حمل كتاب[طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة] لإبراهيم بن أب الحسني الشنقيطي

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29 مارس 2003
المشاركات
19,309
مستوى التفاعل
125
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
بسم الله الرحمن الرحيم​
اشتهر أهل شنقيط ولا سيما طلبة العلم بمحفوظاتهم الواسعة ، وطريقتهم التي يسيرون عليها في حفظ العلم . وأشرف محفوظاتهم التي يعنون بها عناية فائقة حفظ كتاب الله الكريم . فلهم في حفظه طريقة جديرة بالدراسة والاتباع لما فيها من الدقة ، والاحتياط . وقد صنف الأخ الكريم إبراهيم بن أب الحسني الشنقيطي وفقه الله كتاباً شرح فيه طريقة الشناقطة في حفظ القرآن الكريم . عنونه بعنوان هذه المشاركة ، وقرظه عدد من علماء شنقيط حفظهم الله .
ويقع الكتاب في 136 صفحة من القطع العادي . وقد اشتمل الكتاب على المباحث الآتية :

المبحث الأول : تعريفات مهمة .
المبحث الثاني : الأدلة من الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم .
المبحث الثالث : من فوائد حفظ القرآن الكريم .
المبحث الرابع : أمور أساسية تعين على حفظ كتاب الله تعالى .
- الخطوات التي تعين على الحفظ .
- المطعومات التي تساعد على الحفظ .
- أمور تضف الذاكرة وتعيق عملية الحفظ.
المبحث الخامس : التعريف بالشناقطة .
- الصلاحيات الممنوحة لشيخ المحظرة .
- شروط العقاب .
- العقاب عند الشناقطة .
- سرد طريقة الشناقطة في حفظ القرآن العظيم .
- فوائد القراءة الجهرية .
- أهم القواعد المتبعة في المحضرة .
- أقرب الطرق التربوية إلى طريقة الشناقطة .
المبحث السادس: مشكلة النسيان وكيف عالجها الشناقطة .
- التغليظ في نسيان القرآن بعد حفظه .
المبحث السابع: بعض المآخذ على طريقة الشناقطة .
- القول في إجازة المرأة .
المبحث الثامن: بعض الأخطاء الشائعة في تلاوة القرآن العظيم .
المبحث التاسع : خطة الحفظ المتقن .
- نظام الوجبات المقترحة على طالب الحفظ .
- الخاتمة .

6_25344451dd94f3602e.jpg

[poem=font="Traditional Arabic,6,,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=1 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
آهٍ على عهد المحاضر والهوى = غضُّ الأزاهرِ ، والزمانُ شبابُ
ولكل وادٍ ظله ومروجه = ولكل عطرٍ في نداه هبابُ
وتلاوة القرآن تصعد للسما= وجلالها بجمالها منسابُ
وكأنما الألواح ظمأى بالضحى = وكأنما أقلامها الأنخابُ
والأصبحيُّ مرابط ومبجلٌ = في هالةٍ يحلو بها الترحابُ
لا يرتجي نقداً ولا عوناً ولا = تنتابه الراحاتُ والأتعابُ
وتثارُ ألفُ قصيدةٍ وحكايةٍ = للأصمعي وما انتقى الأعراب[/poem]ُ

 
شيخنا الحبيب :

هل يمكن أن تذكر لنا الدار التي طبعت الكتاب و مكان الدار حتى يتسنى لنا الوصول إليه ، و جزاكم الله خيراً .
 
ليس عليه معلومات أي ناشر ، ويبدو أنه قد نشر بطريقة شخصية عن طريق المؤلف مباشرة ، وليس هناك معلومات الموزع أيضاً ، غير أنه يباع في المكتبات في الرياض كالرشد والعبيكان وغيرها ، وعليه رقم هاتف جوال للتوزيع الخيري رقمه 0569703726 ورقم آخر 0507074313 يمكن الاستفادة منهما في الحصول على الكتاب إن شاء الله . والكتاب ممتع ، وقد قرأته كاملاً قبل ليالٍ ، ولا سيما في سرده لطريقة الشناقطة في حفظ القرآن من ص 84 حتى ص 98 فجزى الله مؤلفه خيرا .
 
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل فأنا في دولة الإمارات العربية المتحدة ، ولعل الله تعالى ييسر لي الحصول عليه .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جميل جداً من فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري،واعضاء الملتقى، أن يقرأوا في طريقة حفظ الشناقطة في أي بلد وفي الزمن السابق وحتى اليوم،والجميل أن يوصي بقراءة الكتاب المذكور أعلاه،وإن كنت لم أقرأه أنا أيضا.
وأحسب أن الذين حفظوا علم القرآن خاصة، كانت طريقتهم أكثر مرونة وسلاسة،من تلك التي تقوم على حفظ العلوم اللغوية خاصة فهؤلاء طريقتهم تمتاز بتعقيد أكثر، ,اثمّ إنّ الأعظم من هذين حفظ جميع علوم الشريعة في وقت العالم.
وبخصوص قضية الاستيعاب بعد الحفظ:
فإن الشرح وحفظ الشرح وطريقة استيعابه من الشيخ من أعظم المسائل في الحفظ،
وقد سمعت من الوالد حفظه الله أن من أكثر الأساليب المرغب فيها هي التكرار للمشروح بعد الدرس مباشرة، وملاصقة عالم متمكن من العلم المراد حفظه،ومؤاخاة طالب علم نجيب،
أخيراً أحسب بالإضافة لما سبق أن طريقة مراجعة هذه العلوم اصعب مما سبق فهل من مرجع يفيد منه الإخوة، كما أفادوا من طريقة الحفظ،وفقني الله وأعضاء الملتقى لحفظ كتابه وعدم نسيانه،وحفظ علوم الشريعة المباركة وفق فهم شرعي صحيح.
 
يذكَّر في هذا السياق بكتاب (حياة الكُتَّاب وأدبيات المحضرة) وهو من أوسع وأشمل ما كتب حول المحاضر أو الكتاتيب المغربية وطرقها.
وقد سبق التعريف بالكتاب هنا .
 
بسم الله الرحمن الرحيم
حفظك الله أبا زارع وجعلك من زراع الخير والعلم عند المدنيين وغيرهم من المسلمين.
ونحن ننتظر الكتاب بكل شغف
 
[align=center]
شكر الله لكم ..!

لكن .. أليس له حقوق نشر .؟
[/align]

اتصلت على الشيخ وأخذت الإذن منه فقبل جزاه الله خيرا
ولك أن تتأكد وتتصل عليه من خلال الأرقام التي وضعها الشيخ عبدالرحمن

بارك الله فيك
 
جزاكم الله خيرا
ولا نستغني عن هذا الفضل الكريم
وأحتاج منه عدة نسخ لدينا في إدارة حلقات التميز بأبها عسير فهل من الممكن ذلك..؟
وأسأل الله أن ينفع بكل من ساهم وشارك في هذا العمل الطيب
 
أولا أعتذر على التأخير الذي حصل مني وكم يخجلني هذا وذلك بسبب مركز التصوير أصلحهم الله

,, لذا أعتذر منكم جدًا ,,



والشكر موصول للأخ أبو يحيى الشامي فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله وهو الذي دلني على طريقة الرفع


ونرجو من الشيخ عبدالرحمن أن يغير عنوان الموضوع إن أمكن إلى :

حمل كتاب : [طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة] لإبراهيم بن أب الحسني الشنقيطي
 
جزاكم الله خيراً يا أبا زارع وبارك في جهودكم . وشكر الله للمؤلف إذنه بتصوير الكتاب للجميع والإفادة منه ، فقد أصبح النشر الالكتروني أوسع انتشاراً من النشر الورقي بكثير .
 
جعلنا الله وإياكم من أهل القرآن إنه ولي ذلك والقادر عليه .
 
أسأل الله العظيم ررب العرش العظيم أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه ويرزقكم الثبات على هذا الدرب وينفعكم به وينفع بكم
 
- إقتباس من أخي الحبيب المساهم من الألوكة -

بارك الله فيك يا أخي ونفع بما قدمت
ولكني هالني حجم الكتاب فخفضت حجمه إلى 3.5 MB ورفعته على archive
طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة
http://www.archive.org/details/7FZ_SHNAKTH
 
أحسن الله إليك ياشيخ عبدالرحمن على إستجابتك لنا

وهكذا هي أخلاق الكبار دائما ..

لا حرمكم الله الأجر والمثوبة نرجو من الله أن يصلح مآلكم ..
 
جزى الله الأخ الكريم أبا زارع المدني والأخ المساهم خير الجزاء على هذه الجهود في خدمة العلم .
لفت نظري كبر حجم الملف كما تفضل الأخ المساهم فقد كان 53 ميجا ، وكنت أرغب في رفعه على موقع الملتقى حتى لا يتم حذفه مستقبلاً من الموقع المجاني . فلما تفضل الأخ المساهم بتخفيض حجمه قمت برفعه على موقعنا على هذا الرابط .
ليت الزميل الحبيب المساهم يضع لنا شرحاً مبسطاً للمبتدئين من أمثالي في كيفية تقليل حجم ملفات PDF بهذه الطريقة حتى نفيد من ذلك مستقبلاً في مثل هذه المواقف .

حمل الملف الآن من هنا

[align=center]طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة[/align]
 
شكر الله لكم جهودكم ..
يبدو الكتاب رائعاً .. يسر الله قراءته ..
 
اتصلت على الشيخ وأخذت الإذن منه فقبل جزاه الله خيرا
ولك أن تتأكد وتتصل عليه من خلال الأرقام التي وضعها الشيخ عبدالرحمن

بارك الله فيك

[align=center]
شكر الله له ولكم ..

لا داعي لما ذُكر .. فقولكم مقبول لدينا .. وحصل منا التصديق .!!

إنما قلت ذلك .. كاستفسار لا أكثر .!

..[/align]
 
جزى الله الأخ الكريم أبا زارع المدني والأخ المساهم خير الجزاء على هذه الجهود في خدمة العلم .
لفت نظري كبر حجم الملف كما تفضل الأخ المساهم فقد كان 53 ميجا ، وكنت أرغب في رفعه على موقع الملتقى حتى لا يتم حذفه مستقبلاً من الموقع المجاني . فلما تفضل الأخ المساهم بتخفيض حجمه قمت برفعه على موقعنا على هذا الرابط .
ليت الزميل الحبيب المساهم يضع لنا شرحاً مبسطاً للمبتدئين من أمثالي في كيفية تقليل حجم ملفات PDF بهذه الطريقة حتى نفيد من ذلك مستقبلاً في مثل هذه المواقف .

حمل الملف الآن من هنا

بارك الله فيك شيخنا الكريم وعذرا على التأخير

حادثت الأخ فرد علي بالتالي :

المساهم قال:
في البداية بارك الله فيك وفي الشيخ

أما عن كيفية ضغط الملف مع الاحتفاظ بجودته فيعتمد على الأدوبي الذي تستخدمه . فإذا كان النسخة الموجودة عندك هي نفسها التي عندي شرحت لك كيفية ذلك .

فالذي عندي هو Adobe Acrobat 7.0 Professional
 
[align=center]
شكر الله له ولكم ..

لا داعي لما ذُكر .. فقولكم مقبول لدينا .. وحصل منا التصديق .!!

إنما قلت ذلك .. كاستفسار لا أكثر .!

..[/align]

وأنا ذكرت ماذكرت للإيضاح ليس إلا - ابتسامة -
 
تم التحميل بارك الله فيكم
لكن هناك عدد من الصفحات لم تتضح حروفها
 
يذكَّر في هذا السياق بكتاب (حياة الكُتَّاب وأدبيات المحضرة) وهو من أوسع وأشمل ما كتب حول المحاضر أو الكتاتيب المغربية وطرقها.
وقد سبق التعريف بالكتاب هنا .

أحسن الله إليك أخي الكريم/ محمد العبادي.
وهاهو الكتاب قد صوره الأخ: حكيم جوهراتي.. وقد راجعت الدكتور عبدالهادي حميتو فأذن وسمح بتصويره ونشره مطلقا:

لأول مرة مصورا كتاب: حياة الكتَّاب وأدبيات المحضرة - د. عبدالهادي حميتو
http://vb.tafsir.net/tafsir42542/#.VQAEUXysXFw

.
 
.

طريقـــــة حفظ
القـــرآن الكريم
عنــــد الشناقطة


لأول مرة : خطة الحفظ المتقن + نظام وجبات يساعد على الحفظ



كتبه الفقير إلى الله تعالى الغني به :
إبراهيم بن أُبُّ الحسني الشنقيطي



الإهداء
لوالدي
( رب ارحمهما كما ربياني صغيرا )
اللهم أسألك أن تجعل عملي هذا خالصا لوجهك الكريم ، وأن تجعل جزاءه ثوابا لأمي – رحمها الله تعالى – ولأبي – يحفظه الله تعالى – وأن ترحم به أخي المغفور له الدكتور : محمد الأمين بن أُبُّ وأن تسكنه به فسيح جناتك.​

شكر وتقدير
الحمد والشكر لله أولا وآخرا ؛ فهو الذي نعمه لا تعد ، وفضله لا يحصى ، وهو الذي بتفضله وكرمه أعان على إتمام هذا الجهد ، ويسره ، فله الحمد الدائم والشكر الأبدي..
وإن من تمام شكر الله تعالى أن أشكر كل من أسدى إليّ نصحا مفيدا ، أو رأيا صائبا ؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يشكر الله من لا يشكر الناس ) ([SUP][1][/SUP]) ، وأخص بذلك كلا من :
الشيخ : محمد بن أُبُّ الحسني. الشيخ : محمد يحي بن سعيد الهاشمي.
الشيخ : إبراهيم بن يوسف بن الشيخ سيدي.
الشيخ الدكتور : محمد بن سيدي بن الحبيب. الشيخ : محمد مبارك السالك
وفي الحقيقة أنه لا تأخير في هؤلاء المشايخ حفظهم الله ؛ وإن أخر بعضهم في الكتابة فللضرورة وكلهم مقدمون ، فجزاهم الله عني خير الجزاء ، وجعل جهودهم التي أعانوني بها على إخراج هذا العمل المبارك في موازين حسناتهم ، ووفقني وإياهم لكل خير.

تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور : محمد بن سيدي بن الحبيب حفظه الله .

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على أفضل المرسلين أما بعد :
فقد قرأ علي إبراهيم بن محمد عبد الله الحسني بحثه المعنون ب ( طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة ) فإذا هو أجاد وأفاد حيث رتب البحث على مراحل الحفظ ترتيبا دقيقا جيدا ذكر فيه صفات المعلم والمتعلمين وآداب كل منهم وما ينبغي أن يتصف به المعلم من الأخلاق وما هو ضروري له من العلوم وذكر العادات الجارية بين المعلم والتلاميذ وبين المعلم وأولياء أمور التلاميذ وعلى كل حال فهذا البحث جيد جدا يظهر من خلاله أن صاحبه مارس هذه المهنة وعاصر أهلها أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحدا .

كتبه في 29 / 3 / 1427 هـ الدكتور محمد بن سيدي بن الحبيب
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى بمكة المكرمة .

تقريظ فضيلة الشيخ : محمد مبارك السالك حفظه الله
الحمد لله والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته أجمعين .. أما بعد :
فقد اطلعت على ما كتبه الأخ الفاضل : إبراهيم بن أب في طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة ..
وقد استمتعت واستفدت من قراءته حيث وجدت فيه الكثير مما يجب الاهتمام به في حفظ القرآن الكريم في وقتنا الحاضر ، هذا الوقت الذي تجتاح العالم فيه دعوات تربوية تنبذ الحفظ وتسخر من الذين يهتمون به ، جاعلة مكان ذلك الحرص على الفهم فحسب ، ومع أني لا أعرف إن كان ذلك من قبيل الحرب على الثقافة الإسلامية بشمولها وعلى القرآن الكريم بخصوصه ؛ فإنني أراه خطأ جسيما في كل الأحوال ؛ فالعلوم كلها لا يمكن أن تستغني عن الحفظ ، والذاكرة المنفصلة لا تغني عن الذاكرة المتصلة دائما.
ومع ترحيبي بما هو واضح من عودة الناس إلى الاهتمام بكتاب الله فإنني لا أعتقد أن ما يبذل في سبيل ذلك من الوقت والجهد والمال كاف لتحقيق نتائج تحتاج الأمة بإلحاح إلى جنيها .
وأتمنى أن يوضع ما كتبه الأخ إبراهيم بين يدي رب كل أسرة مسلمة حتى يدرك ما عليه حال الأمة في زمن القوة والازدهار وما نحن عليه اليوم ؛ لكي يشمر الجميع عن ساعد الجد لعلهم أن يساهموا في إنقاذ الأمة من حالها الراهن المزري الذي تعيش فيه ، والذي لا تخفى معالمه على ذي عينين .
وفي نظري أن هذا الكتاب بأصالته اللغوية واعتماده الواضح على النصوص الأصلية من الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية المنسوبة إلى مصادرها الأساسية جدير بأن يأخذ مكانه المناسب في المكتبة العربية الإسلامية .
هذا الكتاب – أعني القرآن الكريم - الذي غطى مساحة كبيرة من الزمن الإسلامي الذي بدأ بدرس غاية في الأهمية ، شيخه واحد هو : جبريل عليه السلام ، وتلميذه واحد هو : محمد صلى الله عليه وسلم ، هذا الدرس الذي كان نقطة البداية في الحلقة الأخيرة من حلقات الوحي الإلهي لأهل الأرض ؛ فلا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم وهو درس تجلت فيه حكمة الضغط على المتعلم ؛ "فغطني حتى بلغ مني الجهد" ، وهو أمر يشعر بأهمية ما يمكن تسميته الضرب التربوي .
ولأن الوقت لا يتسع للإطالة فإنني أكتفي بهذه الإشارات العابرة سائلا المولى لهذا الكاتب أن يوفقه ويأخذ بيده إلى الصواب ويعينه على الصبر في هذا الطريق الشاق ، وأوصيه بصدق النية والتوكل على الله .
كتبه الفقير إلى ربه : محمد مبارك السالك
محاضر سابق في جامعة أم القرى بمكة المكرمة

تقريظ الشيخ : مولاي بن حمين الحسني ([SUP][2][/SUP]) الشنقيطي حفظه الله

بحث "الطريقة" روض من أفانيـنبحث تناول من أغلى المضاميـن
قوما أرادوا كتاب الله في شغـفعاشوا زمانا على الزيتون والتيـن
الحفظ رائدهم والعـلم عندهـمنبض القلوب على مر الأحاييـن
يحكي طريقة قوم في تعلمهـــمفي الفقه في الفهم في نحو الدماميني
يفيــد صاحبه علما وتجربــةليست بَريقَ شعار أو عناويــن
جهد يعد له والله يجعلـــــهذخرا له ورصيدا في الموازيــن



بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون"([SUP][3][/SUP]) "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا"([SUP][4][/SUP]) ، "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"([SUP][5][/SUP]) أما بعد ([SUP][6][/SUP]): فإنه مما لا يختلف فيه اثنان من المسلمين أن العلم بالله تعالى هو أشرف العلوم على الإطلاق ، وأجلها بالاتفاق ، وهو غاية الصلحاء ، ومرمى النجباء ، هو طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة ، من وفق له اهتدى ، ومن حاد عنه غوى ، ومن ارتقى به رقي ، ومن اهتدى به هدي ..
وليس من طريق للعلم بالله تعالى إلا بمعرفة كتابه ، وحفظ آياته ، وتدبر معانيه والعمل بمحكمه ، والإيمان بمتشابهه ..
ولذا فقد كان السلف الصالح يحرصون كل الحرص على تعليم أطفالهم كتاب الله تعالى حتى يرسخ في أذهانهم ، فينشؤوا على الفطرة ، وتسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة.
قال العلامة المؤرخ ابن خلدون ([SUP][7][/SUP]) – رحمه الله تعالى – في مقدمته :
( تعليم الولدان للقرآن شعار من شعائر الدين ، أخذ به أهل الملة ، ودرجوا عليه في جميع أمصارهم ؛ لما يسبق إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده ؛ بسبب آيات القرآن ، ومتون الأحاديث ، وصار القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل من الملكات ) ([SUP][8][/SUP])
وإذا كان تعليم القرآن الكريم للأطفال هو ديدن السلف الصالح ، ومحل اهتمامهم ورعايتهم ؛ فلقد كان للشناقطة حظ لا يستهان به من ذلك الاهتمام وتلك الرعاية ، فحرصوا على أن يكون القرآن الكريم هو اللبنة الأولى ، وحجر الأساس في تعليم أطفالهم وناشئتهم ، وبذلوا كل طاقاتهم وجهودهم للوصول إلى حفظه ؛ حفظا لا يكاد ينسى مع مشاغل الحياة المتكاثرة ...
وسوف أذكر هنا الطريقة التي اتبعوها للوصول لهذا الهدف السامي ، والوسائل التي وضعوها لبلوغ هذه الغاية النبيلة ، مع بعض الفوائد المتعلقة بهذا الموضوع ..
ولمحاولة الوصول لهذا الهدف قسمت هذه العجالة إلى مقدمة ، وتسعة مباحث وخاتمة :
المبحث الأول : تعريفات مهمة.
المطلب الأول : تعريف الحفظ.
المطلب الثاني : تعريف القرآن الكريم لغة ، واصطلاحا.
المبحث الثاني : بعض الأدلة من الكتاب ، والسنة ، وعمل سلف الأمة ، على الترغيب في حفظ القرآن الكريم .
المطلب الأول : بعض الأدلة من كتاب الله تعالى على الترغيب في حفظه ، وتلاوته.
المطلب الثاني : بعض الأدلة من السنة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم.
المطلب الثالث : اهتمام السلف الصالح بحفظ كتاب الله تعالى .
المبحث الثالث : من فوائد حفظ القرآن.
المبحث الرابع : أمور أساسية تعين على حفظ كتاب الله تعالى.
المطلب الأول : اغتنام سن الطفولة والصغر .
المطلب الثاني : اغتنام الأوقات المناسبة للحفظ .
المطلب الثالث : اتباع الخطوات التي تسهل عملية الحفظ.
المطلب الرابع : أمور تضعف الذاكرة ، وتعيق عملية الحفظ .
المبحث الخامس : طريقة الشناقطة في حفظ كتاب الله تعالى .
المطلب الأول : التعريف بالشناقطة .
المطلب الثاني : صفات الشيخ الذي يتولى التدريس عند الشناقطة.
المطلب الثالث : الصلاحيات الممنوحة لشيخ المحضرة.
المطلب الرابع : سرد طريقة الشناقطة في حفظ كتاب الله تعالى.
المطلب الخامس : أهم القواعد المتبعة في المحضرة .
المطلب السادس : أقرب الطرق التربوية إلى طريقة الشناقطة.
المبحث السادس : مشكلة النسيان ، وكيف عالجها الشناقطة .
المطلب الأول : تعريف النسيان
المطلب الثاني : التغليظ في نسيان القرآن الكريم بعد حفظه .
المطلب الثالث : علاج الشناقطة للنسيان.
المبحث السابع : بعض المآخذ على طريقة الشناقطة في الحفظ
المبحث الثامن : بعض الأخطاء الشائعة في تلاوة القرآن الكريم
المبحث التاسع : خطة الحفظ المتقن.
الخاتمــة .


المبحث الأول : تعريفات مهمة
المطلب الأول : تعريف الحفظ :
الحفظ : ضبط الصور المدركة ، وقيل هو تأكد المعقول واستحكامه في العقل ، وقيل هو التعاهد وقلة الغفلة نقيض النسيان ، ويقال تارة لهيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي إليه التفهم ، وتارة لضبط الشيء في النفس ، وتارة لاستعمال تلك القوة ؛ فيقال حفظت كذا حفظا ، ثم استعمل في كل تفقد ، وتعهد ورعاية. ([SUP][9][/SUP])
المطلب الثاني : تعريف القرآن الكريم
أ - القرآن الكريم في اللغة :
اختلف أهل اللغة في لفظة القرآن على فريقين :
1 – الفريق الأول قال إنها مشتقة ، وانقسموا إلى ثلاثة أقوال :
أ – أنها مشتقة من "قرأ" التي بمعنى الجمع والضم ، أي ضم وجمع الحروف بعضها إلى بعض.
ب – أنها مشتقة من "قرأ" التي بمعنى أظهر وبين ، لأن القارئ يظهره ويبينه.
ج – أنها مشتقة من "قرأ" بمعنى تلا ، فتكون مصدرا على وزن فعلان ، كرجحان ، وغفران ، ونحو ذلك. ([SUP][10][/SUP])
2 – أما الفريق الآخر فقال : إن لفظة القرآن غير مشتقة ، وإنما هي علم على كتاب الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا أطلقت لا تنصرف إلا إليه شأنها في ذلك شأن الزبور ، والتوراة ، والإنجيل وغيرها. ([SUP][11][/SUP])
ولذلك لم يجدوا لفظا يجمعون عليه كلمة قرآن من لفظه ؛ فاستحدثوا كلمة "مصحف" ؛ لينطقوا بها في صيغة الجمع. ([SUP][12][/SUP])
ويعترض عليه بأن المصحف إنما يقال للصحائف المدون فيها القرآن ، أما القرآن فهو الألفاظ ذاتها.
وقال الزرقاني تعليقا على الأقوال السابقة : ( .. وأما القول بأنه وصف من القرء بمعنى الجمع ، أو أنه مشتق من القرائن ، أو أنه مشتق من قرنت الشيء بالشيء ، أو أنه مرتجل أي موضوع من أول الأمر علما على الكلام المعجز المنزل ، غير مهموز ، ولا مجرد من أل ؛ فكل ذلك لا يظهر له وجه وجيه ، ولا يخلو توجيه بعضه من كلفة ، ولا من بعد عن قواعد الاشتقاق ، وموارد اللغة وعلى الرأي المختار ، فلفظ القرآن مهموز ، وإذا حذف همزه فإنما ذلك للتخفيف وإذا دخلته أل بعد التسمية ؛ فإنما هي للمح الأصل لا للتعريف ).([SUP][13][/SUP])

ب - القرآن في الاصطلاح :
أما القرآن الكريم في الاصطلاح ؛ فقد عرف بأنه : كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته. ([SUP][14][/SUP])
وكل مفردة من مفردات هذا التعريف أضافت قيدا ، يخرج ما سوى القرآن الكريم ؛ فلفظة كلام الله تشمل كل كلام تكلم به سبحانه في هذا الكتاب الكريم : المفرد منه ، والمركب ([SUP][15][/SUP]) وإضافته إلى الله تعالى تُخرج كلام غيره ، من الملائكة ، والإنس ، والجن ، وغيرهم .
ولفظ "المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" قيد يخرج به :
أ- كلام الله تعالى الذي استأثر به في علمه ، فلا يسمى قرآنا.([SUP][16][/SUP])
ب - ما أُنزل على الأنبياء السابقين قبله ، كصحف إبراهيم ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور ، وغيرها.
ولفظ " المنقول إلينا بالتواتر " يخرج جميع ما سوى القرآن من منسوخ

التلاوة([SUP][17][/SUP])، والقراءات غير المتواترة. ([SUP][18][/SUP])
أما لفظ "المتعبد بتلاوته" فإنه يخرج الأحاديث القدسية المنقولة بالتواتر ؛ لأنها لا يتعبد بتلاوتها ، لا في الصلاة ، ولا في غيرها .
وقد عرف القرآن الكريم بتعريفات كثيرة ، فيها إضافات ، واحترازات ، وقيود كثيرة .
وأدق التعريفات في نظري أن القرآن هو : كلام الله تعالى ، المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، المتعبد بتلاوته ، المنقول إلينا بالتواتر.
فهو تعريف جامع مانع – إن شاء الله - وجميع الزيادات على هذا التعريف ، لا تخلو – في نظري - من نظر ، والله أعلم.

