تساؤل حول قوله تعالى:(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أ

فاروق

New member
إنضم
27/12/2005
المشاركات
39
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
بسم الله الرحمن الرحيم..
يقول الله تعالى في سورة البقرة:
(مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ... البقرة- الجزء الأول )

في هذه الآية إذا كانت "الآية"هي العبارة القرآنية المكونة من كلمات ..فلماذا يختم الله تعالى
الآية :أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
ولم يقل عز وجل أن الله بكل شيء عليم أو حكيم..؟؟
هل صفة القدرة تتناسب مع العلم..؟؟
هل هناك آيات أخرى في القرآن الكريم مماثلة..؟؟
اعذروني إن أسأت التعبير..!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم..
من يرفع عني هذا اللبس.. حول تساؤلي.!؟
 
لا لبس مع البلاغة

لا لبس مع البلاغة

إن من مظاهر إعجاز القرآن الكريم أن الكلمة فيه تقع موقعها اللائق بها، فلا يمكن استبدالها بكلمة أخرى، وإلا أدى ذلك إلى اضطراب في الكلام.
وإنما كان ذلك كذلك لأن القرآن في أعلى طبقات البلاغة، وعمود البلاغة ـ كما يقول الإمام الخطابي ـ :"هو وضع كل نوع من الألفاظ التي تشتمل عليها فصول الكلام موضعه الأخص الأشكل به، الذي إذا بُدّل مكانه غيره جاء منه: إما تبدّل المعنى الذي يكون منه فساد الكلام، وإما ذهاب الرونق الذي يكون معه سقوط البلاغة؛ ذلك أن في الكلام ألفاظاً متقاربة في المعاني يحسب أكثر الناس أنها متساوية في إفادة بيان مراد الخطاب، والأمر فيها وفي ترتيبها عند علماء أهل اللغة بخلاف ذلك، لأن لكل لفظة خاصية تتميز بها عن صاحبتها في بعض معانيها، وإنْ كانا قد يشتركان في بعضها" [ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، رسالة الخطابي، البيان في إعجاز القرآن، ص29].

فالكلمة القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز البياني، والفاصلة القرآنية هي كلمة في آخر الآية، هذه الكلمة كغيرها من كلمات القرآن تُختار اختياراً دقيقاً؛ لتؤدي الرسالة التي جاءت من أجلها، ويظهر فيها إعجاز القرآن، وهذا هو حظ الفاصلة من الإعجاز. (كما سماه الحسناوي في كتابه الفاصلة في القرآن، ص178).

للإجابة على سؤال الأخ فاروق الذي يتعلق بسر اختيار التعبير بالقدرة دون التعبير بالعلم أو الحكمة، يجب أولاً معرفة معنى الآية، لأن معرفة وجه البلاغة تتفرع عن المعنى.

من ينظر في التفاسير يجد أن المفسرين ذهبوا مذهبين في معنى قوله تعالى: "ما ننسخ من آية أو ننسها......."
المذهب الأول: المراد بالنسخ نسخ الأحكام الشرعية، بمعنى إزالة حكم بحكم شرعي آخر، وهذا بناء على أن معنى كلمة (آية) هو: الآية من القرآن.
المذهب الثاني ـ وهو ما أرجحه ـ : ما ذكره جمع آخر من المفسرين، منهم الشيخ محمد رشيد رضا، وشيخه الإمام محمد عبده، فهم يرون أن معنى كلمة (آية)، هو: "ما يؤيد الله تعالى به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم" [تفسير المنار، (417:1)]
وقالوا إن نسخ الأحكام الشرعية يُفهم من قوله تعالى: "وإذا بدلنا آية مكان آية"، ولا يفهم من قوله: "ما ننسخ من آية"، واستدلوا على ذلك بأمور عدة، منها السياق، ومنها بلاغة الفاصلة في كل آية.

قال الشيخ محمد رشيد نقلاً عن الإمام: " وإذا وازنا بين سياق آية (ما ننسخ) وآية (وإذا بدلنا آية مكان آية) نجد أن الأولى ختمت بقوله تعالى: (ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير) والثانية بقوله: (والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر)، ونحن نعلم شدة العناية في أسلوب القرآن بمراعاة هذه المناسبات، فذكر العلم والتنزيل ودعوى الافتراء في الآية الثانية يقتضي أن يراد بالآيات فيها آيات الأحكام.
وأما ذكر القدرة والتقرير بها في الآية الأولى فلا يناسب موضوع الأحكام ونسخها، وإنما يناسب هذا ذكر العلم والحكمة، فلو قال: (ألم تعلم أن الله عليم حكيم)، لكان لنا أن نقول إنه أراد نسخ آيات الأحكام؛ لما اقتضته الحكمة من انتهاء الزمن أو الحال التي كانت فيها تلك الأحكام موافقة للمصلحة".

ثم قال: "والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق إلى آخره أن (الآية) هنا هي ما يؤيد الله تعالى به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم، أي: (ما ننسخ من آية) نقيمها دليلاً على نبوة نبي من الأنبياء، أي نزيلها ونترك تأييد نبي آخر بها، أو ننسها الناس لطول العهد بمن جاء بها، فإننا بما لنا من القدرة الكاملة، والتصرف في الملك نأتي بخير منها في قوة الإقناع وإثبات النبوة، أو مثلها في ذلك، ومن كان هذا شأنه في قدرته وسعة ملكه فلا يتقيد بآية مخصوصة يمنحها جميع أنبيائه، والآية في أصل اللغة هي الدليل والحجة والعلامة على صحة الشيء، وسميت جمل القرآن آيات لأنها بإعجازها حجج على صدق النبي، ودلائل على أنه مؤيد فيها بالوحي من الله عز وجل، من قبيل تسمية الخاص باسم العام.
ولقد كان من يهود من يشكك في رسالته عليه السلام بزعمهم أن النبوة محتكرة لشعب إسرائيل، ولقد تقدمت الآيات في تفنيد زعمهم....
ـ ثم قال ـ : كأنه يقول إن قدرة الله تعالى ليست محدودة ولا مقيدة بنوع مخصوص من الآيات أو بآحاد منها لا تتناول غيرها، وليست الحجة محصورة في الآيات السابقة لا تتعداها، بل الله قادر على أن يأتي بخير من الآيات التي أعطاها موسى وبمثلها، فإنه لا يعجز قدرته شيء، ولا يخرج عن ملكه شيء، كما أن رحمته ليست محصورة في شعب واحد فيخصه بالنبوة ويحصر فيه هداية الرسالة، كلا إن رحمته وسعت كل شيء، كما أن قدرته تتصرف بكل شيء من ملك السموات والأرض الذي لا يشاركه فيه مشارك، لا ينازعه فيه منازع، فيكون ولياً ونصيراً لمن كفر بنعمه وانحرف عن سننه.
انظر كيف أسفرت البلاغة عن وجهها في هذا المقام فظهر أن ذكر القدرة وسعة الملك إنما يناسب الآيات بمعنى الدلائل دون معنى الأحكام الشرعية". [المنار، (416:1،417)]

أرجو أن يكون فيما نقلته عن تفسير المنار الشفاءُ والغَناءُ.
 
