بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، من نزل عليه الروح الأمين، بالكتاب المبين، ليكون حجة على العالمين، إلى يوم الدين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالسلام عليكم يا أهل القرآن وتحرير القراءات. من أراد الله بكم الخير والمسرات، أن شرح صدوركم لتلقي كتابه عن أهل الله وخاصته من أهل المكرمات، ممن تصدروا للإقراء فتواتر بهم القرآن والقراءات في كل عصر مضى، وكل زمن آت. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من جميع المخلوقات.
وإني أنا الفقير المتطفل على موائد أهل القرآن، أشارككم بعض ما توصلت إليه من بحث لطالما شغل ذهني بين الحين والآخر، وها أنا أجدني منساقا للبحث والتنقيب في جزئية مهمة أشكلت على بعض أهل العلم. ألا وهي هل اتصلت أسانيد القراءات العشر بالقراءة الكاملة للنشر عن ابن الجزري رضي الله عنه، أم لا؟.
ورأيت تجزئة البحث إلى عدة أقسام تشمل:
1- توطئة في تواتر القراءات العشر.
2- رأي ابن الجزري في الإجازة وأنواع التحمل للقراءات.
3- أنواع الآخذين عن الإمام
4- رفع الإشكالات عن الإجازات التي أعطاها ابن الجزري لتلامذته
5- تواتر النشر في حياة ابن الجزري وإذعان أهل عصره للنشر وإقبالهم عليه وزهدهم فيما سواه
6- ضرب الأمثلة لبعض الأسانيد المتصلة بالنشر قراءة للعشر الكبرى
7- خاتمة
==================
1- توطئة في تواتر القراءات.
بالنسبة للقراءات العشر عموما لا أظن خلافا يقع بين أهل الإسلام في إثبات تواترها، وأنه لم يزل المسلمون يقرؤون بها منذ صدر الإسلام إلى يومنا بل وإلى ما شاء الله.
وبنظرة سريعة للقراءات العشر قبل زمن ابن الجزري نجده قد أثبت بما لا يدع مجالا للشك تواترها من زمن قارئيها إلى زمنه رضي الله عنه كما أوضح في كتابه منجد المقرئين بسرد أسماء عشرات العلماء ممن قرأ بها في كل عصر وإلى عصره.
أما فيما بعد ذلك فهي أيضا متواترة، تجد ذلك بالتأمل في الضوء اللامع، وأسهل منه النظر في كتاب الحلقات المضيئات عند النظر في طبقة ابن الجزري ومن قبل ومن بعده لمعرفة أسماء من وصلت أسانيدهم في الإجازات القديمة والمتداولة.
على سبيل المثال: نجد في طبقة ابن الجزري أسماء 25 قارئا (من ص 377 – 398) معظمهم قرأ بالعشر على مشايخ ابن الجزري ومن في طبقتهم.
وفي الطبقة التي سبقت الإمام 42 قارئا معظمهم قرأ بالعشر
وفي طبقة تلامذته 19 يضاف عليهم 13 من طبقة من يليهم وفيهم من أدرك طبقة ابن الجزري
وللمعلومية فهؤلاء ممن هم على شرط المؤلف باتصال أسانيدهم في الإجازات أو عرفوا بالتأليف في هذا العلم. وإلا فهم أضعاف ذلك بكثير كما هو جلي في تراجم الضوء اللامع. وكما سيمر معنا في سرد أسماء المكملين للقراءة على ابن الجزري وحده بما يقرب من الأربعين وهؤلاء غير الفئة الأخرى من المجازين لكن اتصلت أسانيدهم وعددهم قريب من الـ15 أي لدينا 55 قارئا تحمل القراءة عن الإمام معظمهم بالعشر الكبرى.
==========================================
2- رأي ابن الجزري في الإجازة وأنواع التحمل للقراءات.
قبل الخوض في إثبات تواتر القراءات العشر الكبرى عن ابن الجزري، والتنقيب في أسانيد المتلقين عنه، يجدر بنا أن نبحث عن رأي ابن الجزري في الكيفية المثلى لنقل القراءات جيلا بعد جيل
قال الإمام ابن الجزري:
" لا يجوز له أن يقرئ إلا بما قرأ أو سمع فإن قرأ الحروف المختلف فيها أو سمعها فلا خلاف في جواز إقرائه القرآن العظيم بها بالشرط المتقدم، (أي أن يكون ذاكرا كيفية تلاوته به حال تلقيه من شيخه مستصحبا ذلك، فإن شك في شيء فلا يستنكف أن يسأل رفيقه أو غيره ممن قرأ بذلك الكتاب حتى يتحقق بطريق القطع أو غلبة الظن فإن لم وإلا فلينبه على ذلك في الإجازة، وأما من نسي أو ترك فلا يعدل إليه إلا لضرورة كونه انفرد بسند عال أو طريق لا توجد عند غيره)
وهل يجوز له أن يقول قرأت بها القرآن كله؟
لا يخلو إما أن يكون قرأ القرآن كله بتلك الرواية على شيخه أصولا وفرشا ولم يفته إلا تلك الأحرف فيلفظ بها بعد ذلك أو قبله أو لا، فإن كان فيجوز له ذلك وإلا فلا.
ورأى الإمام ابن مجاهد وغيره جواز قول من يقول:قرأت برواية كذا القرآن من غير تأكيد إذا كان قرأ بعض القرآن.
وهو قول لا يعول عليه وكنت ملت إليه ثم ظهر لي أنه تدليس فاحش يلزم منه مفاسد كثير. فرجعت عنه
وهل يجوز له أن يقرئ بما أجيز له به علي أنواع الإجازة ؟.
جوز ذلك الجعبري مطلقا ومنعه الحافظ الحجة أبو العلاء الهمذاني وجعله من الكبائر.
وعندي أنه لا يخلو إما أن يكون تلا بذلك أو سمعه فأراد أن يعلي السند أو يكثر الطرق فجعلها متابعة أو لا فإن كان فجائز حسن، فعل ذلك العلامة أبو حيان في كتاب التجريد وغيره عن أبي الحسن بن البخاري وغيره متابعة وكذا فعل الشيخ الإمام تقي الدين محمد بن أحمد الصائغ بالمستنير عن الشيخ كمال الدين الضرير عن السلفي. وممن أقرأ بالإجازة من غير متابعة الإمام أبو معشر الطبري والإمام الجعبري وغيرهما وعندي في ذلك نظر لكن لا بد من اشتراط الأهلية "
اهـ كلام الإمام من منجد المقرئين ص 54 ط تحقيق العمران
ونقل هذا الكلام برمته الشيخ النويري في مقدمة شرحه للطيبة في الفصل السابع فيما يقرئ دون عزو للإمام، مع تعديل طفيف لا يذكر ص 33
وفعل مثله القسطلاني في ج1 ص 181 وزاد بعض الزيادات فقال :
" الثالث : الإجازة المجردة : واختلف فيها ، والذي استقر عليه عمل أهل الحديث قاطبة العمل بها حتي صار إجماعا وأحيا الله بها كثيرا من دواوين الحديث وغيرها وقد قال الإمام أحمد : لو بطلت لضاع العلم .وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءات ؟ الظاهر : نعم ؛ ولكن قد منعه الحافظ أبو العلاء الهداني ، وبالغ في ذلك ؛حيث قال : إنه كبيرة من الكبائر ، وكأنه حيث لم يكن الشيخ أهلا ؛ لأن في القراءات أمورا لا تحكمها إلا المشافهة ، وإلا في المانع منه علي سبيل المتابعة ، إذا كان قد أحكم القرآن وصححه ، كما فعل أبو العلاء نفسه حتي يذكر سنده بالتلاوة ، ثم يردفه بالإجازة ، إما للعلو ، أو لمتابعة والاستشهاد ، بل شوق العروس لأبي معشر الطبري شيخ مكة ـ مشحون بقوله : كتب إليّ أبو العلاء الأهوازي وقد أقر بمضمنه ورواه الخلق عنه من غير نكير .وأبلغ منه رواية الكمال الضرير ـ شيخ القراء بالديار المصرية ـ القراءات من المستنير ، لابن سوار ، عن الحافظ السلفي بالإجازة العامة ، كما ذكرته قريبا ، وتلقاه الناس خلفا عن سلف . ولما قدم العلامة المقرئ الماهرالبارع المتقن الدقق أبو العباس أحمد بن شعبان بن الغزي للقاهرة سنة ست وستين وثمانمائة ، قرأ علي مشايخ العصر إذ ذاك بعض القراءات للسبعة . واستجازهم فأجابوه لذلك ، وكتبوا خطهم به العادة لما تحققوا من أهليته ، وتحقيقه وإتقانه وضبطه ))ا.هـ 182/183
ولي مع من يستدل بهذا النص على جواز الإجازة دون قراءة كاملة عدة وقفات:
1- واضح من كلام الإمام ابن الجزري أنه لا يرى الجواز إلا أن كان المتلقي قد تلا بتلك الرواية أو سمعها من قبل ثم أراد أن يعلي سنده أو يكثر طرقه فيجعلها متابعة.
2- الذي في ترجمة الكمال الضرير في غاية النهاية أنه " روى كتاب المستنير بالاجازة العامة عن السلفي عن المؤلف" اهـ وليس بالقراءة بخلافها في موضع آخر وظاهر كلامه في المنجد أنها كانت متابعة، فتلحرر.
3- كلام القسطلاني في أحمد بن شعبان الغزي يؤكد معنى الإجازة اللاحقة بالقراءة المختصرة على الإجازة الأولى بالقراءة الكاملة لأنه قرأ " في بيت المقدس للسبع على الشمس بن عمران وفي غزة على الزين محمد أبي شامة القادري" اهـ من الضوء. فإجازة علماء القاهرة – إن صحت عنهم – إنما كانت متابعة. وأطلق في الضوء قراءته على علماء القاهرة دون تصريح بأنها كانت بالبعض، ولم أر من تابع القسطلاني على هذه المعلومة. وقد رأينا تحفظ ابن الجزري كما سبق كلامه.
4- جدير بنا هنا التفريق بين الإجازة بالكتاب وبين الإجازة بالقراءة بمضمون الكتاب، وهو ما نحن بصدده.
=================================
3- أنواع الآخذين عن الإمام
يمكن تقسيم الآخذين عن الإمام إلى عدة أقسام
الأول : من اشتهرت أسماؤهم في إجازات المتأخرين وهؤلاء هم:
1 – رضوان العقبي
2- طاهر بن محمد النويري
3- أحمد بن أبي بكر القليقلي
4- أحمد بن أسد الأميوطي
الثاني: من ثبتت أسماؤهم في الأسانيد عن ابن الجزري وبقاء سندهم مدة مديدة بعدهم
ويمكننا اليوم بسهولة جدا وصل أسانيدنا إليهم بمعرفة الآخذ ثم الذي يليه وهكذا حتى نصل إلى عصرنا حتى وإن طال السند وتشعب.
وهؤلاء ممكن معرفتهم بنظرة سريعة على ما قام به مشكورا صاحب الحلقات المضيئات..
وها أنا أسردهم لك وقد وضعت رقم الصفحة من الجزء الأول والتي فيها الترجمة، وأشرت أمام الاسم إلى شيوخه أو رقم يدل على شيخه إن كان مذكورا في القائمة نفسها أو التي فوقها.
الطبقة الأولى عن الإمام ابن الجزري
1 – رضوان العقبي ص 363 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
2- طاهر بن محمد النويري ص 364 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
3- أحمد بن أبي بكر القليقلي ص 364 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
4- أحمد بن أسد الأميوطي ص 365 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
5- محمد بن محمد النويري ص 366 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
6- محمد بن محمد الطبري ص 367 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
7- عبد الدائم بن علي الحديدي الأزهري ص 368 (ابن الجزري و 3 آخرين (له شرح على الطيبة لم يكمل)
8- قاسم بن محمد المنشاوي ص 368 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
9- عبد الغني بن يوسف الهيثمي ص 371 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
10 – محمد ابن الحمصاني ص 372 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
11- أحمد بن محمد الكيلاني ص 374 فقط عن ابن الجزري
12- إبراهيم بن أحمد الطباطبي (أخذ عن 1، وغيرهم من طبقة ابن الجزري ص 375)
13- جعفر بن إبراهيم السنهوري ( أخذ عن 1، 2، 3، 4، 5، 7، 8، 11 وغيرهم من طبقة ابن الجزري ص 349 ثم من طبقة تلامذة تلامذته مثل 15)
14 – محمد بن موسى بن عمران ص 353 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
الطبقة الثانية الآخذين عن تلامذة ابن الجزري، ووراء كل واحد منهم رقم يشير إلى شيخه الذي هو سنده للإمام.
