم بضغوطها فيخافون، ولا جدال أن القاضي الخائف لا يستطيع أن يستجمع شتات نفسه وعقله ويركز على ما بين يديه من الحقائق المجردة.


ولهذا انعكاساته على الواقع المعاش حيث نجد أن الإعلام كثيراً ما يتسور محراب القضاء فيفزع القضاة.. بل أننا أحيانا نستمع لمسئولين من كبار القوم يعلقون على قضايا بعينها تعليقات من شأنها أن تفزع القضاة.. أن تسور محراب القضاة جريمة يجب أن نقف ضدها، وأن نطور من أساليب الحماية ما يمنع هذا التسور.


الدرس الثاني: أن القاضي لا يقضي حتى يستمع إلى جميع المتخاصمين.


الدرس الثالث: أن القاضي ينبغي أن يحكم بالحق، والحق هنا هو الشريعة الحقة، وما استخرجه الفقهاء منها من قوانين، لأن اكبر مصدر للسوء في المجتمع هو ان يتقاضى الناس بغير الحق، أي بقوانين جائرة، وضعتها قوى ظالمة، أو قوى جاهلة لتحقق بها مصلحة قريب لها.. الدرس الرابع: أن القاضي ينبغي ألا يشطط وهو يستخدم هذا الحق، فليس هناك قوانين منطبقة تماماً على حالة بعينها،


وانما يحتاج الأمر إلى تفسير وتقريب ومماثلة وتشبيه.. وكل ذلك يستوجب مهارة للقاضي تحول بينه وبين الشطط.. فالشطط ربما يكون في تطبيق قانون لا يناسب الحالة التي بين يدي القاضي، والشطط يمكن أن يكون في حجم العقاب أو في حجم التعويضات التي يقضي بها القاضي. وفي كل الأحوال ينبغي على القاضي أن ينتبه قدر استطاعته إلى احتمالات الشطط، وانه قد ينزلق إليها بسهولة ويسر وبنية طيبة، ويرى أن القاضي في صغره يحتاج إلى عملية تدريب عقلية، كي يقلل الشطط قدر الإمكان أن لم يستطع أن يمحوه تماماً.


الدرس الخامس: ألا تكتفي العملية القضائية بإصدار حكم قاصر، وإنما ينبغي أن تهدي المتخاصمين إلى سواء الصراط، فكم من أحكام تصدر وتحول الظروف الاجتماعية أو النفسية أو الاقتصادية دون تنفيذها، وربما يحتاج الأمر إلى منظومة جديدة في النظام القضائي مهمتها التوجيه والهداية في تنفيذ الأحكام.


الدرس السادس: ينبغي على القاضي أن ينزع نفسه من ظروفه الخاصة، ولا يسقطها على ما بين يديه من حالات، فربما كان القاضي سيئ الحظ في بيته مع زوجته أو أولاده.. فإذا جاءته قضية شبيهة سيطرت عليه ظروفه الخاصة، وحالت بينه وبين الموضوعية فيحكم حينئذ بهواه، ومن اجل ذلك ينبغي أن لا ينفرد قاض واحد بالحكم في قضية، وانما يكون من حوله مساعدون قضاة يحولون بينه وبين الهوى الخفي الناشئ عن ظروفه الخاصة، والذي ربما يتسرب إلى عقله وضميره دون أن يدري.


الدرس السابع: ينبغي على القاضي ان يجعل لنفسه نظاماً استغفارياً، يراجع فيه قضاياه من وقت لآخر قبل أن ينفذ الحكم، أو أن يكون ذلك نظاماً عاماً يعمل به في الدولة، وهو ما آلت إليه الأنظمة القضائية في معظم بلدان العالم، ولكن ننبه إلى أن القرآن يطالب بهذا الاستغفار على مستوى الفرد الذي يمارس القضاء، وبالطبع يرحب بأي نظام استغفاري يعين الفرد والجماعة على الأدب إذا حدث خطأ مقصود أو غير مقصود، فالاستغفار والإنابة «وهي حسن الأدب» أمران مطلوبان على مستوى الفرد القاضي، وعلى مستوى النظام القضائي.