بسم الله الرحمن الرحيم..

أختي الفاضلة الباحثة:
بارك الله فيك على هذا الرد الجميل ..والتعليل المنطقي..في تفسير هذه الآية الكريمة،
فالقرآن الكريم هو كلام الله تعالى ،كل لا يتجزأ،ومنزه عن الحدوث والتغيير،وآياته يفسر بعضها البعض في تناسق مذهل وأسلوب بلاغي معجز،لا تعارض بينها و"لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه"..
فمعنى الآية هنا كما ذكرت هي المعجزات والبراهين التي يؤيد الله بها رسله،وشاء الله تعالى أن تكون بشكل تصاعدي..فكل آيةهي أكبر من سابقتها أومثلها كما في قوله تعالى:
"وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (48)"
وفي هذه الآية:
مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)"[/color]لو نظرنا إلى الآية التي تسبق الآية محل التساؤل لاتضح الأمربجلاء ،كما ذكرت، فالذين كفروا من أهل الكتاب ومن المشركين، أيقنوا أن ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم خير مما أنزل من قبله..فما دامت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي آخر الرسالات
ومادامت سنة الله هي أن كل رسالة هي أكبر من أختها فالحق أن تكون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم خير الرسالات وناسخة لها ..
لأنه لو كانت كلمة آية تعني مجموعة كلمات قرآنية تحمل حكما معينا، فما الحكمة من نسخ حكم بحكم مثله؟!..
وهل هناك تفضيل بين كلمات الله تعالى.!؟..
لحد الآن أتفق معك فيما ذكرت نقلا عن تفسير المنار الشفاءُ والغَناءُ ،لكن تبرزقضية أخرى فيما ذكرت
في قوله تعالى:
"وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ (101)
فذكر العلم والتنزيل ودعوى الافتراء في الآية الثانية يقتضي أن يراد بالآيات فيها آيات الأحكام.[/color]
فهل المراد هنا بالآية آية الأحكام؟ إذا سلمنا بذلك فكيف نفهم قوله تعالى :
"وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27)"
"مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29)"
فكيف يكون المبدل هو كلمات الله تعالى التي هي فوق الحدوث والتغيير، والتبديل وهي تنتمي لعالم الأمر الذي لا يحوي المتناقضات،فلا بد من انتماء المبدل لعالم الخلق الذي يتصف بالحدوث والتغيير.
 
[align=justify]أشكرك أخي فاروق على ما تثيره من تساؤلات تحفّز على البحث، وتوقظ الذهن ليجد الإجابة، وهي تدل على نظر المتدبِّر لكتاب الله عز وجل، زادنا الله وإياك تدبراً وفهماً.
هذا التساؤل الجديد يتضمن عدة أسئلة، وسأصيغها بطريقة أخرى ـ كما فهمتُها ـ ، أرجو أن يكون فهمي صحيحاً:
1. هل المقصود بـ(آية) في قوله تعالى: وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ هو آيات الأحكام؟
2. نسخ الآيات يقتضي التغير، وهذا يتناقض مع أن كلمات الله لا تبدَّل كما جاء هذا في القرآن الكريم.
3. نسخ الآيات يقتضي التغير، والتغير من صفات الحوادث، وكلام الله قديم غير حادث، ولا ينتمي إلى عالم المخلوقات.
4. كيف يكون الناسخ والمنسوخ في علم الله تعالى، والنسخ يلزم منه التناقض، لاختلاف الحكيمن: الناسخ والمنسوخ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرى أنّا لو فهمنا بعض القضايا التي تتعلق بموضوع النسخ سيزول اللَبْس ويتضح الأمر فنستطيع الإجابة على الأسئلة السابقة، من هذه القضايا:
1. معنى النسخ.
2. ما يتناوله النسخ.
3. آراء المعترضين على وجود النسخ، وسبب اعتراضهم.
4. ثم لا بد من الوقوف على ما قاله المفسرون بالنسبة للآيتين الكريمتين: وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا [الكهف:27]، "مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ [ق:29]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفاوت الباحثون في علوم القرآن الكريم في بسط المسائل المتعلقة بالنسخ، فمنهم من أوجز، ومنهم من لم يترك شاردة ولا واردة إلا عرض لها، كان الأستاذ الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني من هؤلاء، فقد جعل المبحث الرابع عشر من كتابه (مناهل العرفان) حول النسخ، وجمع فيه كل ما يخطر على البال في هذا الموضوع، حتى انتهى منه بما يقارب المئة صفحة، جزاه الله عن المسلمين خيراً.
لذلك سأنقل كثيراً مما ورد في كتابه هنا، ومن أراد زيادة فائدة فليرجع إلى الكتاب.
أبدأ أولاً بمصطلح النسخ، وهو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي آخر متراخٍ عنه، يفهم من التعريف أنه لا بد من وجود تعارض بين الحكمين ولا يمكن الجمع بينهما، ويفهم من التعريف أيضاً أن النسخ مختص بآيات الأحكام فقط، ولا يمكن أن يكون بآيات العقائد والأخلاق، لأنها ثابتة لا تقبل التبديل، ولا كذلك يكون النسخ بالأخبار وقصص السابقين؛ فهذا لا يُعقل.
إذن فالمراد بـ(الآية) في قوله تعالى: "وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَّكَانَ آيَةٍ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ" آية الأحكام.
قال الإمام السيوطي في (الإتقان): "لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي، ولو بلفظ الخبر، أما الخبر الذي ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ، ومنه الوعد والوعيد، وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صنع من أدخل في كتب النسخ كثيراً من آيات الأخبار والوعد والوعيد" (45:2).
بل الأمر أخص من هذا، فالنسخ يتعلق بفروع العبادات والمعاملات (الأحكام) لا في أصولها، والسبب في اختصاص النسخ بآيات الأحكام الفرعية دون باقي آيات القرآن الكريم؛ "أما العقائد فلأنها حقائق صحيحة ثابتة لا تقبل التغيير والتبديل، فبدهي ألا يتعلق بها نسخ، وأما أمهات الأخلاق فلأن حكمة الله في شرعها، ومصلحة الناس في التخلق بها أمر ظاهر لا يتأثر بمرور الزمن، ولا يختلف باختلاف الأشخاص والأمم، حتى يتناولها النسخ بالتبديل والتغيير.
وأما أصول العبادات والمعاملات فلوضوح حاجة الخلق إليهما باستمرار، لتزكية النفوس وتطهيرها ولتنظيم علاقة المخلوق بالخالق والخلق على أساسهما، فلا يظهر وجه من وجوه الحكمة في رفعها بالنسخ.
وأما مدلولات الأخبار المحضة؛ فلأن نسخها يؤدي إلى كذب الشارع في أحد خبريه الناسخ والمنسوخ، وهو محال عقلاً ونقلاً، أما عقلاً فلأن الكذب نقص، والنقص عليه تعالى محال، وأما نقلاً فلمثل قوله تعالى: "ومن أصدق من الله قيلاً" [النساء:122]، "ومن أصدق من الله حديثاً" [النساء: 87]". [مناهل العرفان، (229:2)].

