عبدالكريم عزيز
New member
عن مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والإنسانية المجلد 2 العدد 2 ربيع الثاني 1426، يونيو 2005 ومن خلال البحث الذي قام به : عبد الله الخطيب ومصطفى مسلم تحت عنوان : المناسبات وأثرها على تفسير القرآن الكريم ، أقتطف ما يلي :
... قبل البدء بالتفصيل : إن علم المناسبات يعتمد على ترتيب الآيات في السورة الواحدة ، وترتيب السور بين بعضها حسب ترتيب المصحف ، فلا بد من التأكيد على أن ترتيب الآيات توقيفي لا مجال للاجتهاد فيه ، وهو ما توارثته الأمة في تاريخها ، وأما ترتيب السور بين بعضها كما هو في المصحف ، ألغي فيه اعتبار الزمان والمكان وأسباب النزول أو الأشخاص الذين نزلت فيهم الآيات ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ليعود القرآن الكريم كيوم نزوله إلى بيت العزة في السماء الدنيا : {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * } سورة الدخان 1-6
ولا يتحقق الإعجاز البياني للقرآن الكريم إلا بهذا الترتيب ، ولقد توجه بعض المعاصرين إلى تفسير القرآن على ترتيب النزول ، إلا أن ذلك عندنا ليس بصائب لأمور منها :
1- أن الراجح عند معظم العلماء أن ترتيب السور توقيفي ، وتضافرت النقول على تحديد ترتيب أكثر سور القرآن الكريم ، لذا فإعادة تفسير القرآن حسب ترتيب النزول يتعارض مع الترتيب الذي اتفقت عليه الأمة أيام أبي بكر وعثمان رضي الله تعالى عنهما ، ومضت الأمة على ذلك في القرون المتطاولة فلا يجوز تغييره حتى ولو كان اجتهاديا . وقد قال الكرماني يؤكد أن الترتيب توقيفي : " أول القرآن سورة الفاتحة ثم سورة البقرة ، ثم آل عمران على هذا الترتيب إلى سورة الناس ، وهكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ ، وهو على هذا الترتيب كان يعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام كل سنة ما يجتمع عنده منه ، وعرضه عليه الصلاة والسلام في السنة التي توفي فيها مرتين " ، وقد ساق الكرماني بعد هذا الرأي أدلة عديدة على ما قاله ، وقد أيد السيوطي هذا الرأي بقوله : " إن ترتيب كل المصاحف بتوقيف ، واستقر التوقيف في العرضة الأخيرة على القراءات العثمانية " ، وقال أبو بكر الأنباري : " اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي صلى ما الله عليه وسلم ، وإن من قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن " وممن أيد هذا الرأي كل من ابن الزبير الغرناطي ، الزركشي ، وأبو جعفر النحاس وغيرهم ، وكذلك أيده معظم المؤلفين المعاصرين في علوم القرآن الكريم
2- إن إعادة ترتيب السور حسب النزول ضرب من الظن لأنه لا توجد روايات صحيحة تعطينا الترتيب الكلي للقرآن حسب تاريخ نزوله ، ولهذا يقول الدكتور عدنان زرزور معللا معارضته لهذا العمل : " فالترتيب بحسب النزول لا يمكن وصفه بالدقة ، إلى جانب ما فيه من تضخيم مرحلية البناء ، وتضييق ساحة النص القرآني الذي أراد الله تعالى له أن يكون عاما شاملا يعين تنجيمه وأسباب نزوله على مزيد من الفهم لا على الانغلاق في حدود البيئة أو الزمان ...، ولعل هذا أن يكون أحد الأسباب الحاسمة في ترجيح رأي من يقول إن ترتيب السور جميعها كان بتوقيف "
3- أن كثيرا من علماء التفسير أثبتوا المناسبة بين السور ، ومن هذه المناسبات المناسبة بين خاتمة السورة وافتتاحية ما بعدها ، (...) ، وهذه أمارة قوية ترجح الرأي الذي يقول بأن الترتيب الحالي توقيفي . ويعد هذا اللون من التناسب وجها من وجوه الإعجاز القرآني .
4- يقول محمد شعباني : " إن فتح إعادة ترتيب السور حسب نزولها قد يؤدي إلى فتح باب آخر أشد خطرا على كتاب الله العزيز ، فيغري بعض المتطفلين على القرآن فيطالبون بإعادة ترتيب الآيات حسب نزولها ، وفي ذلك من التحريف والتشويه لنظم القرآن ، وإفساد لحسن ترتيبه ورصف آياته وكلماته ، ما لا يقول به إلا جاهل ببيان القرآن وإعجازه ، أو ماكر يريد أن يأتي على بنيان الإسلام وأركانه " . نعم نقول لا بأس من مراعاة ترتيب النزول في الدراسات القرآنية عند بحث موضوع من الموضوعات من خلال القرآن ، أما أن نطبع تفسيرا كاملا للقرآن الكريم مرتبا حسب النزول فهو غير مقبول ، وأما إعادة ترتيب الآيات حسب النزول للتلاوة فهذا ضلال مبين .