المرجع : هنـــــا
 
السلام عليكم ورحمة الله

السلام عليكم ورحمة الله

أستاذنا وشيخنا العزيز أبو مجاهد العبيدي

أود هنا أن أضيف درسا ثامنا

وهو أن يأخذ القاضي بالقياس؟؟؟اذا تعذر وجود النص

والقياس في قضية داود عليه السلام واضحة فقد قاس الغنم على النساء؟؟؟

الفائدة الرئيسية الثانية من هذه الآيات والعبرة منها
ليس أن يخبرنا الله سبحانه وتعالى بقصة داود فقط

بل أن نتعلم (طريقة الأستنباط ) أيضا" وهي الموضوع الرئيسي هنا وتحثنا على الاستنباط وعلم التأويل

وهذه فائدة كبيرة نحصل عليها من دروس السابقين

وهكذا أغلب قصص القرآن العظيم

فمثلا" عندما تحدث رب العالمين أنه جعل قوم موسى يتيهون أربعين عاما"؟؟؟

يقول المرء -- ما الفائدة هنا من اخبارنا بعدد سنين التيه؟؟؟؟؟

لكنه أعظم درس لنا ؟؟؟؟
فقد علمنا الله أنه لابد من تغيير الجيل بالكامل ؟؟؟؟(اربعين سنة) حتى يتم الاصلاح؟؟

واذا لم يصلح المجتمع لايمكن الوصول الى الأهداف السامية ؟؟

فالقرآن كله حكمة وعبر ودروس يجب الاستفادة منها

فرب آية لو طبقناها أصلحنا مجتمع كامل بها؟؟وهناك الكثير الكثير من الدروس والعبر في القرآن تحتاج الى الاستنباط والبحث
من خلال آيات أعظم كتب الله (القرآن العظيم)
 
قال الله تعالى :[color=000066] {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } [/color](الأحزاب:34)

قال ابن العربي: ( أَمَرَ اللَّهُ أَزْوَاجَ رَسُولِهِ بِأَنْ يُخْبِرْنَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي بُيُوتِهِنَّ , وَمَا يَرَيْنَ مِنْ أَفْعَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَقْوَالِهِ فِيهِنَّ , حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ إلَى النَّاسِ , فَيَعْمَلُوا بِمَا فِيهِ , وَيَقْتَدُوا بِهِ . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الدِّينِ .)

وقال أيضاً عن الآية : ( فِي هَذَا مَسْأَلَةٌ بَدِيعَةٌ ; وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم بِتَبْلِيغِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ , وَتَعْلِيمِ مَا عَلِمَهُ مِنْ الدِّينِ ; فَكَانَ إذَا قَرَأَهُ عَلَى وَاحِدٍ , أَوْ مَا اتَّفَقَ , سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ , وَعَلَى مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يُبَلِّغَهُ إلَى غَيْرِهِ , وَلَيْسَ يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَهُ لِجَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَلَا كَانَ عَلَيْهِ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ أَزْوَاجُهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى النَّاسِ فَيَقُولَ لَهُمْ : نَزَلَ كَذَا , وَكَانَ كَذَا . وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ , وَشَرْحِ الْحَدِيثِ , وَلَوْ كَانَ الرَّسُولُ لَا يَعْتَدُّ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ ذَلِكَ أَزْوَاجُهُ مَا أُمِرْنَ بِالْإِعْلَامِ بِذَلِكَ , وَلَا فَرَضَ عَلَيْهِنَّ تَبْلِيغَهُ ; وَلِذَلِكَ قُلْنَا بِجَوَازِ قَبُولِ خَبَرِ بُسْرَةَ فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ ; لِأَنَّهَا رَوَتْ مَا سَمِعَتْ , وَبَلَّغَتْ مَا وَعَتْ . وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ الرِّجَالَ , كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ , حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ , وَحَقَّقْنَاهُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ ; عَلَى أَنَّهُ قَدْ نُقِلَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَابْنِ عُمَرَ , وَهَذَا كَانَ هَاهُنَا . )

[line]

ويستنبط من قول الله تعالى : [color=000099]{ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا }[/color] (البقرة: من الآية221) أن النكاح لا يكون إلا بولي .
قال ابن العربي : ( قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ : النِّكَاحُ بِوَلِيٍّ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ; ثُمَّ قَرَأَ : وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ بِضَمِّ التَّاءِ , وَهِيَ مَسْأَلَةٌ بَدِيعَةٌ وَدَلَالَةٌ صَحِيحَةٌ . )

[line]

وقال ابن العربي أيضاً : ( قوله تعالى [color=000099]{ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا }[/color] : وَهُمْ الَّذِينَ يَقْدَمُونَ لِتَحْصِيلِهَا , وَيُوَكَّلُونَ عَلَى جَمْعِهَا ; وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَسْأَلَةٍ بَدِيعَةٍ , وَهِيَ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ فَالْقَائِمُ بِهِ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ . وَمِنْ ذَلِكَ الْإِمَامَةُ ; فَإِنَّ الصَّلَاةَ , وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَجِّهَةً عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ فَإِنَّ تَقَدُّمَ بَعْضِهِمْ بِهِمْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ , فَلَا جَرَمَ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا . وَهَذَا أَصْلُ الْبَابِ )
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أولاً : يؤسفني أنه لا يشارك في هذا الركن أحد من الأعضاء الكرام ، رغم أنه موضوع خصب واسع الأرجاء .فما أدري ما السبب ؟!!