15 - علي بن حسن الغرباوي ( أخذ عن 2، 7 وغيرهما ص 369)
16 - علي بن عبد الله السنهوري (أخذ عن 1، 3، 15 وغيرهم من غير تلامذة ابن الجزري ص 372 )
17 - زكريا الأنصاري ( أخذ عن 1، 2، 3،13 وغيرهم ص 351 )
18 - محمد بن عبد الرحمن السخاوي (أخذ عن 1، 3، 4 ، 9، 13 وغيرهم ص 354 )
19 - عثمان بن محمد الديمي (أخذ عن 1، 3، ص 359 )
20 - عمر بن قاسم النشار (أخذ عن 4، 10 ، 12 ، 14 ، 25 ص 355 وغيرهم )
21 - أحمد بن محمد القسطلاني (أخذ عن 4، 7، 9، 10، 20 ص 358 )
22 - يحيى بن مكرم الطبري (أخذ عن 6، 18 ص 341)
23 - إبراهيم بن أحمد المقدسي (أخذ عن 9، ص 356)
24 - محمد بن قاسم الغرابيلي (أخذ عن 10 ، 17، 13 ص 346)
25 - علي بن عبدالله الديروطي (أخذ عن 11، وطبقة ابن الجزري كذلك ص 353)
26 - عبد الحق السنباطي (أخذ عن 3،4، 16، وغيرهم )
والطبقة التي تلي هذه فيها العشرات وهكذا.
ملاحظ:
عند التأمل تجد أن معظم تلامذة ابن الجزري الذين شاعت أسانيدهم عن ابن الجزري لهم شيوخ كثر من طبقته، فمعظمهم متمكن من علم القراءات قبل رؤيتهم له ولقائهم به وتشرفهم بالقراءة عليه ومن ثم إجازته لهم. مع تصدرهم للإقراء في أماكن تمركز العلم بخلاف ما وراء النهر حيث ضعفت الهمم وتلاشت أسانيد العشر من عندهم.
لكن لا يعنى انحصار الأسانيد فيهم عدم وجود غيرهم.
ونعيد ونكرر أن هذه الأسماء لا تعني أن هؤلاء هم فقط من قرؤوا على الإمام، بل هؤلاء من تصدروا للإقراء واتصلت بهم الأسانيد في عصورنا هذه على حد علمنا.
فمثلا لو أردت أن تعرف أسماء الآخذين عن الأميوطي فهم 4 ذكرهم صاحب الحلقات وقد سبقت أرقامهم أعلاه والإشارة لأخذهم عنه وهم:
عبد الحق السنباطي، والنشار والقسطلاني والسخاوي. واستدركت عليه شيخ الإسلام زكريا
[ تحقيق مقرب التحرير ص 82 نقلا إجازات أخرى (رسالة دكتوراة للشيخ عبدالغفار الدروبي الحفيد)]
وأيضا نجد أن الحافظ السخاوي في ترجمة محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن علي بن أحمد النجم بن الشرف بن النجم بن السراج القرشي الطنبدي القاهري الشافعي ويعرف كسلفه بابن عرب. قال:
ولد في رجب سنة 831 هـ بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وجوده على النور البلبيسي إمام الأزهر بل تلاه على الشهاب ابن أسد مع قراءة حروف القراآت العشر أصولاً وفرشاً بما تضمنه النشر لابن الجزري وبما وافق ذلك من كتب الفن مع أخذ الشاطبية قراءة وسماعاً
وهذه قراءة كاملة للمتواتر وممكن إظهار وتتبع الإجازات القديمة لمعرفة تلامذته أو تلامذة تلامذته ممن تتصل بهم أسانيدنا.
وفي تحقيق مقرب التحرير إثبات قراءة البلبيسي على ابن الجزري أيضا.
ويضاف على تلك الطبقة الأولى التي قرأت على ابن الجزري المذكورة في الأسانيد والتي سبق وذكرنا أسماء 25 اسم قارئ منهم عشرات غيرهم ختموا بالعشر على ابن الجزري. ولا شك أنه كان له دور كبير جدا في انتشار نشر العشر على الشكل الذي صار إليه بما وضع له من القبول في الأرض.
وأمامكم الآن ما لا يقل عن أسماء 35 قارئا ختموا القرآن كاملا على الإمام ابن الجزري بالقراءات العشر ولنبدأ بالقائمة التي دونها أحد تلامذته في غاية النهاية ج 2 ص 248 وما بعدها:
1-عبد القادر بن طلة الرومي
2- والحافظ بايزيد الكشي
3- الحافظ المقرئ محمود شيخ القراءات (أو ابن شيخ القراءت) بمدينة كش
4- الإمام العالم جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن افتخار الهروي
5- المقرئ الفاضل شمس الدين محمد بن الدباغ البغدادي
6- السيد محمد بن حيدر المنبجي الحسيني كما في ترجمة شيخه فضل الله الكازروني
7- إمام الدين عبد الرحيم بن الأصبهاني
8- نجم الدين الخلال
9- أبو بكر الجنحي،
10- المقرئ الفاضل المبرز أبو الحسن طاهر بن عزيز (صوابه عرب أو عربشاه) الأصبهاني
11- شيخ الحرمة الطواشي
12- ابنه أبو بكر أحمد بن محمد بن الجزري (غاية 1/129)
13- الشيخ عوض بن ...
14- الشيخ سليمان بن ....
15- الشيخ أحمد بن الشيخ رجب
16 - الولد الفاضل علي باشا
17- الإمام صفر شاه
18- الولد الصالح محمد ابن الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين إلياس بن عبد الله
19- الولد الصالح محمود ابن الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين إلياس بن عبد الله
20- الشيخ أبو سعيد بن بشلمش بن منتشا شيخ مدينة العلايا،
21- الشيخ محمود بن الحسين بن سليمان الشيرازي
22- الشيخ أبو بكر بن مصبح الحموي
23- الشيخ نجيب الدين عبد الله بن قطب بن الحسن البيهقي
24- الشيخ أحمد بن محمود ابن أحمد الحجازي الضرير
25- المحب محمد بن أحمد بن الهايم
26- الشيخ الخطيب مؤمن بن علي بن محمد الرومي
27- الشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف الحبشي
28- الشيخ علي بن إبراهيم بن أحمد الصالحي
29- الشيخ علي بن حسين بن علي اليزدي
30- الشيخ موسى بن الكردي
31- الشيخ علي بن محمد بن علي بن نفيس
32- أحمد بن علي بن إبراهيم الرماني،
وغيرهم كثير.
لكن من رقم 12 إلى 32 فيهم من قرأ الكبرى كابنه أحمد ومنهم من قرأ الصغرى كمؤمن بن علي الرومي ختم سنة 783 (وترجمته في الغاية ج 2 ص 234)
وهؤلاء قد امتازوا بالقراءة الكاملة في مقابل من لم يكمل وعدتهم 15 اسم تقريبا، حسب علم كاتبها، وإكمال بعضهم للقراءة بعد تدوين القائمة ليس بمستبعد خاصة مع وجود أسماء لم ترد فيها وثبت ختمهم على الإمام وأمثلة على ذلك في الغاية نفسها كأبي الخير ابن الإمام الجزري ، وهو قد ختم بالقراءات العشر ثلاث ختمات على أبيه (ج 2 ص 252) وترجم له السخاوي كذلك في الضوء وأشار إلى أخذه للقراءات.
ومثال لمن تابع القراءة بعد ما دون في القائمة صدقة بن سلامة الضرير، ذكر في ترجمة ابن الجزري (غاية النهاية ج 2 ص 248 ) أنه قرأ بالعشر إلى آخر التوبة، لكن في ترجمته ( غاية النهاية 1/336) أنه زاد في القراءة بعد ذلك التاريخ
زد على ذلك أمثلة لأسماء القراء الذين ذكرهم السخاوي في الضوء اللامع ونص فيها على قراءتهم على الإمام أو ختمهم بالقراءات العشر ولم يردوا في الترجمة السابقة:
1- علي بن محمد النور الشرعبي التعزي اليماني المقري.
2- عمر بن يعقوب بن أحمد أبو حفص الطيبي ثم الدمشقي الضرير
3- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صالح الكناني المصري الأصل المدني الشافعي ويعرف كسلفه بابن صلح
4- محمد بن محمد بن أحمد الشمس البقاعي الدمشقي.
5- بشير الحبشي
وإليكم النقول التي تؤيد قراءتهم على الإمام من كلام الحافظ السخاوي:
1- علي بن محمد النور الشرعبي التعزي اليماني المقري.
كان آخر من بقي باليمن من شيوخ القراء أهل الضبط والإتقان وممن جمع حسن الأداء والتحقيق بحيث أنه كان إذا قرأ لا يتمكن من قراءة الفاتحة من المأمومين إلا من لا ذوق له وتفرد بذلك في اليمن مدة. وهو ممن لقي ابن الجزري بالديار المصرية وقرأ ببعض الروايات ثم أكمل عليه العشر باليمن ...
مات سنة 571 هـ
قلت وأثبت في الضوء قراءة أبو بكر بن إبراهيم بن علي اليعلائي الحرازي اليماني عليه.
وقال عنه: حفظ القرآن والشاطبيتين وغيرها وتدرب بأبيه في ذلك ثم ارتحل بعد موته لتعز فتلاً للسبع بل وللعشر على الموفق أبي الحسن علي بن محمد بن عمر الشرعبي الشافعي الماضي ... وهو الآن سنة 897 حتى جاز الكهولة متصد للقراآت انتفع به فيها وممن قرأ عليه الفقيه علي بن محمد بن أحمد السرحي ...
وله ترجمة في الضوء.
======================================
2- عمر بن يعقوب بن أحمد أبو حفص الطيبي ثم الدمشقي المقرئ الضرير أخذ القراءات عن الزين عمر بن اللبان الماضي بأخذه لها عن أبيه وغيره وكان أخذ عن ابن الجزري وكان فقيهاً بالشامية البرانية وأحد القراء بدمشق ... وتلا عليه غير واحد ويقال أنه حج ماشياً في قبقاب وأنه إذا سمع القرآن لا يتمالك نفسه من البكاء.
======================================
3- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صالح ..الكناني المصري المدني الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن صلح.
ولد 799 بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن وقال إنه تلاه للعشر من طريق النشر على ابن الجزري مصنفه
وكان ذكياً مسدداً في قضائه كريماً من دهاة العالم ذا سمت حسن وملقي جميل مع فضيلة في الفقه ومشاركة في غيره وسهولة للنظم بحيث كان قد ابتدأ نظم القراآت العشر من طرق ابن الجزري في روي الشاطبية ونحوها مع التصريح بأسماء القراء نظماً منسجماً واختصاراً حسناً لو كان سالماً من اللحن
مات سنة 860
=================================
4- محمد بن محمد بن أحمد الشمس البقاعي الدمشقي.
أخذ القراآت عن ابن الجزري وعنه محمد بن علي بن اسمعيل القدسي بالقاهرة سنة 857 هـ.
5- بشير الحبشي ثم القاهري مولى الخواجا يعقوب كرت والد أبي بكر سبط الحلاوي
حفظ القرآن والتنبيه واشتغل بالقراآت فجمع للسبع بمكة في سنة 841 على الشيخ محمد الكيلاني وللأربعة عشر بها أيضاً في سنة ثمان وأربعين علي الزين بن عياش رفيقاً للشمس بن الحمصاني بل وأخذ قبل ذلك أيضاً عن ابن الجزري حين قدومه القاهرة ...
والخلاصة:
حصر الآخذين للعشر الكبرى عن ابن الجزري بالقراءة الكاملة، أمر ليس بالهين. وكذا الآخذين عنهم وكل يوم نزداد يقينا بتواتر العشر الكبرى عن الإمام، وأن ما بين أيدينا ليس إلا ثمرة الاختصار وطلب العلو كما سيأتي.
============================================
4- رفع الإشكالات عن بعض الإجازات التي أجيز بها تلامذة الإمام ابن الجزري
وهذه من أهم نقاط هذا البحث فبعد سرد أسماء هؤلاء الأعلام الذين تشرفوا بالقراءة والإجازة من الإمام ابن الجزري يتوجب علينا زيادة الإيضاح في إثبات اتصال القراءة بالعشر الكبرى من طريق النشر قراءة وإقراء على مر العصور من عهد الإمام إلى هذه الأيام.