هل يلزم من القول بالنسخ أن الآياتِ المنسوخةَ (المُبْدَلَة) حادثةٌ؟
ما دامت الآيات المنسوخة في كتاب الله عز وجل وآيات من آياته إذن هي غير حادثة، لا يقول بخلاف هذا أحد من أهل السنة، إنما هي من علم الله الأزلي.
تفصيل هذا في الرد على شبهة منكري النسخ، ففيه جواب على السؤال:
نازع بعض الناس في جواز النسخ، مثل اليهود وبعض النصارى؛ ذلك أنهم سوَّوا بين النسخ و(البَداء)، وهو ظهور الشيء بعد خفاء، أو نشأة رأي جديد، قال تعالى: "ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين"، أي نشأ لهم رأي جديد.
وصفة العلم الأزلي من صفات الله تعالى التي لا تتفق مع البداء؛ فلا يمكن أن نماثل بين النسخ والبداء؛ لثبات صفة العلم الأزلي عند المسلمين.
فمعنى البداء مستحيل على الله؛ "لما يلزمه من سبق الجهل وحدوث العلم، والجهل والحدوث عليه محالان، لأن النظر الصحيح في هذا العالم، دلنا على أن خالقه ومدبّره متصف أزلاً وأبداً بالعلم الواسع المطلق المحيط بكل ما كان وما سيكون وما هو كائن، كما هدانا هذا النظر الصحيح إلى أنه تعالى لا يمكن أن يكون حادثاً ولا محلاً للحوداث...... أما أدلة النقل فنصوص فياضة ناطقة بأنه تعالى أحاط بكل شيء علماً، وأنه لا تخفى عليه خافية: "وعنده مفاتح الغيب" [الرعد:8] ... إلى غير ذلك من مئات الآيات والأحاديث". [مناهل العرفان، (197:2)].
"نسي القائلون بالبداء أو تناسوا أن الله تعالى حين نسخ بعض أحكامه ببعض، ما ظهر له أمر كان خافياً عليه، وما نشأ رأي جديد كان يفقده من قبل، إنما كان سبحانه يعلم الناسخ والمنسوخ أزلاً من قبل أن يشرعهما لعباده، بل من قبل أن يخلق الخلق، ويبرأ السماء والأرض، إلا أنه ـ جلّت حكمته ـ علم أن الحكم الأول المنسوخ منوط بحكمة، أو مصلحة تنتهي في وقت معلوم، وعلم بجانب هذا أن الناسخ يجيء في هذا الميقات المعلوم منوطاً بحكمة وبمصلحة أخرى، ولا ريب أن الحكم والمصالح تختلف باختلاف الناس، وتتجدد بتجدد ظروفهم وأحوالهم، وأن الأحكام وحكمها، والعباد ومصالحهم، والنواسخ والمنسوخات، كانت كلها معلومة لله من قبل، ظاهرة لديه لم يخف شيء منها عليه، والجديد في النسخ إنما هو إظهاره تعالى ما علم لعباده، لا ظهور ذلك له". [مناهل العرفان، (198:2)]

كيف يمكن أن تجتمع الآيات الناسخة والمنسوخة في علم الله مع أنها متعارضة؟
"يقولون: إن النسخ يستلزم اجتماع الضدين، واجتماعهما محال، وبيان ذلك أن الأمر بالشيء يقتضي أنه حسن وطاعة ومحبوب لله، والنهي عنه يقتضي أنه قبيح ومكروه له تعالى، فلو أمر الله بالشيء ثم نهى عنه، أو نهى عن الشيء ثم أمر به، لاجتمعت هذه الصفات المتضادة في الفعل الواحد الذي تعلق به الأمر والنهي.
وندفع هذه الشبهة بأن الحسن والقبح وما اتصل بهما، ليست من صفات الفعل الذاتية حتى تكون ثابتة لا تتغير، بل هي تابعة لتعلق أمر الله ونهيه بالفعل، وعلى هذا يكون الفعل حسناً وطاعة ومحبوباً لله ما دام مأموراً به من الله، ثم يكون هذا الفعل نفسه قبيحاً ومعصية ومكروهاً له تعالى ما دام منهياً عنه منه تعالى، ... وبهذا التوجيه ينتفي اجتماع الضدين؛ لأن الوقت الذي يكون فيه الفعل حسناً، غير الوقت الذي يكون فيه الفعل قبيحاً، فلم يجتمع الحسن والقبح في وقت واحد على فعل واحد". [مناهل العرفان، (217:2،218)]

بقي أن نفهم معنى الآيتين الكريمتين؛ لرفع وهم التناقض بينهما وبين النسخ الواقع في كتاب الله عز وجل:
"وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا" [الكهف:27]
"مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ" [ق:29]

* قال صاحب الكشاف:
" { وَٱتْلُ مَآ أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً }
كانوا يقولون له: ائت بقرآن غير هذا أو بدله، فقيل له { وَٱتْلُ مَا أُوْحِىَ إِلَيْكَ } من القرآن ولا تسمع لما يهذون به من طلب التبديل، فلا مبدل لكمات ربك، أي: لا يقدر أحد على تبديلها وتغييرها، وإنما يقدر على ذلك هو وحده { وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ } [النحل: 101]".

