عدنان الغامدي
Well-known member
- إنضم
- 10/05/2012
- المشاركات
- 1,376
- مستوى التفاعل
- 49
- النقاط
- 48
- الإقامة
- جدة
- الموقع الالكتروني
- tafaser.com
مقدمة:
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
من المصطلحات المستجدة على القاموس الشرعي الإسلامي مصطلح العصمة، والتي وردت في كتاب الله بمعنى خلاف ما استعملت فيه لاحقاً، فقد تقرر في أذهان الناس بأن العصمة هي امتناع وقوع أفعال مخصوصة من النبي والرسول، وخصوصاً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واعتقد الكثير من الطوائف الإسلامية بأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ والنسيان والسهو واللغو وغيره من الذنوب، وبرغم الاختلافات حول نطاق هذه العصمة، هل هي مطلقة أم جزئية؟ وهل هي تشمل الكبائر والصغائر أم تقتصر على الصغائر دون الكبائر أم تتعلق بالتبليغ دون سواه من أفعال الدنيا؟
وفي هذه الدراسة سنتطرق لتعريف العصمة لغوياً وشرعياً وفهم السلف الصالح لها، ثم نستعرض الأقوال التي وردت في مسائل العصمة وأقوال طوائف كالرافضة في مفهوم العصمة.
ثم ننتقل لبيان لإثبات انتفاء العصمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بقية الأنبياء، وكيف أن القول بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم ينافي كتاب الله ويقدح في الأنبياء الكرام ويحط من قدرهم وأن نفي العصمة عنهم واجب، ولن يتحقق إلا بفهم لوازم العصمة وحقيقتها وكيف تكون في نسبتها إساءة للأنبياء وتخذيل للناس عن الطاعات.
نرجو من الله أن يوفقنا جميعاً لفهم كتابه على الوجه الذي يرضيه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
العصمة لغة وشرعاً:
(والعِصْمَةُ: بالكَسْر: المَنْع) ، هَذَا أَصلُ مَعْنَى اللُّغَة، وَيُقَال: أصلُ العِصْمَةِ الرَّبْطُ، ثمَّ صَارَت بِمَعْنَى المَنْع. وعِصْمَةُ اللهِ عَبْدَه: أَن يَعْصِمَه مِمَّا يوبِقُه.
عَصَمه يَعْصِمه عَصْمًا: منَعَه ووَقَاه، وقَوْلُه تَعالَى: {يعصمني من المَاء} . أَي: يُمْنَعُنِي من تَغْرِيقِ الماءِ، و {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله} ، أَي لَا مانعَ، وقِيلَ: هُوَ على النِّسْبَةِ، أَي ذَا عِصْمَةٍ، وقِيلَ: مَعْنَاه لَا مَعْصُومَ إلاّ المَرْحُومُ، وَفِيه كَلامٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَه.
وَقَالَ الزَّجّاجُ: أَصْلُ العِصْمَةِ الحبْلُ، وكُلُّ مَا أَمْسَكَ شَيْئًا فَقَدْ عَصَمه.
وقالَ محمدُ بنُ نَشْوانَ الحِمْيَرِيُّ فِي ضياءِ الحلُوم: أَصلُ العِصْمَةِ السَّبَبُ والحَبْلُ.
وَقَالَ الرَّاغِب: " عِصْمَةُ اللهِ تَعالَى الأنبياءَ: حِفْظُه إيَّاهم أوّلاً بِمَا خَصَّهُم بِهِ من صَفاءِ الجَوَاهِر، ثُمَّ بِمَا أَولَاهُم من الفَضَائِلِ الجِسْمِية والنَّفْسِيَّةِ، ثمَّ بالنُّصْرَةِ وتَثْبِيتِ أقْدامِهم، ثمَّ بِإنْزالِ السَّكِينَة عَلَيْهِم وبِحِفْظِ قُلوبِهم، وبالتَّوفيقِ، قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس}.
وَقَالَ شيخُنا: العِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ الكَلَامِ: عَدَمُ قُدرةِ المَعْصِيَةِ، أَو خُلُقٌ مَانِعٌ غَيرُ مُلْجِئٍ، وَهُوَ الَّذِي اعتمدَه ابنُ الهُمام.[1]
قَالَ الزَّجَّاجُ: أصلُ العِصْمةِ الحبْلُ. وكلُّ مَا أَمْسَك شَيْئًا فَقَدْ عَصَمَه؛ تَقُولُ: إِذَا كفَرْتَ فَقَدْ زالتِ العِصْمةُ. وَيُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِذَا تقَحَّمَ بِهِ بَعِيرٌ صعْبٌ أَوْ دابَّةٌ فامْتَسك بواسِط رَحْله أَوْ بقَرَبوسِ سَرْجِه لِئَلَّا يُصْرعَ: قَدْ أَعْصَمَ فَهُوَ مُعْصِمٌ. وَقَالَ ابْنُ المظفَّر: أَعْصَمَ إِذَا لجأَ إِلَى الشَّيْءِ وأَعْصَم بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ ؛ أَيْ تمَسَّكوا بعهدِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ[2]
العِصمة: ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها.[3]
[1] ج33 ص100 - كتاب تاج العروس - ع ص م
[2] ج12 ص405 - كتاب لسان العرب - فصل العين المهملة
[3] ص150 - كتاب التعريفات لأبي الحسن الجرجاني - باب العين
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
من المصطلحات المستجدة على القاموس الشرعي الإسلامي مصطلح العصمة، والتي وردت في كتاب الله بمعنى خلاف ما استعملت فيه لاحقاً، فقد تقرر في أذهان الناس بأن العصمة هي امتناع وقوع أفعال مخصوصة من النبي والرسول، وخصوصاً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، واعتقد الكثير من الطوائف الإسلامية بأن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الخطأ والنسيان والسهو واللغو وغيره من الذنوب، وبرغم الاختلافات حول نطاق هذه العصمة، هل هي مطلقة أم جزئية؟ وهل هي تشمل الكبائر والصغائر أم تقتصر على الصغائر دون الكبائر أم تتعلق بالتبليغ دون سواه من أفعال الدنيا؟
وفي هذه الدراسة سنتطرق لتعريف العصمة لغوياً وشرعياً وفهم السلف الصالح لها، ثم نستعرض الأقوال التي وردت في مسائل العصمة وأقوال طوائف كالرافضة في مفهوم العصمة.