ثانياً : أطال الإمام الشنقيطي في أضوائه الكلام عن المسائل المستفادة من قول الله تعالى : { وَلاَ تَقْتُلُواْ ٱلنَّفْسَ ٱلَّتِي حَرَّمَ ٱللَّهُ إِلاَّ بِٱلحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي ٱلْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً }

وقد ختمها بقوله :

( غريبة تتعلق بهذه الآية الكريمة :

وهي أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما استنبط من هذه الآية الكريمة التي نحن بصددها: ايام النزاع بين علي رضي الله عنه وبين معاوية رضي الله عنه - أن السلطنة والملك سيكونان لمعاوية، لأن من أولياء عثمان رضي الله عنه وهو مقتول ظلماً، والله تعالى يقول: { وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً } الآية. وكان الأمر كما قال ابن عباس.

وهذا الاستنباط عنه ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة، وساق الحديث في ذلك بسنده عند الطبراني في معجمه. [color=000099]وهو استنباط غريب عجيب.[/color] )
 
أولاً : أعتذر لك شيخنا أبامجاهد عني وعن الأخوة على التقصير برد جميلك في نثر هذه الدرر.

ثانياً : هذه فائدة علها تكون موفية لشرط المقال...:

قال تعالى : (قَالُواْ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَين لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّاظِرِينَ )

قال ابن كثير:
( مسألة:
استدل بهذه الآية في حصر صفات هذه البقرة حتى تعينت أو تم تقييدها بعد الإطلاق على صحة السلم في الحيوان، كما هو مذهب مالك والأوزاعي والليث والشافعي وأحمد وجمهور من العلماء سلفاً وخلفاً بدليل ما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها» وكما وصف النبي صلى الله عليه وسلم، إبل الدية في قتل الخطأ، وشبه العمد بالصفات المذكورة بالحديث، وقال أبو حنيفة والثوري والكوفيون: لا يصح السلم في الحيوان لأنه لا تنضبط أحواله، وحكي مثله عن ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن سمرة وغيرهم) .
 
[color=666666]جزاكم الله خير الجزاء

و أنا قد سيفت الصفحه لأقرأها وأتدبرها ..... و الله يزيدكم و يزيدنا .

و السلام عليكم و رحمه الله و بركاته .[/color]
 
قليل العلم فضل عظيم ، وهذا من أعظم فضائل العلم .

هذا ما استنبطه الرازي من قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم : {وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }[ النساء : 113 ]
قال رحمه الله : ( وهذا من أعظم الدلائل على أن العلم أشرف الفضائل والمناقب ؛ وذلك لأن الله تعالى ما أعطى الخلق من العلم إلا القليل، كما قال { وَمَا أُوتِيتُم مّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85] ، ونصيب الشخص الواحد من علوم جميع الخلق يكون قليلاً، ثم أنه سمى ذلك القليل عظيماً حيث قال : {وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }وسمى جميع الدنيا قليلاً حيث قال { قُلْ مَتَـٰعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ }[النساء: 77] [color=CC0000]وذلك يدل على غاية شرف العلم[/color].)
 
قال الله تعالى في سورة السجدة : [color=CC0000]{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ } .[/color]

ذكر ان القيم في كتابه الصلاة هذه الآية من ضمن أدلة كفر تارك الصلاة ، قال رحمه الله :
( ووجه الاستدلال بالآية أنه سبحانه نفى الإيمان عمن إذا ذكروا بآيات الله لم يخروا سجداً مسبحين بحمد ربهم . ومن أعظم التذكير بآيات الله التذكير بآيات الصلاة ، فمن ذكر بها ولم يتذكر ولم يصل لم يؤمن بها لأنه سبحانه خص المؤمنين بها بأنهم اهل السجود .
[color=0000FF]وهذا من أحسن الاستدلال وأقربه[/color] ؛ فلم يؤمن بقوله تعالى ( وأقيمو الصلواة ) إلا من التزم إقامتها ) .