المبحث الثاني : بعض الأدلة من الكتاب ، والسنة ، وعمل سلف الأمة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم.
المطلب الأول : بعض الأدلة من كتاب الله تعالى على الترغيب في حفظه وتلاوته.
إن أهمية حفظ القرآن الكريم لا تخفى على مسلم ، فهو المعجزة الخالدة للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي لا تنقضي عجائبه ، ولا يمل مع كثرة التكرار ، فيه خبر ما كان وما سيكون ، فيه تنظيم حياة الفرد والمجتمعات ، إن أراد الإنسان الفلاح في الدنيا والآخرة فليعتصم به ، وإن أحب التقدم المادي والمعنوي فلينهل من معينه ، وليستمسك بهديه ...
ومن نعم الله على أفراد هذه الأمة أن خصهم بهذا الكتاب الكريم ، وجعل قلوبهم أناجيل ([SUP][19][/SUP]) يتلون كتابه متى شاؤوا ، وعلى أي حال أرادوا .
قال قتادة ([SUP][20][/SUP]) : ( وكان من قبلكم من الأمم يقرؤون كتابهم نظرا ، فإذا
رفعوه لم يحفظوا منه شيئا ، ولم يعوه ، وإن الله تعالى أعطاكم من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا من الأمم قبلكم ، خاصة خصكم الله بها ، وكرامة أكرمكم الله بها ).([SUP][21][/SUP])
ولعظمة هذا لكتاب الكريم فقد امتن الله سبحانه على عباده بإرساله رسولا يتلو عليهم آياته قال تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ، وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) ([SUP][22][/SUP])
ورغب تعالى في حفظه في آيات متعددة ، فقال جل من قائل : ( إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ).([SUP][23][/SUP])
قال الإمام الشوكاني ([SUP][24][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( أي يستمرون عــلى
تلاوته ، ويداومونها ، والكتاب هو القرآن الكريم ، ولا وجه لما قيل : إن المراد به جنس كتب الله ). ([SUP][25][/SUP])
ومن المعلوم أن المداومة على تلاوته تستلزم حفظه ، وتصعب مع عدم الحفظ ، فقد يكون الإنسان في مكان لا يجد فيه مصحفا ، أو هو مشغول عن فتح المصحف والنظر فيه ، كما إذا كان يسوق السيارة ونحو ذلك ، فإذا كان يحفظه عن ظهر قلب ، كان ذلك أدعى لمداومته على تلاوته ، كما هو ظاهر.
وقال ابن الجوزي ([SUP][26][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( قوله تعالى : "إن الذين يتلون
كتاب الله" يعني قراء القرآن ؛ فأثنى عليهم بقراءة القرآن ، وكان مطرِّف يقول : هذه آية القراء ). ([SUP][27][/SUP])
وكان حال النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على تلاوة القرآن ، كما قال تعالى : ( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شيء وأمرت أن أكون من المسلمين وأن أتلو القرآن ... ). ([SUP][28][/SUP])
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله تعالى - : ( أي أداوم تلاوته ، وأواظب على ذلك ، قيل : وليس المراد من تلاوة القرآن هنا إلا تلاوة الدعوة إلى الإيمان والأول أولى ) ([SUP][29][/SUP])
وفي القرآن الكريم من الآيات التي تحث على تلاوة القرآن ، وتبين فضلها غير ما ذكرنا كثير ، ولا يتسع المقام لسرده والتوسع فيه...
المطلب الثاني : بعض الأدلة من السنة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم :
لقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل حفظ القرآن ، وتعاهده ، والعمل به ، في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة ، فعن عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه ).([SUP][30][/SUP])
قال الحافظ ابن حجر ([SUP][31][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( ... والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدي ، بخلاف من يعمل فقط ؛ بل إن من أشرف العمل تعليم الغير فمعلم غيره يستلزم أن يكون تعلمه وتعليمه لغيره عملا ، وتحصيل نفع متعد ولا يقال لو كان المعنى حصول النفع المتعدي لاشترك كل من علم غيره علما ما في ذلك ؛ لأنا نقول : القرآن أشرف العلوم ؛ فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن ، وإن علمه ، ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه ، مكمل لنفسه ولغيره ، جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدي ، ولهذا كان أفضل ، وهو من جملة من عنى سبحانه وتعالى بقوله : "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين" ([SUP][32][/SUP])والدعاء إلى الله يقع بأمور شتى ، من جملتها تعليم القرآن ، وهو أشرف الجميع ). ([SUP][33][/SUP])
وعن أبي موسى الأشعري ([SUP][34][/SUP]) – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ، ريحها طيب ، وطعمها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة ، لا ريح لها ، وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، لا ريح لها وطعمها مر ). ([SUP][35][/SUP])
فانظر كيف جعله ميزانا ومعيارا ؛ يرتفع المرء ويسمو بحسب كثرة قراءته له وينتكس ويتقهقر بحسب بعده عن تلاوته ، والعمل به.
وقال وهو الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ، ويضع به آخرين ). ([SUP][36][/SUP])
وقال : ( إن لله أهلين من الناس قالوا : من هم يا رسول الله ؟ قال : أهل
القرآن هم أهل الله وخاصته ). ([SUP][37][/SUP]) ومعنى أهل الله أي أولياؤه وأنصاره([SUP][38][/SUP])
قال القرطبي ([SUP][39][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( فقرأة القرآن حملة سر الله المكنون
، وحفظة علمه المخزون ، وخلفاء أنبيائه وأمناؤه ، وهم أهله وخاصته ، وخيرته وأصفياؤه ). ([SUP][40][/SUP])
وعن أبي أمامة الباهلي ([SUP][41][/SUP]) – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اقرؤوا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه ، اقرؤوا الزهراوين ([SUP][42][/SUP]) البقرة ، وسورة آل عمران ؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان ، أو كأنهما غيايتان ([SUP][43][/SUP]) أوكأنهما فرقان من طير صواف ، تحاجان عن أصحابهما ، اقرؤوا سورة البقرة ؛ فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا تستطيعها البطلة([SUP][44][/SUP]) ).([SUP][45][/SUP])
وعن عائشة ([SUP][46][/SUP]) – رضي الله تعالى عنها – قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ، ويتتعتع فيه ، وهو عليه شاق : له أجران ). ([SUP][47][/SUP])
قال النووي ([SUP][48][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( ... والماهر : الحاذق الكامل الحفظ

الذي لا يتوقف ، ولا تشق عليه القراءة ؛ بجودة حفظه ، وإتقانه ، قال القاضي : يحتمل أن يكون معنى كونه مع الملائكة أن له في الآخرة منازل يكون فيها رفيقا للملائكة السفرة ؛ لاتصافه بصفتهم من حمل كتاب الله تعالى ، قال : ويحتمل أن يراد أنه عامل بعملهم ، وسالك مسلكهم ، وأما الذي يتتعتع فيه ؛ فهو : الذي يتردد في تلاوته ؛ لضعف حفظه ؛ فله أجران ، أجر بالقراءة ، وأجر بتتعتعه في تلاوته ومشقته ، قال القاضي ، وغيره من العلماء : وليس معناه الذي يتتعتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به ؛ بل الماهر أفضل ، وأكثر أجرا ؛ لأنه مع السفرة ، وله أجور كثيرة ، ولم يذكر هذه المنزلة لغيره ، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى ، وحفظه ، وإتقانه ، وكثرة تلاوته ، وروايته كاعتنائه ؛ حتى مهر فيه.والله أعلم ).([SUP][49][/SUP])
وقال القرطبي – رحمه الله تعالى - : ( التتعتع : التردد في الكلام عِيَّا وصعوبة ، وإنما كان له أجران من حيث التلاوة ، ومن حيث المشقة ، ودرجات الماهر فوق ذلك كله ؛ لأنه قد كان القرآن متعتعا عليه ، ثم ترقى عن ذلك إلى أن شبه بالملائكة ). ([SUP][50][/SUP])

وعن عبد الله بن مسعود ([SUP][51][/SUP]) – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول الم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف وميم حرف ).([SUP][52][/SUP])
وعن أبي هريرة ([SUP][53][/SUP]) – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما ؛ سهل الله له طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله ، يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم ، إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه ). ([SUP][54][/SUP])
وتكثر الأحاديث في هذا المعنى ، ويصعب حصرها ، والإحاطة بها ، وفيما ذكرنا كفاية في الترغيب في تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، وتدبر معانيه ، والانشغال به عن كل شاغل ...
فنسأل الله العلي القدير أن يشغلنا به لا عنه ، ويرزقنا حفظه ، وتلاوته ، والعمل به إنه سميع مجيب الدعوات .
المطلب الثالث : اهتمام السلف الصالح بحفظ كتاب الله تعالى
لقد اهتم السلف الصالح بتربية أبناء المسلمين تربية سليمة ، هدفها نشر العلم في صفوفهم ، وتزكية نفوسهم بهدي القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة فكان من ضروريات ذلك وأولوياته ، غرس القرآن الكريم في عقول الأطفال منذ بداية حياتهم ، والاهتمام بحفظهم له ، وتعليمهم معانيه ، وتعويدهم على تدبره ([SUP][55][/SUP]) والاتعاظ بمواعظه ، والعمل بأوامره ، والانتهاء عن نواهيه.
وهكذا كان ديدن السلف الصالح ؛ فقد حرص الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم - على حفظ القرآن الكريم ؛ فكلما نزلت آية ، أو آيات ، أو سور بادروا إلى حفظ ما نزل ، حتى جمع بعضهم القرآن الكريم كاملا في صدره موازنا بين الحفظ ، والعمل بما حفظ ..
ومن الذين حفظوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأربعة الذين ذكرهم أنس بن مالك – رضي الله تعالى عنه وأرضاه - ..
فعن قتادة – رحمه الله تعالى - عن أنس – رضي الله تعالى عنه - قال : جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة ؛ كلهم من الأنصار : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، قلت : من أبو زيد ؟ قال : أحد عمومتي. ([SUP][56][/SUP])
ولا شك أن الذين حفظوا القرآن من الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر بكثير من الأربعة المذكورين في حديث أنس .
قال النووي – رحمه الله تعالى - : ( قال المازري : هذا الحديث مما تعلق به بعض الملاحدة في تواتر القرآن ، وجوابه من وجهين ، أحدهما : أنه ليس فيه تصريح بأن غير الأربعة لم يجمعه ؛ فقد يكون مراده الذين علمهم من الأنصار أربعة ، وأما غيرهم من المهاجرين والأنصار الذين لا يعلمهم فلم ينفهم ، ولو نفاهم كان المراد نفي علمه ، ومع هذا فقد روى غير مسلم حفظ جماعات من الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر منهم المازري خمسة عشر صحابيا ، وثبت في الصحيح أنه قتل يوم اليمامة سبعون ممن جمع القرآن ، وكانت اليمامة قريبا من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فهؤلاء الذين قتلوا من جامعيه يومئذ ؛ فكيف الظن بمن لم يقتل ممن حضرها ، ومن لم يحضرها وبقي بالمدينة ، أو بمكة ، أو غيرهما ، ولم يذكر في هؤلاء الأربعة أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، ونحوهم من كبار الصحابة الذين يبعد كل البعد أنهم لم يجمعوه ؛ مع كثرة رغبتهم في الخير ، وحرصهم على ما دون ذلك من الطاعات ، وكيف نظن هذا بهم ، ونحن نرى أهل عصرنا حفظه منهم في كل بلدة ألوف؟ مع بعد رغبتهم في الخير عن درجة الصحابة ، مع أن الصحابة لم يكن لهم أحكام مقررة يعتمدونها في سفرهم وحضرهم إلا القرآن ، وما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فكيف نظن بهم إهماله ؟ فكل هذا وشبهه يدل على أنه لا يصح أن يكون معنى الحديث أنه لم يكن في نفس الأمر أحد يجمع القرآن إلا الأربعة المذكورون ، والجواب الثاني : أنه لو ثبت أنه لم يجمعه إلا الأربعة لم يقدح في تواتره ؛ فإن أجزاءه حفظ كل جزء منها خلائق لا يحصون ؛ يحصل التواتر ببعضهم ، وليس من شرط التواتر أن ينقل جميعهم جميعه ؛ بل إذا نقل كل جزء عدد التواتر صارت الجملة متواترة بلا شك ، ولم يخالف في هذا مسلم ولا ملحد). ([SUP][57][/SUP])
ثم أقرأ الصحابة التابعين ؛ فكانوا أهل حرص على حفظ كتاب الله تعالى ، وتدبر معانيه ، وسؤال الراسخين في العلم عما أشكل عليهم من ذلك..
فحفظه من التابعين خلق كثير ، منهم علقمة بن قيس ، وأبو تميم الجيشاني ، وأبو الأسود الدؤلي ، وسليم بن عتر ، والحارث الأعور ، وثابت البناني ، وخلائق لا يحصون . ([SUP][58][/SUP])
ثم توالى حفظ القرآن الكريم ، والاعتناء به ، تدقيقا في قراءته ، وتفسيرا لمعانيه ، وبيانا لمشكله ، وتوضيحا لبقية علومه إلى اليوم ، والحمد لله تعالى على ذلك .
المبحث الثالث : من فوائد حفظ القرآن الكريم :
إن الفوائد التي يجنيها حافظ القرآن العظيم أكثر من أن تحصى ؛ فإذا كان لمجرد تلاوته يجد بكل حرف حسنة ، والحسنة بعشر أمثالها كما تقدم ، أفليس ذلك يكفي من الفوائد والأرباح ؟ وإذا كانت منزلته مع السفرة الكرام البررة ؛ أفلا يكفيه ذلك علوا وشرفا ؟
لا شك أن ذلك هو منتهى ما يحلم به كل مسلم ، ولكن فضل الله أكثر ، ونعمته أشمل ، ورحمته أوسع ، وقد خص حافظ القرآن الكريم بكثير من فضله ، ونحله جما من رحمته ، وهو – سبحانه وتعالى – يرزق من يشاء ، ويخلق ما يشاء ويختار ، ويخص من أراد من خلقه بما أراد ..
وقد خص حامل كتابه بخصائص كثيرة منها :
1 – أنه من أهل الله وخاصته ، وكفى بذلك شرفا ، وفضلا ، وقد تقدم الحديث الدال على ذلك .
2 – أنه موصوف بأنه من الذين أوتوا العلم ، قال تعالى : ( ..بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ..) ([SUP][59][/SUP])
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله تعالى - : ( "بل هو آيات بينات" يعني القرآن "في صدور الذين أوتوا العلم" يعني المؤمنين الذين حفظوا القرآن على عهده صلى الله عليه وآله وسلم ، وحفظوه بعده ). ([SUP][60][/SUP])
3 – أنه موعود برفع درجته في الجنة : فعن عبد الله بن عمرو بن العاص([SUP][61][/SUP])- رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يقال لصاحب القرآن اقرأ ، وارق ، ورتل ، كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها ). ([SUP][62][/SUP])
4 – أنه موعود بأن القرآن سيشفع له : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( أبشروا وأبشروا ! أليس تشهدون أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ؟ قالوا : نعم ، قال : فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله ، وطرفه بأيديكم ؛ فتمسكوا به ؛ فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا ). ([SUP][63][/SUP])
وقد تقدم حديث شفاعة القرآن لصاحبه ولفظه : ( اقرأوا القرآن ؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه ).
5 – وهو موعود كذلك بوضع تاج الكرامة على رأسه ، ويكسى والداه حلتين : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (... وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة – حين ينشق عنه قبره – كالرجل الشاحب ، فيقول له: هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك . فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك . فيقول : أنا صاحبك القرآن ، الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة . فيعطى الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان : بم كسينا هذه ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن . ثم يقال له : اقرأ ، واصعد في درجة الجنة ، وغرفها ، فهو في صعود ما دام يقرأ ، هذا كان ، أو ترتيلا ).([SUP][64][/SUP])
وما أحسن قول الإمام الشاطبي ([SUP][65][/SUP]) رحمه الله تعالى :
فيا أيها القاري به متمسكــــا مجلا له في كل حال مبجـلا
هنيئا مريئا والداك عليهمــــا ملابس أنوار من التاج والحلا
فما ظنكم بالنجل عند جزائــه أولئك أهل الله والصفوة الملا
أولو البر والإحسان والصبر والتـقى حلاهم بها جاء القران مفصلا
عليك بها ما عشت فيها منافســا وبع نفسك الدنيا بأنفاسها العلا
6 – أنه لا يغبط في الدنيا غير اثنين ، حافظ القرآن أحدهما : فعن أبي هريرة – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا حسد([SUP][66][/SUP]) إلا في اثنتين : رجل علمه الله القرآن ؛ فهو يتلوه آناء الليل ، وآناء النهار ؛ فسمعه جار له ؛ فقال : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ، ورجل آتاه الله مالا ؛ فهو يهلكه في الحق ؛ فقال رجل : ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان ؛ فعملت مثل ما يعمل ). ([SUP][67][/SUP])

كما أن من فوائد حفظ القرآن الكريم أن صاحبه يقدم على غيره في مواطن كثيرة من أهمها :
أولا : إمامة الصلاة : فعن أبي مسعود البدري ([SUP][68][/SUP]) رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى ).([SUP][69][/SUP])
قال العلامة الصنعاني ([SUP][70][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( الظاهر أن المراد أكثرهم له
حفظا ، وقيل أعلمهم بأحكامه ). ([SUP][71][/SUP])
ومحل الدلالة منه أنه حديث صحيح صريح في تقديم القارئ في الإمامة ([SUP][72][/SUP])
بل إن القارئ مقدم في الإمامة ، ولو كان صبيا مميزا ([SUP][73][/SUP]) مع رجال كبار إذا كان أقرأ منهم ؛ فعن عمرو بن سلمة ([SUP][74][/SUP]) - رضي الله تعالى عنه - قال : ( .. فلما كانت وقعة الفتح ، بادر كل قوم بإسلامهم ، وبادر أبي قومه بإسلامهم ، فلما قدم قال : جئتكم من عند النبي صلى الله عليه وسلم حقا : فقال : صلوا صلاة كذا في حين كذا ، وصلاة كذا في حين كذا ؛ فإذا حضرت الصلاة ؛ فليؤذن أحدكم ، وليؤمكم أكثركم قرآنا ؛ فنظروا ؛ فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني ؛ فقدموني بين أيديهم ، وأنا ابن ست أو سبع سنين ، وكانت علي بردة ، كنت إذا سجدت تقلصت عني ؛ فقالت امرأة من الحي : ألا تغطون عنا است قارئكم ؟ فاشتروا ؛ فقطعوا لي قميصا ؛ فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص ). ([SUP][75][/SUP])
ثانيا : المشورة والرأي : فقد كان السلف الصالح يستعينون بحفظة كتاب الله تعالى في المسائل التي تشكل عليهم ، ويستشيرونهم في النوازل التي تنزل بهم تكريما للقرآن المحفوظ في صدورهم ، واستفادة مما ينتجه حفظه من صفاء في الذاكرة ، وإصابة في الرأي ، وموازنة بين الأمور ، وعدل في الأحكام ..
فعن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال : ( ..وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا ). ([SUP][76][/SUP])
ثالثا : الإمارة :
فالقارئ مقدم على غيره في الإمارة والرئاسة ؛ فعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - قال : ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا ؛ ، فاستقرأ كل واحد منهم – ما معه من القرآن – فأتى على رجل من أحدثهم سنا ، فقال : ما معك يا فلان ؟ قال : معي كذا وكذا ، وسورة البقرة ، فقال : أمعك سورة البقرة ؟ قال نعم ، قال : اذهب ؛ فأنت أميرهم ... ). ([SUP][77][/SUP])
رابعا : الدفن :
وذلك أن تقديم حافظ القرآن ليس خاصا بأمور الحياة ، ومتطلباتها ، من إمامة للصلاة ، ومشورة ورأي ، ونحو ذلك ؛ بل إنه مقدم حتى بعد مماته ، ومفارقة روحه لبدنه ؛ فعن جابر ([SUP][78][/SUP]) - رضي الله تعالى عنه - : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ، ثم يقول : أيهما أكثر أخذا للقرآن ، فإن أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد ). ([SUP][79][/SUP])
وفوائد حفظ القرآن لا تحصى ، ومزاياه لا تعد ، ؛ فعلى المسلم أن يجعل من تلاوته ديدنه ، ومن حفظه مطلبه ورغبته ، وأن لا يقنط من الحفظ عند أول إخفاق أو تعثر في المحاولة ؛ بل يعاود المحاولة من جديد ، فحفظ القرآن الكريم جدير بأن يبذل فيه من الجهد ما لا يبذل في غيره ، وأن يجتهد في تحصيله أكثر مما يجتهد في تحصيل غيره ..
ولقد أحسن الإمام الشاطبي – رحمه الله تعالى – حين قال :
وبعد فحبل الله فينا كتابــه فجاهد به حبل العدا متحبـلا
وأخلق به إذ ليس يخلق جـدة جديدا مواليه على الجد مقبلا
وقارئه المرضي قر مثالـــه كالأترج حاليه مريحا وموكلا
هو المرتضى أما إذا كان أمـة ويممه ظل الرزانة قنقــلا
هو الحر إن كان الحري حواريا له بتحريه إلى أن تنبـــلا
وإن كتاب الله أوثق شافــع وأغنى غناء واهبا متفضـلا
وخير جليس لا يمل حديثــه وترداده يزداد فيه تجمـلا
وحيث الفتى يرتاع في ظلماتـه من القبر يلقاه سنا متهلـلا
إلى آخر ما قال رحمه الله تعالى وغفر له وجزاه عنا خير الجزاء .
المبحث الرابع : أمور أساسية تعين على حفظ كتاب الله تعالى
إن حفظ كتاب الله تعالى ليس بالأمر الصعب جدا ، كما قد يظنه كثير من الناس ، ولكنه - أيضا – ليس بالأمر السهل بحيث لا يحتاج إلى بذل جهد ، وطول نظر ، ومداومة تكرار ...
إن تحصيل أي علم يحتاج إلى جهد ، وحفظ كتاب الله يستحق ما يبذل فيه من الجهود ، كما أن له خصوصياته التي منها تسهيل الله لحفظه وتلاوته ، ومنها أنه لا بد فيه من شيخ ؛ لأنه ليس من العلوم التي تحصل بالمطالعة ، والاعتماد على النفس ..
وحري بطالب حفظه - بل وطالب العلم مطلقا - أن يتمتع بالمؤهلات التي قررها الإمام الشافعي – رحمه الله تعالى - حين قال :
أخي لن تنال العلم إلا بستة
سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء ، وحرص ، واجتهاد ، وبلغة
وصحبة أستاذ ، وطول زمان.
فالذين يريدون حفظ القرآن الكريم بين يوم وليلة ؛ لا شك أنهم في أحلام اليقظة ، ويعيشون حالة من الأماني لا تنفعهم ، ولا يستفيدون منها إلا فوات الزمن ، وانصرام أيام العمر دون استفادة منها والعياذ بالله..

المطلب الأول : اغتنام سن الصغر والطفولة :
لاشك أن مرحلة الطفولة هي أحسن مراحل العمر للحفظ بشكل عام ، وخاصة حفظ كتاب الله تعالى ، فالذاكرة فيها تكون صافية لا مشوش لها ، والجسم في كامل صحته ، وليست للطفل انشغالات تشغله عن الحفظ.
وفترة الطفولة الذهبية هذه تبدأ من سن الخامسة حتى بلوغ الثالثة والعشرين تقريبا .. ([SUP][80][/SUP])
فالواجب على الأهل أن لا يفوتوا على أولادهم فترة الصفاء هذه ، فالعلم فيها أرسخ في الذاكرة ، وأبعد عن النسيان ، وأدعى للفهم ، فيجب التركيز على حفظ العلوم فيها ؛ قبل أن تنقضي أيامها ، وتنصرم لياليها ..
فعن يزيد بن معمر قال سمعت الحسن يقول : ( الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر ). ([SUP][81][/SUP])

وقال الشاعر :
ما الحلم إلا بالتحلم في الكبـر وما العلم إلا بالتعلم في الصغــر
ولو ثقب القلب المعلم في الصبا لألفيت فيه العلم كالنقش في الحجر.
والحفظ في الصغر من المسائل التي لا تحتاج إلى استدلال ؛ لأنها مجربة ، والناس متفقون عليها ؛ فيجب اغتنامها ، وعدم تفويتها ...
المطلب الثاني : اغتنام الأوقات المناسبة للحفظ :
إن أكثر الأوقات مناسبة للحفظ هو من وقت السحر إلى الفجر ، ثم من بعد صلاة الفجر إلى وقت الضحى ([SUP][82][/SUP])، وأكثر الأوقات مناسبة للمراجعة هو من المغرب إلى العشاء ، وكذا قبيل النوم بقليل ...
المطلب الثالث : اتباع الخطوات التي تسهل عملية الحفظ :
اعلم أولا أنه لولا تيسير الله عز وجل هذا القرآن للحفظ ؛ لما استطاعت القلوب أن تحفظه ، ولولا تقوية الله لقلوب المؤمنين ؛ لانفطرت عند أول سماعها له ، ولكن نعم الله على هذه الأمة أكثر من أن تحصى أو تستقصى.
قال العلامة القرطبي – رحمه الله تعالى - : ( ولولا أنه سبحانه جعل في قلوب عباده من القوة على حمله ما جعله ؛ ليتدبروه ، وليعتبروا به ، وليتذكروا ما فيه من طاعته وعبادته ، وأداء حقوقه ، وفرائضه ، لضعفت ولاندكت بثقله ، أو لتضعضعت له ، وأنى تطيقه ، وهو يقول تعالى جده وقوله الحق : "لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله" ([SUP][83][/SUP]) فأين قوة القلوب من قوة الجبال ؟ ولكن الله تعالى رزق عباده من القوة على حمله ما شاء أن يرزقهم فضلا منه ورحمة ). ([SUP][84][/SUP])
وقد يسر الله تعالى حفظه ، وأعان عليه من شاء من خلقه ، فقد قال تعالى: ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ). ([SUP][85][/SUP])
ومعنى الآية أن الله سهل لفظه ، وتلاوته على الألسن ، ويسر معناه ، وهون قراءته لمن أراده ؛ ليتذكر الناس .
قال ابن عباس – رضي الله تعالى عنهما - : "لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله عز وجل"
فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يسر الله حفظه ومعناه ؟ وهل من طالب لحفظه ، وما حواه من العلم ؛ فيعان عليه ؟. ([SUP][86][/SUP])
أما الخطوات ([SUP][87][/SUP]) التي تعين بعد توفيق الله تعالى على حفظه ؛ فمن أهمها :
1 – إخلاص النية لله تعالى ، بحفظ كتابه ، والعمل به ، وتدبر معانيه ، وتعليمه للناس ، ودعوتهم لحفظه ، والعمل بما فيه ، فإنما يحاسب المرء على نيته ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنية )([SUP][88][/SUP])
فمن حفظه لوجه الله تعالى ؛ فهو – إن شاء الله – من الفائزين الرابحين ، ومن حفظه ليقال حافظ ، أو لغرض من الدنيا ، فهو آثم بحفظه ، مسحوب على وجهه في النار يوم القيامة ، والعياذ بالله ...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة ، وذكر منهم : .. ورجل تعلم العلم وعلمه ، وقرأ القرآن ؛ فأتي به ؛ فعرفه نعمه ؛ فعرفها ، قال : فما عملت فيها ؟ قال : تعلمت العلم وعلمته ، وقرأت فيك القرآن ، قال : كذبت ، ولكنك تعلمت العلم ليقال : عالم ، وقرأت القرآن ليقال : هو قارئ ؛ فقد قيل ، ثم أمر به ؛ فسحب على وجهه ، حتى ألقي في النار ). ([SUP][89][/SUP])
2 – تسميع المقرر اليومي للشيخ حتى يتأكد من نطقه سليما .
3 – عدم مجاوزة المقرر يوميا للحفظ حتى يتم إتقانه والتأكد من حفظه.
4 – كثرة التكرار ، وهذه أهم هذه الخطوات على الإطلاق ، فعلى طالب حفظ القرآن أن يكثر التكرار ، ولا يمل منه ، حتى ولو تأكد من الحفظ ، فليكرر ، ويكرر ، ثم يكرر ...
5 – كتابة الدرس اليومي باليد : فإن استطاع أن يكتب بيده درسه اليومي ، فيبدأ بكتابة الكلمة الأولى ، ويظل يكررها حتى ينتهي من كتابتها ، ثم يبدأ بكتابة الكلمة الثانية ، ويكررها مع التي سبقت ، وهكذا حتى ينهي درسه اليومي ، ثم يكرر الجميع كوحدة واحدة ؛ فذلك أفضل ، وأدعى للحفظ .
6 – ربط آخر درسه في الأمس بأول درسه اليوم ..
7 – كثرة التسميع على الشيخ ، وعلى طلاب سبقوه بالحفظ ، ويساعد الذين دونه في الحفظ بالاستماع لهم ؛ فتكون مراجعة له ...
8 – أن لا يخلط مع القرآن الكريم غيره من المواد التي يراد حفظها ؛ بل يتفرغ لحفظ كتاب الله تعالى أولا ، فإذا أتقنه ، وثبت حفظه ؛ انتقل بعد ذلك إلى غيره ، وهكذا ، أما الذين يخلطون بين كثير من المواد ، ويرغبون في حفظ الجميع ؛ فإن نهايتهم في الغالب تكون بعدم حفظ أي منها ...
9 - يجب أن يهتم بالآيات المتشابهة ([SUP][90][/SUP]) في الألفاظ ، وهناك كتب ألفت في المتشابه ، من أكثرها إحاطة ، ولا أعلم كتابا أحاط بالمتشابه مثله ، كتاب "البحر المحيط" للعلامة : محمد ولد انبوجا التشيتي الشنقيطي – رحمه الله تعالى - وهو مطبوع طباعة ليست بالجيدة ([SUP][91][/SUP])؛ فلعل الله أن ييسر من يطبعه طباعة متقنة ، يستفيد منها طلاب العلم ..
وهناك أيضا كتاب السخاوي – رحمه الله تعالى - وهو مطبوع طباعة جيدة ، ومتوفر في المكتبات وهناك كتب أخرى كثيرة..
10 – هناك مطعومات قد تساعد على الحفظ ، وتنشط الذاكرة ، ومن أهمها :
أ – العسل : وهو نافع في الصحة عامة ، ومجرب في تقوية الحفظ ؛ خاصة إذا كان على الريق ، وفيه شفاء من كثير من الأمراض ، قال تعالى : ( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ). ([SUP][92][/SUP])
ب – شرب ماء زمزم : فإن من شربه بنية الحفظ حفظ – إن شاء الله –
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ماء زمزم لما شرب له )([SUP][93][/SUP])
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله تعالى - : ( قوله : "ماء زمزم لما شرب له" فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله ، سواء كان من أمور الدنيا ، أو الآخرة ؛ لأن ما في قوله : "لما شرب له" من صيغ العموم ([SUP][94][/SUP]) ). ([SUP][95][/SUP])
وهكذا كان عمل السلف الصالح ؛ فإذا هم أحدهم بحاجة شرب من ماء زمزم ، ودعا الله أن ييسرها له ؛ ومن الأمثلة على ذلك :
الخطيب البغدادي – رحمه الله تعالى - : فإنه لما حج شرب من ماء زمزم ثلاث شربات ، وسأل الله ثلاث حاجات : أن يحدث بتاريخ بغداد بها ، وأن يملي الحديث بجامع المنصور ، وأن يدفن عند بشر الحافي ؛ فقضيت له الثلاث . ([SUP][96][/SUP])
وشرب الإمام الحاكم – رحمه الله تعالى - ماء زمزم بنية التصنيف ، والجمع ؛ فرزق حسن التصنيف والتأليف. ([SUP][97][/SUP])
وشربه أمير المؤمنين في الحديث العلامة ابن حجر – رحمه الله تعالى - ليصل إلى مرتبة الذهبي – رحمه الله تعالى - في الحفظ ؛ فبلغها وزاد عليها.([SUP][98][/SUP])
وغير هؤلاء كثير ، والمقام لا يتسع للتطويل .
ج – الحبة السوداء : فهي شفاء من كل داء ، قالت عائشة – رضي الله تعالى عنها وأرضاها – سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن هذه الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام ، قلت : وما السام ؟ قال : الموت ). ([SUP][99][/SUP])
وليس المقصود أنها تستعمل دائما صرفا ؛ بل تارة تستعمل مفردة ، وتارة مخلوطة مع غيرها ، كالعسل ونحوه ، حسب الحاجة .
د – التمر : وهو مجرب في تقوية الحفظ ، وخاصة ما صار منه تمرا ، ولم يعد رطبا ، وكان محببا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعامة العرب ؛ بل إنه كان سببا في موت بعض العلماء من شدة حرصهم على الحفظ ، وعدم النسيان ، فقد روي أنه كان هو سبب موت الإمام مسلم صاحب الصحيح رحمه الله تعالى .
قال الإمام الذهبي – رحمه الله تعالى - : ( قال أحمد بن سلمة : .. وعقد لمسلم مجلس المذاكرة ؛ فذكر له حديث لم يعرفه ؛ فانصرف إلى منزله ، وأوقد السراج ، وقال لمن في الدار : لا يدخل أحد منكم ؛ فقيل له : أهديت لنا سلة تمر ؛ فقال قدموها ؛ فقدموها إليه ؛ فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فأصبح وقد فني التمر ، ووجد الحديث..
رواها أبو عبد الله الحاكم ثم قال زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات )([SUP][100][/SUP])
هـ - ابتلاع أحداق عيون المعز والضأن ، دون مضغ : وهو أمر معتاد عند الشناقطة ؛ حيث يأخذون حدق العيون من الرؤوس المطبوخة ويضعونها في فم الطفل ، ثم يتبعونها بالماء حتى تبتلع دون مضغ ، وقد جربوا ذلك في الحفظ ، فأعطى مفعولا جيدا ..
وحدثني الأخ الفاضل : محمد يحيى ولد سعيد ([SUP][101][/SUP]) أن الشيخ الحافظ الملقب عندنا بالنووي([SUP][102][/SUP]) حدثه أنه كان يبتلع كثيرا من حداق العيون في الصغر ، وقد قابلته – أي الشيخ النووي - بنفسي في مكة المكرمة مرات عديدة ، وجالسته وحاورته في مسائل متعددة ، من الحديث والأصول والفقه ، وعلمت أن الله أعطاه من الحفظ ، والعلم بالحديث ، وحسن الخلق ، والتواضع لطلبة العلم ما أعطاه ؛ فأسأل الله العلي القدير أن يحفظه ، وينفع به الإسلام والمسلمين.
كما أن الشناقطة ينصحون طالب الحفظ – أيضا – بتجنب كل ما يزيد حموضة المعدة ، كالفلفل الحار ونحوه.
ثم إن بعض الباحثين يضيف على تلك المطعومات : الزبيب ، وألبان البقر ، والسمك الطازج ، والرمان ، وغيرها .

