تساؤل حول قول أيوب عليه السلام:(أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ )

فاروق

New member
إنضم
27/12/2005
المشاركات
39
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم..
أحبكم في الله أيتها الصفوة الطيبة من أهل المنتدى..
عضويتي جديدة ومشاركاتي ستكون عبارة عن تساؤلات بإذن الله ..قتكويني علمي وليس شرعي..
ورجائي من الإخوة أهل الاختصاص أن يفيضوا علينا مما أفاض الله عليهم..
يقول الله تعالى..في سورة "ص"
"وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ "
عند اضطلاعي على التفاسير في الحقيقة لم أجد شيئا يطمئن إليه قلبي..
فإذا كان أيوب عليه السلام نبيا فكيف للشيطان أن يمسه.؟؟
وبخصوص المس هنا ..هل هو معنوي من قبيل الوسوسة..وهذا مستبعد..
لأن في هذه الحالة سيكون التشكيك فيما جاء به كنبي..
أو مادي بإحداث الضرر وهنا المرض.فكيف يستقيم أن يكون الشيطان عاملا مسببا
للمرض!!؟؟ والعوامل المسببة للمرض معروفة..كالبكتيريا والجراثيم....
وفي آية أخرى:وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ... ( الأنبياء- الجزء السابع عشر )
إذن فلماذا ذكر الشيطان في الآية الأولى؟؟
أفيدونا بما تستقيم به عقولنا وقلوبنا جزاكم الله خيرا...
 
حل الإشكال

حل الإشكال

أخي الكريم لا يشكلن عليك الأمر.
فالقرآن لم يقل قط إن الشيطان يقوم مقام الجراثيم والباكتيريا والفيروس في نقل الأمراض. فهذه مقدمة غير مسلمة عندي فلا يجوز أن تبني عليها استنتاجات أخرى.
ولو تدبرت القرآن الكريم خاصة في قصة آدم لتبين لك أن الشيطان قد يستدرج بني آدم إلى فعل يكون فيه ضرر على ذلك الأدمي وقد نسب الله في القرآن إخراج آدم من الجنة إلى الشيطان لأن من جهة وسوسته جاءت المصيبة.
وكذلك قد يبتلي الله بعض عباده فيأكلون مما حرم الله من الأطعمة قد يكون في تلك الأطعمة الداء العضال وقبل ذلك جاء الضرر من تزيين الشيطان.
فقد يكون الشيطان الذي لا يكل ولا يمل في عمله لإ يذاء عباد الله قد سخر بعض أتباعه من شياطين الإنس لإيذاء بعض المؤمنين بدس سم أو مادة مخدرة أو غير ذلك مما قد يؤذي ذلك المؤمن في بدنه, ولا يشك أحد في أن الشيطان أس هذا الشر لأنه هو الذي زين لتابعه من الإنس ضرر أخيه.
فلا يلزم من قولك أن أيوب أصابه الشيطان بنصب وعذاب أن أيوب ليس نبيا لاحتمال توسيط الشيطان إنسيا في إنجاز مهمته الإذاية, وهل حرك الكفار لمعاداة عباد الله في كل زمن وتعذيبهم وضررهم بشتى الوسائل إلا وسوسة الشيطان.

والله تعالى أعلى وأعلم.
 
حجج القرآن على ما شرحت لك

حجج القرآن على ما شرحت لك

اقرأ يا أخي ما سيأتي من آيات لعل فيها مستندا لما شرحت لك من قبل.

1-[يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون] الأعراف 27.
2-[فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى] طه 120.

3-[فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين] البقرة 36.

4- للشيطان أولياء كما ترى في الآية الآتية:
[إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين] آل عمران 175.

5- واقرأ إن شئت أيضا:
[يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون] سورة المائدة 90.


6- وقد يمس طائف من الشيطان المتقين لكنهم يدفعونه بذكر الله ولم ينف ذلك المس المؤقت عنهم صفة التقوى.
[إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون] الأعراف 201.

7- والكيد الذي كيد به يوسف من جهة إخوته للشيطان فيه أوفر نصيب, وانظر كيف توصل الشيطان لإيذاء يوسف عن طريق إخوة يوسف.(سورة يوسف 5):
[قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين]

8- وللشيطان محاولات يائسة مع الأنبياء والرسل كما بين ذلك في الآيتين 52- 53 من سورة الحج وهم رسل الله دائما رغم تلك المحاولات الشيطانية لأن عصمة الله تنجيهم من كيد الشيطان:
[و ما أرسلنا من قبلك من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته و الله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض و القاسية قلوبهم و إن الظالمين لفي شقاق بعيد]

وقد رأيت في سورة يوسف كيف أراد الشيطان كيد يوسف من جهة إخوته ولكن الله أراد بذلك رفعة يوسف وتسخيره ليكون سببا في نجاة أبويه وإخوته من السنين العجاف التي ضربت البلاد.
 