ومن أحسن الاستدلالات كذلك ما ذكره ابن كثير رحمه الله عند تفسيره لقول الله تعالى : [color=CC0000]{ وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ } [/color]. قال رحمه الله :
( ‏{‏فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب‏}‏ أي بولد لها يكون له ولد وعقب ونسل، فإن يعقوب ولد إسحاق، ومن هنا استدل من استدل بهذه الآية على أن الذبيح إنما هو إسماعيل وأنه يمتنع أن يكون إسحاق لأنه وقعت البشارة به، وأنه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده، ووعد اللّه حق لا خلف فيه، فيمتنع أن يؤمر بذبح هذا والحالة هذه، فتعين أن يكون هو إسماعيل . [color=30FFFF]وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه وأبينه وللّه الحمد[/color] .)
 
قال الله تعالى : { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } ( الفتح:25)

قال القرطبي في تفسير هذه الآية : ( هذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن؛ إذ لا يمكن أذية الكافر إلا بأذية المؤمن. قال أبو زيد قلت لابن القاسم: أرأيت لو أن قوماً من المشركين في حصن من حصونهم، حصرهم أهل الإسلام وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم، أيحرق هذا الحصن أم لا؟ قال: سمعت مالكاً وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم: أنرمي في مراكبهم بالنار ومعهم الأسارى في مراكبهم؟ قال: فقال مالك لا أرى ذلك؛ لقوله تعالى لأهل مكة: {لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} .) انتهى
 
قال الله تعالى : {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِى ٱلأٌّرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ}. (آل عمران:137)

قال ابن عاشور تعليقاً على هذه الآية : ( وفي الآية دلالة على أهميِّة علم التَّاريخ لأنّ فيه فائدة السير في الأرض، وهي معرفة أخبار الأوائل، وأسباب صلاح الأمم وفسادها. قال ابن عرفة: «السير في الأرض حسّي ومعنوي، والمعنوي هو النظر في كتب التَّاريخ بحيث يحصل للنَّاظر العلم بأحوال الأمم، وما يقرب من العلم، وقد يحصل به من العلم ما لا يحصل بالسير في الأرض لِعجز الإنسان وقصوره».
وإنَّما أمر الله بالسير في الأرض دون مطالعة الكتب لأنّ في المخاطبين مَن كانوا أمِّيين، ولأنّ المشاهدة تفيد من لم يقرأ علماً وتقوّي عِلْم من قرأ التَّاريخ أو قصّ عليه. )
 
المقصود من التفقه والتعلم دعوة الخلق إلى الحق

المقصود من التفقه والتعلم دعوة الخلق إلى الحق

قال الله تعالى : ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾ (التوبة:122)
قال الرازي : ( دلت الآية على أنه يجب أن يكون المقصود من التفقه والتعلم دعوة الخلق إلى الحق ، وإرشادهم إلى الدين القويم والصراط المستقيم، لأن الآية تدل على أنه تعالى أمرهم بالتفقه في الدين، لأجل أنهم إذا رجعوا إلى قومهم أنذروهم بالدين الحق، وأولئك يحذرون الجهل والمعصية ويرغبون في قبول الدين.
فكل من تفقه وتعلم لهذا الغرض كان على المنهج القويم والصراط المستقيم، ومن عدل عنه وطلب الدنيا بالدين كان من الأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. )
 
الحمد لله رب العالمين

القراءة أساس العلم، وهي نوعان :
1) قراءة لعلم معنى الشيء واسمه.
2) قراءة لعلم كيفية رسمه بالقلم.
الطفل يولد أميا فنعلمه الكلام بالقراءة، نعلمه الأسماء : هذا بيت ، وهذا جمل ، وهذه طاولة... فيردد الكلام شفهيا ، هذا هو الإقراء الأول = قراءة لعلم أسماء ومعاني كل الأشياء التي خلقها الله.
ثم بعد ذلك نرسمها له بالقلم ليعلم كيف تكتب فيقرأها مكتوبة ، هذا هو الإقراء الثاني = قراءة ما رسم بالقلم.
وبما أن الله ضرب محمدا صلى الله عليه وسلم مثلا للإنسان يولد أميا فيتعلم بالقراءة معاني الأشياء وكيفية كتابتها بالقلم فإن من الحكمة أن يكون أول ما أنزل من القرآن هو قوله تعالى :
بسم الله الرحمن الرحيم إقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق) = هذا هو الإقراء الأول : قراءة لعلم أسماء ومعاني كل الأشياء التي خلقها الله.
إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ، علم الإنسان ما لم يعلم. = هذا هو الإقراء الثاني : قراءة رسم القلم.