المطلب الرابع : أمور تضعف الذاكرة ، وتعيق عملية الحفظ :
1 – المعاصي : فهي تضعف الذاكرة ، وتميت القلب ، ولا يجتمع الإكثار من المعاصي مع حفظ العلم الشرعي ، وخاصة كتاب الله تعالى ، وقد قال جل من قائل : ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) ([SUP][103][/SUP]) فإن حاولت حفظ العلم ، وبذلت جهدا ، ولم تلاحظ تحسنا ؛ فاعلم أنك متلبس بذنب حجبك عن الحفظ والفهم ؛ فتب إلى الله تعالى منه ، وعاود المحاولة.
وفي هذا المعنى يقول الإمام الشافعي رحمه الله :
شكوت إلى وكيع ([SUP][104][/SUP]) سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخـبرني بــأن العلم نــور ونـور الله لا يعطى لعاص.
2 – الانشغال بأمور الدنيا : ، وعدم التفرغ لحفظ كتاب الله : فعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال : أصبت أنا وعلقمة صحيفة ، فانطلقنا بها إلى عبد الله بن مسعود – رضي الله تعالى عنه وأرضاه – فذكر قصة قال فيها : إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره . ([SUP][105][/SUP])
وناهيك به خبيرا بهذا الشأن ؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (خذوا القرآن من أربعة من ابن أم عبد ؛ فبدأ به ، ومعاذ بن جبل ، وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة ). ([SUP][106][/SUP])
وهو الذي قال عن نفسه – رضي الله تعالى عنه وأرضاه - : ( والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه ).([SUP][107][/SUP])
وعن شقيق ([SUP][108][/SUP]) عن عبد الله بن مسعود – رضي الله تعالى عنه - قال : قال الله تعالى : "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة"([SUP][109][/SUP]) ثم قال على قراءة من تأمروني أن أقرأ ؟ فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة ، ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أعلمهم بكتاب الله ، ولو أعلم أن أحدا أعلم مني لرحلت إليه ، قال شقيق فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك عليه ، ولا يعيبه. ([SUP][110][/SUP])
قلت : ولو كان ما قال غير صحيح لردوه عليه ، وليس في ذلك سوء أدب ؛ لأن المقام مقام إحقاق حق متعلق بكتاب الله ، وبتعليمه للناس ، ولكنه ما كان ليكذب رضي الله عنه وأرضاه أصلا ؛ فكيف بشيء متعلق بحبل الله المتين ، وصراطه المستقيم ، فرضي الله عنه ، وعن جميع الصحابة ، وجزاهم عنا خير الجزاء ...
3 - عدم المراجعة الدائمة : فالقرآن أشد تفلتا من الإبل ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( تعاهدوا القرآن ؛ فو الذي نفسي بيده لهو أشد تفصيا([SUP][111][/SUP])من الإبل من عقلها ) ([SUP][112][/SUP])
وهو تعبير ، وتشبيه من أبلغ ما يكون ، فالقرآن لا بد له من التكرار ، والمراجعة الدائمة أكثر من أي مادة محفوظة أخرى ...
ويمكن أن تأخذ المراجعة أي شكل يناسب الحافظ ، كأن يفرض على نفسه مراجعة جزء كل يوم ، أو أكثر ، حسب ظروفه ومشاغله ، ولكن أفضل طريقة لمراجعة القرآن الكريم بعد حفظه المتقن ؛ تكون بالصلاة به في الليل ، قال تعالى : ( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا ).([SUP][113][/SUP])
قال الإمام الشوكاني – رحمه الله - : ( "ومن الليل فتهجد به نافلة لك" من للتبعيض ، وانتصابه على الظرفية بمضمر ، أي قم بعض الليل ؛ فتهجد به ، والضمير المجرور راجع إلى القرآن ). ([SUP][114][/SUP])
4 – الحفظ الزائد : فعلى طالب العلم أن لا يحفظ إلا ما يستطيع ، وبمشورة الشيخ ، فبخبرته يستطيع أن يحدد له مقدار الحفظ الخاص به ...
5 – البطنة : فإن كثرة الأكل ، والمبالغة في ملء البطن مذمومة شرعا ، وأضرارها ليست على عملية الحفظ وحدها ؛ بل على صحة الجسم بالكامل ، ولذا فقد حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
( ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن ؛ بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ؛ فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ). ([SUP][115][/SUP])
قال القرطبي – رحمه الله تعالى - : ( .. ثم قيل في قلة الأكل منافع كثيرة ، منها : أن يكون الرجل أصح جسما ، وأجود حفظا ، وأزكى فهما ، وأقل نوما ، وأخف نفسا ، وفي كثرة الأكل كظ المعدة ونتن التخمة ، وتتولد منه الأمراض المختلفة ؛ فيحتاج من العلاج أكثر مما يحتاج إليه القليل الأكل ، وقال بعض الحكماء : أكبر الدواء تقدير الغذاء ). ([SUP][116][/SUP])
وقد كان السلف الصالح يحذرون من البطنة فمن الأمثال المتداولة عندهم : البطنة تذهب الفطنة .
وقال ابن جماعة – رحمه الله تعالى - : ( كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب ، وكثرته جالبة للنوم ، والبلادة ، وقصور الذهن ، وفتور الحواس ، وكسل الجسم ، هذا مع ما فيه من الكراهة الشرعية .. ). ([SUP][117][/SUP])
وليس ذم كثرة الأكل قاصرا على الشرع ؛ فإن العرب كانوا يذمون بكثرته ، ويمدحون بقلته كما قال قائلهم :
تكفيه فلذة كبد إن ألم بها من الشواء ويروي شربه الغمر
وقال حاتم الطائي :
فإنك إن أعطيت بطنك سؤله وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا.
6 - كثرة النظر في التلفزيون ، والكومبيوتر ، وخاصة إطالة العكوف على الإنترنت ، فذلك يضعف الذاكرة ، ويتعب أعصاب الدماغ ، ويصعب عملية الحفظ كثيرا ...

المبحث الخامس : طريقة الشناقطة في حفظ كتاب الله تعالى
المطلب الأول : التعريف بالشناقطة :
لا بد أن نلقي نظرة تعريفية على هذا المسمى - أعني الشناقطة - حتى يكون القارئ على بصيرة من الموضوع الذي نعالجه .
كلمة شنقيط تكتب بالقاف والجيم ، وقد اقتصر المؤرخون في العصور الأول على كتابتها بالجيم ، ووجد ذلك في الصكوك القديمة ، وكتبها بعضهم بالكاف وهو خطأ ...
وقد اختلف في معناها ، والذي قرره العلامة الشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم العلوي([SUP][118][/SUP]) – رحمه الله تعالى - أنها تطلق على عيون الخيل ، وهي
الآن مدينة من مدن "آدرار"([SUP][119][/SUP]) واقعة فوق جبل في غرب الصحراء الكبرى ،
ثم صارت تطلق على جميع القطر المعروف حاليا ب : "موريتانيا"([SUP][120][/SUP]) وهو
من باب تسمية الشيء باسم بعضه . ([SUP][121][/SUP])
وهذا القطر المعروف قديما باسم شنقيط ، وحاليا باسم موريتانيا يسكنه كثير من القبائل العربية ([SUP][122][/SUP]) التي ينتهي نسب أغلبها إلى الحسنين ابني علي رضي الله عنهم - وجعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، وبعضها إلى
الأنصار ، وقبائل معدودة إلى حمير وهناك نسبة قليلة من الزنوج ، قدرت في بعض الإحصائيات بنسبة 4 % وربما زادت في الفترة الأخيرة بسبب عوامل متعددة.([SUP][123][/SUP])
أما اللغة السائدة فهي اللغة العربية ، مع استعمال عريض لما يسمى باللهجة الحسانية ، وهي قريبة من اللغة العربية إلى حد كبير ؛ بل هي أقرب اللهجات العربية إلى الفصحى ، كما أن هناك ثلاث لهجات زنجية مستعملة عند الزنوج فقط ([SUP][124][/SUP])...
وبعد هذه النبذة الموجزة عن بلاد شنقيط ؛ يجدر بنا أن نعرج على المقصود ، وهو طريقة حفظ كتاب الله تعالى عند هذا الشعب الذي اشتهر بقوة الذاكرة ، ومتانة الحفظ ، وسرعته أيضا.. ([SUP][125][/SUP])

المطلب الثاني : صفات الشيخ ([SUP][126][/SUP]) الذي يتولى التدريس عند الشناقطة :
إن التعليم هو الوسيلة التي تتبعها الأمة لتعريف أبنائها بعقيدتهم ، وتراث أمتهم وتبصيرهم بمتطلبات الحياة ، وتسليحهم بمهارات تمكنهم من المساعدة في تقدمها ورقيها ..
وأهم علم يساعد على تحقيق هذه الغايات النبيلة هو العلم بكتاب الله تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولكن المعلم الذي يضطلع بإيصال تلك الرسالة إلى الطلاب ؛ لا بد أن يكون مستوعبا لقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه ، فهو مصلح ، والمصلحون ينبغي أن يكونوا قد حققوا الصلاح في أنفسهم أولا ، كما أنه من المهم أن يكونوا قد حصلوا وسائل توصيل هذا الصلاح إلى غيرهم ، حتى لا يكون صلاحهم قاصرا عليهم لا يستطيعون تجاوز ذواتهم ، ولا يقدرون على جعل تلك المعارف التي حصلوا عليها ثمارا يأكل منها الجياع الذين ضمرت عقولهم من قلة الوجبات المقدمة لهم في هذا المجال ...
ولذا فإن اختيار الشيخ المناسب يعتبر أهم لبنة في البناء التعليمي ، وأهم ركن يقوم عليه بناؤه ، وقد درج السلف الصالح على الاهتمام باختياره ، والعناية بأمره ، وكرسوا صفحات من كتبهم لذلك ...
قال الماوردي ([SUP][127][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( يجب أن يجتهد في اختيار المعلم والمؤدب ، الاجتهاد في اختيار الوالدة والظئر ؛ بل أشد منه ؛ فإن الولد يأخذ من مؤدبه من الأخلاق ، والشمائل ، والآداب ، والعادات ؛ أكثر مما يأخذ من والده ؛ لأن مجالسته له أكثر ، ومدارسته معه أطول ، والولد قد أمر حيث سلم إلى المدرس بالاقتداء به جملة ، والائتمار له دفعة ، وإذا كان هكذا ؛ فيجب ألا يقتصر من المعلم والمؤدب على أن يكون قارئا للقرآن ، حافظا للغة ، أو راويا للشعر ، حتى يكون تقيا ، ورعا ، عفيفا ، دينا ، فاضل الأخلاق ، أديب النفس ، نقي الجيب .. ). ([SUP][128][/SUP])
وقد وعى الشناقطة هذه الأمور ، واهتموا بها حق الاهتمام ؛ فلم يعطوا لأحد الحق في تدريس كتاب الله إلا إذا كانت عنده مؤهلات تسمح له بذلك ، ومن أهمها :
1 – حصوله على سند بقراءة القرآن الكريم من شيخ موثوق به ، فالقرآن ليس كغيره من العلوم التي يمكن تحصيلها بالمطالعة ، فلا بد فيه من السماع إلى شيخ خبير بمخارج الحروف ، وأحكام التجويد ، يعرف مقدار الغنة ، والمد وأنواعه ، إلى غير ذلك من الأحكام ، التي لا بد في تعلمها من الجلوس إلى المشايخ ([SUP][129][/SUP])..
2 – معرفته بطرق تدريس القرآن الكريم ، ويعرفون ذلك من خلال التجربة ؛ فقلما يجلس شيخ للإقراء إلا لوحظ مدى انتفاع الطلاب به من عدمه ، ولذا تجد بعضهم يذهب بابنه مسافات بعيدة ؛ لأنه سمع بشيخ يتمتع بأهلية التدريس ، في حين يتجاوز محاضر عدة بسبب قصور مدرسيها في المجال التربوي ؛ رغم حصولهم على إجازات من قراء معروفين .
3 – غزارة المادة العلمية : ففي أغلب الأحيان يكون الشيخ الذي يتولى التدريس واسع الإطلاع ، وخاصة في العلوم الشرعية من فقه ، ولغة ، وغير ذلك ، مما يثري المادة العلمية عنده ؛ ليشبع نهم الأطفال المتزايد من الأسئلة ، ويكون عندهم بالتالي مجموعة لا يستهان بها من المعارف ، من خلال إجابته على تلك الأسئلة التي يثير النص القرآني نسبة كبيرة منها.
4 – حسن الأخلاق : من أهم مواصفات الشيخ أن يكون زكي السيرة ، حسن الأخلاق ، متواضعا ، مستقيما ، حتى يفيد الطلاب في هذه الناحية التي هي من أهم ثمار تعلم العلم عامة ، وخاصة كتاب الله تعالى ، الذي يدعو إلى كل خلق حميد ، وينهى عن كل خلق ذميم .
فإذا كان الشيخ متأدبا بآداب القرآن والسنة ، كان أهلا لتربية الأجيال حتى يتأثروا به ، ويقتدوا ([SUP][130][/SUP]) بأفعاله وأقواله ..
ذكر ابن الجوزي – رحمه الله تعالى - عن نفسه أن تأثره ببكاء بعض شيوخه كان أكثر من تأثره بعلمهم . ([SUP][131][/SUP])
وقال عتبة بن أبي سفيان ([SUP][132][/SUP]) – رحمه الله تعالى - لمؤدب ولده : ( ليكن أول
إصلاحك لولدي إصلاحك لنفسك ، فإن عيونهم معقودة بك ، فالحسن عندهم ما صنعت ، والقبيح عندهم ما تركت ، وعلمهم كتاب الله ، ولا تكرههم عليه فيملوه ، ولا تتركهم منه فيهجروه ، ثم روهم من الشعر أعفه ، ومن الحديث أشرفه ، ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه ، فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم ..) ([SUP][133][/SUP])
وقال عبد الملك بن مروان([SUP][134][/SUP]) – رحمه الله تعالى - لمؤدب ولده : ( علم
أولادي الصدق كما تعلمهم القرآن ، وعلمهم الشعر([SUP][135][/SUP]) ، وجنبهم السفه ، وجالس بهم علية القوم يناطقوهم بالكلام ) ([SUP][136][/SUP])
ويستلزم كل ذلك أن يكون الشيخ نفسه يتمتع بأخلاق عالية ، فهو قدوتهم الأول ، وتأثير أفعاله ، وأقواله على سلوكهم أعلى من أي تأثير آخر ، فينبغي أن يكون علمه في ذاكرته ، ومنعكسا على جوارحه على حد سواء.
قال الخطيب البغدادي : ( .. ويكون قد وسم نفسه بآداب العلم ، من استعمال للصبر ، والحلم ، والتواضع للطالبين ، والرفق بالمتعلمين ، ولين الجانب ، ومداراة الصاحب ... وغير ذلك من الأوصاف الحسنة ، والنعوت الجميلة ). ([SUP][137][/SUP])
أما الشيخ الذي يفيد غيره من علمه دون أن ينتفع هو به ، ودون أن ينعكس على هديه ، وأخلاقه ، وتعامله مع الآخرين ، فإنه يكون كالكتاب يفيد غيره بالحكمة ، وهو يفتقدها ، وكالشمعة تحترق ؛ لتضيء للآخرين ..
وآخر الأحوال لهؤلاء هي حال من استفاد علما ، ولم ينتفع هو به ، ولا نفع غيره .
كالنخل يشرع أشواكا يذود بها عن حمله كف جان وهو منتهب ([SUP][138][/SUP])
5 – الرأفة بالتلاميذ : على المعلم أن ينزل تلامذته منزلة أولاده ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو معلم البشرية كلها : ( إنما أنا لكم مثل الوالد أعلمكم ... ) ([SUP][139][/SUP])
ولا شك أن العلماء هم الوارثون لهذه المهنة النبوية التي هي تعليم الناس الخير ، وتحذيرهم من الشر ، فعليهم أن يشفقوا على تلامذتهم ، ويعاملوهم باللين والرحمة ، وأن لا يلجؤوا إلى العقاب إلا حينما يكون ضروريا ..
6 – عزة النفس : من صفات الشيخ كذلك أن يكون عزيز النفس ، زاهدا في الدنيا ، مقدرا لما أعطاه الله من العلم ، وأن لا يتخذه وسيلة لجمع المال ، ومطية لتحصيل المكاسب المادية ، وأن لا يذل نفسه عند المتعلمين بالطمع فيما في أيديهم ؛ فإن من رزقه الله حفظ كتابه ؛ حري به أن يكون عزيز النفس في غير كبر ، متواضعا من غير ذل ..
ومن هذا المنطلق كان مقر الطلاب الشناقطة عند الشيخ ، واستقرارهم في محضرته ، ويرتحلون إليه من أماكن بعيدة ؛ ولم يكن ليرتحل هو إليهم ؛ مهما كان مستوى أسرهم المادي ، أو المعنوي .. ([SUP][140][/SUP])
وقد توجد بعض الاستثناءات – في القليل النادر جدا - ، فقد يستقدم بعض أمراء القبائل ، مقرئين ليؤدبوا لهم أولادهم وخواصهم ، وهم قلة جدا ، سواء بالنسبة لحال سلف الأمة ، أو بالنسبة للشناقطة أيضا ؛ لأن الأصل أن العلم يؤتى ولا يأتي ، ومن أراد استفادة ولده أكثر ؛ فعليه أن يؤدبه بأدب العلم ، ومنه أن يأتي إلى الشيخ ، إلا إذا كانت هناك ضرورة من خوف قتل عليه ، ونحو ذلك ، وعلى هذا درج كثير من السلف الصالح ، فلم يكونوا يستقدمون العلماء – مع قدرة كثير منهم على ذلك – إلا لضرورة .والله أعلم.
قال الزهري : ( هوان بالعلم أن يحمله العالم إلى بيت المتعلم ). ([SUP][141][/SUP])
قلت : وينبغي أن يستثنى من ذلك ما كان لضرورة ، أو مصلحة راجحة ، ما لم يكن فيه تعال للمتعلم على العالم ، أو الاستهانة بما علمه الله من كتابه ، أو سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ...
ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى قول أبي شجاع الجرجاني حين قال :
ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي لأخدم من لا قيت لكن لأخدما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلــة إذن فاتباع الجهل قد كان أحزما
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولو عظموه في النفوس لعظمـا
المطلب الثالث : الصلاحيات الممنوحة لشيخ المحضرة :
أ - الخدمة :
ففي غالب المحاضر عند الشناقطة يكون التلاميذ تحت تصرف الشيخ ، يرعون له ماشيته ، ويطبخون له الطعام إذا لم يكن عنده إماء للخدمة ، ويغسلون له الملابس ، إلى غير ذلك من أنواع الخدمة الكثيرة ؛ بل إن خدمة الشيخ عندهم مقدمة على خدمة الأهل ، ومهامه الثانوية تسبق حوائج الأهل الضرورية ..

ب - العقاب :
أولا : تعريف العقاب :
يعرف علماء التربية العقاب بأنه "الوسيلة التربوية التي يهدف منها إلى وقف ، أو ضبط ، أو تعديل السلوكيات غير المرغوب فيها" ويضيف علماء التربية الإسلامية لهذا الهدف أمرين مهمين ، أولهما : حماية الآخرين من نتائج الأفعال السيئة التي قد تلحق بهم الضرر ، والثاني : التربية الوقائية للأفراد ؛ وذلك لأن من سمع ، أو شاهد عقاب المخطئ ، فإنه سيردعه ذلك عن ارتكاب الخطأ حتى لا يتعرض للعقاب مثله. ([SUP][142][/SUP])
ثانيا : شروط العقاب :
وقد وضع العلماء شروطا لهذا العقاب ، حتى يعطي ثماره المرجوة منه ، ومن أهم هذه الشروط :
1 – أن يجرب المربي كافة وسائل التقويم من النصح ، والحوار ، والإرشاد قبل اللجوء إلى العقاب .
2 – عدم المبالغة في العقاب حتى لا يتعود عليه الطفل ويسمرئه.
3 – عدم التهديد بعقاب لا يقبل التنفيذ مثل : سأقتلك إن لم تفعل كذا.
4 – تنفيذ العقاب في مرحلة الذنب الأولى ؛ بحيث لا تطول المدة بين ارتكاب الذنب وبين العقاب.
5 – إذا كان العقاب بالضرب ؛ فعلى المربي أن يقدر عدد الضربات ؛ بحسب حال المعاقَب الجسمية والعقلية ، وبمراعاة سنه ، ونحو ذلك.
6 – أن يفرق الضرب ، ويجعله خفيفا ، فالهدف منه التأديب ، وليس الانتقام أو التشفي .
7 – أن يتقي أماكن الجسم التي تشكل إصابتها خطرا ، كالرأس ، والصدر ، والبطن ، والفرج ، والمفاصل ، ويتجنب ضرب الوجه للنهي عن ذلك في الحديث الصحيح. ([SUP][143][/SUP])
8 – عدم الغضب حال ضرب الطفل ، حتى لا يقع الظلم والإجحاف ، ويخرج العقاب بالتالي عن الهدف منه .
9 – أن ينتقي ما يضرب به ، وأفضله أن يكون سوطا معتدل الحجم والرطوبة.
10 – أن لا يولي أحد الصبيان – وبخاصة أقرانه – ضربه ، بل يباشره المربي بنفسه . ([SUP][144][/SUP])
ثالثا : العقاب عند الشناقطة :
إن نظرة على غالب المحاضر الشنقيطية يتبين منها أن للشيخ كامل الحرية في أن يعاقب بالضرب أو الحبس ، أو غيرهما من يشاء ، دون أي تدخل من الأهل والأقارب ولو أدى ذلك إلى كسر عضو ، ونحوه ([SUP][145][/SUP]) ؛ بل ولو أدى – كما في حالات نادرة – إلى موت الطالب ؛ بسبب الهروب من المحضرة ، والموت عطشا في الفيافي ، والصحارى الواسعة ([SUP][146][/SUP])...
ولكن الشيخ لا يبدأ بالضرب – في أغلب الأحيان – بل إنه يعاتب برفق بأن يعرض عن التلميذ ، ولا يلتفت إليه ، حتى ينتبه التلميذ نفسه لخطئه ، وقد ينبه على طريقة التعميم ، فقد حكي عن محمذن فال بن أحمد فال التندغي ([SUP][147][/SUP]) أنه كان إذا أخطأ أحد تلامذته سواء من قبيلته ، أو من غيرهم ؛ فإنه يقول للطلاب جميعا :
وقول ما لا ينبغي ، لا ينبغي لتندغ ، ولا لغير تندغ
هذا إذا كان خطأ الطالب قولا ، أما إذا كان جرمه فعلا ، فإنه يقول لهم:
وفعل ما لا ينبغي ، لا ينبغي لتندغ ، ولا لغير تندغ ([SUP][148][/SUP])
ولا شك أن التعريض وعدم تعيين المذنب أسلوب تربوي نبوي فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا أو يقولون كذا. ([SUP][149][/SUP])
ولكن التلميذ إذا لم يرتدع بالكلام ، والإشارة ([SUP][150][/SUP]) فإن الشيخ يلجأ إلى الضرب لا رغبة فيه ، ولكن حفاظا على المصلحة العامة للطالب نفسه ، وللمحضرة أيضا.
ومع ما قد يظهر للمرء من خطورة منح مثل هذه الصلاحيات للشيخ ، إلا أن الحقيقة أن الطبيعة الصحراوية لهذا البلد ، وانعكاسها على سلوكيات أهله من حيث حرارة الطبع ، وصعوبة المراس ؛ يفرض هذا السلوك التربوي الذي قد يراه البعض خاطئا ، ويعتبره آخرون شائنا ...
إن نوعية العقاب – في نظري – يجب أن تراعى فيها طبيعة السكان ، وظروفهم البيئية ، وسلوكياتهم الاجتماعية ، أما أن نأخذ نظريات تربوية تمت تجربتها في صحراء "سبيريا" ، ونطبقها بحذافيرها على سكان الصحراء الكبرى ، أو الجزيرة العربية ؛ دون نظر في الخصوصيات الجغرافية ، والثقافية لتلك البلاد ، فإن ذلك لن يعطي النتائج المرجوة منه.
ولعل هذا من أهم أسباب التعثر التربوي الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم ، ذلك أن انبهار كثير منا بالتقدم التقني للغرب ؛ جعله يأخذ كل ما لفظته الحضارة الغربية – إن جازت تلك التسمية – ثم يطبقه كما هو على مجتمعه الذي يختلف تمام الاختلاف عن المجتمع الغربي ؛ فإذا كانت النظريات التربوية المبنية على دراسات نفسية ، واجتماعية للمجتمع الفرنسي – مثلا- تصلح للمجتمع السويسري ؛ لاشتراكه مع الفرنسيين في كثير من الخصوصيات ؛ فإن ذلك لا يعني بالضرورة صلاحية تلك النظريات للمجتمع السوداني ، أو الشنقيطي ، نتيجة للاختلاف التام مع تلك المجتمعات التي كانت ميدان تجربة لتلك النظريات...
وهذا ما وعاه الشناقطة ؛ فأوجدوا نظرياتهم الخاصة بهم ، والتي تناسب الطبيعة الجغرافية ، والسكانية لهم ، فضلا عن مناسبتها للمواد المقروءة عندهم ، والتي تعتمد – في غالبها – على الحفظ ..
وعملية الحفظ عملية معقدة ، ومتعبة ، يملها المرء عند المحاولة مرتين ، أو ثلاثا ؛ فاستلزم ذلك أن تكون للشيخ الذي أسندت له مهمة تحفيظ الأجيال ، وغرس هذه العلوم في عقولهم ، صلاحية العقاب ، حتى يؤدي مهمته على أكمل وجه .. ولذا فقد منح الشناقطة الشيخ كامل الحرية في العقاب ، فنتج عن ذلك سيل من حفاظ كتاب الله تعالى ، وبحر تتلاطم أمواجه من العلماء في كل الفنون المتوفرة عندهم ، مع ضعف الإمكانات المتاحة لهم ؛ سواء من الناحية المادية ، أو حتى من ناحية توفر المراجع ، والكتب ، وغير ذلك ..
إن كثيرا من البلاد الإسلامية اليوم تصرف ملايين الدولارات على المدرسين ، والطلاب من أجل حفظ القرآن الكريم ، ومع ذلك تجد فيهم أعداد الحفاظ أقل من القليل ، ومستوى إتقان الحفظ عندهم ضعيفا كذلك ، فما السبب يا ترى ؟
إن نظرة عاجلة ، ودراسة مقارنة تبين أن من أهم أسباب تناقص الحفاظ في تلك البلاد مع ما يصرف من أجل زيادة أعدادهم ، هو في عدم منح القراء ، والمشايخ الصلاحيات الضرورية لتوصيل المادة العلمية للطلاب ، فإذا كان الطالب ينظر إلى الشيخ نظرة دونية بسبب مستواه المادي ، أو لاعتبارات أخرى ، أيا كانت ، فكيف يستفيد منه ، ويحفظ على يديه !؟
لقد أرسل الله الأنبياء إلى مختلف الأمم ؛ ليعلموهم الخير ، فهم أول المعلمين ، ومنحهم من الصلاحيات ما يحتاج له كل معلم ، فكان يبعثهم من بيوتات حسب ونسب ، وأوجب على أممهم محبتهم ، وتعظيمهم ، وتوقيرهم ؛ لأن ذلك كله من ضروريات توصيل رسالة العلم التي كلفوا بها ..
ولنا فيهم قدوة حسنة ، فلا بد لطالب العلم أن يحب شيخه ، ويعظمه ويتأدب معه ، لا من أجل ذاته ، بل من أجل العلم الذي أعطاه الله ، والذي نحن بحاجة إليه ، حتى لو كانت به حاجة مادية من فقر ونحوه ، فمتى تساوى فقر المال ، وفقر العلم ؟ ومتى تساوى غنى المال وغنى العلم؟
فالحاصل أن الشناقطة رخصوا للشيخ بالعقاب بما يراه مناسبا ، ويعاقب الطفل والمراهق على حد سواء ، وليس عند التلاميذ إلا تحسين سلوكهم ، والصبر على ضرب الشيخ ، أو تعنيفه ، ولسان حال والديهم يقول لهم:
اصبر لدائك إن جفوت طبيبه واصبر لجهلك إن جفوت معلما

