تعليق على كلام الشيخ مساعد في فهم حديث كشف الساق

قال الامام الدارمي في الرد على المريسي

وقال بعضهم : إنا لا نقبل هذه الآثار ، ولا نحتج بها ، قلت : أجل ، ولا كتاب الله تقبلون ، أرأيتم إن لم تقبلوها ، أتشكون أنها مروية عن السلف ، مأثورة عنهم ، مستفيضة فيهم ، يتوارثونها عن أعلام الناس وفقهائهم قرنا بعد قرن ؟ قالوا : نعم ، قلنا : فحسبنا إقراركم بها عليكم حجة لدعوانا أنها مشهورة مروية ، تداولتها العلماء والفقهاء ، فهاتوا عنهم مثلها حجة لدعواكم التي كذبتها الآثار كلها ، فلا تقدرون أن تأتوا فيها بخبر ولا أثر ، وقد علمتم ، إن شاء الله ، أنه لا يستدرك سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وأحكامهم وقضاياهم إلا بهذه الآثار والأسانيد على ما فيها من الاختلاف ، وهي السبب إلى ذلك ، والنهج الذي درج عليه المسلمون ، وكانت إمامهم في دينهم بعد كتاب الله عز وجل ، منها يقتبسون العلم ، وبها يقضون ، وبها يقيمون ، وعليها يعتمدون ، وبها يتزينون ، يورثها الأول منهم الآخر ، ويبلغها الشاهد منهم الغائب احتجاجا بها ، واحتسابا في أدائها إلى من لم يسمعها ، يسمونها السنن والآثار والفقه والعلم ، ويضربون في طلبها شرق الأرض وغربها ، يحلون بها حلال الله ، ويحرمون بها حرامه ، ويميزون بها بين الحق والباطل ، والسنن والبدع ، ويستدلون بها على تفسير القرآن ومعانيه وأحكامه ، ويعرفون بها ضلالة من ضل عن الهدى ، فمن رغب عنها فإنما يرغب عن آثار السلف وهديهم ، ويريد مخالفتهم ليتخذ دينه هواه ، وليتأول كتاب الله برأيه خلاف ما عنى الله به . فإن كنتم من المؤمنين ، وعلى منهاج أسلافهم ، فاقتبسوا العلم من آثارهم ، واقتبسوا الهدى في سبيله ، وارضوا بهذه الآثار إماما ، كما رضي بها القوم لأنفسهم إماما ، فلعمري ما أنتم أعلم بكتاب الله منهم ولا مثلهم ، ولا يمكن الاقتداء بهم إلا باتباع هذه الآثار على ما تروى . فمن لم يقبلها فإنه يريد أن يتبع غير سبيل المؤمنين ، وقال الله تعالى : ( ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا (4) ) . فقال قائل منهم : لا ، بل نقول بالمعقول . قلنا : هاهنا ضللتم عن سواء السبيل ، ووقعتم في تيه لا مخرج لكم منه ، لأن المعقول ليس لشيء واحد موصوف بحدود عند جميع الناس فيقتصر عليه ، ولو كان كذلك كان راحة للناس ولقلنا به ولم نعد ، ولم يكن الله تبارك وتعالى قال : ( كل حزب بما لديهم فرحون (5) ) فوجدنا المعقول عند كل حزب ما هم عليه والمجهول عندهم ما خالفهم ، فوجدنا فرقكم معشر الجهمية في المعقول مختلفين ، كل فرقة منكم تدعي أن المعقول عندها ما تدعو إليه ، والمجهول ما خالفها ، فحين رأينا المعقول اختلف منا ومنكم ومن جميع أهل الأهواء ، ولم نقف له على حد بين في كل شيء ، رأينا أرشد الوجوه وأهداها أن نرد المعقولات كلها إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى المعقول عند أصحابه المستفيض بين أظهرهم ، لأن الوحي كان ينزل بين أظهرهم ، فكانوا أعلم بتأويله منا ومنكم ، وكانوا مؤتلفين في أصول الدين ، لم يفترقوا فيه ، ولم تظهر فيهم البدع والأهواء الحائدة عن الطريق . فالمعقول عندنا ما وافق هديهم ، والمجهول ما خالفهم ، ولا سبيل إلى معرفة هديهم وطريقتهم إلا هذه الآثار ، وقد انسلختم منها ، وانتفيتم منها بزعمكم ، فأنى تهتدون ؟ . واحتج محتج منهم بقول مجاهد : ( وجوه يومئذ ناضرة ، إلى ربها ناظرة (6) ) . قال : تنتظر ثواب ربها . قلنا : نعم ، تنتظر ثواب ربها ، ولا ثواب أعظم من النظر إلى وجهه تبارك وتعالى . فإن أبيتم إلا تعلقا بحديث مجاهد هذا ، واحتجاجا به دون ما سواه من الآثار ، فهذا آية شذوذكم عن الحق واتباعكم الباطل ، لأن دعواكم هذه لو صحت عن مجاهد على المعنى الذي تذهبون إليه كان مدحوضا القول إليه ، مع هذه الآثار التي قد صحت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وجماعة التابعين ، أولستم قد زعمتم أنكم لا تقبلون هذه الآثار ولا تحتجون بها ، فكيف تحتجون بالأثر عن مجاهد إذ وجدتم سبيلا إلى التعلق به لباطلكم على غير بيان ؟ وتركتم آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين إذ خالفت مذهبكم ، فأما إذا أقررتم بقبول الأثر عن مجاهد ، فقد حكمتم على أنفسكم بقبول آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين بعدهم ، لأنكم لم تسمعوا هذا عن مجاهد ، بل تأثرونه عنه بإسناد ، وتأثرون بأسانيد مثلها أو أجود منها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعن أصحابه والتابعين ما هو خلافه عندكم . فكيف ألزمتم أنفسكم اتباع المشتبه من آثار مجاهد وحده ، وتركتم الصحيح المنصوص من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ونظراء مجاهد من التابعين ، إلا من ريبة وشذوذ عن الحق . إن الذي يريد الشذوذ عن الحق ، يتبع الشاذ من قول العلماء ، ويتعلق بزلاتهم ، والذي يؤم الحق في نفسه يتبع المشهور من قول جماعتهم ، وينقلب مع جمهورهم ، فهما آيتان بينتان يستدل بهما على اتباع الرجل ، وعلى ابتداعه
 
و قال الامام الأشعري في المقالات
"ويعرفون حق السلف الذين اختارهم الله سبحانه لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ويأخذون بفضائلهم ويمسكون عما شجر بينهم صغيرهم وكبيرهم، ويقدمون أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علياً رضوان الله عليهم ويقرون أنهم الخلفاء الراشدون المهديون أفضل الناس كلهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر كما جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال الله عز وجل: " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " ويرون اتباع من سلف من أيمة الدين وأن لا يبتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله"
 
إخواني الكرام الأعزاء الفضلاء.
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا نوايانا الصادقة في فهم أصول ديننا، وأن يغفر لنا إن أسأنا الأدب مع بعضنا البعض، وأن يجمعنا بفضله ومنه وكرمه في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله، وأن ينزع ما في قلوبنا من غل وأن يجعلنا إخوانا متحابين فيه.

هذه نهاية مطافي معكم في هذا الحديث المهم الخطير، غير أني سأحاول استكماله بشكل مباشر مع فضيلة الشيخ مساعد الطيار حفظه الله تعالى ورعاه وجعل الجنة مثواي ومثواه، فهذا المنتدى كما هو معلوم لا يحتمل كثرة تداخل الأطراف في مثل هذه المسائل، والموضوع بالأصل كما طرحته هو في مسألة معينة بين أطراف معينين.

أما اخي الفاضل العزيز عبد الرحمن، فقد سعدت بمحاورتك، ولعل ما أحب أن تقتنع به أخي الفاضل هو أن رميك لجمهور عريض من أفاضل علماء المسلمين بأفراخ اليونان في العديد من المرات لا يليق يا أخي الحبيب.
وأما أختي الكريمة العقيدة فأشكر سعيك في الدفاع عن معتقداتك لكن العاطفة يا أختي العزيزة لا تكفي، ولا تخول لك اعتقاد أنك ممن تعين في حقهم شرعا القيام بذلك الواجب العظيم.
وأما أخي الفاضل عبد العزيز الداخل فأقول لك يا أخي الحبيب: كثرة مخالفيك ـ وهو جمهور عريض من فحول علماء الإسلام ـ لها مستند قوي، فابحث عنه بتجرد.

أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولكم، وأن يجمعنا بمنه وفضله بلا محنة سابقة في جنات النعيم.
 
وأما أختي الكريمة العقيدة فأشكر سعيك في الدفاع عن معتقداتك لكن العاطفة يا أختي العزيزة لا تكفي،

إذا كنت تقصد بالعاطفة هو خوفي على اخواني وأخواتي من الإنحراف في عقيدتهم ورحمتهم، فهذا أمر مطلوب، فمن لا يعطف على اخوانه ويخشى عليهم الضياع والفساد فعليه أن يراجع نفسه. وواجبي هو دعوتهم وارشادهم للحق والهداية من الله عز وجل.

أما إذا كنت تقصد بالعاطفة أنني أتكلم عن عاطفة وليس بالأدلة الشرعية، فهذا كلام غير صحيح
فردودي في هذا الموضوع أغلبها مستندة على أدلة إما من نصوص شرعية أو كلام السلف وعلماء السنة، وليس كلاما مبنيا على العاطفة.

ولا تخول لك اعتقاد أنك ممن تعين في حقهم شرعا القيام بذلك الواجب العظيم.
.

بل هو واجب علي أن أنشر العلم الذي عندي سواءا كان قليلا أم كثيرا.
ومثل هذا الكلام لن يوقفني من الدعوة للحق والرد على الباطل.
وقد واجهت أناس ممن يخالفونني في العقيدة حاولوا تحبيطي وجعلي أتوقف عن مناقشة مسائل العقيدة والرد على الشبهات بدعوى أنني امرأة ولا يجوز أن ادخل في نقاشات مع الرجال مع أن المنتدى مفتوح وعام وكلامي في الدين وليس "سواليف".
وقد حاولوا ذلك مع أخوات أخريات وجعلوا في قلوبهن الشك في أن ما يعملنه خطأ فقلت لهن بأنه أسلوب العاجز والضعيف
لا يعجبه كلامنا ويعجز عن الرد علينا فيستخدم مثل هذا الأسلوب.

هدانا الله وإياكم للحق
 
الجواب عن عتب الأخ الشيخ الجكني وفقه الله

الحمد لله وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

أولا: كانت مداخلتي الأولى على قولك: "رأيت إقحام الإمام مالك رحمه الله في هذا الباب مع أنه رحمه الله ليس عند من يستدل برأيه في هذا الباب غير موقفه وقوله وكلامه رحمه الله في مسألة " الإستواء "؟؟؟". اهـ

وهذه عندي "دعوى" لأنها مخالفة للواقع، وقد أجبتك عليها جوابا بينا، أثبت لك فيه أن عند غيرك لمالك غير ذلك.

ثانيا: كلامك المنشور هنا "شبهة" في نظري؛ لأن ظاهرها أنه ليس لمالك في الصفات غيرها، ولذلك رأيت أنه "أقحم" في الموضوع مع أن رأيه قد يكون بخلاف ذلك، وهذا بين في مشاركتك .
ولا أدري من أين جئت بأن من وصف قوله بأنه "دعوى" يلزم أن يكون قد أخذ عليه كذبا ؟!
ألم تقل هذه العبارة في كتب أهل العلم على شيوخهم وكبرائهم وأصحابهم وغيرهم ؟!
أليس في الحديث "البينة على المدعي" وقول المدعي "دعوى" حتى يثبتها بالبينة ؟!
فإن كان غاب عنك هذا فهذا جوابه، وإن كان قصدك التشنيع فسامحك لله .

ثالثا: قولك: "هل طالبتني في مداخلاتك ومناقشاتك معي بالدليل على صحة كلامي ثم هربي من ذلك ؟ " اهـ
لم أطلب منك لأنك ناف ولا تقدر على أن تثبت النفي، ويطالب مخالفك بنقضه وقد بينت لك عدم صحة نفيك، ولم أر منك جوابا ولا رجوعا، وذهبت تفرع خارج الدعوى وتطالبني بما لا يلزمني.

رابعا: أما عتبك في كوني كتبته هناك...إلخ.

فوجه كتابته قد بينته هناك، والكلام إذا كتب وانتشر لم يكن خاصا بك، فأنت أثرت أمرا عاما وهو أن الإمام مالكا ليس له في الصفات غير ذلك، وهذه العبارة قد تشرق وتغرب كما يحدث كثيرا ويطير بها متابعوا كلامك في منتياتهم ويقررون ذلك، خصوصا عند ظهور ارتباط نزار بموقع الأصلين! ، وهذا وجه كوني ذكرتها هناك ليعلم الرد عليها الذي قررته في كلامي؛ وهو كاف جدا في تقديري وما زاد فهو نافلة؛ لأن ملتقى أهل الحديث هو المراجع في كثير من هذه الأمور عند الإخوة الذي يناظرون ويحاجون المخالفين خصوصا من الأشاعرة، أما هذا الموضع الذي نتحاور فربما لا يقف عليه كثير منهم.


خامسا: قولك: "على أنه " كلام " أو " رأي " اهـ.

وهذا فرع على أن تصورك لكلمة دعوى كذب! وقد بينت ذلك ولا أرى فرقا بينها.

سادسا: قولك: " قام بعمل مشين وقد يكون حراماً – عن قصد أو عن غير قصد فالله حسيبه وهو العالم بنيته – حيث ( أوهم الناس ) أني ( أشكك ) في الإمام مالك وأقول بأنه رحمه الله " مثبت للصفات " – حسب رأيه "اهـ

الحمد لله لا حرام ولا مشين عندي وإلا لم أفعله، وأنت لم تذكر وجه حرمته ولا شينه، وقد بينت وجه فعلي ولا يلزمني أن تكون مقتنعا بذلك، فهذا ظاهر كلامك لكل عربي، وها أنت تختم هذه بقولك "حسب رأيه" .

سابعا: قولك: "ولما جاء إلى الكلام الذي هو مناط الخلاف بيني وبينه وهو ماطالبته به أن يأتيني بكلام للإمام مالك رحمه الله في حديث الصورة بالذات، وكررت عليه هذا الكلام وهذا الطلب وصرحت له بصريح العبارة أني أتناقش معه في بعض المسائل."
سبحان الله من قال لك إن مناط الكلام بيني وبينك هذا ؟!

سبق أن قلت لك: مناط الكلام بيني وبينك ـ وهو سبب دخولي للموضوع ـ هي دعواك الأولى فقط : "ليس عند من يستدل برأيه في هذا الباب غير موقفه وقوله وكلامه رحمه الله في مسألة " الإستواء "؟؟؟""

أما مطالبتك لي بالإتيان بكلامه في الصورة ففي غاية العجب، وما شأني بذلك حتى تلزمني به ؟!
أنت أدعيت أنه ليس عند من يستدل برأيه في هذا الباب إلا تلك الكلمة، فبيت لك أن من "أقحمه" على حد تعبيرك له أشياء أخر غابت عنك وسردتها لك .
وأنت لا تزال تصر على أنه يلزمني جوابك !

ثامنا: قولك: "لماذا يا شيخ عبدالرحمن إذ نقلت كلامي لم تنقله كله ؟"

لأن كلامك كله منه ما لا علاقة له بالمسالة التي طرحتها أنا ، فأرجو الكف عن محاولة تصوير أني أخللت بالنقل فهذه المسالك لغيري لا لي.

تاسعا: قولك: "ولماذا لم تطلب من أصحابك معاونتك في البحث والحصول على قول أو رأي للإمام مالك رحمه الله في الحديث المذكور ؟"

لأنه لا يعنيني الجواب عنه فهو خارج مسألتي ، وقد تقدم ذلك .

عاشرا: قولك: "وهو ما لم تعرج عليه في نقل كلامي لأصحابك ، وأصحابك بدورهم – كما يظهر – لم يبخلوا أن يساعدوك فبحثوا وماجاؤونا إلا بما هو معروف عن مالك في مسائل الاستواء والنزول" .

الموضوع هناك عام في منتدى كبير ومن شارك عامتهم لا أعرفهم فهون على نفسك.
ثم "المساعدة" مطلوبة "لك" كما هو منصوص في الموضوع لا لي؛ لأني لست في شك أن مالكا وابن عيينة وابن المبارك وابن مهدي وأحمد والشافعي وإسحاق على منهج واحد وعقيدة واحدة، وهذا عندي كالشمس في رائعة النهار.
ثم الموضوع حديث جدا فربما تجد من يتحفك بعد ذلك قريبا أو بعيدا فلم العجلة ؟!

حادي عشر: قولك: "ولكنك يا أخي الكريم لم تأخذ برأي الأخت ، وأصحابك الذين استنجدت بهم لم يفعلوا – بل لن يفعلوا – لأن مصادرهم في مثل هذه القضايا معروفة ومحدودة وكأنكم تتعبدون الله بعدم البعد عنها ، أو كأن البحث في غيرها هو " البدعة " و " الشبهة " و" الضلال" وأن ما فيها هو " الادعاء" وإلى غير ذلك ".

وما هذه التعابير ا؟!
أنا لم "أستنجد" بأحد لحاجتي له، وإنما لعدم الفراغ "كما قررته أولا" ولعدم "النشاط" طلبت "نافلة" من "يمر عليه" شيء يذكره ليستفيد "الشيخ الجكني" لا عبد الرحمن السديس كما هو منصوص هناك، ولم أطلب من أحد بحثا، فهون عليك واترك العبارات الموهمة عكس الواقع.

ونحن ـ كما تشهد كتب علمائنا ـ نتعبد الله بالكتاب والسنة، وإجماع السلف الصالح، ونطلع على كتب أهل العلم كافة ونتعبد بما صح منها، فنأخذ صفوها ونترك كدرها، ونرد عليه ونبين فساده بالحجة عقلا ونقلا، ولا يلمز من كتبهم مليئة بالنقل من كل المذاهب والرد عليها هذا أصلح الله بالك، وإنما يعاب ذلك من كتبهم مشحونة برأي علمائهم فقط ويذكرون في المسألة أربع أو خمس أو ست تأويلات من شيوخهم ولا يعرجون على كلام السلف البتة لعدم معرفتهم به، ودونك الشروح والتفاسير المتأخرة التي أكثر من الدندنة حولها نزار شاهد على ذلك، وهذا منهجهم أتباعهم إلى هذه الساعة.

ثاني عشر: قولك "هل تُعطَون أنتم وأصحابكم في ملتقى الحديث فرصة أخرى للبحث عن قول الإمام مالك نفسه في حديث الصورة ؟ "
هذا مكرر، وهو خارج أصل البحث واعتراضي على كلامك، ولا أدري ما السبب على الإصرار في تكريره ؟! .



=====

الأخ محمد بن جماعة وفقه الله

إن كنت تريد نصحا لي خاصة فمكانه الخاص، فأراك تغض الطرف عن غيري وما في كلامهم من الحدة والتهكم والتهم مع ابتدائهم بذلك، ومن استخدام أكثر من معرف وكال التهم، وتعلق على ما عندي، وهذا في نظري غير مقبول وفقك الله.



=============

الأخ نزار هداه الله

في كل مرة يورد أمورا أبين فسادها ووجه الخلل فيها، ثم يعود مرة أخرى وكأنه لم يحدث شيء ولم يجب على ما أورده وكأن الأمر لا يعنيه !!
بل يعود بكلام أكثره مكرر من السابق، فهل المقصود هو أن يشغل القارئ عما في مشاركته الأولى من الخلل أم ماذا ؟!
 
وأصحابك بدورهم – كما يظهر – لم يبخلوا أن يساعدوك فبحثوا وماجاؤونا إلا بما هو معروف عن مالك في مسائل الاستواء والنزول".
من قال لك إنهم بحثوا؟!
فعلك تعلم الفرق بين ما كتب المرء من خاطره، وبين ما نقله من رابط كان في باله، وبين من ذهب يبحث ويقلب الكتب فيحتاج إلى وقت !
وأراك زدت كلمة "النزول" !
ولعلك تتابع الموضوع فهو متجدد، فربما ترى من أوجه أخرى أن مالكا كان مثبتا للصفات كأصحابه أهل الحديث في ذلك الزمان .
رابط الموضوع في ملتقى أهل الحديث .
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=149486
 
كلام الإمام مالك في حديث الصورة الذي نقله عنه ابن القاسم معروف و تكلم عنه أئمة السنة منذ القدم فقد كره الامام رحمه الله التحديث بذلك خشية الخوض بالتشبيه بكيف كما قال الحافظ ابن عبدالبر المالكي و لمن قد يفتنه ذلك ولا يحتمله عقله : " أما ان يقال انه كره التحديث بها مطلقا فهذا مردود على من قال فقد حدّث بهذه الأحاديث من هم أجل من مالك عند نفسه و عند المسلمين كعبدالله بن عمر و أبي هريرة و ابن عباس و عطاء بن أبي رباح و قد حدث بها نظراؤه كسفيان الثوري و الليث بن سعد و ابن عيينة و الثوري أعلم من مالك بالحديث و أحفظ له
و هو أقل غلطا فيه من مالك و ان كان مالك ينقي من يحدّث عنه و أما الليث فقد قال فيه الشافعي" كان أفقه من مالك إلا انه ضيعه أصحابه "

ففي الجملة هذا الكلام في حديث مخصوص أما ان يقال ان الأئمة أعرضوا عن هذه الأحاديث مطلقا فهذا بهتان عظيم ) اهـ من تسعينية الامام ابن تيمية ج3 \936

أحسنت بهذا التبرع منك ، وأزيد:
وقد أفاض الإمام ابن تيمية في بيان الكلام على حديث الصورة في مواضع كثيرة، وجاء ذكره لهذه الشبهة اليسيرة فردها ردا شافيا كافيا بينا في كتاب العظيم "جواب الاعتراضات المصرية" . ص157 وما بعدها.
وفي الموضع المشار إليه تنصيص من الإمام الكرجي الشافعي أن أول من بلغه أنه تأول حديث الصورة في الإسلام هو أبو ثور.

ولا أنشط لنقله لكن هذا الكتاب على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=846788&postcount=524
 
أظن اننا وصلنا الآن إلى الحاجة إلى عملية إحصاء حسابي وهي من هم الأكثر عدداً الأشاعرة والماتريدية ومن يسير على دربهم أم الحنابلة وأهل الحديث ؟
لأن كلاً من الطرفين أخذ يسرد لنا مجموعات طويلة من الذين يعتبرهم أسلافاً له دون غيرهم ... وأظن أنه هذا غير ممكن من الناحية العملية ....
وأنا في الحقيقة أتبنى وجهة نظر الأخ نعيمان التي طرحها في إحدى مداخلاته ...
وأحب ان أضيف أن علم الكلام الذي تعرض للذم كثيراً وللتسفيه واتُهم أصحابه كثيراً واعتُبروا ضلاليين ومارقين ووو ... لم ينشأ هذا العلم إلا لحاجة العصر والواقع آنذاك ولولا الحاجة لما وُجد أصلاً ... لأن الجدل مع من لا يؤمن بالقرآن الكريم والسنة النبوية لا بد أن يبدأ من أصول متفق عليها ولا يوجد أصل متفق عليه إلا العقل فبه يُعرف الوحي وبه يُفهم .. وبعد ذلك عند المؤمنين يتراجع العقل ليأخذ مكانه وراء الوحي ..
إن علم الكلام نشأ لحاجة الدعوة إلى الإسلام والتعريف به ... ونحن نرى أن المنتديات السلفية اليوم والمتخصصة بمجادلة الملاحدة والعلمانيين وغيرهم - كمنتدى التوحيد مثلاً - لا يمكنها الاستغناء عن علم الكلام والجدل العقلي المحض أحياناً لأن القرآن الكريم دعانا إلى ذلك : فالآيات الكثيرة التي تدعو إلى النظر في السماوات والأرض وما بينهما هي التي دفعت المكتلمين إلى خوض غمار الجدل ....

وأحب أن أضيف شيئاً حول المنطق :
فالمنطق ليس علماً يونانياً محضاً وإنما هو علم إنساني تشترك فيه كل الأمم وقد كان هناك منطق هندي أسبق من المنطق اليوناني ... وحين استخدمه علماء المسلمين والمتلكمون خصوصاً - باستثناء بعض الفلاسفة الإسلاميين - فقد كان استخدامهم له لأنه في بعض مباحثه وقضاياه هو مشترك بين الناس جميعاً ..
نعم كان لأرسطو فضل جمعه وتنظيمه كما فعل الخليل في علم العروض ...

وربما يكون هناك من جمعه قبل أرسطو ولكن لم يصل إلينا ذلك فكان من حسن حظ أرسطو أن وصلتنا بعض كتبه ومع ذلك فهناك من يشكك ويقول إن ما صح عن أرسطو لا يتجاوز بضع ورقات ...