وهذا البحث ما هو إلا نواة لمزيد بحث وتنقيب. ومع صغر حجمه وتواضع المجهود المبذول فيه لكن بحمد الله تطمئن النفس فيه إلى إثبات اتصال القراءت العشر الكبرى بالإمام دون أدنى شك.
وعودا على الإشكال الرئيسي في انتهاء هذه الأسانيد لهؤلاء الأعلام مع ثبوت عدم إكمال بعضهم القرآن كاملا على الإمام،
وفي نظري أن سبب ذلك عائد إلى عدة أمور يمكن عزوها إلى ما يلي:
1- بغية الاختصار، وهذا يتم مع تقادم الزمان وإلا لطالت وتشعبت الإجازات دون الحاجة الماسة لذلك طالما الأصول محفوظة، والاكتفاء بالبعض عن الكل، لأن المنسوب لهم القراءة أعلام مؤتمنون على ما يقدمون. فكيف لشخص مثل شيخ الإسلام زكريا أن يقرئ ويجيز بغير ما قرأ.
2- طلب العلو، فذكر شخص واحد أو اثنين مجازين بين القارئ والإمام وكونهم من الأعلام له وقع أزكى في النفس من ذكر 4 أو 5 مثلا وفيهم أناس أقل شهرة بين عامة أهل العلم. والأمثلة القادمة ستثبت وجود ذلك.
3- التشرف بالانتساب والإجازة المباشرة من شيخ القراء الإمام ابن الجزري فمن يترك ذكر إجازة الإمام له ليدخل بينه وبين الإمام شخص أو شخصين.
4- مع تصريح الإمام أنه لا يجيز إلا من كان متأهلا وقرأ على غيره بتلك الأحرف. والوقائع أثبتت أنه قد أجاز من قرأ العشر كاملة على غيره بل ومن طريقه كبعض تلامذته، كما سيأتي.
5- تصدر هؤلاء الأئمة للإقراء قبل وبعد إجازتهم من الإمام فتوجهت لهم الأنظار وقصدهم الطلبة. واستغنوا بذكرهم والانتساب إليهم عن غيرهم خاصة مع طول أعمار بعضهم.
6- تقاصر الهمم في تدوين أخبار القراء ودقائق مسائل الأسانيد فمعظم القراء لا علم لهم بالتواريخ والتراجم وعلم الإسناد.
7- الخلط بين أسانيد السبع والعشر الكبرى عند المتأخرين
===============================================
ويحسن المقام بنا أن بحث بعض هذه النقاط بشيء من التفصيل
بغية الاختصار وطلب العلو:
فأنت رأيت كيف أن شيخ الإسلام حين أراد تفصيل إجازته ذكرعدة أسماء لبعض من قرأ عليهم ولم يذكر الأميوطي ولا البلبيسي في إحدى إجازاته ( أقصد المصورة عن المكتبة الأزهرية وهي بخط ابن يوسف) مع وجودهم في إجازات أخرى، فهذا نوع اختصار، ثم كذلك من بعده لو أراد تكرار ذلك في كل طبقة لملأت الإجازة عشرات الأوراق. فكل من جاء بعد شيخ الإسلام اختصر شيئا من إجازة من فوقه وتوسع في ذكر أسماء طبقة شيوخه أو طبقة شيوخ شيوخه وهكذا في كل طبقة، حتى اكتفى المتأخرون بذكر رضوان العقبي مع أن الشيخ لم يقرأ عليه إلا السبع كما نص هو في إجازته. وإلا فعمدته في القراءة للعشر الكبرى هو طاهر النويري.
تنبيه:
يتمسلك البعض بقراءة رضوان العقبي الفاتحة وأول البقرة وإجازة ابن الجزري له بالباقي، وادعائه أنه لم يقرأ عليه غير ذلك، أقول ليس هناك ما ينفي أنه ختم على ابن الجزري بل أكاد أجزم بعكس ذلك فملازمته للإمام لا تخفى. أما قراءة ما سبق فقد كانت كما في ترجمته في الضوء في جوف الكعبة، أي تبركا وفرصة ما كانت لأحد غيره. أما خارج الكعبة فلا يعقل أنه لم يقرأ عليه ما هو أكثر من ذلك إن لم يكن الختم كاملا، كيف لا وهو مصاحب للإمام وقد تلقى عنه الطيبة تجاه الكعبة وخطه عليها يتابع ويدون أخبار شيخه (عندنا صورة مخطوطة الطيبة)
لكنه يبدو أنه كان يشعر باعتزاز أن الله أكرمه بتلك القراءة في جوف الكعبة حيث لم يحظ بها غيره، ولم يزل يرددها حتى ظن البعض أنه لم يقرأ غيرها.
والذي يميل بي إلى هذا الظن هو اعتمادي على منهج ابن الجزري في الإجازة كما سبق. فإما أن يكون العقبي ختم على ابن الجزري أو على بعض من قرأ عليه قبل الإجازة.
نعم لا ينبغي ذكره في إسناد شيخ الإسلام كونه لم يقرأ عليه إلا السبع، لكن من تلامذته عثمان الديمي شيخ الطبلاوي وجعفر السنهوري وغيرهم
وإن عدنا للطبقة الأولى التي قرأت على الإمام ابن الجزري وأجازهم ووصلت إلينا أسانيدهم لوجدنا منهم من ختم فعلا على ابن الجزري
ومن أمثلة من ختم على الإمام نصا:
1- أحمد بن أسد الأميوطي
قد ختم على الإمام ختمة بالعشر كاملة لا ريب فيها ولا شك، وهو عمدة كثير ممن جاء بعده من العلماء وإليه إضافة لغيره تنتهي معظم أسانيدنا اليوم كما سترى.،
قال السخاوي بعد أن فصل قراءته على جملة من المشايخ ممن هم في طبقة ابن الجزري وقراءته للعشر وما زاد عليها ما نصه:
وسافر معه (أي ابن الجزري) في سنة 827 إلى مكة وكان يقرأ عليه في المناهل وغيرها حتى أكمل عليه يوم الصعود بالمسجد الحرام وأذن له
اهـ في الضوء ج 1/227
أما من أطلق عليهم القراءة والأخذ عن الإمام دون تحديد مقدار معين
والظاهر أن من أطلق عليه الأخذ والتلقي للقراءات فالأصل فيه إتمام القراءة، وقد رأينا هذا واضحا عند السخاوي وحرصه الشديد على الإشارة لما قد يخالف القاعدة من عدم إكمال القراءة.
2- الطباطبي
قال السخاوي:
(إبراهيم) بن أحمد بن عبد الكافي بن علي أو عبد الله السيد برهان الدين أبو الخير الحسني الطباطبي الشافعي المقرئ نزيل الحرمين أخذ القراآت عن الشيخ محمد الكيلاني بالمدينة والشهاب الشوابطي بمكة ومن قبلهما عن الزين بن عياش بل في سنة ثمان وعشرين عن ابن سلامة وابن الجزري،
ثم ذكر جملة وافرة من شيوخه إلى أن قال: وبعضهم في الأخذ عنه أزيد من بعض، واقصى ما تلا به للعشر
اهـ الضوء اللامع ج1 / ص 14
3- أحمد بن محمد الكيلاني
أحمد بن محمد بن حاجي بن دانيال الشهاب أبو العباس الكيلاني الشافعي المقرئ ويعرف بالحافظ الأعرج، برع في فنون وأتقن القراءات مع ابن الجزري وغيره وأقرأها غير واحد، وممن قرأ عليه جعفر السنهوري، وأثبت شيخنا اسمه في القراء بمصر في وسط هذا القرن، ومات في الطاعون بعد الأربعين.
اهـ الضوء اللامع ج 1/ ص 108
4-- قاسم المنشاوي
قاسم بن محمد بن محمد بن أحمد الزين المنشاوي الأخميمي ثم القاهري الشافعي المقرئ ويعرف في بلاده بابن أبي طاقية.
حفظ القرآن والمنهاج وألفية ابن مالك والشاطبية وغيرها واشتغل وتميز في القراءات وأخذها عن ابن الجزري والزين بن عياش أخذها عنه جماعة كالزين جعفر السنهوري وعمل مقدمة في التجويد سماها المرشدة؛ وكان خيراً مديماً للعبادة أثبت شيخنا اسمه في القراء بالديار المصرية وسط هذا القرن، ولم أعلم وقت وفاته رحمه الله.
اهـ الضوء اللامع ج 6/ 190
5- محمد بن الحمصاني (811 – 897 هـ)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر الشمس أبو الفتح بن الشرف بن ناصر الدين المنوفي السرسي الأصل القاهري الشافعي المقري ويعرف بابن الحمصاني
قال السخاوي
واعتنى بالقراءات ثم ذكر جملة من شيوخه في القراءات إلى أن قال
بل سمع على ابن الجزري ... ثم قال
وتميز في القراءات.
اهـ من الضوء اللامع.
قلت وله تلاميذ كثر
وممن قرأ عليه العشر :
محمد بن أحمد بن علي بن إدريس البدر أبو الفضل بن البدر العلائي الرومي الأصل القاهري الحنفي
قال السخاوي في ترجمته :وتلا للعشر فأزيد على الزين جعفر وابن الحمصاني
أقول: وممن قرأ عليه من أصحاب العشر الكبرى ممن ألف في العشر الكبرى وبقيت أسانيدهم فيما بعد:
عمر النشار صاحب البدور الزاهرة والتي تعد اختصارا للنشر
والشيخ القسطلاني صاحب اللطائف.
من أجازهم الإمام مع ثبوت عدم قراءتهم الكاملة على الإمام
وهذه الطبقة التي أجازها ابن الجزري وعليها مدار الأسانيد هي صميم مقالنا، وغاية بحثنا.
أقول وبالله التوفيق، بناء على حرص ابن الجزري على نشر القراءات الصحيحة بين أهل القرآن في أرجاء العالم الإسلامي، فإنه قد قام بعمل هائل لم يسبق إليه ولن يصل أحد في هذه الأمة بعده إلى ما وصله إليه. والعلم عند الله. ذلك أنه جمع ما تفرق بين دفتي النشر، فطابت بها الأرض وحلت كل قطر. والذي يتأمل حرص الإمام وتحريره الطرق والأسانيد وتمحيصها ينبغي عليه التوقف في نسبة التساهل إليه في الإجازة، فهو عنده أمر مرفوض لا مسوغ له إطلاقا، كما سبق نقله عنه من المنجد.
فالذي ظهر لي أن الإمام لا يجيز بالقراءات العشر الكبرى من طريق نشره إلا لمن ختم القراءات على أحد الآخذين عنه وأجازهم من قبل من تلامذته. ويعرف هذا من سيرته المرضية وطريقته العلية. وتأمل قول ابنته سلمى في ترجمة الشيخ طاهر بن عرب شاه، قالت رحمها الله:
أخذ القراءات عن شيخي ومخدومي والدي وقرأ عليه ختمات كاملات
الأولى جمع فيها القراءات العشر حسب ما تضمنه واشتمل عليه كتب الوالد النشر ومختصره التقريب ومنظمته الارجوزة المسماة بطيبة النشر وما وافق ذلك من الكتب المطولات قراءة صحيحة مجودة مرتلة مشتملة على جميع الأوجه والطرق الصحيحة التي اختارها الوالد وارتضاها
الختمة الثانية جمع فيها بين روايتي قتيبة ونصير بمضمن غاية أبي العلاء ومبهج سبط الخياط ومصباح الشهرزوري وكامل الهذلي وكفاية أبي العز القلانسي وغير ذلك
الختمة الثالثة رواية العمري عن أبي جعفر بمضمن الغاية والكامل والمصباح وغيرها
الختمة الرابعة بقراءة الإمام أبي عبد الله محمد بن محيصن المكي بمضن المبهج
الختمة الخامسة بقراءة الإمام أبي سليمان الأعمش بمضمن المبهج وما وافق ذلك من كتاب الجامع والروضة.
أما عن دوره في مساعدة الشيخ الإمام وملازمته، فتقول سلمى بنت الإمام ما نصه:
وكان ملازما للوالد سفرا وحضرا في الحج وغيره فافاد واستفاد واتقن ما قرأ به على الوالد وأجاد وانتفع به الناس وزال بتحقيقه وتدقيقه عن أهل هذا العلم الشريف كثير من الالتباس وكان من أخص الناس وأعزهم عند الوالد واعتنى به أشد عناية حتى صار معلمي ومنه تعلمت العروض وحفظت عليه الطيبة وكنت أعرض عليه القراءات أولاً ثم على الوالد وهو حاضر وكان الوالد حين يقرى الناس يحضره أولاً ثم يأخذ على الناس اعتماداً عليه وعلى حذقه ولا يكاد يأخذ على أحد وهو غائب وكان آية في استحضار القراءات عجيبة غاية في استنباط النكت الغريبة وقد شهد الوالد بأنه في هذا العلم المبارك لا يداني ولا يشارك، وقرأ على الوالد جميع كتاب النشر وتقريبه وغير ذلك من تصانيفه وعرض عليه من حفظه كتاب طيبة النشر من غير توقف ولا تلعثم.