ج – وجوب طاعة الشيخ :
إن طاعة الشيخ – عند الشناقطة – لا تقف عند حد ، ما لم يأمر بمعصية ؛ وأسلوب العقاب الذي تقدم يجعل الطالب مطيعا للشيخ رغم أنفه ، فضلا عما يلقى على التلميذ من نصائح تؤكد على أهمية طاعة الشيخ ، وضرورتها ، وكلام السلف في ذلك ؛ فيصبح الطالب أمام الشيخ وكأنه آلة ، ولهذا من الفوائد ما فيه ، وهو من أهم ما ركز عليه السلف الصالح عند كلامهم على حقوق الشيخ ..
قال الغزالي : ( ... ومهما أشار عليه شيخه بطريقة في التعليم ؛ فليقلده ، وليدع رأيه ؛ فخطأ مرشده أنفع له من صوابه في نفسه ، وقد نبه تعالى على ذلك في قصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام([SUP][151][/SUP]) بقوله : " إنك لن تستطيع معي صبرا .. " هذا مع علو قدر موسى الكليم في الرسالة والعلم ، حتى شرط عليه السكوت فقال : " فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ").([SUP][152][/SUP])
المطلب الرابع : سرد طريقة الشناقطة في حفظ كتاب الله تعالى :
لقد اهتم الشناقطة بحفظ كتاب الله تعالى ، وتعليمه للصغار في سن مبكرة ، ووضعوا الحوافز المادية والمعنوية للحفاظ ، وفتحوا المحاضر والكتاتيب لتعليم كتاب الله تعالى أولا ، ثم كتب اللغة ، والأصول ، والحديث ، وغيرها ، فقلما تجد قبيلة إلا وفيها من الحفاظ العدد الكثير ، وخاصة في قبائل الزوايا التي اهتمت بهذا المجال ، وجعلته ميدانا يتنافس فيه المتنافسون.
وقد اختاروا للوصول إلى هدف حفظ كتاب الله تعالى طريقة اتبعت على مر العصور في غالب مناطق شنقيط ، ويمكن تلخيصها في المراحل التالية :
أولا : مرحلة الطفولة المبكرة ، وتعليم الحروف للأطفال : وتبدأ هذه المرحلة عندما يبلغ الطفل سن الخامسة – في الغالب – فيرسله أهله إلى من يعلمه الحروف الأبجدية ، وتتولى النساء هذه المهمة غالبا ([SUP][153][/SUP]) ؛ فتقوم امرأة مشهورة بهذه المهنة بتعليم الطفل جميع الحروف الأبجدية ، ثم تعلمه حركاتها ، حتى إذا أتقن ذلك سردا وبدون تردد ، وصار يقرأ أي حرف كتب له مفردا ، أو مع حركته ، فعند ذلك تستحق ما هو متعارف عليه في تلك المنطقة ، فيعطيها أهل الطفل جذعة من الإبل أو البقر ، هذا فضلا عن المعونات التي كانوا يقدمونها للمعلمة أثناء دراسة الطفل عليها ([SUP][154][/SUP])...
ثانيا : الشيخ يكتب والطفل يكرر :
في هذه المرحلة يتعلم الطفل الكتابة تدريجيا ؛ فيضع الشيخ الدواة ، واللوح ،
والقلم ،([SUP][155][/SUP]) ويجلس الطفل بجانبه ، فيبدأ الشيخ كتابة الكلمة حرفا حرفا ، وينطق بالحرف محركا بحركته ، ثم ينطق به التلميذ بعد الشيخ مباشرة ، وهكذا إلى أن تنتهي الكلمة ، ثم يقرؤها الشيخ كلمة تامة ، ويعيدها التلميذ بعده ، وهكذا حتى تنتهي آية أو آيتان ؛ حسب قدرات الطفل واستعداده ، فيحفظ الطفل في هذه المرحلة السور القصار ، حتى يكمل الجزء الثلاثين وأحيانا يزيد حفظه في هذه المرحلة على خمسة أجزاء ، أو أكثر ، ويتعلم في آخرها كتابة بعض الكلمات والآيات ببطء ، ثم بسرعة ، مع تمرينه دوما من قبل الشيخ ، ثم من قبل بعض الطلاب الذين يسبقونه بمراحل ، كما يشارك الأهل بدورهم في هذه المرحلة – أيضا – وخاصة الأم والأخوات...
ثالثا : التلميذ يكتب والشيخ يملي :
من خلال المرحلة السابقة وفي آخرها يكون التلميذ قد تعود على الكتابة ؛ فيبدأ في هذه المرحلة بالاعتماد على نفسه ، وكتابة درسه من إملاء الشيخ ، أو بعض من ينيبه من كبار التلاميذ ، ويظل هكذا يحفظ كل يوم حسب المستطاع ، ويتراوح مقدار الحفظ - غالبا - في هذه المرحلة بين ما يناهز نصف الصفحة والصفحة إلى أن يحفظ قرابة نصف القرآن ؛ فيزيد الدرس اليومي إلى حدود الصفحتين ، ويستمر في هذه المرحلة إلى أن يكمل القرآن الكريم كاملا ، ويسمع على الشيخ في كل يوم عندما ينهي الكتابة ، وقبل أن يكرر للحفظ ، ويركز الشيخ – في هذه المرحلة – على نطق الطالب للحروف نطقا سليما مع مراعاة حركاتها ؛ فيمنع إبدال حركة بأخرى ، أو إبدال محرك بساكن ، أو تسكين الحرف المحرك في حال الوصل ، وغير ذلك ، حتى إذا اطمأن الشيخ لنطقه بالكلمات نطقا صحيحا أعطاه الإذن لينصرف ، ويجلس جانبا ، ثم يبدأ بالتكرار ، ويكرر درسه في الصباح قرابة مائة مرة ، ثم يأتي ليسمعها على الشيخ نظرا ، وتبدأ فترة الاستراحة من ارتفاع النهار ( الساعة 10 تقريبا ) إلى صلاة الظهر ، ثم يعاود التكرار من جديد حتى يحفظ درسه غيبا ، وبدون تردد ثم يسمع على الشيخ غيبا ، فإذا اطمأن لحفظه لدرس اليوم أمره بتكرار درس اليوم الماضي ، ويسمى عندهم "الدرس" ([SUP][156][/SUP]) ، ثم يأتي ليسمعه على الشيخ غيبا ، فإذا أنهى تسميع وجهي لوحه ، أمره بتسميع الأحزاب الخمسة المحفوظة أخيرا ([SUP][157][/SUP])، ثم إن بقي من الوقت شيء أعطاه تلاميذ آخرين دون مستواه يقرؤون عليه دروسهم اليومية ، ولهذه الخطوة دور هام في ترسيخ الحفظ وتقويته ، كما أنها تدفع بنفسية الطالب ، وتعوده على الثقة بالنفس ، لأنه يصبح بها وكأنه شيخ يقرئ الطلاب.
ثم إنه لا بد من التسميع على الشيخ ثلاث مرات في اليوم – على الأقل - فتكون الأولى في الصباح بعد الحفظ نظرا ، ثم يرتاح التلميذ حتى يصلى الظهر ، فيبدأ التكرار من جديد ، ثم يأتي إلى الشيخ ويسمع عليه غيبا ، ثم يرتاح ، وفي المساء يعاود التكرار من جديد ، ثم يسمع على الشيخ غيبا أيضا. ([SUP][158][/SUP])
ولا ننسى أن لكل طالب – في هذه المرحلة – ورد من القرآن الكريم يراجعه كل يوم ، وأقله خمسة أجزاء ، أو أكثر ، حسب نظام كل شيخ في محضرته ، وورد المراجعة هذا يسمعه التلميذ على نفسه غيبا ، ولكن الشيخ ينادي بين الفينة والأخرى أحد الطلاب ليراجع له كل ما حفظ ، فإذا وجد حفظ بعض الأجزاء غير جيد علم أن الطالب كان يغش ، ومن ثم يقترح الشيخ العقاب المناسب ، وينفذه مباشرة ، وعندها فإنه لن يعود طالب للغش في المراجعة مرة أخرى ، وهكذا ، فبالرعاية من الشيخ ومداومة رقابته على ما حفظ الطلاب يرسخ الحفظ في هذه المرحلة ويثبت ..
وقراءة الطلاب في المحضرة تكون جهرية بحيث يسمعها الشيخ والطلاب ، ولا يسمح لطالب بالإسرار بالقراءة ، ولهذه القراءة الجهرية فوائد في عملية الحفظ من أهمها :
1 – كونها تعين الشيخ على سماع بعض الأخطاء المحتملة للطالب ، فيبادر إلى إصلاحها قبل أن ترسخ في ذاكرة التلميذ...
2 – تنمي ثقة التلميذ بنفسه ، وتجعله جريئا على التلاوة جهرا أمام الحفاظ والعلماء ، وعلى الإمامة في الصلوات الجهرية ، وخاصة صلاة التراويح في رمضان .
3 – منع سريان اللهجات العامية في قراءة الطالب ، وذلك أن بعض الأطفال قد يقرأ بعض الحروف في القرآن الكريم حسب ما ينطقها بالعامية.([SUP][159][/SUP])
فإذا أكمل الطالب القرآن الكريم بالطريقة التي تقدمت سمعه من بدايته إلى نهايته على الشيخ نفسه مرات عديدة ، ولا يسمح الشيخ لأحد التلاميذ أن ينوب عنه في هذه الخطوة ؛ لما لها من الأهمية ، كما لا يسمح للتلميذ بالوقف الذي لا يبين أصل الحركة ؛ بل يظهر حركة كل كلمة ؛ فإذا تأكد من جودة حفظه ، وإتقانه لما حفظ ؛ فإنه يأمره بقراءة القرآن الكريم كاملا على اثنين من الحفاظ ، كل على انفراد ، حتى يتأكد أهله من أن الشيخ قام بمهمته أحسن قيام ، وإنما يفعل المشايخ ذلك إبراء للذمة ، وإبعادا لأنفسهم عن التهم ([SUP][160][/SUP])، ومحافظة على صفاء الأجواء بين المشايخ وأولياء التلاميذ ، وتواضعا منهم ، وإن كانوا غير ملزمين بذلك على سبيل الشرط.
رابعا : التلميذ يتعلم الرسم العثماني :
بعد تسميع القرآن الكريم كاملا على الشيخ وعلى الحفاظ كما ذكرنا آنفا يبدأ الطالب بتعلم الرسم العثماني وأشهر الكتب التي يقرؤونها في هذا المجال كتاب رسم الطالب عبد الله الجكني الشنقيطي رحمه الله تعالى ([SUP][161][/SUP]) وهو كتاب قيم ، حاول مؤلفه أن يحيط بطريقة كتابة كل الكلمات القرآنية بالرسم العثماني ، وضبط التابعين ، وقد نجح في مسعاه إلى حد كبير ؛ فرحمه الله تعالى رحمة واسعة وجزاه عنا خير الجزاء .

خامسا : كتابة القرآن الكريم مع مراعاة قواعد الرسم العثماني :
ثم يبدأ الطالب بإعادة كتابة القرآن الكريم مع مراعاة قواعد الرسم التي قرأ ، ويكتب في هذه المرحلة ما يقارب ثلاث صفحات ، من حفظه دون إملاء من الشيخ ، أو نظر في المصحف ، ثم يعطي اللوح للشيخ لينظر في الأخطاء المحتملة في الكتابة ، ويبدأ في التكرار مع النظر للكتابة ، حتى ترسخ في الذهن ألفاظ الكلمات ، وطريقة كتابتها ، كل ذلك مع تسميعه للطلاب الذين دونه في المستوى ، وهذه الخطوة ترسخ الحفظ إلى حد يصعب بعده النسيان ...
فإذا استطاع الطالب أن يكتب خمسة أجزاء ، أو أكثر – حسب نظام كل شيخ - بدون أي أخطاء في الرسم العثماني ؛ فإن الشيخ يأمره بكتابة "ابن بري" وهو كتاب قيم في قراءة نافع من روايتي ورش وقالون ، وهما الروايتان المقروء بهما في تلك البلاد ، ويواصل مع حفظ هذا الكتاب مراجعة نص القرآن الكريم ، والتسميع للطلاب ، ومساعدة الشيخ في كثير من شؤون الطلاب.
ثم يضبط برواية ورش قرابة عشرة أجزاء ، ثم يضبط نفس العدد برواية قالون.
ويتفاوت المشايخ في التشدد في كتابة القرآن الكريم بالرسم العثماني ، فبعضهم يفرض على الطالب أن يكتب جميع القرآن الكريم بالرسم العثماني وضبط التابعين ويكون أكثره برواية ورش ، وباقيه برواية قالون ، ويتشدد بعضهم فيفرض كتابته مرتين ، مرة بورش ، وأخرى بقالون ، ولكن الأكثر انتشارا هو ما قدمنا من كتابة ما يقارب العشرة أجزاء بكل واحدة من الروايتين ..
وأكد لي الشيخ : محمد بن أب السيدوي الحسني([SUP][162][/SUP]) – حفظه الله تعالى – أن المعيار الحقيقي في ذلك ليس في الكمية التي يكتبها الطالب ، وإنما في اطمئنان الشيخ لإتقان الطالب للرسم والضبط.
وبعد ذلك يأمره الشيخ بترك الكتابة ؛ إشعارا له بأنه دخل في مرحلة الإجازة.
ومن الجدير بالذكر أن التلميذ في هذه المرحلة يكتب القرآن في لوحه أمام الطلاب ، حتى يبعد عن نفسه تهمة النظر في المصحف ، والغش في طريقة كتابة الكلمات ، ونحو ذلك ، فإن عثر على أن أحد الطلاب اختلس كتابة كلمة على تلميذ مثله ، أو على المصحف ، فإن ذلك يعتبر معرة ، وفضيحة كبرى ، فربما يسمى بتلك الكلمة ذلك التلميذ بين الطلاب ؛ فتصبح علما عليه ، وقد يبلغ به الضغط النفسي بسببها إلى الهروب من المحضرة في بعض الأحيان .

سادسا : مرحلة الحصول على الإجازة :
بعد المراحل السابقة يكون التلميذ مهيئا للإجازة ؛ فيجلسه الشيخ ، ويأمره
بتسميع القرآن الكريم كاملا من بدايته إلى نهايته دون أي خطأ أو تردد ([SUP][163][/SUP]) ثم يكتب له الشيخ الإجازة بخطه ، وفيها سنده في قراءة نافع ، ويأمره فيها بتقوى الله عز وجل ، والمحافظة على القرآن الكريم تلاوة ، وتدبرا ، وتعليما.
المطلب الخامس : أهم القواعد المتبعة في المحضرة :
ومن الجدير بالذكر أن كل مراحل الحفظ هذه تقطع مع مراعاة قواعد المحاضر في تلك البلاد ، ومن أهم تلك القواعد :
أ – في ليلة الأربعاء – عادة – يجلس الشيخ والطلاب من حوله ، فيجري لهم اختبارا أسبوعيا في الحفظ ؛ فينادي الواحد منهم ، ويأمره بأن يسمع الثمن الفلاني من حفظه ، فإن غلط فيه ضحك منه الطلاب ، وعابوه على ذلك الخطأ ، ثم ينادي آخر ، وهكذا ...
ولهذه الخطوة دور مهم في إذكاء روح المنافسة بين الطلاب ، وتشجيع أصحاب الذكاء منهم ، مما يدفع بهم إلى المثابرة ، والسعي في تحصيل العلم.
وجدير بالذكر أن مساء الأربعاء هو آخر الفترة الدراسية في الأسبوع ؛ لأن الطلاب يستريحون يومي الخميس والجمعة .
ب – غالب طلاب المحضرة يفارقون أهلهم ، ويتفاوت بعدهم من ذويهم حسب بعد المحضرة وقربها ، وقد يتولى الشيخ معاشهم ، وقد يأتون به هم حسب حالة الشيخ المادية ، ومستوى أسر الطلاب المادي كذلك ، فبعضهم يأتي ببقرة حلوب والبعض يأتي ببقرتين ، أو مثل ذلك من الإبل ، أو الغنم.
ويتناوبون على رعي تلك الماشية ، كل بيومه ، فيأخذ لوحه في الصباح ، ويكتب درسه ، ثم يذهب بلوحه ، ويظل في محل الرعي يكرر ، حتى المساء.
أما أكلهم ؛ فهو قليل جدا ؛ فلا يأكلون حتى يستبد بهم الجوع ، وإن أكلوا فإنهم لا يشبعون ؛ لأنه لا يوضع لهم من الطعام – أصلا – ما يشبعهم ؛ بل يطبخون أو يطبخ لهم بأمر من الشيخ ، وبتقدير منه ، ولهذا دور هام في نجاح عملية الحفظ ، وقد قدمنا أضرار البطنة ، والأكل الزائد.
وقال ابن حجر : ( ... واختلف في حد الجوع على رأيين - ذكرهما في الإحياء - أحدهما : أن يشتهي الخبز وحده ؛ فمتى طلب الأدم فليس بجائع ، ثانيهما : أنه إذا وقع ريقه على الأرض لم يقع عليه الذباب ، وذكر أن مراتب الشبع تنحصر في سبعة ، الأول : ما تقوم به الحياة ، الثاني : أن يزيد حتى يصوم ويصلي عن قيام ، وهذان واجبان ، الثالث : أن يزيد حتى يقوي على أداء النوافل ، الرابع : أن يزيد حتى يقدر على التكسب ، وهذان مستحبان ، الخامس : أن يملأ الثلث ، وهذا جائز ، السادس : أن يزيد على ذلك وبه يثقل البدن ويكثر النوم ، وهذا مكروه ، السابع : أن يزيد حتى يتضرر ، وهي البطنة المنهي عنها ، وهذا حرام ، ويمكن دخول الثالث في الرابع ، والأول في الثاني ). ([SUP][164][/SUP])
أما ما يسكن فيه طلاب المحاضر فهو أمكنة يصدق عليها حقيقة قول بعضهم :
تلاميذ شتى ألف الدهر بينهم لهم همم قصوى أجل من الدهر
يبيتون لا كن لديهم سوى الهوى ولا من سرير غير أرمدة ([SUP][165][/SUP]) غبر([SUP][166][/SUP])
ومن الأعمال الشاقة التي يقوم بها طلاب المحاضر في بلاد شنقيط – غير ما ذكرنا - أنهم يجمعون الحطب نهارا ، لأجل أن يوقدوه ليلا ، فيقرؤوا عليه دروسهم ؛ فلا إنارة في البادية غير ما يحصل من إيقاد الحطب ، وهذا من جدهم واجتهادهم في حفظ القرآن الكريم .
ولا شك أن طلاب المحضرة هؤلاء قد ضحوا بكل وسائل الراحة المتوفرة عند أهلهم ، وذويهم من أجل حفظ كتاب الله تعالى ؛ ليجعلوه رأس مالهم ، ومنطلقهم إلى حفظ بقية العلوم الأخرى ، وقد عرفوا أن هذه طريق المعالي ، وأنها شاقة ومكلفة ؛ فشمروا عن ساعد الجد ، وتأهبوا لمعركة طلب العلم ، ولسان حال كل واحد منهم يقول لنفسه :
تريدين إدراك المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل
ويقول لنفسه :
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا ([SUP][167][/SUP])
ج – طالب المحضرة لا يجالس – في غالب وقته – إلا الطلاب ، ولا يسمح له في وقت فراغه بالتجوال ، والأحاديث مع العوام ، بل يوظف وقت الفراغ – عادة – في الأحاديث المفيدة ، والنكت التي لا تخدش الحياء ، ولا تذهب هيبة العلم وطلابه ، وكأنهم في ذلك يعملون بوصية لقمان لابنه ...
قال شهر بن حوشب : بلغني أن لقمان الحكيم قال لابنه : يا بني لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء ، أو لتماري به السفهاء ، أو لترائي به في المجالس ، ولا تترك العلم زهدا فيه ، ورغبة في الجهالة ، يا بني : اختر المجالس على عينك ، وإذا رأيت قوما يذكرون الله فاجلس معهم ؛ فإنك إن تكن عالما ينفعهم علمك ، أو تكن جاهلا علموك ، ولعل الله أن يطلع عليهم برحمته فيصيبك بها معهم ، وإذا رأيت قوما لا يذكرون الله فلا تجلس معهم ؛ فإنك إن تكن عالما لم ينفعك علمك ، وإن تكن جاهلا زادوك غيا ، ولعل الله أن يطلع عليهم بعذاب فيصيبك معهم.([SUP][168][/SUP])
ويحذر الشناقطة طالب العلم من مجالسة أراذل الناس ، وجهالهم ؛ بل ويعيرون بها أحيانا ، شأنهم في ذلك شأن السلف الصالح جميعا ؛ فقد حذروا من مجالسة من لا يزيدك علمه ، ولا تنتفع بمصاحبته ، كما قال الشاعر :
فلا تصحب أخا الجهل وإياك وإيـــاه
فكم من جاهل أردى حليما حين واخاه
يقاس المرء بالمــرء إذا ما هو ماشـاه
د - إذا أكمل الطالب الحفظ الأولي ؛ فإنه يصنع وجبة للطلاب جميعا ، وكذا إذا أخذ الإجازة ، فإنه مع صناعة الوجبة توضع الحناء على يده اليمنى ؛ تمييزا له عن غيره من الطلاب ، وإكراما له ، كما يقوم بوضع ختمات ملونة على اللوح الخشبي .
هذه أهم المراحل في حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة ، وأهم قواعد المحاضر عندهم ، أوردتها موجزة قدر الإمكان ؛ لأن المقام لا يسمح بكثير

من التفاصيل التي لا يقع تحتها كبير فائدة ... ([SUP][169][/SUP])
المطلب السادس : أقرب الطرق التربوية إلى طريقة الشناقطة :
وبالنظر إلى الطريقة التي سلكها الشناقطة لحفظ القرآن الكريم ، يتبين أن أقرب الطرق التربوية إليها هو : الطريقة الجزئية ، التي قال عنها أحد الباحثين : (.. ونحن نعول على هذه الطريقة التي درج عليها عامة الحفاظ والمقرئين ، حتى نكاد نقول : إنه لا يحفظ القرآن إلا بهذه الطريقة ؛ للأسباب التالية :
1 – ما روي عن أبي العالية قال : تعلموا القرآن خمس آيات ، خمس آيات ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه من جبريل خمسا ، خمسا ، وفي رواية : من أخذه خمسا خمسا لم ينسه .
2 – كان النبي صلى الله عليه وسلم يتبع هذه الطريقة في إقراء الصحابة ، وكذلك سار عليها قراء الصحابة في إقراء من بعدهم .
وقد أثبتت الدراسات التي قام بها علماء التربية أن هذه الطريقة ناجحة ومناسبة ؛ حيث تبين أن توزيع التعليم ، أو التدريب على فترات متباعدة – نسبيا – تتخللها فترات راحة ، يساعد على سرعة التعلم ، وتثبيته في الذاكرة ، وأن التعلم الذي يحدث باستخدام طريقة التوزيع أفضل كثيرا من التعلم الذي يحدث باستخدام طريقة التركيز ، وهو التعلم الذي يتم في فترة زمنية متصلة ، دون أن تتخللها راحة ..
وقد طبقت هذه الطريقة في القرآن الكريم ؛ إذ أنه نزل على فترات متباعدة في مدة ثلاث وعشرين سنة ، مما ساعد على تعلمه ، وفهمه وحفظه ). ([SUP][170][/SUP])
أما عيوب هذه الطريقة ، وسلبياتها التي ذكرها المربون ، فقد تغلب عليها الشناقطة ، ولم يتركوا مجالا لتأثيرها على الحفظ ...
أما سلبيتها ([SUP][171][/SUP]) الأولى وهي عدم قدرة الطلاب المتعلمين عن طريقها على ربط الأجزاء المحفوظة بعضها ببعض ، فقد تغلبوا عليها بتكرار المقطع الأخير من الدرس الماضي مع الدرس الجديد ، والمقطع الأخير من الدرس الجديد مع الدرس القادم وهكذا ؛ فكونوا بذلك حلقات ربط قوية يصعب حلها ...
وأما سلبيتها الثانية ، وهي احتمال حصول تفاوت في درجات الحفظ بين الأجزاء المحفوظة ، فقد تغلبوا عليه بتوزيع التكرار بصفة شبه متساوية بين الدروس ، حتى يتقارب حفظها ، بحيث لا ينسي قوي الحفظ منها ضعيفه.