* وقال العلامة الألوسي: "ومن الناس من خص الكلمات بمواعيده تعالى لعباده الموحدين فكأنه قيل اتل ما أوحى إليك ولا تبال بالكفرة المعاندين فإنه قد تضمن من وعد الموحدين ما تضمن ولا مبدل لذلك الوعد، ومآله اتل ولا تبال فإن الله تعالى ناصرك وناصر أصحابك".
على كلا التفسيرين، سواء كان المراد بـ(كلماته) آيات القرآن أم الوعد، فلا تعارض بين الآية وبين النسخ. والأمر واضح.


على كلا التفسيرين، سواء كان المراد بـ(كلماته) آيات القرآن أم الوعد، فلا تعارض بين الآية وبين النسخ. والأمر واضح.
أما آية (ق): فهي بعيدة كذلك عن موضوع النسخ، وقد بينّ الزمخشري معناها بالاستعانة بسياق الآيات، قال: "{ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِٱلْوَعِيدِ } * { مَا يُبَدَّلُ ٱلْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }
{ قَالَ لاَ تَخْتَصِمُواْ } استئناف مثل قوله:
{ قَالَ قرِينُهُ } [ق: 27] كأن قائلاً قال: فماذا قال الله؟ فقيل: قال لا تختصموا. والمعنى: لا تختصموا في دار الجزاء وموقف الحساب، فلا فائدة في اختصامكم ولا طائل تحته، وقد أوعدتكم بعذابي على الطغيان في كتبي وعلى ألسنة رسلي، فما تركت لكم حجة عليَّ، ثم قال: لا تطمعوا أن أبدل قولي ووعيدي فأعفيكم عما أوعدتكم به { وَمَا أَنَاْ بِظَلَّـٰمٍ لّلْعَبِيدِ } فأعذب من ليس بمستوجب للعذاب".
وجاء في (زاد المسير)، لابن الجوزي: " { ما يُبَدَّلُ القولُ لديَّ } فيه قولان.
أحدهما: ما يبدَّل [القول] فيما وعدتُه من ثواب وعقاب، قاله الأكثرون.
والثاني: ما يُكذَّب عندي ولا يغيَّر القول عن جهته، لأنِّي أعْلَمُ الغيب وأعْلَمُ كيف ضلُّوا وكيف أضللتموهم، هذا قول ابن السائب واختيار الفراء وابن قتيبة، ويدل عليه أنه قال تعالى: { ما يُبَدَّل القول لديَّ } ولم يقل: ما يُبَدَّل قولي { وما أنا بظلاّمٍ للعبيدِ } فأَزيدَ على إساءة المُسيء، أو أنقص من إحسان المُحسن".[/align]

أتمنى أن تكون هذه الإجابة قد نسخت ورفعت ما كان من تساؤلات.
 
تساؤلاتي لم تنسخ بعد!!فصبر جميل!!

تساؤلاتي لم تنسخ بعد!!فصبر جميل!!

بسم الله الرحمن الرحيم..

بارك الله فيك أيهتا الأخت الفاضلة "باحثة" على الرد أولا وثانيا على صياغة أسئلتي بشكل جيد..
أختي الفاضلة أنا لا أتبنى رأيا معينا ولاأدافع عنه ولكن أحاول أن أفهم وأتدبر القرآن بالقدر الذي يستسيغيه "عقلي" فاعذرونا إن أكثرت الأسئلة ..!!
لا أناقش في أمر معلوم :بأن صفة علم الله الأزلي الذي هو من صفاته تعالى لا يتفق مع البداء وأن علمه واسع مطلق محيط بما كان وما سيكون وبما هوكائن،وأن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى لا ينتمي إلى العالم المخلوق..
فالقرآن الموجود بين أيدينا هو ذاته ما قال الله تعالى عنه إنه أنزله دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا " إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)" دون زيادة أونقصان وهو ذاته دون زيادة أونقصان الذي قال الله تعالى عنه إنه مرسوم في اللوح المحفوظ "بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21)فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ (22)"
فعندما ننظر كتاب: الناسخ والمنسوخ تأليف هبة الله بن سلامة البغدادي المتوفي سنة 410هـ وتأريخ القرآن ـ لإبراهيم الابياري ص 168و كتب التفسير المختلفة نجد أن هناك ثلاثة أنواع للناسخ والمنسوخ هي:

(1) ما نُسخ حرفه، وبقي حكمه.

(2) ما نُسخ حكمه، وبقي حرفه.

(3) ما نُسخ حكمه ونسخ حرفه.