اهـ من الغاية. ج 1 ص 339
والسؤال: هل له ذكر في أي إجازة من الإجازات؟
ج: الذي وصل إلينا أنه لم ينقل لنا اسمه البتة، في أي إجازة من الإجازات.
فماذا يعني الكلام أعلاه؟
ج: فضلا لا أمرا تأمل هذه العبارة واقرأها مرة ومرتين وثلاث مرات:
"وكان الوالد حين يقرى الناس يحضره أولاً ثم يأخذ على الناس اعتماداً عليه وعلى حذقه ولا يكاد يأخذ على أحد وهو غائب"
يعني أن معظم من أجازهم الإمام دون إكمال عليه، حتما ولابد أنهم أكملوا على الشيخ طاهر أو غيره من المتقنين الذين تلقوا هذه القراءات عن الإمام.
وقد يتساءل البعض، هل هذا ظن وتخرص أم لديكم الدليل على ذلك؟
أقول بل توجد عدة أدلة وبراهين على ذلك.
ولنبدأ بالشيخ أبي القاسم محمد النويري
فقوله أنه عام 828 تشرف بالقراءة بالعشر الكبرى على إمام الزمان وفاكهة الأوان محلق الأصاغر بالأكابر بمضن كتاب النشر والتقريب والطيبة، قرأ بذلك جزءا وأجازه بما بقي. (ص 11 من شرح الطيبة ط الهيئة العامة) ، مع ترديده لكلام شيخه ص 51 بأنه لا يجوز له أن يقرئ إلا بما قرأ أو سمع ...وأنه لا يفعل ذلك إلا إن تلا بذلك على غير ذلك الشيخ أو سمعه ثم أراد أن يعلي سنده بذلك الشيخ أو يكثر طرقه جاز وحسن لأنه جعلها متابعة (ص 51 إلى ص 52 من شرح النويري على الطيبة ط الهيئة العامة)
كل ذلك يدل دلالة قاطعة أن النويري قد ختم ختمة كاملة على أحد تلامذة ابن الجزري قبل قدومه مكة المكرمة فمن هو يا ترى؟
هناك احتمالات عديدة لكن لابد من التسليم بأن له شيخا قد قرأ على ابن الجزري، وإليك ما وجدت: له شيخ يدعى ابن يفتح الله (788 – 862 هـ)
واسمه علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن أبي بكر بن يفتح الله النور القرشي السكندري المالكي ويعرف بابن يفتح الله.
وذكر السخاوي له عدة شيوخ في القراءات السبع والعشر ثم قال:
لقي ابن الجزري فأخذ عنه القراءات وغيرها ... وذكر بقية شيوخه ثم قال:
وتصدى لنفع الطلبة فكان غالب قراء البلد من تلامذته
وممن أخذ عنه الإمام أبو القسم النويري والشمس المالقي.
فهذا رجل فرغ نفسه لنفع الطلبة وتعليم القرآن. فالله أعلم.
وما قيل في محمد النويري يقال في طاهر النويري
أما الشيخ جعفر بن إبراهيم السنهوري
وهذا الرجل أعجوبة في كثرة مشايخه ولشدة اعتنائه بالقراءة يكاد يأخذها عن كل من قرأ على ابن الجزري حتى من الله عليه باللقاء والقراءة على ابن الجزري والإجازة منه بعد قراءة بعض القرآن. لكن له شيخ قرأ عليه وتخرج به قبل قدومه على الإمام. ألا وهو الشيخ قاسم بن محمد المنشاوي ومن يراجع ترجمته يستشف ذلك وكذلك قرأ أحمد بن محمد الكيلاني وقد مر أنه أتقن القراءات على ابن الجزري. كما أنه قرأ على محمد النويري الشارح وسبق توضيح أمره وقراءته على ابن يفتح الله تلميذ ابن الجزري.
وبقية من قرأ عليهم من طلبة ابن الجزري:القلقيلي وعبد الدائم الأزهري.. وغيرهم
بل وطلبة طلبة ابن الجزري كعلي بن حسن الغرباوي وهو عن طاهر وعبد الدائم عن ابن الجزري.
ومع ذلك فقد كان عال الإسناد بأخذه عن القباقبي وإجازته له.
وأخذ الأربعة عشر عن الشمس العفصي.
وللمعلومية فالسنهودي يعد شيخا في الإسناد والقراءات لشيخ الإسلام زكريا والسمديسي وغيرهما.
وهكذا يقال في كل تلامذة ابن الجزري ممن أجازهم، فلا ينبغي التسرع في إنكار القراءة الكاملة، أو الحكم على سند بالانقطاع فمعظم تلك الاسانيد نقلت على سبيل الاختصار وفي أصلها كانت على سبيل المتابعة، كذلك مع إحسان الظن بالعلماء في تحريهم الصواب، واليقين بأن فعلهم لا يخالف قولهم، وما ضربنا عليه الأمثلة والبراهين الواضحة أعلاه تؤكد صحة ما نسب إليهم. وإلا صارت تلك الأسانيد عبثا ننزه أنفسنا وعلماءنا عنه.
ولا ينبغي أن ننسى بحر العلم الملازم لابن الجزري من أتم على الإمام القراءة بدون أدنى شك، بل ونظم القراءات العشر الكبرى لابن الجزري وكان مختصا بتعليم المبتدئين قبل قراءتهم على الإمام، ألا وهو طاهر بن عربشاه وقد أفادت سلمى بنت الإمام عن مكانة هذا العلامة ولولاها لما سمعنا عنه ولا عرفناه إلا من خلال منظومته الطاهرية التي وصلتنا نسخه اليوم
والخلاصة:
حتى الآن هناك أربعة على الأقل من الذين تنتهي إليهم الأسانيد ترجح عرضهم القراءات كاملة على الإمام ابن الجزري. أحدهم تصريحا لا ريب فيه ألا وهو أحمد بن أسد الأميوطي وهو شيخ عبد الحق السنباطي الجد وعمر قاسم النشار والقسطلاني والسمديسي. ويشبهه أحمد الكيلاني والآخران قاسم المنشاوي والطباطبي.
ثم من البقية ثبت عندي أن اثنان على الأقل قرءا على من قرأ على ابن الجزري العشر ثم كانت إجازة ابن الجزري شهادة فوق شهادة. ولجلالة ابن الجزري كان يكتفى بإجازته عن الفرع الأول.
ومثاله جعفر بن إبراهيم السنهوري ومحمد النويري شارح الطيبة والدرة وهو قد قرأ شيئا قليلا من القراءات على ابن الجزري وأجازه. لكن هذا لم يأت من فراغ فهو قد قرأ قبل قدومه على الإمام على شيخ بلده علي بن محمد ابن يفتح الله القرشي المالكي الذي قرأ القراءات وأتقنها على ابن الجزري ثم تفرغ لتعليم أبناء بلده وتخرج به جمع منهم النويري
===============================
5- تواتر النشر في عصر ابن الجزري وإذعان أهل عصره للنشر وإقبالهم عليه وزهدهم فيما سواه
بل إن قصائد ابن الجزري حازت قبول مشايخه حتى حفظ بعضهم بعض قصائده كما فعلوا بالدرة (الضوء اللامع 9/255) بل إن القباقبي وهو من طبقة ابن الجزري نظم في القراءات العشر والأربعة الزائدة منظومة رائقة في 1509 بيت وشرحها في إيضاح الكنوز كما صرح في مقدمته، وفيها يقول: أما العشر فمن تقريب النشر للشيخ الإمام الأوحد والصدر الأمجد آخر مجتهدي القراء المحققين شمس الملة والدين محمد بن محمد بن محمد الجزري الدمشقي بلدا تغمده الله تعالى برحمته أطاب له في جنات النعيم مرقدا.
ص 62 من مقدمة إيضاح الرموز.
وهذا محمول على الإجازة من الشيخ بالقراءة أو بالنشر الإجازة العامة أو الخاصة، أو أنه لما نقلت بالتواتر في ذلك العصر وحينئذ لا يحتاج لإسناد كما لمن كان أهلا.
وقد استظهر السيوطي نحو ذلك من عدم اشتراط الإجازة فيما هو محفوظ متلقى متداول، مأمون أن يدخل فيه ما ليس منه. ذكر ذلك في أواخر النوع الرابع والثلاثين من الاتقان، وإن كنت لا أميل لهذا الرأي.
===========================================
6- ضرب الأمثلة لبعض الأسانيد المتصلة بالنشر قراءة بالعشر الكبرى
مثال لسند متصل بالقراءات العشر الكبرى قراءة جيلا بعد جيل:
إبراهيم العبيدي (صاحب التحارير المنتخبة للطيبة) عن الأجهوري عن أحمد البقري عن محمد البقري عن عبد الرحمن اليمني عن أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي عن أبيه عن جده عن الأميوطي عن ابن الجزري
(ح) أحمد بن أحمد بن عبد الحق عن شحاذة اليمني عن محمد بن سالم الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا
(وهو اختصر تقريب النشر)
وهو عن الأميوطي وهو عن ابن الجزري
أو هو عن طاهر النويري (قراءة للعشر الكبرى) وهو عن ابن يفتح الله وغيره عن ابن الجزري
أو هو عن السنهوري عن محمد النويري عن ابن يفتح الله عن ابن الجزري.
وللأجهوري أسانيد كثيرة أخرى في القرآن لكن لا ندري إن كانت في كل القراءات فتراجم بعضهم شحيحة
فهو عن مصطفى بن كمال الصديقي عن عبد الغني النابلسي عن محمد الغزي عن محمود الببلوني عن إبراهيم العمادي عن القسطلاني عن الأميوطي (ختم عليه العشر الكبرى يقينا) وهو عن ابن الجزري (وختم عليه العشر الكبرى)
هذا وللقسطلاني طريق آخر عن صالح اليمني لكنه اشتهر بإقراء السبع في اليمن.(كما في الكواكب)
أو العبيدي عن محمد السمنودي (شارح الطيبة) وله مشايخ كثر منهم علي الرميلي وهو عن محمد بن عمر البقري عن عبد الرحمن بن شحاذة عن علي بن غانم عن محمد بن سالم الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا
أو العبيدي عن علي البدري عن أحمد بن عمر الإسقاطي عن البنا الدمياطي (صاحب إتحاف فضلاء البشر وهو تلخيص للنشر) عن علي الشبرملسي عن محمد الشوبري عن منصور الطبلاوي عن محمد بن سالم الطبلاوي عن شيخ الإسلام
هذا وتوجد أسانيد بالعشر الكبرى من غير طريق العبيدي في بلاد الشام وتركيا تمر بأعلام القراءات ومشايخ القراء في تركيا تنتهي إلى المزاحي والمنصوري عن الشبرمليس وهو ومحمد البقري كلاهما عن عبد الرحمن بن شحاذة على التفصيل السابق لابن الجزري
==========================================
7- خاتمة
أ - فيما سبق دلالة الواضحة على أن القراءات العشر الكبرى منقولة إلينا بالتواتر
ب - قصور بعض الأسانيد إنما كان على سبيل الاختصار، وطلب العلو
ج – ما لم ينقل لنا من الأسانيد أكثر بكثير مما نقل
د - المعتمد عند علماء القراءات عدم الإجازة بغير قراءة كاملة إلا على سبيل المتابعة لمن سبق له التلقي الكامل.
هـ - لا خلاف بين أهل العلم بتواتر كتاب النشر ككتاب ألفه الإمام بمحتواه العام الذي بين أيدينا اليوم.
وأخيرا فالتطلع أن يكون هذا البحث بداية تقصي أعمق بما يفيد المهتمين بعلم القراءات القرآنية المتواترة. والخوض في كتب التراجم للخروج بما يثري الموضوع، ويكشف جوانب العظمة في حفظ الله تعالى لكتابه العظيم.
وصلى الله على سيدنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه الفقير إلى رحمة ربه أنمار محمد أنعم ناصر المكي الشافعي
آخر ربيع الأنوار عام 1428 من هجرة سيد المصطفين الأخيار.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، من نزل عليه الروح الأمين، بالكتاب المبين، ليكون حجة على العالمين، إلى يوم الدين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد فالسلام عليكم يا أهل القرآن وتحرير القراءات. من أراد الله بكم الخير والمسرات، أن شرح صدوركم لتلقي كتابه عن أهل الله وخاصته من أهل المكرمات، ممن تصدروا للإقراء فتواتر بهم القرآن والقراءات في كل عصر مضى، وكل زمن آت. إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من جميع المخلوقات.
