محمد يحيى شريف
New member
شيخنا الشيخ الجكني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال ابن الجزري في نشره عند ذكر إسناده إلى كتاب التيسير لأبي عمرو الداني فقال في إسناده الأوّل :
حدثني به شيخنا الأستاذ شيخ الإقراء أبو المعالي محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن اللبان الدمشقي بعد أن قرأت عليه بمضمنه في شهور سنة ثمان وستين وسبعمائة قال أخبرنا به أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم المرادي العشاب بقراءتي لجميعه عليه بثغر الاسكندرية سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وأراني خطه بذلك قال أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أبي بكر الشبارتي قراءة عليه قال أخبرنا به أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى الحصار قراءة وتلاوة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ......." أقول : وباقي الرجال أسندوا ذلك قراءة وتلاوة إلى المؤلف عليه رحمة الله تعالى. ثمّ قال ابن الجزري وهذا إسناد صحيح عال تسلسل لي الثاني بالأندلسيين منّي إلى المؤلف.
أقول : في هذا السند هناك من أسند القراءة فقط ومنهم من أسند القراءة والتلاوة فما الفرق ؟ الفرق وهو أنّ الأوّل قرأ على شيخه كتاب التيسير فقط والدليل على ذلك قول أبي المعالى قال أخبرنا به أبو العباس ........بقراءتي لجميعه عليه أي قرأ عليه جميع كتاب التيسير واكتفى بذلك ولم يسند عنه تلاوة أي لم يقرأ عليه القرءان بمضمنه. وحتّى إن سلمنا أنّ المعنى من قوله بقراءتي عليه أي القرءان فلماذا قيّده ب "جميعه " لو كانت قراءة جميع القرءان على الشيخ أمرٌ لازمٌ. ثمّ أخبر أبو محمد عبد الله بن يوسف أنّه أخذ على أبي العباس قراءة وتلاوة. أقول وهذا يدلّ على التفريق بين القراءة والتلاوة ، فالقراءة بمعني قرأ كتاب التيسير أي المتن والتلاوة أي قرأ القرءان بمضمون كتاب التيسير. فانظر يا شيخنا أنّ في الإسناد من لم يقرأ القرءان بمضمون التيسير وإنّما قرأ المتن ومع هذا قال ابن الجزري وهذا إسناد صحيح عالٍ ........."
وقال في الإسناد الثاني : قال بن الجزري " وأخبرني به أيضاً الشيخ الأصيل أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد ابن محمد المصري بالقاهرة المحروسة قراءة مني عليه قال أخبرنا به الشيخ أبو فارس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن أبي زكنون التونسي قراءة عليه وأنا أسمع قال أخبرني به أبو بكر محمد بن أحمد بن مشليون البلنسي سماعاً عن أبي بكر ........قال أخبرني به والدي سماعاً ...قال أخبرني مؤلّفه الإمام أبو عمرو الداني إجازة.
أقول : في هذا السند لم يصرّح بالتلاوة وصّرّح بالقراءة أي المتن لأنّه قال " قراءة منّي عليه " وحتّى لو سلمنا أنّ معناه تلاوة القرءان فإنّ في السند المتبقي صُرّح بالسماع فقط وفي الأخير بالإجازة فقط من الإمام الداني. وفي هذا الإسناد إجازة للإمام الداني وهذا يدلّ أنّ الذي أخذ على الداني لم يقرأ عليه جميع القرءان بل أخذ عنه بالإجازة ولو قرأ عليه جميع القرءان لصرّح بذلك. ومع كلّ هذا فقد ذكر ابن الجزري هذا الإسناد وهذا يدلّ على صحّته.
وقال في الإسناد الثالث : وقرأت به القرءان كلّه من أوّله إلى آخره على شيخي الإمام العالم الصالح قاضي المسلمين أبي العباس أحمد بن الشيخ الإمام العالم .......وقال لي قرأته وقرأت به ...على والدي وأخبرني أنّه قرأه وقرأت به ..............قال قرأته وتلوت به على أبي داود سليمان بن نجاح قال قرأته وتلوت به على مؤلّفه الإمام أبي عمرو الداني. قال ابن الجزري وهذا أعلى إسناداً يوجد اليوم في الدنيا متصلاً واختصّ هذا الإسناد بتسلسل التلاوة والقراءة والسماع ومنّي إلى المؤلّف كلهم علماء ضابطون.