وعلى كل حال وأياً كان المذهب في التفاصيل العقدية :
المرجو من الإخوة الكرام الحوار بهدوء شديد وأقول بهدوء شديد جداً والبعد عن أي كلمة جارحة أو تسفيهية أو تجهيلية أو حتى تعريضية لأنه ما دام الحوار خالصاً لوجه الله عز وجل والمقصد منه الوصول إلى تقارب في وجهات النظر فلماذا التشنج ؟ هل نحن أرحم بالناس من الله عز وجل ؟
إن أي كلمة قاسية تترك إيحاءات نفسية لدى الطرف الآخر وآثار سيئة شعر أم لم يشعر
وتنعكس في حواره قصد أم لم يقصد ...
ولذلك المرجو هو أن تعرض بضاعتك من الأدلة النقلية والعقلية أمام عقول القراء ، وتسأل الله عز وجل السداد والصواب في القول والعمل والقصد ....

والحقيقة أننا لو ذهبنا نتقصى ما في هذه الحوارية من مخالفات لأصول الحوار وآدابه لطال بنا الوقت ولكنه أمر مهم جداً ...
فمما لاحظته :
- القسوة والتشنج ." اتهام - تبديع - تكفير وغالباً : يكون هذا توارياً وراء النصوص المنقولة "
- الاستطراد خارج قضية النقاش .
- الإعراض والتجاوز أي أن المحاور يُسأل أسئلة فيعرض عنها ويتجاوزها ويشغل نفسه ومحاوره بغيرها .
- التهويل فهناك تهويل لبعض القضايا وتصويرها على أنها خطيرة .
- القص واللصق دون محاولة لشغل العقل بالمنقول وتهذيبه ليتسق مع موضوعية الحوار وعناصره .
- طبعاً وأهم خلل في الحوار هو عدم الاتفاق على منهجية محددة منذ البداية - كما أشار الأخ الكريم محمد بن جماعة - فقد رأينا أن هناك قاعدة : وهي "" الرجال تعرف بالحق وليس العكس ... "" ولكن عند التطبيق العملي لهذه القاعدة تطبق معكوسة ...

وهناك كثير من الأخطاء المنهجية فالحقيقة لو كان هناك وقت يمكن كتابة بحث حول الأخطاء الموجودة من أجل تجاوزها وتصحيح المسار وأظن أن الجميع لديه الصدق والرغبة في الوصول إلى نتيجة إيجابية .... وإن كنت أنا شخصياً أرى ان هناك ما هو أهم بكثير وأولى وأجدى في شغل أوقاتنا به .... بالإضافة إلى أننا نحاول أمراً مستحيلاً برأيي الضعيف لأننا نعتمد على ما هو مدون في الكتب وفيها ما ينصر الطرفين : المؤولة والمفوضة وقد نقل الأخ نزار عن ابن دقيق العيد قاعدة ذهبية في هذا الصدد
أرى أنها تمثل المنهج الوسط بين الإفراط والتفريط في فهم النصوص .

أحب أن أضيف هنا أنني حضرت حلقة من الحلقات وسعدت ببرنامج التفسير المباشر واستبشرت بالوجوه الطيبة للأخ الكريم د. عبد الرحمن الشهري وضيفه الكريم
وقد كان هناك تعرض لقضية مهمة وهي مسألة : الهداية والضلال " هداية التوفيق وهداية الإرشاد " وقد مر عليها الإخوة الكرام بشكل سريع يمكن أن يثير بعض الإشكالات عند بعض المشاهدين .
وقد خطر في بالي أن أتعرض لهذه المسألة وأفتح مجالاً لمناقشتها ثم بعد تفكير في القضية أعرضت عن ذلك لأن قناعتي ومعرفتي بوجهات النظر المختلفة في هذه المسألة الشائكة جداً ... جعلني أتوقع أن الوصول إلى نتائج متقاربة قد يكون صعباً وربما مستحيلاً ...

أظن والله أعلم أن لدينا مساحة واسعة جداً جداً جداً للتعاون فيما نحن متفقون عليه وما نحن متفقون فيه كبير جداً جداً جداً + 100 جداً ...
فالمسائل التفريعية التي نحن مختلفون فيها لعل الله عز وجل أرادها كذلك وإلا لأنزل فيها نصوصاً محمكة كقوله تعالى : قل هو الله أحد ...
// ولنتذكر قول الله عز وجل "" ولا يزالون مختلفبن إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ""
والخلاف في عودة الضمير بحد ذاته خلاف ضروري ليقبل كل منا توجهات الآخر - رغم كراهيتي لهذه الكلمة أقصد - الآخر- بسبب الاستخدامات المغرضة لها من قبل الاتجاهات العلمانية والتقاربية // أقصد التقريب بين الأديان وغيرها ...


أسأل الله عز وجل أن يوفقنا جميعاً لتحصيل مرضاته ، والفوز بجناته

آمين ...
 
أظن اننا وصلنا الآن إلى الحاجة إلى عملية إحصاء حسابي وهي من هم الأكثر عدداً الأشاعرة والماتريدية ومن يسير على دربهم أم الحنابلة وأهل الحديث ؟
لأن كلاً من الطرفين أخذ يسرد لنا مجموعات طويلة من الذين يعتبرهم أسلافاً له دون غيرهم ... .

عفوا يا أخ د. أحمد فلسنا بحاجة البتة لذلك؛ لأن لا قيمة له كما نبهتُ له سابقا أكثر من مرة، وإنما ذكر ذلك "فقط " لبيان غلط دعواه أن هذا منهج "أهل الحديث المعاصرين"، و"أننا فهمنا مذهب السلف غلطا "، وأرجو أن لا يكون تعليقك هذا داخل مع الأخطاء الكثيرة في هذا الموضوع .

وإن كنت بقولك: "تكفير وغالباً : يكون هذا توارياً وراء النصوص المنقولة "
تعنيني بما نقلته من مقال العاصمي وما فيه من نقل كلام ابن عبد الهادي فأنت ومخطيء ، لأن من عقيدتي وعقيدة أسلافي عدم تكفير الأشاعرة ونرى تكفيرهم غلوا.
والمقال لنقل لغرض قد بينته وعهدي به قديم وحين نقله لم أستحضر ما ذكره فيه .

وقد ذكرتُ أن هذا الموضوع يسير بطريقة غير صحيحة، وكان على إدارة الموقع أن يكون لها حضور في ضبط ذلك من البداية، ونوقن أنه بدأ وسار بطريقة غير موضوعية وغير منهجية، وإن كان هذا في نظري لا يعني السكوت على ما يبث من شبهات، ونترك ما عندنا من بيان الحق، ولو وقع بعض ذلك تبعا لأن هذا لا زم لمثل هذا الوضع.

وأما رأيك في علم الكلام، وقولك: " إنه نشأ لحاجة الدعوة إلى الإسلام والتعريف به " !
فهذا فيه نظر ظاهر، ولا أريد أن نزيد في التفريع في التعليق عليه.
والكلام في هذا كثير معروف ويكفي أنه ما ضلت الجهمية والمعتزلة وغيرهم إلا بسببه .

وأحسب أن القلم حان له الآن يقف، برجاء ألا يعود لمثل هذه الموضوعات، وتتولى إدارة الموقع إن أردات فسح المجال للمجادلات العقدية ـ وإن كنت أكره لها ذلك ـ متابعة الحوار وضبطه، ودعوة من هم أولى به، وإلا ستتكرر التجربة مع "معرفات أخرى" ستثير الفتن في الموقع، وتنقل موضوعات أخرى من منتديات معروفة فيها مقالات كثيرة مثيرة للجدل.
وأستودعكم الله فقد ذهبت أيام العيد مع هذا الموضوع :)
 
وأحب ان أضيف أن علم الكلام الذي تعرض للذم كثيراً وللتسفيه واتُهم أصحابه كثيراً واعتُبروا ضلاليين ومارقين ووو ... لم ينشأ هذا العلم إلا لحاجة العصر والواقع آنذاك ولولا الحاجة لما وُجد أصلاً ... لأن الجدل مع من لا يؤمن بالقرآن الكريم والسنة النبوية لا بد أن يبدأ من أصول متفق عليها ولا يوجد أصل متفق عليه إلا العقل فبه يُعرف الوحي وبه يُفهم .. وبعد ذلك عند المؤمنين يتراجع العقل ليأخذ مكانه وراء الوحي

لهذا وضعنا نص الامام الدارمي و هو معاصر لنشأة علم الكلام ....فالامام الدارمي و الامام أحمد و عامة من ذم الكلام من ائمة الصدر الأول لم يذموه لنسبته للعقل بل لاشتماله على اصطلاحات مجملة تضم حقا و باطلا ان نفع حقها في الرد على مقالات الملاحدة و الزنادقة و النصارى ضر باطلها أصول الاسلام و نواميسه...و لعل اشهر مثال على ذلك هو مناظرة جهم للبوذيين ففي رده يتبين كيف ان تسليم جهم للبوذيين بعض اصطلاحاتهم الصورية من عدم التفريق بين المحدث و المخلوق و تسليمه لهم بعلاقة الحس بالموجود مطلقا من غير تقييد(ما يذكرنا بمدرسة هيوم و تلامذته)...و غيرها ..كان السبب في احداث فتنة من اضر الفتن التي عرفها المسلمون و ما زال شؤمها الى اليوم و انقلب شره على اصول الاسلام بالانكار من انكار افعال الله ثم صفاته حتى وصل الأمر حين طردت الأدلة الى انكار الوجود و جعله واحدا مع أن جهم بن صفوان لم يكن يقصد ابتداءا الا الدفاع عن وجود الله ضد الحاد البوذيين...و قد بين الامام أحمد وشيخ الاسلام ابن المبارك و غيرهما الغلط الدقيق الذي وقع فيه جهم و سيتبعه عليه بقية المتكلمين في متابعة اصطلاحات المنطق الصورية و تفرسوا مآلها قبل ظهور الاتحاديين و القرامطة...مع أنهم لا ينكرون العقل و لا دوره في محاججة الخصم كيف و هم أنفسهم من استخدموه في كتبهم و مناظراتهم-و ليس فقط ملتقى التوحيد:)- و اثنوا على أهل العقول الراجحة ممن كانت لهم حجج عقلية دامغة كداوود و نظرائه...بل هذا أشهر من حفظ عنه ذم الكلام و أهله الامام الشافعي و قد أرجعوا المرتبة التي وصل اليها الى العقلية الفذة التي كان يتمتع بها حتى وصفه الامام أحمد بأنه فيلسوف مع أن عامة اقرانه تفوقه في الرواية ...و لكن رفضوا أن يأتي احد و يصطلح اصطلاحا من عنده بلا دليل ثم يقول ان هذا الاصطلاح هو العقل و ميزانه و بغيره لا يعرف الصواب العقلي من الخطأ ثم يحكمه في اصول النقل و العقل معا و البينات التي أتى بها الاسلام ..فيقولون له بل هذا عقلك انت و لسنا نقبل منك انه حق بدعواك فقط ...و لعمري لهذا تحرر عقلاني عظيم سبقت به عامة المدارس الوضعية اللاحقة يفخر المرء ان يكون اسلافه بهذه العمق العقلاني مع البعد عن التكلف(وقد بين جمع من المعاصرين كيف ان مثل هذا التحرر هو الذي أدى الى القفزات العلمية الواسعة و آخرهم الأستاذ أبويعرب المرزوقي في دراساته عن ابن خلدون و ابن تيمية و الشاطبي و بسببها اتخذه بعض المتلكمين المعاصرين غرضا ) ...وقد أمضوا ما شاء الله من الزمن يفتحون البلدان و يعمرونها و يناظرون المخالفين و يهدي الله على أيديهم من الأمم ما يحصيه الا الله و ما عرفوا اصطلاحات الأورغانون والايساغوجي و التاسوعات و لا رفعوا لها بالا...فكيف اذن أقنعوا كل تلك الأمم ان كان المنطق اليوناني و هو صلب العقل الكلامي -لتصديقهم لكثرة الدعاوي اليونانية بانهم أول من ابتكر الميزان العاصم للعقل من الزلل مع أن الذي يبدو انهم أيضا تلقفوه عن أمم الضلال قبلهم من الكلدانيين و الفراعنة و الصابئة- هو العقل الوحيد المشترك بين الناس و الذي بدون المرور بقنطرته لا يمكن الوصول الى اصول متفق عليها للحوار؟؟؟ أليست النتيجة المنطقية لمثل هذا القول انهم لم يقنعوا الناس الا بالسيف؟؟؟؟و من الجهة المقابلة حين تتأمل سير الحضارة بعد دخول هاته الفيروسات في المنظومة المعرفية الاسلامية تجد الفتوحات توقفت و الهمم خارت و كثر التفرق و التحزب والانقسام السياسي التابع للانقسام العقائدي و استقل كل حزب بقطر و استفرد به ما يدلك على انه المقصود بأحاديث اتباع سبيل من قبلنا...و تطور الأمر حتى أنتجت هذه الفيروسات حين طردت ادلتها نفس مقالات الزنادقة و الملحدين التي استدعيت من أجل مدافعتها مع ظهور الاتحاديين و الباطنية و القرامطة محتجين بنفس الأصول المنطقية الصورية التي قبلها المتكلمون على انفسهم ...و لكن هذه المرة أصبحت هذه المقالات داخل الجسم الاسلامي لا خارجه ما يبين لك صواب موقف أئمة السلف من أحصنة طروادة هذه...هذا مع انها أورثث العجز عن رد شبهات الفلاسفة و الملاحدة لتسليم المتكلمين لهم بأصول باطلهم و كفرهم و بعض الكفر و الباطل يجر الى بعض و لهذا أذكياء المتأخرين من المتكلمين يقرون بتكافؤ الأدلة و أنه لا سبيل الى الزام الملحد بحجة ..و يمكن تجربة ذلك-و قد جربناه مرارا- بأن تحاول محاورة ملحد في وجود الله بالاعتماد على ما التزم به المتكلمون من قواعد في الحدوث و الخلق اعتمادا على أصول المنطق اليوناني في التصور و التصديق و سترى ان الأمر دائما سيفضي بك الى التعادل مع محاورك في أفضل الأحوال بينما ان حاورته بأدلة العقل المبينة في القرآن و السنة تجد الهيمنة في الحوار تتبين شيئا فشيئا لأن القرآن و السنة نبهت الى أصول المعاني العقلية و الاستدلالية الواضحة و بين موضع تقييدها و موضع اطلاقها محددا اصول نظرية المعرفة الصحيحة وهو القيد الذي لا تجده في اصول المنطقي الصوري بحيث يفترض عقلا مطلقا و معرفة قطعية على كافة المستويات في محاولته الرد على السوفسطائية...يبقى الكلام عن كل هذا الاختلاف الى أين؟؟؟ هو بلا شك من مقتضى سنة التدافع حتى في بيضة الاسلام نفسها و سنة الله التي اخبر بها نبيه صلى الله عليه وسلم فلولا وجود هذه الطائفة من أهل الحديث و هي لا تختص ببلد معين و لا مذهب فقهي معين و تباثها على الأمر الأول جيلا عن جيل تنفي عنه تأويل المبطلين و زيغ الزائغين لم يكن لتستقيم حجة حتى للمتكلمين بل و حتى للفلاسفة ...فالديالكتية بين التجمعات العقائدية في المجتمعات الانسانية من خواصها الاصطدام و التخالف و من نتائجها المعرفة و وضوح الرؤية و تمايز الخبيث من الطيب و ان لم ينكر المنكر و لم يؤمر بالمعروف يوشك الله ان يعم الجميع بالعقاب و تذكروا حديث السفينة و اعتبروا بما وقع للنصارى حين تواطؤوا على التبييت للجماعة المسيحية الأولى و كيف استطاعت الفيروسات اليونانية و الصابئية نفسها ان تقضي على صلب عقيدتهم و تحولهم لوثنيين ووحدويين و حلوليين بمجرد ان هلكت بيضة جماعتهم الأولى و لعنت آخر امتهم اولها فكان أن أرسل الله الرسالة الخاتمة و حفظ عليها صلب عقيدتها ان يحرف او يبدل أو تنعدم الطائفة المجددة له و المتبعة لأول الأمر و العاضة على اصل الشجرة .... و بهذا يتبين لك أن لا متمسك لملحد بهذا الافتراق من جهة أنه لا يعدم الحق في داخل المنظومة الاسلامية و ان داخلها الدخن و لكن هذا التدافع يجعل دائما الحق متميزا في عن الباطل و ان بمستويات وضوح مختلفة و يضمن استمرارية الميزان محفوظا... و من جهة أخرى ان اختلاف أهل الاسلام بكافة طوائفهم هو اقل الاختلافات المعروفة و ما يتفقون عليه أكثر مما يختلفون فيه و التراحم بينهم أكثر مما في غيرهم و كم من دهماء داهمتهم فوقفوا فيها جميعا صفا واحدا من عمورية الى حطين و عين جالوت و شقحب الى يومنا هذا ....وحتى في هذا هم مقتدون فيه بسلفهم من الصحابة حين قال خالهم لقيصر الروم ما قال حين رأى تنازعهم...و أهل السنة المتمسكون بآثارهم في ذلك بين الفرق كأهل الاسلام بين الملل...فهذه الخاصية الاجتماعية ان وضعت مكانها تساعد على تجلية الحق و بيانه في الاطار العام للامتحان و الابتلاء الذي فرض على الانسانية و يبقى بعد ذلك سياسة هذا الاختلاف و هو يختلف بحسب الأمكنة و الأزمنة و هو مرتبط ارتباطا وثيقا كذلك بالبعد عن نور النبوة و القرب منه ...يقول شيخ الاسلام في الفتاوى
أن يقال : هذا الدعاء استجيب له في جملة الأمة ولا يلزم من ذلك ثبوته لكل فرد وكلا الأمرين صحيح ؛ فإن ثبوت هذا المطلوب لجملة الأمة حاصل ولولا ذلك لأهلكوا بعذاب الاستئصال كما أهلكت الأمم قبلهم . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : { سألت ربي لأمتي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألته أن لا يهلك أمتي بسنة عامة فأعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فيجتاحهم فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها . وقال : يا محمد إني إذا قضيت قضاء لم يرد } . وكذلك في الصحيحين : لما نزل قوله تعالى { قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم } قال النبي صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك { أو من تحت أرجلكم } قال : أعوذ بوجهك { أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض } قال : هاتان أهون } وهذا لأنه لا بد أن تقع الذنوب من هذه الأمة ولا بد أن يختلفوا ؛ فإن هذا من لوازم الطبع البشري لا يمكن أن يكون بنو آدم إلا كذلك ولهذا لم يكن ما وقع فيها من الاختلاف والقتال والذنوب دليلا على نقصها ؛ بل هي أفضل الأمم وهذا الواقع بينهم من لوازم البشرية وهو في غيرها أكثر وأعظم وخير غيرها أقل والخير فيها أكثر والشر فيها أقل فكل خير في غيرها فهو فيها أعظم وكل شر فيها فهو في غيرها أعظم . وأما حصول المطلوب للآحاد منها فلا يلزم حصوله لكل عاص ؛ لأنه لم يقم بالواجب ولكن قد يحصل للعاصي من ذلك بحسب ما معه من طاعة الله تعالى أما حصول المغفرة والعفو والرحمة بحسب الإيمان والطاعة فظاهر ؛ لأن هذا من الأحكام القدرية الخلقية من جنس الوعد والوعيد وهذا يتنوع بتنوع الإيمان والعمل الصالح"
و قال أيضا في المجموع
" وسنتكلم على هذا بما ييسره الله متحرين للكلام بعلم وعدل . ولا حول ولا قوة إلا بالله : فما زال في الحنبلية من يكون ميله إلى نوع من الإثبات الذي ينفيه طائفة أخرى منهم ومنهم من يمسك عن النفي والإثبات جميعا . ففيهم جنس التنازع الموجود في سائر الطوائف لكن نزاعهم في مسائل الدق ؛ وأما الأصول الكبار فهم متفقون عليها ولهذا كانوا أقل الطوائف تنازعا وافتراقا لكثرة اعتصامهم بالسنة والآثار لأن للإمام أحمد في باب أصول الدين من الأقوال المبينة لما تنازع فيه الناس ما ليس لغيره . وأقواله مؤيدة بالكتاب والسنة واتباع سبيل السلف الطيب . ولهذا كان جميع من ينتحل السنة من طوائف الأمة - فقهائها ومتكلمتها وصوفيتها - ينتحلونه ثم قد يتنازع هؤلاء في بعض المسائل . فإن هذا أمر لا بد منه في العالم والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن هذا لا بد من وقوعه وأنه لما سأل ربه أن لا يلقي بأسهم بينهم منع ذلك . فلا بد في الطوائف المنتسبة إلى السنة والجماعة من نوع تنازع لكن لا بد فيهم من طائفة تعتصم بالكتاب والسنة كما أنه لا بد أن يكون بين المسلمين تنازع واختلاف لكنه لا يزال في هذه الأمة طائفة قائمة بالحق لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم الساعة . ولهذا لما كان أبو الحسن الأشعري وأصحابه منتسبين إلى السنة والجماعة : كان منتحلا للإمام أحمد ذاكرا أنه مقتد به متبع سبيله . وكان بين أعيان أصحابه من الموافقة والمؤالفة لكثير من أصحاب الإمام أحمد ما هو معروف حتى إن أبا بكر عبد العزيز يذكر من حجج أبي الحسن في كلامه مثل ما يذكر من حجج أصحابه لأنه كان عنده من متكلمة أصحابه .
وكان من أعظم المائلين إليهم التميميون : أبو الحسن التميمي وابنه وابن ابنه ونحوهم ؛ وكان بين أبي الحسن التميمي وبين القاضي أبي بكر بن الباقلاني من المودة والصحبة ما هو معروف مشهور . ولهذا اعتمد الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنفه في مناقب الإمام أحمد - لما ذكر اعتقاده - اعتمد على ما نقله من كلام أبي الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي . وله في هذا الباب مصنف ذكر فيه من اعتقاد أحمد ما فهمه ؛ ولم يذكر فيه ألفاظه وإنما ذكر جمل الاعتقاد بلفظ نفسه وجعل يقول : " وكان أبو عبد الله " . وهو بمنزلة من يصنف كتابا في الفقه على رأي بعض الأئمة ويذكر مذهبه بحسب ما فهمه ورآه وإن كان غيره بمذهب ذلك الإمام أعلم منه بألفاظه وأفهم لمقاصده ؛ فإن الناس في نقل مذاهب الأئمة قد يكونون بمنزلتهم في نقل الشريعة"
و قال ايضا في الفتاوى أثناء كلامه عن اول اختلاف حدث في الأمة و ختمت به لنفاسته و لتلخيصه كل ما ذكر
"والمقصود هنا ذكر " أصل جامع " تنبني عليه معرفة النصوص ورد ما تنازع فيه الناس إلى الكتاب والسنة فإن الناس كثر نزاعهم في مواضع في مسمى الإيمان والإسلام لكثرة ذكرهما وكثرة كلام الناس فيهما والاسم كلما كثر التكلم فيه فتكلم به مطلقا ومقيدا بقيد ومقيد بقيد آخر في موضع آخر . كان هذا سببا لاشتباه بعض معناه ثم كلما كثر سماعه كثر من يشتبه عليه ذلك . ومن أسباب ذلك أن يسمع بعض الناس بعض موارده ولا يسمع بعضه ويكون ما سمعه مقيدا بقيد أوجبه اختصاصه بمعنى فيظن معناه في سائر موارده كذلك ؛ فمن اتبع علمه حتى عرف مواقع الاستعمال عامة وعلم مأخذ الشبه أعطى كل ذي حق حقه وعلم أن خير الكلام كلام الله وأنه لا بيان أتم من بيانه ؛ وأن ما أجمع عليه المسلمون من دينهم الذي يحتاجون إليه أضعاف أضعاف ما تنازعوا فيه .
فالمسلمون : سنيهم وبدعيهم متفقون على وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ومتفقون على وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج ومتفقون على أن من أطاع الله ورسوله فإنه يدخل الجنة ؛ ولا يعذب وعلى أن من لم يؤمن بأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه فهو كافر وأمثال هذه الأمور التي هي أصول الدين وقواعد الإيمان التي اتفق عليها المنتسبون إلى الإسلام والإيمان فتنازعهم بعد هذا في بعض أحكام الوعيد أو بعض معاني بعض الأسماء أمر خفيف بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه مع أن المخالفين للحق البين من الكتاب والسنة هم عند جمهور الأمة معروفون بالبدعة ؛ مشهود عليهم بالضلالة ؛ ليس لهم في الأمة لسان صدق ولا قبول عام كالخوارج والروافض والقدرية ونحوهم وإنما تنازع أهل العلم والسنة في أمور دقيقة تخفى على أكثر الناس ؛ ولكن يجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله
"
 
على الرغم من نشأتي وتتلمذي في العقيدة على علماء من بلاد الحرمين وخصوصا علماء نجد إلا أنني أجد في نفسي موافقة لأخي الأستاذ نزار حمادي
وقد كنت أفكر مليا بهذه المسألة منذ عهد الصبا لِمَ هذه الحملة الشرسة من علمائنا على من قال بالتأويل ؟ وكيف ساغ لهم أن يصفوا الجمهور الأعظم من المسلمين بالجهل والضلال والتبديع
وكنت دائما أتساءل: أيعقل أن يكون علماء بلاد الحرمين وطلاب العلم فيها كلهم مقتنعون بمذهب مشايخهم ؟ كنت دائما أتعجب من هذا الاتفاق في الموافقة، ولمَ لم يخرج ولو عالم واحد من بلاد الحرمين يقول بمذهب التأويل!!!!!
وزاد من تعجبي تحول الشيخ محمد الشنقيطي صاحب الأضواء من مذهب التأويل إلى مذهب الإثبات حينما انتقل إلى بلاد الحرمين
لا زلت أعتقد أن المسايرة والعاطفة وأمور أخرى لها أثر كبير في مثل هذه المسائل وأنها لم تطرح وتناقش حتى الآن بمنهجية علمية نزيهة
مع احترامي للجميع لكن هذا ما اعتقده
 
وزاد من تعجبي تحول الشيخ محمد الشنقيطي صاحب الأضواء من مذهب التأويل إلى مذهب الإثبات حينما انتقل إلى بلاد الحرمين

الشيخ كان على مذهب السلف مذ كان في بلاده شنقيط

و راجع رسالته رحلة الحج الى بيت الله الحرام و تقريره لأزلية أفعال الله تعالى و ان الله تعالى يفعل ما يشاء متى يشاء منذ الأزل و ما ينتج عن هذا التقرير كمسألة حوادث لا أول لها لعلماء بلاده في شنقيط
 
وكنت دائما أتساءل: أيعقل أن يكون علماء بلاد الحرمين وطلاب العلم فيها كلهم مقتنعون بمذهب مشايخهم ؟ كنت دائما أتعجب من هذا الاتفاق في الموافقة، ولمَ لم يخرج ولو عالم واحد من بلاد الحرمين يقول بمذهب التأويل!!!!!