فمثلي الذي ليس له علم شرعي عندما يقرأ مثل هذا التقسيم أو يصدم باختلاف من يجمعون على مسألة الناسخ والمنسوخ في عدد الآيات التي نسخت وبشكل كبير جدا..ألا يصاب بالدوران والتيه!!
فنظرة على هذا التقسيم يلاحظ أن:
الثالث "مانسخ حكمه ونسخ حرفه" والأول" ما نسخ حرفه وبقي حكمه" يقتضيان أن القرآن الذي أنزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا والذي نزل من السماء الدنيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على مدار 23 عاما هذا القرآن حسب هذا الطرح أكبر حجما من القرآن الموجود بين أيدينا الآن..!!
والثاني "ما نسخ حكمه وبقي حرفه" يقتضي وجود آيات للتلاوة فقط..!
فمسألة مهمة كهذه "الناسخ والمنسوخ" كان بالأحرى أن يبينها رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو الذي بين تفاصيل أبسط الأمور عبر الآلاف من الأحاديث الشريفة..
وبما أنه لا يوجد نص قرآني ولا حديث يحددان الآيات المنسوخة والآيات التي نسختها ,,لذلك فهذه مسألة اجتهادية.. والاجتهاد ليس مقصورا على جيل دون آخر ولكن لمن تتوفرفيه شروط الاجتهاد.. فيجب النظر في النصوص القرآنية بمنهج الكلية في البحث القرآني والتوفيق بينها جميعا وليس النظر إلى كل على حدة مما يوهم بوجود تعارض بينها..
وأعود إلى ما ذكرت أيتها الأخت الفاضلة بقولك نقلا عن "مناهل العرفان"
" يقولون: إن النسخ يستلزم اجتماع الضدين، واجتماعهما محال، وبيان ذلك أن الأمر بالشيء يقتضي أنه حسن وطاعة ومحبوب لله، والنهي عنه يقتضي أنه قبيح ومكروه له تعالى، فلو أمر الله بالشيء ثم نهى عنه، أو نهى عن الشيء ثم أمر به، لاجتمعت هذه الصفات المتضادة في الفعل الواحد الذي تعلق به الأمر والنهي.
وندفع هذه الشبهة بأن الحسن والقبح وما اتصل بهما، ليست من صفات الفعل الذاتية حتى تكون ثابتة لا تتغير، بل هي تابعة لتعلق أمر الله ونهيه بالفعل، وعلى هذا يكون الفعل حسناً وطاعة ومحبوباً لله ما دام مأموراً به من الله، ثم يكون هذا الفعل نفسه قبيحاً ومعصية ومكروهاً له تعالى ما دام منهياً عنه منه تعالى، ... وبهذا التوجيه ينتفي اجتماع الضدين؛ لأن الوقت الذي يكون فيه الفعل حسناً، غير الوقت الذي يكون فيه الفعل قبيحاً، فلم يجتمع الحسن والقبح في وقت واحد على فعل واحد". [مناهل العرفان، (217:2،218)]
أولا فعلم الله تعالى وقدرته فوق ما نتصور "ليس كمثله شيئ" "وإذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون"
ملاحظتي في ما كتب أعلاه :
فكأني أقرأ نصا صوفيا !!
أوأني لم أستسغ كنه ما كتب وهذا من قصور فهمي..!!؟
لأني أعرف بعلمي المتواضع أن القرآن الكريم نزل لبشر ليكون شريعة لهم يبن الحلال والحرام ويهدي الناس إلى الطريق الذي ارتضاه الله لهم..كيف يكون بهذا المعنى" لأن الوقت الذي يكون فيه الفعل حسناً، غير الوقت الذي يكون فيه الفعل قبيحاً، فلم يجتمع الحسن والقبح في وقت واحد على فعل واحد" القرآن لن يكون بهذا الغموض على الأقل بالنسبة لي(الذي أشكل عليه الفهم) ،لاتقربوا الزنا هي لا تقربوا الزنا في كل زمان وفي كل مكان !! فهذا يتطلب شيئا من التوضيح بل الكثير من التوضيح..اللهم إني لم أفهم ..اللهم فاشهد!!
أما ما قيل في أن:
" مصطلح النسخ، وهو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي آخر متراخٍ عنه، يفهم من التعريف أنه لا بد من وجود تعارض بين الحكمين ولا يمكن الجمع بينهما، ويفهم من التعريف أيضاً أن النسخ مختص بآيات الأحكام فقط،"
فهل يفهم من هذا أنه يقتضي وجود آيات قرآنية لمجرد التلاوة والتبريك فهي على هذا الأساس تحمل معاني وأحكاما ودلالات تختلف عن الأحكام الورادة التي تحملها الآيات الناسخة، أي أن الآيات المنسوخة مفرغة من حكم استمرار الصلاحية ولفظها معزول عن مضمونها.؟
وهل يفهم أيضا أن الآيات المنسوخة خاضعة لقوانين الزمان والمكان ،أي حادثة، بمعنى أنها
حملت أحكاما وتتشريعات مؤقتة لمرحلة معينة للجيل الأول الذي عاصر نزول القرآن الكريم
ثم أتت بعد ذلك الآيات الناسخة لتبدأ مرحلة جديدة بالنسبة لهذه الأحكام والتشريعات...؟!
وأما أن " النسخ يتعلق بفروع العبادات والمعاملات "
فأحبذ هنا حتى يستقيم الفهم عندي وتتضح الرؤيا فلابد من ذكر آيات قرآنية في هذا الباب..وذكر الآيات التي "نسخت"

[line]

اللهم فهمنا ما لم نفهم
 
عن موقع " مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف " :

جدول للآيات المنسوخة والناسخة :

http://www.qurancomplex.org/Display.asp?section=1&l=arb&f=nwasekh158

و بعد ما جاء فيه عقَب محقق كتاب " الناسخ و المنسوخ " لمؤلفه الإمام العلامة ابن الجوزي بما يلي :

(ومن هنا يتبين للقارئ أن المتفق عليه مما قيل بنسخه لا يزيد عن آيتين اثنتين فقط، هما:

1- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً (12) من سورة المجادلة.

2- يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا * نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا (1-3) من سورة المزمل.

وما عدا ذلك فهو موضع اختلاف بينهم.

ويمكنك العودة إلى المصادر المختلفة لمعرفة وجهة نظر كل من علماء النسخ، والله تعالى أعلى وأعلم )

و لمزيد بحث في الناسخ و المنسوخ ، و معرفة تطور تعريف النسخ ، و مناقشة ( 247 ) قضية من بين ( 62 ) سورة قرآنية : إليكم هذا الرابط :

http://www.qurancomplex.org/Tree.asp?section=1&TabID=2&SubItemID=1&l=arb&SecOrder=2&SubSecOrder=2

**********************

* و لا شك في أن النسخ في القرآن الكريم ثابت بالدليل الصحيح الصريح ، و من ذلك ما جاء في :

صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ >> كِتَابُ تَفْسِيرِ القُرْآنِ >> سُورَةُ البَقَرَةِ >> بَابُ لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ >>
" ادْعُوا فُلاَنًا " فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ ، أَوِ الكَتِفُ

4341 حدثنا محمد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : لما نزلت : لا يستوي القاعدون من المؤمنين قال النبي صلى الله عليه وسلم " ادعوا فلانا " فجاءه ومعه الدواة واللوح ، أو الكتف ، فقال : " اكتب : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم ، فقال : يا رسول الله أنا ضرير ، فنزلت مكانها ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) *
 