المبحث السادس : مشكلة النسيان وكيف عالجها الشناقطة :
المطلب الأول : تعريف النسيان :
النِسْيانُ بكسر النون وسكون السين : ضد الذكر والحفظ ، ورجل نَسيان بفتح النون كثير النِسيان للشيء ، وقد نسي الشيء بالكسر نسيانا ، وأنساه الله الشيء ، وتناساه : رأى من نفسه أنه نسِيه ...
والنِّسْيَانُ أيضا : الترك ، قال الله تعالى : ( نسوا الله فنسيهم ) ([SUP][172][/SUP]) ،
وقال : ( ولا تنسوا الفضل بينكم ) ([SUP][173][/SUP])
فهو إذن : ترك الإنسان ضبط ما استودع ، إما لضعف قلبه ، وإما عن غفلة
، أو عن قصد حتى ينحذف عن القلب ذكره . ([SUP][174][/SUP])
ويعرفه علماء النفس بأنه : فقدان كلي أو جزئي ، مؤقت أو دائم ، لما تم حفظه سابقا .
وبالتالي فهو ينقسم إلى قسمين : نسيان كلي ، ونسيان جزئي .
فالنسيان الجزئي يعني : فقدان بعض جزئيات المادة التي تم حفظها .
والنسيان الكلي : هو فقدان المادة المحفوظة بالكامل . ([SUP][175][/SUP])

المطلب الثاني : التغليظ في نسيان القرآن الكريم بعد حفظه :
عن أنس بن مالك ([SUP][176][/SUP]) – رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عرضت علي أجور أمتي ، حتى القذاة ، أو البعرة يخرجها الإنسان من المسجد ، وعرضت علي ذنوب أمتي ، فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة أوتيها رجل ؛ فنسيها ).([SUP][177][/SUP])
وعن سعد بن عبادة ([SUP][178][/SUP])– رضي الله تعالى عنه – قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : ( ما من رجل قرأ القرآن ، ثم نسيه ، إلا لقي
الله عز وجل يوم القيامة أجذم ) ([SUP][179][/SUP])
قال العلامة أبو الحسين أحمد بن جعفر بن أبي داود المنادي ([SUP][180][/SUP]) – رحمه الله تعالى - : ( فأما ظاهر حديث سعد ، فهو تغليظ ، لأنه أراد بالجذم انقطاع الحجة ، وكأنه قال : أي داخل في حفظ القرآن برغبة لزمه القيام بحفظ حروفه ، والعمل بما فيه ، فلما تشاغل عن ذلك ، ورد يوم القيامة بلا حجة ؛ إذ التارك لما يرغب فيه محيد ، يوصف بالرغبة عنه ). ([SUP][181][/SUP])
ولم يزل السلف الصالح يخافون نسيان القرآن الكريم بعد حفظه ، ويعتبرون ذلك نقصا لا يعوض ، ومصيبة لا يصبر عليها ، ويكثرون الصلاة به ، وتلاوته خوفا من ذلك الوعيد ، وطمعا في ذلك الأجر الموعود به للماهرين بالقرآن العظيم..
فعن الضحاك بن مزاحم ([SUP][182][/SUP]) – رحمه الله تعالى - قال : ( ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه ، إلا بذنب ، ثم قرأ : "وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم " ([SUP][183][/SUP]) ثم قال : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن؟).([SUP][184][/SUP])
وسئل سفيان بن عيينة ([SUP][185][/SUP]) – رحمه الله تعالى - عن الذي ينسى القرآن بعد
أن قرأه وحفظه ، أنه يجاء به يوم القيامة وقد سقط لحم وجهه ؟ فقال: ( إنما ذلك لمن نسيه نسيان ترك له ؛ فأما الموصي به ، المشتهي لحفظه ، غير أنه يتفلت منه ؛ فليس ذلك بناس له ، وكيف وهو يتلوه حق تلاوته ، يحل حلاله ويحرم حرامه ، ويعمل بما فيه ، إنما النسيان كقوله : " إنا نسيناكم "([SUP][186][/SUP]) "اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا"([SUP][187][/SUP]) ). ([SUP][188][/SUP])
والمقصود بكل ذلك من استطاع حفظه ، ثم انشغل عنه حتى نسيه ، ولم يرجع إليه ، ولم يهتم بإعادة حفظه .
أما الذين يحاولون حفظه ولم يستطيعوه ؛ فليسوا من المقصودين بهذا الوعيد المذكور في هذه الآثار ، فهم وإن لم يكونوا بمنزلة الحفاظ تلاوة ، وعملا ، فهم في درجاتهم ، بمحاولتهم حفظه ، وبذلهم الجهد في ذلك ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .

المطلب الثالث : علاج الشناقطة للنسيان :
سأذكر هنا أهم أسباب النسيان عند علماء التربية ، وكيف عالجها الشناقطة في طريقة الحفظ عندهم :
1 - الترك ([SUP][189][/SUP]): وذلك أن المادة المحفوظة إذا تركت ، ولم تراجع لفترة طويلة فإنها تنسى ، وخاصة إذا كانت مثل القرآن العظيم الذي تقدم تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم له بالإبل المطلقة من عقلها ، ولكن سرعة النسيان نسبية ، تعتمد على مستوى الحفظ ، وقوة الذاكرة الحافظة ...
ولذا فقد عالج الشناقطة هذه النقطة ، بإتقان الحفظ ، وتقويته حتى لا يتعرض للنسيان إلا بعد فترة ترك طويلة ، قلما يسمح المسلم لنفسه بهجر القرآن في مثلها ، واعتمدوا في ذلك على كثرة التكرار التي قدمنا ، والتفرغ التام للقرآن الكريم حتى يتم ترسيخه في الذاكرة قبل أي كتاب آخر ، بل إن بعضهم من قوة حفظه وكثرة تكراره ، قد يترك القرآن سنوات ؛ فإذا رجع إليه كان كمن حفظه لتوه.
2 – التداخل ([SUP][190][/SUP]) : وهو من أسباب النسيان التي تكثر في هذا الزمن ، ذلك أن الطالب في المدرسة ، أو في حلقات التحفيظ ، يكلف بحفظ مواد متنوعة ، ومختلفة ؛ بل ومتباينة أحيانا ، فيحصل تداخل المعلومات في الذاكرة ؛ فتتفاعل ، وينسى أقواها حفظا أضعفها ...
وقد عالج الشناقطة هذا الداء بالتفرغ التام لكتاب معين ، فإذا كان الطالب يكتب القرآن الكريم ؛ فإنه متفرغ له تمام التفرغ ، ولا يقرأ معه أي شيء آخر ، وهكذا في بقية المتون ، والكتب الأخرى ، لا يسمح للطالب – غالبا - بكتابة متنين ، ولا بالانتقال من متن حتى يتقن الذي قبله . ([SUP][191][/SUP])
3 - عدم الراحة أو النوم : وهو من أسباب النسيان المهمة ؛ فقد أثبتت التجارب أن الراحة أو النوم بعد حفظ مادة ما تؤدي إلى تثبيت الحفظ ، وتقلل النسيان ... ([SUP][192][/SUP])
وقد عالج الشناقطة سبب النسيان هذا بجعل وقت الحفظ بعد نوم وقبل نوم ؛ فهم يحفظون عادة في الصباح بعد الاستيقاظ من نوم الليل ، ويستمر التكرار من أجل ترسيخ الحفظ حتى يرتفع النهار ، ثم ينامون قبل الظهر ([SUP][193][/SUP])نوما خفيفا ، ثم يبدؤون في التكرار من جديد ، وبهذا يساعدون الذاكرة على الراحة بعد الحفظ ، لترسخ فيها المادة المحفوظة .
المبحث السابع : بعض المآخذ على طريقة الشناقطة في الحفظ :
أولا : المبالغة في العقاب بالضرب :
إن العقاب التربوي الفعال لا بد أن تراعى فيه موازين الشرع ووسطيته بعدم الإفراط أو التفريط ، وقد قدمنا بعض الشروط التي وضعها علماء التربية للعقاب حتى يكون فعالا ، ومفيدا في تحصيل الغرض المرجو منه..
ورغم أن العقاب ضروري – في نظري – في العملية التعليمية بصفة عامة وخاصة في تحفيظ القرآن الكريم للأطفال إلا أن مبالغة بعض مشايخ المحاضر الشنقيطية في استخدامه يخرجه عن الهدف منه ، ويجعل بعض الطلاب ينفرون من القرآن الكريم نفورا جزئيا أو كليا ، حسب حالتهم النفسية ، ومستوى نضجهم العقلي ...
إن الموازنة بين حالة الطفل السلوكية والاجتماعية ، ومستوى إدراكه لأهمية حفظ القرآن الكريم ، هي التي من خلالها يجب أن يحدد المدرس مقدار العقاب لكل طفل ، ولذا فإن التسوية بين جميع الطلاب في العقاب ، وعدم مراعاة الفروق والمميزات الشخصية بينهم سيعطي في النهاية مفعولا عكسيا ، وسيكوِّن عقدة نفسية في نفوس التلاميذ من القرآن الكريم ، فيصبح مربوطا في أذهان كثيرين منهم بالعقاب والضرب والإهانة ، وفي هذا من الخطر على العملية التعليمية ما هو ظاهر بَيِّن ..
إن تقرير ذلك – في نظري – لا يتنافى مع التأكيد على أهمية العقاب ، ولكن باعتدال وتوسط ، فيجب أن يكون الهدف المبدئي هو احترام التلاميذ للشيخ ، وتوقيرهم له ؛ بل وإعجابهم بسلوكه ، ومهنته ، فإن حصل ذلك دون ضرب أو عقاب فبها ونعمت ، وإن لم يحصل إلا بالعقاب والضرب ، فيجب أن يكون بغير إفراط ، ودون مبالغة تشم منها رائحة العداوة والتشفي ، بدل علاقة الرحمة والمحبة التي ينبغي أن تكون هي أساس العلاقة بين الشيخ وطلابه.والله تعالى أعلم.
ثانيا : عدم الاعتناء بالتجويد :
لقد ارتكب كثير من الشناقطة خطأ كبيرا حين غرسوا في أذهان أطفالهم أن مهمتهم الكبرى هي حفظ القرآن الكريم فقط ، ولو بدون مراعاة لقواعد التجويد ، فأصبح هم الطالب الوحيد هو تكرار درسه اليومي بسرعة فائقة حتى يصل تكراره لحد ترسخ فيه الدرس في الذاكرة رسوخا قويا ، ما كان ليحصل لو كررها بإعطاء الحروف حقها من مخرج وصفة وما إلى ذلك ..
إن هذا الخطأ انتشر في كثير من مناطق شنقيط ، فصار بعضهم يقرأ قراءة لا تليق بكتاب الله تعالى ، ولا يجوز أن يقرأ بها ، مع العلم أن أحكام التجويد مقررة عندهم في المحاضر ، ولكن الطالب لا يدرسها إلا بعد أن يرسخ القرآن الكريم في ذهنه ، ويحفظه حفظا قويا لم يراع فيه أحكام التجويد .
لقد كان من المفروض أن يلقن الطالب القرآن الكريم مجودا ، وأن يحفظه أول ما يحفظه بتطبيق أحكام التجويد ، حتى يرسخ حفظه بطريقة سليمة.
أما اعتذار كثير من الناس عن سرعة القراءة هذه بأن القراءة بالحدر ([SUP][194][/SUP]) مذهب بعض أئمة القراءة ؛ فغير وارد ؛ لأن الحدر عند الأئمة هو الإسراع في القراءة مع المحافظة على أحكام التجويد من إظهار ، وإدغام ، وقصر ، ومد ، ووقف ، ووصل ، وغنة ، ونحو ذلك ، وهذا الحدر هو مذهب القائلين بقصر المنفصل ، وليس من قراءة هؤلاء في شيء ، والفرق بينهما كما بين الثرى والثريا..
قال ابن الجزري : ( وأما الحدر فهو مصدر من حدر بالفتح يحدر بالضم إذا أسرع ؛ فهو من الحدور الذي هو الهبوط .... إلى أن قال : فالحدر يكون لتكثير الحسنات في القراءة ، وحوز فضيلة التلاوة ، وليحترز فيه عن بتر حروف المد ، وذهاب صوت الغنة ، واختلاس أكثر الحركات ، وعن التفريط إلى غاية لا تصح بها القراءة ، ولا توصف بها التلاوة ، ولا يخرج عن حد الترتيل ، ففي صحيح البخاري أن رجلا جاء إلى ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه – فقال : قرأت المفصل الليلة في ركعة فقال : هذا كهذ الشعر ([SUP][195][/SUP])...) ([SUP][196][/SUP])
فاتضح مما سبق أن الذين يهذون القرآن الكريم هذا دون مراعاة لأحكام التجويد ليسوا على مذهب أحد من الأئمة في القراءة ، ولم يقل بجواز قراءتهم أحد ، بل هي تلاعب بكتاب الله تعالى ؛ فيجب على المسلم أن يتوب إلى الله تعالى منها ، وأن يقرأ القرآن الكريم بترتيل وتدبر لمعانيه ؛ فيدعو عند الأمر بالدعاء ، ويستعيذ عند المرور بآية وعيد ، ويراعي مختلف أحكام التلاوة. والله تعالى أعلم.
ثالثا : عدم إجازة المرأة :
إن من أعظم الأخطاء أن يفرق مسلم عامي بين رجل وامرأة بغير مستند شرعي ، أما إن كان من المنتسبين للعلم فإن الأمر يكون سيئا لدرجة تتهاوى عندها كل الأعذار ، إذ كيف تمنع المرأة – لمجرد أنها امرأة – من حق حفظه لها الكتاب الكريم ، والسنة النبوية الشريفة ، ودرج عليه علماء سلف الأمة ؟
ألم تكن المرأة تقرأ مختلف العلوم ، وتجاز فيها ، وتقرئ غيرها من الرجال والنساء وتجيزهم ؟
أليس كثير من علماء سلف الأمة قد درسوا على نساء ، وأجازوهم في القرآن والحديث وغير ذلك ؟
وبعملية حسابية بسيطة لو طرحنا علم عائشة وحدها - رضي الله عنها وأرضاها – ومروياتها من الحديث والتفسير وغير ذلك ؛ فمن يستطيع أن يتوقع حاصل تلك العملية الحسابية ؟
إذن فالأمر واضح لا لبس فيه ؛ فمن حق المرأة أن تدرس جميع العلوم الشرعية كالرجل على حد سواء ، ومن حقها أن تحصل على الإجازة كالرجل ولا فرق ، ومن واجبها كذلك أن تقوم بالعملية التعليمية للأجيال ، وتسهم في ذلك ، ولكن بالضوابط الشرعية من غير تبرج ، ولا سفور ، ولا اختلاط ..
وبما أن المثال يوضح المقال ؛ فإني سأبين بعض الأمثلة من النساء اللواتي حفظن القرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف ، وحصلن على إجازات ، ودرسن وأجزن علماء مشهورين.
ومن الأمثلة على ذلك : أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارية وكانت قد جمعت القرآن وقد أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تؤم أهل دارها ([SUP][197][/SUP])

وكان لها مؤذن ، وكانت تؤم أهل دارها. ([SUP][198][/SUP])
وهجيمة بنت حيي الأوصابية الحميرية ([SUP][199][/SUP])، أم الدرداء الصغرى ، فقد اشتهرت بحفظ القرآن الكريم ، ومعرفة القراءة رحمها الله تعالى .
وحفصة بنت سيرين ([SUP][200][/SUP]) – رحمها الله تعالى - حفظت القرآن الكريم وهي بنت ثنتي عشرة سنة ، وكان أخوها محمد بن سيرين إذا أشكل عليه شيء
من القرآن قال : اذهبوا فاسألوا حفصة كيف تقرأ . ([SUP][201][/SUP])
وسلمى بنت محمد بن الجزري أم الخير – رحم الله الجميع - يقول عنها والدها شيخ الإقراء : ( .. ابنتي نفع الله بها ، ووفقها لما فيه صلاحها دنيا وأخرى ، شرعت في حفظ القرآن سنة 813 هـ ، وحفظت مقدمة التجويد وعرضتها ، ومقدمة النحو ، ثم حفظت طيبة النشر الألفية ، وحفظت القرآن وعرضته حفظا بالقراءات العشر ، وأكملته في الثاني عشر من ربيع الأول سنة 832 هـ ، قراءة صحيحة ، مجودة ، مشتملة على جميع وجوه القراءات ، بحيث وصلت في الاستحضار إلى غاية لا يشاركها فيها أحد في وقتها ، وتعلمت العروض ، والعربية ... وقرأت بنفسها الحديث ، وسمعت مني ، وعلي كثيرا بحيث صار لها فيه أهلية وافرة ). ([SUP][202][/SUP])

ومن اللواتي أُجِزن ، وأَجَزن في الحديث الشريف :
مؤمنة بنت عبد الله بن يحيى الفاسي ، أجازت لعبد الله بن عمر بن العز بن جماعة وغيره .([SUP][203][/SUP])
وجمال النساء بنت أبي بكر أحمد بن أبي سعيد ، أجازت للفخر إسماعيل بن عساكر ، وفاطمة بنت سليمان ، وتقي الدين سليمان ، وأبي بكر بن عبد الدائم وابن سعد ، وغيرهم .([SUP][204][/SUP])
وعائشة بنت إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز سمع منها العراقي وغيره ، وأجازت لكثيرين ، وآخر من أجازت له عبد الرحمن بن عمر القباني. ([SUP][205][/SUP])
وزينب بنت أحمد كمال الدين بن عبد الرحيم ، أجاز لها إبراهيم بن الخير
وخلق من بغداد ، وأجازت لصلاح الدين الصفدي وغيره. ([SUP][206][/SUP])
والأمثلة على ذلك كثيرة ، فلا أطيل بسردها لعدم اتساع المقام لذلك ، ومن أراد الاستزادة من الأمثلة فعليه بكتب التراجم والطبقات ، فسيرى العجب العجاب مما لم يكن يتوقعه كثيرون من تصدر النساء في العلم والحفظ.والله تعالى أعلم. ([SUP][207][/SUP])
المبحث الثامن : بعض الأخطاء الشائعة في تلاوة القرآن الكريم :
هناك بعض الأخطاء الشائعة في تلاوة القرآن الكريم أحببت التنبيه عليها حتى يتجنبها طالب الحفظ ، ويبتعد عن الوقوع فيها ، ومن أهمها :
1 – عدم الاعتناء بدراسة التجويد دراسة متقنة :
إن أهمية علم التجويد بالنسبة لمن يرغب في حفظ القرآن الكريم لا تخفى ؛ فبمعرفته يميز الطالب بين أنواع المد ، وحكم كل نوع ، ومقداره ، ويعرف الغنة ، ومراتبها ، ومقدارها ، ويتقن أحكاما مهمة كترقيق المرقق ، وتفخيم المفخم ، ومخارج الحروف وصفاتها ، ونحو ذلك مما يلزم لقراءة القرآن الكريم ، فعلى طالب الحفظ أن يهتم بالتجويد النظري والتطبيقي ، وأن يتقنهما حق الإتقان ..

2 – تسهيل الهمزة بين بين :
إن أحكام الهمزة تعتبر من أهم أبواب القراءة ومعرفتها وإتقانها أمر في غاية الأهمية وخاصة ما يسميه القراء التسهيل ، أو التليين وهو عند الإطلاق ينصرف إلى معنيين ، الأول منهما : أنه يعني مطلق التغيير ؛ فيشمل التسهيل بين بين والإبدال والحذف ، والثاني : أنه يعني التسهيل بين بين ولا يدخل فيه الحذف والإبدال ، وتعريفه أنه النطق بالهمزة بين همزة وحرف مد ، أي جعل حرف مخرجه بين مخرج الهمزة المحققة ومخرج حرف المد المجانس لحركتها ؛ فتنطق بالمفتوحة بين الهمزة المحققة والألف ، وتجعل المكسورة بين الهمزة والياء المدية ، والمضمومة بين الهمزة والواو المدية ، وهذا المعنى الثاني هو الذي نعني هنا من أن الغلط فيه منتشر ، والأخطاء فيه شائعة ؛ فلا بد من الاعتناء به والتركيز عليه ، وقد رأيت من القراء من يجعل الهمزة المسهلة بين بين هاء خالصة ؛ بل أغرب من ذلك أن شارح كتاب "الدرر اللوامع" نص في شرحه المسمى "إرشاد القارئ والسامع" على أن العمل عندهم على نطقها هاء خالصة ، وعزى ذلك لشيخ أشياخه الطالب عبد الله بن الحاج الرقيق الذي قال :
وما به العمل ذا المسهل يقرأ هاء خالصا ويقبل([SUP][208][/SUP])
ورغم بحثي عن مستند ذلك في كتب القراءة المعتمدة فإني لم أعثر على أحد

قال بهذا القول ([SUP][209][/SUP])، وفيه من الشناعة ما هو واضح بين ، فتغيير حرف من كتاب الله تعالى بغير مستند من رواية أو لغة هو أمر لا تخفى خطورته ، فعلى الذين يتعنتون ويصرون على النطق بالهمزة المسهلة هاء خالصة معتمدين على هذه الرواية التي لا يوجد لها سند ولا مستند ؛ أن يأتوا ببرهانهم على تغيير هذا الحرف من كتاب الله تعالى ، وإلا فعليهم أن يراجعوا أنفسهم ويعلموا أن الدين لا يؤخذ بالآراء والأهواء ، بل بالنقل والعلم ، وخاصة ما كان متعلقا بكتاب الله تعالى ، فكيف نعتمد في كتاب ربنا على رواية أقوى ما عند أصحابها من الأدلة عليها ما يلي :
أ - أن أحمد بن الطالب اعمر إدوعيشي – رحمه الله تعالى – قال إن العمل عليها عند أهل منطقته وزمانه ، وهذا لا يخفى ضعف الاستدلال به لأنه يفتقر إلى التواتر وموافقة الرسم العثماني وموافقة وجه من أوجه اللغة العربية.
ب – أنه نقلها عن شيخ أشياخه الطالب عبد الله بن الحاج الرقيق – رحمه الله تعالى – وهذا – أيضا لا يخفى سقوطه .
ج – أن تلميذ هذا الأخير أخبر الأول أنه طالع شرح الأخير على نظمه الذي قدمنا منه البيت المتقدم ؛ فوجده نسب إبدالها هاء خالصة لا بن القاضي ، وهذا أضعف من سابقيه ؛ لأنه رواية عن مطالعة تلميذ لشرح شيخه الذي عزاها لا بن القاضي وهو انقطاع ظاهر بين ، ولا يؤخذ في كتاب الله تعالى بمثل هذه الأقاويل والروايات ، وما أظن نسبتها تصح إلى هؤلاء العلماء الأفذاذ ، وغالب ظني أنها إنما وجدت في المتأخرين عنهم والله تعالى أعلم.
3 - حرف الضاد :
من أهم الأخطاء الشائعة عند كثير من الناس ؛ بل حتى عند بعض القراء الكبار : عدم إخراج حرف الضاد من مخرجه ، وعدم إعطائه صفاته ، فبعضهم يجعله دالا ، والبعض يخرجه لاما مفخمة ، وآخرون ينطقونه ظاء خالصة ، وكل ذلك لا يجوز ؛ بل الواجب تدريب الطالب على نطق الضاد كما هو ، ولا بد من التمرن على ذلك ؛ فإن حرف الضاد هو أصعب الحروف على اللسان كما نص على ذلك أئمة القراءة ، ولذلك فإني سأنبه هنا على نقاط مهمة :
أ – أن الضاد حرف عسير يصعب النطق به إلا بالتمرن والتدريب المستمر ، وقد نص على ذلك علماء القراءة ..
قال ابن الجزري ([SUP][210][/SUP]): ( ... والضاد انفرد بالاستطالة ، وليس في الحروف ما
يعسر على اللسان مثله ). ([SUP][211][/SUP])
فدل ذلك على أن الضاد العربية ليست هذه التي ينطق بها كثير من الناس اليوم ؛ لأن الضاد المتداولة سهلة ينطقها العربي والعجمي بسهولة ويسر ، ولا تحتاج إلى تمرن ، وليس في نطقها مشقة على اللسان .
ب - أن حرف الضاد ليس هو حرف الظاء ، فيجب عدم الخلط بينهما ؛ لأن لكل واحد منهما مخرجه المختلف عن مخرج الآخر ، ولكل منهما صفاته فإن الضاد وإن اتحد مع الظاء في صفاته الخمس إلا أنه يزيد عليه بصفة الاستطالة ، وكفى بها تمييزا له في الصفات عن الظاء ، ثم إن لكل منهما شكله الذي يكتب به والذي يميزه عن الآخر ، فحصل بذلك أنهما متغايران كليا ، وأن التسوية بينهما لا تجوز ..
ج – أن أقرب الحروف إلى الظاء هو الضاد ، وذلك لاشتراكهما في خمس صفات ، وأكبر دليل على تقاربهما تحذير القراء من الخلط بينهما ، فلا تكاد تجد كتابا في التجويد إلا ويحذر من جعل الضاد ظاء ، في حين أنه لا يحذر من جعله كافا أو راء ونحو ذلك ، فدل ذلك على أننا إذا نطقنا بالضاد بطريقة صحيحة فإنه سيحصل عندنا حرف يشبه الظاء جدا ، ولكنه في نفس الوقت مختلف عنه تمام الاختلاف.
وهذه النقطة الأخيرة هي التي غلط فيها كثير من القراء اليوم ، فلما رأى كبراء القراء يحذرون من جعل الضاد ظاء ، ظن أن ذلك لتباعدهما ، فحرصوا عند نطقهم بالضاد على عدم النطق بما يشبه الظاء ، حذرا من الوقوع فيما حذر منه الأئمة من جعله ظاء ، فوقعوا في خطأ فادح ؛ لأنهم لم يفهموا أن تحذير القراء من ذلك إنما بنوه على أساس معرفتهم بأن الضاد لا يمكن أن يشتبه مع أي حرف سوى الظاء ، فحذروا من جعلهما حرفا واحدا ، فدل ذلك بحد ذاته على تقاربهما جدا بحيث يصعب الفصل بينهما إلا لماهر فصيح متمرن.
ولهذا السبب حصر ابن الجزري – رحمه الله تعالى – الفرق بين الظاء والضاد في نقطتين هما : صفة الاستطالة التي انفرد بها الضاد من بين سائر الحروف ، والمخرج الذي لا يشتبه مع مخرج الظاء .
قال ابن الجزري : والضاد باستطالة ومخرج ميز من الظاء ...
أي أنه لولا هذين الفرقين لكان الضاد ظاء خالصة.

ولقد أحسن الشيخ باب ولد الشيخ سيدي الشنقيطي ([SUP][212][/SUP])– رحمه الله تعالى - حين قال :
الضــاد حرف عسير يشبه الظاء لا الدال يشبه في لفظ ولا الطاء
لحــن فشا منذ أزمان قد اتبعـت أبناؤها فيه أجدادا وآبـــاء
من غير مستند أصلا وغايتهـــم إلف العوائد فيه خبط عشـواء
والحق أبلج لا يخفى على فطــن إن استضاء بما في الكتب قد جاء
هذا هو الحق نصا لا مرد لـــه من شاء بالحق فليؤمن ومن شـاء
والله تعالى أعلم.

3 – الإمالة :
كثير من طلاب حفظ القرآن الكريم يخطئ في الإمالة ، ولا يأتي بها على الوجه الصحيح ، فلا بد من دراسة الإمالة ، ومعرفة كيفية أدائها على الوجه الصحيح وتتوقف معرفتها على القراءة التي يقرأ بها الطالب ، فحفص مثلا لا يميل إلا كلمة واحدة وهي كلمة : ( مجريها ) من قوله تعالى : ( وقال اركبوا فيها باسم الله مجريها ([SUP][213][/SUP])) في سورة هود ، أما بالنسبة لورش فله أحكام أخرى في الإمالة ليس هذا محل بسطها ، وهكذا بقية القراء لكل منهم أحكام في الإمالة ؛ فلا بد لطالب الحفظ من معرفة إمالة القراءة التي يقرأ بها ، والفرق بين الإمالة الكبرى والصغرى ، وسماع ذلك من شيخ خبير بهذا الشأن . والله تعالى أعلم.
المبحث التاسع : خطة الحفظ المتقن :
أولا : جدول الحفظ المقترح :
التكرار لمدة ساعة ونصف من بعد صلاة الفجر.التكرار لمدة 30د ربع ساعة قبل الظهر وربع ساعة بعده .التكرار لمدة ساعة ونصف من بعد العصر إلى المغرب.من المغرب إلى العشاء.قبل النوم بنصف ساعة
الدرس اليوميمراجعة ما حفظالدرس اليوميمراجعة ما حفظالدرس اليومي


1 - يطبق هذا الجدول في خمسة أيام من الأسبوع ، وفي يومي الخميس والجمعة يتفرغ الطالب لمراجعة ما حفظ ، حتى ولو كان يحفظه بشكل متقن ؛ فإنه مطالب بتكراره مرات عديدة في هذين اليومين ، وإن وجد حافظا يسمعه عليه فحسن جدا.
2 – يجب أن يستخدم الطالب مصحفا واحدا للحفظ ، وإذا لم يجد نفس الطبعة في وقت الحفظ فإني أنصحه بمراجعة ما حفظ قبل ذلك ، وأن لا يأخذ طبعة أخرى تختلف عن المعتمدة عنده في الحفظ ؛ ليحفظ منها درسا جديدا.
3 – على الطالب أن يقرأ درسه اليومي على شيخ قبل أن يبدأ بتكراره ..
4 – مقدار ما يستطيع الطالب أن يحفظ يحدده شيخه ، فبخبرته وتجربته مع الطالب يستطيع أن يحدد له مقدار الحفظ ، ويجب على الطالب أن يلتزم به.
5 – يجب أن يستفيد الطالب من الأوقات الضائعة كوقته في السيارة ، ونحو ذلك فيراجع فيها على نفسه.
6 - بعد حفظ ربع القرآن الكريم بواسطة استخدام طريقة هذا الجدول ، فإني أنصح الطالب بالتفرغ لمدة شهر لمراجعة ما حفظ ، وبنفس الطريقة المذكورة أعلاه أي المراجعة عن طريق التسميع للحفاظ والمشايخ ، وليس باستخدام المصحف ، وإذا حفظ نصف القرآن كذلك ، وهكذا حتى ينهي القرآن الكريم كاملا ، ثم يتفرغ لمراجعته لمدة سنة على الأقل قبل أن يبدأ في حفظ أي متن آخر ، وتكون المراجعة بنفس الطريقة المذكورة.والله أعلم.