والله تعالى أعلم.
 
﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾(الأنعام: من الآية90)

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ﴾(الأنعام: من الآية90)

تدل هذه الآية على عدة مسائل ، ومنها
1- حاجة كل أحد إلى القدوة ، حتى النبي صلى الله عليه وسلم يحتاج إليها ، ولذلك أمر هنا أن يقتدي بهدي من قبله من المرسلين ، وأن يصبر كما صبروا ، قال الله تعالى : ﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ (الاحقاف: من الآية35)

2- دلت هذه الآية مع الآيات التي أمر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بمن قبله من المرسلين على مسألة مهمة في موضوع الاقتداء ، وهي ما أشار إليه القرطبي بقوله عند تفسيره لقول الله تعالى في سورة النحل : ﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (النحل:123) قال القرطبي : ( في هذه الآية دليل على جواز اتباع الأفضل للمفضول لما تقدم إلى الصواب والعمل به ، ولا دَرَك على الفاضل في ذلك ؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء عليهم السلام ، وقد أمِر بالاقتداء بهم فقال: {فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ} (الأنعام: 90) . وقال هنا: «ثم أوحينا إِلَيْكَ أنِ ٱتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ». ) انتهى .

3- في هذه الآية إشارة إلى فضل النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى علو مكانته بين إخوانه من الأنبياء ؛ لأن الاقتداء بهدي السابقين ، يقود إلى بلوغ درجات عالية من الفضل ؛ ولذلك حاز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الفضل ، وصار أفضل الخلق لأنه جمع كمالات من قبله . وقد نبه على هذا بعض المفسرين كالرازي ، وابن سعدي . قال الأخير : ( وقد امتثل صلى الله عليه وسلم فاهتدى بهدى الرسل قبله وجمع كل كمال فيهم فاجتمعت لديه فضائل وخصائص فاق بها جميع العالمين وكان سيد المرسلين وإمام المتقين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين .وبهذا الملحظ استدل بهذا من استدل من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الرسل كلهم .)

4- أن الاقتداء يكون بالهدى الذي معهم ، ولذلك قال الله فبهداهم اقتده ، ولو تأملنا الآية لرأينا أن الهدى قُدم على الفعل [ لم يقل فاقتد بهداهم ]، وفي هذا إشارة مهمة نبه عليها الشوكاني بقوله : ( وتقديم بهداهم على الفعل يفيد تخصيص هداهم بالاقتداء ) كما أن في ذلك تنبيه على أن العلم قبل العمل ، فلا بد من معرفة هداهم أولاً ثم يحصل بعد ذلك العمل والاقتداء ؛ فالعلم قبل القول والعمل . ومن هنا يظهر لنا أن الخطأ في الاقتداء إنما سببه الجهل ، وأكثر من يخطئ في الاقتداء بالصالحين هم الجهلة ، لأنهم لا يميزون بين الصحيح من أعمال أهل القدوة والخطأ ؛ فيتبعونهم اتباعاً خاطئاً في بعض الأمور .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
من أسماء سورة الفاتحة انها ( الشافية ) وقد كان أحد السلف رحمهم الله ( ولعله ابن القيم ) اذا الم به داء أخذ ماء زمزم ، فيقرأ فيه هذه السورة المباركة ثم يشربه فيكشف الله عنه .




قال تعالى : ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا / يرسل السماء عليكم مدرارا / ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا )
فالاستغفار سبب للرزق والمطر ، والبنين والاموال وهذا ماأثبتته التجربة
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لم يحتسب )
 
قال الله تعالى : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ (يوسف:108)

ذكر ابن القيم أن هذه الآية تدل على أنه لا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة ، كما تدل على أن من لم يكن على بصيرة فليس من أتباع الرسول وأن أتباعه هم أولو البصائر.

انظر : رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه بتحقيق عبدالله المديفر ص21-23 .