بسم الله..
أخي الكريم لك جزيل الشكر على ما قدمته من توضيحات..
ولكن تحملني واعذرني..!
أنا لم أقل أن القرآن قال أن الشيطان يقوم مقام الجراثيم! بل قصدت هنا في حالة أيوب عليه السلام
الذي أصيب بالمرض ما سبب ذكر الشيطان هنا؟؟
لا ننكر أن للشيطان دوره في الوسوسة..ولكن أتستقيم عصمة الأنبياء مع وسوسته.!؟
 
قول الله تعالى: {وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} (41) سورة ص. وقوله عز وجل: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (83) سورة الأنبياء.

ولا شك أبداً أن نبي الله أيوب –عليه السلام– لا يمكن أن يتلبسه الشيطان. فهذا يدل ضرورة على أن مس الشيطان هنا ليس التلبس والسيطرة. وإلى هذا ذهب المفسر الأندلسي ابن حيان إذ قال: «والضر هو المرض، وله أسبابٌ طبيعية ظاهرة في البدن. فنسب ما به من المرض –المستند إلى أسبابه الطبيعية– إلى الشيطان». وقال أحد المفسرين: «الشيطان لا يصرع الإنسان على الحقيقة. ولكن من غلب عليه المرة السود، أو ضعف عقلـه، ربما يخيل الشيطان إليه أمورا هائلة، ويوسوس إليه، فيقع الصرع عند ذلك من فعل الله. ونسب ذلك إلى الشيطان مجازا، لما كان ذلك عند وسوسته».

وجاء في تفسير "الكشاف" للزمخشري: «والنصب: تثقيل نصب، والمعنى واحد، وهو التعب والمشقة. والعذاب: الألم، يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب. وقيل: الضرّ في البدن، والعذاب في ذهاب الأهل والمال. فإن قلت: لم نسبه إلى الشيطان، ولا يجوز أن يسلطه الله على أنبيائه ليقضي من إِتعابهم وتعذيبهم وطره، ولو قدر على ذلك لم يدع صالحاً إلا وقد نكبه وأهلكه، وقد تكرّر في القرآن أنه لا سلطان له إلا الوسوسة فحسب؟ قلت: لما كانت وسوسته إليه وطاعته له فيما وسوس سبباً فيما مسه الله به من النصب والعذاب، نسبه إليه. وقد راعى الأدب في ذلك، حيث لم ينسبه إلى الله في دعائه، مع أنه فاعله ولا يقدر عليه إلا هو. وقيل: أراد ما كان يوسوس به إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء، ويغريه على الكراهة والجزع، فالتجأ إلى الله تعالى في أن يكفيه ذلك بكشف البلاء، أو بالتوفيق في دفعه ورده بالصبر الجميل».

وقال ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير": «النصب والعذاب هما الماسان أيوب. ففي سورةَ الأنبياء (83) {أني مسني الضر}. فأسند المسّ إلى الضر. والضرّ هو النصب والعذاب. وتردّدت أفهام المفسرين في معنى إسناد المسّ بالنُّصب، والعذاب إلى الشيطان. فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة، كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن. وليس النُّصب والعذاب من الوسوسة، ولا من آثارها (قلت: وفي ذلك نظر، لأن الوسوسة من الممكن أن تؤدي إلى المرض النفسي). وتأولوا ذلك على أقوال تتجاوز العشرة، وفي أكثرها سماجة. وكلها مبني على حملهم الباء في قوله: {بِنُصبٍ} على أنها باء التعدية لتعدية فعل {مَسَّنِي}، أو باء الآلة مثل: "ضربه بالعصا"، أو يؤوّل النُّصب والعذاب إلى معنى المفعول الثاني من باب "أعطى". والوجه عندي: أن تحمل الباء على معنى السببية، بجعل النُّصْب والعذاب مسببين لمسّ الشيطان إياه، أي مسنّي بوسواس سببه نُصْب وعذاب. فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النُّصْب والعذاب عنده، ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقاً لذلك العذاب، ليلقي في نفس أيوب سوء الظن بالله أو السخط من ذلك. أو تحمل البَاء على المصاحبة، أي مسّني بوسوسة مصاحبة لضرّ وعذاب. ففي قول أيوب {أني مسَّني الشيطانُ بنُصببٍ وعذابٍ} كناية لطيفة عن طلب لطف الله به ورفع النُّصب والعذاب عنه، بأنهما صارا مدخلاً للشيطان إلى نفسه، فطلب العصمة من ذلك، على نحو قول يوسف عليه السّلام: {وإلاَّ تصرف عنّي كيدَهن أَصْبُ إليهن وأكنْ من الجاهلين} (يوسف: 33). وتنوين «نصب وعذاب» للتعظيم أو للنوعية، وعدل عن تعريفهما لأنهما معلومان لله».