ثانيا : نظام الوجبات المقترحة على طالب الحفظ :

الوقتالفطورالغداءالعشاء
اليوم الأوليشرب المقدار التالي قبل بداية التكرار
( 3ملعقة شاي كبيرة من العسل الصيفي الطبيعي + كأس شراب ماء بارد ) × 3 يشرب هذا على الريق أي قبل أن يأكل أي شيء ، ثم يبدأ التكرار.
يأكل عشرة إلى عشرين تمرة والأفضل أن يكون من العجوة أو السكري ويكون لحم الغنم من مكونات وجبة الغداء.قبل النوم : نصف لتر من حليب الإبل الطازج
اليوم الثانينصف ملعقة شاي صغيرة من الحبة السوداء + نصف لتر من أي حليب طازج + 2 ملعقة كبيرة من السكريكون السمك من مكونات وجبة الغداء.يأكل قبل النوم قرابة العشرين تمرة ثم يشرب عليها ماء متوسط البرودة.
اليوم الثالث5 ملاعق كبيرة من الزبيب + نصف لتر من الماء البارد. والأفضل أن يصنع منه نقوعا في الليل ثم يشربه صباحا.يكون لحم الإبل من مكونات وجبة الغداء.يأكل قبل النوم بعض الحلويات ، ثم يشرب حليبا طازجا.


1 – يطبق هذا الجدول ما لم ينصح الأطباء بتحذير منه ؛ لأنه قد لا يناسب بعض مرضى السكري ، وغيرهم .
2 – لا يغني هذا الجدول عن وجبات الطعام المعتادة ، ولكن يضاف لها ، مع الاقتصاد في الأكل ، وقد قدمنا أضرار البطنة على الصحة عامة ، وعلى الحفظ خاصة.

3 - يظل هذا الجدول دوريا ، فعند انتهاء اليوم الثالث يرجع إلى اليوم الأول ، وذلك لمدة أسبوعين على الأقل ، ثم يتركه لمدة أسبوع ، ثم يعاوده لمدة أسبوعين وهكذا .
4 – على الطالب أن يشرب بين الفينة والأخرى من ماء زمزم بنية الحفظ ، ويحاول أن يخلص النية ، وأن يتضلع منه .
5 – يجب أن يبتعد الطالب عن الحوامض ، والأملاح ، ونحو ذلك.
6 – على الطالب أن يكثر من دعاء الله تعالى أن ييسر عليه حفظ كتابه ، والعمل به.
والله أعلم وأحكم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

الخاتمة :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، والصلاة والسلام على نبي الرحمة الذي بشفاعته تقال العثرات ، وترفع الدرجات ، وعلى آله وصحبه من أناروا بالقرآن دجى الظلمات ، وأداموا تلاوة السور منه والآيات ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد :
فإنه لما كان حفظ القرآن الكريم وتلاوته من أجل القربات ، وأفضل الطاعات ، ولما كان تعلمه وتعليمه من أبرز أسباب الخيرية في هذه الأمة ، أحببت أن أتعرض لفضل الله ، وأمد يدي لرحمته ؛ وأبسط ردائي لفضله ، ولم ألتفت إلى كثرة ذنوبي ؛ لأن فضله أكثر ، ولم أنظر إلى تقصيري ؛ لأن رحمته أوسع ...
وما كان هدفي من هذه الأسطر والصفحات القليلة أن أحيط بالموضوع ، ولا أن أشبعه حقه من البحث والتدقيق ، ولكن مرادي كان منحصرا في إطلاع المسلمين عامة ، وطلبة العلم خاصة على بعض الأمور المهمة المتعلقة بحفظ كتاب الله تعالى ، وأن أبرز طريقة الحفظ عند مجتمع سال منه سيل من الحفاظ ؛ فغمرت مياهه سكان المرتفع والقاع ، وسقت من عذبها كثيرا من البقاع ، فأحببت أن يستفيد الجميع من طريقتهم في الحفظ ، ثم يهذبها من أراد حسب الوسائل المتوفرة عنده ، ومتطلبات الحياة في عصره ، على أن يبقي جوهرها الذي أثبت الواقع حسن مفعوله ، وبرهن الحفاظ على إيتائه أكله ..
وأرجو أن أكون قد وفقت لمقصودي ، ولكن الإنسان مهما حاول فهو محل النقص والعثرات ، وخاصة إذا كانت بضاعته مزجاة ، فمن وجد صوابا فهو من الله ، ومن وجد غير ذلك فهو من نفسي والشيطان .
وإني أحببت وأنا أكتب هذه الخاتمة أن أبكي عهد المحاضر ودور العلم الشرعي الصحيح مع الشاعر الشنقيطي الكبير أحمد ولد عبد القادر حين قال في قصيدته المشهورة :
آه على عهد المحاضر والهوى غض الأزاهر والزمان شبــاب
ولكل واد ظله ومروجــه ولكل عطر في نداه هبــــاب
وتلاوة القرآن تصعد للسمـا وجلالها بجمالها منســـــاب
وكأنما الألواح ظمأى بالضحى وكأنما أقلامها الأنخـــــاب
والأصبحي مرابط ومبجــل في هالة يحلو بها الترحــــاب
لا يرتجي نقدا ولا عونـا ولا تنتابه الراحات والأتعــــاب
وتثار ألف قصيدة وحكايـة للأصمعي وما انتقى الأعــراب.
هذا والله أعلم وأحكم.
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وسلم تسليما كثيرا .
كتبه الفقير إلى الله تعالى ، الغني به :
إبراهيم بن أب الحسني الشنقيطي - غفر الله تعالى له ولوالديه – وقد أنهيت كتابته في 17 – 3 - 1427 هـ في مكة المكرمة حرسها الله تعالى .

المراجع :

1. القرآن الكريم .
2. فتح القدير .
3. زاد المسير .
4. تفسير القرطبي .
5. تفسير ابن كثير.
6. الإتقان في علوم القرآن
7. مناهل العرفان .
8. مباحث في علوم القرآن.
9. الشاطبية.
10. التلخيص في القراءات الثمان.
11. الإستبرق في رواية الإمام ورش عن نافع من طريق الأزرق.
12. النشر في القراءات العشر.
13. الوافي في شرح الشاطبية.
14. إرشاد القارئ والسامع لكتاب الدرر اللوامع.
15. الكتب الستة.
16. صحيح ابن حبان.
17. مستدرك الحاكم.
18. مسند الإمام أحمد.
19. مصنف ابن أبي شيبة.
20. فتح الباري.
21. تلخيص الحبير.
22. تحفة المحتاج.
23. خلاصة البدر المنير.
24. ذيل تذكرة الحفاظ.
25. نصب الراية.
26. شرح النووي على صحيح مسلم.
27. المدونة الكبرى.
28. المحلى.
29. المغني.
30. المجموع.
31. بداية المجتهد.
32. كفاية الطالب.
33. نيل الأوطار.
34. سبل السلام.
35. الحاوي .
36. عون المعبود.
37. مذكرة أصول الفقه.
38. أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين.
39. المعلم المثالي.
40. طرق تدريس القرآن الكريم .
41. متشابه القرآن العظيم.
42. مهارات التدريس في الحلقات القرآنية.
43. مدارس التربية في الحضارة الإسلامية.
44. كيف تحفظ القرآن .محمد بن علي العرفج .
45. كيف تحفظ القرآن الكريم . يحيى بن عبد الرزاق الغوثاني.
46. صيد الخاطر .
47. البيان والتبيين.
48. مجلة البيان.
49. الإصابة في تمييز الصحابة.
50. سير أعلام النبلاء.
51. طبقات الحنفية .
52. هدية العارفين .
53. الطبقات الكبرى.
54. الوافي بالوفيات.
55. الديباج المذهب.
56. طبقات الحفاظ .
57. المعين في طبقات المحدثين .
58. الآحاد والمثاني.
59. صفة الصفوة .
60. البدر الطالع .
61. طبقات الشافعية.
62. الوسيط في تراجم أدباء شنقيط.
63. الأنساب.
64. لسان العرب.
65. القاموس المحيط.
66. التعاريف
67. التعريفات .
68. تاج العروس .
69. النهاية في غريب الأثر.
70. مختار الصحاح .
71. الفقيه والمتفقه
72. تذكرة السامع.

فهرست الموضوعات
الموضوع الصفحة
المقدمة .......................................................... 9
خطة الكتاب .................................................... 11
المبحث الأول : تعريفات مهمة ................................... 15
المبحث الثاني : الأدلة من الكتاب والسنة وعمل سلف الأمة على الترغيب في حفظ القرآن الكريم ........................................... 19
المبحث الثالث : من فوائد حفظ القرآن الكريم ..................... 35
المبحث الرابع : أمور أساسية تعين على حفظ كتاب الله تعالى ....... 45
الخطوات التي تعين على الحفظ .................................... 47
المطعومات التي تساعد على الحفظ ................................. 51
أمور تضعف الذاكرة وتعيق عملية الحفظ ........................... 57
المبحث الخامس : التعريف بالشناقطة ............................... 63
صفات الشيخ الذي يتولى التدريس عند الشناقطة .................... 67
الصلاحيات الممنوحة لشيخ المحضرة ................................ 75
شروط العقاب ................................................... 76
العقاب عند الشناقطة ............................................. 78
سرد طريقة الشناقطة في حفظ القرآن العظيم ....................... 84
فوائد القراءة الجهرية ............................................. 88
أهم القواعد المتبعة في المحضرة ..................................... 93
أقرب الطرق التربوية إلى طريقة الشناقطة .......................... 99
مشكلة النسيان وكيف عالجها الشناقطة ........................... 101
التغليظ في نسيان القرآن بعد حفظه ............................... 102
بعض المآخذ على طريقة الشناقطة ............................... 109
القول في إجازة المرأة ........................................... 112
بعض الأخطاء الشائعة في تلاوة القرآن العظيم .................... 118
المبحث التاسع : خطة الحفظ المتقن .............................. 125
نظام الوجبات المقترحة على طالب الحفظ ........................ 127
الخاتمة ......................................................... 129
المراجع : ...................................................... 131



([1]) رواه "أبو داود" في سننه باب شكر المعروف 4811حديث رقم ج 4 ص 255 و"الترمذي" في سننه باب ما جاء في شكر من أحسن إليك حديث رقم 1954 ج 4 ص 339 وقال : هذا حديث حسن صحيح . والحديث صححه الألباني في تخريجه لسنن أبي داود والترمذي.

([2]) نسبة إلى قبيلة "إداب لحسن" وهي من قبائل الزوايا المعروفة في موريتانيا.

([3]) آل عمران الآية 102

([4]) النساء الآية 1

([5]) الأحزاب الآية 70 - 71

([6]) هذه تسمى خطبة الحاجة ، وقد رواها "أبو داود" في سننه ، باب خطبة النكاح ، حديث رقم 2118 ج 2 ص 238 و"النسائي" في سننه ، باب الخطبة ، حديث رقم 1404 ج 3 ص 104

([7]) هو : عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن جابر ، الإشبيلي الأصل ، التونسي ، ثم القاهري ، المالكي ، المعروف بابن خلدون ، ولد في أول رمضان سنة 732 هـ بتونس ، وحفظ القرآن ، والشاطبية ، ومختصر ابن الحاجب ، والتسهيل في النحو ، وتفقه بجماعة من أهل بلده ، وسمع الحديث هنالك ، وقرأ في كثير من الفنون ، ومهر في جميع ذلك ، لاسيما الأدب ، وفن الكتابة ، ولي القضاء ثم عزل ، ثم أعيد حتى مات قاضيا في يوم الأربعاء لأربع بقين من رمضان سنة 808 هـ.
انظر ترجمته في "البدر الطالع" ج1 ص337

([8]) انظر : "مقدمة ابن خلدون" ص 397 نقلا عن كتاب "أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين" ص 168

([9]) انظر : "لسان العرب" ج 7 ص 441 و "التعريفات" ج 1 ص 285

([10]) انظر"مناهل العرفان" ج1ص7 و"مباحث في علوم القرآن" مناع القطان ص20

([11]) انظر : "مناهل العرفان" ج1 ص7

([12]) انظر : "الإتقان في علوم القرآن" ج1 ص185.

([13]) انظر : "مناهل العرفان" ج 1 ص 7- 8

([14]) انظر : "التعاريف" ج1 ص578

([15]) انظر : "مناهل العرفان" ج1 ص13

([16]) انظر : "مباحث في علوم القرآن" مناع القطان ص21

([17]) منسوخ التلاوة : يطلق على الآيات التي نسخ لفظها ، كآية الرجم ، وهي : "الشيخ ، والشيخة إذا زنيا ؛ فارجموهم البتة نكالا من الله ، والله عزيز حكيم" وكآية الادعاء لغير الأب على قول بعضهم ، وهي: "ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم".

([18]) انظر : "مناهل العرفان" ج1 ص13

([19]) الإنجيل اسم كتاب الله تعالى الذي أنزله على عيسى بن مريم ، وجمعه أناجيل ، قيل إنه اسم عربي ، وقيل هو عبراني ، وقيل سيرياني ، وعلى القول الأول ، قيل مشتق من "النجل" وهو الأصل ، يقال : هو كريم النَّـجْل أَي الأَصل والطَّبْع ، أو من نجلت الشيء أي أظهرته ، أو من نجله إذا استخرجه . انظر : "تاج العروس" ج 8 ص 128 و "لسان العرب" ج 11 ص 648 و "النهاية" ج 5 ص 22

([20]) هو : قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي ، حافظ العصر ، قدوة المفسرين ، والمحدثين ، أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الأكمه ، وسدوس هو ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة من بكر بن وائل ، ولد سنة ستين ، وروى عن عبد الله بن سرجس ، وأنس بن مالك ، وأبي الطفيل الكناني ، وسعيد بن المسيب ، وغيرهم ، وروى عنه أئمة الإسلام : أيوب السختياني ، وابن أبي عروبة ، ومعمر بن راشد ، والأوزاعي ، قال الذهبي : ( وهو حجة بالإجماع إذا بين السماع ؛ فإنه مدلس معروف بذلك ، وكان يرى القدر نسأل الله العفو ، ومع هذا فما توقف أحد في صدقه ، وعدالته ، وحفظه ، ولعل الله يعذر أمثاله ممن تلبس ببدعة يريد بها تعظيم الباري ، وتنزيهه ، وبذل وسعه ، والله حكم عدل لطيف بعباده ، ولا يسأل عما يفعل ، ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه ، وعلم تحريه للحق ، واتسع علمه ، وظهر ذكاؤه ، وعرف صلاحه ، وورعه ، واتباعه ، نغفر له زلاته ، ولا نضلله ، ونطرحه ، وننسى محاسنه ، نعم ، ولا نقتدي به في بدعته ، وخطئه ، ونرجوا له التوبة من ذلك ) قلت : ومما يدل على ورعه ، وخوفه من الله ، ما روي عن أبي هلال ، قال : سألت قتادة عن مسألة ؛ فقال : لا أدري ؛ فقلت : قل فيها برأيك ، قال : ما قلت برأيي منذ أربعين سنة ، وكان يومئذ له نحو من خمسين سنة . قال الذهبي : فدل على أنه ما قال في العلم شيئا برأيه ، توفي – رحمه الله تعالى - سنة ثماني عشرة ومائة.
انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج5 ص269 و "طبقات الحنفية" ج1 ص548

([21]) انظر : "متشابه القرآن العظيم" ص21 - 22

([22]) الجمعة الآية 2

([23]) فاطر الآية 29

([24]) هو : محمد بن علي بن محمد الشوكاني الإمام العلامة الرباني، بحر العلوم وشمس الفهوم ، ولد سنة 1173 هــ وأخذ عن أغلب علماء زمانه مختلف العلوم ، وبرع في جلها ، صنف كثيرا من التصانيف المفيدة من أهمها : "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار" و "فتح القدير" في التفسير ، وغيرهما ، ومن آخر ما ألف كتابه : "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار" توفي في جمادى الآخرة سنة 1250 هـ رحمه الله تعالى . انظر ترجمته في : "أبجد العلوم" ج3 ص201

([25]) انظر : "فتح القدير" ج 4 ص 348

([26]) هو : العلامة الحافظ المفسر شيخ الإسلام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي البغدادي الحنبلي الواعظ ، صاحب التصانيف ، يرجع نسبه إلى أبي بكر الصديق – رضي الله تعالى عنه وأرضاه - ولد سنة تسع أو عشر وخمسمائة ، سمع من ابن الحصين ، والحسين بن محمد البارع ، وعلي بن عبد الواحد الدينوري ، وطائفة ، مجموعهم يزيد على الثمانين شيخا ، حدث عنه ولده العلامة محيي الدين يوسف ، وولده الكبير علي الناسخ ، والحافظ عبد الغني ، والشيخ موفق الدين ابن قدامة ، وخلق ، وصنف في التفسير "المغني" ثم اختصره في أربع مجلدات وسماه "زاد المسير" ، وله "تذكرة الأريب" في اللغة ، و"فنون الأفنان" ، ويصل مجموع تصانيفه نحو مائتين وخمسين كتابا .مرض خمسة أيام ، وتوفي ليلة الجمعة بين العشاءين الثالث عشر من رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج21 ص365

([27]) انظر : "زاد المسير" ج 6 ص 486

([28]) النمل الآية 91 - 92

([29]) انظر : "فتح القدير" ج 4 ص 156

([30]) رواه "البخاري" في صحيحه باب : خيركم من تعلم القرآن وعلمه حديث رقم 4739 ج 4 ص 1919

([31]) هو: أحمد بن على بن محمد ، المعروف بابن حجر نسبة إلى بعض أجداده ، الكناني العسقلاني ، ثم المصري ، أبو الفضل شهاب الدين الشافعي المذهب ، ولد سنة 773 هـ واشتهر بالتصانيف الكثيرة المفيدة ومن أشهرها : ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) و ( تهذيب التهذيب ) و( الإصابة في تمييز الصحابة) وغيرها توفي سنة 852هـ .
انظر ترجمته في : "حسن المحاضرة" ج 1 ص 311 و "هدية العارفين" ج 1 ص 128

([32]) فصلت الآية 33

([33]) انظر : "فتح الباري" ج 9 ص 76

([34]) هو : عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار أبو موسى الأشعري ، قدم المدينة بعد فتح خيبر ، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على بعض اليمن ، كان أحد الحكمين بصفين ، ثم اعتزل الفريقين ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والخلفاء الأربعة ، ومعاذ ، وغيرهم ، وعنه أولاده : موسى ، وإبراهيم ، وأبو بردة ، وأبو بكر ، وامرأته أم عبد الله ، ومن الصحابة : أبو سعيد ، وأنس ، وطارق ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم : لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ، عاش ثلاثا وستين سنة ، ومات – رضي الله عنه وأرضاه – في سنة خمسين. انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج4 ص211 و "الطبقات الكبرى" ج4 ص105 و "سير أعلام النبلاء" ج2 ص380

([35]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب ذكر الطعام ، حديث رقم 5111 ج 5 ص 2070 و "مسلم" في صحيحه باب فضيلة حافظ القرآن حديث رقم 797 ج 1 ص 549

([36]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ، حديث رقم 817 ج 1 ص 559

([37]) رواه "الحاكم" في مستدركه ، باب أخبار في فضائل القرآن جملة ، حديث رقم 2046 ج1 ص 743 وقال : ( وقد روي هذا الحديث من ثلاثة أوجه عن أنس ، هذا أمثلها ).

([38]) انظر : "كيف تحفظ القرآن" ص 13 محمد بن علي العرفج.

([39]) محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح ، الشيخ الإمام أبو عبد الله الأنصاري الأندلسي القرطبي ، صاحب التفسير ، كان من عباد الله الصالحين ، والعلماء العارفين الورعين الزاهدين ، حدث عن أبي علي الحسن بن محمد ، ومحمد البكري ، وغيرهما ، صنف كتبا كثيرة مفيدة من أهمها : تفسيره المشهور بتفسير القرطبي وكتاب الأسنى في أسماء الله الحسنى ، وكتاب التذكرة ، وكان مستقرا بمنية بني خصيب ، وتوفي بها ، ودفن في شوال من سنة إحدى وسبعين وستمائة .
انظر ترجمته في : "الوافي بالوفيات" ج2 ص87 و"الديباج المذهب" ج1 ص317

([40]) انظر : "تفسير القرطبي" ج 1 ص 1

([41]) هو : صُدَى – بالتصغير - بن عجلان بن الحارث بن عريب بن وهب بن رياح بن الحارث بن معن بن مالك بن أعصر الباهلي أبو أمامة ، مشهور بكنيته ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعن عمر وعثمان ، وعلي ، وروى عنه : أبو سلام الأسود ، ومحمد بن زياد ، وشرحبيل بن مسلم . مات سنة ست وثمانين ، وله مائة وست سنين ؛ فقد صح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مات حينما كان عمره ثلاثا وثلاثين سنة .
انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج3 ص420 و "الوافي بالوفيات" ج16 ص177

([42]) قال القرطبي : ( للعلماء في تسمية البقرة وآل عمران بالزهراوين ثلاثة أقوال ، الأول : أنهما النيرتان مأخوذ من الزهر والزهرة ؛ فإما لهدايتهما قارئهما بما يزهر له من أنوارهما أي : من معانيهما ، وإما لما يترتب على قراءتهما من النور التام يوم القيامة ، وهو القول الثاني ، الثالث : سميتا بذلك لأنهما اشتركتا فيما تضمنه اسم الله الأعظم ، كما ذكره أبو داود ، وغيره ، عن أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين : "وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم" ، والتي في آل عمران : "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" ) انظر : "تفسير القرطبي" ج4 ص3

([43]) الغمام السحاب الملتف ، وهو الغياية إذا كانت قريبا من الرأس ، وهي الظلة أيضا ، والمعنى أن قارئهما في ظل ثوابهما . انظر : "تفسير القرطبي" ج4 ص3

([44]) المقصود بالبطلة : السحرة .

([45]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة ، حديث رقم 804 ج 1 ص 553

([46]) هي : عائشة بنت أبي بكر الصديق عبد الله بن عثمان رضي الله عنهم ، وأمها : أم رومان بنت عامر الكنانية ، ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس ، تكنى أم عبد الله ، قالت عائشة : فضلت بعشر فذكرت مجيء جبريل بصورتها ، قالت : ولم ينكح بكرا غيري ، ولا امرأة أبواها مهاجران غيري ، وأنزل الله براءتي من السماء ، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد ، وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ، وقبض بين سحري ونحري ، في بيتي ، وفي ليلتي ، ودفن في بيتي ، روت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث ، وروت أيضا عن أبيها ، وعن عمر ، وفاطمة رضي الله عن الجميع ، وروى عنها عدد من الصحابة منهم : عمر ، وابنه عبد الله ، وأبو هريرة ، رضي الله عنهم ، ماتت سنة ثمان وخمسين في ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان ، وقيل سنة سبع ، ودفنت بالبقيع رضي الله عنها وأرضاها . انظر ترجمتها في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج8 ص16 و"الوافي بالوفيات" ج1 ص77

([47]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه ، حديث رقم 798 ج 1 ص 549

([48]) هو : الإمام الفقيه الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام ، علم الأولياء ، محيى الدين ، أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي ، ولد في المحرم سنة إحدى وثلاثين وستمائة ، وقدم دمشق سنة تسع وأربعين ، وحج مرتين ، وسمع من الرضي ابن البرهان ، والنعمان بن أبي اليسر ، وغيرهما ، وصنف التصانيف النافعة في الحديث ، والفقه ، وغيرهما ، ومن كتبه النافعة القيمة : شرح مسلم ، والروضة ، وشرح المهذب ، والأذكار ، وغيرها ، ولم يتزوج ، وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية بعد أبي شامة ؛ فلم يتناول منها درهما . مات – رحمه الله تعالى - في رابع عشر رجب سنة ست وسبعين وستمائة.
انظر ترجمته في : "طبقات الحفاظ" ج1 ص513 و "المعين في طبقات المحدثين" ج1 ص215

([49]) انظر : "شرح النووي على صحيح مسلم" ج 6 ص 84

([50]) انظر : "تفسير القرطبي" ج 1 ص 7

([51]) هو : عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن فار بن شمخ بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة ، يكنى أبا عبد الرحمن ، مهاجر هجرتين ، بدري ، وهو من النقباء النجباء ، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالكثير ، وعن عمر وسعد بن معاذ ، وروى عنه ابناه : عبد الرحمن ، وأبو عبيدة ، وابن أخيه : عبد الله بن عتبة ، وغيرهم . توفي بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين ، وصلى عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ودفن بالبقيع ، وهو ابن بضع وستين سنة.
انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج4 ص233 و"الآحاد والمثاني" ج1 ص186

([52]) رواه "الترمذي" في سننه ، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر ، حديث رقم 2910 ج 5 ص 175 وقال : ( ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن مسعود ، ورواه : أبو الأحوص عن ابن مسعود ، رفعه بعضهم ، ووقفه بعضهم على ابن مسعود ، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه ).
قلت : الذي يظهر أنه لا يضر في مثل هذا الوقف ؛ لأن مثله لا يقال بالرأي ، فله حكم الرفع كما هو معروف . والله أعلم.

([53]) هو : الإمام الفقيه المجتهد الحافظ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، سيد الحفاظ الأثبات ، حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا طيبا مباركا فيه ؛لم يلحق في كثرته ، صحب أربع سنين ، حدث عنه خلق كثير ، قال أبو صالح : كان أبو هريرة أحفظ أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، توفي - رضي الله عنه وأرضاه - سنة 57 هـ وقيل سنة 60 هـ. انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج7 ص425 و "سير أعلام النبلاء" ج2 ص578

([54]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر ، حديث رقم 2699 ج 4 ص 2074

([55]) تدبر القرآن ، وتفهم معانيه ، يختلف عن القول في القرآن بالرأي ، كما قد يتبادر لأذهان البعض ؛ فنحن مطالبون بتدبر معانيه ، ومحاولة فهمها ، وسؤال أهل العلم عنها ، أما القول في القرآن بالرأي فهو مما نهينا عنه ، وفيه من الخطر على الدين ما فيه ، أقصد الرأي المذموم ، وهو الناشئ عن هوى ، أو جهل.

([56]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب مناقب زيد بن ثابت – رضي الله عنه – ، حديث رقم 3599 ج 3 ص 1386 و"مسلم" في صحيحه ، باب من فضائل أبي بن كعب وجماعة من الأنصار – رضي الله تعالى عنهم - ، حديث رقم 2465 ج 4 ص 1914

([57]) انظر : "شرح النووي على صحيح مسلم" ج16 ص 19 – 20 وراجع : فتح الباري" ج9 ص52 فقد ذكر فيه ابن حجر إجابة أبي بكر الباقلاني ، وغيره من العلماء عن هذا الحديث من ثمانية وجوه .

([58]) انظر : تراجم هؤلاء في سير أعلام النبلاء.

([59]) العنكبوت الآية 49

([60]) انظر : "فتح القدير" ج4 ص207 وراجع : "تفسير القرطبي" ج13 ص354

([61]) هو : عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ، وعن عمر ، وأبي الدرداء ، ومعاذ ، وحدث عنه من الصحابة : ابن عمر ، وأبو أمامة ، والمسور ، وغيرهم ، ومن التابعين خلائق ، وكان قد أسلم قبل أبيه ، ويقال لم يكن بين مولدهما إلا اثنتا عشرة سنة ، مات بالشام سنة خمس وستين ، وهو يومئذ ابن اثنتين وسبعين سنة . انظر ترجمته في "الإصابة في تمييز الصحابة" ج4 ص192

([62]) رواه "أبو داود" في سننه ، باب استحباب الترتيل في القراءة ، حديث رقم 1464 ج 2 ص 73 و"الترمذي" في سننه ، حديث رقم 2915 ج 5 ص 177 ، وقال : حديث حسن صحيح .

