كما أننا إذا أردنا وجهة نظر كاملة فإننا نعتمد على كلام مكتوب ومُراجَع من صاحبه، أما الكلام المسجل صوتياً فإنه يعتريه ما يعتريه -كما ذكر الشيخ فهد- ، ولا يمكن أن يُفهم إلا بسماعه كاملا، مع إدراك لطبيعة الدرس والحال التي ألقي فيها وحال المستمعين ...الخ.
هذا كلام الشيخ بحروفه .. وقد أضعت ساعتين في نقله .. ولا بأس أن يسأل طلبة الشيخ أو من يعرفه عن رأيه في الكشاف ويأتينا به (مكتوباً مراجعاً ) ..
الله المستعان !
نظرات في كتب التفسير (4) [(من الدقيقة (26) والثانية ( 15( إلى الدقيقة ( 38) والثانية (45)]
قال الشيخ : " نبدأ بجملة من الكتب الآن .. نعم .. [ يعني كتب التفسير بالرأي ]
من هذه الكتب كتاب تفسير (الكشَّاف عن حقائق التنزيل) للزمخشري ، وهو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الحنفي ، ولد في رجب سنة 467، توفي في سنة 538 ، فرغ من تأليفه في سنتين وأربعة أشهر .
الذين تكلموا عن كتاب الزمخشري – اللي هو الكشاف ، موجود ومطبوع في أربع مجلدات - ، ذكروا أنه .. يعني .. ذكر أشياء .. يعني أمور فواقر .. وأمور جرأة عظيمة جداً في التفسير .. على السلف الصالح وعلى التحريف وعلى .. لكن كثيراً مما يذكرونه غير موجود في الكتاب .. أين هو إذاً ؟
السبب أن الزمخشري حينما كان .. جاء إلى مكة .. في الطريق نزل في مكان ، يطلبون منه أن يفسر، رجل صاحب بلاغة وصاحب بيان .. فيطلبون منه .. فكان يفسر القرآن . وكتب أشياء .. طلبوا منه أن يكتب فكتب .. فكانت كتابته فجَّة .. في غاية الجرأة .. في إظهار عقيدته الاعتزالية .. وتحريف النصوص .. والطعن في سلف الأمة .. فقامت عليه قيامة أهل الغيرة .. وواجه إنكاراً شديداً .. فقال : لأضعنَّ لهم تفسيراً لا يستخرجون منه هذه الأمور ( يعني عقيدة المعتزلة ) .. يعني يدسها في طريقة في غاية الخفاء ؛ يأتي يفسر ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) مثلاً ، يقول : " وليس بعد دخول الجنة من نعيم " .. [ قال أبو الحسنات : قال ذلك عند قوله تعالى : (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) وليس عند هذه الآية ، وعبارته: " ولا غاية للفوز وراء النجاة من سخط الله والعذاب السرمد ونيل رضوان الله والنعيم المخلد . اللهم وفقنا لم ندرك به عندك الفوز في المآب " ، والذي ذكره الشيخ قاله الحافظ البلقيني فيما نقله عنه السيوطي في الإتقان: قال البلقيني : " استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش من قوله تعالى في تفسير : (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز ) : " وأي فوز أعظم من دخول الجنة " .أشار به إلى عدم الرؤية ] تقرأه تقول ماشاء الله ! تبارك الله ! كلام ممتاز ! ، وهو ماذا يقصد بها ؟ يقصد نفي رؤية الله عز وجل ، أن المؤمنين لا يرونه ، هذه عقيدة المعتزلة . وهو يقول : " ما بعد دخول الجنة من نعيم " .. ما بعد نعيم الجنة من نعيم .. اللي يسمعه يهز راسه يقول ما شاء الله ، كلام صحيح ، وهو يقصد هذا المعنى الباطل .. بهذه الطريقة .. وإن كان يوجد فيه أشياء ظاهرة .. وسأذكر بعض الأمثلة .. على كل حال .. لما وصل إلى مكة ، طلب منه أميرها أن يكتب في التفسير .. فجاور بمكة مدة – ولهذا يقال له جار الله .. لهذا السبب - .. فبدأ يكتب بهذه الطريقة الخفية ، يدس الاعتزاليات .
ولهذا تتبعه كثيرون ، وللأسف .. الذين تتبعوه .. حواشي الكشاف .. سواء الذين يضيفون في المعاني .. أو الذين .. يعني .. يتكلمون على شواهده الشعرية ، أو الذين يناقشونه في قضايا الاعتزال : من الأشاعرة .. حواشي الكشاف كثيرة جدأ .. تتعب في فهارس المخطوطات إذا وصلت عند كتابين : الكشاف والبيضاوي .. تمل وأنت تقلب الصفحات .. حاشية على الكشاف .. حاشية على الكشاف .. حاشية على الكشاف .. تمشي مسافة طويلة من الصفحات .. حاشية على الكشاف .. وإذا انتهيت تمشي في البيضاوي : أعانك الله على كثرة الحواشي ..
بعض الحواشي مثل حاشية الطيبي مخطوط في اثنتي عشرة مجلدة ... اثنا عشر مجلد مخطوط .. اشترك .. حُقِّق في رسائل جامعية في ما يقرب من اثنا عشر رسالة جامعية أو أكثر .. بين ماجستير ودكتوراة .. حاشية على الكشاف .
طبعاً هذه الحواشي فيها فوائد .. فيها علم .. فيها قضايا .. شواهد شعرية كثيرة جداً .. فيها .. لكن اعتنوا به عناية كبيرة ..وكثير من الذين جاؤوا بعده إذا نقلوا عن صاحب الكشاف .. إذا نقلوا عنه .. تشعر أنه وهو ينقل .. يطربون عند ذكر الكشاف والزمخشري .