وقال الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب": «الشيطان لا قدرة له البتّة على إيقاع الناس في الأمراض والآلام، والدليل عليه وجوه الأول: أنا لو جوزنا حصول الموت والحياة والصحة والمرض من الشيطان، فلعل الواحد منا إنما وجد الحياة بفعل الشيطان، ولعل كل ما حصل عندنا من الخيرات والسعادات، فقد حصل بفعل الشيطان، وحينئذٍ لا يكون لنا سبيل إلى أن نعرف أن معطي الحياة والموت والصحة والسقم، هو الله تعالى الثاني: أن الشيطان لو قدر على ذلك فلم لا يسعى في قتل الأنبياء والأولياء، ولم لا يخرب دورهم، ولم لا يقتل أولادكم الثالث: أنه تعالى حكى عن الشيطان أنه قال: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} (إبراهيم: 22) فصرح بأنه لا قدرة له في حق البشر إلا على إلقاء الوساوس والخواطر الفاسدة، وذلك يدل على قول من يقول إن الشيطان هو الذي ألقاه في تلك الأمراض والآفات، فإن قال قائل: لم لا يجوز أن يقال إن الفاعل لهذه الأحوال هو الله تعالى لكن على وفق التماس الشيطان؟ قلنا فإذا كان لا بد من الاعتراف بأن خالق تلك الآلام والأسقام هو الله تعالى، فأي فائدة في جعل الشيطان واسطة في ذلك؟ بل الحق أن المراد من قوله: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} أنه بسبب إلقاء الوساوس الفاسدة والخواطر الباطنة كان يلقيه في أنواع العذاب والعناء، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في أن تلك الوساوس كيف كانت وذكروا فيه وجوهاً الأول: أن علته كانت شديدة الألم، ثم طالت مدة تلك العلة واستقذره الناس ونفروا عن مجاورته، ولم يبق له شيء من الأموال ألبتة. وامرأته كانت تخدم الناس وتحصل له قدر القوت، ثم بلغت نفرة الناس عنه إلى أن منعوا امرأته من الدخول عليهم ومن الاشتغال بخدمتهم، والشيطان كان يذكره النعم التي كانت والآفات التي حصلت، وكان يحتال في دفع تلك الوساوس، فلما قويت تلك الوساوس في قلبه خاف وتضرع إلى الله، وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} لأنه كلما كانت تلك الخواطر أكثر كان ألم قلبه منها أشد. الثاني: أنها لما طالت مدة المرض جاءه الشيطان وكان يقنطه من ربه ويزين له أن يجزع فخاف من تأكد خاطر القنوط في قلبه فتضرع إلى الله تعالى وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ}، الثالث: قيل إن الشيطان لما قال لامرأته: "لو أطاعني زوجك أزلت عنه هذه الآفات" فذكرت المرأة له ذلك، فغلب على ظنه أن الشيطان طمع في دينه، فشق ذلك عليه، فتضرع إلى الله تعالى وقال: {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}».
 
محمد الأمين قال:
أن علته كانت شديدة الألم، ثم طالت مدة تلك العلة واستقذره الناس ونفروا عن مجاورته، ولم يبق له شيء من الأموال ألبتة. وامرأته كانت تخدم الناس وتحصل له قدر القوت، ثم بلغت نفرة الناس عنه إلى أن منعوا امرأته من الدخول عليهم ومن الاشتغال بخدمتهم،
.

وهذه الأخرى أشنع في حق الأنبياء، لذا قال أهل الفهم أن علته كانت تحت جلده ليست ظاهرة مستقذرة كما اشتهر في كتب التفسير التي فيها ما فيها. والظاهر أن تفاصيل ذلك مأخوذ من الاسرائيليات

وما صح عن المعصوم صلى الله عليه وآله وسلم هو ما رواه البخاري في صحيحه كتاب أحاديث الأنبياء باب قول الله تعالى وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر
‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال بينما ‏ ‏أيوب ‏‏ يغتسل عريانا خر عليه رجل جراد من ذهب فجعل يحثي في ثوبه فناداه ربه يا ‏ ‏أيوب ‏ ‏ألم أكن أغنيتك عما ترى قال بلى يا رب ولكن لا غنى لي عن بركتك ‏

ملاحظة قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري بشرح صحيح البخاري

‏( تنبيه ) : ‏
‏لم يثبت عند البخاري في قصة أيوب شيء , فاكتفى بهذا الحديث الذي على شرطه . وأصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير وصححه ابن حبان والحاكم من طريق نافع بن يزيد عن عقيل عن الزهري عن أنس " أن أيوب عليه السلام ابتلي فلبث في بلائه ثلاث عشرة سنة , فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه فكانا يغدوان إليه ويروحان , فقال أحدهما للآخر : لقد أذنب أيوب ذنبا عظيما وإلا لكشف عنه هذا البلاء , فذكره الآخر لأيوب , يعني فحزن ودعا الله حينئذ فخرج لحاجته وأمسكت امرأته بيده فلما فرغ أبطأت عليه , فأوحى الله إليه أن اركض برجلك , فضرب برجله الأرض فنبعت عين فاغتسل منها فرجع صحيحا , فجاءت امرأته فلم تعرفه , فسألته عن أيوب فقال : إني أنا هو , وكان له أندران : أحدهما : للقمح والآخر : للشعير , فبعث الله له سحابة فأفرغت في أندر القمح الذهب حتى فاض , وفي أندر الشعير الفضة حتى فاض " .
اهـ