وإني أنا الفقير المتطفل على موائد أهل القرآن، أشارككم بعض ما توصلت إليه من بحث لطالما شغل ذهني بين الحين والآخر، وها أنا أجدني منساقا للبحث والتنقيب في جزئية مهمة أشكلت على بعض أهل العلم. ألا وهي هل اتصلت أسانيد القراءات العشر بالقراءة الكاملة للنشر عن ابن الجزري رضي الله عنه، أم لا؟.
ورأيت تجزئة البحث إلى عدة أقسام تشمل:
1- توطئة في تواتر القراءات العشر.
2- رأي ابن الجزري في الإجازة وأنواع التحمل للقراءات.
3- أنواع الآخذين عن الإمام
4- رفع الإشكالات عن الإجازات التي أعطاها ابن الجزري لتلامذته
5- تواتر النشر في حياة ابن الجزري وإذعان أهل عصره للنشر وإقبالهم عليه وزهدهم فيما سواه
6- ضرب الأمثلة لبعض الأسانيد المتصلة بالنشر قراءة للعشر الكبرى
7- خاتمة
==================
1- توطئة في تواتر القراءات.
بالنسبة للقراءات العشر عموما لا أظن خلافا يقع بين أهل الإسلام في إثبات تواترها، وأنه لم يزل المسلمون يقرؤون بها منذ صدر الإسلام إلى يومنا بل وإلى ما شاء الله.
وبنظرة سريعة للقراءات العشر قبل زمن ابن الجزري نجده قد أثبت بما لا يدع مجالا للشك تواترها من زمن قارئيها إلى زمنه رضي الله عنه كما أوضح في كتابه منجد المقرئين بسرد أسماء عشرات العلماء ممن قرأ بها في كل عصر وإلى عصره.
أما فيما بعد ذلك فهي أيضا متواترة، تجد ذلك بالتأمل في الضوء اللامع، وأسهل منه النظر في كتاب الحلقات المضيئات عند النظر في طبقة ابن الجزري ومن قبل ومن بعده لمعرفة أسماء من وصلت أسانيدهم في الإجازات القديمة والمتداولة.
على سبيل المثال: نجد في طبقة ابن الجزري أسماء 25 قارئا (من ص 377 – 398) معظمهم قرأ بالعشر على مشايخ ابن الجزري ومن في طبقتهم.
وفي الطبقة التي سبقت الإمام 42 قارئا معظمهم قرأ بالعشر
وفي طبقة تلامذته 19 يضاف عليهم 13 من طبقة من يليهم وفيهم من أدرك طبقة ابن الجزري
وللمعلومية فهؤلاء ممن هم على شرط المؤلف باتصال أسانيدهم في الإجازات أو عرفوا بالتأليف في هذا العلم. وإلا فهم أضعاف ذلك بكثير كما هو جلي في تراجم الضوء اللامع. وكما سيمر معنا في سرد أسماء المكملين للقراءة على ابن الجزري وحده بما يقرب من الأربعين وهؤلاء غير الفئة الأخرى من المجازين لكن اتصلت أسانيدهم وعددهم قريب من الـ15 أي لدينا 55 قارئا تحمل القراءة عن الإمام معظمهم بالعشر الكبرى.
==========================================
2- رأي ابن الجزري في الإجازة وأنواع التحمل للقراءات.
قبل الخوض في إثبات تواتر القراءات العشر الكبرى عن ابن الجزري، والتنقيب في أسانيد المتلقين عنه، يجدر بنا أن نبحث عن رأي ابن الجزري في الكيفية المثلى لنقل القراءات جيلا بعد جيل
قال الإمام ابن الجزري:
" لا يجوز له أن يقرئ إلا بما قرأ أو سمع فإن قرأ الحروف المختلف فيها أو سمعها فلا خلاف في جواز إقرائه القرآن العظيم بها بالشرط المتقدم، (أي أن يكون ذاكرا كيفية تلاوته به حال تلقيه من شيخه مستصحبا ذلك، فإن شك في شيء فلا يستنكف أن يسأل رفيقه أو غيره ممن قرأ بذلك الكتاب حتى يتحقق بطريق القطع أو غلبة الظن فإن لم وإلا فلينبه على ذلك في الإجازة، وأما من نسي أو ترك فلا يعدل إليه إلا لضرورة كونه انفرد بسند عال أو طريق لا توجد عند غيره)
وهل يجوز له أن يقول قرأت بها القرآن كله؟
لا يخلو إما أن يكون قرأ القرآن كله بتلك الرواية على شيخه أصولا وفرشا ولم يفته إلا تلك الأحرف فيلفظ بها بعد ذلك أو قبله أو لا، فإن كان فيجوز له ذلك وإلا فلا.
ورأى الإمام ابن مجاهد وغيره جواز قول من يقول:قرأت برواية كذا القرآن من غير تأكيد إذا كان قرأ بعض القرآن.
وهو قول لا يعول عليه وكنت ملت إليه ثم ظهر لي أنه تدليس فاحش يلزم منه مفاسد كثير. فرجعت عنه
وهل يجوز له أن يقرئ بما أجيز له به علي أنواع الإجازة ؟.
جوز ذلك الجعبري مطلقا ومنعه الحافظ الحجة أبو العلاء الهمذاني وجعله من الكبائر.
وعندي أنه لا يخلو إما أن يكون تلا بذلك أو سمعه فأراد أن يعلي السند أو يكثر الطرق فجعلها متابعة أو لا فإن كان فجائز حسن، فعل ذلك العلامة أبو حيان في كتاب التجريد وغيره عن أبي الحسن بن البخاري وغيره متابعة وكذا فعل الشيخ الإمام تقي الدين محمد بن أحمد الصائغ بالمستنير عن الشيخ كمال الدين الضرير عن السلفي. وممن أقرأ بالإجازة من غير متابعة الإمام أبو معشر الطبري والإمام الجعبري وغيرهما وعندي في ذلك نظر لكن لا بد من اشتراط الأهلية "
اهـ كلام الإمام من منجد المقرئين ص 54 ط تحقيق العمران
ونقل هذا الكلام برمته الشيخ النويري في مقدمة شرحه للطيبة في الفصل السابع فيما يقرئ دون عزو للإمام، مع تعديل طفيف لا يذكر ص 33
وفعل مثله القسطلاني في ج1 ص 181 وزاد بعض الزيادات فقال :
" الثالث : الإجازة المجردة : واختلف فيها ، والذي استقر عليه عمل أهل الحديث قاطبة العمل بها حتي صار إجماعا وأحيا الله بها كثيرا من دواوين الحديث وغيرها وقد قال الإمام أحمد : لو بطلت لضاع العلم .وهل يلتحق بذلك الإجازة بالقراءات ؟ الظاهر : نعم ؛ ولكن قد منعه الحافظ أبو العلاء الهداني ، وبالغ في ذلك ؛حيث قال : إنه كبيرة من الكبائر ، وكأنه حيث لم يكن الشيخ أهلا ؛ لأن في القراءات أمورا لا تحكمها إلا المشافهة ، وإلا في المانع منه علي سبيل المتابعة ، إذا كان قد أحكم القرآن وصححه ، كما فعل أبو العلاء نفسه حتي يذكر سنده بالتلاوة ، ثم يردفه بالإجازة ، إما للعلو ، أو لمتابعة والاستشهاد ، بل شوق العروس لأبي معشر الطبري شيخ مكة ـ مشحون بقوله : كتب إليّ أبو العلاء الأهوازي وقد أقر بمضمنه ورواه الخلق عنه من غير نكير .وأبلغ منه رواية الكمال الضرير ـ شيخ القراء بالديار المصرية ـ القراءات من المستنير ، لابن سوار ، عن الحافظ السلفي بالإجازة العامة ، كما ذكرته قريبا ، وتلقاه الناس خلفا عن سلف . ولما قدم العلامة المقرئ الماهرالبارع المتقن الدقق أبو العباس أحمد بن شعبان بن الغزي للقاهرة سنة ست وستين وثمانمائة ، قرأ علي مشايخ العصر إذ ذاك بعض القراءات للسبعة . واستجازهم فأجابوه لذلك ، وكتبوا خطهم به العادة لما تحققوا من أهليته ، وتحقيقه وإتقانه وضبطه ))ا.هـ 182/183
ولي مع من يستدل بهذا النص على جواز الإجازة دون قراءة كاملة عدة وقفات:
1- واضح من كلام الإمام ابن الجزري أنه لا يرى الجواز إلا أن كان المتلقي قد تلا بتلك الرواية أو سمعها من قبل ثم أراد أن يعلي سنده أو يكثر طرقه فيجعلها متابعة.
2- الذي في ترجمة الكمال الضرير في غاية النهاية أنه " روى كتاب المستنير بالاجازة العامة عن السلفي عن المؤلف" اهـ وليس بالقراءة بخلافها في موضع آخر وظاهر كلامه في المنجد أنها كانت متابعة، فتلحرر.
3- كلام القسطلاني في أحمد بن شعبان الغزي يؤكد معنى الإجازة اللاحقة بالقراءة المختصرة على الإجازة الأولى بالقراءة الكاملة لأنه قرأ " في بيت المقدس للسبع على الشمس بن عمران وفي غزة على الزين محمد أبي شامة القادري" اهـ من الضوء. فإجازة علماء القاهرة – إن صحت عنهم – إنما كانت متابعة. وأطلق في الضوء قراءته على علماء القاهرة دون تصريح بأنها كانت بالبعض، ولم أر من تابع القسطلاني على هذه المعلومة. وقد رأينا تحفظ ابن الجزري كما سبق كلامه.
4- جدير بنا هنا التفريق بين الإجازة بالكتاب وبين الإجازة بالقراءة بمضمون الكتاب، وهو ما نحن بصدده.
=================================
3- أنواع الآخذين عن الإمام
يمكن تقسيم الآخذين عن الإمام إلى عدة أقسام
الأول : من اشتهرت أسماؤهم في إجازات المتأخرين وهؤلاء هم:
1 – رضوان العقبي
2- طاهر بن محمد النويري
3- أحمد بن أبي بكر القليقلي
4- أحمد بن أسد الأميوطي
الثاني: من ثبتت أسماؤهم في الأسانيد عن ابن الجزري وبقاء سندهم مدة مديدة بعدهم
ويمكننا اليوم بسهولة جدا وصل أسانيدنا إليهم بمعرفة الآخذ ثم الذي يليه وهكذا حتى نصل إلى عصرنا حتى وإن طال السند وتشعب.
وهؤلاء ممكن معرفتهم بنظرة سريعة على ما قام به مشكورا صاحب الحلقات المضيئات..
وها أنا أسردهم لك وقد وضعت رقم الصفحة من الجزء الأول والتي فيها الترجمة، وأشرت أمام الاسم إلى شيوخه أو رقم يدل على شيخه إن كان مذكورا في القائمة نفسها أو التي فوقها.
الطبقة الأولى عن الإمام ابن الجزري
1 – رضوان العقبي ص 363 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
2- طاهر بن محمد النويري ص 364 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
3- أحمد بن أبي بكر القليقلي ص 364 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
4- أحمد بن أسد الأميوطي ص 365 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
5- محمد بن محمد النويري ص 366 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
6- محمد بن محمد الطبري ص 367 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
7- عبد الدائم بن علي الحديدي الأزهري ص 368 (ابن الجزري و 3 آخرين (له شرح على الطيبة لم يكمل)
8- قاسم بن محمد المنشاوي ص 368 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
9- عبد الغني بن يوسف الهيثمي ص 371 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
10 – محمد ابن الحمصاني ص 372 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
11- أحمد بن محمد الكيلاني ص 374 فقط عن ابن الجزري
12- إبراهيم بن أحمد الطباطبي (أخذ عن 1، وغيرهم من طبقة ابن الجزري ص 375)
13- جعفر بن إبراهيم السنهوري ( أخذ عن 1، 2، 3، 4، 5، 7، 8، 11 وغيرهم من طبقة ابن الجزري ص 349 ثم من طبقة تلامذة تلامذته مثل 15)
14 – محمد بن موسى بن عمران ص 353 وأخذ عن آخرين من طبقة ابن الجزري
الطبقة الثانية الآخذين عن تلامذة ابن الجزري، ووراء كل واحد منهم رقم يشير إلى شيخه الذي هو سنده للإمام.