بالرغم من كوني لست من بلاد الحرمين وبالرغم من أخذي التفسير وعلوم القرآن من مشايخي الذين هم ما بين أشعري ومعتزلي وليس منهم سلفي واحد إلا أني أوقن بالإثبات وقد عرفوا اعتقادي فاحترموه ، فَلِمَ لا يسعكم ما وسع مشايخكم في الاعتقاد ؟

لا زلت أعتقد أن المسايرة والعاطفة وأمور أخرى لها أثر كبير في مثل هذه المسائل

بل هي الفطرة إن لم تنحرف من مهدها أو تنجرف بأهوائها
 
إخواني ومشايخي الفضلاء
عذرا على التطفل على هذا الموضوع

إن الصدر ليضيق ذرعا عندما يرى تلك الملاسنات بين أفاضل طلاب العلم والاتهامات المتراشقة بينهم فليس هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الكرام.

نعم الخلاف موجود منذ عصر الصحابة، وتفسير الآية المسؤول عنها قد اختلف فيها السلف فليسعنا ما وسعهم.
(أقصد أن الخلاف وقع في تفسير الآية المذكورة في سورة القلم: {يوم يكشف عن ساق} أما صفة الساق لله سبحانه وتعالى فقد ثبتت في الحديث الشريف المخرج في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) وهي صفة ثابتة لله سبحانه على ما يليق بجلاله كما قرره أهل السنة والجماعة ونقله بعض الأفاضل في مشاركات سابقة.

أيها الأفاضل أرى الوجهة قد تغيرت من مناقشة لأصل المسألة إلى التوسع في مسائل الصفات فتلك لها مجال بحث آخر، وليضع كل منا أمام ناظريه قول الله سبحانه: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} وقوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.

وأرجو من إدارة هذا الملتقى المبارك أن يغلقوا هذا الموضوع فقد تطور إلى ما لا ينبغي فعله، ويخشى أن يقرأه من لم يدرس عقيدة السلف جيدا فيحار في الاعتقاد الواجب في أسماء الله وصفاته.

وهذه وجهة نظر خاصة وهي قابلة للأخذ والرد

والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
 
الجدل العقيم ما زال متواصلا للأسف ليأخذ مجراه المتوقع من الشحناء وإحياء الفتنة ، ووالله يؤسف أن نقرأ مثل هذا :
ـ و منهم : أبو المظفر الترمذي حبال بن أحمد ، إمـام أهل ترمذ ، كان مجانبا لهم ، يشهد عليهم بالزندقة

ـ و منهم : الجنيد بن محمد الخطيب ، كان إمـاما ، و كان يشهد على الأشعري بالزندقة

ـ و منهم : أبو سعيد الطالقاني ، كان إماما ، مجانبا لهم ، يلعنهم

ـ و منهم : أحمد بن الحسن الخاموشي، الفقيه الرازي ، كان إماماً
محدّثاً ، مجانبا لهم ، يلعنهم ، و يُطري الحنابلة
.

هل نكتفي بالقول : لا يليق
 
[align=center]شكراً مشايخي : عبد الرحمن السديس ، ونزار حمدون ، والعقيدة ، وكل المعلّقين هنا والمارّين .
قد أفدتمونا حتى الامتلاء ، واكتفينا حتى أصابنا من المتابعة الإعياء .

ثم أقول يا شيخنا الشنقيطيّ :

بل يا شيخنا لا يكفـــــي إلا أن نقــــــول :

حسْبكم حسْبكم فقد تجاوزتم المنزل ، فعودوا إليه فثَمَّ المقيل ، والظلّ الظليل .
ثُم أوبوا إليه سبحانه بنفس طيب مبارك عليل ، فإنكم إنما تتحدثون عن العظيم الجليل .
فدتكم النفس حتى لا يملّ بعضكم .. ويكلّ آخرون .. وينتصر لنفسه بعضكم فيزْوَرَّ من وقع القنا وهم أقلّ من القليل .
ثم ماذا ؟ وهل إلا الرحيل يا سادتي من طلبة العلم وعلماء هذا الجيل !!!

وأوردكم هذه الرقراقة من تراث علمائنا رحمهم الله الذين ما لهم بين الأمم من مثيل .
ممّن سارت ذكرياتهم وأحوالهم وأفعالهم مسير الشمس عبر القرون والزمان الطويل .
لعلها تكون زهرة أقطفـها لكم من عيون المـاء ، وتغريـد البلابل ، وبسـاتين النخيل :

سار الإمام النخعي مع تلميذه الأعمش ، رحمهما الله تعالى ، ذات مساء ، وعندما اقتربا من مجموعة من الناس قال النخعي للأعمش : إن مررنا بهؤلاء القوم فسيقولون : أعور وأعمش !!! - وكان النخعيّ أعوراً - فسيتخذوننا هزءة وسخرية .
قال الأعمش رحمه الله معلقاً : يا إمام ، نمشــــي ويأثمون .
فقال النخعيّ رحمه الله محلقاً : يا أعمش ، بل نفترق ويسلمون !!!

فافترقوا يرحمكم الله تعالى فتسلمون .. أدخلكم ربي - بفضله - جنّات وعيون ..
[/align]
 
أخي الجشتمي وفقك الله وبارك فيكم كلامك والله يكتب بماء الذهب ونتفق في 95 % منه ... وهو مبني على تحليل عميق وإحاطة شاملة ...

إلا أن هذا النص أرى أن آخره ينقض أوله ... وخصوصاً في كلمة : ونحوهم ...


// فالمسلمون : سنيهم وبدعيهم متفقون على وجوب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ومتفقون على وجوب الصلاة والزكاة والصيام والحج ومتفقون على أن من أطاع الله ورسوله فإنه يدخل الجنة ؛ ولا يعذب وعلى أن من لم يؤمن بأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه فهو كافر وأمثال هذه الأمور التي هي أصول الدين وقواعد الإيمان التي اتفق عليها المنتسبون إلى الإسلام والإيمان فتنازعهم بعد هذا في بعض أحكام الوعيد أو بعض معاني بعض الأسماء أمر خفيف بالنسبة إلى ما اتفقوا عليه مع أن المخالفين للحق البين من الكتاب والسنة هم عند جمهور الأمة معروفون بالبدعة ؛ مشهود عليهم بالضلالة ؛ ليس لهم في الأمة لسان صدق ولا قبول عام كالخوارج والروافض والقدرية ونحوهم وإنما تنازع أهل العلم والسنة في أمور دقيقة تخفى على أكثر الناس ؛ ولكن يجب رد ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله" //
 
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
السلا م عليكم أيها الاخوة الكرام العلماء الأجلاء.
لقد خضتم حربا ضروسا في موضوع (الآية - يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود
فلا يستطيعون)والحديثالشريف الذي رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-
عن النبي -صلى الله عليه وسلم - حيث قال :سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول:( يكشف ربنا غن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجدفي الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعودظهره طبقا واحدا).ورمى كل منكم بما في جعبته
وتتبعنا أطروحاتكم علها تنير لنا السبيل وهاأنتم أنهيتم النقاش وكان أملناأن تكشف
حربكم عن ساقه الا أنه لم تفعل . أرجوأن تكونوا من الذين اجتهدوا فأصابوا حتى
تنالوا الأجرين. وفقكم الله وسدد خطاكم آمين. أخوكم في الله باحث عن ضالته (العلم)
 
المدافعة تحصل حين تقرر قوتين أو أكثر بسبب تقابل اراداتهما الناتج عن تصوراتهما التحرك لتحقيق ما تتصوره او تريده... و على أساس التدافع بين هاته القوى يحدث التغيير و تتجدد الحدود و تتحدد الوظائف و الحريات و الحقوق و المفاهيم مع أن كل شيء مركب من قوى متقابلة متدافعة ما يعني أن أي نظام تتدافع فيه هذه القوى لتغييره الى الأفضل يبقى هو نظامها و اليه يرجع انتماءها ووجودها فمن خلال تدافعها فيما بينها تبقى الأصول الكبرى للنظام و حدوده بينة وواضحة و تتدرج القيم و المبادئ بفعل التدافع من الوضوح الى الدقة و الغموض فيحافظ على التوازن بحفظ حدود النظام مع التجديد فيه و الموازنة بين التغيير و التباث ما دام أس هذا النظام محفوظا و مصونا من التحريف وهو ما يجعل هذه العناصر المتدافعة تبقى داخل النظام أو خارجه بوضوح تقصدها و تعمدها -من خلال مقالاتها- للنقض المباشر لأسسه الواضحة أو عدم تقصدها له و بهذا تتدرج قربا و بعدا مع عدم نجاة اي واحدة منها من سنة الاختلاف قل او كثر لضرورته الحتمية حتى بيضة هذا النظام ...كما قال الامام ابن السيد صاحب الكتاب العجيب الحدائق انه يتعذر ان تجد شخصا يقف معك في ذات موقفك... و هذا ظاهر في كل التغيرات التي تلاحظها في المجالات الطبيعية كما في المجالات و العلاقات الانسانية يمكن ان تلاحظه في اجتماع رئاسة الجامعة حين تنافح مع الأقلية من الأساتذة لفرض أسلوب معين في التدريس...أو في اجتماع الأصدقاء حين تستعين بالأغلبية لتحديد موضوع النقاش أو حتى في البيت الحنون حين تستعمل السلطة الأبوية لحسم النزاع في تحديد مكان نزهة العيد ... و في المنطق الصوري الغربي لم يكن بالامكان ملاحظة سنة التدافع هذه و ما تحويه من نسبية على المستوى الفردي و الجماعي و على مستوى المعرفة و التصور و القصد و الطلب فلم يكن المنطق الصوري ليسمح لنفسه في مواجهة الهجمة الشرسة للسوفسطائية على أصول الحكماء السبعة الكبار للعبقرية اليونانية بتصور شيء خبيث أحيانا و طيب احيانا أخرى و لا اجتماع الخير و الشر في عين و لا معاينة الرمادي بل يفترض دائما ان الشيء اما أسود أو أبيض وان النخلة اما صلبة او هشة اما هذا او ذاك ..اما معنا او ضدنا .. دون ملاحظة الفرق بين مستويات الادراك البشري و ملاحظة أثر البعد الرابع أو الزمن في ملاحظة الأشياء و تصورها و الحكم عليها و التفاعل معها من ان اشيء قد يجتمع فيه خير و شر و ايمان و كفر و طاعة و فسق و ضعف و قوة و صلابة و مرونة .... نفيا للمفهوم السابق لتشابهه مع أصل من اصول السوفسطائية في تباث التغير ..و هو نفس الأصل الذي اخذت به الطاوية و المثنوية و المزدكية و فرارا من هذا التشابه وقع جهم فيما وقع فيه أرسطو ... و هذا العيب الجوهري و هذه النزعة التحكمية في قواعد المنطق الصوري الذي لاحظه أئمة السلف و كثير من النظار و أهل اللغة كالسيرافي في المناظرة الشهيرة مع متى و توالت تصريحات المنكرين لهذا النظام المشبوه مقتدين بالامام العظيم النابغة العبقري الامام الشافعي المطلبي فلم يكتف رحمه الله بالتنفير عن علم الكلام و أصوله بل صاغ النظرية المعرفية الاسلامية المعبرة و المقننة لأصول المعرفية العقلانية الحقة في منظومته الخالدة و التي أعطته عن جدارة لقب المجدد الثاني بالاجماع ...والتي ما زال كل من يريد نقض هذا الدين الى يومنا هذا يؤمها بالمعاول و ما زالت صامدة لما جمعت بين المرونة و الدقة و و المتانة و البعد عن الصيغ المطلقة و التحكمية في المنطق الصوري في علم الكلام و أصوله المنطقية و ما أورثثه من فتن في الحكم على الأقوال و الأفعال بل و الأشخاص و الجماعات و لهذا ترى بعض الاخوان المشاركين يرون وصف القول الأشعري بالبدعة و البدعة ضلال و ابن حجر و النووي و كثير من المتأخرين منتسبون الى الأشاعرة اذن هم ضلال على طريقة البرهان الرياضي المنطقي الشمولي.....و هذا أتى شواظه على كل المتأثرين بالنزعة المنطقية في تصور الحدود و الجنس و الفصل....الخ في مسائل الأسماء و الأحكام و غيرها...بينما كان لأئمة السلف تفصيل دقيق عارضوا به هذا و عليه بنوا مذاهبهم في شتى العلوم من فقه و عقيدة و حديث مستنبطين العقل الصحيح و حدوده المعرفية من صميم الكتاب و السنة من أن الوصف بالكفر و الفسق و الضلال على جنس القول أو العمل لا يعني أن الحكم ينسحب بالضرورة على كل أفراده او كل من انتمى الى النوع تصدق عليه أحكامه بل تراعى عدة تقييدات زمكانية و نفسية فليس المتأول كغير المتاول و ليس العالم كالجاهل و ليس من نشأ في بادية بعيدة عن الاسلام كمن نشأ في المدينة المنورة و ليس من له حسنتان كمن له جبال من الحسنات في الدفاع عن الدين و التصنيف فيه مما علمنا ان الحسنات يذهبت السيئات و ليس الانكار على أمثال جهم و المريسي و أهل السنة متوافرون و السنن فاشية و اقوال السلف ما زالت طرية و معلومة كمثل الانكار على من بعدهم بقرون حين عم الجهل و فشت البدع و كثر التفرق و قل العلماء ما يصير معه ما كان واضحا قبلا وضوح الشمس دقيقا صعب التمييز ....و ما كان لا يعذر فيه المخالف اصبح يعذر فيه .... حتى نعود من خلال التدافع الى نشر السنن مرة أخرى و تكثير سواد العلم و العلماء و استجلاب القوة مع عدم كتم العلم و القول به ما أمكن فهذا مقام آخر...و أطرح مثالا على طريقة آينشتين في التخيل..لو فرضنا أن احدنا سافر الى ما بعد هذا الوقت بسنين و حضر القرن الذي صح فيهم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : يدرس الإسلام كما يدرس وشيُ الثوب حتى لا يدرى ما صيام ، ولا صلاة ، ولا نسك ، ولا صدقة ، وليسرى على كتاب الله عز وجل في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ، وتبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز يقولون : أدركنا آباءنا على هذه الكلمة لا إله إلا الله فنحن نقولها ، فقال له صلة : ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون ما صلاة ، ولا صيام ، ولا نسك ، ولا صدقة ، فأعرض عنه حذيفة ، ثم ردها عليه ثلاثاً ، كل ذلك يعرض عنه حذيفة ، ثم أقبل عليه في الثالثة ، فقال : يا صلة تنجيهم من النار ثلاثا (و ما اجمل صمت حذيفة رضي الله عنه هنا ما يبين ان القوم كانوا اعلم الناس بالمعقولات لكون النظام العقلاني الاسلامي يفترق عن المنطق الصوري أيضا في هذه الحيثية من عدم الخوض فيما لا طائل وراءه و هذا من العقل خلاف ما يفترضه المنطق الصوري من قدرة مطلقة للعقل على معرفة الحقيقة من حيث هي في جميع مستوياتها )...فهل سيحق لك تكفيرهم أو الجزم باستحقاق أعيانهم للنار لأن مثل هذه الأصول هي واضحة عندنا الآن نقطع فيها بكفر وضلال من خالفنا فيها؟؟؟ و في الجهة المقابلة هل هذا الاعذار يبرر لك كتم العلم و عدم بيانه و بيان ان ترك الصلاة و الصيام و غيرها كفر و ضلال و و غير ذلك؟؟؟ فالمتأخرون من أئمة الاسلام و ان كثر فيهم الانتساب الى الأشعرية بل و الى الاعتزال و التشيع و غيرها لا يعني انهم ضلال بمجرد انتسابهم او حتى قولهم به ..فبالفعل مخالفتهم للحق هي في نفسها جهل و ظلم و ظن....و لكن هذا لا يعني انهم جاهلون أو ظالمون "فكل من خالف ما جاء به الرسول لم يكن عنده علم بذلك ولا عدل بل لا يكون عنده إلا جهل وظلم وظن { وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى } وذلك لأن ما أخبر به الرسول فهو حق باطنا وظاهرا فلا يمكن أن يتصور أن يكون الحق في نقيضه ؛ وحينئذ فمن اعتقد نقيضه كان اعتقاده باطلا والاعتقاد الباطل لا يكون علما وما أمر به الرسول فهو عدل لا ظلم فيه فمن نهى عنه فقد نهى عن العدل ومن أمر بضده فقد أمر بالظلم ؛ فإن ضد العدل الظلم فلا يكون ما يخالفه إلا جهلا وظلما ظنا وما تهوى الأنفس وهو لا يخرج عن قسمين أحسنهما أن يكون كان شرعا لبعض الأنبياء ثم نسخ وأدناهما أن يكون ما شرع قط ؛ بل يكون من المبدل فكل ما خالف حكم الله ورسوله فإما شرع منسوخ وإما شرع مبدل ما شرعه الله ؛ بل شرعه شارع بغير إذن من الله كما قال : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } لكن هذا وهذا قد يقعان في خفي الأمور ودقيقها باجتهاد من أصحابها استفرغوا فيه وسعهم في طلب الحق ويكون لهم من الصواب والاتباع ما يغمر ذلك كما وقع مثل ذلك من بعض الصحابة في مسائل الطلاق والفرائض ونحو ذلك ؛ ولم يكن منهم مثل هذا في جلي الأمور وجليلها ؛ لأن بيان هذا من الرسول كان ظاهرا بينهم فلا يخالفه إلا من يخالف الرسول وهم معتصمون بحبل الله يحكمون الرسول فيما شجر بينهم لا يتقدمون بين يدي الله ورسوله فضلا عن تعمد مخالفة الله ورسوله . فلما طال الزمان خفي على كثير من الناس ما كان ظاهرا لهم ودق على كثير من الناس ما كان جليا لهم فكثر من المتأخرين مخالفة الكتاب والسنة ما لم يكن مثل هذا في السلف . وإن كانوا مع هذا مجتهدين معذورين يغفر الله لهم خطاياهم ويثيبهم على اجتهادهم . وقد يكون لهم من الحسنات ما يكون للعامل منهم أجر خمسين رجلا يعملها في ذلك الزمان ؛ لأنهم كانوا يجدون من يعينهم على ذلك وهؤلاء المتأخرون لم يجدوا من يعينهم على ذلك " ..هذا مع ان من لاحظ صنيع أئمة الفرق الكلامية يجد فيهم التناسب أيضا حسب قربهم من الحديث و نور النبوة فكثير منهم في مخالطته للحديث كالقاضي عياض و ابن حجر و النووي و البيهقي و غيرهم ينزعون في الاتباث في شرحهم لبعض الأحاديث منزعا يتحررون به عن تأصيلات المذهب و يتعصبون فيه للحديث و السنة و هذا يجعلهم من أهل السنة بهذا الاعتبار...هذا مع مراعاة أن كلمة التوحيد هي التي كتب الله عليها الوضوح التام و كل ما كان اليها أقرب كلما كان اوضح و كلما كان المخالف متقصدا لنقضها كلما كان اجماع المنظومة الاسلامية في الانكار عليه أوضح و اصرح... وهذا يؤدي بنا الى معنى كلمة و "نحوه" في كلام شيخ الاسلام لأنه ان لاحظت انه ذكر الفرق الأربع الكبرى التي قال عنها السلف بعد استقراء و بحث انها الأصول الكبرى للبدع الناشئة في الاسلام و هي الفرق التي صرحت أقوالها في بداية دخولها الى المجتمع المسلم بنواياها للطعن في أصول منظومته المعرفية ..فالرافضة كفروا عامة الصحابة ما عنى الطعن في نقل كافة المصادر الأصلية....و مثلهم في ذلك الخوارج و زادوا عليهم باستحلال دماء المسلمين ما يضعف كيان النظام بتقصد فناء افراده ...و تبعتهم القدرية في الطعن في العلم الالهي و الخلق الالهي و شموله و لوازمه و هو ما يوقع القطيعة بين الخالق و المخلوق كما قال أكابرهم على قول سلفهم أبيقور وماني أن الخالق خلق الخلق و أدار لهم ظهره فلا علم له بهم و لا بعدوه اله الظلمة العابث بهم...ثم ختمت المرجئة و الجهمية الحلقة فجعلت من مجرد المعرفة القلبية ايمانا و أنكرت العلو و باقي الصفات المميزة للخالق عن خلقه وهو ما يمحو كل الفروق و الحدود بين الحق و الباطل و يحيي الفرعونية و النمرودية و باقي ملل الكفر الغنوصية المتولدة عنها جذعة...فهذه جملة أصول المقالات المنكرة و التي يظهر بوضوح كيف انها تعود على اصل المنظومة الاسلامية بالنقض ....و كل فرقة أخطأت في الأمة الا و هي آخذة ببعض مقالة واحدة منها الا أن الأولين خطأهم ظاهر و مباشرتهم لأصول الدين بالهدم ظاهرة أما من تاثر بهم من أهل العلم و الايمان من طوائف الأمة من الحنابلة و المالكية و الشافعية و الصوفية و غيرها من الطوائف يقولون بمقالات تستلزم مقالات الأولين دون ان يكونوا قاصدين لها او عالمين بوجه لزومها...فهؤلاء يبقى الاختلاف و التدافع فيهم خفيفا مقارنة مع غيرهم و من نصر منهم السنة المحضة و الطريقة السلفية من كافة الطوائف المذكورة يستحق اسم أهل السنة و الحديث و الطائفة المنصورة ..دون تقييد ببلد او مذهب أو جنس...و الفرق الأربع المذكورة مع كونها ليس لها لسان صدق عند الأمة كما لهؤلاء الآخرين ...لخروجها وقت كان الأمة واحدة و مفاهيهما واضحة و كلمتها مجتمعة...و مع ذلك كما يقول شيخ الاسلام اختلافاتهم لا تقارن بخلافات الملحدين و النصارى و اليهود و سائر الملل لاتفاقهم جميعا على " أصول الدين وقواعد الإيمان التي اتفق عليها المنتسبون إلى الإسلام والإيمان " ما لم يتفق عليها غيرهم من اهل الالحاد و الملل كما يقوله شبخ الاسلام حين يتكلم عن مقالات الاسلاميين للامام الأشعري أنه صنف مقالات الغير الاسلاميين فبلغت أضعاف أضعاف ذلك مما بلغه فقط...و كلمة نحوهم يقصد بها و الله أعلم بقية الفرق الستة أو الأربعة المذكورة على اختلاف بين العلماء في تحديدها لأنه لم يذكر منها الا ثلاثة و يلتحق بها في كونهم ليس لهم لسان صدق وان كانوا شرا منهم من ظهر من الفرق المصرحة بشر من مقالة الفرق الأربع الأولى و لم يكونوا على عهد السلف كالقرامطة و الاتحاديين و الاسماعيلية و الباطنية ....و ان لاحظت ترى ان كل الترتيب كلن بحسب القرب من نور النبوة و الحديث رأيا و بصرا و فعلا و قولا و و انتسابا و زمانا و مكانا...فكلما كان القرب كلما قل الاختلاف و التدافع و زادت فيوضات العلم و الرحمة و اليقين و السكينة...و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
 
و قال شيخ الاسلام أيضا في المجموع في بيان نفس قوله
وفي الجملة باب الاجتهاد والتأويل باب واسع يئول بصاحبه إلى أن يعتقد الحرام حلالا كمن تأول في ربا الفضل والأنبذة المتنازع فيها وحشوش النساء وإلى أن يعتقد الحلال حراما مثل بعض ما ذكرناه من صور النزاع مثل الضب وغيره بل يعتقد وجوب قتل المعصوم أو بالعكس . فأصحاب الاجتهاد وإن عذروا وعرفت مراتبهم من العلم والدين : فلا يجوز ترك ما تبين من السنة والهدي لأجل تأويلهم والله أعلم"
و قال أيضا فيه
"وهذا من أسباب فتن تقع بين الأمة فإن أقواما يقولون ويفعلون أمورا هم مجتهدون فيها وقد أخطئوا فتبلغ أقواما يظنون أنهم تعمدوا فيها الذنب أو يظنون أنهم لا يعذرون بالخطأ وهم أيضا مجتهدون مخطئون فيكون هذا مجتهدا مخطئا في فعله وهذا مجتهدا مخطئا في إنكاره والكل مغفور لهم . وقد يكون أحدهما مذنبا كما قد يكونان جميعا مذنبين . وخير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة "

و هذا رابط لكلام مشهور, ملخص و مركز لشيخ الاسلام عن حديث الافتراق
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=6548
 
وأما أخي الفاضل عبد العزيز الداخل فأقول لك يا أخي الحبيب: كثرة مخالفيك ـ وهو جمهور عريض من فحول علماء الإسلام ـ لها مستند قوي، فابحث عنه بتجرد.