وقوله أصح لا يعني تصحيح الأثر كما هو معلوم وكلام الحاكم أنه على شرط الشيخين وموافقة الذهبي ليست بشيء فقد انفرد به به نافع عن عقيل عن الزهري كما ذكر البزار
ونافع من رجال مسلم فصوابه أن يقول على شرط مسلم
وعقيل ثقة لكن قال العقيلي صدوق تفرد عن الزهري بأحاديث

وانظر الحديث في زوائد البزار لابن حجر رقم 1849
والمجمع 8/ 208 وقال رجال الصحيح
وقال صحيح كما نقل ابن حجر عنه في الزوائد
وصححه ابن حبان بإيراده في صحيحه
لكن انتقد هذه الرواية ابن كثير في البداية 1 / 208 فقال غريب جدا رفعه والأشبه أن يكون موقوفا

والله أعلم
 
الحديث السابق الذي صححه ابن حبان والحاكم صحيح ليست فيه نكارة. وعقيل ثقة ثبت من أصحاب الزهري، ومثله يقبل تفرده. وعلى فرض أنه موقوف فله حكم الرفع لأن أنساً لم يكن يأخذ من الإسرائيليات ومثل هذا لا يقال بالرأي.
 
ألم تستشهد بقول ابن عبد البر: «أن البخاري ومسلماً إذا اجتمعا على ترك إخراج أصلٍ من الأصول، فإنه لا يكون له طريقٌ صحيحةٌ. وإن وجِدَت، فهي معلولة».
وعقب عليه محمد الأمين بقوله: ولذلك تجد أن الشيخين قد استوعبا الأحاديث الأساسية التي تدور عليها أحكام الحلال والحرام. وكل ما بقي تقريباً يمكن استنتاجه بالقياس أو القرآن
أهـ كلامه العجيب وفيه ما فيه

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=25869

أقول: فكيف بما يمس العقيدة أقصد ما يختص بالأنبياء عليهم السلام وليس ما فيه منقبة أو فضيلة، أما قضية النكارة فقد أثبتها الحافظ ابن كثير وناهيك به، ثم حتى لو ثبت الحديث فليس فيه التصريح بالاستقذار الذي ننآى به عن الأنبياء عليهم السلام، فممكن أن يكون المعنى هجروه لشدة تألمه واشتغاله ببلائه كما هو مشاهد عند كثير من الناس، بل لو أن شخصا أصيب بمرض أو تورم في عضو من أعضائه وكل مرة تراه فيها فقط يخبرك بما هو فيه دون تسخط أو شكوى لمللت منه بعد 10 مرات مثلا فكيف بسنين عديدة. وكيف بقوم أعرضوا عن الله ولم يقبلوا رسوله.
 
1- هذا الحديث ليس من الأصول ولا يدور عليه أحكام الحلال والحرام، فالكلام السابق لا ينطبق عليه

2- طالما أن الحديث ليس فيه التصريح بالاستقذار، باعترافكم، فلم تبق فيه نكارة ولله الحمد.
 
عجيب أن كلاما يمس الأنبياء عليهم السلام يعد دون الحلال والحرام في المستوى !!!

ثم إن كان لم ينطبق عليه كلام ابن عبد البر فما رأيك ببقية الكلام في الرابط

قال الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص60): «فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي الإمامين البخاري ومسلم، لَزِمَ صاحب الحديث التنقير عن عِلّته ومذاكرة أهل المعرفة به لتظهر علته». وقال الحافظ ابن مندة في "شروط الأئمة" (ص73) قال: قال سمعت (الحافظ أبو عبد الله) محمدُ بن يعقوب بن الأخرَمِ (شيخُ الحاكم) وذكر كلاماً معناه هذا: «قلَّ ما يَفُوتُ البخاريَّ ومسلماً مما يَثْبُتُ من الحديث».

أقول وظهر لي في علته غير النكارة في متنه علة في إسناده وهو أنه قد جاء عن رجال ثقات من طريق آخر مرسلا

قال أبو جعفر فسألت أنا إبراهيم بن أبي داود عن هذا الحديث وقلت له هل رواه عن عقيل غير نافع بن يزيد قال نعم حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه أنس بن مالك
شرح مشكل الاثار ج11/ص537

وساق ابن عبد البر إسناده عن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن وأحمد بن محمد بن أحمد قالا حدثنا قاسم بن اصبغ قال حدثنا محمد بن اسمعيل قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا يونس بن يزيد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث ذكره فيه طول ان نبي الله أيوب عليه السلام قال في بلائه ان الله ليعلم اني كنت أمر على الرجلين يتنازعان ويذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهة ان يذكرا الله إلا في حق
قال ابو عمر هكذا روى هذا الحديث يونس عن عقيل عن ابن شهاب مرسلا
ورواه نافع بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم فوصله
التمهيد لابن عبد البر ج3/ص65