15 - علي بن حسن الغرباوي ( أخذ عن 2، 7 وغيرهما ص 369)
16 - علي بن عبد الله السنهوري (أخذ عن 1، 3، 15 وغيرهم من غير تلامذة ابن الجزري ص 372 )
17 - زكريا الأنصاري ( أخذ عن 1، 2، 3،13 وغيرهم ص 351 )
18 - محمد بن عبد الرحمن السخاوي (أخذ عن 1، 3، 4 ، 9، 13 وغيرهم ص 354 )
19 - عثمان بن محمد الديمي (أخذ عن 1، 3، ص 359 )
20 - عمر بن قاسم النشار (أخذ عن 4، 10 ، 12 ، 14 ، 25 ص 355 وغيرهم )
21 - أحمد بن محمد القسطلاني (أخذ عن 4، 7، 9، 10، 20 ص 358 )
22 - يحيى بن مكرم الطبري (أخذ عن 6، 18 ص 341)
23 - إبراهيم بن أحمد المقدسي (أخذ عن 9، ص 356)
24 - محمد بن قاسم الغرابيلي (أخذ عن 10 ، 17، 13 ص 346)
25 - علي بن عبدالله الديروطي (أخذ عن 11، وطبقة ابن الجزري كذلك ص 353)
26 - عبد الحق السنباطي (أخذ عن 3،4، 16، وغيرهم )
والطبقة التي تلي هذه فيها العشرات وهكذا.
ملاحظ:
عند التأمل تجد أن معظم تلامذة ابن الجزري الذين شاعت أسانيدهم عن ابن الجزري لهم شيوخ كثر من طبقته، فمعظمهم متمكن من علم القراءات قبل رؤيتهم له ولقائهم به وتشرفهم بالقراءة عليه ومن ثم إجازته لهم. مع تصدرهم للإقراء في أماكن تمركز العلم بخلاف ما وراء النهر حيث ضعفت الهمم وتلاشت أسانيد العشر من عندهم.
لكن لا يعنى انحصار الأسانيد فيهم عدم وجود غيرهم.
ونعيد ونكرر أن هذه الأسماء لا تعني أن هؤلاء هم فقط من قرؤوا على الإمام، بل هؤلاء من تصدروا للإقراء واتصلت بهم الأسانيد في عصورنا هذه على حد علمنا.
فمثلا لو أردت أن تعرف أسماء الآخذين عن الأميوطي فهم 4 ذكرهم صاحب الحلقات وقد سبقت أرقامهم أعلاه والإشارة لأخذهم عنه وهم:
عبد الحق السنباطي، والنشار والقسطلاني والسخاوي. واستدركت عليه شيخ الإسلام زكريا
[ تحقيق مقرب التحرير ص 82 نقلا إجازات أخرى (رسالة دكتوراة للشيخ عبدالغفار الدروبي الحفيد)]
وأيضا نجد أن الحافظ السخاوي في ترجمة محمد بن محمد بن محمد بن عمر بن علي بن أحمد النجم بن الشرف بن النجم بن السراج القرشي الطنبدي القاهري الشافعي ويعرف كسلفه بابن عرب. قال:
ولد في رجب سنة 831 هـ بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وجوده على النور البلبيسي إمام الأزهر بل تلاه على الشهاب ابن أسد مع قراءة حروف القراآت العشر أصولاً وفرشاً بما تضمنه النشر لابن الجزري وبما وافق ذلك من كتب الفن مع أخذ الشاطبية قراءة وسماعاً
وهذه قراءة كاملة للمتواتر وممكن إظهار وتتبع الإجازات القديمة لمعرفة تلامذته أو تلامذة تلامذته ممن تتصل بهم أسانيدنا.
وفي تحقيق مقرب التحرير إثبات قراءة البلبيسي على ابن الجزري أيضا.
ويضاف على تلك الطبقة الأولى التي قرأت على ابن الجزري المذكورة في الأسانيد والتي سبق وذكرنا أسماء 25 اسم قارئ منهم عشرات غيرهم ختموا بالعشر على ابن الجزري. ولا شك أنه كان له دور كبير جدا في انتشار نشر العشر على الشكل الذي صار إليه بما وضع له من القبول في الأرض.
وأمامكم الآن ما لا يقل عن أسماء 35 قارئا ختموا القرآن كاملا على الإمام ابن الجزري بالقراءات العشر ولنبدأ بالقائمة التي دونها أحد تلامذته في غاية النهاية ج 2 ص 248 وما بعدها:
1-عبد القادر بن طلة الرومي
2- والحافظ بايزيد الكشي
3- الحافظ المقرئ محمود شيخ القراءات (أو ابن شيخ القراءت) بمدينة كش
4- الإمام العالم جمال الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد الشهير بابن افتخار الهروي
5- المقرئ الفاضل شمس الدين محمد بن الدباغ البغدادي
6- السيد محمد بن حيدر المنبجي الحسيني كما في ترجمة شيخه فضل الله الكازروني
7- إمام الدين عبد الرحيم بن الأصبهاني
8- نجم الدين الخلال
9- أبو بكر الجنحي،
10- المقرئ الفاضل المبرز أبو الحسن طاهر بن عزيز (صوابه عرب أو عربشاه) الأصبهاني
11- شيخ الحرمة الطواشي
12- ابنه أبو بكر أحمد بن محمد بن الجزري (غاية 1/129)
13- الشيخ عوض بن ...
14- الشيخ سليمان بن ....
15- الشيخ أحمد بن الشيخ رجب
16 - الولد الفاضل علي باشا
17- الإمام صفر شاه
18- الولد الصالح محمد ابن الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين إلياس بن عبد الله
19- الولد الصالح محمود ابن الشيخ الصالح الزاهد فخر الدين إلياس بن عبد الله
20- الشيخ أبو سعيد بن بشلمش بن منتشا شيخ مدينة العلايا،
21- الشيخ محمود بن الحسين بن سليمان الشيرازي
22- الشيخ أبو بكر بن مصبح الحموي
23- الشيخ نجيب الدين عبد الله بن قطب بن الحسن البيهقي
24- الشيخ أحمد بن محمود ابن أحمد الحجازي الضرير
25- المحب محمد بن أحمد بن الهايم
26- الشيخ الخطيب مؤمن بن علي بن محمد الرومي
27- الشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف الحبشي
28- الشيخ علي بن إبراهيم بن أحمد الصالحي
29- الشيخ علي بن حسين بن علي اليزدي
30- الشيخ موسى بن الكردي
31- الشيخ علي بن محمد بن علي بن نفيس
32- أحمد بن علي بن إبراهيم الرماني،
وغيرهم كثير.
لكن من رقم 12 إلى 32 فيهم من قرأ الكبرى كابنه أحمد ومنهم من قرأ الصغرى كمؤمن بن علي الرومي ختم سنة 783 (وترجمته في الغاية ج 2 ص 234)
وهؤلاء قد امتازوا بالقراءة الكاملة في مقابل من لم يكمل وعدتهم 15 اسم تقريبا، حسب علم كاتبها، وإكمال بعضهم للقراءة بعد تدوين القائمة ليس بمستبعد خاصة مع وجود أسماء لم ترد فيها وثبت ختمهم على الإمام وأمثلة على ذلك في الغاية نفسها كأبي الخير ابن الإمام الجزري ، وهو قد ختم بالقراءات العشر ثلاث ختمات على أبيه (ج 2 ص 252) وترجم له السخاوي كذلك في الضوء وأشار إلى أخذه للقراءات.
ومثال لمن تابع القراءة بعد ما دون في القائمة صدقة بن سلامة الضرير، ذكر في ترجمة ابن الجزري (غاية النهاية ج 2 ص 248 ) أنه قرأ بالعشر إلى آخر التوبة، لكن في ترجمته ( غاية النهاية 1/336) أنه زاد في القراءة بعد ذلك التاريخ
زد على ذلك أمثلة لأسماء القراء الذين ذكرهم السخاوي في الضوء اللامع ونص فيها على قراءتهم على الإمام أو ختمهم بالقراءات العشر ولم يردوا في الترجمة السابقة:
1- علي بن محمد النور الشرعبي التعزي اليماني المقري.
2- عمر بن يعقوب بن أحمد أبو حفص الطيبي ثم الدمشقي الضرير
3- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صالح الكناني المصري الأصل المدني الشافعي ويعرف كسلفه بابن صلح
4- محمد بن محمد بن أحمد الشمس البقاعي الدمشقي.
5- بشير الحبشي
وإليكم النقول التي تؤيد قراءتهم على الإمام من كلام الحافظ السخاوي:
1- علي بن محمد النور الشرعبي التعزي اليماني المقري.
كان آخر من بقي باليمن من شيوخ القراء أهل الضبط والإتقان وممن جمع حسن الأداء والتحقيق بحيث أنه كان إذا قرأ لا يتمكن من قراءة الفاتحة من المأمومين إلا من لا ذوق له وتفرد بذلك في اليمن مدة. وهو ممن لقي ابن الجزري بالديار المصرية وقرأ ببعض الروايات ثم أكمل عليه العشر باليمن ...
مات سنة 571 هـ
قلت وأثبت في الضوء قراءة أبو بكر بن إبراهيم بن علي اليعلائي الحرازي اليماني عليه.
وقال عنه: حفظ القرآن والشاطبيتين وغيرها وتدرب بأبيه في ذلك ثم ارتحل بعد موته لتعز فتلاً للسبع بل وللعشر على الموفق أبي الحسن علي بن محمد بن عمر الشرعبي الشافعي الماضي ... وهو الآن سنة 897 حتى جاز الكهولة متصد للقراآت انتفع به فيها وممن قرأ عليه الفقيه علي بن محمد بن أحمد السرحي ...
وله ترجمة في الضوء.
======================================
2- عمر بن يعقوب بن أحمد أبو حفص الطيبي ثم الدمشقي المقرئ الضرير أخذ القراءات عن الزين عمر بن اللبان الماضي بأخذه لها عن أبيه وغيره وكان أخذ عن ابن الجزري وكان فقيهاً بالشامية البرانية وأحد القراء بدمشق ... وتلا عليه غير واحد ويقال أنه حج ماشياً في قبقاب وأنه إذا سمع القرآن لا يتمالك نفسه من البكاء.
======================================
3- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صالح ..الكناني المصري المدني الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن صلح.
ولد 799 بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن وقال إنه تلاه للعشر من طريق النشر على ابن الجزري مصنفه
وكان ذكياً مسدداً في قضائه كريماً من دهاة العالم ذا سمت حسن وملقي جميل مع فضيلة في الفقه ومشاركة في غيره وسهولة للنظم بحيث كان قد ابتدأ نظم القراآت العشر من طرق ابن الجزري في روي الشاطبية ونحوها مع التصريح بأسماء القراء نظماً منسجماً واختصاراً حسناً لو كان سالماً من اللحن
مات سنة 860
=================================
4- محمد بن محمد بن أحمد الشمس البقاعي الدمشقي.
أخذ القراآت عن ابن الجزري وعنه محمد بن علي بن اسمعيل القدسي بالقاهرة سنة 857 هـ.
5- بشير الحبشي ثم القاهري مولى الخواجا يعقوب كرت والد أبي بكر سبط الحلاوي
حفظ القرآن والتنبيه واشتغل بالقراآت فجمع للسبع بمكة في سنة 841 على الشيخ محمد الكيلاني وللأربعة عشر بها أيضاً في سنة ثمان وأربعين علي الزين بن عياش رفيقاً للشمس بن الحمصاني بل وأخذ قبل ذلك أيضاً عن ابن الجزري حين قدومه القاهرة ...
والخلاصة:
حصر الآخذين للعشر الكبرى عن ابن الجزري بالقراءة الكاملة، أمر ليس بالهين. وكذا الآخذين عنهم وكل يوم نزداد يقينا بتواتر العشر الكبرى عن الإمام، وأن ما بين أيدينا ليس إلا ثمرة الاختصار وطلب العلو كما سيأتي.
============================================
4- رفع الإشكالات عن بعض الإجازات التي أجيز بها تلامذة الإمام ابن الجزري
وهذه من أهم نقاط هذا البحث فبعد سرد أسماء هؤلاء الأعلام الذين تشرفوا بالقراءة والإجازة من الإمام ابن الجزري يتوجب علينا زيادة الإيضاح في إثبات اتصال القراءة بالعشر الكبرى من طريق النشر قراءة وإقراء على مر العصور من عهد الإمام إلى هذه الأيام.