وقال ابن عاشور في تفسيره لهذه الآية :
( وفي الآية دلالة على أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين الذين آمنوا به مأمورون بأن يدعوا إلى الإيمان بما يستطيعون . وقد قاموا بذلك بوسائل بث القرآن وأركان الإسلام والجهاد في سبيل الله . وقد كانت الدعوة إلى الإسلام في صدر زمان البعثة المحمدية واجباً على الأعيان لقول النبي صلى الله عليه وسلم " بلّغوا عنّي ولو آيةً " أي بقدر الاستطاعة . ثم لمّا ظهر الإسلام وبلغت دعوته الأسماع صارت الدعوة إليه واجباً على الكفاية كما دل عليه قوله تعالى : { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير الآية } في سورة آل عمران ( 104 ) . ) التحرير والتنوير - (ج 7 / ص 325)

وقال الشوكاني :
( وفي هذا دليل على أن كل متبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم حق عليه أن يقتدي به في الدعاء إلى الله ، أي : الدعاء إلى الإيمان به وتوحيده ، والعمل بما شرعه لعباده . ) فتح القدير - (ج 4 / ص 79)
 
كل مباح حسن

كل مباح حسن

قال الله تعالى : ﴿ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ (النور:38)

قال العلامة الشنقيطي في أضواء البيان - (ج 6 / ص 32):
( وقد قدمنا قول بعض أهل العلم : أن قوله تعالى : { لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } ونحوها من الآيات يدل على أن المباح حسن ، لأن قوله : أحسن ما عملوا صيغة تفضيل ، وأحسن ما عملوا هو ما تقرّبوا به الى الله من الواجبات والمستحبات ، وصيغة التفضيل المذكور تدل على أن من أعمالهم حسناً لم يجزه وهو المباح .
قال في مراقي السعود :
ما ربُّنا لم يَنْهُ عَنه حَسَن ... وغيرُه القبيحُ والمستهجنُ.) انتهى.
 
وسار بأهله

وسار بأهله

[align=justify]جاء في تفسير القرطبي ما نصه :
( قوله تعالى: (وسار بأهله) قيل : فيه دليل على أن الرجل يذهب بأهله حيث شاء، لما له عليها من فضل القوامية وزيادة الدرجة إلا أن يلتزم لها أمرا فالمؤمنون عند شروطهم، وأحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج.)
تفسير القرطبي - (ج 13 / ص 281)
[/align]
 
[align=justify]وهذه جملة حسنة من استنباطات الإمام البغوي رحمه الله من تفسيره :

تفسير البغوي - (ج 3 / ص 32)
قوله عز وجل: { وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ } قيل: أراد بهم اليهود والنصارى فاكتفى بذكر أحدهما، والصحيح أن الآية في النصارى خاصة لأنه قد تقدم ذكر اليهود، وقال الحسن: فيه دليل على أنهم نصارى بتسميتهم لا بتسمية الله تعالى.

تفسير البغوي - (ج 4 / ص 98)
{ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ } قرأ حمزة والكسائي: "فَيَقْتُلوُن" بتقديم المفعول على الفاعل بمعنى يقتل بعضهم بعضا، ويقتل الباقون. وقرأ الآخرون بتقديم الفاعل. { وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا } أي: ثواب الجنة لهم وعدٌ وحقٌ { فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ } يعني أن الله عز وجل وعدهم هذا الوعد، وبيَّنه في هذه الكتب. وقيل : فيه دليل على أن أهل الملل كلهم أُمروا بالجهاد على ثواب الجنة.

تفسير البغوي - (ج 4 / ص 239)
قوله تعالى: { وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ } أَمِلْ إليهن وأتابعهن، يقال: صبا فلان إلى كذا يصبو صبوا وصبُوَّاً وصُبُوَّةً إذا مال واشتاق إليه.
{ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ } فيه دليل على أن المؤمن إذا ارتكب ذنبا يرتكبه عن جهالة.

تفسير البغوي - (ج 6 / ص 361)
قوله عز وجل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُم، الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } فيه دليل على أن الطلاق قبل النكاح غير واقع لأن الله تعالى رتب الطلاق على النكاح، حتى لو قال لامرأة أجنبية: إذا نكحتك فأنت طالق، وقال: كل امرأة أنكحها فهي طالق، فنكح، لا يقع الطلاق.[/align]
 
قال الشنقيطي في تفسيره لقول الله تعالى : ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ (النور:32) :
( وقوله تعالىٰ في هذه الآية الكريمة: { وَٱلصَّـٰلِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ} ، يدلّ على لزوم تزويج الأيامى من المملوكين الصالحين ، والإماء المملوكات ، وظاهر هذا الأمر الوجوب ؛ لما تقرّر في الأصول.
وقد بيّنا مرارًا من أن صيغة الأمر المجرّدة عن القرائن تقتضي الوجوب، وبذلك تعلم أن الخالية من زوج إذا خطبها كفء ورضيته ، وجب على وليّها تزويجها إياه. )
 
[align=center] أعضاء المنتدى الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل
عن الاستنباطات التي نستطيع أن نستبطها من قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
س2 وما علاقة الأحبار بمانعي الزكاة ؟؟
س3 وهل عقاب اليهود والنصارى ومانعي الزكاة في النار سواء؟؟
[/align]
 