قلت وهو في الزهد لابن المبارك ج2/ص48
باب في أيوب النبي صلى الله عليه وسلم وما اصابه من البلاء
رقم 179
قال أنا يونس بن يزيد عن عقيل عن ابن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما أيوب النبي وما أصابه من البلاء وذكر أن البلاء الذي أصابه كان به ثمانية عشرة سنة حتى لم يبق منه إلا عيناه تدوران ولسانه صحيح يذكر الله تبارك وتعالى به وفؤاده صحيح وعقله على حاله الأولى فأما جسده فقد اعترقه البلاء حتى لم يبق شيء إلا أوصاله بعضها إلى بعض عروقه وعصبه وكما شاء أن يكون من جلده مع ذهاب الأهل والمال وكان كذلك ثمانية عشرة سنة حتى تفرق عنه إخوانه ومله الناس وصابره رجلان كانا من أخص إخوانه وأصحابه فكان يأتيانه بكرة وعشية فيحدثانه
الحديث

ويونس بن يزيد من رجال الشيخين بخلاف نافع بن يزيد وكلاهما ثقة لكن هنا ثقة خالف من هو أوثق منه، فلعله يتضح منه إعراض الشيخين عن إخراج مثل هذا الحديث

ثم أن أصل الاعتراض لم يكن مني على الحديث بقدر ما هو على الكلام الذي يتداوله البعض بعلاته دون روية ولا تبصر.
 
"عجيب أن كلاما يمس الأنبياء عليهم السلام يعد دون الحلال والحرام في المستوى !!!"

لم أقل ذلك يا شيخ. لكني لا أرى في الحديث السابق (ولا أقول كلام المفسرين) كلاماً يمس الأنبياء.

نعيم بن حماد ضعيف لا يعتبر به، وينظر إسناد كتاب الزهد.

"ثم أن أصل الاعتراض لم يكن مني على الحديث بقدر ما هو على الكلام الذي يتداوله البعض بعلاته دون روية ولا تبصر."

نعم، أنا معكم في ذلك.
 
النفع و الضر من الله وحده ، ولكن الشر لا ينسب إليه ذِكرا، وإن كان موجوداً منه خَلْقا؛

النفع و الضر من الله وحده ، ولكن الشر لا ينسب إليه ذِكرا، وإن كان موجوداً منه خَلْقا؛

جزاك الله خيرا على كلامك الموفق يا دكتور أنمار ،
و لأخى المستفسر أقول :
ليس في أمر الضر - المنسوب من أيوب عليه السلام إلى الشيطان - وسوسة منه إليه ، و إنما هو تأدب من أيوب عليه السلام في الدعاء إلى الله عز و جل بكشف ذلك الضر ، الذى ابتلاه به الله ، فنسبه سيدنا أيوب إلى الشيطان على سبيل التأدب في خطاب الله تعالى .

قال الله تعالى جلَ ذكره مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه و سلم :

{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } *. [ ص : 41 ]

****************

قال الإمام القرطبي في كتابه " الجامع لأحكام القران " في تفسيرهذه الآية :

(( قال ابن العربي [ يعنى : القاضى أبو بكر بن العربي ] :

ما ذكره المفسرون من أن إبليس كان له مكان في السماء السابعة يوماً من العام فقول باطل؛ لأنه أهبط منها بلعنة وسخط إلى الأرض، فكيف يرقى إلى محل الرضا، ويجول في مقامات الأنبياء، ويخترق السموات العلى، ويعلو إلى السماء السابعة إلى منازل الأنبياء، فيقف موقف الخليل؟ٰ إن هذا لخطب من الجهالة عظيم. وأما قولهم: إن الله تعالى قال له هل قدرت من عبدي أيوب على شيء فباطل قطعاً؛ لأن الله عز وجل لا يكلم الكفار الذين هم من جند إبليس الملعون؛ فكيف يكلم من تَوَلَّى إضلالهم؟.ٰ وأما قولهم: إن الله قال قد سلطتك على ماله وولده فذلك ممكن في القدرة، ولكنه بعيد في هذه القصة. وكذلك قولهم: إنه نفخ في جسده حين سلَّطه عليه فهو أبعد، والباري سبحانه قادر على أن يخلق ذلك كله من غير أن يكون للشيطان فيه كسب حتى تقِرّ له ـ لعنةُ الله عليه ـ عينٌ بالتمكن من الأنبياء في أموالهم وأهليهم وأنفسهم. وأما قولهم: إنه قال لزوجته أنا إلٰه الأرض، ولو تركتِ ذكر الله وسجدتِ أنتِ لي لعافيته، فاعلموا وإنكم لتعلمون أنه لو عرض لأحدكم وبه ألم وقال هذا الكلام ما جاز عنده أن يكون إلٰها في الأرض، وأنه يسجد له، وأنه يعافي من البلاء، فكيف أن تستريب زوجة نبيّ؟ٰ ولو كانت زوجة سواديّ أو فَدْم بربريّ ما ساغ ذلك عندها.
وأما تصويره الأموال والأهل في وادٍ للمرأة فذلك ما لا يقدر عليه إبليس بحال، ولا هو في طريق السحر فيقال إنه من جنسه. ولو تصوّر لعلمت المرأة أنه سحر كما نعلمه نحن وهي فوقنا في المعرفة بذلك؛ فإنه لم يخل زمان قط من السحرِ وحديثه وجريه بين الناس وتصويره.