([63]) رواه "ابن حبان" في صحيحه ، باب ذكر نفي الضلال عن الأخذ بالقرآن ، حديث رقم 122 ج 1 ص 329 و"ابن أبي شيبة" في مصنفه ، باب في التمسك بالقرآن ، حديث رقم 30006 ج 6 ص 125

([64]) رواه "أحمد" في مسنده ، حديث رقم 23000 ج 5 ص 348 و"ابن أبي شيبة" في مصنفه ، باب من قال يشفع القرآن لصاحبه ، حديث رقم 30045 ج 6 ص 129

([65]) هو : الشيخ الإمام العالم العامل القدوة سيد القراء ، أبو محمد ، القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الرعيني الأندلسي الشاطبي الضرير ، ناظم الشاطبية ، والرائية ، ولد سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، وتلا ببلده بالسبع على أبي عبد الله بن أبي العاص النفري ، ورحل إلى بلنسية فقرأ القراءات على أبي الحسن بن هذيل ، وعرض عليه التيسير ، وبعض الكتب ، وسمع أيضا من أبي الحسن ابن النعمة ، وأبي عبد الله ابن سعادة ، وآخرون ، حدث عنه : أبو الحسن بن خيرة ، ومحمد بن يحيى الجنجالي ، وأبو بكر بن وضاح ، وخلق ، وقيل : إنه كان يحفظ وقر بعير من العلوم .
توفي – رحمه الله تعالى - بمصر في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة . انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج21 ص261

([66]) الـحسد : أن تتمنى النعمة التي أنعم الله بها على المحسود علـى أن تتـحول عنه ، وتصبح لك ، وهو من أعظم الذنوب ، ولا يكون إلا في الأراذل من الناس – أعني ما كان منه مزمنا – وإلا فإنه قل من ينجو منه ، ولكن المؤمن إذا رأى نعمة الله على أخيه دعا له بالبركة ، وسأل الله أن يرزقه هو مثل ما رزق فلانا من العلم ، أو المال ، وهذا ما يسمى بالغبطة بالكسر ، وهي : أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه ، وليس بحسد ، والمقصود بالحديث هو الغبطة ، وليس الحسد المذموم شرعا ، وعقلا .
راجع : "لسان العرب" ج 7 ص 359 و "القاموس المحيط" ج1 ص877

([67]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب اغتباط صاحب القرآن ، حديث رقم 4738 ج 4 ص 1919 و"مسلم" في صحيحه ، باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه ، حديث رقم 815 ج 1 ص 558

([68]) هو : عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسيرة بن عسيرة وقيل يسيرة بن عسيرة بضمهما بن عطية بن خدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج ، لم يشهد بدرا على الصحيح ، وإنما نزل ماء ببدر ؛ فشهر بذلك ، شهد بيعة العقبة ، وكان شابا من أقران جابر في السن ، روى أحاديث كثيرة ، وهو معدود في علماء الصحابة. حدث عنه : ولده بشير ، وعلقمة ، وأبو وائل ، وقيس بن أبي حازم ، وربعي بن حراش ، وغيرهم .
مات أبو مسعود قبل الأربعين ، وقال ابن قانع سنة تسع وثلاثين ، وقال المدائني وغيره : سنة أربعين.انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج2 ص494

([69]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب من أحق الناس بالإمامة ، حديث رقم 673 ج 1 ص 465

([70]) هو : محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد بن على بن حفظ الكحلانى ، ثم الصنعانى المعروف بالأمير الإمام الكبير ، ولد : ليلة الجمعة نصف جمادى الآخرة سنة 1099 هـ وأخذ عن العلامة زيد بن محمد بن الحسن ، وصلاح بن الحسين الأخفش وعبد الله بن على الوزير البدر ، وأخذ عنه : العلامة عبد القادر بن أحمد ، والقاضى أحمد بن محمد قاطن ، والقاضى أحمد بن صالح بن أبى الرجال ، صنف التصانيف المفيدة ، ومنها "سبل السلام" و "منحة الغفار" وتوفي - رحمه الله - سنة 1182 هـ في يوم الثلاثاء ثالث شهر شعبان .
انظر ترجمته في : "البدر الطالع" ج2 ص133 ، ومقدمة سبل السلام .

([71]) انظر : "سبل السلام" ج2 ص27

([72]) اختلف العلماء في الأولى بالإمامة ، فقال مالك ، والشافعي : يؤم القوم أفقههم ، لا أقرؤهم ، وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، وبعض الشافعية : يؤم القوم أقرؤهم ، وذهب ابن حزم إلى تقديم القارئ مطلقا ، على سبيل الندب ، إلا إذا كان بحضرة السلطان ، أو أميره على الصلاة ، أو صاحب المنزل ، فيجب عندئذ تقديم هؤلاء ، فإن أم أحد بغير إذنهم لم تجزئ. انظر : "المحلى" ج4 ص207 و "بداية المجتهد" ج1 ص104 و"شرح النووي على صحيح مسلم" ج5 ص172

([73]) اختلف أهل العلم في إمامة الصبي إذا كان هو الأقرأ ؛ فذهب الحسن البصري ، والشافعي ، إلى صحتها ، وكرهها مالك ، والثوري ، والشعبي ، والأوزاعي ، وعن أبي حنيفة ، وأحمد روايتان ، والمشهور عنهما الإجزاء في النوافل دون الفرائض. انظر : "فتح الباري" ج2 ص186 و"نيل الأوطار" ج3 ص203

([74]) هو : عمرو بن سلمة بكسر اللام الجرمي ، يكنى أبا يزيد ، واختلف في ضبطه ، روى عن أبيه قصة إسلامه وعوده إلى قومه الحديث ، وقيل إن له رؤية ، حدث عنه : أبو قلابة الجرمي ، وأبو الزبير المكي ، وعاصم الأحول ، وأيوب السختياني ، وغيرهم ، وله رواية في صحيح البخاري ، وفي سنن النسائي ، وكان قد نزل البصرة ، وقد أرخ الإمام أحمد موته في سنة خمس وثمانين . انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج4 ص643 و"سير أعلام النبلاء" ج3 ص524

([75]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب من شهد الفتح ، حديث رقم 4051 ج 4 ص 1564

([76]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ، حديث رقم 4366 ج 4 ص 1702

([77]) رواه "الترمذي" في سننه ، باب فضل سورة البقرة ، حديث رقم 2876 ج 5 ص 156، و"النسائي" في الكبرى ، باب من أولى بالإمامة ، حديث رقم 8749 ج 5 ص 227

([78]) هو : جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب الأنصاري السلمي ، يكنى أبا عبد الله ، أحد المكثرين عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحدث عنه ابن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، وفي الصحيح عنه أنه كان مع من شهد العقبة ، وقال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة ، قال جابر : لم أشهد بدرا ، ولا أحدا ، منعني أبي ؛ فلما قتل لم أتخلف .
مات – رضي الله عنه وأرضاه - سنة ثمان وسبعين . ويقال إنه عاش أربعا وتسعين سنة .
انظر : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج1 ص434 و "سير أعلام النبلاء" ج3 ص189

([79]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب الصلاة على الشهيد ، حديث رقم 1278 ج 1 ص 450

([80]) انظر : "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" ص 517 وراجع : "كيف تحفظ القرآن الكريم" ص 28 محمد بن علي العرفج. ومن المعتاد عند الشناقطة أن يبدؤوا بتعليم الطفل الحروف وقصار السور وهو ابن ثلاث سنين أو أربع.

([81]) حسن ، رواه البيهقي في "المدخل" رقم 640 و ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله .انظر : "الفقيه والمتفقه" ج 2 ص 181

([82]) انظر : "كيف تحفظ القرآن الكريم" محمد بن علي العرفج ص 30

([83]) الحشر الآية 21

([84]) انظر : "تفسير القرطبي" ج 1 ص 4

([85]) القمر الآية 17

([86]) انظر : "تفسير ابن كثير" ج 4 ص 265 و"زاد المسير" ج 8 ص 94

([87]) اعتمدت في بعض هذه الخطوات على طريقة الشناقطة في حفظ كتاب الله في محاضرهم ، وراجع : "كيف تحفظ القرآن" ص 23 محمد بن علي العرفج و "طرق تدريس القرآن الكريم" ص 113 د./ محمد السيد الزعبلاوي.

([88]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب النية في الإيمان ، حديث رقم 6311 ج 6 ص 2461 و"مسلم" في صحيحه ، باب قوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنية ، حديث رقم 1907 ج 3 ص 1515

([89]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب من قاتل رياء وسمعة استحق النار ، حديث رقم 1905 ج 3 ص 1513

([90]) جاء في كتاب "متشابه القرآن العظيم" ص 58 : ( إن المتشابه كائن في أشياء : فمنها متشابه إعراب حروف القرآن ، ومنها متشابه غريب حروف القرآن ومعانيه .. ومنها متشابه تأويل القرآن ، وفي ذلك كتب عن أهل التأويل كمجاهد ، وقتادة ، وأبي العالية ، وسعيد بن جبير ، وعطاء بن يسار ، وعطية ، والسدي ، وأبي صالح ، وغيرهم ، ومنتهى أكثر ذلك إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، ويدخل في ذلك متشابه ناسخ القرآن ومنسوخه ، وتقديمه وتأخيره ، وخصوصه وعمومه ، وأكثر من سمينا قبل لهم كتب في ذلك ). والمقصود بالآيات المتشابهة هنا أي التي تتشابه ألفاظها ، وتتقارب ، فلا بد من الاعتناء بها ، حتى تتميز كل آية عن الأخرى.

([91]) ذلك أنه لا يمكن أن يستفاد منها ؛ فهي طبعة قديمة غير مقروءة ، وعندي منها نسخة بشرح محمد أحمد الأسود الشنقيطي ، ولم يطبع غيرها حسب علمي إلى الآن ...

([92]) النحل الآية 69

([93]) رواه "ابن ماجه" في سننه ، باب الشرب من زمزم ، حديث رقم 3062 ج 2 ص 1018 ورواه أيضا أحمد ، وابن أبي شيبة ، والبيهقي ، وقال : تفرد به عبد الله وهو ضعيف ، واعترض عليه ابن الملقن بأنه توبع ، ولم أجده ذكر المتابعات التي اعترض بها.
ورواه العقيلي من حديث ابن المؤمل ، وقال : لا يتابع عليه ، واعترض عليه ابن الملقن – أيضا - بأنه توبع ، ولم أجده ذكر المتابعات التي اعترض بها أيضا ، وأعله ابن القطان بعلتين : الأولى : بابن المؤمل ، والثانية : بعنعنة أبي الزبير ، قال ابن حجر : لكن الثانية مردودة ، ففي رواية ابن ماجة التصريح بالسماع .
ورواه البيهقي في شعب الإيمان ، والخطيب في تاريخ بغداد من حديث سويد بن سعيد عن ابن المبارك عن ابن أبي الموال عن محمد بن المنكدر عن جابر ، قال البيهقي : غريب تفرد به سويد. قال ابن حجر : ( وهو ضعيف جدا ، وإن كان مسلم قد أخرج له في المتابعات ، وأيضا كان أخذه عنه قبل أن يعمى ويفسد حديثه ، وكذلك أمر أحمد بن حنبل ابنه بالأخذ عنه كان قبل عماه ، ولما أن عمي صار يلقن فيتلقن ؛ حتى قال يحيى بن معين : لو كان لي فرس ورمح لغزوت سويدا من شدة ما كان يذكر له عنه من المناكير ).
وقال الحافظ شرف الدين الدمياطي - رحمه الله - : ( هذا حديث على رسم الصحيح فإن عبد الرحمن بن أبي الموال انفرد به البخاري ، وسويد بن سعيد انفرد به مسلم ) .
واعترض عليه ابن حجر : بأن مسلما إنما أخرج لسويد ما توبع عليه ؛ لا ما انفرد به ، فضلا عما خولف فيه. انظر : "تلخيص الحبير" ج2 ص268 و "تحفة المحتاج" ج2 ص189 و"خلاصة البدر المنير" ج2 ص26

([94]) ذلك أن لفظة : ما ، ومن ، وأي ، تعم مطلقا ، سواء كانت للشرط ، أم موصولة ، أم للاستفهام.وهي هنا موصولة.والله تعالى أعلم.

([95]) انظر : "نيل الأوطار" ج 5 ص 170

([96]) انظر : "سير أعلام النبلاء" ج 18 ص 279

([97]) انظر : "الأنساب" ج 3 ص 433

([98]) انظر : "ذيل تذكرة الحفاظ" ج 1 ص 381

([99]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب الحبة السوداء ، حديث رقم 5363 ج 5 ص 2153 و"مسلم" في صحيحه ، باب التداوي بالحبة السوداء ، حديث رقم 2215 ج 4 ص 1735 ، ولفظه : ( إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام ، والسام الموت ، والحبة السوداء : الشونيز ).

([100]) انظر : "سير أعلام النبلاء" ج12 ص564

([101]) سيأتي التعريف به.

([102]) هو الشيخ العالم الفاضل محمد سيديا بن سليمان ، يرجع نسبه إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه ، ولد في حدود سنة 1958م وأمه هي العالمة الزاهدة خديجة بنت محمد سيديا ابنة عم والده ، وهي التي لقبته بالنووي ، تفاؤلا منها أن يصير مثل الإمام النووي في العلم ، والزهد في الدنيا ، فاشتهر بهذا اللقب ، حتى صار علما عليه ، فإذا ذكر لقب : النووي في غالب مناطق شنقيط ، فإنه لا ينصرف إلا إليه ، توجه إلى محضرة العلامة ناصر السنة وقامع البدعة الشيخ عبد الله بن داداه – رحمه الله تعالى وغفر له – فحفظ القرآن ، وأجازه الشيخ يحيى بن اباه في قراءة نافع من روايتي ورش وقالون ، ودرس عليه كثيرا من علوم الحديث وغيرها ، ثم تفرغ بعد ذلك للمطالعة وتدريس طلبة العلم ، وبرع في علوم كثيرة ، ثم تعرض لمحن بسبب الصدع بالحق ؛ فسجن وعذب في فترة حكومة معاوية ولد سيد أحمد الطايع ، وقبل سقوط الحكومة المذكورة اعتقلته مع مجموعة من طلبة العلم منهم الشيخ الشاعر وغيره ، فزجت بهم في السجن ولا زالوا فيه ، نسأل الله عز وجل أن يعاقب من شارك في سجنه وسجن طلبة العلم الذين سجنوا معه بما يستحق وأن يفرج عنهم عاجلا غير آجل .

([103]) البقرة الآية 282

([104]) هو : وكيع بن الجراح بن مليح بن عدي بن فرس بن جمجمة بن سفيان بن الحارث بن عمرو بن عبيد بن رؤاس ، الإمام ، الحافظ ، محدث العراق ، أبو سفيان الرؤاسي الكوفي ، أحد الأعلام ، ولد سنة تسع وعشرين ومائة ، وسمع من هشام بن عروة ، وسليمان الأعمش ، والأوزاعي ، وجعفر بن برقان وخلق. حدث عنه : سفيان الثوري أحد شيوخه ، وعبد الله بن المبارك ، والفضل بن موسى السيناني وهما أكبر منه ، ويحيى بن آدم ، وعبد الرحمن بن مهدي ، والحميدي ، ومسدد ، وأحمد بن حنبل ، وابن معين وغيرهم .
قال يحيى بن معين : وكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه ، وقال أحمد بن حنبل : ما رأيت أحدا أوعى للعلم ولا أحفظ من وكيع ، وقال عبد الرزاق : رأيت الثوري ، وابن عيينه ، ومعمرا ، ومالكا ، ورأيت ، ورأيت ؛ فما رأت عيناي قط مثل وكيع .
قال أحمد بن حنبل : حج وكيع سنة ست وتسعين ومائة ، ومات بفيد رحمه الله تعالى وغفر له ، قال الذهبي : عاش ثمانا وستين سنة سوى شهر أو شهرين.
انظر ترجمته في : " سير أعلام النبلاء" ج9 ص140 و "طبقات الحنفية" ج1 ص540

([105]) انظر القصة كاملة في "جامع بيان فضل العلم" لابن عبد البر ج 1 ص 66 وراجع : "متشابه القرآن العظيم" ص 50

([106]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله تعالى عنهما ، حديث رقم 2464 ج 4 ص 1913

([107]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب القراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حديث رقم 4716 ج 4 ص 1912

([108]) هو : شقيق بن سلمة ، الإمام الكبير ، شيخ الكوفة ، أبو وائل الأسدي أسد خزيمة ، الكوفي ، مخضرم أردك النبي صلى الله عليه وسلم وما رآه ، حدث عن عمر ، وعثمان ، وعلي ، وعمار ، ومعاذ ، وابن مسعود ، وغيرهم ، وحدث عنه : عمرو بن مرة ، وحبيب بن أبي ثابت ، والحكم بن عتيبة ، مات سنة اثنتين وثمانين .انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج4 ص161

([109]) آل عمران الآية 161

([110]) رواه "مسلم" في صحيحه ، باب من فضائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، حديث رقم 2462 ج 4 ص 1912

([111]) أَي أَشدّ تَفَلُّتَاً وخروجاً . انظر : "لسان العرب" ج 15 ص 156

([112]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب استذكار القرآن وتعاهده ، حديث رقم 4746 ج 4 ص 1921

([113]) الإسراء الآية 79

([114]) انظر : "فتح القدير" ج3 ص251

([115]) رواه "الترمذي" في سننه ، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل ، حديث رقم 2380 ج 4 ص 590 و"ابن ماجه" في سننه ، باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع ، حديث رقم 3349 ج 2 ص 1111

([116]) انظر : "تفسير القرطبي" ج 7 ص 192

([117]) انظر : "كيف تحفظ القرآن الكريم" د/ يحيى بن عبد الرزاق الغوثاني ص 148

([118]) هو الشيخ العلامة الأصولي الفقيه المحدث عبد الله بن الحاج إبراهيم بن الإمام محنض أحمد العلوي ، نسبة إلى قبيلة "إدوعل" التي يرجع نسبها إلى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – ، ولد بعد منتصف القرن الثاني عشر الهجري ، ألف تآليف مفيدة ، ونظم أنظاما عديدة منها : كتابه "مراقي السعود" وشرحه "نشر البنود" وهو من أفضل ما يقرأ في علم الأصول ، وله كتاب "طلعة الأنوار" في مصطلح الحديث ، وشرحها هدى الأبرار ، وغير انظر ترجمته في : "مذكرة أصول الفقه" ص 57

([119]) "آدرار" قال صاحب الوسيط : ( سألت بعض أهل اللغة الشلحية ، فقال لي : معناه عندهم الجبل ، وهو عبارة عن جبال شاهقة ، يعاينها الصاعد ، مقدار أربع ساعات ، وهي كالدائرة محلقة في السماء ، حتى إذا انتهى إليها الصاعد ، وجد أرضا مستوية ، فوقها جبال شامخة ، ومدن ، وأودية نخل ، وكثبان رملية ، كأنه في أرض أخرى ، وهي التي تسمى "اظهر" يسير فيها الراكب مقدار ستة أيام طولا ، وأقل من ذلك عرضا ، وقد توجهت إليه من جهة أرض القبلة ، فرأيته مما يزيد على يوم ، وظننه سحائب سوداء ). انظر "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" ص 428

([120]) هذه التسمية استحدثها المستعمرون ، والاسم الذي كان يطلق على هذه البلاد في كل مكان من العالم هو : شنقيط ، وما زال هذا الاسم هو المعروف إلى الآن في كثير من البلاد ، وخاصة في الجزيرة العربية فإنهم لا يعرفون – في الغالب – موريتانيا ، وإنما يعرفون شنقيط.

([121]) انظر : "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" ص 422 وما بعدها .

([122]) أنبه هنا على نقطتين مهمتين ، الأولى : أن القبائل العربية التي تسكن في الصحراء الغربية ، والتي يقع غالبها الآن تحت السيطرة المغربية تنتمي للشناقطة بكل المقاييس ، فلغة الجميع هي اللغة العربية ، ولهجة الجميع هي الحسانية ، واللباس متحد ، والتاريخ مشترك ؛ بل إنك تجد القبيلة الواحدة منقسمة قسمين ، قسم في أرض شنقيط ، والآخر في الصحراء الغربية ..
والنقطة الثانية : أن كثيرا من الأعاجم من دولة مالي يدعي أنه من الشناقطة وليست حقيقية ؛ فهم لا يتكلمون اللهجة الحسانية ، والملابس تختلف ، والعادات مختلفة ، بل ولا قواسم مشتركة إلا في القليل النادر ، ولا نعني بذلك بعض القبائل العربية التي نزحت من أرض شنقيط إلى دولة مالي ، فهم شناقطة حقيقيون ولكنهم قلة قليلة ..

([123]) من هذه العوامل : قلة تعدد الزوجات بين العرب ، فقد غرس الاستعمار الفرنسي أفكاره الخبيثة في المجتمع ، ومن ضمنها تشويهه لتعدد الزوجات ، ونعته بأنه ظلم للمرأة ، في حين فتحت حكومة معاوية ولد سيد أحمد الطايع - والتي سقطت بحمد الله قبل سنة ونصف تقريبا - كل وسائل تعدد الزوجات للزنوج حتى تضمن لهم تفوقا عدديا في المستقبل على حساب العرب .
ومع أني لا أومن بمفهوم القوميات ، وصراعها ، والذي أدين الله به هو الإسلام الذي يستوي فيه الأسود والأبيض ، والعربي ، والزنجي ، إلا أني أنبه على أن الحرب على تلك القبائل العربية ليست حربا قومية وإنما المقصود منها هو حصر المد الإسلامي ، فكل مسلم موضوعي سواء كان زنجيا ، أو عربيا يعلم أن الإسلام ما كان لينتشر لولا فضل الله أولا ، ثم جهود تلك القبائل العربية العريقة ، فالحرب عليها إذن حرب على الإسلام ، فضلا عن أنه استحداث لصراع ، وعداء غير موجود أصلا ؛ فلقد تعايشت تلك القبائل العربية مع الزنوج على أساس الإسلام منذ قرون عديدة ، تعايشا سلميا ملؤه الثقة بين الجميع ، والتعاون في السراء والضراء ، شأنهم في ذلك شأن كل البلاد الإسلامية ، فما عرف المسلمون يوما التفرقة على أساس اللون ، أو الجنس ، وإنما كان ميزانهم ، ومعيارهم : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ).

([124]) وتسمى هذه اللهجات : البولارية ، والسننكية ، والولفية ، وربما وجدت لهجة تسمى البربرية ، وهي نادرة جدا .

([125]) قد تجد من هذا الشعب من يحفظ القصيدة الطويلة من أول سماع لها ، وربما تجد منهم من يحفظ ما يعادل مجلدات كثيرة ، ويحكى عن أحدهم : أنه جاء إلى مكتبة ؛ ليشتري القاموس المحيط للفيروزآبادي ، فأعطاه صاحب المكتبة القاموس في مجلد واحد ؛ لينظر في الطبعة وجودتها ، وبعد تصفحه للكتاب أرجعه لصاحب المكتبة ؛ لأنه لم يعد بحاجة إليه ؛ فقد حفظه ، فليحذر أصحاب المكتبات من مثله .
وقد يكون في هذا مبالغة ، ولكن المقصود منه هو التعبير عن سرعة الحفظ ومتانته عند هذا الشعب.

([126]) المقصود هو الشيخ الذي تكون عنده محضرة لتدريس العلوم الشرعية ، ومنها القرآن الكريم ، ولا أقصد المحفظين الذين لا يتولون إلا تحفيظ الأطفال فقط.

([127]) هو الإمام : علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي ، ولد سنة 364 هـ بالبصرة ، وأخذ عن جملة من أجلاء العلماء منهم : الصيرمي ، والإسفرائيني ، والخوارزمي ، وغيرهم ، وعنه أخذ كثير من الطلاب العلم منهم : الباقلاني ، وابن كادش العكبري ، والخطيب البغدادي ، وشهد له العلماء في كل عصر بسعة العلم ، ووفور العقل ، قال السبكي : كان الماوردي إماما جليلا ، له اليد الباسطة في المذاهب ، والتفنن التام في سائر العلوم ، ألف مجموعة من الكتب ، من أشهرها كتابه "الحاوي" في الفقه الشافعي توفي – رحمه الله – 30 ربيع الأول سنة 450 هـ ودفن في بغداد .
انظر ترجمته في "الحاوي" ج 1 ص 3 و "طبقات الشافعية" ج 3 ص 303

([128]) انظر : "نصيحة الملوك" للماوردي ص 170 نقلا عن كتاب "أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين" ص 177

([129]) لقد كثرت الأغلاط في هذا الزمن – وللأسف الشديد – في التجويد ، حتى في بعض القراء هداهم الله ، فإنك قد تجد بعضهم يسرع في القراءة حتى لا يعطي أي مد حقه ، ولا يعطي للغنه حقها ، ولا يقلقل المقلقل ، ولا يفخم المفخم ، ولا يرقق المرقق ، إلى غير ذلك ، والبعض منهم يبالغ في ذلك حتى يزيد في المد ويجعله عشر حركات ؛ بل وحتى عشرين حركة أحيانا ، ويزيد الغنة إلى ست أو سبع حركات ، ونحو ذلك ، قال حمزة الزيات القارئ لمن سمعه يبالغ في تحقيق الحروف عن المطلوب : ( أما علمت أن ما كان فوق الجعودة فهو قطط ، وما كان فوق البياض فهو برص وما كان فوق القراءة فليس بقراءة ).
قلت : ولا عيب إن وقع هذا من غير خبير بهذا الشأن ، ولكن المشكلة أن تصدر مثل هذه الأخطاء عن قراء مشهورين ، لهم أسانيدهم ، وإجازاتهم ..
وفي رأيي أن أهم سبب لذلك هو الاهتمام الزائد بتحسين الصوت ، حتى يخرج عن المطلوب شرعا .والله تعالى أعلم.

([130]) القُدوة : بالكسر والضم الاقتداء بالغير ومتابعته والتأسي به . قال الشاعر :
بأبه اقتدى عدي في الكرم ومن يشابه أبه فما ظلم.
انظر : "لسان العرب" ج 15 ص 171 و"التعاريف" ج1 ص577

([131]) انظر : "صيد الخاطر" ص 140

([132]) هو : عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية الأموي ، أخو معاوية لأبويه ، قال ابن منده : ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحج بالناس سنة إحدى وأربعين وبعدها ، ثم ولي بمصر على الجند بعد عزل عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله تعالى عنهما - فمات بالإسكندرية . انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج5 ص60

([133]) انظر : "البيان والتبيين" ص 249

([134]) هو : عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي ، أمير المؤمنين ، بويع بعهد من أبيه في خلافة ابن الزبير ، وكان عابدا ناسكا ، شهد يوم الدار مع أبيه وهو ابن عشر سنين ، قال ابن سعد : واستعمله معاوية على المدينة وهو ابن ست عشرة سنة ، وسمع عثمان ، وأبا هريرة ، وأبا سعيد ، وأم سلمة ، وابن عمر ، ومعاوية ، رضي الله عن الجميع ، وهو أول من سمى عبد الملك في الإسلام ، قال أبو الزناد : فقهاء المدينة : سعيد بن المسيب ، وعبد الملك بن مروان ، وعروة بن الزبير ، وقبيصة بن ذؤيب . ولد له سبعة عشر ولدا ، ومات في شوال سنة ست وثمانين للهجرة.
انظر ترجمته في : "فوات الوفيات" ج2 ص24

([135]) لا ينبغي الإطلاق هكذا ، فتعلم الشعر ليس مباحا في الشريعة بصفة مطلقة ، فكم من القصائد يذم مجرد الاستماع لها شرعا ، فضلا عن تعلمها أو حفظها ، ولكن مقصود عبد الملك - فيما يظهر والله أعلم - هو تعلم الشعر المباح ، أو المندوب إليه ، كأشعار العرب المحتج بهم للاستشهاد بها في معاني القرآن الكريم وإعرابه وكالشواهد المعروفة في علم النحو ، وكالمديح المباح غير الزائد عن المأذون فيه شرعا ، ونحو ذلك ، أما الهجاء ، والغزل الفاحش ، فهذا النوع من الشعر تأباه المروءة ؛ فضلا عن الدين ، فلا ينبغي تعلمه ، ولا إضاعة الوقت فيه . والله أعلم.

([136]) انظر : "المعلم المثالي" ص 11

([137]) انظر : "الفقيه والمتفقه" ج 2 ص 192 بتصرف.

([138]) انظر : "الذريعة إلى مكارم الأخلاق" ص 116 نقلا عن كتاب "مدارس التربية في الحضارة الإسلامية" ص 266 .د/ حسان محمد حسان و د/ نادية جمال الدين .

([139]) قطعة من حديث طويل رواه "ابن ماجه" في سننه ، باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة ، حديث رقم 313 ج 1 ص 114 و "النسائي" في سننه ، باب النهي عن الاستطابة بالروث ، حديث رقم 40 ج 1 ص 38

([140]) المقصود هو شيخ العلم ، أما مجرد المحفظ للأطفال ؛ فقد كان يستقدم لكن مع الإجلال والإكبار والتقدير ..

([141]) انظر : "تذكرة السامع" ص 45

([142]) انظر : "مجلة البيان" العدد 220 ص 28

([143]) نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ففي صحيح البخاري ج 2 ص 902
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قاتل أحدكم ؛ فليجتنب الوجه ). والمقصود منه تأديب الغلام . وفي صحيح مسلم ج 3 ص 1673عن جابر رضي الله تعالى عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه.