كنت حريصة في مشاركتي السابقة أن أفتتحها بمقدمة موجزة، تعمَّدتُ أن أذكر فيها أن أسئلتك تدل على نظر المتدبر، ليندفع أي شك بتبنيك رأي معين تدافع عنه ـ فإنما هو تدبر فحسب ـ لأني أعلم أني سأتعرض لموضوع البداء، فخفت أن يتطرق إلى الذهن أني أتهمك بالقول به، أو بأنك من منكري النسخ، واستحضاري الرد على شبهة البداء كان لما تضمنه من حديث عن علم الله الأزلي المتضمن للناسخ والمنسوخ، قد يكون فيه خروج عن صلب الموضوع، ولكن أرجو أن لا يكون قد خلا من فائدة.
فعذراً إن فُهم من كلامي شيء كهذا، وعذراً كذلك إن لم أستطع رفع سؤالاتك، فهذه مجرد محاولات، تحتاج إلى تسديد، وتقييم، خاصة أني في الوقت الحالي لا أتمكن من الرجوع إلى مراجع متنوعة.
ولن أملّ من المحاولات حتى تملّ من الأسئلة، وأرجو أن يتحلى القراء بالصبر، فهذا الملتقى القرآني يهدف إلى التعلم وبلورة المعلومات وصقلها بالحوار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فمثلي الذي ليس له علم شرعي عندما يقرأ مثل هذا التقسيم أو يصدم باختلاف من يجمعون على مسألة الناسخ والمنسوخ في عدد الآيات التي نسخت وبشكل كبير جدا..ألا يصاب بالدوران والتيه!!

الباحث في الكتب يجد آراء متفاوتة، ومختلفة، ولا بد من ترجيح قول على قول بالاستناد إلى أسس متفقة مع الشرع والعقل، وليس أمراً مستهجناً أن يختلف العلماء وأن يضعّف بعضهم آراء بعض؛ لأنه لا معصوم إلا رسول، وكلٌّ يؤخذ من كلامه ويرد إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الاختلاف أمر طبعي، وهو من الأمور الجميلة في ديننا، حيث يطلع الإنسان على خلاصة عقول جمع كبير من العلماء، ولا يحصر عقله في رأي معين لا يتجاوزه، فلا داعي للصدمة، ولا للدوران والتيه... الأمر أبسط من هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)ما نُسخ حرفه، وبقي حكمه.
(2) ما نُسخ حكمه، وبقي حرفه.
(3) ما نُسخ حكمه ونسخ حرفه.
فنظرة على هذا التقسيم يلاحظ أن:
الثالث "مانسخ حكمه ونسخ حرفه" والأول" ما نسخ حرفه وبقي حكمه" يقتضيان أن القرآن الذي أنزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا والذي نزل من السماء الدنيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على مدار 23 عاما هذا القرآن حسب هذا الطرح أكبر حجما من القرآن الموجود بين أيدينا الآن..!!

اعتراضك في محله
هل هذا التقسيم الثلاثي للآيات المنسوخة مسلَّم به عند العلماء؟
الصحيح أنه غير مسلّم وقد وردت عليه اعتراضات قوية من العلماء، ومن النوع الثالث: الذي قيل بأنه نُسخ تلاوة وحكماً: ما رويَ عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان فيما نزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يُحرمن)، ثم نُسخن بخمس رضعات معلومات يُحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يُقرأ من القرآن". وغيرها من الروايات التي تحمل ذات المعنى، ولكنها كلها لا تخلو من اضطرابات واختلافات فيما بينها، وقد رد هذا الإمام ابن حجر بحجة أن الراوي ادعى أن هذا قرآناً، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر. [راجع: كتاب النكاح من فتح الباري].
وقال صاحب المنار: ".. االحق أنه لا يظهر لهذا النسخ حكمة، ولا يتفق مع ما ذكر من العلة، وإنّ ردّ الرواية عن عائشة لأهون من قبولها، مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها، كما علمت، فإن لم نعتمد روايتها فلنا أسوة بمثل البخاري وبمن قالوا باضطرابها، خلافاً للنووي، وإن لم نعتمد معناها فلنا أسوة بمن ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في ذلك، كالحنفية وهي عند مسلم من رواية عمرة عن عائشة، أو ليس ردُّ رواية عمرة وعدم الثقة بها أولى من القول بنزول شيء من القرآن لا تظهر له حكمة ولا فائدة، ثم نسخه أو سقوطه، أو ضياعه، فإن عمرة زعمت أن عائشة كانت ترى أن الخمس لم تنسخ وإذن لا يُعتد بروايتها". [المنار،(النساء:23)].
أما النوع الأول، وهو ما نسخ تلاوة وبقي حكماً، فمثل قولهم: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، فهذا ليس فيه رواية صحيحة يُستند إليها، ولم تثبت قرآنيته، وأين هذا الكلام من رفعة أسلوب القرآن وعلو بيانه؟!
[توسع الشيخ فضل عباس في بيان هذين النوعين من النسخ في (إتقان البرهان، 39:2-59)، فارجع إليه ففيه فائدة جمة]
ـــــــــــــــــــــــــ
والثاني "ما نسخ حكمه وبقي حرفه" يقتضي وجود آيات للتلاوة فقط..!
مصطلح النسخ، وهو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي آخر متراخٍ عنه، يفهم من التعريف أنه لا بد من وجود تعارض بين الحكمين ولا يمكن الجمع بينهما، ويفهم من التعريف أيضاً أن النسخ مختص بآيات الأحكام فقط،"فهل يفهم من هذا أنه يقتضي وجود آيات قرآنية لمجرد التلاوة والتبريك