قال القاضي [ يعنى : ابن العربي ] :

والذي جرأهم على ذلك وتذرّعوا به إلى ذكر هذا قوله تعالى: { إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } فلما رأوه قد شكا مسّ الشيطان أضافوا إليه من رأيهم ما سبق من التفسير في هذه الأقوال. وليس الأمر كما زعموا ،

والأفعال كلها خيرها وشرها، في إيمانها وكفرها، طاعتها وعصيانها، خالقها هو الله لا شريك له في خلقه، ولا في خلق شيء غيرها، ولكن الشر لا ينسب إليه ذِكرا، وإن كان موجوداً منه خَلْقا؛ أدباً أدّبنا به، وتحميداً علّمناه ، " وكان من ذكر محمد صلى الله عليه وسلم لربه به قوله من جملته: «والخير في يديك والشر ليس إليك» " على هذا المعنى. ومنه قول إبراهيم:
{ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ }
[الشعراء: 80] وقال الفتى للكليم:
{ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَانُ }
[الكهف: 63] وأما قولهم: إنه استعان به مظلوم فلم ينصره. فمن لنا بصحة هذا القول. ولا يخلو أن يكون قادراً على نصره، فلا يحلّ لأحد تركه فيلام على أنه عصى وهو منزّه عن ذلك. أو كان عاجزاً فلا شيء عليه في ذلك، وكذلك قولهم: إنه منع فقيراً من الدخول؛ إن كان علم به فهو باطل عليه، وإن لم يعلم به فلا شيء عليه فيه. وأما قولهم: إنه داهن على غنمه الملك الكافر فلا تقل داهن ولكن قل دارى. ودفع الكافر والظالم عن النفس أو المال بالمال جائز؛ نعم وبحسن الكلام.

قال ابن العربي القاضي أبو بكر رضي الله عنه: ولم يصح عن أيوب في أمره إلا ما أخبرنا الله عنه في كتابه في آيتين؛ الأولى قوله تعالى:
{ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلضُّرُّ }
[الأنبياء: 83] والثانية في «صۤ» { أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }.
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصح عنه أنه ذكره بحرف واحد إلا قوله: " بينا أيوب يغتسل إذ خرّ عليه رِجل من جراد من ذهب " الحديث. وإذ لم يصح عنه فيه قرآن ولا سنة إلا ما ذكرناه، فمن الذي يوصل السامع إلى أيوب خبره، أم على أيّ لسان سمعه؟ والإسرائيليات مرفوضة عند العلماء على البتات؛ فأعرض عن سطورها بصرك، وأصمم عن سماعها أذنيك، فإنها لا تعطي فكرك إلا خيالاً، ولا تزيد فؤادك إلا خبالا. وفي الصحيح واللفظ للبخاري أن ابن عباس قال: يا معشر المسلمين! تسألون أهل الكتاب وكتابكم الذي أنزل على نبيكم أحدث الأخبار بالله، تقرؤونه مَحْضاً لم يُشَب، وقد حدّثكم أن أهل الكتاب قد بدّلوا من كتب الله وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتب؛ فقالوا:
{ هَـٰذَا مِنْ عِنْدِ ٱللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً }
[البقرة: 79] ولا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم، فلا والله ما رأينا رجلاً منهم يسألكم عن الذي أنزل عليكم، وقد أنكر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الموطأ على عمر قراءته التوراة )) .


انتهى كلام القاضى أبو بكر بن العربي ، و هو من أعدل الأقوال و أجودها في تفسير تلك الآية

و الله تعالى أعلم و أحكم
 
وقال ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير": «النصب والعذاب هما الماسان أيوب. ففي سورةَ الأنبياء (83) {أني مسني الضر}. فأسند المسّ إلى الضر. والضرّ هو النصب والعذاب. وتردّدت أفهام المفسرين في معنى إسناد المسّ بالنُّصب، والعذاب إلى الشيطان. فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة، كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن. ...

وتأولوا ذلك على أقوال تتجاوز العشرة، وفي أكثرها سماجة. وكلها مبني على حملهم الباء في قوله: {بِنُصبٍ} على أنها باء التعدية لتعدية فعل {مَسَّنِي}، أو باء الآلة مثل: "ضربه بالعصا"، أو يؤوّل النُّصب والعذاب إلى معنى المفعول الثاني من باب "أعطى". والوجه عندي: أن تحمل الباء على معنى السببية، بجعل النُّصْب والعذاب مسببين لمسّ الشيطان إياه، أي مسنّي بوسواس سببه نُصْب وعذاب. فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النُّصْب والعذاب عنده، ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقاً لذلك العذاب، ليلقي في نفس أيوب سوء الظن بالله أو السخط من ذلك. أو تحمل البَاء على المصاحبة، أي مسّني بوسوسة مصاحبة لضرّ وعذاب. ففي قول أيوب {أني مسَّني الشيطانُ بنُصببٍ وعذابٍ} كناية لطيفة عن طلب لطف الله به ورفع النُّصب والعذاب عنه، بأنهما صارا مدخلاً للشيطان إلى نفسه، فطلب العصمة من ذلك، على نحو قول يوسف عليه السّلام: {وإلاَّ تصرف عنّي كيدَهن أَصْبُ إليهن وأكنْ من الجاهلين} (يوسف: 33). وتنوين «نصب وعذاب» للتعظيم أو للنوعية، وعدل عن تعريفهما لأنهما معلومان لله».
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]