أقول : قد وصف ابن الجزري الإسناد الأخير بأنّه الأعلى والأحسن لأنّ رواته جمعوا بين القراءة والتلاوة والسماع أي قراءة المتن وتلاوة القرءان والسماع وهذا يدلّ على أنّ قراءة القرءان كله على الشيخ شرط كمال وليس شرط صحة والدليل على ذلك إسناده الأوّل الذي وصفه بأنّه صحيح مع عدم ثبوت التلاوة من بعض أصحاب الإسناد.
ومن جهة أخرى فإنّه ذكر في إسناده الأخير أنّه قرأ جميع القرءان فقال :" وقرأت به القرءان كلّه من أوّله إلى آخره على شيخي....". أقول لماذ لم يصرّح بذلك في الأسانيد الأخرى ؟ هذا يدلّ على أنّه لم يقرأ جميع القرءان في إسناده الأوّل والثاني.
وهذه الملاخظات مستخرجة من أسانيد أوّل كتاب مذكور في النشر بعضّ النظر عن المصادر الأخرى وأسانيدها. وإذا رجعت يا شيخنا إلى أسانيد الكتب الأخرى ستجد الكثير من العبارات ما يؤكّد على أنّ الكثير ممن أسند لهم ابن الجزري في نشره لم يقرءوا جميع القرءان على مشايخهم لأنّه فرّق ا بين القراءة والتلاوة والسماع والإخبار وقد استعمل بعضهم كلّ هذه الألفاظ في آن واحد وفي بعض الأحيان يجمع بين لفظين من هذه الألفاظ وفي بعض الأحيان ينفرد بلفظ واحدٍ وفي بعض الأحيان يقول قرأت القرءان كلّه من أوّله وآخره وفي معظم الأحيان لا يصرّح بذلك. وكلّ هذا يدلّ على أنّ صحة السند في القراءة تدور بين :
- قراءة المتن أوسماعه من الشيخ ،
- قراءة القرءان كلّه أو بعضه بمضمون الكتاب أو سماع القراءة من الشيخ ،
- والإجازة على ما ضبطه في كتابه منجد المقرئين.
وهذا كلّه يتناسب مع شرط ابن الجزري رحمة الله عليه ألا هو المعاصرة واللقاء بين الشيخ والتلميذ.
ويُفهم مما سبق أنّ أصحّ الأسانيد ما ورد فيها قراءة المتن وسماعه وتلاوة جميع القرءان على الشيخ إذن فالشرط هو شرط كمال وليس شرط صحة والعلم عند الله تعالى.
وقد يقول القائل كيف يجيز الشيخ بمجرّد سماع المتن من التلميذ.
الجواب إذا علم الشيخ وتأكّد من مهارة التلميذ في النطق بالأحكام أصولاً وفرشاً لأنّ الإمالة كيفيتها واحدة في جميع القراءات وفي جميع المصادر وهذا يقال في جميع الأحكام. وإن كان هناك لفظ له كيفية غير معروفة مرّ عليها التلميذ أثناء قراءة المتن فإنّ الشيخ يبيّن له تلك الكيفية وقد يأمر التلميذ أن ينطق بتلك الكيفية. ثمّ إذا تأكدّ الشيخ من مهارة التلميذ وأهليته أجازة ويعطيه سنداً في ذلك كما ذكر المؤلف في منجد المقرئين.
فلو قرأ عليك تلميذاً القراءات العشر الصغرى وأجزته على ذلك فلا شكّ أنّك أدرى بأهليته من غيرك ، فلو طلب منك مثلاً هذا التلميذ أن يقرأ عليك رواية ورش من الأصبهاني فيكفي أن يقرأ عليك مثلاً كتاب القول الأصدق فيما خالف فيه الأصبهاني الأزرق للشيخ الضباع ويقرأ عليك سورة البقرة بجميع الأوجه لكي تجيزة وإن كنّا لا ننصح بذلك إلاّ أنّ هذا السند يبقى صحيحاً لتوفّر فيه الشروط والعلم عند الله تعالى.