قد درسته ولله الحمد بتجرد وعلم سنوات عديدة من عمري، وعرفت أقوالهم وما استندوا إليه ، ولم يلتبس علي الحق بالباطل، ولله الحمد والمنة الفضل، بل إني على بينة منه...

ودعوى أنهم جمهور عريض فيها تزيد كثير فلم تنشأ بدعة تأويل الصفات إلا بعد القرون الفاضلة
وفحول علماء الإسلام: هم علماء الصحابة وعلماء التابعين كالفقهاء السبعة وغيرهم وعلماء تابعي التابعين والأئمة الأربعة وأضرابهم كوكيع بن الجراح والليث بن سعد وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وابن المبارك والأوزاعي والبخاري والطبري وابن خزيمة وغيرهم كثير
وهؤلاء هم الذين أخذنا عنهم عقيدتنا كما أخذنا عنهم سائر مسائل الدين من الصلاة والزكاة والصيام والحج وأحكام البيوع وغيرها ...
ولو أنك أردت أن تعرف منهجهم في مسائل الصفات لم يعجزك ذلك، فاقرأه واعرف لهم حقهم وإمامتهم في الدين
وأنهم كانوا على الحق والهدى ، والعصمة وإن لم تثبت لأفرادهم إلا إنها ثابتة لمجموعهم، وهم حجة على من بعدهم.

والمخالفون في إثبات الصفات من المؤولة على قسمين:
قسم منهم: معظمون للسنة، مجلّون للسلف الصالح وأصحاب الحديث مقرون لهم بالفضل والعلم والإمامة في
الدين، لكنهم وقعوا في التأويل تأثراً ببعض شيوخهم، وحال بعض العلماء في مجتمعهم
فهؤلاء نعرف لهم قدرهم وسابقتهم في خدمة أهل العلم بمؤلفاتهم النافعة، ونتجنب ما أخطأوا فيه وخالفوا فيه من هو أعلم منهم بالسنة والتوحيد، ونترحم عليهم ونترضى عنهم لأننا نظن فيهم إرادة الحق وتعظيمه وإن أخطأوا في بعض المسائل.

والقسم الآخر: منظرون لبدعة التأويل، متهجمون على أهل السنة والحديث يرمونهم بالعظائم، وينبزونهم بأبشع الألقاب كالنابتة والحشوية والمجسمة حتى إن منهم من يصفهم بالحمير، ومنهم من يكفرهم ويطالب بقتل علمائهم.
وإذا كان لهم تمكن ونفوذ مسَّ علماءَ أهل الحديث والسنة منهم بلاء عظيم
فهؤلاء من الحكمة أن يقابلوا بما يستحقونه مع التزامنا بالآداب الشرعية في منطقنا وما يصدر عنا من قول أو فعل.
فليست المسألة مسألة تشف وانتقام ولكن كما قيل:
ووضعُ الندى في موضع السيفِ بالعلا ** مضرٌّ كوضع السيفِ في موضع الندى

فهذا هو منهجنا وطريقتنا في معاملة مخالفينا ، أن نفرق بين من كان مريداً للحق معظماً لأهل الحديث والسنة ولكنه خالفهم في بعض المسائل لأسباب قد يكون له عذر عند الله في مخالفته
وبين من كان منظراً داعياً لبدعته متهجماً على أهل السنة والحديث فمثل هذا نقف معه موقف الصرامة - من غير إجحاف في حقه - ديانة لا انتصاراً للنفس ولا صَلَفاً في الخلق.
فإذا عاد إلى الحق ورجع إليه عاودنا معاملته بما يليق بنا وبه من أخلاق الأخوة الإسلامية.



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
السلا م عليكم أيها الاخوة الكرام العلماء الأجلاء.
لقد خضتم حربا ضروسا في موضوع (الآية - يوم يكشف عن ساق ويدعون الى السجود
فلا يستطيعون)والحديث الشريف الذي رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه-
عن النبي -صلى الله عليه وسلم - حيث قال :سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يقول : ( يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجدفي الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعودظهره طبقا واحدا).ورمى كل منكم بما في جعبته
وتتبعنا أطروحاتكم علها تنير لنا السبيل وهاأنتم أنهيتم النقاش وكان أملناأن تكشف
حربكم عن ساقه الا أنه لم تفعل . أرجوأن تكونوا من الذين اجتهدوا فأصابوا حتى
تنالوا الأجرين. وفقكم الله وسدد خطاكم آمين. أخوكم في الله باحث عن ضالته (العلم)

لمثل أخينا هذا كانت الردود والتعقبات،
فإن من القراء من لم تكن له سابق دراية بالمسألة أو كان له اطلاع ما ورأى النزاع فاشتبه الأمر عليه


فأقول له :
عليك بقراءة هذه المشاركة من فضيلة المشرف العام على الملتقى فهي زبدة منهج أهل السنة والجماعة في هذه المسألة
مع تحلِّيه حفظه الله بما عُهد عنه من الإنصاف وحسن الخلق مع المخالف مع بيان الحق دون محاباة لأحد...

هذه المسألة قد أثيرت في الحلقة الأخيرة تعليقاً على سؤال أحد المشاهدين عن قوله تعالى في سورة الذاريات (والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون) ورأيتُ أنا أن قوله تعالى : (يوم يكشف عن ساقً) في سورة القلم نظيرة لها في كونهما ليستا من آيات الصفات . فطرحت السؤال للنقاش مع الدكتور مساعد الطيار من هذا الجانب .
وبالنسبة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ففي رأيي ورأي الدكتور مساعد الطيار أنه لا يحتمل التأويل مطلقاً ، وأن قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : (فيكشف ربنا عن ساقه ...) واضحة لكل من يعرف العربية على وجهها . ولستُ أرى إشكالاً في فهمها على هذا الوجه لا في حق الله سبحانه وتعالى ، ولا في حق العبد المؤمن ولا في أسلوب العربية الفصحى .

وأنا على قناعة يا أخي الكريم نزار أنك تكتب ما تكتب عن قناعة ، وكذلك من يخالفك ، ولسنا في شك من هذه الأمور العقديَّة ولله الحمد ، ولسنا على جهلٍ بلغتنا وكتابِ ربِّنا وكلام علماءنا من الصحابة والتابعين وأتباعهم بإحسان إلى اليوم لهذه الدرجة التي تتوقعها وتظهر من طريقة كلامك بالرغم من قوة الأدلة التي ذكرتها لكم الأخت التي تكتب باسم العقيدة وكلام الزميل عبدالرحمن السديس .
وسامحني فلن أجاملك في هذه المسائل مع تقديري الشديد لشخصك الكريم حفظكم الله ورعاكم . ولكن ما دمت قد طرحت المسألة فتقبل رأينا حفظك الله بصدر من يبحث عن الحق .
وتالله إن مقصودنا هو الحق فقط ، ولو ثبت لنا بطريق صحيح أن الله لا يليق به أن نثبت له ساقاً أو يداً أو غيرها من الصفات التي أثبتها لنفسه أو أثبتها له رسوله لنفيناها عنه ، وماذا يضرنا في ذلك ؟
ولكن هي مسألة علمية بحتة ثبتت بطريق علمي صحيح فقلنا بها لا أقل ولا أكثر .
وكثرة ترداد أن الإمام النووي أو ابن حجر أو الخطابي من قبلهما رحمهم الله جميعاً يستحيل عليهم الخطأ في هذه المسائل فهذا كلام لا أرى حاجة لترداده ما داموا قد خولفوا بمن هو أكثر وأقدم وأعلم وأرسخ في العلم وكلهم لهم مكانتهم الكبيرة عندنا لكن بقدر واعتدال وعدم غلو فيهم .
.
 
قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: (اعلم وفقك الله تعالى أني لما تتبعت مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه رأيته رجًلا كبير القدر في العلوم، قد بالغ رحمة الله عليه في النظر في علوم الفقه ومذهب القدماء، حتى لا تأتي مسألة إلا وله فيها نص أو تنبيه إلا أنه على طريق السلف، فلم يصنف إلا المنقول، فرأيت مذهبه خالياً من التصانيف التي كثر جنسها عند الخصوم. فصنفت تفاسير مطولة منها (المغنى مجلدات) و(زاد المسير)، و(تذكرة الأديب)، وغير ذلك.
وفي الحديث: كتبًا منها (جامع المسانيد)، و(الحدائق)، و(نفي النقل)، وكتبًا كثيرة في الجرح والتعديل، وما رأيت لهم (تعليقه) في الخلاف إلا أن القاضي أبا يعلى قال: كنت أقول ما لأهل المذاهب يذكرون الخلاف مع خصومهم ولا يذكرون أحمد؟ ثم عذرتهم، إذ ليس لنا تعليقة في الفقه.
قال: فصنفت لهم تعليقة.
قلت: وتعليقته لم يحقق فيها بيان الصحة والطعن في المردود، وذكر فيها أقيسة طردية. ورأيت من يلقي الدرس من أصحابنا من يفزع إلى تعليقة الاصطلام أو تعليقة أسعد، أو تعليقة العالمي، أو تعليقة الشريفة استعارات. فصنفت لهم تعاليق منها (كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف) ومنها (جنة النظر وجنة الفطر) ومنها (عمد الدلائل في مشهور المسائل)، ثم رأيت جمع أحاديث التعليق التي يحتج بها أهل المذهب، وبينت تصحيح الصحيح، وطعن المطعون فيه وعملت كتاباً في المذاهب أدخلتها فيه، وسميته (الباز الأشهب المنقض على مخالفي المذهب) وصنفت في الفروع كتاب (المذهب في
المذهب) وكتاب (سبوك الذهب) وكتاب (البلغة) وكتاب (منهاج الوصول إلى علم الأصول) وقد بلغت مصنفاتي مائتين وخمسين مصنفًا.
ورأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما يصلح، وانتدب للتصنيف ثلاثة أبو عبد الله بن حامد. وصاحبه القاضي، وابن الزاغوني فصنفوا كتبًا شانوا بها المذهب، ورأيتهم قد نزلوا إلى مرتبة العوام، فحملوا الصفات على مقتضى الحس. فسمعوا أن الله تعالى خلق آدم على صورته، فأثبتوا له صورة ووجهًا زائدًا على الذات، وعينين وفمًا ولهوات وأضراسًا وجهة هي السبحات ويدين وأصابع وكفًا وخنصرًا وإبهاماً وصدرًا وفخذًا وساقين ورجلين.
وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس.
وقالوا: يجوز أن يمس ويمس، ويدني العبد من ذاته.
وقال بعضهم: ويتنفس.
وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات، فسموها بالصفات تسمية مبتدعة لا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلى النصوص الصارفة عن الظواهر إلى المعاني الواجبة لله تعالى ولا إلى إلغاء ما يوجبه الظاهر من سمات الحدوث، ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل، حتى قالوا صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات ذات قالوا: لا نحملها على توجيه اللغة مثل يد على نعمة وقدرة ومجيء وإتيان على معنى بر ولطف، وساق على شدة، بل قالوا: نحملها على ظواهرها، والظاهر المعهود من نعوت الآدميين، والشيء إنما يجعل على حقيقته إذا أمكن وهم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون: نحن أهل السنة، وكًلا منهم صريح في التشبيه وقد تبعهم خلق من العوام.
فقد نصحت التابع والمتبوع فقلت لهم: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل وأتباع وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: (كيف أقول ما لم يقل).
فإياكم أن تبتدعوا في مذهبه ما ليس فيه، ثم قلتم في الأحاديث، تحمل على ظاهرها. وظاهر القدم الجارحة، فإنه لما قيل في عيسى روح الله اعتقدت النصارى ان الله صفة هي روح ولجت في مريم، ومن قال: استوى بذاته فقد أجراه مجرى الحسيات، وينبغي أن لا يهمل ما يثبت به الأصل. وهو العقل، فإنه به عرفنا الله تعالى، وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم: نقرأ الأحاديث ونسكت، ما أنكر عليكم أحد، إنما حملكم إياها على الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس فيه. ولقد كسيتم هذا المذهب شيئًا قبيحًا حتى لا يقال حنبلي إلا مجسم، ثم زينتم مذهبكم بالعصبية ليزيد بن معاوية، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته، وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم: لقد شان هذا المذهب شينًا قبيحًا لا يغسل إلى يوم القيامة.
فصل
قلت وقد وقع غلط المصنفين الذين ذكرتهم في سبعة أوجه: أحدها: أنهم سموا الأخبار أخبار صفات، وإنما هي إضافات، وليس كل مضاف صفة، فإنه قال سبحانه وتعالى: (وَنَفَخُت فيه من رَوحي).
وليس لله صفة تسمى روحًا، فقد ابتدع من سمي المضاف صفة. الثاني: أنهم قالوا: إن هذه الأحاديث من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تعالى. ثم قالوا: نحملها على ظواهرها، فواعجبًا ما لا يعلمه إلا الله أي ظاهر له..? فهل ظاهر الاستواء إلا القعود، وظاهر النزول إلا الانتقال..
الثالث: أنهم أثبتوا الله تعالى صفات، وصفات الحق لا تثبت إلا بما يثبت به الذات من الأدلة القطعية. (وقال ابن حام: من رد ما يتعلق به بالأخبار الثابتة فهل يكفر؟ على وجهين، وقال: غالب أصحابنا على تكفير من خالف الأخبار في الساق والقدم والأصابع والكف ونظائر ذلك وإن كانت أخبار آحاد لأنها عندنا توجب العلم.
قلت: هذا قول من لا يفهم الفقه ولا العقل.
الرابع: أنهم لم يفرقوا في الأحاديث بين خبر مشهور في قوله: (ينزل إلى السماء الدنيا) وبين حديث لا يصح كقوله: (رأيت ربي في أحسن صورة) بل أثبتوا هذا صفة وهذا صفة.
الخامس: أنهم لم يفرقوا بين حديث مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين حديث موقوف على صحابي أو تابعي، فأثبتوا بهذا ماأثبتوا بهذا. السادس: أنهم تأولوا بعض الألفاظ في موضع ولم يتأولوها في آخر كقوله: )ومن أتاني يمشي أتيته هرولة).
قالوا: هذا ضرب مثل للأنعام.
وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: (إذا كان يوم القيامة جاء الله يمشي) فقالوا: نحمله على ظاهره فواعجبًا من تأول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يتأول كلام عمر بن عبد العزيز.
السابع: أنهم حملوا الأحاديث على مقتضى الحس فقالوا: ينزل بذاته وينتقل ويتحرك، ثم قالوا: لا كما يعقل. فغالطوا من يسمع فكابروا الحس والعقل فحملوا الأحاديث على الحسيات، فرأيت الرد عليهم لازمًا لئلا ينسب الإمام إلى ذلك، وإذا سكت نسبت إلى اعتقاد ذلك، ولا يهولني أمر عظيم في النفوس، لأن العمل على الدليل، وخصوصًا في معرفة الحق لا يجوز فيه التقليد). ا.هـ.
ولا أظن أن التوسع في الخلاف يجدي نفعا، فلنتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، فكلنا في الحقيقة نريد تعظيم الله -تعالى-، ولنتذكر حديث الشاك في البعث وكيف أن الله غفر له لخوفه منه تعالى.
فلا نتفرق، ولا نزيد الخلاف بين المسلمين، فكفى ما يحل بنا في فلسطين والعراق وأفغانستان والباكستان ووووو....
[واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا]
 
فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل الصالح السلفي ما ليس فيه. ولقد كسيتم هذا المذهب شيئًا قبيحًا حتى لا يقال حنبلي إلا مجسم، ثم زينتم مذهبكم بالعصبية ليزيد بن معاوية، ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته، وقد كان أبو محمد التميمي يقول في بعض أئمتكم: لقد شان هذا المذهب شينًا قبيحًا لا يغسل إلى يوم القيامة.

لا يهم إن لقبونا بالمجسمة فهذه علامة أهل البدع أن يسموا أهل السنة وأصحاب الحديث بالحشوية والمجسمة كما فعل الجهمية والمعتزلة وغيرهم.
327



.........-..----
 
أبا جمانة ... جزاك الله خيراً ... وبارك فيك .
لو أحلتنا إلى موضع النقل الذي نقلته عن ابن الجوزي رحمه الله .. وإياك وإيانا جميعاً .
 