أبقاها الله ـ وهو أعلم ـ لنعلم فضله علينا بتيسير الأحكام لنا، و"ليُكشف النقاب عن سير التشريع الإسلامي، ويطلع الإنسان على حكمة الله في تربيته للخلق، وسياسته للبشر، وابتلائه للناس" [مناهل العرفان، (188:2)]، فبقاء تلاوة الحكم المنسوخ قد يشبه قصص السابقين التي نأخذ منها فائدة وعبرة، والحكم المنسوخ نأخذ منه فائدة وفكرة عن سير التشريع الإسلامي، والمراحل التي مرت بها بعض الأحكام.
ــــــــــــــــــــــــــــ
فمسألة مهمة كهذه "الناسخ والمنسوخ" كان بالأحرى أن يبينها رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو الذي بين تفاصيل أبسط الأمور عبر الآلاف من الأحاديث الشريفة..
سامحك الله، وهل نحن الذين نحدد للرسول صلى الله عليه وسلم ما هو الأحرى، وهو الذي لا ينطق عن الهوى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لماذا لم يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بالآيات المنسوخة ولم يبينها لنا؟
قد تحمل الآيات القرآنية في طياتها الدلالة على نسخها (راجع مشاركة ـ سؤال حول الناسخ والمنسوخ ـ).
وهذا لا يحتاج إلى توضيح من الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك معرفة تاريخ النزول التي لا تحتاج إلى توضيح كذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذه هي طرق معرفة النسخ واضحة لا تحتاج إلى بيان.
ـــــــــــــــــــــــــــ
هل هناك وسيلة موثوقة لمعرفة الناسخ من المنسوخ؟
بالتأكيد ليس الاجتهاد، (راجع مشاركة ـ سؤال حول الناسخ والمنسوخ ـ).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيجب النظر في النصوص القرآنية بمنهج الكلية في البحث القرآني والتوفيق بينها جميعا وليس النظر إلى كل على حدة مما يوهم بوجود تعارض بينها..
منهج النظر في القرآن الكريم كلاً متكاملاً هو المنهج السليم بالطبع لا تجزئته، وهذا بالنسبة لأي بحث يتعلق بالقرآن سواء أكان بحثاً عن تفسير آية أو بحثاً عن الناسخ والمنسوخ، فالتجزئة تؤدي إلى فساد الفهم، ونتائجها خطيرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظتي في ما كتب أعلاه :
فكأني أقرأ نصا صوفيا !!
أوأني لم أستسغ كنه ما كتب وهذا من قصور فهمي..!!؟
لم أرَ ما هو مستغرب في كلام الشيخ الزرقاني، بل هو في غاية الجمال والحُسن، وهو متفق مع الأصول العقدية لأهل السنة، فالحسن ما حسّنه الشرع، والقبيح ما قبّحه الشرع، فالحكم المنسوخ حسن في زمن معين بسبب طلب الله تعالى من المكلفين فعله في ذلك الزمن، وأصبح امتثال ما اشتملت عليه الآية المنسوخة قبيحاً بعد النسخ لأنه رُفع العمل به من الله.
قلتَ: "لا تقربوا الزنى" هي "لا تقربوا الزنى" في كل زمان وفي كل مكان.
أقول: هذا صحيح، فالزنى فعل مستقبح في كل الأزمان والأحوال لأن الشرع قبّحه في كل الأزمان والأحوال.
لا يُفهم من كلام الشيخ الزرقاني، أن الحُسْن والقُبح أمران يتناوبان على جميع الأحكام الشرعية، بل يأتي أحدهما مكان الآخر في الأحكام التي قيل بنسخها فقط، أما تلك التي لم تتعرض للنسخ فهي تلزم حالة واحدة، فتحريم الزنى لم يتعرض للنسخ، فيلزمه حالة القبح الدائم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
وهل يفهم أيضا أن الآيات المنسوخة خاضعة لقوانين الزمان والمكان ،أي حادثة، بمعنى أنها
حملت أحكاما وتتشريعات مؤقتة لمرحلة معينة للجيل الأول الذي عاصر نزول القرآن الكريم
ثم أتت بعد ذلك الآيات الناسخة لتبدأ مرحلة جديدة بالنسبة لهذه الأحكام والتشريعات...؟!
أجاب العلامة الألوسي على هذا فقال عند تفسيره لقوله تعالى: "ما ننسخ من آية": "واحتجت المعتزلة بالآية على حدوث القرآن، فإن التغيّر المستفاد من النسخ، والتفاوت المستفاد من الخيرية في وقت دون آخر من روادف الحدث وتوابعه، فلا يتحقق بدونه، وأجيب بأن التغير والتفاوت من عوارض ما يتعلق به الكلام النفسي القديم، وهي الأفعال في الأمر والنهي، والنسب الخبرية في الخبر، وذلك يستدعيهما في تعلقاته دون ذاته".
ــــــــــــــــــــــــــــ
وأما أن " النسخ يتعلق بفروع العبادات والمعاملات "
فأحبذ هنا حتى يستقيم الفهم عندي وتتضح الرؤيا فلابد من ذكر آيات قرآنية في هذا الباب..وذكر الآيات التي "نسخت"
مثلاً قوله تعالى: "وأحل الله البيع وحرم الربا" [البقرة:275]، هذا من أصول المعاملات التي لا يقع النسخ فيها.

الآيات التي وقع فيها النسخ:
1. "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إنْ ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين" [البقرة:180] منسوخة بقوله تعالى: "يوصيكم الله في أولادكم" [النساء:11].
2. "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" [البقرة:184]، منسوخة بقوله: "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" [البقرة:185].
3. "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج" [البقرة:240]، منسوخة بقوله: "والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً" [البقرة:234].
4. "إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفاً من الذين كفروا" [الأنفال:65]، منسوخة بقوله تعالى: "فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين" [الأنفال:66].
5. "لا يحل لك النساء من بعد" [الأحزاب:52]، منسوخة بقوله: "يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك" [الأحزاب:80].
6. "يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة" [المجادلة10]، نسختها الآية التي بعدها.
7. "يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً" [المزمل:1]، منسوخة بقوله: "إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه.." [المزمل:20].
 
باحثة قال:
اعتراضك في محله
هل هذا التقسيم الثلاثي للآيات المنسوخة مسلَّم به عند العلماء؟
الصحيح أنه غير مسلّم وقد وردت عليه اعتراضات قوية من العلماء، ومن النوع الثالث: الذي قيل بأنه نُسخ تلاوة وحكماً: ما رويَ عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: "كان فيما نزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يُحرمن)، ثم نُسخن بخمس رضعات معلومات يُحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يُقرأ من القرآن". وغيرها من الروايات التي تحمل ذات المعنى، ولكنها كلها لا تخلو من اضطرابات واختلافات فيما بينها، وقد رد هذا الإمام ابن حجر بحجة أن الراوي ادعى أن هذا قرآناً، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر. [راجع: كتاب النكاح من فتح الباري].].