وأشكر شيخنا على هذا النقاش فلقد استفدتّ الكثير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري
قال ابن الجزري في نشره عند ذكر إسناده إلى كتاب التيسير لأبي عمرو الداني فقال في إسناده الأوّل :
حدثني به شيخنا الأستاذ شيخ الإقراء أبو المعالي محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن اللبان الدمشقي بعد أن قرأت عليه بمضمنه في شهور سنة ثمان وستين وسبعمائة قال أخبرنا به أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم المرادي العشاب بقراءتي لجميعه عليه بثغر الاسكندرية سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة وأراني خطه بذلك قال أخبرنا به أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أبي بكر الشبارتي قراءة عليه قال أخبرنا به أبو العباس أحمد بن علي بن يحيى الحصار قراءة وتلاوة سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة ......." أقول : وباقي الرجال أسندوا ذلك قراءة وتلاوة إلى المؤلف عليه رحمة الله تعالى. ثمّ قال ابن الجزري وهذا إسناد صحيح عال تسلسل لي الثاني بالأندلسيين منّي إلى المؤلف.
أقول : في هذا السند هناك من أسند القراءة فقط ومنهم من أسند القراءة والتلاوة فما الفرق ؟ الفرق وهو أنّ الأوّل قرأ على شيخه كتاب التيسير فقط والدليل على ذلك قول أبي المعالى قال أخبرنا به أبو العباس ........بقراءتي لجميعه عليه أي قرأ عليه جميع كتاب التيسير واكتفى بذلك ولم يسند عنه تلاوة أي لم يقرأ عليه القرءان بمضمنه. وحتّى إن سلمنا أنّ المعنى من قوله بقراءتي عليه أي القرءان فلماذا قيّده ب "جميعه " لو كانت قراءة جميع القرءان على الشيخ أمرٌ لازمٌ. ثمّ أخبر أبو محمد عبد الله بن يوسف أنّه أخذ على أبي العباس قراءة وتلاوة. أقول وهذا يدلّ على التفريق بين القراءة والتلاوة ، فالقراءة بمعني قرأ كتاب التيسير أي المتن والتلاوة أي قرأ القرءان بمضمون كتاب التيسير. فانظر يا شيخنا أنّ في الإسناد من لم يقرأ القرءان بمضمون التيسير وإنّما قرأ المتن ومع هذا قال ابن الجزري وهذا إسناد صحيح عالٍ ........."
وقال في الإسناد الثاني : قال بن الجزري " وأخبرني به أيضاً الشيخ الأصيل أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد ابن محمد المصري بالقاهرة المحروسة قراءة مني عليه قال أخبرنا به الشيخ أبو فارس عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن أبي زكنون التونسي قراءة عليه وأنا أسمع قال أخبرني به أبو بكر محمد بن أحمد بن مشليون البلنسي سماعاً عن أبي بكر ........قال أخبرني به والدي سماعاً ...قال أخبرني مؤلّفه الإمام أبو عمرو الداني إجازة.
أقول : في هذا السند لم يصرّح بالتلاوة وصّرّح بالقراءة أي المتن لأنّه قال " قراءة منّي عليه " وحتّى لو سلمنا أنّ معناه تلاوة القرءان فإنّ في السند المتبقي صُرّح بالسماع فقط وفي الأخير بالإجازة فقط من الإمام الداني. وفي هذا الإسناد إجازة للإمام الداني وهذا يدلّ أنّ الذي أخذ على الداني لم يقرأ عليه جميع القرءان بل أخذ عنه بالإجازة ولو قرأ عليه جميع القرءان لصرّح بذلك. ومع كلّ هذا فقد ذكر ابن الجزري هذا الإسناد وهذا يدلّ على صحّته.
وقال في الإسناد الثالث : وقرأت به القرءان كلّه من أوّله إلى آخره على شيخي الإمام العالم الصالح قاضي المسلمين أبي العباس أحمد بن الشيخ الإمام العالم .......وقال لي قرأته وقرأت به ...على والدي وأخبرني أنّه قرأه وقرأت به ..............قال قرأته وتلوت به على أبي داود سليمان بن نجاح قال قرأته وتلوت به على مؤلّفه الإمام أبي عمرو الداني. قال ابن الجزري وهذا أعلى إسناداً يوجد اليوم في الدنيا متصلاً واختصّ هذا الإسناد بتسلسل التلاوة والقراءة والسماع ومنّي إلى المؤلّف كلهم علماء ضابطون.