وهذا البحث ما هو إلا نواة لمزيد بحث وتنقيب. ومع صغر حجمه وتواضع المجهود المبذول فيه لكن بحمد الله تطمئن النفس فيه إلى إثبات اتصال القراءت العشر الكبرى بالإمام دون أدنى شك.
وعودا على الإشكال الرئيسي في انتهاء هذه الأسانيد لهؤلاء الأعلام مع ثبوت عدم إكمال بعضهم القرآن كاملا على الإمام،
وفي نظري أن سبب ذلك عائد إلى عدة أمور يمكن عزوها إلى ما يلي:
1- بغية الاختصار، وهذا يتم مع تقادم الزمان وإلا لطالت وتشعبت الإجازات دون الحاجة الماسة لذلك طالما الأصول محفوظة، والاكتفاء بالبعض عن الكل، لأن المنسوب لهم القراءة أعلام مؤتمنون على ما يقدمون. فكيف لشخص مثل شيخ الإسلام زكريا أن يقرئ ويجيز بغير ما قرأ.
2- طلب العلو، فذكر شخص واحد أو اثنين مجازين بين القارئ والإمام وكونهم من الأعلام له وقع أزكى في النفس من ذكر 4 أو 5 مثلا وفيهم أناس أقل شهرة بين عامة أهل العلم. والأمثلة القادمة ستثبت وجود ذلك.
3- التشرف بالانتساب والإجازة المباشرة من شيخ القراء الإمام ابن الجزري فمن يترك ذكر إجازة الإمام له ليدخل بينه وبين الإمام شخص أو شخصين.
4- مع تصريح الإمام أنه لا يجيز إلا من كان متأهلا وقرأ على غيره بتلك الأحرف. والوقائع أثبتت أنه قد أجاز من قرأ العشر كاملة على غيره بل ومن طريقه كبعض تلامذته، كما سيأتي.
5- تصدر هؤلاء الأئمة للإقراء قبل وبعد إجازتهم من الإمام فتوجهت لهم الأنظار وقصدهم الطلبة. واستغنوا بذكرهم والانتساب إليهم عن غيرهم خاصة مع طول أعمار بعضهم.
6- تقاصر الهمم في تدوين أخبار القراء ودقائق مسائل الأسانيد فمعظم القراء لا علم لهم بالتواريخ والتراجم وعلم الإسناد.
7- الخلط بين أسانيد السبع والعشر الكبرى عند المتأخرين
===============================================
ويحسن المقام بنا أن بحث بعض هذه النقاط بشيء من التفصيل
بغية الاختصار وطلب العلو:
فأنت رأيت كيف أن شيخ الإسلام حين أراد تفصيل إجازته ذكرعدة أسماء لبعض من قرأ عليهم ولم يذكر الأميوطي ولا البلبيسي في إحدى إجازاته ( أقصد المصورة عن المكتبة الأزهرية وهي بخط ابن يوسف) مع وجودهم في إجازات أخرى، فهذا نوع اختصار، ثم كذلك من بعده لو أراد تكرار ذلك في كل طبقة لملأت الإجازة عشرات الأوراق. فكل من جاء بعد شيخ الإسلام اختصر شيئا من إجازة من فوقه وتوسع في ذكر أسماء طبقة شيوخه أو طبقة شيوخ شيوخه وهكذا في كل طبقة، حتى اكتفى المتأخرون بذكر رضوان العقبي مع أن الشيخ لم يقرأ عليه إلا السبع كما نص هو في إجازته. وإلا فعمدته في القراءة للعشر الكبرى هو طاهر النويري.
تنبيه:
يتمسلك البعض بقراءة رضوان العقبي الفاتحة وأول البقرة وإجازة ابن الجزري له بالباقي، وادعائه أنه لم يقرأ عليه غير ذلك، أقول ليس هناك ما ينفي أنه ختم على ابن الجزري بل أكاد أجزم بعكس ذلك فملازمته للإمام لا تخفى. أما قراءة ما سبق فقد كانت كما في ترجمته في الضوء في جوف الكعبة، أي تبركا وفرصة ما كانت لأحد غيره. أما خارج الكعبة فلا يعقل أنه لم يقرأ عليه ما هو أكثر من ذلك إن لم يكن الختم كاملا، كيف لا وهو مصاحب للإمام وقد تلقى عنه الطيبة تجاه الكعبة وخطه عليها يتابع ويدون أخبار شيخه (عندنا صورة مخطوطة الطيبة)
لكنه يبدو أنه كان يشعر باعتزاز أن الله أكرمه بتلك القراءة في جوف الكعبة حيث لم يحظ بها غيره، ولم يزل يرددها حتى ظن البعض أنه لم يقرأ غيرها.
والذي يميل بي إلى هذا الظن هو اعتمادي على منهج ابن الجزري في الإجازة كما سبق. فإما أن يكون العقبي ختم على ابن الجزري أو على بعض من قرأ عليه قبل الإجازة.
نعم لا ينبغي ذكره في إسناد شيخ الإسلام كونه لم يقرأ عليه إلا السبع، لكن من تلامذته عثمان الديمي شيخ الطبلاوي وجعفر السنهوري وغيرهم
وإن عدنا للطبقة الأولى التي قرأت على الإمام ابن الجزري وأجازهم ووصلت إلينا أسانيدهم لوجدنا منهم من ختم فعلا على ابن الجزري
ومن أمثلة من ختم على الإمام نصا:
1- أحمد بن أسد الأميوطي
قد ختم على الإمام ختمة بالعشر كاملة لا ريب فيها ولا شك، وهو عمدة كثير ممن جاء بعده من العلماء وإليه إضافة لغيره تنتهي معظم أسانيدنا اليوم كما سترى.،
قال السخاوي بعد أن فصل قراءته على جملة من المشايخ ممن هم في طبقة ابن الجزري وقراءته للعشر وما زاد عليها ما نصه:
وسافر معه (أي ابن الجزري) في سنة 827 إلى مكة وكان يقرأ عليه في المناهل وغيرها حتى أكمل عليه يوم الصعود بالمسجد الحرام وأذن له
اهـ في الضوء ج 1/227
أما من أطلق عليهم القراءة والأخذ عن الإمام دون تحديد مقدار معين
والظاهر أن من أطلق عليه الأخذ والتلقي للقراءات فالأصل فيه إتمام القراءة، وقد رأينا هذا واضحا عند السخاوي وحرصه الشديد على الإشارة لما قد يخالف القاعدة من عدم إكمال القراءة.
2- الطباطبي
قال السخاوي:
(إبراهيم) بن أحمد بن عبد الكافي بن علي أو عبد الله السيد برهان الدين أبو الخير الحسني الطباطبي الشافعي المقرئ نزيل الحرمين أخذ القراآت عن الشيخ محمد الكيلاني بالمدينة والشهاب الشوابطي بمكة ومن قبلهما عن الزين بن عياش بل في سنة ثمان وعشرين عن ابن سلامة وابن الجزري،
ثم ذكر جملة وافرة من شيوخه إلى أن قال: وبعضهم في الأخذ عنه أزيد من بعض، واقصى ما تلا به للعشر
اهـ الضوء اللامع ج1 / ص 14
3- أحمد بن محمد الكيلاني
أحمد بن محمد بن حاجي بن دانيال الشهاب أبو العباس الكيلاني الشافعي المقرئ ويعرف بالحافظ الأعرج، برع في فنون وأتقن القراءات مع ابن الجزري وغيره وأقرأها غير واحد، وممن قرأ عليه جعفر السنهوري، وأثبت شيخنا اسمه في القراء بمصر في وسط هذا القرن، ومات في الطاعون بعد الأربعين.
اهـ الضوء اللامع ج 1/ ص 108
4-- قاسم المنشاوي
قاسم بن محمد بن محمد بن أحمد الزين المنشاوي الأخميمي ثم القاهري الشافعي المقرئ ويعرف في بلاده بابن أبي طاقية.
حفظ القرآن والمنهاج وألفية ابن مالك والشاطبية وغيرها واشتغل وتميز في القراءات وأخذها عن ابن الجزري والزين بن عياش أخذها عنه جماعة كالزين جعفر السنهوري وعمل مقدمة في التجويد سماها المرشدة؛ وكان خيراً مديماً للعبادة أثبت شيخنا اسمه في القراء بالديار المصرية وسط هذا القرن، ولم أعلم وقت وفاته رحمه الله.
اهـ الضوء اللامع ج 6/ 190
5- محمد بن الحمصاني (811 – 897 هـ)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر الشمس أبو الفتح بن الشرف بن ناصر الدين المنوفي السرسي الأصل القاهري الشافعي المقري ويعرف بابن الحمصاني
قال السخاوي
واعتنى بالقراءات ثم ذكر جملة من شيوخه في القراءات إلى أن قال
بل سمع على ابن الجزري ... ثم قال
وتميز في القراءات.
اهـ من الضوء اللامع.
قلت وله تلاميذ كثر
وممن قرأ عليه العشر :
محمد بن أحمد بن علي بن إدريس البدر أبو الفضل بن البدر العلائي الرومي الأصل القاهري الحنفي
قال السخاوي في ترجمته :وتلا للعشر فأزيد على الزين جعفر وابن الحمصاني
أقول: وممن قرأ عليه من أصحاب العشر الكبرى ممن ألف في العشر الكبرى وبقيت أسانيدهم فيما بعد:
عمر النشار صاحب البدور الزاهرة والتي تعد اختصارا للنشر
والشيخ القسطلاني صاحب اللطائف.
من أجازهم الإمام مع ثبوت عدم قراءتهم الكاملة على الإمام
وهذه الطبقة التي أجازها ابن الجزري وعليها مدار الأسانيد هي صميم مقالنا، وغاية بحثنا.
أقول وبالله التوفيق، بناء على حرص ابن الجزري على نشر القراءات الصحيحة بين أهل القرآن في أرجاء العالم الإسلامي، فإنه قد قام بعمل هائل لم يسبق إليه ولن يصل أحد في هذه الأمة بعده إلى ما وصله إليه. والعلم عند الله. ذلك أنه جمع ما تفرق بين دفتي النشر، فطابت بها الأرض وحلت كل قطر. والذي يتأمل حرص الإمام وتحريره الطرق والأسانيد وتمحيصها ينبغي عليه التوقف في نسبة التساهل إليه في الإجازة، فهو عنده أمر مرفوض لا مسوغ له إطلاقا، كما سبق نقله عنه من المنجد.
فالذي ظهر لي أن الإمام لا يجيز بالقراءات العشر الكبرى من طريق نشره إلا لمن ختم القراءات على أحد الآخذين عنه وأجازهم من قبل من تلامذته. ويعرف هذا من سيرته المرضية وطريقته العلية. وتأمل قول ابنته سلمى في ترجمة الشيخ طاهر بن عرب شاه، قالت رحمها الله:
أخذ القراءات عن شيخي ومخدومي والدي وقرأ عليه ختمات كاملات
الأولى جمع فيها القراءات العشر حسب ما تضمنه واشتمل عليه كتب الوالد النشر ومختصره التقريب ومنظمته الارجوزة المسماة بطيبة النشر وما وافق ذلك من الكتب المطولات قراءة صحيحة مجودة مرتلة مشتملة على جميع الأوجه والطرق الصحيحة التي اختارها الوالد وارتضاها
الختمة الثانية جمع فيها بين روايتي قتيبة ونصير بمضمن غاية أبي العلاء ومبهج سبط الخياط ومصباح الشهرزوري وكامل الهذلي وكفاية أبي العز القلانسي وغير ذلك
الختمة الثالثة رواية العمري عن أبي جعفر بمضمن الغاية والكامل والمصباح وغيرها
الختمة الرابعة بقراءة الإمام أبي عبد الله محمد بن محيصن المكي بمضن المبهج
الختمة الخامسة بقراءة الإمام أبي سليمان الأعمش بمضمن المبهج وما وافق ذلك من كتاب الجامع والروضة.
أما عن دوره في مساعدة الشيخ الإمام وملازمته، فتقول سلمى بنت الإمام ما نصه:
وكان ملازما للوالد سفرا وحضرا في الحج وغيره فافاد واستفاد واتقن ما قرأ به على الوالد وأجاد وانتفع به الناس وزال بتحقيقه وتدقيقه عن أهل هذا العلم الشريف كثير من الالتباس وكان من أخص الناس وأعزهم عند الوالد واعتنى به أشد عناية حتى صار معلمي ومنه تعلمت العروض وحفظت عليه الطيبة وكنت أعرض عليه القراءات أولاً ثم على الوالد وهو حاضر وكان الوالد حين يقرى الناس يحضره أولاً ثم يأخذ على الناس اعتماداً عليه وعلى حذقه ولا يكاد يأخذ على أحد وهو غائب وكان آية في استحضار القراءات عجيبة غاية في استنباط النكت الغريبة وقد شهد الوالد بأنه في هذا العلم المبارك لا يداني ولا يشارك، وقرأ على الوالد جميع كتاب النشر وتقريبه وغير ذلك من تصانيفه وعرض عليه من حفظه كتاب طيبة النشر من غير توقف ولا تلعثم.