قال شيخ الاسلام في الفتاوى
ثم قال المعترض : قال أبو الفرج بن الجوزي في الرد على الحنابلة : " إنهم أثبتوا لله سبحانه عينا وصورة ويمينا وشمالا ووجها زائدا على الذات وجبهة وصدرا ويدين ورجلين وأصابع وخنصرا وفخذا وساقا وقدما وجنبا وحقوا وخلفا وأماما وصعودا ونزولا وهرولة وعجبا ؛ لقد كملوا هيئة البدن وقالوا : يحمل على ظاهره وليست بجوارح ومثل هؤلاء لا يحدثون فإنهم يكابرون العقول وكأنهم يحدثون الأطفال " .
قلت : الكلام على هذا فيه أنواع :
الأول : بيان ما فيه من التعصب بالجهل والظلم قبل الكلام في المسألة العلمية .
الثاني : بيان أنه رد بلا حجة ولا دليل أصلا .
الثالث : بيان ما فيه من ضعف النقل والعقل .
أما " أولا " : فإن هذا المصنف الذي نقل منه كلام أبي الفرج لم يصنفه في الرد على الحنابلة كما ذكر هذا وإنما رد به - فيما ادعاه - على بعضهم . وقصد أبا عبد الله بن حامد والقاضي أبا يعلى وشيخه أبا الحسن بن الزاغوني ومن تبعهم ؛ وإلا فجنس الحنابلة لم يتعرض أبو الفرج للرد عليهم ولا حكى عنهم ما أنكره ؛ بل هو يحتج في مخالفته لهؤلاء بكلام كثير من الحنبلية كما يذكره من كلام التميميين . مثل رزق الله التميمي وأبي الوفا بن عقيل . ورزق الله كان يميل إلى طريقة سلفه كجده أبي الحسن التميمي وعمه أبي الفضل التميمي والشريف أبي علي بن أبي موسى هو صاحب أبي الحسن التميمي وقد ذكر عنه أنه قال : " لقد خري القاضي أبو يعلى على الحنابلة خرية لا يغسلها الماء " وسنتكلم على هذا بما ييسره الله متحرين للكلام بعلم وعدل . ولا حول ولا قوة إلا بالله : فما زال في الحنبلية من يكون ميله إلى نوع من الإثبات الذي ينفيه طائفة أخرى منهم ومنهم من يمسك عن النفي والإثبات جميعا . ففيهم جنس التنازع الموجود في سائر الطوائف لكن نزاعهم في مسائل الدق ؛ وأما الأصول الكبار فهم متفقون عليها ولهذا كانوا أقل الطوائف تنازعا وافتراقا لكثرة اعتصامهم بالسنة والآثار لأن للإمام أحمد في باب أصول الدين من الأقوال المبينة لما تنازع فيه الناس ما ليس لغيره . وأقواله مؤيدة بالكتاب والسنة واتباع سبيل السلف الطيب . ولهذا كان جميع من ينتحل السنة من طوائف الأمة - فقهائها ومتكلمتها وصوفيتها - ينتحلونه .ثم قد يتنازع هؤلاء في بعض المسائل . فإن هذا أمر لا بد منه في العالم والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر بأن هذا لا بد من وقوعه وأنه لما سأل ربه أن لا يلقي بأسهم بينهم منع ذلك . فلا بد في الطوائف المنتسبة إلى السنة والجماعة من نوع تنازع لكن لا بد فيهم من طائفة تعتصم بالكتاب والسنة كما أنه لا بد أن يكون بين المسلمين تنازع واختلاف لكنه لا يزال في هذه الأمة طائفة قائمة بالحق لا يضرها من خالفها ولا من خذلها حتى تقوم الساعة . ولهذا لما كان أبو الحسن الأشعري وأصحابه منتسبين إلى السنة والجماعة : كان منتحلا للإمام أحمد ذاكرا أنه مقتد به متبع سبيله . وكان بين أعيان أصحابه من الموافقة والمؤالفة لكثير من أصحاب الإمام أحمد ما هو معروف حتى إن أبا بكر عبد العزيز يذكر من حجج أبي الحسن في كلامه مثل ما يذكر من حجج أصحابه لأنه كان عنده من متكلمة أصحابه .
وكان من أعظم المائلين إليهم التميميون : أبو الحسن التميمي وابنه وابن ابنه ونحوهم ؛ وكان بين أبي الحسن التميمي وبين القاضي أبي بكر بن الباقلاني من المودة والصحبة ما هو معروف مشهور . ولهذا اعتمد الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الذي صنفه في مناقب الإمام أحمد - لما ذكر اعتقاده - اعتمد على ما نقله من كلام أبي الفضل عبد الواحد بن أبي الحسن التميمي . وله في هذا الباب مصنف ذكر فيه من اعتقاد أحمد ما فهمه ؛ ولم يذكر فيه ألفاظه وإنما ذكر جمل الاعتقاد بلفظ نفسه وجعل يقول : " وكان أبو عبد الله " . وهو بمنزلة من يصنف كتابا في الفقه على رأي بعض الأئمة ويذكر مذهبه بحسب ما فهمه ورآه وإن كان غيره بمذهب ذلك الإمام أعلم منه بألفاظه وأفهم لمقاصده ؛ فإن الناس في نقل مذاهب الأئمة قد يكونون بمنزلتهم في نقل الشريعة . ومن المعلوم : أن أحدهم يقول : حكم الله كذا أو حكم الشريعة كذا بحسب ما اعتقده عن صاحب الشريعة ؛ بحسب ما بلغه وفهمه وإن كان غيره أعلم بأقوال صاحب الشريعة وأعماله وأفهم لمراده . فهذا أيضا من الأمور التي يكثر وجودها في بني آدم . ولهذا قد تختلف الرواية في النقل عن الأئمة كما يختلف بعض أهل الحديث في النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم . فلا يجوز أن يصدر عنه خبران متناقضان في الحقيقة . ولا أمران متناقضان في الحقيقة إلا وأحدهما ناسخ والآخر منسوخ . وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم فليس بمعصوم . فيجوز أن يكون قد قال خبرين متناقضين . وأمرين متناقضين ولم يشعر بالتناقض . لكن إذا كان في المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يحتاج إلى تمييز ومعرفة - وقد تختلف الروايات حتى يكون بعضها أرجح من بعض والناقلون لشريعته بالاستدلال بينهم اختلاف كثير - لم يستنكر وقوع نحو من هذا في غيره ؛ بل هو أولى بذلك . لأن الله قد ضمن حفظ الذكر الذي أنزله على رسوله ولم يضمن حفظ ما يؤثر عن غيره . لأن ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة هو هدى الله الذي جاء من عند الله وبه يعرف سبيله وهو حجته على عباده ؛فلو وقع فيه ضلال لم يبين لسقطت حجة الله في ذلك وذهب هداه وعميت سبيله ؛ إذ ليس بعد هذا النبي نبي آخر ينتظر ليبين للناس ما اختلفوا فيه ؛ بل هذا الرسول آخر الرسل . وأمته خير الأمم . ولهذا لا يزال فيها طائفة قائمة على الحق بإذن الله . لا يضرها من خالفها ولا من خذلها . حتى تقوم الساعة .
الوجه الثاني : أن أبا الفرج نفسه متناقض في هذا الباب : لم يثبت على قدم النفي ولا على قدم الإثبات ؛ بل له من الكلام في الإثبات نظما ونثرا ما أثبت به كثيرا من الصفات التي أنكرها في هذا المصنف . فهو في هذا الباب مثل كثير من الخائضين في هذا الباب من أنواع الناس يثبتون تارة وينفون أخرى في مواضع كثيرة من الصفات كما هو حال أبي الوفاء بن عقيل وأبي حامد الغزالي .
الوجه الثالث : أن باب الإثبات ليس مختصا بالحنبلية ولا فيهم من الغلو ما ليس في غيرهم ؛ بل من استقرأ مذاهب الناس وجد في كل طائفة من الغلاة في النفي والإثبات ما لا يوجد مثله في الحنبلية ووجد من مال منهم إلى نفي باطل أو إثبات باطل فإنه لا يسرف إسراف غيرهم من المائلين إلى النفي والإثبات ؛ بل تجد في الطوائف من زيادة النفي الباطل والإثبات الباطل ما لا يوجد مثله في الحنبلية . وإنما وقع الاعتداء في النفي والإثبات فيهم مما دب إليهم من غيرهم الذين اعتدوا حدود الله بزيادة في النفي والإثبات إذ أصل السنة مبناها على الاقتصاد والاعتدال دون البغي والاعتداء . وكان علم " الإمام أحمد وأتباعه " له من الكمال والتمام على الوجه المشهور بين الخاص والعام ممن له بالسنة وأهلها نوع إلمام وأما أهل الجهل والضلال : الذين لا يعرفون ما بعث الله به الرسول ولا يميزون بين صحيح المنقول وصريح المعقول وبين الروايات المكذوبة والآراء المضطربة : فأولئك جاهلون قدر الرسول والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار الذين نطق بفضلهم القرآن فهم بمقادير الأئمة المخالفين لهؤلاء أولى أن يكونوا جاهلين إذ كانوا أشبه بمن شاق الرسول واتبع غير سبيل المؤمنين من أهل العلم والإيمان وهم في هذه الأحوال إلى الكفر أقرب منهم للإيمان : تجد أحدهم يتكلم في " أصول الدين وفروعه " بكلام من كأنه لم ينشأ في دار الإسلام ولا سمع ما عليه أهل العلم والإيمان ولا عرف حال سلف هذه الأمة وما أوتوه من كمال العلوم النافعة والأعمال الصالحة ولا عرف مما بعث الله به نبيه ما يدله على الفرق بين الهدى والضلال والغي والرشاد.وتجد وقيعة هؤلاء في " أئمة السنة وهداة الأمة " من جنس وقيعة الرافضة ومن معهم من المنافقين في أبي بكر وعمر ؛ وأعيان المهاجرين والأنصار ؛ ووقيعة اليهود والنصارى ومن تبعهم من منافقي هذه الأمة في رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقيعة الصابئة والمشركين من الفلاسفة وغيرهم في الأنبياء والمرسلين وقد ذكر الله في كتابه من كلام الكفار والمنافقين في الأنبياء والمرسلين وأهل العلم والإيمان ما فيه عبرة للمعتبر ؛ وبينة للمستبصر ؛ وموعظة للمتهوك المتحير .
وتجد عامة أهل الكلام ومن أعرض عن جادة السلف - إلا من عصم الله - يعظمون أئمة الاتحاد بعد تصريحهم في كتبهم بعبارات الاتحاد ويتكلفون لها محامل غير ما قصدوه . ولهم في قلوبهم من الإجلال والتعظيم والشهادة بالإمامة والولاية لهم وأنهم أهل الحقائق : ما الله به عليم(...)
الوجه الرابع : أن هذا السؤال لا يختص بهؤلاء بل إثبات جنس هذه الصفات قد اتفق عليه سلف الأمة وأئمتها من أهل الفقه والحديث والتصوف والمعرفة وأئمة أهل الكلام من الكلابية والكرامية والأشعرية كل هؤلاء يثبتون لله صفة الوجه واليد ونحو ذلك . وقد ذكر الأشعري في كتاب المقالات أن هذا مذهب أهل الحديث وقال : إنه به يقول . فقال في جملة مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث : " جملة مقالة أهل السنة وأصحاب الحديث : الإقرار بكذا وكذا وأن الله على عرشه استوى وأن له يدين بلا كيف كما قال : { خلقت بيدي } وكما قال : { بل يداه مبسوطتان } وأن له عينين بلا كيف كما قال : { تجري بأعيننا } وأن له وجها كما قال : { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } . وقد قدمنا فيما تقدم أن جميع أئمة الطوائف هم من أهل الإثبات وما من شيء ذكره أبو الفرج وغيره مما هو موجود في الحنبلية - سواء كان الصواب فيه مع المثبت أو مع النافي أو كان فيه تفصيل - إلا وذلك موجود فيما شاء الله..من أهل الحديث والصوفية والمالكية والشافعية والحنفية ونحوهم ؛ بل هو موجود في الطوائف التي لا تنتحل السنة والجماعة والحديث ولا مذهب السلف مثل الشيعة وغيرهم ففيهم في طرفي الإثبات والنفي ما لا يوجد في هذه الطوائف . وكذلك في أهل الكتابين - أهل التوراة والإنجيل - توجد هذه المذاهب المتقابلة في النفي والإثبات وكذلك الصابئة من الفلاسفة وغيرهم لهم تقابل في النفي والإثبات حتى إن منهم من يثبت ما لا يثبته كثير من متكلمة الصفاتية ولكن جنس الإثبات على المتبعين للرسل أغلب : من الذين آمنوا واليهود والنصارى والصابئة المهتدين وجنس النفي على غير المتبعين للرسل أغلب : من المشركين والصابئة المبتدعة . وقد ذكرنا في غير هذا الجواب مذهب سلف الأمة وأئمتها بألفاظها وألفاظ من نقل ذلك من جميع الطوائف : بحيث لا يبقى لأحد من الطوائف اختصاص بالإثبات .
ومن ذلك : ما ذكره شيخ الحرمين : أبو الحسن محمد بن عبد الملك الكرجي في كتابه الذي سماه " الفصول في الأصول عن الأئمة الفحول إلزاما لذوي البدع والفضول " وكان من أئمة الشافعية - ذكر فيه من كلام الشافعي ومالك والثوري وأحمد بن حنبل والبخاري - صاحب الصحيح -وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه في أصول السنة ما يعرف به اعتقادهم . وذكر في تراجمهم ما فيه تنبيه على مراتبهم ومكانتهم في الإسلام وذكر " أنه اقتصر في النقل عنهم - دون غيرهم - لأنهم هم المقتدى بهم والمرجوع شرقا وغربا إلى مذاهبهم ولأنهم أجمع لشرائط القدوة والإمامة من غيرهم وأكثر لتحصيل أسبابها وأدواتها : من جودة الحفظ والبصيرة والفطنة والمعرفة بالكتاب والسنة والإجماع والسند والرجال والأحوال ولغات العرب ومواضعها والتاريخ والناسخ والمنسوخ والمنقول والمعقول والصحيح والمدخول في الصدق والصلابة وظهور الأمانة والديانة : ممن سواهم " . قال : " وإن قصر واحد منهم في سبب منها جبر تقصيره قرب عصره من الصحابة والتابعين لهم بإحسان باينوا هؤلاء بهذا المعنى من سواهم فإن غيرهم من الأئمة - وإن كانوا في منصب الإمامة - لكن أخلوا ببعض ما أشرت إليه مجملا من شرائطها إذ ليس هذا موضعا لبيانها " . قال : " ووجه ثالث لا بد من أن نبين فيه فنقول : إن في النقل عن هؤلاء إلزاما للحجة على كل من ينتحل مذهب إمام يخالفه في العقيدة فإن أحدهما لا محالة يضلل صاحبه أو يبدعه أو يكفره فانتحال مذهبه - مع مخالفته له في العقيدة - مستنكر والله شرعا وطبعا فمن قال : أنا شافعي الشرع أشعري الاعتقاد قلنا له : هذا من الأضداد لا بل من الارتداد إذ لم يكن الشافعي أشعري الاعتقاد . ومن قال : أنا حنبلي في الفروع معتزلي في الأصول قلنا : قد ضللت إذا عن سواء السبيل فيما تزعمه إذ لم يكن أحمد معتزلي الدين والاجتهاد " . قال : " وقد افتتن أيضا خلق من المالكية بمذاهب الأشعرية وهذه والله سبة وعار وفلتة تعود بالوبال والنكال وسوء الدار على منتحل مذاهب هؤلاء الأئمة الكبار فإن مذهبهم ما رويناه : من تكفيرهم : الجهمية والمعتزلة والقدرية والواقفية وتكفيرهم اللفظية " . وبسط الكلام في مسألة اللفظ إلى أن قال - : " فأما غير ما ذكرناه من الأئمة : فلم ينتحل أحد مذهبهم فلذلك لم نتعرض للنقل عنهم (ثم سرد كلام الكرجي رحمه الله في بيان اندراج مذاهب الأئمة بعضها في بعض ثم بيان مصدره في تفصيل اعتقاد هؤلاء الأئمة و بينا السنة و البدعة......) انتهى كلام الكرجي رحمه الله تعالى . والعجب أن هؤلاء المتكلمين إذا احتج عليهم بما في الآيات والأحاديث من الصفات قال : قالت الحنابلة : إن الله : كذا وكذا بما فيه تشنيع وترويج لباطلهم والحنابلة اقتفوا أثر السلف وساروا بسيرهم ووقفوا بوقوفهم بخلاف غيرهم والله الموفق .
النوع الثاني أن هذا الكلام ليس فيه من الحجة والدليل ما يستحق أن يخاطب به أهل العلم . فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد . والإنسان لو أنه يناظر المشركين وأهل الكتاب : لكان عليه أن يذكر من الحجة ما يبين به الحق الذي معه والباطل الذي معهم . فقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن } وقال تعالى : { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } . فلو كان خصم من يتكلم بهذا الكلام - سواء كان المتكلم به أبو الفرج أو غيره من أشهر الطوائف بالبدع كالرافضة - لكان ينبغي أن يذكر الحجة ويعدل عما لا فائدة فيه إذ كان في مقام الرد عليهم دع (1) والمنازعون له - كما ادعاه - هم عند جميع الناس أعلم منه بالأصول والفروع . وهو في كلامه ورده لم يأت بحجة أصلا لا حجة سمعية ولا عقلية . وإنما اعتمد تقليد طائفة من أهل الكلام - قد خالفها أكثر منها من أهل الكلام - فقلدهم فيما زعموا أنه حجة عقلية كما فعل هذا المعترض . ومن يرد على الناس بالمعقول إن لم يبين حجة عقلية وإلا كان قد أحال الناس على المجهولات كمعصوم الرافضة وغوث الصوفية . فأما قوله : " إن مثل هؤلاء لا يحدثون " فيقال له : قد بعث الله الرسل إلى جميع الخلق ليدعوهم إلى الله . فمن الذي أسقط الله مخاطبته من الناس ؟ دع من تعرف أنت وغيرك ممن فضلهم الله ما ليس هذا موضعه . ولو أراد سفيه أن يرد على الراد بمثل رده لم يعجز عن ذلك . وكذلك قوله : " إنهم يكابرون العقول " . فنقول : المكابرة للعقول إما أن تكون في إثبات ما أثبتوه وإما أن تكون في تناقضهم بجمع (1) من إثبات هذه الأمور ونفي الجوارح . أما الأول : فباطل . فإن المجسمة المحضة التي تصرح بالتجسيم المحض وتغلو فيه لم يقل أحد قط : إن قولها مكابرة للعقول ولا قال أحد . إنهم لا يخاطبون ؛ بل الذين ردوا على غالية المجسمة - مثل هشام بن الحكم وشيعته - ولم يردوا عليهم من الحجج العقلية إلا بحجج تحتاج إلى نظر واستدلال . والمنازع لهم - وإن كان مبطلا في كثير مما يقوله - فقد قابلهم بنظير حججهم ولم يكونوا عليه بأظهر منه عليهم إذ مع كل طائفة حق وباطل . وإذا كان مثل " أبي الفرج بن الجوزي " إنما يعتمد في نفي هذه الأمور على ما يذكره نفاة النظار فأولئك لا يكادون يزعمون في شيء من النفي والإثبات أنه مكابرة للمعقول ؛ حتى جاحدوا الصانع الذين هم أجهل الخلق وأضلهم وأكفرهم وأعظمهم خلافا للعقول لا يزعم أكثر هؤلاء الذين انتصر بهم أبو الفرج : أن قولهم مكابرة للمعقول بل يزعمون أن العلم بفساد قولهم إنما يعلم بالنظر والاستدلال . وهذا القول - وإن كان يقوله جل هؤلاء النفاة من أهل الكلام - فليس هو طريقة مرضية . لكن المقصود : أن هؤلاء النفاة لا يزعمون أن العلم بفساد قول المثبتة معلوم بالضرورة ولا أن قولهم مكابرة للعقل وإن شنعوا عليهم بأشياء ينفر عنها كثير من الناس فذاك ليستعينوا بنفرة النافرين على دفعهم وإخماد قولهم ؛ لا لأن نفور النافرين عنهم يدل على حق أو باطل ولا لأن قولهم مكابرة للعقل أو معلوم بضرورة العقل أو ببديهته فساده . هذا لم أعلم أحدا من أئمة النفاة أهل النظر يدعيه في شيء من أقواله المثبتة وإن كان فيها من الغلو ما فيها . ومن المعلوم أن مجرد نفور النافرين أو محبة الموافقين : لا يدل على صحة قوله ولا فساده إلا إذا كان ذلك بهدى من الله بل الاستدلال بذلك هو استدلال باتباع الهوى بغير هدى من الله . فإن اتباع الإنسان لما يهواه هو أخذ القول والفعل الذي يحبه ورد القول والفعل الذي يبغضه بلا هدى من الله قال تعالى : { وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم } وقال : { فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله } وقال تعالى لداود : { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } وقال تعالى : { فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون } وقال تعالى : { قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل } وقال تعالى : { ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير } . فمن اتبع أهواء الناس بعد العلم الذي بعث الله به رسوله وبعد هدى الله الذي بينه لعباده : فهو بهذه المثابة . ولهذا كان السلف يسمون أهل البدع والتفرق - المخالفين للكتاب والسنة - أهل الأهواء : حيث قبلوا ما أحبوه وردوا ما أبغضوه بأهوائهم بغير هدى من الله . وأما قول المعترض عن أبي الفرج : " وكأنهم يخاطبون الأطفال " فلم تخاطب الحنابلة إلا بما ورد عن الله ورسوله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان الذين هم أعرف بالله وأحكامه وسلمنا لهم أمر الشريعة وهم قدوتنا فيما أخبروا عن الله وشرعه . وقد أنصف من أحال عليهم وقد شاقق من خرج عن طريقتهم وادعى أن غيرهم أعلم بالله منهم أو أنهم علموا وكتموا وأنهم لم يفهموا ما أخبروا به أو أن عقل غيرهم في ( باب معرفة الله أتم وأكمل وأعلم مما نقلوه وعقلوه وقد قدمنا ما فيه كفاية في هذا الباب والله الموفق . { ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } .
 
وقد تأول قوم - من المنتسبين إلى " السنة والحديث " - حديث النزول وما كان نحوه من النصوص التي فيها فعل الرب اللازم : كالإتيان والمجيء والهبوط ونحو ذلك ونقلوا في ذلك قولا لمالك ولأحمد بن حنبل حتى ذكر المتأخرون من أصحاب أحمد - كأبي الحسن بن الزاغوني وغيره - عن أحمد في تأويل هذا الباب روايتين ؛ بخلاف غير هذا الباب فإنه لم ينقل عنه في تأويله نزاعا . وطرد ابن عقيل الروايتين في " التأويل " في غير هذه الصفة ؛ وهو تارة يوجب التأويل وتارة يحرمه وتارة يسوغه . والتأويل عنده تارة " للصفات الخبرية مطلقا " ويسميها الإضافات - لا الصفات - موافقة لمن أخذ ذلك عنه من المعتزلة كأبي علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان - وكانا من أصحاب أبي الحسين البصري - وأبو الفرج بن الجوزي مع ابن عقيل على ذلك في بعض كتبه مثل " كف التشبيه بكف التنزيه " ويخالفه في بعض كتبه .
والأكثرون من أصحاب أحمد لم يثبتوا عنه نزاعا في التأويل لا في هذه الصفات ولا في غيرها . وأما ما حكاه أبو حامد الغزالي عن بعض الحنبلية : أن أحمد لم يتأول إلا " ثلاثة أشياء " : { الحجر الأسود يمين الله في الأرض } { وقلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن } { وإني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن } فهذه الحكاية كذب على أحمد لم ينقلها أحد عنه بإسناد ؛ ولا يعرف أحد من أصحابه نقل ذلك عنه . وهذا الحنبلي الذي ذكر عنه أبو حامد مجهول لا يعرف لا علمه بما قال ولا صدقه فيما قال . وأيضا : وقع النزاع بين أصحابه . هل اختلف اجتهاده في تأويل المجيء والإتيان والنزول ونحو ذلك ؟ لأن حنبلا نقل عنه في " المحنة " أنهم لما احتجوا عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم { تجيء البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف } ونحو ذلك من الحديث الذي فيه إتيان القرآن ومجيئه . وقالوا له : لا يوصف بالإتيان والمجيء إلا مخلوق ؛ فعارضهم أحمد بقوله : - وأحمد وغيره من أئمة السنة - فسروا هذا الحديث بأن المراد به مجيء ثواب البقرة وآل عمران كما ذكر مثل ذلك من مجيء الأعمال في القبر وفي القيامة والمراد منه ثواب الأعمال(...)ه هكذا نقل حنبل ؛ ولم ينقل هذا غيره ممن نقل مناظرته في " المحنة " كعبد الله بن أحمد وصالح بن أحمد والمروذي وغيره ؛ فاختلف أصحاب أحمد في ذلك . فمنهم من قال : غلط حنبل لم يقل أحمد هذا . وقالوا حنبل له غلطات معروفة وهذا منها وهذه طريقة أبي إسحاق بن شاقلا .ومنهم من قال : بل أحمد قال ذلك على سبيل الإلزام لهم . يقول : إذا كان أخبر عن نفسه بالمجيء والإتيان ولم يكن ذلك دليلا على أنه مخلوق ؛ بل تأولتم ذلك على أنه جاء أمره فكذلك قولوا : جاء ثواب القرآن لا أنه نفسه هو الجائي (...)وذهب " طائفة ثالثة " من أصحاب أحمد إلى أن أحمد قال هذا : ذلك الوقت وجعلوا هذا رواية عنه ثم من يذهب منهم إلى التأويل - كابن عقيل وابن الجوزي وغيرهما - يجعلون هذه عمدتهم . حتى يذكرها أبو الفرج بن الجوزي في تفسيره ؛ ولا يذكر من كلام أحمد والسلف ما يناقضها .ولا ريب أن المنقول المتواتر عن أحمد يناقض هذه الرواية ويبين أنه لا يقول : إن الرب يجيء ويأتي وينزل أمره بل هو ينكر على من يقول ذلك . والذين ذكروا عن أحمد في تأويل النزول ونحوه من " الأفعال " لهم قولان : منهم من يتأول ذلك بالقصد ؛ كما تأول بعضهم قوله : { ثم استوى إلى السماء } بالقصد وهذا هو الذي ذكره ابن الزاغوني . ومنهم من يتأول ذلك بمجيء أمره ونزول أمره وهو المذكور في رواية حنبل . وطائفة من أصحاب أحمد وغيرهم - كالقاضي أبي يعلى وغيره ممن يوافق أبا الحسن الأشعري - على أن " الفعل " هو المفعول ؛ وأنه لا يقوم بذاته فعل اختياري . يقولون : معنى النزول والاستواء وغير ذلك : أفعال يفعلها الرب في المخلوقات . وهذا هو المنصوص عن أبي الحسن الأشعري وغيره قالوا : الاستواء فعل فعله في العرش كان به مستويا وهذا قول أبي الحسن بن الزاغوني . وهؤلاء يدعون أنهم وافقوا السلف ؛ وليس الأمر كذلك . كما قد بسط في موضعه.وكذلك ذكرت هذه رواية عن مالك رويت من طريق كاتبه حبيب بن أبي حبيب ؛ لكن هذا كذاب باتفاق أهل العلم بالنقل لا يقبل أحد منهم نقله عن مالك . ورويت من طريق أخرى ذكرها ابن عبد البر وفي إسنادها من لا نعرفه .واختلف أصحاب أحمد وغيرهم من المنتسبين إلى السنة والحديث : في النزول والإتيان والمجيء وغير ذلك . هل يقال إنه بحركة وانتقال ؟ أم يقال بغير حركة وانتقال ؟ أم يمسك عن الإثبات والنفي ؟ على " ثلاثة أقوال " ذكرها القاضي أبو يعلى في كتاب " اختلاف الروايتين والوجهين " .فالأول قول أبي عبد الله بن حامد وغيره .
والثاني : قول أبي الحسن التميمي وأهل بيته .
والثالث : قول أبي عبد الله بن بطة وغيره . ثم هؤلاء فيهم من يقف عن إثبات اللفظ مع الموافقة على المعنى وهو قول كثير منهم كما ذكر ذلك أبو عمر بن عبد الرحمن وغيره (*) . ومنهم من يمسك عن إثبات المعنى مع اللفظ وهم في المعنى منهم من يتصوره مجملا ومنهم من يتصوره مفصلا ؛ إما مع الإصابة وإما مع الخطأ . والذين أثبتوا هذه رواية عن " أحمد " هم وغيرهم - ممن ينتسب إلى السنة والحديث - لهم في تأويل ذلك قولان :أحدهما : أن المراد به إثبات أمره ومجيء أمره . و الثاني : أن المراد بذلك عمده وقصده(...)قلت : وتأويل المجيء والإتيان والنزول ونحو ذلك - بمعنى القصد والإرادة ونحو ذلك - هو قول طائفة . وتأولوا ذلك في قوله تعالى { ثم استوى إلى السماء } وجعل ابن الزاغوني وغيره ذلك : هو إحدى الروايتين عن أحمد . والصواب : أن جميع هذه التأويلات مبتدعة لم يقل أحد من الصحابة شيئا منها ولا أحد من التابعين لهم بإحسان ؛ وهي خلاف المعروف المتواتر عن أئمة السنة والحديث : أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة . ولكن بعض الخائضين بالتأويلات الفاسدة يتشبث بألفاظ تنقل عن بعض الأئمة وتكون إما غلطا أو محرفة ؛ كما تقدم من أن قول الأوزاعي وغيره من أئمة السلف في النزول " يفعل الله ما يشاء " فسره بعضهم أن النزول مفعول مخلوق منفصل عن الله وأنهم أرادوا بقولهم : ( يفعل الله ما يشاء ) هذا المعنى وليس الأمر كذلك ؛ كما تقدمت الإشارة إليه (...)وهؤلاء يقولون : النزول من صفات الذات ومع هذا فهو عندهم أزلي كما يقولون مثل ذلك في الاستواء والمجيء والإتيان والرضى والغضب والفرح والضحك وسائر ذلك : إن هذا جميعه صفات ذاتية لله وإنها قديمة أزلية لا تتعلق بمشيئته واختياره ؛ بناء على أصلهم الذي وافقوا فيه ابن كلاب وهو أن الرب لا يقوم بذاته ما يتعلق بمشيئته واختياره ؛ بل من هؤلاء من يقول إنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته ولا يقوم به فعل يحدث بمشيئته واختياره . بل من هؤلاء من يقول إن الفعل قديم أزلي وإنه مع ذلك يتعلق بمشيئته وقدرته وأكثر العقلاء يقولون فساد هذا معلوم بضرورة العقل ؛ كما قالوا مثل ذلك في قول من قال من المتفلسفة : إن الفلك قديم أزلي وإنه أبدعه بقدرته ومشيئته . وجمهور العقلاء يقولون : الشيء المعين من الأعيان والصفات إذا كان حاصلا بمشيئة الرب وقدرته لم يكن أزليا . فلما كان من أصل ابن كلاب ومن وافقه كالحارث المحاسبي وأبي العباس القلانسي وأبي الحسن الأشعري والقضاة أبي بكر بن الطيب وأبي يعلى بن الفراء وأبي جعفر السماني وأبي الوليد الباجي وغيرهم من الأعيان ؛ كأبي المعالي الجويني وأمثاله ؛ وأبي الوفاء بن عقيل وأبي الحسن بن الزاغوني وأمثالهما : أن الرب لا يقوم به ما يكون بمشيئته وقدرته ويعبرون عن هذا بأنه لا تحله الحوادث ووافقوا في ذلك الجهم بن صفوان وأتباعه من الجهمية والمعتزلة صاروا فيما ورد في الكتاب والسنة من صفات الرب على أحد قولين : إما أن يجعلوها كلها مخلوقات منفصلة عنه . فيقولون : كلام الله مخلوق بائن عنه ؛ لا يقوم به كلام . وكذلك رضاه وغضبه وفرحه ومجيئه وإتيانه ونزوله وغير ذلك هو مخلوق منفصل عنه لا يتصف الرب بشيء يقوم به عندهم . وإذا قالوا هذه الأمور من صفات الفعل : فمعناه أنها منفصلة عن الله بائنة وهي مضافة إليه ؛ لا أنها صفات قائمة به . ولهذا يقول كثير منهم : إن هذه آيات الإضافات وأحاديث الإضافات وينكرون على من يقول آيات الصفات وأحاديث الصفات وإما أن يجعلوا جميع هذه المعاني قديمة أزلية ويقولون نزوله ومجيئه وإتيانه وفرحه وغضبه ورضاه ؛ ونحو ذلك : قديم أزلي كما يقولون : إن القرآن قديم أزلي . ثم منهم من يجعله معنى واحدا ومنهم من يجعله حروفا أو حروفا وأصواتا قديمة أزلية مع كونه مرتبا في نفسه . ويقولون : فرق بين ترتيب وجوده وترتيب ماهيته كما قد بسطنا الكلام على هذه الأمور في غير هذا الموضع على هذه الأقوال وقائليها ؛ وأدلتها السمعية والعقلية في غير هذا الموضع . والمقصود هنا : أنه ليس شيء من هذه الأقوال قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا قول أئمة المسلمين المشهورين بالإمامة - أئمة السنة والجماعة وأهل الحديث - كالأوزاعي ومالك بن أنس وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأمثالهم ؛ بل أقوال السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ومن سلك سبيلهم من أئمة الدين وعلماء المسلمين : موجودة في الكتب التي ينقل فيها أقوالهم بألفاظها بالأسانيد المعروفة عنهم . كما يوجد ذلك في كتب كثيرة مثل كتاب " السنة " " والرد على الجهمية " لمحمد بن عبد الله الجعفي شيخ البخاري ؛ ولأبي داود السجستاني ولعبد الله بن أحمد بن حنبل ولأبي بكر الأثرم ولحنبل بن إسحاق ولحرب الكرماني ولعثمان بن سعيد الدارمي ولنعيم بن حماد الخزاعي ولأبي بكر الخلال ولأبي بكر بن خزيمة ولعبد الرحمن بن أبي حاتم ولأبي القاسم الطبراني ولأبي الشيخ الأصبهاني ولأبي عبد الله بن منده ولأبي عمرو الطلمنكي وأبي عمر بن عبد البر . وفي كتب التفسير المسندة قطعة كبيرة من ذلك مثل تفسير عبد الرزاق وعبد بن حميد ودحيم وسنيد وابن جرير الطبري وأبي بكر بن المنذر ؛ وتفسير عبد الرحمن بن أبي حاتم ؛ وغير ذلك من كتب التفسير التي ينقل فيها ألفاظ الصحابة والتابعين في معاني القرآن بالأسانيد المعروفة . فإن معرفة مراد الرسول ومراد الصحابة هو أصل العلم وينبوع الهدى ؛ وإلا فكثير ممن يذكر مذهب السلف ويحكيه لا يكون له خبرة بشيء من هذا الباب كما يظنون أن مذهب السلف في آيات الصفات وأحاديثها . أنه لا يفهم أحد معانيها ؛ لا الرسول ولا غيره ويظنون أن هذا معنى قوله : { وما يعلم تأويله إلا الله } مع نصرهم للوقف على ذلك ؛ فيجعلون مضمون مذهب السلف أن الرسول بلغ قرآنا لا يفهم معناه ؛ بل تكلم بأحاديث الصفات وهو لا يفهم معناها وأن جبريل كذلك ؛ وأن الصحابة والتابعين كذلك.وهذا ضلال عظيم وهو أحد أنواع الضلال في كلام الله والرسول صلى الله عليه وسلم ظن أهل التخييل وظن أهل التحريف والتبديل وظن أهل التجهيل . وهذا مما بسط الكلام عليه في مواضع . والله يهدينا وسائر إخواننا إلى صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ."
انتهى عذرا للتطويل فهو نفيس و فيه بيان كثير من التدافع المذكور سابقا بين المنتسبين الى السنة أنفسهم ممن هم اقرب الى بيضة الاسلام من غيرهم....
 