أقول : قد وصف ابن الجزري الإسناد الأخير بأنّه الأعلى والأحسن لأنّ رواته جمعوا بين القراءة والتلاوة والسماع أي قراءة المتن وتلاوة القرءان والسماع وهذا يدلّ على أنّ قراءة القرءان كله على الشيخ شرط كمال وليس شرط صحة والدليل على ذلك إسناده الأوّل الذي وصفه بأنّه صحيح مع عدم ثبوت التلاوة من بعض أصحاب الإسناد.
ومن جهة أخرى فإنّه ذكر في إسناده الأخير أنّه قرأ جميع القرءان فقال :" وقرأت به القرءان كلّه من أوّله إلى آخره على شيخي....". أقول لماذ لم يصرّح بذلك في الأسانيد الأخرى ؟ هذا يدلّ على أنّه لم يقرأ جميع القرءان في إسناده الأوّل والثاني.
وهذه الملاخظات مستخرجة من أسانيد أوّل كتاب مذكور في النشر بعضّ النظر عن المصادر الأخرى وأسانيدها. وإذا رجعت يا شيخنا إلى أسانيد الكتب الأخرى ستجد الكثير من العبارات ما يؤكّد على أنّ الكثير ممن أسند لهم ابن الجزري في نشره لم يقرءوا جميع القرءان على مشايخهم لأنّه فرّق ا بين القراءة والتلاوة والسماع والإخبار وقد استعمل بعضهم كلّ هذه الألفاظ في آن واحد وفي بعض الأحيان يجمع بين لفظين من هذه الألفاظ وفي بعض الأحيان ينفرد بلفظ واحدٍ وفي بعض الأحيان يقول قرأت القرءان كلّه من أوّله وآخره وفي معظم الأحيان لا يصرّح بذلك. وكلّ هذا يدلّ على أنّ صحة السند في القراءة تدور بين :
- قراءة المتن أوسماعه من الشيخ ،
- قراءة القرءان كلّه أو بعضه بمضمون الكتاب أو سماع القراءة من الشيخ ،
- والإجازة على ما ضبطه في كتابه منجد المقرئين.
وهذا كلّه يتناسب مع شرط ابن الجزري رحمة الله عليه ألا هو المعاصرة واللقاء بين الشيخ والتلميذ.
ويُفهم مما سبق أنّ أصحّ الأسانيد ما ورد فيها قراءة المتن وسماعه وتلاوة جميع القرءان على الشيخ إذن فالشرط هو شرط كمال وليس شرط صحة والعلم عند الله تعالى.
وقد يقول القائل كيف يجيز الشيخ بمجرّد سماع المتن من التلميذ.
الجواب إذا علم الشيخ وتأكّد من مهارة التلميذ في النطق بالأحكام أصولاً وفرشاً لأنّ الإمالة كيفيتها واحدة في جميع القراءات وفي جميع المصادر وهذا يقال في جميع الأحكام. وإن كان هناك لفظ له كيفية غير معروفة مرّ عليها التلميذ أثناء قراءة المتن فإنّ الشيخ يبيّن له تلك الكيفية وقد يأمر التلميذ أن ينطق بتلك الكيفية. ثمّ إذا تأكدّ الشيخ من مهارة التلميذ وأهليته أجازة ويعطيه سنداً في ذلك كما ذكر المؤلف في منجد المقرئين.
فلو قرأ عليك تلميذاً القراءات العشر الصغرى وأجزته على ذلك فلا شكّ أنّك أدرى بأهليته من غيرك ، فلو طلب منك مثلاً هذا التلميذ أن يقرأ عليك رواية ورش من الأصبهاني فيكفي أن يقرأ عليك مثلاً كتاب القول الأصدق فيما خالف فيه الأصبهاني الأزرق للشيخ الضباع ويقرأ عليك سورة البقرة بجميع الأوجه لكي تجيزة وإن كنّا لا ننصح بذلك إلاّ أنّ هذا السند يبقى صحيحاً لتوفّر فيه الشروط والعلم عند الله تعالى.
وأشكر شيخنا على هذا النقاش فلقد استفدتّ الكثير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
محمد يحيى شريف الجزائري