[align=center] أعضاء المنتدى الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أسأل
عن الاستنباطات التي نستطيع أن نستبطها من قوله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}
س2 وما علاقة الأحبار بمانعي الزكاة ؟؟
س3 وهل عقاب اليهود والنصارى ومانعي الزكاة في النار سواء؟؟
[/align]


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قال ابن عاشور عند تفسيره للآية التي سألت عنها : ( جملة معطوفة على جملة { يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً } والمناسبة بين الجمْلتين: أنّ كلتيهما تنبيه على مساوي أقوام يضَعُهم الناس في مقامات الرفعة والسؤدد وليسوا أهلاً لذلك، فمضمون الجملة الأولى بيان مساوي أقوام رفع الناس أقدارهم لعلمهم ودينهم، وكانوا منطوين على خبائث خفيّة، ومضمون الجملة الثانية بيان مساوي أقوام رفعهم الناس لأجل أموالهم، فبين الله أنّ تلك الأموال إذا لم تنفق في سبيل الله لا تغني عنهم شيئاً من العذاب. )

وقال أبو السعود : ( { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } أي يجمعونهما ويحفَظونهما سواءٌ كان ذلك بالدفن أو بوجه آخرَ والموصولُ عبارةٌ إما عن الكثير من الأحبار والرهبانِ فيكون مبالغةً في الوصف بالحِرْص والضّنِّ بهما بعد وصفِهم بما سبق من أخذ الرشا والبراطيلِ في الأباطيل وإما عن المسلمين الكانزين غيرِ المنفقين وهو الأنسبُ بقوله عز وجل { وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } فيكون نظمُهم في قَرْن المرتشين من أهل الكتابِ تغليظاً ودِلالةً على كونهم أسوةً لهم في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم.)

وقد ذكر الرازي في تفسيره أن قول الله تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } يحتمل وجوها ثلاثة ، فقال :

( في قوله: { وَالَّذِينَ } احتمالات ثلاثة: لأنه يحتمل أن يكون المراد بقوله: { الَّذِينَ } أولئك الأحبار والرهبان، ويحتمل أن يكون المراد كلاماً مبتدأ على ما قال بعضهم المراد منه مانعو الزكاة من المسلمين، ويحتمل أن يكون المراد منه كل من كنز المال ولم يخرج منه الحقوق الواجبة سواء كان من الأحبار والرهبان أو كان من المسلمين، فلا شك أن اللفظ محتمل لكل واحد من هذه الوجوه الثلاثة }

وجاء في تفسير القرطبي : ( واختلفت الصحابة في المراد بهذه الآية؛ فذهب معاوية إلى أن المراد بها أهل الكتاب، وإليه ذهب الأَصَمّ؛ لأن قوله: { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ } مذكور بعد قوله: { إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ }. وقال أبو ذرّ وغيره: المراد بها أهل الكتاب وغيرهم من المسلمين. وهو الصحيح؛ لأنه لو أراد أهل الكتاب خاصة لقال: ويكنِزون، بغير والذين. فلما قال: «والذِين» فقد استأنف معنًى آخر يبيِّن أنه عطف جملة على جملة.)

وأما جواب السؤال الأخير ، وهو وهل عقاب اليهود والنصارى ومانعي الزكاة في النار سواء؟؟ فقد ذكر ابن جرير أنهم مشتركون في التوعد بالنار ، فقال : ( يقول تعالى ذكره: { إنَّ كَثِيراً مِنَ الأحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أمْوَالَ النَّاسِ بالباطِلِ } ويأكلها أيضاً معهم { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيمٍ } يقول: بشر الكثير من الأحبار والرهبان الذين يأكلون أموال الناس بالباطل، والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله، بعذاب أليم لهم يوم القيامة موجع من الله.)

هذا ما تيسر نقله الآن ، ولعل الموازنة بين هذه الأقوال تتيسر قريباً ، كما أرجو أن يشارك الإخوة بآرائهم وما يرونه راجحا في هذه المسائل.
 