ثم ننتقل لبيان لإثبات انتفاء العصمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن بقية الأنبياء، وكيف أن القول بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم ينافي كتاب الله ويقدح في الأنبياء الكرام ويحط من قدرهم وأن نفي العصمة عنهم واجب، ولن يتحقق إلا بفهم لوازم العصمة وحقيقتها وكيف تكون في نسبتها إساءة للأنبياء وتخذيل للناس عن الطاعات.
نرجو من الله أن يوفقنا جميعاً لفهم كتابه على الوجه الذي يرضيه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
العصمة لغة وشرعاً:
(والعِصْمَةُ: بالكَسْر: المَنْع) ، هَذَا أَصلُ مَعْنَى اللُّغَة، وَيُقَال: أصلُ العِصْمَةِ الرَّبْطُ، ثمَّ صَارَت بِمَعْنَى المَنْع. وعِصْمَةُ اللهِ عَبْدَه: أَن يَعْصِمَه مِمَّا يوبِقُه.
عَصَمه يَعْصِمه عَصْمًا: منَعَه ووَقَاه، وقَوْلُه تَعالَى: {يعصمني من المَاء} . أَي: يُمْنَعُنِي من تَغْرِيقِ الماءِ، و {لَا عَاصِم الْيَوْم من أَمر الله} ، أَي لَا مانعَ، وقِيلَ: هُوَ على النِّسْبَةِ، أَي ذَا عِصْمَةٍ، وقِيلَ: مَعْنَاه لَا مَعْصُومَ إلاّ المَرْحُومُ، وَفِيه كَلامٌ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَه.
وَقَالَ الزَّجّاجُ: أَصْلُ العِصْمَةِ الحبْلُ، وكُلُّ مَا أَمْسَكَ شَيْئًا فَقَدْ عَصَمه.
وقالَ محمدُ بنُ نَشْوانَ الحِمْيَرِيُّ فِي ضياءِ الحلُوم: أَصلُ العِصْمَةِ السَّبَبُ والحَبْلُ.
وَقَالَ الرَّاغِب: " عِصْمَةُ اللهِ تَعالَى الأنبياءَ: حِفْظُه إيَّاهم أوّلاً بِمَا خَصَّهُم بِهِ من صَفاءِ الجَوَاهِر، ثُمَّ بِمَا أَولَاهُم من الفَضَائِلِ الجِسْمِية والنَّفْسِيَّةِ، ثمَّ بالنُّصْرَةِ وتَثْبِيتِ أقْدامِهم، ثمَّ بِإنْزالِ السَّكِينَة عَلَيْهِم وبِحِفْظِ قُلوبِهم، وبالتَّوفيقِ، قَالَ الله عَزَّ وجَلَّ: {وَالله يَعْصِمك من النَّاس}.
وَقَالَ شيخُنا: العِصْمَةُ عِنْدَ أَهْلِ الكَلَامِ: عَدَمُ قُدرةِ المَعْصِيَةِ، أَو خُلُقٌ مَانِعٌ غَيرُ مُلْجِئٍ، وَهُوَ الَّذِي اعتمدَه ابنُ الهُمام.[1]
قَالَ الزَّجَّاجُ: أصلُ العِصْمةِ الحبْلُ. وكلُّ مَا أَمْسَك شَيْئًا فَقَدْ عَصَمَه؛ تَقُولُ: إِذَا كفَرْتَ فَقَدْ زالتِ العِصْمةُ. وَيُقَالُ لِلرَّاكِبِ إِذَا تقَحَّمَ بِهِ بَعِيرٌ صعْبٌ أَوْ دابَّةٌ فامْتَسك بواسِط رَحْله أَوْ بقَرَبوسِ سَرْجِه لِئَلَّا يُصْرعَ: قَدْ أَعْصَمَ فَهُوَ مُعْصِمٌ. وَقَالَ ابْنُ المظفَّر: أَعْصَمَ إِذَا لجأَ إِلَى الشَّيْءِ وأَعْصَم بِهِ. وَقَوْلُهُ: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ ؛ أَيْ تمَسَّكوا بعهدِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ[2]
العِصمة: ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها.[3]
[1] ج33 ص100 - كتاب تاج العروس - ع ص م
[2] ج12 ص405 - كتاب لسان العرب - فصل العين المهملة
[3] ص150 - كتاب التعريفات لأبي الحسن الجرجاني - باب العين
يتبع إن شاء الله تعالى...