المعذرة، كنت سأنقل كلاما للإمام أبو حاتم الرازي في ردي السابق ولم انتبه إلى أن كلامي ارسل وأنا لم أضع كلام الإمام معه.

هذا ما ذكره الإمام اللالكائي في كتابه شرح أصول إعتقاد أهل السنة:

ووجدت في بعض كتب 6806 أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي رحمه الله مما سمع منه ، يقول : مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان ، وترك النظر في موضع بدعهم ، والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل أبي عبد الله أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم ، وأبي عبيد القاسم بن سلام ، والشافعي . ولزوم الكتاب والسنة ، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف ، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل : مالك بن أنس في المدينة ، والأوزاعي بالشام ، والليث بن سعد بمصر ، وسفيان الثوري ، وحماد بن زياد بالعراق من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين . وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين ، وترك النظر في كتب الكرابيس ، ومجانبة من يناضل عنه من أصحابه وشاجر فيه مثل داود الأصبهاني وأشكاله ومتبعيه . والقرآن كلام الله وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه ، ليس بمخلوق بجهة من الجهات . ومن زعم أنه مخلوق مجعول فهو كافر بالله كفرا ينقل عن الملة ، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر . والواقفة واللفظية جهمية ، جهمهم أبو عبد الله أحمد بن حنبل . والاتباع للأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين بعدهم بإحسان . وترك كلام المتكلمين ، وترك مجالستهم وهجرانهم ، وترك مجالسة من وضع الكتب بالرأي بلا آثار . واختيارنا أن الإيمان قول وعمل ، إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالأركان ، مثل الصلاة والزكاة لمن كان له مال ، والحج لمن استطاع إليه سبيلا ، وصوم شهر رمضان ، وجميع فرائض الله التي فرض على عباده ، العمل به من الإيمان . والإيمان يزيد وينقص ، ونؤمن بعذاب القبر ، وبالحوض المكرم به النبي صلى الله عليه وسلم ، ونؤمن بالمساءلة في القبر ، وبالكرام الكاتبين ، وبالشفاعة المخصوص بها النبي صلى الله عليه وسلم ، ونترحم على جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا نسب أحدا منهم لقوله عز وجل : والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم (1) . والصواب نعتقد ونزعم أن الله على عرشه بائن من خلقه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (2) . ولا نرى الخروج على الأئمة ولا نقاتل في الفتنة ، ونسمع ونطيع لمن ولى الله عز وجل أمرنا . ونرى الصلاة والحج والجهاد مع الأئمة ، ودفع صدقات المواشي إليهم . ونؤمن بما جاءت به الآثار الصحيحة بأنه يخرج قوم من النار من الموحدين بالشفاعة . ونقول : إنا مؤمنون بالله عز وجل ، وكره سفيان الثوري أن يقول : أنا مؤمن حقا عند الله ومستكمل الإيمان ، وكذلك قول الأوزاعي أيضا . وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر . وعلامة الجهمية أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة . وعلامة القدرية أن يسموا أهل السنة مجبرة . وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية . ويريدون إبطال الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وفقنا الله وكل مؤمن لما يحب ويرضى من القول والعمل ، وصلى الله على محمد وآله وسلم
 
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى

لكن وقع الكلام في هذه الحلقة على بعض المسائل العقدية في تفسير ما ورد في حديث صحيح البخاري تحديدا في كتاب التوحيد باب قوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة، والذي جاء فيه: (فيكشف عن ساقه)، وقد حمله الشيخ مساعد على مقتضى مذهبه في الصفات فعد الساق صفة لله تعالى، بل وجزم بذلك جزما، وهذا ما لفت انتباهي وأحببت التعليق عليه.

فكون الشيخ مساعد يعتقد أنها صفة لله تعالى على مقتضى مذهبه، شيء خاص به لأنه مسؤول على معتقداته أمام الله سبحانه وتعالى، أما أن يجزم جزما بأن ما جاء في الحديث لا يحتمل التأويل إطلاقا مطلقا، بحيث هو ناص نصا على أن "الساق" صفة لله تعالى، خلافا لما ورد في آية سورة القلم وتسليمه أنها تحتمل التأويل باعتبار أنها ليست من آيات الصفات، مع أن التفريق بين الآية والحديث محض تحكم، أقول: فجزمه بأن ما جاء في الحديث لا يحتمل التأويل مطلقا كما صرح بذلك فيه نظر، والحقيقة أن أدنى اطلاع على كتب شراح البخاري مثلا تبين أن حكم الشيخ مساعد بأن الحديث لا يحتمل التأويل حكم مخالف للواقع، وسأكتفي بنقل ما جاء في الكواكب الدراري للشيخ الكرماني لبيان ذلك:
.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ،
كيف التفريق بين الآية والحديث محض تحكم ؟
وقد وجدت التصوص تثبت الفرق ؟

عن عبدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ تَقُولُ إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا .. (إلى أن قال:
ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا قَالَ وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ قَالَ فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللَّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوْ الظِّلُّ نُعْمَانُ الشَّاكُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ
{ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ }
قَالَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ مِنْ كَمْ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ قَالَ فَذَاكَ يَوْمَ
{ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا }
وَذَلِكَ
{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ }
( أخرجه مسلم في صحيحه )

فهذا اليوم له علامات أخرى كما يظهر إذا صح التعبير .
أليس كذلك؟
والله أعلم وأحكم
 
للفائدة:

هذا نقل من كتاب : مسالك أهل السنة فيما أشكل من نصوص العقيدة ، للدكتور عبدالرزاق معاش، بإشراف الشيخ عبدالرحمن البراك – حفظه الله – ( ج : 2/ ص: 387) .

2- قوله عز وجل : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ } [ القلم : 42 ]
وهذه الآية مما يجعل موارد النزاع بين المثبتة والنفاة قديما وحديثا ؛ والموجب لذلك عدم إعطاء الألفاظ الواردة في النصوص حقها في المعاني التي تدل عليها في كل موضع كما سبق تقريره ، وكذلك أوجبه ما جاء عن السلف في تفسيرها مما ظنه النفاة حجة في تأويلاتهم الباطلة .
فقال الإمام الطبري:
( قال جماعة من الصحابة والتابعيم من أهل التأويل:
يبدو عن أمر شديد )
ثم سرد أقوالهم تفصيلا من ذلك ......
وهذا التفسير من أعلام السلف لا يقتضي تأويل صفة الساق الثابتة لله تعالى بنصوص السنة ، إذ لا تعد هذه الآية نصا صريحا في إثباتها ، ولذلك تنازع السلف في دلالتها على الصفة ، وهو الموضوع الوحيد – كما أشار شيخ الإسلام ابن تيمية – الذي تنازع فيه السلف .
وأؤكد هنا على أن التفسير المنقول آنفا عن السلف ليس تأويلا على مذهب أهل البدع ، بل هو تفسير للآية بما ظهر من معناها في السياق ، ودل عليه لسان العرب ، بدليل إثباتهم لتلك الصفة بحديث أبي سعيد الخدري .. الحديث ..." أهــ
 
الأخ الكريم:
الإمام أحمد عن أبي بُردة عن أبي موسى قال حدّثني أبي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان يوم القيامة مُثِّل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا فيذهب كلُّ قومٍ إلى ما كانوا يعبدون ويبقى أهل التوحيد فيقال لهم ما تنتظرون وقد ذهب الناس فيقولون إن لنا ربًّا كنا نعبده في الدنيا ولم نره ـ قال ـ وتعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم فيقال فكيف تعرفونه ولم تروه قالوا إنه لا شبيه له فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تعالى فيخرون له سجدًّا وتبقى أقوام ظهورهم مثل صَيَاصِي البقر فينظرون إلى الله تعالى فيريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قوله تعالى: { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } فيقول الله تعالى عبادي أرفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل كل رجلٍ منكم رجلاً من اليهود والنصارى في النار.
.

للفائدة :
قال الألباني:
- ( ضعيف )
ثنا هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمارة القرشي عن أبي بردة قال وفدت إلى الوليد بن عبد الملك فكان الذي يعمل في حوائجنا عمر بن عبدالعزيز فلما قضيت حوائجي رجعت إليه فقال ما رد الشيخ فلما قربت منه قلت له إني ذكرت حديثا حدثني به أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
إذا كان يوم القيامة ذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا وبقي أهل التوحيد فقال لهم ما تنتظرون وقد ذهب الناس قالوا إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا لم نره فيقال لهم إذا رأيتموه تعرفونه فيقولون نعم فيقال لهم وكيف تعرفونه ولم تروه فقالوا إنه لا شبه له فيكشف لهم عن حجاب فينظرون إلى الله تبارك وتعالى فيخرون له سجدا ويبقى قوم في ظهورهم مثل صياحي البقر فيريدون أن يسجدوا فلا يقدرون على ذلك وهو قول الله تعالى
يوم يكشف عن ساق ويدعون إلىالسجود فلا يستطيعون فيقول الله تعالى عبادي ارفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار
فقال عمر بن عبد العزيز لأبي بردة الله الذي لا إله الا هو لسمعت أباك حدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا فاستحلفه على ذلك ثلاثة أيمان "
إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد وهو ابن جدعان
والحديث أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص وأحمد و من طرق عن حماد بن سلمة إلا أنهما لم يسوقاه بتمامه
وأخرج منه حماد مسلم الجملة الأخيرة منه في ليل بلفظ آخر وهو رواية لأحمد و أخرجاه من طرق أخرى عن أبي بردة به وهو مخرج في الصحيحة
والحديث أخرجه الآجري ص حدثنا أبو القاسم عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال حدثنا هدبة بن خالد بتمامه
ثم روى عن أسلم العجلي عن أبي بردة به قال
بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم شيئا من أمر دينهم إذ شخصت أبصارهم فقال ما أشخص أبصاركم عني قالوا نظرنا إلى القمر قال فكيف بكم إذا "
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد
أما بعد:

ما أريد قوله :

قال تعالى:
{يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ }[القلم:42]
{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ }[ القلم:43]


فسر الصحابة الآية بما يلي:
1- عن ابن مسعود في قوله : { يوم يكشف عن ساق } قال : عن ساقيه تبارك وتعالى.
2- عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : { يوم يكشف عن ساق } قال : عن شدة الآخرة قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم . أما سمعت قول الشاعر :
قد قامت الحرب بنا على ساق ... وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس { يوم يكشف عن ساق } قال : هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .


لا ضير في ذلك أقصد اختلاف التفسيرين ، فالقرآن الكريم حمال أوجه ، أليس كذلك ؟

وما الذي يؤكد لنا أن هذه الآية تحتمل أوجه :

1- عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ فَيَبْقَى كُلُّ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِيَاءً وَسُمْعَةً فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا. ( أخرجه البخاري ).
2- عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ تَقُولُ إِنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهُمَا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أُحَدِّثَ أَحَدًا شَيْئًا أَبَدًا إِنَّمَا قُلْتُ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا يُحَرَّقُ الْبَيْتُ وَيَكُونُ وَيَكُونُ ثُمَّ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبَدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ قَالَ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا فَيَتَمَثَّلُ لَهُمْ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ أَلَا تَسْتَجِيبُونَ فَيَقُولُونَ فَمَا تَأْمُرُنَا فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ حَسَنٌ عَيْشُهُمْ ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا قَالَ وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ قَالَ فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللَّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوْ الظِّلُّ نُعْمَانُ الشَّاكُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ
{ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ }
قَالَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ مِنْ كَمْ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ قَالَ فَذَاكَ يَوْمَ
{ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا }
وَذَلِكَ
{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ }.
.." ( أخرجه مسلم ).


والمسألة هنا تدور على تفسير ابن عباس :
وابن عباس ما الذي جعله يفسر الآية بقوله :
( هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم القيامة .)
وقال أيضا :
( هي أشد ساعة تكون يوم القيامة )، والجواب:
انتبه لما رواه مسلم في صحيحه:
"....ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا قَالَ وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ قَالَ فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ أَوْ قَالَ يُنْزِلُ اللَّهُ مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ أَوْ الظِّلُّ نُعْمَانُ الشَّاكُّ فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ثُمَّ يُقَالُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ
{ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ }
قَالَ ثُمَّ يُقَالُ أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ فَيُقَالُ مِنْ كَمْ فَيُقَالُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ قَالَ فَذَاكَ يَوْمَ
{ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا }
وَذَلِكَ:
{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ }.
.."

تخيلوا هول الموقف وشدة هذه الساعة ، ألا يتبين لكم السبب الذي جعل ابن عباس رضي الله عنه يفسر الآية بما سبق ذكره ، وابن عباس يثبت الصفات لرب العزة :

تأمل معي ما ورد في تفسير ابن كثير:
قال تعالى:
{ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ }
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبد الله الطهراني، حدثنا حفص بن عمر العَدَنِيّ، حدثنا الحكم بن أبان، عن عِكْرِمَة قال: قال ابن عباس: { مَغْلُولَةٌ } أي: بخيلة.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ } قال: لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة ولكن يقولون: بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا."
أهــ

والله أعلم وأحكم.
 
وأما رأيك في علم الكلام، وقولك: " إنه نشأ لحاجة الدعوة إلى الإسلام والتعريف به " !
فهذا فيه نظر ظاهر، ولا أريد أن نزيد في التفريع في التعليق عليه.

أخي الكريم عبد الرحمن

هذه فائدة أنقلها لك ولكل الأخوة الأفاضل الذين يعارضون علم الكلام السني (علم أصول الدين) الخالي عن الفلسفة وأصولها الفاسدة، معارضة منشأها في تقديري الحجم الهائل من الدعاية المناهضة لعلم الكلام بشكل عام لحاجة في نفوس المناهضين.
اعلم أن قول من قال بتحريم علم الكلام، واستدلاله لذلك بأن تدوينه بدعة، يردّه النقل والعقل، وذلك أن تعلم أن جميع العلوم الإسلامية وإن تكثرت فالمطلوب منها أمران: إلف العبادات. وإلف العادات. أما الأول فمرجعه إلى صحة الاعتقادات والقيام بوظائف العبادات الفرعية. وأما الثاني فمرجعه إلى إقامة الأبدان بالأغذية والمعالجات ونظام المعاش بالمعاملات.

والأمر الأول وإن كان أوكد؛ إذ هو الذي كُلِّفنا به، لكن قوامه بقوام الثاني، فاحتيج إليهما معًا، وصار في التحقيق مكلََّفا بهما. وقد قام بكلا الأمرين المعلم الأكبر المبعوث لسياسة الخلق أجمع وسيدهم في الدارين صلى الله عليه وسلم.

وكان الصحابة رضي الله عنهم يعرفون من الجميع ما يحتاج إليه، إما بتلقيهم منه صلى الله عليه وسلم، أو بفهم من القرآن لسهولة ذلك عليهم من حيث كونهم عربا ونوّر الله تعالى بصائرهم بالمشاهدة، فلم يحتاجوا إلى آلة يتوصلون بها ولا وسيلة يستعملونها، غير أنهم كانوا يكتبون ما يسمعون في الرقاع وفي الحاف لعلمهم أن ذلك وسيلة إلى حفظه، فلما استحر القتل في القراء وخاف أبو بكر رضي الله تعالى عنه ضياع القرآن جمعه في مصحف لعِلْمِه أن ذلك وسيلة إلى حفظه.

ولمّا أحس عمر رضي الله تعالى عنه أن فهم الكتاب والسنة يحتاج إلى موصل لما فيهما من دقائق الإشارات وغرائب العبارات، حضّ على رواية الشعر وتعلمه، فقال في خطبته: «عليكم بديوانكم لا يضل». قيل وما هو؟ قال: شعر الجاهلية، ففيه معنى كتابكم.

ولما خشيء عثمان رضي الله تعالى عنه اختلاف الناس جمع القرآن في المصاحف لعلمه أن ذلك وسيلة إلى ضبطه وارتفاع النزاع فيه.

ولما سمع عليّ كرّم الله تعالى وجهه اللحن وخاف ضيالع العربية وضع النحو لعلمه أن النحو وسيلة إلى حفظ اتللسان العربي، وحفظه وسيلة إلى فهم معاني الكتاب والسنة التي عليهما مدار الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.

ولمّا علم مهمرة الصحابة والتابعين أنه ليس كل أحد يقوم بفهم معاني القرآن اشتغلوا بتفسيره، ودوّنوا التفسير نصحا لمن بعدهم، ودونوا الأحاديث النبوية لأن ذلك وسيلة إلى ما وقع به التكليف، وهو وسيلة إلى الامثال.

ولما كان ما ينقل من الأحاديث ليس كله متواترا ولا متفقا على صحته عن النبي صلى الله عليه وسلم كالقرآن، بل منه الصحيح بسند أو غيره، والقويّ وغيره، واحتاج أئمة الدين إلى تمييز المعمول به من غيره، وإلى معرفة تلقي ذلك وتبليغه، أحدثوا صناعة الحديث وما فيها من الاصطلاحات والألقاب.

ولمّا كانت الأحكام المأخوذة من الكتاب والسنة منها ما يرجع إلى كيفية عمل، ومنها ما يرجع إلى اعتقاد صرف، والأولى لا تتناهى كثرة فامتنع حفظها كلها لوقت الحاجة، فنيطت بأدلة كلية من عمومات وعلل تفصيلية تستنبط منها عند الحاجة، فجمعوا ذلك ودونوه وسموا العلم الحاصل لهم عنها فقهًا.

ولمّا اختلفوا في استنباط المسائل المستجدات، واحتاجوا في الجواب عن كل نازلة نازلة إلى مقدمات كلية، كل مقدمة منها ينبني عليها كثير من الأحكام، وربما التبست ووقع فيها الاختلاف حتى تشعبوا شعبا وافترقوا على مذاهب، لم يروا إهمالها نصحا لمن بعدهم وإعانة لهم على درك الحقائق، فدونوا ذلك وسموه أصل الفقه.

والثانية وهي الاعتقادات كانت في صدر الإسلام سليمة، ولمّا تكاثرت الأهواء والشيع، وافترقت الأمة كما أخبر به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلمعلى فرق، وكثر الخبط في الدين، وعظمت على الحق شبه المبطلين، انتهض علماء الأمة وعظماء الملة إلى مناضلة المبطلين باللسان كما كان الصدر الأول يناضلون عن الدين بالسنان، وأعدوا لجهاد المبطلين ما استطاعوا من قوة، فاحتاجوا إلى مقدمات كلية، وقواعد عقلية، واصطلاحات وأوضاع يجعلونها على النزاع ويتفقهون بها مقاصد القوم عند الدفاع، فدوّنوا ذلك وسموه «علم الكلام» و«أصول الدين» ليكون بإزاء أصول الفقه السابق.

وأيضا لما كانت ألفاظ الكتاب والسنّة عربية، وفهمها موقوف على فهم لغة العرب،
وضعوا اللغة ودونوها.

ولمّا كان ثبوت الشريعة موقوفا على صدق الرسل عليهم الصلاة والسلام، الموقوف على ثبوت المعجزة، وكان أعظم المعجزات القرآن العظيم، وكان إعجاز القرآن على القول المرضي ببلاغته، احتيج إلى معرفة البلاغة ليعرف وجه إعجاز القرآن الموصل إلى ما ذُكِر، وليوفى حقَّه من الفهم، إذ هو مملوء بالمجازات والاستعارات والكنايات، وضعوا علم البلاغة ودونوه.

ولمّا احتاجوا في أمر الصلاة ونحوها إلى معرفة القبلة وساعات الليل والنهار، دوّنوا علم الهيئة.

ولمّا احتاجوا إلى العد في المحاصات وقسمة التركات وسائر المعاملات وضعوا علم الحساب. إلى غير ذلك من الفنون.

ولمّا كان كل ما ذكر من الفنون وغيرها دائرًا بين إدراك أمرين والحكم بأحدهما على الآخر، وكان الفكر عند الحكم ليس بمصيب دائما، بدليل مجادلة ومناضلة بعض العقلاء فيما اقتضت أفكارهم، واحتيج إلى ما يوصل إلى إدراك وتمييز صحيح الفكر من سقيمه، دوّنوا علم المنطق، وعرفوه لتنتفع به هذه الأمة الشريفة العربية، إذ هو المعين على الأفكار والفهوم، والرئيس على سائر العلوم. وكان من العلوم التي استخرجها اليونان، وهو من الحكمة التي أعطوها. وكان يقال: «أنزلت الحكمة على ثلاثة أعضاء من الجسد: قلوب اليونان، والسنة العرب، وأيدي أهل الصين.»

وقد نبهناك في هذه الكلمات على ما ينبغي أن يستحضره المتعلم لشيء من هذه العلوم، حتى يكون ما اشتغل به ـ إن شاء الله تعالى ـ قربة؛ «إنما الأعمال بالنيات». جعلنا الله تعالى ممن أخلص وأنصف. فإن تفهمت ما أشرنا به وتبصرت ما نبهناك، علمت أن التوصل إلى الحق بكل ما أمكن سنّة فعلمها الخلفاء رضي الله تعالى عنهم، بل كل من الصحابة، ولم يخطر ببالك أن يكون وجه التحريم من هذه العلوم، ولا أن يقال: إنه مذموم؛ إذ هي كلها وسائل إلى المقصود، فمن حرم بعضها فليحرم جميعها، وإلا فمن أين التخصيص؟! ومن أنكر أن يكون بعض ذلك وسيلة فالعيان يكذّبه. نعم، بعضها أقرب وأكثر إيصالا من بعض. اهـ.