ربما أكون مخطئاً : من خلال قراءاتي في الكشاف ومقارنة .. والله يقول : " ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا " لم أر شيئاً يُطرِب .. ما رأيت شيئاً يستحق هذه السمعة والعناية بكتاب الكشاف ، إطلاقاً ، وليس هذا لأنه معتزلي .. لكن أتحدث عن شيء أعتقدُه ورأيتُه بـ .. والناس يتفاوتون على كل حال .. كل إنسان ينبؤ عما يجد في نفسه .. بخلاف مثل تفسير ابن عاشور .. ابن عاشور رحمه الله لم يكن على عقيدة أهل السنة .. كان على عقيدة الأشاعرة .. وهو متأخر .. متوفى سنة 1393 كما سيأتي ... لكن إذا أردت كتاباً تملأ بيديك من العلم ؛ تقرأ في تفسير ابن عاشور .. التحرير والتنوير .. كتاب مُلىء بالعلم .. مُلىء مُلىء بالعلم .. وإن كان أشعرياً . [ قال أبو الحسنات : كيف لو لم يكن الكشاف من مراجع ابن عاشور الرئيسة كما صرح في مقدمة تفسيره ! ]
نحن لا نقول هذا لأن صاحب الكشاف نختلف معه في الاعتقاد .. الله أمرنا بالعدل ، لكن ما رأيت شيئاً يُطرِب ، ويستحق هذه العناية ، بل إذا قرأت فيه اكتأبت ! .
فالحاصل أن هذا الكتاب يبرز وجوه الإعجاز .. يعني .. يحاول ذلك .. لايميز بين الحديث الصحيح والمكذوب .. ولهذا جاء بالحديث الطويل في فضائل السور .. الموضوع .. قطعه وجزأه .. العجيب ما حطه في أول كل سورة بل في آخرها .. كل جزء يتعلق بكل سورة وضعه في آخرها .
يشتم أعلام الأمة وسلفها كما سترون .
يسهب في المعنى الوجيز .
ينسب المعاني - طبعاً - لنفسه .. ويكتب محرراً .. ما يقول قال فلان وقال فلان وقال فلان .
تأويلاته كثيرة ولذلك تتبعوه . من الذين تتبعوه ابن المنَيِّر ، وهو من الأشاعرة رحمه الله ، يقول :" استخرجت اعتزالياته بالمناقيش " . وهو مطبوع في حاشية الكشاف .
ويشير أحياناًَ إلى الخلافات الفقهية .
يذكر الروايات الإسرائلية بقلة .
لكن إذا أردتم بعض النماذج من الكلام الذي يذكره .. نعم .. هنا .. أعطيكم مثالاً أو مثالين .
يقول – نسأل الله العافية – هنا .. في رد التفسير النبوي .. ويرد على الصحابة في مواضع .. يقول صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى : " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " ، النبي صلى الله عليه وسلم فسر الظلم بإيش ؟ بالشرك ، وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل، المعتزلة بماذا يفسرونه بناء على عقيدتهم الفاسدة أن صاحب الكبيرة مخلد في النار ؟ " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " الظلم الذي هو ليس الشرك ! ،بينما الظلم .. الظالم عندهم مخلد في النار .. جيد .. فيقول الله عز وجل : " أولئك لهم الأمن وهم مهتدون " يقول : " وأبى تفسيرَ الظلم بالكفر لفظُ اللبس " ... الآن يرد التفسير النبوي .. يقول : " ولم يلبسوا يقول : .. يعني .. " ولم يخلطوا " .. يقول " لفظ اللبس يأبى تفسير الظلم بالكفر " .. يردُ على مَن ؟ على النبي صلى الله عليه وسلم .
وله أشياء من هذا ، يرد على الصحابة مثلاً ، يقول : - مع أنه حاول أن يخفي هذه الأشياء – .. نعم .. يقول عند قوله تعالى : خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ " في سورة هود : " ولا يخدعنك [عنه] قول المجبرة . إنّ المراد بالاستثناء خروج أهل الكبائر من النار ( يسميهم المجبرة .. جيد ) [بالشفاعة] ، يقول : " فإنّ الاستثناء الثاني ينادي على تكذيبهم ويسجل بافترائهم . وما ظنك بقوم نبذوا كتاب الله لِمَا روى لهم بعض الثوابت [ كذا قال الشيخ ] عن ابن عمرو : " ليأتين على جهنم يوم تصفق فيه أبوابها ليس فيها أحد" ثم قال : " وأقول : ما كان لابن عمرو في سيفيه ، ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ما يشغله عن تسيير هذا الحديث " . يعني عن افتراء هذا الحديث .. يقول : " يكفيه .. يعني .. مقاتلته لعلي بن أبي طالب .. مو يروح يكذب ويفتري حديثاً " .. يتكلم على .. طبعاً الحديث ما يصح .. الحديث ما يصح .. لكن انظر إلى كلامه على عبد الله بن عمرو يقول : " ما كان لابن عمرو في سيفيه ، ومقاتلته بهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ما يشغله عن تسيير هذا الحديث " يعني عن اختلاقه والكذب .
وله أشياء من هذا القبيل على كل حال .. والله المستعان .
أعطيكم مثال آخر والا يكفي ؟
نعم .. هنا يحكم على بعض الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالبطلان ، ويتكلم بجهل في هذه القضايا .
نعم .. على كل حال .. " .
حمل المحاضرة من
هنا