لم يدع علماؤنا الأجلاء علماً يتعلق بكتاب الله إلا وألفوا فيه الكتب والمجلدات؛ تعظيماً منهم لكلام الله عز وجل، ومحاولةً لاستخراج ما فيه من درر كامنة.
هناك كتب كثيرة تبحث في الآيات المتناظرة التي يشبه بعضها بعضاً، وتبيّن إن كان بينها اختلاف بكلمة وردت في إحداها ولم ترد في الأخرى، أو بكلمة قُدِّمت في آية وأُخّرت في شبيهتها، وسببَ ذلك، ومناسبةَ كلِّ آية لسياقها.أشهر هذه الكتب:

- درة التنزيل وغرة التأويل في بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز، للخطيب الإسكافي رحمه الله.
- ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظي من آي التنزيل، لابن الزبير رحمه الله. وهو من جزأين.


وقد رجعت إليهما لمعرفة سبب الاختلاف بين الآيتين اللتين استشكلتا على الأخ السائل فاروق، وإليكم ملخص ما فهمتُه فيما يختص بهذا الفرق:

ما جاء في سورة الأنبياء كان إخباراً عن المرض الذي أصاب سيدنا أيوب عليه السلام، وكان الله سبحانه قد ابتلاه بهذا المرض ليعوضه من نعيم الجنة ما هو خير له مما سلبه من صحة بدنه، وقد تلطّف عليه السلام ـ وهو يشكو إلى الله ما أصابه ـ فقال: "أنّي مسّني الضر"، ولم يقل: (مسني الضر من عندك يا رب)، وهذا من حسن الأدب مع الله تعالى، فلم ينسب إليه الضر، مع أن المرض من عنده سبحانه.

أما ما جاء في سورة ص: "أني مسني الشيطان"، فهو يشكو إلى الله تعالى ما يلحقه من أذى الشيطان بوسوسته إليه، وفنون احتياله عليه، ليضيق صدره بما أصابه فينقص حمده وشكره.
في هذه الآية يفصح أيوب عليه السلام عمّن سبب له النصب والعذاب وهو الشيطان.


والخلاصة أن الفرق بين الآيتين الكريمتين ـ والله أعلم ـ أن آية الأنبياء تتحدث عن الضر الناتج عن المرض، بدون التصريح بنسبة هذا الضر إلى الله تعالى.
بينما آية ص تتحدث عن مس الشيطان المقصود به الوسوسة مع التصريح بنسبته إلى الشيطان، وهذه الوسوسة قام بها الشيطان ليستغل المرض الذي جاء ذكره في آية الأنبياء، فالوسوسة مترتبة على المرض، وليست هي عين المرض، فكل آية تخبرنا عن أمر، وبهذا يندفع الإشكال الذي عند الأخ فاروق بأن أسباب المرض معروفة مثل البكتيريا، فليس الشطان عاملاً مسبباً للمرض، وإنما جاء عمله بالوسوسة بعد أن أصيب أيوب عليه السلام بالمرض.

ومما يؤيد هذا ما جاء في تفسير العلامة الألوسي (روح المعاني)، فبعد أن ذكر أقوالاً عدة في معنى النصب والعذاب، وضعّفها، ذكر قولاً لم ينكره: "... وذهب جمعٌ إلى أن النصب والعذاب ليسا ما كانا له من المرض والألم أو المرض وذهاب الأهل والمال، بل أمران عرضا له وهو مريض فاقد الأهل والمال، فقيل: هما ما كانا له من وسوسة الشيطان إليه في مرضه من عظم البلاء والقنوط من الرحمة والإغراء على الجزع كان الشيطان يوسوس إليه بذلك وهو يجاهده في دفع ذلك حتى تعب وتألم على ما هو فيه من البلاء، فنادى ربه يستصرفه عنه ويستعينه عليه".

أما الإشكال الآخر وهو كما قال الأخ فاروق: "وبخصوص المس هنا ..هل هو معنوي من قبيل الوسوسة..وهذا مستبعد..لأن في هذه الحالة سيكون التشكيك فيما جاء به كنبي.."، فببساطة: الشيطان ليس له سلطان على الذين آمنوا، فليس له إلا الوسوسة.

وهذا الفرق بين الآيتين الكريمتين ترتّبت عليه فروق أخرى اختصت بها كل آية، وهي أنه جاء في سورة الأنبياء: "رحمة من عندنا"، وفي سورة ص: "رحمة منا"، وختمت آية الأنبياء بقوله: "وذكرى للعابدين"، وختمت آية ص بقوله: "وذكرى لأولي الألباب".