قال الإمام الرازي في بيان قوله تعالى (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين (112) قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين (113( قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين (114((.
"تأمل في هذا الترتيب فإن الحواريين لما سألوا المائدة ذكروا في طلبها أغراضا ، فقدموا ذكر الأكل فقالوا { نريد أن نأكل منها } [ المائدة : 113 ] وأخروا الأغراض الدينية الروحانية ، فأما عيسى فإنه لما طلب المائدة وذكر أغراضه فيها قدم الأغراض الدينية وأخر غرض الأكل حيث قال { وارزقنا }.
وعند هذا يلوح لك مراتب درجات الأرواح في كون بعضها روحانية وبعضها جسمانية. ثم إن عيسى عليه السلام لشدة صفاء دينه وإشراق روحه لمّا ذكر الرزق بقوله { وارزقنا } لم يقف عليه بل انتقل من الرزق إلى الرازق فقال { وأنت خير الرازقين } فقوله { ربنا } ابتداء منه بذكر الحق سبحانه وتعالى ، وقوله { أنزل علينا} انتقال من الذات إلى الصفات ، وقوله { تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا } إشارة إلى ابتهاج الروح بالنعمة لا من حيث إنها نعمة ، بل من حيث إنها صادرة عن المنعم. وقوله { وآية منك } إشارة إلى كون هذه المائدة دليلا لأصحاب النظر والاستدلال. وقوله { وارزقنا } إشارة إلى حصة النفس، وكل ذلك نزول من حضرة الجلال. فانظر كيف ابتدأ بالأشرف فالأشرف نازلا إلى الأدون فالأدون . ثم قال : { وأنت خير الرازقين } وهو عروج مرة أخرى من الخلق إلى الخالق ومن غير الله إلى الله ومن الأخس إلى الأشرف ، وعند ذلك تلوح لك شمة من كيفية عروج الأرواح المشرقة النورانية الإلهية ونزولها. اللهم اجعلنا من أهله."
واسترسالا مع الإمام رحمه الله تعالى نقول:
وانظر كيف قابل بين لفظ "الأكل" في طلبهم، ولفظ "الرزق" في طلبه عليه السلام! فإن بينهما بونا شاسعا؛ إذ الأكل عملية جسمانية محضة لا تتعدى صاحبها، بينما الرزق دالٌّ بمادته على مصدره وهو الرازق سبحانه وتعالى. كما أن لفظ الرزق عام فيما يؤكل وما لا يؤكل، فجاء طلبه شاملا لكل ما يصيب الإنسان من النعم في جسمه أو روحه أو عقله.
رحمة الله على الإمام الرازي الذي أفادنا وتسبب لنا في الإفادة!!
وجزى الله أخانا أبا مجاهد بأفضل الجزاء على هذا الركن الثري
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
[align=justify]جاء في الدر المنثور للسيوطي ما نصه:
( أخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن سفيان بن عيينة قال : لا تجد مبتدعاً إلا وجدته ذليلاً ، الم تسمع قول الله { إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا } .)[/align]
 
قال ابن العربي رحمه الله
قوله تعالى (ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير) (سبأ الآية 10)
قال :وكان داود عليه السلام ذا صوت حسن وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابي موسى لقد اوتيت مزمارا من مزامير آل داود
ففيه دليل الاعجاب بحسن الصوت
والقلوب تخشع بالصوت الحسن وما تتأثر به القلوب في التقوى فهو اعظم في الاجر واقرب الى لين القلوب وذهاب القسوة منها . انتهى باختصار
 
درر غوال سطرتها أصبع****غراء تنبئ عن كريم ماجد

ومن هذا الباب، ما جمعه الحافظ السيوطي رحمه الله في كتابه النفيس:
"الإكليل في استنباط التنزيل". فقد ضمن فيه كثيرا من الاستنباطات والإشارات، وغرائب التفسير، وغير ذلك مما يحسن من لطائف القرآن الكريم.
ومن امثلة ما أورده فيه:
قول الله تعالى:"وامرأته حمالة الحطب" استدل به الشافعي على صحة أنكحة الكفار.


وهذا رابط الكتاب لمن رغب في تحصيله على ملف pdf
http://ia310812.us.archive.org/0/items/iklil_sayuti/iklil_sayuti.pdf
 
الفائدة 2
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في قوله تعالى في معرض قصة موسى عليه السلام (فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين ءامنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكفرين إلا في ضلل) (غافر 25)

قاعدة :تدبر هذه النكتة التي يكثر مرورها بكتاب الله تعالى إذا كان السياق في قصة معينة او على شيء معين واراد الله ان يحكم على ذلك المعين بحكم لا يختص به ذكر الحكم وعلقه على الوصف العام ليكون اعم وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لاجلها وليندفع الايهام باختصاص الحكم بذلك المعين فلهذا لم يقل وما كيدهم إلا في ضلال بل قال (عز وجل) (وما كيد الكافرين إلا في ضلال)
 
عودة
أعلى