اهـ من الغاية. ج 1 ص 339
والسؤال: هل له ذكر في أي إجازة من الإجازات؟
ج: الذي وصل إلينا أنه لم ينقل لنا اسمه البتة، في أي إجازة من الإجازات.
فماذا يعني الكلام أعلاه؟
ج: فضلا لا أمرا تأمل هذه العبارة واقرأها مرة ومرتين وثلاث مرات:
"وكان الوالد حين يقرى الناس يحضره أولاً ثم يأخذ على الناس اعتماداً عليه وعلى حذقه ولا يكاد يأخذ على أحد وهو غائب"
يعني أن معظم من أجازهم الإمام دون إكمال عليه، حتما ولابد أنهم أكملوا على الشيخ طاهر أو غيره من المتقنين الذين تلقوا هذه القراءات عن الإمام.
وقد يتساءل البعض، هل هذا ظن وتخرص أم لديكم الدليل على ذلك؟
أقول بل توجد عدة أدلة وبراهين على ذلك.
ولنبدأ بالشيخ أبي القاسم محمد النويري
فقوله أنه عام 828 تشرف بالقراءة بالعشر الكبرى على إمام الزمان وفاكهة الأوان محلق الأصاغر بالأكابر بمضن كتاب النشر والتقريب والطيبة، قرأ بذلك جزءا وأجازه بما بقي. (ص 11 من شرح الطيبة ط الهيئة العامة) ، مع ترديده لكلام شيخه ص 51 بأنه لا يجوز له أن يقرئ إلا بما قرأ أو سمع ...وأنه لا يفعل ذلك إلا إن تلا بذلك على غير ذلك الشيخ أو سمعه ثم أراد أن يعلي سنده بذلك الشيخ أو يكثر طرقه جاز وحسن لأنه جعلها متابعة (ص 51 إلى ص 52 من شرح النويري على الطيبة ط الهيئة العامة)
كل ذلك يدل دلالة قاطعة أن النويري قد ختم ختمة كاملة على أحد تلامذة ابن الجزري قبل قدومه مكة المكرمة فمن هو يا ترى؟
هناك احتمالات عديدة لكن لابد من التسليم بأن له شيخا قد قرأ على ابن الجزري، وإليك ما وجدت: له شيخ يدعى ابن يفتح الله (788 – 862 هـ)
واسمه علي بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن أبي بكر بن يفتح الله النور القرشي السكندري المالكي ويعرف بابن يفتح الله.
وذكر السخاوي له عدة شيوخ في القراءات السبع والعشر ثم قال:
لقي ابن الجزري فأخذ عنه القراءات وغيرها ... وذكر بقية شيوخه ثم قال:
وتصدى لنفع الطلبة فكان غالب قراء البلد من تلامذته
وممن أخذ عنه الإمام أبو القسم النويري والشمس المالقي.
فهذا رجل فرغ نفسه لنفع الطلبة وتعليم القرآن. فالله أعلم.
وما قيل في محمد النويري يقال في طاهر النويري
أما الشيخ جعفر بن إبراهيم السنهوري
وهذا الرجل أعجوبة في كثرة مشايخه ولشدة اعتنائه بالقراءة يكاد يأخذها عن كل من قرأ على ابن الجزري حتى من الله عليه باللقاء والقراءة على ابن الجزري والإجازة منه بعد قراءة بعض القرآن. لكن له شيخ قرأ عليه وتخرج به قبل قدومه على الإمام. ألا وهو الشيخ قاسم بن محمد المنشاوي ومن يراجع ترجمته يستشف ذلك وكذلك قرأ أحمد بن محمد الكيلاني وقد مر أنه أتقن القراءات على ابن الجزري. كما أنه قرأ على محمد النويري الشارح وسبق توضيح أمره وقراءته على ابن يفتح الله تلميذ ابن الجزري.
وبقية من قرأ عليهم من طلبة ابن الجزري:القلقيلي وعبد الدائم الأزهري.. وغيرهم
بل وطلبة طلبة ابن الجزري كعلي بن حسن الغرباوي وهو عن طاهر وعبد الدائم عن ابن الجزري.
ومع ذلك فقد كان عال الإسناد بأخذه عن القباقبي وإجازته له.
وأخذ الأربعة عشر عن الشمس العفصي.
وللمعلومية فالسنهودي يعد شيخا في الإسناد والقراءات لشيخ الإسلام زكريا والسمديسي وغيرهما.
وهكذا يقال في كل تلامذة ابن الجزري ممن أجازهم، فلا ينبغي التسرع في إنكار القراءة الكاملة، أو الحكم على سند بالانقطاع فمعظم تلك الاسانيد نقلت على سبيل الاختصار وفي أصلها كانت على سبيل المتابعة، كذلك مع إحسان الظن بالعلماء في تحريهم الصواب، واليقين بأن فعلهم لا يخالف قولهم، وما ضربنا عليه الأمثلة والبراهين الواضحة أعلاه تؤكد صحة ما نسب إليهم. وإلا صارت تلك الأسانيد عبثا ننزه أنفسنا وعلماءنا عنه.
ولا ينبغي أن ننسى بحر العلم الملازم لابن الجزري من أتم على الإمام القراءة بدون أدنى شك، بل ونظم القراءات العشر الكبرى لابن الجزري وكان مختصا بتعليم المبتدئين قبل قراءتهم على الإمام، ألا وهو طاهر بن عربشاه وقد أفادت سلمى بنت الإمام عن مكانة هذا العلامة ولولاها لما سمعنا عنه ولا عرفناه إلا من خلال منظومته الطاهرية التي وصلتنا نسخه اليوم
والخلاصة:
حتى الآن هناك أربعة على الأقل من الذين تنتهي إليهم الأسانيد ترجح عرضهم القراءات كاملة على الإمام ابن الجزري. أحدهم تصريحا لا ريب فيه ألا وهو أحمد بن أسد الأميوطي وهو شيخ عبد الحق السنباطي الجد وعمر قاسم النشار والقسطلاني والسمديسي. ويشبهه أحمد الكيلاني والآخران قاسم المنشاوي والطباطبي.
ثم من البقية ثبت عندي أن اثنان على الأقل قرءا على من قرأ على ابن الجزري العشر ثم كانت إجازة ابن الجزري شهادة فوق شهادة. ولجلالة ابن الجزري كان يكتفى بإجازته عن الفرع الأول.
ومثاله جعفر بن إبراهيم السنهوري ومحمد النويري شارح الطيبة والدرة وهو قد قرأ شيئا قليلا من القراءات على ابن الجزري وأجازه. لكن هذا لم يأت من فراغ فهو قد قرأ قبل قدومه على الإمام على شيخ بلده علي بن محمد ابن يفتح الله القرشي المالكي الذي قرأ القراءات وأتقنها على ابن الجزري ثم تفرغ لتعليم أبناء بلده وتخرج به جمع منهم النويري
===============================
5- تواتر النشر في عصر ابن الجزري وإذعان أهل عصره للنشر وإقبالهم عليه وزهدهم فيما سواه
بل إن قصائد ابن الجزري حازت قبول مشايخه حتى حفظ بعضهم بعض قصائده كما فعلوا بالدرة (الضوء اللامع 9/255) بل إن القباقبي وهو من طبقة ابن الجزري نظم في القراءات العشر والأربعة الزائدة منظومة رائقة في 1509 بيت وشرحها في إيضاح الكنوز كما صرح في مقدمته، وفيها يقول: أما العشر فمن تقريب النشر للشيخ الإمام الأوحد والصدر الأمجد آخر مجتهدي القراء المحققين شمس الملة والدين محمد بن محمد بن محمد الجزري الدمشقي بلدا تغمده الله تعالى برحمته أطاب له في جنات النعيم مرقدا.
ص 62 من مقدمة إيضاح الرموز.
وهذا محمول على الإجازة من الشيخ بالقراءة أو بالنشر الإجازة العامة أو الخاصة، أو أنه لما نقلت بالتواتر في ذلك العصر وحينئذ لا يحتاج لإسناد كما لمن كان أهلا.
وقد استظهر السيوطي نحو ذلك من عدم اشتراط الإجازة فيما هو محفوظ متلقى متداول، مأمون أن يدخل فيه ما ليس منه. ذكر ذلك في أواخر النوع الرابع والثلاثين من الاتقان، وإن كنت لا أميل لهذا الرأي.
===========================================
6- ضرب الأمثلة لبعض الأسانيد المتصلة بالنشر قراءة بالعشر الكبرى
مثال لسند متصل بالقراءات العشر الكبرى قراءة جيلا بعد جيل:
إبراهيم العبيدي (صاحب التحارير المنتخبة للطيبة) عن الأجهوري عن أحمد البقري عن محمد البقري عن عبد الرحمن اليمني عن أحمد بن أحمد بن عبد الحق السنباطي عن أبيه عن جده عن الأميوطي عن ابن الجزري
(ح) أحمد بن أحمد بن عبد الحق عن شحاذة اليمني عن محمد بن سالم الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا
(وهو اختصر تقريب النشر)
وهو عن الأميوطي وهو عن ابن الجزري
أو هو عن طاهر النويري (قراءة للعشر الكبرى) وهو عن ابن يفتح الله وغيره عن ابن الجزري
أو هو عن السنهوري عن محمد النويري عن ابن يفتح الله عن ابن الجزري.
وللأجهوري أسانيد كثيرة أخرى في القرآن لكن لا ندري إن كانت في كل القراءات فتراجم بعضهم شحيحة
فهو عن مصطفى بن كمال الصديقي عن عبد الغني النابلسي عن محمد الغزي عن محمود الببلوني عن إبراهيم العمادي عن القسطلاني عن الأميوطي (ختم عليه العشر الكبرى يقينا) وهو عن ابن الجزري (وختم عليه العشر الكبرى)
هذا وللقسطلاني طريق آخر عن صالح اليمني لكنه اشتهر بإقراء السبع في اليمن.(كما في الكواكب)
أو العبيدي عن محمد السمنودي (شارح الطيبة) وله مشايخ كثر منهم علي الرميلي وهو عن محمد بن عمر البقري عن عبد الرحمن بن شحاذة عن علي بن غانم عن محمد بن سالم الطبلاوي عن شيخ الإسلام زكريا
أو العبيدي عن علي البدري عن أحمد بن عمر الإسقاطي عن البنا الدمياطي (صاحب إتحاف فضلاء البشر وهو تلخيص للنشر) عن علي الشبرملسي عن محمد الشوبري عن منصور الطبلاوي عن محمد بن سالم الطبلاوي عن شيخ الإسلام
هذا وتوجد أسانيد بالعشر الكبرى من غير طريق العبيدي في بلاد الشام وتركيا تمر بأعلام القراءات ومشايخ القراء في تركيا تنتهي إلى المزاحي والمنصوري عن الشبرمليس وهو ومحمد البقري كلاهما عن عبد الرحمن بن شحاذة على التفصيل السابق لابن الجزري
==========================================
7- خاتمة
أ - فيما سبق دلالة الواضحة على أن القراءات العشر الكبرى منقولة إلينا بالتواتر
ب - قصور بعض الأسانيد إنما كان على سبيل الاختصار، وطلب العلو
ج – ما لم ينقل لنا من الأسانيد أكثر بكثير مما نقل
د - المعتمد عند علماء القراءات عدم الإجازة بغير قراءة كاملة إلا على سبيل المتابعة لمن سبق له التلقي الكامل.
هـ - لا خلاف بين أهل العلم بتواتر كتاب النشر ككتاب ألفه الإمام بمحتواه العام الذي بين أيدينا اليوم.
وأخيرا فالتطلع أن يكون هذا البحث بداية تقصي أعمق بما يفيد المهتمين بعلم القراءات القرآنية المتواترة. والخوض في كتب التراجم للخروج بما يثري الموضوع، ويكشف جوانب العظمة في حفظ الله تعالى لكتابه العظيم.
وصلى الله على سيدنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وكتبه الفقير إلى رحمة ربه أنمار محمد أنعم ناصر المكي الشافعي
آخر ربيع الأنوار عام 1428 من هجرة سيد المصطفين الأخيار.