إن الكشف عن أسرار اختيار الكلمات القرآنية والفروق التي بين الآيات يحتاج إلى إعمال فكر ورويّة، ثم قد تصل العقول إليها فتكشفها، وقد تبقى مخفية بسبب القصور البشري، ولكن ما لا يشك به مسلم أن كل كلمة في القرآن الكريم لها مكانها الذي لا يصلح له غيرها، فالكلمة جيء بها منتقاة ووضعت في موضعها قصداً، فاختيار الكلمة واختيار موضعها من دعامات فصاحة القرآن كما يذكر القاضي عبد الجبار الهمذاني في كتابه المغني، وهذا من عظمة القرآن وعلو منزلته في البلاغة ومظهر من مظاهر إعجازه.

والله تعالى أعلم بالصواب
 
اقتباس مما ذكر فى أعلاه :
(( ...بينما آية ص تتحدث عن مس الشيطان المقصود به الوسوسة مع التصريح بنسبته إلى الشيطان، وهذه الوسوسة قام بها الشيطان ليستغل المرض الذي جاء ذكره في آية الأنبياء، فالوسوسة مترتبة على المرض، وليست هي عين المرض )) .

__________________________________________________
لو صح ذلك لما ناسب قوله تعالى عقبه : { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } * ،

فهل جعل الله تعالى علاج و ذهاب تلك " الوسوسة " بالاغتسال بذلك الماء ؟
فى ذلك بعد شديد ،

و تأمل سياق الآيات لتتفهم المعنى المراد، قال تعالى :
{ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ ٱلشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ } * { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } *

***********************************************
و ارجع إلى ما ذكر في أمر تلك " الوسوسة " - من الشيطان الرجيم - التى أنكزها القاضى أبو بكر بن العربي ليتبين لك المعنى الراجح .
 
التعديل الأخير:
{ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }:وليس النُّصب والعذاب من الوسوسة

{ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }:وليس النُّصب والعذاب من الوسوسة

و الذى ذكره ابن عاشور فى " التحرير و التنوير " - و هو ما اقتطع منه العضو ( محمد الأمين ) ما يوافق فهمه ، و لم ينقل بقية الجملة التى احتج بها ، و جعل مكانها نقطا هكذا ( .... ) - قال ابن عاشور:

[ والنُصْب، بضم النون وسكون الصاد: المشقة والتعب، وهي لغة في نَصَب بفتحتين، وتقدم النَصَب في سورة الكهف. وقرأ أبو جعفر بِنُصُبٍ } بضم الصاد وهو ضم إتباع لضمّ النون.

والعذاب: الألم. والمراد به المرض يعني: أصابني الشيطان بتعَب وألم. وذلك من ضرّ حل بجسده وحاجة أصابته في ماله كما في الآية الأخرى
{ أني مسني الضر }
[الأنبياء: 83].

وظاهر إسناد المسّ بالنُّصب والعذاب إلى الشيطان أن الشيطان مسّ أيوب بهما، أي أصابه بهما حقيقة مع أن النصب والعذاب هما الماسان أيوب، ففي سورةَ [الأنبياء: 83]
{ أني مسني الضر }
فأسند المسّ إلى الضر، والضرّ هو النصب والعذاب. وتردّدت أفهام المفسرين في معنى إسناد المسّ بالنُّصب والعذاب إلى الشيطان، فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن ، و ليس النُّصب والعذاب من الوسوسة ولا من آثارها ] .
انتهى الجزء المقصود بتمام النقل

****************
فاقتطع العضو ( الأمين ) منه هذا الجزء : ( فإن الشيطان لا تأثير له في بني آدم بغير الوسوسة كما هو مقرر من مُكرر آيات القرآن ) ، و أغفل نقل بقية الكلام المتمم له و المكمل ، و هو : " و ليس النُّصب والعذاب من الوسوسة ولا من آثارها " ، و و ضع بدلا منه نقطا [ ... ] ، موهما بتمام الجملة و الكلام ،
و هذا ليس من ( أمانة النقل ) و لا من ( الأمانة العلمية ) في شيء ،
و المعنى بها مغاير له بدونها ، بلا ريب .

- و العجيب أنه أتى بكلام ابن عاشور - هذا - كاملا فى مشاركته الأولى في هذا الموضوع ، و إن تعقب هو كلام ابن عاشور بقوله - أى ( الأمين ] -: قلت : و فى هذا نظر...

-------------------------------------------------------

ثم نقل بعد ذلك - في مشاركة أخرى ما راق له من كلام ابن عاشور ، من غير بيان لوجه الجمع بين أقواله و ما يفهم منها
 
إقتباس:
لو صح ذلك لما ناسب قوله تعالى عقبه : { ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـٰذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ } *
[line]
ما المانع من هذا، فإذا تقرر أن الوسوسة مترتبة على المرض فإن المرض إذا ذهب ستذهب الوسوسة، وقوله تعالى :"اركض برجلك" إرشاد لسيدنا أيوب عليه السلام بكيفية شفائه من المرض. وقد كانت وسوسة الشيطان لأيوب عليه السلام ليضيق صدره بما أصابه، فإذا شفي سينتهي الشيطان عن الوسوسة له بعدم الصبر على المرض.
يعني يزول المسبَّب بزوال السبب.
والله تعالى أعلم
 
عودة
أعلى