... قبل البدء بالتفصيل : إن علم المناسبات يعتمد على ترتيب الآيات في السورة الواحدة ، وترتيب السور بين بعضها حسب ترتيب المصحف ، فلا بد من التأكيد على أن ترتيب الآيات توقيفي لا مجال للاجتهاد فيه ، وهو ما توارثته الأمة في تاريخها ، وأما ترتيب السور بين بعضها كما هو في المصحف ، ألغي فيه اعتبار الزمان والمكان وأسباب النزول أو الأشخاص الذين نزلت فيهم الآيات ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، ليعود القرآن الكريم كيوم نزوله إلى بيت العزة في السماء الدنيا : {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * } سورة الدخان 1-6
ولا يتحقق الإعجاز البياني للقرآن الكريم إلا بهذا الترتيب ، ولقد توجه بعض المعاصرين إلى تفسير القرآن على ترتيب النزول ، إلا أن ذلك عندنا ليس بصائب لأمور منها :
1- أن الراجح عند معظم العلماء أن ترتيب السور توقيفي ، وتضافرت النقول على تحديد ترتيب أكثر سور القرآن الكريم ، لذا فإعادة تفسير القرآن حسب ترتيب النزول يتعارض مع الترتيب الذي اتفقت عليه الأمة أيام أبي بكر وعثمان رضي الله تعالى عنهما ، ومضت الأمة على ذلك في القرون المتطاولة فلا يجوز تغييره حتى ولو كان اجتهاديا . وقد قال الكرماني يؤكد أن الترتيب توقيفي : " أول القرآن سورة الفاتحة ثم سورة البقرة ، ثم آل عمران على هذا الترتيب إلى سورة الناس ، وهكذا هو عند الله في اللوح المحفوظ ، وهو على هذا الترتيب كان يعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام كل سنة ما يجتمع عنده منه ، وعرضه عليه الصلاة والسلام في السنة التي توفي فيها مرتين " ، وقد ساق الكرماني بعد هذا الرأي أدلة عديدة على ما قاله ، وقد أيد السيوطي هذا الرأي بقوله : " إن ترتيب كل المصاحف بتوقيف ، واستقر التوقيف في العرضة الأخيرة على القراءات العثمانية " ، وقال أبو بكر الأنباري : " اتساق السور كاتساق الآيات والحروف كله عن النبي صلى ما الله عليه وسلم ، وإن من قدم سورة أو أخرها فقد أفسد نظم القرآن " وممن أيد هذا الرأي كل من ابن الزبير الغرناطي ، الزركشي ، وأبو جعفر النحاس وغيرهم ، وكذلك أيده معظم المؤلفين المعاصرين في علوم القرآن الكريم
2- إن إعادة ترتيب السور حسب النزول ضرب من الظن لأنه لا توجد روايات صحيحة تعطينا الترتيب الكلي للقرآن حسب تاريخ نزوله ، ولهذا يقول الدكتور عدنان زرزور معللا معارضته لهذا العمل : " فالترتيب بحسب النزول لا يمكن وصفه بالدقة ، إلى جانب ما فيه من تضخيم مرحلية البناء ، وتضييق ساحة النص القرآني الذي أراد الله تعالى له أن يكون عاما شاملا يعين تنجيمه وأسباب نزوله على مزيد من الفهم لا على الانغلاق في حدود البيئة أو الزمان ...، ولعل هذا أن يكون أحد الأسباب الحاسمة في ترجيح رأي من يقول إن ترتيب السور جميعها كان بتوقيف "
3- أن كثيرا من علماء التفسير أثبتوا المناسبة بين السور ، ومن هذه المناسبات المناسبة بين خاتمة السورة وافتتاحية ما بعدها ، (...) ، وهذه أمارة قوية ترجح الرأي الذي يقول بأن الترتيب الحالي توقيفي . ويعد هذا اللون من التناسب وجها من وجوه الإعجاز القرآني .
4- يقول محمد شعباني : " إن فتح إعادة ترتيب السور حسب نزولها قد يؤدي إلى فتح باب آخر أشد خطرا على كتاب الله العزيز ، فيغري بعض المتطفلين على القرآن فيطالبون بإعادة ترتيب الآيات حسب نزولها ، وفي ذلك من التحريف والتشويه لنظم القرآن ، وإفساد لحسن ترتيبه ورصف آياته وكلماته ، ما لا يقول به إلا جاهل ببيان القرآن وإعجازه ، أو ماكر يريد أن يأتي على بنيان الإسلام وأركانه " . نعم نقول لا بأس من مراعاة ترتيب النزول في الدراسات القرآنية عند بحث موضوع من الموضوعات من خلال القرآن ، أما أن نطبع تفسيرا كاملا للقرآن الكريم مرتبا حسب النزول فهو غير مقبول ، وأما إعادة ترتيب الآيات حسب النزول للتلاوة فهذا ضلال مبين .