([144]) انظر : "مجلة البيان" العدد 220 ص 28

([145]) لا يقع هذا إلا في النادر جدا ، ولكن المقصود أنه حتى لو وقع ، فإن الشيخ آمن من ردة فعل الأهل ، لأن الكلام في مثل هذا يعتبر عيبا عند المجتمع ؛ فالشيخ لم يكن ليقصد فعل ذلك قطعا - وهو الذي قدمنا مواصفاته التي منها الحلم ، وحسن الخلق - وإنما كان هدفه هو التأديب ، والمصلحة ، ولا أحد يستطيع أن يمنع القدر ...

([146]) قد يسير المرء مئات الكيلومترات في تلك الصحاري دون أن يجد بئرا يشرب منها ، فضلا عن ماء جار ونحوه ، مما يسبب موت كثير من المسافرين بسبب العطش ، ولا زالت هذه المشكلة مطروحة حتى اليوم ..

([147]) نسبة إلى قبيلة "تندغ" وهي من قبائل الزوايا المعروفة بالاهتمام بالعلم ، وقد برز منها علماء أجلاء .

([148]) المقصود من البيتين : أن قول وفعل ما لا ينبغي قوله أو فعله لا يصلح ولا ينبغي لأي أحد كائنا من كان ، سواء كان من أفراد قبيلة العالم ، أو من قبيلة أخرى ، وهو نوع من التعميم السائغ نوعا ما .

([149]) كان صلى الله عليه وسلم يكثر توجيه الناس بهذه الطريقة ، ولا يكاد يصرح بالفاعل ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ؟ من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له ، وإن اشترط مائة مرة ) انظر : "صحيح البخاري" ج 1 ص 174 وعن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ؟ فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ) انظر : "صحيح البخاري" ج 1 ص 261 وعن عائشة رضي الله تعالى عنها و أرضاها قالت : صنع النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ؛ فرخص فيه ؛ فتنزه عنه قوم ؛ فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فخطب ، فحمد الله ، ثم قال : ( ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه فو الله إني لأعلمهم بالله ، وأشدهم له خشية ) انظر : "صحيح البخاري" ج 5 ص 2263 وعن أنس بن مالك أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر فقال بعضهم : لا أتزوج النساء ، وقال بعضهم : لا آكل اللحم ، وقال بعضهم : لا أنام على فراش ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، وقال : ( ما بال أقوام قالوا : كذا وكذا ، لكني أصلي ، وأنام ، وأصوم ، وأفطر وأتزوج النساء ؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني ) انظر : "صحيح مسلم" ج 2 ص 1020 إلى غير ذلك من الأحاديث في مثل هذا .

([150]) وعند الشناقطة مثل مشهور في هذا المجال وهو : "الحاذق بقمز والفاسد بدبز" ومعناه أن الحاذق العاقل تكفيه الإشارة ، ويرتدع بها ، أما الفاسد ، فلا بد له من الضرب الشديد ، حتى يرجع عن الخلق الذميم .

([151]) لقد ركز كثير من المتصوفة على هذه القصة ، وفهموها فهما خاطئا ، وحاولوا من خلالها أن يبرهنوا على كثير من ترهاتهم التي تخالف نص القرآن الكريم ؛ فضلا عن مخالفتها لأسس عقيدة المسلمين ؛ فمن ذلك تصريح بعضهم بأن الخضر أعلم من موسى ، أو أنه أفضل منه ، وأنه حي إلى الآن ، وكذا استدلال بعضهم بأن أولياءهم يمكن أن يكون لهم شرع خاص بهم ؛ لأنهم لصفاء قلوبهم ومشاهدتها للحقائق ، صاروا في غنى عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، كما كان الخضر في غنى عن شريعة موسى عليه الصلاة والسلام ، وكل هذه الأباطيل ردها العلماء ، وبينوا أن أدلتها أوهى من بيت العنكبوت ، ونصوا على أن اعتقاد بعضها كفر أكبر ، يقتل صاحبه ولا يستتاب عند بعض العلماء ، وبعضهم يستتاب عنده .والله أعلم.

([152]) انظر : "تذكرة السامع" ص 137

([153]) انظر : "الوسيط في تراجم أدباء شنقيط" ص 517

([154]) يقدم أهل الطفل مساعدات للمرأة التي تعلم الطفل الحروف في يومين من الأسبوع ، هما يوم الاثنين ، ويوم الأربعاء ، وتختلف هذه المساعدات ، فبعضهم يرسل طعاما ، وآخرون يرسلون نقودا ، والبعض الآخر يرسل ملابس ونحو ذلك ، هذا فضلا عن اللبن الذي تقدم فيه المدرسة كل ليلة على غيرها ، وإن كان الحليب في الغالب يستوي فيه الجميع ، إلا أنه إن قل فإنهم يؤثرونها حتى على أنفسهم .

([155]) هذه الأدوات هي المتعارف عليها عند البدو الشناقطة ؛ فاللوح يكون من الخشب ، والقلم من الجريد أو الثمام ، أما الدواة فإنها تكون من الحجارة ، أو النحاس ، والمداد يصنعونه من الصمغ العربي والفحم .

([156]) بترقيق الراء . مأخوذ من دَرَسَتْ : أَي تقادمت ، أو من دَرَسْتُ الكتاب أَدْرُسُه دَرْساً أَي ذللته بكثرة القراءة حتـى خَفَّ علـيَّ حفظه ، أو من درس الثوب دروسا ، إذا بلي وأخلق ، أو من دَرَسَ الناقة يَدْرُسُها دَرْساً : بمعنى راضها. انظر : "لسان العرب" ج 6 ص 80 و"النهاية في غريب الأثر" ج2 ص113

([157]) وهذه الأحزاب الخمسة مستمرة ، تتقدم بتقدم الحفظ ؛ بحيث يضاف لها كل يوم ثمن أو ثمنان حفظا من جديد ، ويحذف منها أول ثمنين في الحفظ ، وهكذا حتى يكمل حفظ القرآن الكريم ، والحزب عندهم نصف الجزء ، والثمن هو ثمن الحزب .

([158]) إن تفريق جلسات الحفظ ، ووجود استراحة بينها ، عامل مساعد على تثبيت الحفظ ، وترسيخة ، وقد أثبتت ذلك تجربة قام بها "هو فلاند" عام 1940 م على "22" طالبا جامعيا . انظر "طرق تدريس القرآن الكريم" ص 118 وراجع "مبادئ علم النفس التعليمي" ص 147

([159]) انظر : "طرق تدريس القرآن الكريم" ص 114 د. محمد السيد الزعبلاوي

([160]) ومن السنة أن ينأى الإنسان بنفسه عن محل التهم ، ولا يساعد الشيطان على إخوانه ؛ ليقذف في قلوبهم الاحتمالات الممكنة ، وغير الممكنة ؛ فقد أخرج البخاري في صحيحه ، حديث رقم 1930 ج 2 ص 715 عن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد في العشر الأواخر من رمضان ؛ فتحدثت عنده ساعة ، ثم قامت تنقلب ؛ فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها ، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة ، مر رجلان من الأنصار ؛ فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم : على رسلكما إنما هي صفية بنت حيي ، فقالا : سبحان الله يا رسول الله ، وكبر عليهما ؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يبلغ من الإنسان مبلغ الدم ، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا .
فإذا كان الطاهر المطهر صلوات الله وسلامه عليه يعتذر عن مثل هذا ؛ فحري بجميع المسلمين أن يقتدوا به ، وأن يسيروا على نهجه ، ولا يتركوا مجالا للشيطان ينتهزه لتفريقهم ، وإذكاء نار العداوات بينهم .

([161]) وهو الآن مطبوع طباعة جيدة ، ومشروح شرحا وافيا ، ومتوفر في الأسواق ، أما قديما فكانوا يعتمدون في تدريسه على حفظ الشيخ له ، وربما وجدت بعض النسخ المكتوبة باليد تعين الطلاب على الاستذكار نادرا ، لأن الطريقة المتبعة عند الشناقطة هي الاعتماد على الحفظ ، وفي حال النسيان يعتمد على الشيخ أو أحد الطلاب ، ويحذرون من المذاكرة عن طريق النظر إلى المصحف .

([162]) سيأتي التعريف به إن شاء الله تعالى.

([163]) يتفاوت المشايخ هنا في التشدد ، فبعضهم لا يسمح بأبسط غلط ، وبعضهم يسامح في الأغلاط البسيطة ، مع أن احتمال الغلط شبه مستحيل في هذه المرحلة ..

([164]) انظر : "فتح الباري" ج 9 ص 528 وهذا التقسيم غير مسلم مع ما فيه من نفس صوفي ، ولكن هدفي من إيراده هو ذم البطنة لا غير ، فالأولى ما تضمنته الآية الكريمة من الوسطية والعدل في ذلك كله ، قال تعالى : ( ... وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ..).

([165]) الرماد : دقاق الفحم من حراقة النار ، والطائفة منه رمادة ، والجمع أرمدة ، وأرمداء وأما رماد أرمد ، ورمديد ؛ فهو الكثير الدقيق جدا. انظر : "لسان العرب" ج3 ص185

([166]) راجع : "الوسيط في تراجم أدباء شنقبط" ص 521

([167]) الصبر - بكسر الباء - : عصارة شجر مر ، ورقها كقرب السكاكين طوال غلاظ ، في خضرتها غبرة وكمدة مقشعرة المنظر ، يخرج من وسطها ساق عليه نور أصفر ، ويصنع منها دواء مر ، ولا يسكن الصبر إلا في ضرورة الشعر . انظر : "لسان العرب" ج4 ص442 و"مختار الصحاح" ج 1 ص 149

([168]) انظر : "أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين" ص 174

([169]) وقد اعتمدت في سرد طريقة الشناقطة في حفظ كتاب الله تعالى على تجربتي الشخصية ، ثم على المعلومات القيمة التي أفادني بها أخي وشيخي : محمد بن محمد عبد الله بن أحمد محمود بن محمد حبيب الله السيدوي الحسني ، من أشراف يسمون "أهل اباه" يرجع نسبهم إلى الحسن بن علي – رضي الله تعالى عنهما – حفظ القرآن وهو صغير ، وحصل على إجازة بقراءة نافع من روايتي ورش وقالون ، وإجازة برواية حفص عن عاصم ، وله إجازات في الصحيحين ، وسنن أبي داود ، ونيل الأوطار ، وفتح القدير إلى مؤلفيها ، وله إجازات غير ما ذكرت ، وهو من العلماء المتواضعين ، الذين بذلوا جهدهم في نشر السنة ، ومحاربة البدعة ، بأسلوب هادئ رزين ، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا ، وقد استفدت من مكتبته التي تحوي كثيرا من كتب السنة في فترة كان انتشارها في موريتانيا قليلا ، وقد اشترى أغلبها بالأثمان الغالية مع قلة ماله ، كما استفدت من نصائحه ، ونهجه في الحياة ، فجزاه الله عني خير الجزاء ..
وهو الآن يسكن في العاصمة الموريتانية "انواكشوط" أسأل الله العلي القدير أن يطيل عمره ، وينفع به الإسلام والمسلمين.
كما اعتمدت – أيضا – على المعلومات القيمة التي أفادني بها الشيخ محمد يحيى بن أحمد بن سعيد ، وهو من حفاظ كتاب الله تعالى ، ولد سنة 1952 م وحفظ القرآن صغيرا ، وتنقل بين عدة مشايخ تعلم منهم كثيرا من العلوم المتداولة عند الشناقطة كالعربية ، وبعض كتب الفقه المالكي ، وغير ذلك ، وهو من المحبين للسنة ، المحاربين للبدعة ، نحسبه كذلك والله حسيبه ، ولا نزكي على الله أحدا ..
أما نسبه فهو من فخذ "إدبعمر" يعني أبناء اعمر من قبيلة "أولاد أبياري" إحدى قبائل الشناقطة التي ينتشر فيها حفظ كتاب الله تعالى ؛ فلا تكاد تجد فردا منها إلا وهو حافظ للقرآن ، وقد أنجبت هذه القبيلة كثيرا من العلماء ، وأكرمني الله بخؤولة منها ؛ فجد أبي لأمه هو العلامة : محمود ولد ابن عمر – رحمه الله تعالى وغفر له – أحد العلماء الأفذاذ من هذه القبيلة العريقة ، بل من نفس الفخذ المذكور ، وينتهي نسب هذه القبيلة إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
وقد أفادني الشيخ محمد يحيى بتلك المعلومات في مقابلة أجريتها معه في منزله بمكة المكرمة في 16 – 3 – 1427 هـ فجزاه الله خيرا.

([170]) انظر : "مهارات التدريس في الحلقات القرآنية" ص 184 ( بتصرف يسير جدا )

([171]) انظر المرجع السابق.

([172]) التوبة الآية 67

([173]) البقرة الآية 237

([174]) انظر : "مختار الصحاح" ج 1 ص 284 و "التعاريف" ج 1 ص 698

([175]) انظر : "طرق تدريس القرآن الكريم" ص 134 د. محمد السيد الزعبلاوي.

([176]) هو : أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار ، الإمام ، المفتي ، المقرئ ، المحدث ، راوية الإسلام ، أبو حمزة الأنصاري ، الخزرجي ، البخاري ، المدني ، خادم رسول الله صلى الله علي وسلم ، وتلميذه ، وتبعه ، ولد قبل الهجرة بعشر سنين ، صحب النبي صلى الله عليه وسلم أتم الصحبة ، ولازمه أكمل الملازمة منذ هاجر إلى أن مات ، وغزا معه غير مرة ، وبايع تحت الشجرة ، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم علما جما ، وعن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، ومعاذ ، وروى عنه خلق عظيم ، منهم : الحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، وأبو قلابة ، ومكحول ، وعمر بن عبد العزيز ، وغيرهم . مات – رضي الله عنه - سنة إحدى وتسعين. انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج3 ص395

([177]) رواه "أبو داود" في سننه ، باب في كنس المسجد ، حديث رقم 461 ج 1 ص 126 و"الترمذي" في سننه ، حديث رقم 2916 ج 5 ص 178 ، وقال الترمذي :
( هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، قال : وذاكرت به محمد بن إسماعيل – يعني البخاري - فلم يعرفه واستغربه ، قال محمد : ولا أعرف للمطلب بن عبد الله سماعا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله : حدثني من شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول : لا نعرف للمطلب سماعا من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله : وأنكر علي بن المديني أن يكون المطلب سمع من أنس ).

([178]) هو : سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج ، السيد ، الكبير ، الشريف ، أبو قيس ، الأنصاري ، الخزرجي ، الساعدي ، المدني ، النقيب ، سيد الحزرج ، قال البخاري في تاريخه : إنه شهد بدرا ، وتبعه ابن مندة ، له أحاديث يسيرة ، وهي عشرون بالمكرر ، وذلك لأنه مات قبل أوان الرواية ، أرسل عنه الحسن ، وعيسى بن فائد ، وممن روى عنه أولاده : قيس ، وسعيد ، وإسحاق ، ومن الصحابة : ابن عباس ، وأبي أمامة بن سهل ، وعن ابن عباس قال : لما نزلت "والذين يرمون المحصنات" (النور 14) قال سعد سيد الأنصار هكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "يا معشر الأنصار ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم" قالوا : لا تلمه ؛ فإنه غيور ، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا ، ولا طلق امرأة قط فاجترأ أحد يتزوجها ، فقال سعد : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لأعلم أنها حق وأنها من الله ... الحديث . مات – رضي الله عنه وأرضاه - سنة أربع عشرة بحوران . انظر ترجمته في : "الإصابة في تمييز الصحابة" ج 3 ص 66 و "سير أعلام النبلاء" ج1 ص270

([179]) رواه "أبو داود" في سننه ، باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه ، حديث رقم 1474 ج 2 ص 75

([180]) هو : أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن أبي داود المنادي البغدادي الحافظ ، ولد سنة سبع وخمسين ومائتين تقريبا ، وسمع من جده ، ومن محمد بن عبد الملك الدقيقي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، وأبي داود السجستاني ، وحدث عنه : أبو عمر بن حيويه ، وأحمد بن نصر الشذائي المقرئ ، ومحمد بن فارس الغوري وجماعة ، قال الخطيب : كان صلب الدين شرس الأخلاق ، وقال الداني : مقرئ جليل غاية في الإتقان ، فصيح اللسان ، عالم بالآثار ، نهاية في علم العربية ، صاحب سنة ، ثقة مأمون.توفي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة .
انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج15 ص361 و "الوافي بالوفيات" ج6 ص179

([181]) انظر : "متشابه القرآن العظيم" ص 49

([182]) هو : الضحاك بن مزاحم الهلالي ، أبو محمد ، وقيل : أبو القاسم ، صاحب التفسير ، كان من أوعية العلم ، وليس بالمجود لحديثه ، وهو صدوق في نفسه ، حدث عن ابن عباس ، وأبي سعيد الخدري ، وابن عمر ، وأنس بن مالك ، وغيرهم ، وحدث عنه عمارة بن أبي حفصة ، وأبو سعد البقال ، وجويبر بن سعيد ، وغيرهم ، وثقه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وغيرهما ، توفي – رحمه الله تعالى - سنة اثنتين ومائة .
انظر ترجمته في : "سير أعلام النبلاء" ج4 ص599

([183]) الشورى الآية 30

([184]) انظر : "تفسير ابن كثير" ج4 ص118

([185]) هو : سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون مولى محمد بن مزاحم أخي الضحاك بن مزاحم ، الإمام الكبير ، حافظ العصر ، شيخ الإسلام ، أبو محمد الهلالي ، الكوفي ، ثم المكي ، ولد بالكوفة سنة سبع ومائة وطلب الحديث ، وهو حدث ؛ بل غلام ، ولقي الكبار ، وحمل عنهم علما جما ، وأتقن ، وجود ، وجمع وصنف ، وعمر دهرا ، وازدحم الخلق عليه ، وانتهى إليه علو الإسناد ، ورحل إليه من البلاد ، وألحق الأحفاد بالأجداد ؛ فسمع من عمرو بن دينار وأكثر عنه ، ومن زياد بن علاقة ، والأسود بن قيس ، وعبيد الله بن أبي يزيد ، وابن شهاب الزهري ، وعاصم بن أبي النجود ، وخلائق ، حدث عنه : الأعمش ، وابن جريج ، وشعبة ، وهؤلاء من شيوخه ، وهمام بن يحيى ، والحسن بن حي ، وزهير بن معاوية ، وحماد بن زيد ، وخلائق.قال الشافعي : وجدت أحاديث الأحكام كلها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث ، ووجدتها كلها عند مالك سوى ثلاثين حديثا ، عاش إحدى وتسعين سنة.
انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" ج8 ص454 و "صفة الصفوة" ج2 ص231

([186]) جزء من الآية 14 من سورة السجدة

([187]) الجاثية الآية 34

([188]) انظر : "متشابه القرآن العظيم" ص 49

([189]) انظر : "طرق تدريس القرآن الكريم" ص 135

([190]) انظر : "علم النفس التربوي" ص 500 د. أحمد زكي صالح .

([191]) ترتيب حفظ المتون عند الشناقطة يختلف من منطقة إلى أخرى ، مع إجماعهم على تقديم حفظ كتاب الله تعالى أولا ..
ففي بعض المناطق يحفظون – بعد القرآن العظيم – المعلقات ، وألفية ابن مالك ، وذلك لتقويم لسان الطفل على اللغة الفصحى ؛ فهي أهم أداة لفهم كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ ثم يحفظون بعد ذلك الفقه ، والسيرة ، وعلم المنطق ، وعلم الأصول ، وهكذا.
أما في بعض المناطق الأخرى ؛ فيبدؤون – بعد كتاب الله – بحفظ متون الفقه المالكي كالأخضري ، وابن عاشر ، ثم رسالة ابن أبي زيد القيرواني ، ومختصر خليل ، ثم أصول الفقه ، ثم اللغة ...

([192]) انظر : "طرق تدريس القرآن الكريم" ص 137

([193]) ولا يصلى الظهر في غالب مناطق شنقيط إلا في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال ، ولعل السبب في ذلك عدم توفر تقويم معتمد من هيئة شرعية ، فكان اعتماد الناس على مراقبة الظل ، والاحتياط في زيادته حتى يتأكدوا من دخول الوقت بما لا يدع مجالا للشك . والله أعلم.

([194]) للقراءة أربع مراتب هي : التحقيق ، والترتيل ، والحدر ، والتدوير .وأفضلها الترتيل ، والمراتب الأخرى جائزة لكن بمراعاة أحكامها ، من غير إفراط ولا تفريط. انظر : "النشر في القراءات العشر" ج 1 ص 207

([195]) رواه "البخاري" في صحيحه ، باب الجمع بين السورتين في ركعة ، حديث رقم 742 ج 1 ص 269 و"مسلم" في صحيحه باب ترتيل القراءة واجتناب الهذ وهو الإفراط في السرعة ، حديث رقم 822 ج 1 ص 563

([196]) انظر : "النشر في القراءات العشر" ج 1 ص 207

([197]) لقد اختلف العلماء في إمامة المرأة للرجال إذا كانوا من أهل دارها ، فذهب أبو ثور والمزني والطبري إلى إجازتها ، وخالفهم جمهور العلماء ، فمنعوا إمامة المرأة للرجال مطلقا ؛ بل وحكى بعضهم الإجماع على ذلك ..
قلت : وظاهر حديث أم ورقة يدل على جوازها خلافا لقول جمهور العلماء ؛ لأن فيه أنه صلى الله عليه وسلم جعل لها مؤذنا ، وفي بعض الروايات التصريح بأنه شيخ كبير ، وكان لها غلام وجارية دبرتهما. والله أعلم. وانظر : "نيل الأوطار" ج3 ص201
وذهب بعض الحنابلة إلى جواز إمامتها للرجال في التراويح خاصة وتكون وراءهم .
انظر :"المغني"ج2 ص16
وأما إمامتها للنساء ، فقد اختلفوا فيها – أيضا - فذهب جمهور العلماء ، منهم عطاء ومجاهد والحسن وقتادة والأوزاعي والثوري وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود الظاهري وابن حزم وغيرهم إلى جوازها ، أطلق بعضهم ، وقيد البعض بالنفل دون الفرض ، وأنها تقف وسطهن ، وذهب مالك – رحمه الله تعالى – وبعض العلماء إلى أنها لا تؤم مطلقا لا في الفرض ولا في النفل ، ومن صلى بها أعاد عند المالكية أبدا ، وأدلتهم مرجوحة بأحاديث عن عائشة ، وابن عباس ، وأم سلمة – رضي الله عن الجميع – وهي صريحة في محل النزاع ، ولا يعلم لهم من الصحابة مخالف . وانظر : "المدونة الكبرى" ج1 ص84 و"المحلى" ج3 ص128 و"المغني" ج2 ص16و"عون المعبود" ج2 ص212 و "المجموع" ج4 ص172 و"كفاية الطالب" ج1 ص377

([198]) رواه "أبو داود" في سننه ، باب إمامة النساء ، حديث رقم 529 ج 1 ص 161 والحديث فيه عبد الرحمن بن خلاد ، قال ابن حجر : فيه جهالة . انظر : "تلخيص الحبير" ج2 ص27 و"صفة الصفوة" ج2 ص72 ، وقال الزيلعي : ( قال ابن القطان في كتابه : "الوليد بن جميع ، وعبد الرحمن بن خلاد لا يعرف حالهما" قلت – القائل هو الزيلعي - ذكرهما ابن حبان في الثقات ). انظر : "نصب الراية" ج2 ص31

([199]) هي هجيمة ، وقيل جهيمة بنت حيي الأوصابية الحميرية ، أم الدرداء الصغرى ، زوجة أبي الدرداء – رضي الله تعالى عنه – روت عن زوجها ، وعن كعب بن عاصم الأشعري - رضي الله تعالى عنهما - وأخذ عنها جماعة من العلماء منهم : ابراهيم بن أبي عبلة ، وعطية بن قيس ، ويونس بن هبيرة ، وطلحة بن عبيد الله بن كريز ، وغيرهم ، ماتت بعد سنة إحدى وثمانين وكانت من العابدات . انظر ترجمتها في : "الأنساب" ج1 ص229 و"صفة الصفوة" ج4 ص295 و "غاية النهاية في طبقات القراء" ج 1 ص 310

([200]) حفصة بنت سيرين أم الهذيل الفقيهة الأنصارية ، روت عن أم عطية ، وأم الرائح ، وروى عنها أخوها محمد ، وقتادة ، وأيوب ، وخالد الحذاء ، وابن عون ، وهشام بن حسان ..
روي عن إياس بن معاوية قال : ما أدركت أحدا أفضله عليها ، وقال : قرأت القرآن ، وهي بنت ثنتي عشرة سنة ، وعاشت سبعين سنة ؛ فذكروا له الحسن ، وابن سيرين ؛ فقال : أما أنا فما أفضل عليها أحدا.
وقال مهدي بن ميمون : مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة ، أو قضاء حاجة . قال الذهبي : توفيت بعد المائة .
انظر ترجمتها في : "سير أعلام النبلاء" ج4 ص507 و"صفة الصفوة" ج4 ص25

([201]) انظر : "صفة الصفوة" ج4 ص25

([202]) انظر : "غاية النهاية في طبقات القراء" لابن الجزري ج 1 ص 310

([203]) انظر : "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" ج 6 ص 150

([204]) انظر : "الوافي بالوفيات" ج 11 ص 138

([205]) انظر : "الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" ج 3 ص 2

([206]) انظر : "الوافي بالوفيات" ج 15 ص 43

([207]) وقد ألفت رسائل جامعية متخصصة في موضوع النساء اللواتي حفظن واللواتي روين الحديث ونحو ذلك ومن تلك الرسائل والبحوث : "تراجم المحدثات من التابعيات ومروياتهن في الكتب الستة" رسالة ماجستير للطالبة عالية بنت عبد الله بالطو و "الصحابيات الأنصاريات في مسند الإمام أحمد" للطالبة مريم ياسين فطاني وغيرهما كثير.

([208]) انظر : "إرشاد القارئ والسامع لكتاب الدرر اللوامع في مقرأ الإمام نافع" ص 40

([209]) راجع مثلا : "التلخيص في القراءات الثمان" ص 56 و "الإستبرق في رواية الإمام ورش عن نافع من طريق الأزرق" ص 43 و "الوافي في شرح الشاطبية" ص 84

([210]) هو : محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشمس أبو الخير ، ولد بعد صلاة التراويح من ليلة السبت 15 رمضان سنة 751 هـ بدمشق ، حفظ القرآن وأكمله سنة أربع وستين ، وصلى به في التي بعدها ، وحفظ التنبيه وغيره ، وأخذ القراءات إفرادا عن عبد الوهاب بن السلار ، وجمعا على أبي المعالي بن اللبان ، وحج في سنة ثمان ؛ فقرأها على أبي عبد الله محمد بن صلح خطيب طيبة وإمامها ، ودخل في التي تليها القاهرة ؛ فأخذها عن أبي عبد الله بن الصائغ تتلمذ عليه خلائق ، ألف النشر في القراءات العشر لم يصنف مثله ، وله أشياء أخر ، وتخاريج في الحديث ، وعمل جيد ، مات سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة
انظر ترجمته في : "ذيل طبقات الحفاظ" ج1 ص377 و "الضوء اللامع" ج9 ص255

([211]) انظر : "النشر في القراءات العشر" ج 1 ص 219

([212]) هو العلامة محي السنة وقامع البدعة سيدي باب بن سيدي محمد بن الشيخ سيدي ، ولد سنة 1277هـ ، وحفظ القرآن صغيرا ، ثم أخذ مختلف العلوم على كثير من مشايخ بلده منهم :الشيخ أحمد بن ازوين ، والشيخ أحمد بن سليمان الديماني ، والشيخ محمد بن السالم البوحسني والشيخ محمد بن حنبل البوحسني ، وغيرهم ، وأخذ عنه العلم طلاب كثيرون منهم : محمد المهابة بن سيدي محمد الجملي ومحمد بن أبو مدين وعبد الودود بن عبد الملك ، وغيرهم ، ورغم أن أباه وجده كانا متصوفين فإن ذلك لم يمنعه من محاربة التصوف ، فكان من أكثر العلماء اشتهارا بذلك ، ونظم فيه أشعارا كثيرة .
ألف كتبا مفيدة منها : إرشاد المقلدين عند اختلاف المجتهدين ، وغيره ، توفي – رحمه الله تعالى – سنة 1342 هـ.انظر ترجمته في "السلفية وأعلامها في موريتانيا" ص282

([213]) مع فتح الميم من "مجريها"
 
.

حمل لأول مرة:

كتاب/ "طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة"
لـ إبراهيم بن أب الحسني الشنقيطي.

كاملا على ملف (وورد - Word).

مشاهدة المرفق 9394

.
 
- إقتباس من أخي الحبيب المساهم من الألوكة -

بارك الله فيك يا أخي ونفع بما قدمت
ولكني هالني حجم الكتاب فخفضت حجمه إلى 3.5 MB ورفعته على archive
طريقة حفظ القرآن الكريم عند الشناقطة
http://www.archive.org/details/7FZ_SHNAKTH

جزاك الله خيراً فكل الروابط السابقة على مشاركتك تلفت
 
عودة
أعلى