وأقترح عند إثارة مثل هذه المناظرات الإلكترونية أن تدار بطريقة منهجية منظمة
فإما أن يسلك المتناظرون تلك الطريقة المنهجية في المناظرة فلا ينتقل من مسألة إلى مسألة حتى يستوفى قول الطرفين فيها وتتبين حجة صاحب الحجة منهما
وإلا فالمتوجه أن يتولى إدارة المناظرة طرف ثالث ينظم النقاش فيها حتى ينتفع القراء والمشاركون، فلا يشارك أحد المتناظرين إلا حين يوجه إليه السؤال أو يتاح له المجال ليبدي ما لديه، وإذا أورد أحد المتناظرين أسئلة ذات صلة بالمسألة على مناظره تعينت عليه الإجابة وإلا عد ناكلاً عن الجواب، منقطع الحجة.
والمناظرات العلمية إذا شملها أدب الحوار والتناظر وكانت مبنية على أساس علمي فإن فوائدها عظيمة، ونفعها متعدٍ للقراء والمشاركين، فربما يرجع صاحب القول الباطل إلى الحق بعدما يتبين له، وليس في ذلك منقصة له، بل هو والله شرف له عظيم.

كلام جميل ومقبول، فما رأيك أن نسلك هذا السبيل بيننا ولو على الخاص أو الرسائل الاكترونية وفي مواضيع محددة نتفق عليها مسبقا؟؟
 
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، وعلى آله وصحابته وإخوته إلى يوم نلقاه،
أما بعد

فلقد قرأت هذه المناقشة فيما اختاره الشيخ مساعد الطيار في فهم حديث الساق،
فأردت أن أورد هنا الأحاديث التي فيها إثبات الساق لله تعالى مع كلام العلماء عليها والله الموفق، وإني أورد الحديث بطوله ليستفيد منه من لم يقرأه ولم يطلع عليه، وفيه تصوير لما يجري يوم القيامة. ووجه الشاهد باللون الأزرق

حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
قال الطبراني في المعجم الكبير (9 / 357): 9763 حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو غسان ثنا عبد السلام بن حرب عن أبي خالد الدالاني عن المنهال بن عمرو عن أبي عُبيدة عن مسروق عن عبد الله بن مسعود ح وحدثنا محمد بن النضر الأزدي وعبد الله بن أحمد بن حنبل والحضرمي قالوا ثنا إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني ثنا محمد بن سلمة الحراني عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن المنهال بن عمرو عن أبي عبيدة بن عبد الله عن مسروق بن الأجدع ثنا عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجمع الله الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم قياما أربعين سنة شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء قال وينزل الله عز وجل في ظلل من الغمام من العرش (ص: 358) إلى الكرسي ثم ينادي مناد أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم [وصوركم] وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا أن يولي كل ناس منكم ما كانوا يتولون ويعبدون في الدين أليس ذلك عدلا من ربكم قالوا بلى قال فلينطلق كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا قال فينطلقون ويمثل لهم أشياء ما كانوا يعبدون فمنهم من ينطلق إلى الشمس ومنهم من ينطلق إلى القمر وإلى الأوثان من الحجارة وأشباه ما كانوا يعبدون قال ويمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزيرا ويبقى محمد صلى الله عليه وسلم وأمته قال فيتمثل الرب عز وجل فيأيتهم فيقول ما لكم لا تنطلقون كما انطلق الناس قال فيقولون إن لنا إلها (رواية: ربا) ما رأيناه بعد فيقول هل تعرفونه إن رأيتموه فيقولون إن بيننا وبينه علامة إذا رأيناها عرفناها قال فيقول ما هي فيقولون يكشف عن ساقه قال فعند ذلك يكشف عن ساق فيخر كل من كان بظهره طبق ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون وقد كان يدعون إلى السجود وهم سالمون ثم يقول ارفعوا رؤوسكم فيرفعون رؤوسهم فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين يديه ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك ومنهم من يعطى نورا مثل النخلة بيمينه ومنهم من يعطى نورا أصغر من ذلك حتى يكون رجلا يعطى نوره على [ظهر](ص359) إبهام قدمه يضيء مرة ويطفئ مرة فإذا أضاء قدم قدمه فمشى وإذا طفئ قام قال والرب عز وجل أمامهم حتى يمر في النار فيبقى أثره كحد السيف دحض مزلة (وفي المستدرك: وإذا طفِئ قام، فيمرون على الصراط،والصراط كحد السيف دحض مزلة) قال ويقول مُروا فيمرون على قدر نورهم منهم من يمر كطرف العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالسحاب ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب ومنهم من يمر كالريح ومنهم من يمر كشد الفرس ومنهم من يمر كشد الرجل حتى يمر الذي أعطي نوره على إبهام قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه تخر رجل وتعلق رجل ويصيب جوانبه النار (وفي رواية أنس عن ابن مسعود عند مسلم : آخر من يدخل الجنة رجلٌ فهو يمشي [على الصراط] مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة ) فلا يزال كذلك حتى يخلص فإذا خلص وقف عليها ثم قال الحمد لله لقد أعطاني ما لم يعط أحدا [أنس عن ابن مسعود: من الأولين والآخرين]أن نجاني منها بعد إذ رأيتها قال فينطلق به إلى غدير باب الجنة فيغتسل فيعود إليه ريح أهل الجنة وألوانهم (وفي رواية عَنْ أنسٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: قال: فَتُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ [فينظر إليها] فَيَقُولُ: أَيْ رَبّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ الشّجَرَةِ فَلأَسْتَظِلّ بِظِلّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا. فَيَقُولُ الله عَزّ وَجَلّ: يَا ابْنَ آدَمَ! (رواية: أي عبدي فـ)ـلَعَلّي إِنْ أَعْطَيْتُكَهَا سَأَلْتَنِي غَيْرَهَا. فَيَقُولُ: لاَ. يَا رَبّ وَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا. وَرَبّهُ يَعْذِرُهُ. [يعلَمُ أنه سيسألُه] لأَنّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ. فَيُدْنِيهِ مِنْهَا. فَيَسْتَظِلّ بِظِلّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا. ثُمّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَى. فَيَقُولُ: أَيْ رَبّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ [الشجرةِ] لأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا وَأَسْتَظِلّ بِظِلّهَا. لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا. فَيَقُولُ[اللهُ عزّ وجل]: يَا ابْنِ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَهَا؟ فَيَقُولُ: لَعَلّي إِنْ أَدْنَيْتُكَ مِنْهَا تَسْأَلُنِي غَيْرَهَا؟ [فيقول: يا ربِّ! هذه لا أسألك غيرها] فَيُعَاهِدُهُ أَنْ لاَ يَسْأَلَهُ غَيْرَهَا. وَرَبّهُ [عز وجل] يُعْذِرُهُ. [يعلمُ أنه سيفعلُ]، [يعلمُ أنه سيسأله غيرها؛] لأَنّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ فَيُدْنِيهِ مِنْهَا. فَيَسْتَظِلّ بِظِلّهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَائِهَا. ثُمّ تُرْفَعُ لَهُ شَجَرَةٌ [أخرى هي] عِنْدَ بَابِ الْجَنّةِ هِيَ أَحْسَنُ مِنَ الأُولَيَيْنِ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبّ أَدْنِنِي مِنْ هَذِهِ لأَسْتَظِلّ بِظِلّهَا وَأَشْرَبَ مِنْ مَائِهَا. لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا [وربه عز وجل علم أنه سيفعل] فَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ أَلَمْ تُعَاهِدْنِي أَنْ لاَ تَسْأَلَنِي غَيْرَها؟ قَالَ: بَلَىَ. يَا رَبّ هَذِهِ [الشجرة] لاَ أَسْأَلُكَ غَيْرَهَا [ويعاهدُه] وَرَبّهُ يَعْذِرُهُ [يعلم أنه سيسأله غيرها] لأَنّهُ يَرَى مَا لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَيْهَا. فَيُدْنِيهِ مِنْهَا. فَإِذَا أَدْنَاهُ مِنْهَا، فَيَسْمَعُ أَصْوَاتَ أَهْلِ الْجَنّةِ) فيرى ما في الجنة من خلال الباب فيقول رب أدخلني الجنة [حديث أنس عن ابن مسعود: فيقول يا ابن آدم! ما يَصريني منك] فيقول الله له: أتسأل الجنة وقد نجيتك من النار فيقول: رب اجعل بيني وبينها حجابا لا أسمع حسيسَها قال: فيدخل الجنة قال: فيرى أو يرفع له منزلا أمام ذلك كأنما هو فيه إليه حلم فيقول رب أعطني ذلك المنزل فيقول له: فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره يكون أحسن منه!؟! قال: ويرى أو يرفع له أمام آخر كأنما هو إليه حلم فيقول أعطني ذلك المنزل فيقول الله جل جلاله: فلعلك إن أعطيتكه تسأل غيره قال لا وعزتك لا أسأل غيره يكون أحسن منه قال فيعطاه فينزله ثم يسكت فيقول الله عز وجل ما لك لا تسأل فيقول رب لقد سألتك حتى استحييتك وأقسمت لك حتى استحييتك فيقول الله تعالى ألم ترض أن أعطيك مثل الدنيا منذ خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة أضعافه فيقول: [أنس عن ابن مسعود: يا رب!] أتستهزئ بي وأنت رب العزة فيضحك الرب عز وجل من قوله قال فرأيت عبد الله بن مسعود إذا بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن قد سمعتك تحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان ضحكت فقال إني سمعت رسول الله  يحدث هذا الحديث مرارا كلما بلغ هذا المكان من هذا الحديث ضحك حتى تبدو أضراسه [أنس عن ابن مسعود: فقال: ألا تسألوني مم ضحكت؟ فقالوا: مم ضحكتَ يا رسول الله؟! قال: مِن ضحِكِ ربّ العالمين حين قال [الإنسان]: أتستهزئ بي وأنت ربُّ العالمين] قال فيقول الرب عز وجل:" لا ولكني على ذلك قادر (في حديث أنس عن ابن مسعود: على ما أشاء قادر) سل فيقول ألحقني بالناس (ص: 360) فيقول: اِلْحَق الناس (في رواية عَبيدة عن ابن مسعود: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النّارِ خُرُوجاً مِنْهَا، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنّةِ دُخُولاً الْجَنّةَ . رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النّارِ حَبْواً. فَيَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنّةَ. فَيَأْتِيهَا فَيُخَيّلُ إِلَيْهِ أَنّهَا مَلأَى. فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبّ وَجَدْتُهَا مَلأَى. فَيَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنّةَ. قَالَ فَيَأْتِيَهَا فَيُخَيّلُ إِلَيْهِ أَنّهَا مَلأَى. فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ: يَا رَبّ وَجَدْتُهَا مَلأَى. فَيَقُولُ الله لَهُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنّةَ. فَإِنّ لَكَ مِثْلَ الدّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا. أَوْ إِنّ لَكَ عَشَرَةَ أَمْثَالِ الدّنْيَا. قَالَ فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي (أَوْ أَتَضْحَكُ بِي) وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟" قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. قَالَ فَكَانَ يُقَالُ: ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنّةِ مَنْزِلَةً، (وفي لفظ آخر : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "إِنّي لأَعْرِفُ آخِرَ أَهْلِ النّارِ خُرُوجاً مِنَ النّارِ. رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا زَحْفَاً. فَيُقَالُ لَهُ: انْطَلِقْ فَادْخُلِ الْجَنّةَ. قَالَ: فَيَذْهَبُ فَيَدْخُلُ الْجَنّةَ. فَيَجِدُ النّاسَ قَدْ أَخَذُوا الْمَنَازِلَ. فَيُقَالُ لَهُ: أَتَذْكُرُ الزّمَانَ الّذِي كُنْتَ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيُقَالُ لَهُ: تَمَنّ. فَيَتَمَنّى. فَيُقَالُ لَهُ: لَكَ الّذِي تَمَنّيْتَ وَعَشَرَةُ أَضْعَافِ الدّنْيَا. قَالَ فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِي وَأَنْتَ الْمَلِكُ؟" قَالَ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ) (وفي رواية أخرى عن أبي سعيد الخدري : إِنّ أَدْنَىَ أَهْلِ الْجَنّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللّهُ وَجْهَهُ عَنِ النّارِ قِبَلَ الْجَنّةِ. وَمَثّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلّ. فَقَالَ: أَيْ رَبّ قَدّمْنِي إِلَى هَذِهِ الشّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلّهَا". وَزَادَ فِيهِ "وَيُذَكّرُهُ اللّهُ سَلْ كَذَا وَكَذَا. فَإِذَا انْقَطَعْتَ بِهِ الأَمَانِيّ قَالَ اللّهُ: هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ" قَالَ: "ثُمّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ. فَتَقُولاَنِ: الْحَمْدُ لله الّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ . قَالَ فَيَقُولُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ".) قال فينطلق يرمل في الجنة حتى إذا دنا من الناس رفع له قصر من درة فيخر ساجدا فيقال له ارفع رأسك مالك فيقول رأيت ربي أو تراءى لي ربي فيقال له إنما هو منزل مِن منازلك قال ثم يلقى رجلا فيتهيأ للسجود له فيقال له: مه مالك فيقول: رأيت أنك ملك من الملائكة فيقول إنما أنا خازن من خزائنك [على هذا القصر] عبد من عبيدك تحت يدي ألف قهرمان كلهم على مثل ما أنا عليه قال فينطلق أمامه حتى يفتح له القصر قال وهو في درة مجوفة سقائفها وأبوابها وأغلاقها ومفاتيحها منها تستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء كل جوهرة تفضي إلى جوهرة لون الأخرى في كل جوهرة سرر وأزواج ووصائف أدناهن حوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها مرآته وكبده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك وإذا أعرضت عنه إعراضه ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كانت قبل ذلك فيقول لها والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا وتقول له وأنت والله لقد ازددت في عيني سبعين ضعفا فيقال له أشرف قال فيشرف فيقال له ملكك مسيرة مائة عام ينفذه بصره. قال فقال عمر ألا تسمع ما يحدثنا بن أم عبد يا كعب عن أدنى أهل الجنة منزلا فكيف أعلاهم فقال كعب يا أمير المؤمنين مالا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله عز وجل كان [فوق العرش والماء] فخلق لنفسه دارا بيده، فزينها بما شاء] فجعل فيها ما شاء من الأزواج والثمرات والأشربة ثم أطبقها ثم لم يرها أحد من خلقه لا جبريل ولا غيره من الملائكة ثم قرأ كعب فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون قال وخلق دون ذلك جنتين وزينهما بما شاء [وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والإستبرق] وأراهما من شاء من خلقه [من الملائكة] ثم قال من كان كتابه في عليين نزل تلك الدار التي لم يرها أحد حتى إن الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه فيستبشرون بريحه فيقولون واها لهذا الريح هذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه . فقال ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت واقبضها فقال كعب والذي نفسي بيده [يا أمير المؤمنين!] إن لجهنم يوم القيامة لزفرة ما من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا يخر لركبتيه حتى إن إبراهيم خليل الله ليقول رب نَفسي نفسي حتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أنك لا تنجو"
( وفي رواية للمغيرة بن شعبة  قال: سَمِعْتُهُ عَلَى الْمِنْبَرِ، يَرْفَعُهُ إِلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم /وفي رواية: سَمِعْتُ الْمُغِيْرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يُخْبِرُ بِهِ النّاسَ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ "سَأَلَ مُوسَىَ رَبّهُ: مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنّةِ مَنْزلَةً (وفي رواية: عن أخسّ أهل الجنة حظا)؟ قَالَ: هُوَ رَجُلٌ يَجِئُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنّةِ الجَنّةَ فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنّةَ. فَيَقُولُ: أَيْ رَبّ كَيْفَ؟ وَقَدْ نَزَلَ النّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمِ؟ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَرْضَىَ أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ، رَبّ فَيُقُولَ: لَكَ ذَلَكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ. فَقَالَ فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ، رَبّ فَيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ. وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذّتْ عَيْنُكَ. فَيَقُولُ: رَضِيتُ، رَبّ قَالَ: رَبّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أُولَئِكَ الّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي. وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ" قَالَ: وَمِصْدَاقُهُ فِي كِتَابِ الله عَزّ وَجَلّ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرّةِ أَعْيُنٍ})
(وفي رواية أخرى عن أبي ذر : قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنّةِ دُخُولاً الْجَنّةَ. وَآخِرَ أَهْلِ النّارِ خُرُوجاً مِنْهَا. رَجُلٌ يُؤْتَىَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا. فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبَهِ. فَيُقَالَ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا. وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولُ: نَعَمْ. لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ. وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنّ لَكَ بِكُلّ سَيّئَةٍ حَسَنَةً. فَيَقُولُ: رَبّ قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لاَ أَرَاهَا هَهُنَا". فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.)

حديث آخر عن ابن مسعود:


حديث مسروق عن ابن مسعود : {قال المروذي رحمه الله: ذكرتُ لأبي عبد الله حديث محمد بن سلمة الحراني عن عبد الرحمن قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة عن المنهال عن أبي عبيدة عن مسروق قال: حدثنا عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو عبد الله: هذا حديث غريب لم يقع إلينا عن محمد بن سلمة واستحسنه. [إبطال التأويلات 1/157] وقال ابن القيم رحمه الله: هذا حديث كبير حسن [حادي الأرواح ص278] والحديث رواه عبد الله بن أحمد في السنة 1203 والطبراني في المعجم الكبير (9/416-421/9763 و9764وصححه المنذري في الترغيب والترهيب) والبيهقي في البعث والنشور (434) وابن خزيمة في التوحيد ص238-239 وابن منده في التوحيد (3/531) وابن منده في الإيمان (842-844)والدارقطني في الرؤية (160-164) والحاكم في المستدرك (4/589-592 مرفوعا) و(2/386-387 موقوفا) والذهبي في العلو وابن جرير في التفسير (29/39-40 و40) والآجري في الشريعة (ص264) واللالكائي في السنة (842) عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعا وحسنه الذهبي في العلو (ص110-المختصر) وصححه في الأربعين في صفات رب العالمين ص122 له وصححه الألباني في تخريج الطحاوية ص415 ومختصر العلو وصحيح الترغيب والترهيب (3591 و3704)}


وحديث أنس عن ابن مسعود رواه مسلم (187) وأحمد في المسند (1/391-392 و410-411) وابن أبي عاصم في السنة (557) والآجري في الشريعة (ص282-283) والبيهقي في الشريعة (ص96 و97) والبغوي في شرح السنة (15/4355)) وابن منده في التوحيد (661) والإيمان (841). [الصحيحة 1329]

وحديث عَبيدة عن ابن مسعود رواها البخاري (6571) (7511) مسلم (186) أحمد (1/378-379 و460) الترمذي (2595) ابن ماجه (4339) أبو نعيم في صفة الجنة (444) ابن منده في التوحيد (663 و664 و665) وزاد بعد قوله: وعشرة أمثالها: قال فيضحك الله منه. وقال: هذا إسناد حسن صحيح.

ورواية أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم رقم 188

ورواية المغيرة بن شعبة في صحيح مسلم رقم 189

ورواية المغيرة بن شعبة في صحيح مسلم رقم 190
 
حديث آخر عن ابن مسعود:
مصنف ابن أبي شيبة ج: 7 ص: 511
37637 حدثنا عبد الله بن نمير قال حدثنا سفيان قال حدثنا سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله أنه ذكر عنده الدجال فقال عبد الله تفترقون أيها الناس لخروجه ثلاث فرق فرقة تتبعه وفرقة تلحق بأرض آبائها بمنابت الشيح وفرقة تأخذ شط هذا الفرات فيقاتلهم ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس أشقر أو فرس أبلق فيقتلون لا يرجع منهم بشر قال سلمة فحدثني أبو صادق عن ربيعة بن ناجذ أن عبد الله قال فرس أشقر ثم قال عبد الله ويزعم أهل الكتاب أن المسيح عيسى ابن مريم ينزل فيقتله قال أبو الزعراء ما سمعت عبد الله يذكر عن أهل الكتاب هذا قال ثم يخرج ياجوج وماجوج فيمرحون في الأرض فيفسدون فيها ثم قرأ وهم من كل حدب ينسلون قال يبعث الله عليهم دابة مثل هذا النغف فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها قال فتنتن الأرض منهم فيجأر إلى الله فيرسل عليهم ماء فيطهر الأرض منهم ثم قال يرسل الله ريحا زمهريرا باردة فلا تذر على الأرض مؤمنا إلا كفته تلك الريح قال ثم تقوم الساعة على شرار الناس قال ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه قال والصور قرن فلا يبقى خلق لله في السماء ولا في الأرض إلا مات إلا ما شاء ربك قال ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون قال فيرش الله ماء من تحت العرش كمني الرجال قال فليس من ابن آدم خلق إلا في الأرض منه شيء قال فتنبت أجسادهم ولحمانهم من ذلك الماء كما نبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله والذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور قال ثم يقوم ملك بين السماء والأرض بالصور فينفخ فيه قال فتنطلق كل نفس إلى جسدها فتدخل فيه قال ثم يقومون فيحيون تحية رجل واحد قياما لرب العالمين ثم يتمثل الله للخلق فيلقاهم فليس أحد من الخلق ممن يعبد من دون الله شيئا إلا وهو تزوجها (رواية: مدفوع) له يتبعه فيلقى اليهود فيقول من تعبدون فيقولون نعبد عزيزا فيقول هل يسركم الماء قالوا نعم قال فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب ثم قرأ عبد الله وعرضنا جهنم للكافرين عرضا ثم يلقى النصارى فيقول من تعبدون قالوا نعبد المسيح قال يقول هل (ص512) يسركم الماء قالوا: نعم فيريهم جهنم وهي كهيئة السراب قال ثم كذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ثم قرأ عبد الله وقفوهم إنهم مسؤلون حتى يمر المسلمون فيقول من تعبدون فيقولون نعبد الله ولا نشرك به شيئا قال فيقول هل تعرفون ربكم فيقولون سبحانه إذا اعترف لنا عرفناه قال فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى أحد (رواية: مؤمن [ولا مؤمنة]) إلا خر لله ساجدا ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد كأنما فيها السفافيد قال فيقولون قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون ويأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم قال فيمر الناس زمرا على قدر أعمالهم أولهم كلمح البرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم كـ[ـمر] أسرع البهائم ثم كذلك حتى يمر الرجل سعيا وحتى يمر الرجل ماشيا وحتى يكون آخرهم يتلبط على بطنه فيقول أبطأت بي فيقول لم أبطئ إنما أبطأ بك عملك قال ثم يأذن الله بالشفاعة فيكون أول شافع يوم القيامة روح القدس جبريل ثم إبراهيم خليل الرحمن ثم موسى أو عيسى لا أدري موسى أو عيسى ثم يقوم نبيكم رابعا لا يشفع أحد بعده فيما شفع فيه وهو المقام المحمود الذي ذكر الله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا فليس من نفس إلا تنظر إلى بيت من النار أو بيت في الجنة وهو يوم الحسرة فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة [الّذي كان أعده الله لهم لو آمنوا] فيقال [لهم]: لو [آمنتم و]عملتم [صالحا كان لكم هذا الذي ترونه في الجنة] فتأخذهم الحسرة ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقولون لولا أن من الله علينا لخسف بنا قال ثم يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون فيشفعهم الله قال ثم يقول أنا أرحم الراحمين قال فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحدا فيها خير ثم قرأ عبد الله يا أيها الكفار! ما سلككم في سقر قال وجعل يعقد حتى عد أربعا قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين ثم قال عبد الله أترون في هؤلاء خيرا ما يترك فيها أحدا فيها خير فإذا أراد الله أن لا يخرج منها [يعني من النار أحداً، غيّرَ] وجوههم وألوانهم فيجيء الرجل من المؤمنين [فيشفع فيهم] فيقول: يا رب فيقول: من عرف أحدا فليخرجه قال فيجيء [الرجل] فينظر فلا يعرف أحدا قال فيناديه الرجل يا فلان أنا فلان فيقول ما أعرفك قال فعند ذلك يقولون ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال فيقول ثم ذلك اخسئوا فيها ولا تكلمون قال فإذا قال ذلك أطبقت عليهم فلا يخرج منهم بشر. "



رواه عبد الرزاق في التفسير (2/310) وابن أبي شيبة 7/511-512 وابن خز يمة في التوحيد ص175-176 و239-240 وابن جرير في التفسير والحاكم (4/598-700) وابن منده في الرد على الجهمية، ص37 وذكره الذهبي في الأربعين في صفات رب العالمين ص119 وحسنه الألباني في الصحيحة 2/128 وله حكم الرفع كما في المنهل الرقراق ص62-63
 
حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
عن أبي سعيد الخدري قال:
قلنا (رواية: أن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا): يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: (هل تضارُّون في رؤية الشمس [بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟] و[هل تضارون في رؤية] القمر [ليلةَ البدر إذا كانت صحواً ليس فيها سحاب؟]). قلنا: لا [يا رسول الله!]، قال: (فإنكم لا تضارُّون في رؤية ربكم يومئذ إلا كما تضارُّون في رؤيتهما ). ثم قال: ([إذا كان يوم القيامة] ينادي مناد (رواية: أذن مؤذن): ليذهب كلُّ قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، (رواية: فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار)، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بَرّ أو فاجر ، وغُبَّرات مِن أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تُعرض كأنها سَراب [يحطم بعضها بعضا]، فـ[ـيدعى اليهود فـ]ـيقال لهم : ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عُزَيْرَ ابنَ الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا (رواية: عطشنا ربنا فاسقِنا)، [فيشار إليهم] فيقال: [ألا تَرِدون؟!] اشربوا، [فيُحشرون إلى النار كأنها سَراب يحطِمُ بعضها بعضا ] فيتساقطون في جهنم. ثم [يدعى] للنصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيحَ ابنَ الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا (رواية: عطشنا ربنا فاسقِنا)، [فيُشار إليهم] ، فيقال: اشربوا[فيُحشرون إلى النار كأنها سَراب يحطِمُ بعضها بعضا]، فيتساقطون [في النار] ، حتى يبقى من كان يعبد الله تعالى، من بَر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبِسُكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحوجُ منَّا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبَّار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه، فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن [ومؤمنة]، ويبقى من كان يسجدُ لله رياءً وسُمعةً، فيذهبْ كيما يسجدْ فيعودُ ظهرُه طَبَقاً واحِداً ، ثم يؤتى بالجَسر فيُجعل بين ظهريْ جهنم) (رواية: حَتّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللّهَ تَعَالَى مِنْ بَرّ وَفَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىَ فِي أَدْنَىَ صُورَةٍ مِنَ الّتِي رَأَوْهُ فِيهَا . قَالَ: فَمَا تَنْتَظِرُونَ؟ تَتْبَعُ كُلّ أُمّةٍ مَا كَانَتَ تَعْبُدُ. قَالُوا: يَا رَبّنَا! فَارَقْنَا النّاسَ فِي الدّنْيَا أَفْقَرَ مَا كُنّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ. فَيَقُولُ: أَنَا رَبّكُمْ. فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللّهِ مِنْكَ. لاَ نُشْرِكُ بِاللّهِ شَيْئَاً (مَرّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثَاً) حَتّى إِنّ بَعْضَهُمْ لَيَكَادُ أَنْ يَنْقَلِبَ. فَيَقُولُ: هَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ آيَةٌ فَتَعْرِفُونَهُ بِهَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعْمْ. فَيَكْشِفُ [ربنا] عَنْ سَاقِـ[ـهِ] . فَلاَ يَبْقَىَ مَنْ كَانَ يَسْجُدُ لِلّهِ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ إِلاّ أَذِنَ اللّهُ لَهُ بِالسّجُودِ. وَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ اتّقَاءً وَرِيَاءً إِلاّ جَعَلَ اللّهُ ظَهْرَهُ طَبَقَةً وَاحِدَةً. كُلّمَا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ خَرّ عَلَى قَفَاهُ. ثُمّ يَرْفَعُونَ رُؤُوسَهُمْ، وَقَدْ تَحَوّلَ فِي صُورَتِهِ الّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أَوّلَ مَرّةٍ. فَقَالَ: أَنّا رَبّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبّنَا. ثُمّ يُضْرَبُ الْجَسْرُ عَلَى جَهَنّمَ وتحِل الشفاعة ويقولون اللهم سلّم سلمْ). قلنا: يا رسول الله، وما الجَسر؟ قال: مَدْحَضَةٌ (رواية: دَحْضٌ) مَزَِلَّةٌ ، عليه (رواية: فيه) خطاطيف وكَلاَلِيب، وحَسَكَـ[ـة] مُفَلْطَحَة لها شوكة (شويكة) عَقِيفَة (عقيفاء) ، تكون بنجد، يقال لها: السعدان، [فيمرُّ] المؤمنـ[ـون] عليها كالطرف (كطرف العين) وكالبرق وكالريح،[وكالطير] وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلَّم وناج مخدوش [مرسل]، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرُهم يُسحَبُ سَحباً، فما أنتم بأشدَّ لي مناشدةً في الحق قد تبين لكم مِنَ المؤمن يومئذ للجبار، (وفي رواية: حَتّى إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنَ النّارِ، فَوَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ بِأَشَدّ مُنَاشَدَةً لله فِي اسْتِقْصَاءِ الْحَقّ، مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لله يَوْمَ الْقِيَامَةِ لإِخْوَانِهِمْ الّذِينَ فِي النّارِ ) وإذا رأوا أنهم قد نجوا، في إخوانهم، يقولون: ربنا إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا [ويحجون]، فيقول الله تعالى: (وفي رواية: فَيُقَالُ لَهُمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرَفْتُمْ. فَتُحَرّمُ صُوَرُهُمْ عَلَى النّارِ. فَيُخْرِجُونَ خَلْقاً كثيراً قد أَخَذَتِ النّارُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ. ثُمّ يَقُولُونَ: رَبّنَا! مَا بَقِيَ فِيهَا أَحَدٌ مِمّنْ أَمَرْتَنَا بِهِ فيقول:) اذهبوا (رواية: ارجعوا) فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرِّم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه، وإلى أنصاف ساقيه، فيُخرِجون من عرفوا، ثم يعودون، (وفي رواية: فيُخرجون خلقاً كثيراً ثم يقولون ربنا لم نذرْ فيه أحدا ممن أمرتنا) فيقول: اذهبوا (رواية: ارجعوا) فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيُخرِجون من عرفوا (في رواية: خلقا كثيرا) ثم يعودون [يقولون: ربنا لم نذرْ فيها ممن أمرتنا أحداً]، فيقول: اذهبوا (رواية: ارجعوا) فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان (وفي رواية: من خير) فأخرجوه، فيُخرجون من عرفوا [خلقا كثيرا، ثم يقولون: ربنا لم نَذَرْ فيها خيراً ]). [وكان] أبو سعيد يقول: فإن لم تصدقوني [بهذا الحديث] فاقرؤوا [إن شئتُم]: {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها [ويُؤتِ من لدنه أجرا عظيماً]}. فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون، فيقول الجبار [عز وجل]: [شَفَعَتِ الْمَلاَئِكَةُ وَشَفَعَ النّبِيّونَ وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ] بقيت شفاعتي، (وفي رواية: وَلَمْ يَبْقَ إِلاّ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ)، فيقبضُ قبضةً من النارِ، فيُخرِجُ [منها] أقواماً [لم يعملوا خيرا قطّ] قد امتُحِشوا (وفي رواية: قد عادوا حُمماً )، فليقون في نهَر بأفواه الجنة يقال له: ماء [نهر] الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحِبَّة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، إلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر (وفي رواية: مَا يَكُونُ إِلَى الشّمْسِ أُصَيْفِرُ وَأُخَيْضِرُ) وَمَا كان مِنْهَا إِلَى الظّلّ يَكُونُ أَبْيَضَ؟ [فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ! كَأَنّكَ كُنْتَ تَرْعَى بِالْبَادِيَةِ]، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل في رقابهم الخواتـ[ـيـ]ـم ، فيدخلون الجنة، فيقول (في رواية: يعرفهم) أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن (في رواية: عتقاء الله)، أدخلهم [الله] الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير (رواية: قَدَم) قدموه، فيقال لهم: [ادخلوا الجنة] لكم ما رأيتم ومثله معه [فَيَقُولُونَ: رَبّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ. فَيَقُولُ: لَكُمْ عِنْدِي أَفْضَلُ مِنْ هَذَا. فَيَقُولُونَ: يَا رَبّنَا! أَيّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: رِضَايَ. فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَداً".[ر:4305] [قال أبو سعيد : بلغني أنّ الجسر أدقُّ من الشعرةِ وأحدُّ منَ السيف] [متفق عليه]
(وفي رواية: يُدْخِلُ الله أَهْلَ الْجَنّةِ الْجَنّةَ. يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ. وَيُدْخِلُ أَهْلَ النّارِ النّارَ. ثُمّ يَقُولُ: انْظُرُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ. فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا حُمَماً قَدِ امْتَحَشُوا. فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ أَوِ الْحَيَا . فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبّةُ إِلَى جَانِبِ السّيْلِ (وفي رواية: كما تنبت الغثاءةُ في جانب السيل) وفي رواية: في حَمِئَةِ أو حميلة السيل). أَلَمْ تَرَوْهَا كَيْفَ تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً ) [متفق عليه]

(وفي رواية: أَمّا أَهْلُ النّارِ الّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنّهُمْ لاَ يَمُوتُونَ فِيهَا وَلاَ يَحْيَوْنَ. وَلَكِنْ قَوْمٌ أَصَابَتْهُمُ النّارُ بِذُنُوبِهِمْ (أَوْ قَالَ بِخَطَايَاهُمْ) فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً . حَتّى إِذَا كَانُوا فَحْماً. أُذِنَ بِالشّفَاعَةِ. فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبائِرَ . فَبُثّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنّةِ. ثُمّ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ. فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبّةِ تَكُونُ فِي حَمِيل السّيْلِ" فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: كَأَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ بِالْبَادِيَةِ.)


رواه أحمد (3/16-17) خ (7439 و4919 ومن طريقه البغوي في شرح السنة (15/141-142/4326 وقال هذا حديث صحيح) والذهبي في الأربعين (ص116-118)) م(183) ابن جرير (29/41) خز ص169 و172-174 والحاكم (4/582-584) وهق في الأسماء والصفات (2/79) وابن منده في الإيمان (816 و817 و818) وفي الرد على الجهمية (ص35-36) وابن بطة في الإبانة (كما في إبطال التأويلات 1/156) والآجري في الشريعة ص260-261 وهو مخرج في الصحيحة رقم 583.
 
حديث أبي هريرة رضي الله عنه: قال الترمذي رحمه الله: حدثنا محمد بن طريف الكوفي، حدثنا جابر بن نوح عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:
- "أتضامون في رؤية القمر ليلة البدر؟ وتضامون في رؤية الشمس؟ قالوا لا، قال فإنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، لا تضامون في رؤيته" هكذا رواه الترمذي (2554) وزاد غيره [ابن منده في الإيمان 811-814 والرد على الجهمية ص40 وابن أبي داود في البعث 42 وغيرهما]: ينفخ في الصور ... فيوضع الصراط، ويتمثّل لهم ربّهم، فيقال لتنطلقْ كل أمة إلى ما كانت تعبد، حتى إذا بقي المسلمون قيل لهم: ألا تذهبون؛ قد ذهب الناس، فيقولون: حتى يأتيَ ربنا، فيقول: مَنْ ربّكم؟ فيقولون: ربنا اللهُ لا شريكَ له، فيقال: هل تعرفون ربَّكم إذا رأيتموه؟ فيقولون: إذا تعرّف لنا عرفناه. فيقول: أنا ربّكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، فيكشف لهم عن ساق، فيقعون له سجدا، ويجسر أصلاب المنافقين ولا يستطيعون سجودا، فذلك قوله عز وجل: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون، ثمّ ينطلق ويتبعون أثره، وهو على الصراط، حتى يجوز على النار، فإذا جازوا، فكلُّ خزنة الجنة يدعوه: يا مسلم! هلمّ ههنا، يا مسلم! خير لك. فقال أبو بكر: مَنْ ذلك المسلم يا رسول الله!؟ قال: إني لأطمعُ أن تكون أحدهم، [ما نفعني مالٌ قطّ ما نفعني مال أبي بكر ].[صحح سنده سليم الهلالي في المنهل الرقراق ص64]
 
حديث آخر عن أبي هريرة: عن سعيد بن يسار قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جمع الله تعالى العبد لصعيد واحد نادى مناد ليلحق كل أمة ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون على حالهم فيأتيهم فيقول ما بال الناس ذهبوا وأنتم هاهنا فيقولون ننتظر إلهنا فيقول فتعرفونه فيقولون إذا تعرف لنا عرفناه قال فيكشف لهم عن ساق فيقعون سجدا وذلك قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود)

رواه ابن أبي عاصم 732 والدارمي في السنن (2/326-327) [في ظلال الجنة: إسناده حسن وهو مخرج في الصحيحة 584]
 
ثم ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما من تفسير الآية ليس صحيحا عنه كما حققه سليم الهلالي في المنهل الرقراق ص17-36 فقد ذكر رواياته وضعفها.

وقال ابن تيمية رحمه الله في كتابه تلخيص كتاب الاستغاثة 2/543: والرواية في ذلك عن ابن عباس ساقطة الإسناد.اهـ
 
في الحقيقة يا أخ حكيم نحن لا نحتاج آلة قص ولصق بلا فهم وعلم، وما أكثر هذه الآلات في هذه الأيام، بل نحتاج إلى قلوب واعية بفهم وعلم ومتبعة للمحكمات ومرجعة للمتشابهات إليها ردا جميلا، فنحتاج من العقلاء الفضلاء المغترين بكثرة الشبهات أن يقفوا وقفة تأمل صادقة مع قول الإمام البغوي في شرح السنة: ليس لله سبحانه وتعالى صفة حادثة، ولا اسم حادث، فهو قديم بجميع أسمائه وصفاته جل جلاله وتقدست أسماؤه. (ج16/ص 257) ووقفة تأمل عميقة في نقل الإمام الطبري في التبصير اجتماع الموحدين من أهل القبلة وغيرهم على فساد وصف الله تعالى بالحركة والسكون. (ص 201)، نحتاج إلى الصدق مع النفس للتخلص من اتباع المتشابهات اتباعا فاسدا وحمل المحكمات عليها، فكل من أثبت القدم والنزول وغير ذلك من المذهب الذي ينسب نفسه للسلف اليوم يثبت اللوازم التي نفاها الإمامين المذكورين وغيرهما من الحركة والسكون واتصاف الله تعالى بالصفات الحادثة، ومن نفاها بلسانه منهم فهو يعتقدها بقلبه وإلا لما استقام مذهبه أصلا، بل تلك اللوازم هي حقيقة مذهب من ينسب نفسه إلى السلف اليوم، والمتأمل في نصوص الإمامين المذكورين بإنصاف وصدق وإرادة اتباع للحق سيدرك أنها نصوص قطعية في تنزيه الله تعالى عن تلك اللوازم الفاسدة، وهي بذلك نصوص قطعية في تنزيه الله تعالى عن الفهم الذي يؤدي إلى تلك اللوازم.
لكن أقول وأذكر: إن الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
 
(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا)

(عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا)

في الحقيقة يا أخ حكيم نحن لا نحتاج آلة قص ولصق بلا فهم وعلم، وما أكثر هذه الآلات في هذه الأيام، ....

كما يقول المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت،

هذه الأحاديث المذكورة حجة لمن يأخذ بما قال به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى (وما ءاتاكم الرسول فخذوه) فأنا آخذ بما قال به الرسول كما قاله على مراده صلى الله عليه وسلم، فهو أفصح الناس، وأنصح الناس ، وأصدق الناس.

والمتبع ينسخ الحديث الصحيح ويلصقه في قلبه، وهذا هو العلم والفهم. فاعلم هذا وافهمه.

وإياك أن تتكلم بما اختص الله بعلمه؛ تتكلم على ما في القلوب !!!

وهذا مما اختص الله بعلمه دون من سواه



ثم القضية كنتم تحاورتم فيها، وإنما كان مرادي نقل هذه الأحاديث بجملتها لأنها لم تذكر في سياقها بلفظها وتخريجها، ليقف عليها من لم يعرفها، وهذا تكميلا لما تفضلتم به أنتم والإخوة في موضوع حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والذي هو تفسير للآية الكريمة التي في سورة القلم. ونبهت أن ما كُرر في هذه الحوارات من ذكر تفسير ابن عباس رضي الله عنه لا يصح عنه في التحقيق. والله أعلم.
 
السلام عليكم جميعا الحوار كان هادفا وبناء, رجاء المحاولة كل المحاولة أن لايأخذ منحى تعصب وأن يكون هدف كل واحد الحق وبيان المعنى الشرعي في مثل هذه الألفاظ ثم إن نقل أقوال العلماء في مثل هذه المعاني مما لاغبار عليه أنه مما يقوي الكلام ويوضحه وأحسن منه إذا وجد من الشرع نفسه
وفق الله الجميع لبيان هديه ومراده من كلامه
 
[ فهل تستطيعين في كلمة بيان معنى الساق (الواضح الظاهر) في حق الله تعالى غير قولك صفة أو جزء أو غير ذلك ممت هو غير واضح؟؟ أقصد الواضح لا يستحيل توضيحه أكثر.[/QUOTE]

سؤال للأخ حمادي: هل نؤمن بأن الله تعالى حي عالم قادر سميع بصير........؟
فهل تستطيع في كلمة بيان معنى هذه الصفات (التي يثبتها الأئمة من شراح الحديث) في حق الله تعالى.
 
فائدة :
أنقل هنا ما ذكره الشيخ الطيار حفظه الله فيما يخص هذه المسأله:
شرحه لمقدمة ابن تيمية .
الدرس الثاني :
في قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ﴾ [القلم: 42]، قوله: ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ﴾ نلاحظ الآن أن الآية لما ذكرت الساق ذكرته نكرة، ولم تحدد هذا الساق ساق من، فإذا رجعنا إلى ابن عباس وتلاميذه سنجد أنهم فسروا الساق بأنها الكربة والشدة، اعتماداً على قول العرب: كشفت الحرب عن ساقها، أي كشفت عن هول شديد.
إذا رجعنا إلى بعض المفسرين قال: المراد ساق الرب -سبحانه وتعالى-، ويستدلون بحديث: (يكشف ربنا عن ساقه)، من فسر الآن الساق بالهول والشدة والكرب، اعتمد على ماذا؟ على اللغة، مصدره اللغة، والذي فسر الساق بأنها ساق الرب -سبحانه وتعالى- اعتمد على ماذا؟ اعتمد على السنة، إذن اختلف المصدر فاختلف التفسير، وكما قلت لكم المراد هنا فقط هو الإشارة إلى ما هو سبب الاختلاف في هذه الآية.
ومن باب التنبيه لا يقال: إن ابن عباس أول الآية لماذا؟ لأنه يلزم قائل هذا القائل أن يثبت أن ابن عباس أول... نعم، لا.. لو لم يبلغه الحديث أول يثبت أن ابن عباس يرى أن هذه الآية من آيات الصفات، هذه واحدة، ثم يثبت بعد ذلك أن ابن عباس يرى أن هذه الصفة منتفية على الوجه الذي يظنه هذا الظان، ثم بعد ذلك نقول أن ابن عباس بالفعل أول.
إذن لا يمكن أن نثبت أن ابن عباس أول بمجرد أنه فسر من التفسير خصوصاً إذا علمنا أيضاً من باب الفائدة والمورد نعطي مثال أن ابن عباس أصلاً قراءته ﴿ يَوْمَ تَكْشَفُ عَن سَاقٍ ﴾ و"يوم تكشف" هذا يعود إلى ماذا؟ مؤنث، أي: تكشف ماذا؟ القيامة، وفسرها هو قال: تكشف القيامة عن هول وكرب.
فالمقصد من ذلك لا يفهم من تفسير ابن عباس أنه قد أول، لأنه لا يقال بالتأويل إلا إذا كان يثبت ثم ينفي؛ ولهذا بعض المتأخرين الذين ينفون مثل هذه الصفات، لما تأتي تقول له: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (يكشف ربنا عن ساقه) قال: أنا أؤمن بأن هذا الحديث صحيح، وأن الآن فيه نسبة، نسبة الساق إلى الرب، لكن هذه النسبة، أنا أؤولها ولا أقول بأن لله جارحة، والكلام المعروف طبعاً في كلام العقائد، لاحظ أنه الآن يثبت معنىً ثم ينفيه، نحن نقول له: أثبت ابن عباس أثبت مثل هذا المعنى ثم نفاه مثل ما فعلت، فنقول: إنه أول، وإنما نقول الصواب إن ابن عباس إما أن يكون فسر الآية على اللغة؛ لأنه لا يرى أن الحديث مفسرا في هذا الموطن، وإما أن يكون أصلاً لم يعلم أصل هذا الحديث أصلاً، وبقي على المعنى اللغوي، لأنه لا يمكن أن يأتيه إلا بطريق ماذا؟ النقل، أن نسب الساق إلى الرب لا يمكن إلا بطريق ماذا؟ النقل، وكما قلت فيه موضوعات تتعلق بالآية غير هذا كمقصد من ذلك الإشارة إلى الخلاف، ما هو سببه اختلاف المصدر." أهــ
 
أخبرني أخي الشيخ مبارك القحطاني (باحث بمرحلة الدكتوراه) أثناء نقاش علمي في محاضرة البارحة مساء الجمعة 23/4/1433هـ (قواعد الترجيح عند المفسرين) أنه دار نقاش بينه وبين أخي وزميلي الأستاذ الدكتور خالد بن منصور الدريس أستاذ الحديث بجامعة الملك سعود في موضوع حديث الساق ، وأشار إلى أن جميع طرق هذا الحديث فيها التعبير بـ (فيكشف ربنا عن ساقٍ) إلا طريق واحدة فيها التعبير بـ (يكشف ربنا عن ساقه) مع اتحاد المدار .
فهل ثمة من يتكرم بمراجعة هذه المعلومة وإفادتنا بطرق هذا الحديث مع تحديد المدار لنستفيد .
وفقكم الله لكل خير.
 
بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله

كنت أحببت أن أقرأ هذا التعليق لكن وصلت إلى
على مقتضى مذهبه
فتوقفت.

قديما كانت النقاشات المطروحة في العقائد تُمَذهب لأن الظروف السياسة آنذاك فرضت ذلك إذ أن السلطة تأخذ بمذهب في الجدال العقائدي ومذهبا في الأحكام لتثبيت مكانها والتمايز وهذا ما يفسر ظهور أول الفرق الكلامية كالقدرية والجبرية وغيرها قبل ظهور الكلام المنفصل عن السياسة والذي صنع مذاهب جديدة أصبحت فيما بعد تلعب نفس الدور الذي لعبته الفرق الكلامية الأولى.

أما اليوم فلا حاجة لذلك ويجب أن تنتقل النقاشات العقائدية من المذهبية إلى العلمية ونقول الأستاذ يرى كذا وكذا على مقتضى منهجه فيتم مناقشة هذا المنهج وقد يتبين أنك تطبق نفس المنهج في مكان ما ويتضح التداخل الممكن وخلال النقاش يظهر مدى تماسك المنهج وتناسقه مع الاستنتاجات وهكذا.
 
مدار حديث أبي سعيد على زيد بن أسلم، رواه عنه جماعة.

أخرجه البخاري (7439) (491) والبيهقي في الأسماء والصفات (745) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ زَيْدٍ، وفيه : "عَنْ سَاقِهِ".

وأخرجه مسلم (302) قال : قَرَأْتُ عَلَى عِيسَى بْنِ حَمَّادٍ زُغْبَةَ الْمِصْرِيِّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي الشَّفَاعَةِ، وَقُلْتُ لَهُ: أُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَ مِنَ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، فَقَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لِعِيسَى بْنِ حَمَّادٍ: أَخْبَرَكُمُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَرَى رَبَّنَا؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ إِذَا كَانَ يَوْمٌ صَحْوٌ» قُلْنَا: لَا، وَسُقْتُ الْحَدِيثَ حَتَّى انْقَضَى آخِرُهُ وَهُوَ نَحْوُ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِغَيْرِ عَمَلٍ عَمِلُوهُ، وَلَا قَدَمٍ قَدَّمُوهُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: «لَكُمْ مَا رَأَيْتُمْ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: بَلَغَنِي أَنَّ الْجِسْرَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرَةِ، وَأَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ، وَليْسَ فِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، فَيَقُولُونَ: رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ وَمَا بَعْدَهُ "، فَأَقَرَّ بِهِ عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ.
وأخرجه مسلم( 303 ) من طريق هشام بن سعد، فقال: حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ بِإِسْنَادِهِمَا نَحْوَ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ إِلَى آخِرِهِ، وَقَدْ زَادَ وَنَقَصَ شَيْئًا.


وأخرجه ابن حبان (7377) من طريق سعيد بن أبي هلال ، دون ذكر الضمير.

وأخرجه مسلم (302) من طريق حفص بن ميسرة عن زيد، وفيه : "..فَيُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ ..".


وروي أيضا من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن زيد، دون ذكر الضمير.
أخرجه أحمد في المسند (11426) وغيره.

وروي من حديث أبي هريرة، أخرجه الدارمي في سننه (2845) وابن أبي عاصم في السنة (732) من طريق يُونُس بن بكير عن محمد
ابن إِسْحَاقَ عن سَعِيد بْن يَسَارٍ عن أَبي هُرَيْرَةَ. حديث الدارمي بذكر الضمير، وابن أبي عاصم دون ذكره.

وروي موقوفا عن ابن مسعود دون ذكر الضمير. أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (278) (280) وغيره.


 
عودة
أعلى