----------------------------------------------------------

لم ينكر الحافظ ابن حجر - رحمه الله - أن هناك من آيات القرآن الكريم ما نسخ حكما و تلاوة ، و إنما كلامه المنقول آنفا فيمن احتج بذلك الحديث المذكور في كون اللفظ : " خمس رضعات معلومات يحرمن " من آيات القرآن ، فردَ هذا الاحتجاج ، و كذا رده غيره من الأئمة ، و هو من المجمع على أنه ليس من القرآن ،
و لبيان محل كلامه : هذا أصل كلامه في " فتح الباري ":


( فقول عائشة عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات فمات النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قولي الاصوليين ، لأن القرآن لا يثبت الا بالتواتر والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر فلم يثبت كونه قرآنا ولا ذكر الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه والله أعلم ) .

- فكلامه هذا كان في نفي كون ذلك قرآنا - و للعلماء في تأويله أقوال - و مما يؤكد ذلك ما قاله في " التلخيص الحبير" :

( حديث عائشة : " كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن " مسلم من حديثها .

قوله : وحمل ذلك على قراءة حكمها . أي : أن ظاهر قولها " وهن فيما يقرأ من القرآن " : أن التلاوة باقية وليس كذلك ، فالمعنى قراءة الحكم .

وأجاب غيره بأن المراد بقولها توفي : قارب الوفاة أو أنه لم يبلغ النسخ من استمر على التلاوة ) . انتهى كلامه

*****************

- و أما الزعم أن تلك الروايات (( كلها لا تخلو من اضطرابات واختلافات فيما بينها )) فزعم غير صحيح ، و وهم خاطئ ، إذ الحديث المتقدم أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " و قبله الإمام مالك في " موطئه " و غيرهما ، و حسبنا بهما صحة و قبولا .

و قد جاء في كتاب " الْفَقِيهُ وَالْمُتَفَقِّهُ " لِلْخَطِيبِ الْبَغْدَادِيِّ >> بَابُ الْقَوْلِ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ >>
" كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْقُرْآنِ : ( عَشْرُ رضعات ...) :

241 أنا أبو القاسم الأزهري , والتنوخي , قالا : أنا علي بن محمد بن لؤلؤ الوراق , حدثنا هيثم بن خلف الدوري , نا إسحاق بن موسى الأنصاري , نا معن بن عيسى , نا مالك , عن عبد الله بن أبي بكر , عن عمرة , عن عائشة , أنها قالت : " كان فيما أنزل الله تعالى من القرآن : ( عشر رضعات معلومات يحرمن ) نسخن بخمس معلومات , فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهي مما يقرأ من القرآن " .
قلت : فكانت العشر منسوخة الرسم والحكم *
 
فكلامه هذا كان في نفي كون ذلك قرآنا
صحيح هو في نفي قرآنية هذا النص، وهل يعقل أن يقبل الإمام ابن حجر بأن هذا النص مما تم نسخه تلاوة إذا لم يكن قد أثبت قرآنيته أساساً؟؟؟؟؟؟

هذان أمران يترتب أحدهما على الآخر

هذا كلام الله، هل يبقى الأمر فيه مموهاً إلى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نعلم هل بقيت تلاوة هذا النص حكماً أم أن التلاوة باقية؟
وهل قولها: "وهن مما يقرأ من القرآن" يتفق مع هذه التأويلات؟؟

إذ الحديث المتقدم أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه " و قبله الإمام مالك في " موطئه " و غيرهما

أيضاً صحيح ورفضه جمع من العلماء كذلك، وليس اتباعاً للهوى، ولكن إبعاداً للقرآن الكريم عن الشبهات، فتأييد هذا القول سيفتح باباً عظيماً من التشكيك في تواتر القرآن وصحته، وأن القرآن الذي بين أيدينا هو نفسه الذي كان على زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقولنا إن الراوي أخطأ أهون ألف مرة من قولنا إن القرآن فيه شك.

طبعاً ليس ردّ الأحاديث الصحيحة التي في الصحيحين أمراً سهلاً ولا هو مما يجوز للعامة أن يتجرأوا عليه، ولكن العلماء من يقوم بهذا الأمر، وقد ردوا بضعة أحاديث في صحيح مسلم، وهم أئمة كبار، وهذا أمر مشهور.

".. االحق أنه لا يظهر لهذا النسخ حكمة، ولا يتفق مع ما ذكر من العلة، وإنّ ردّ الرواية عن عائشة لأهون من قبولها، مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها، كما علمت، فإن لم نعتمد روايتها فلنا أسوة بمثل البخاري وبمن قالوا باضطرابها، خلافاً للنووي، وإن لم نعتمد معناها فلنا أسوة بمن ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في ذلك، كالحنفية وهي عند مسلم من رواية عمرة عن عائشة، أو ليس ردُّ رواية عمرة وعدم الثقة بها أولى من القول بنزول شيء من القرآن لا تظهر له حكمة ولا فائدة، ثم نسخه أو سقوطه، أو ضياعه، فإن عمرة زعمت أن عائشة كانت ترى أن الخمس لم تنسخ وإذن لا يُعتد بروايتها". [المنار]

قلت: فكانت العشر منسوخة الرسم والحكم
إذن أنت أثبت قرآنية هذا النص، مع عدم ثبات تواتره!!!

سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
 
السلام عليكم : ارجوا من الاخوة التركيز في موضع الخلاف ,فهل هو على "أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"لماذا قدير او حكيم كما قال صاحب الطرح :
"هي العبارة القرآنية المكونة من كلمات ..فلماذا يختم الله تعالى
الآية :ولم يقل عز وجل أن الله بكل شيء عليم أو حكيم..؟؟
هل صفة القدرة تتناسب مع العلم..؟؟
هل هناك آيات أخرى في القرآن الكريم مماثلة..؟؟
اعذروني إن أسأت التعبير..!!"
ام عن النسخ عموما .
لان النسخ موضوع لا يخفى عليكم تشعبات الخلاف فيه .
فمن معنى النسخ الى انواع النسخ الى اين وقع النسخ لا علاقة له بموضوع السؤال .
قال ابو جعفر الطبري :
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } . يَعْنِي جَلّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير } أَلَمْ تَعْلَم يَا مُحَمَّد أَنِّي قَادِر عَلَى تَعْوِيضك مِمَّا نَسَخْت مِنْ أَحْكَامِي وَغَيَّرْته مِنْ فَرَائِضِي الَّتِي كُنْت افْتَرَضْتهَا عَلَيْك مَا أَشَاء مِمَّا هُوَ خَيْر لَك وَلِعِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَعَك وَأَنْفَع لَك وَلَهُمْ , إمَّا عَاجِلًا فِي الدُّنْيَا وَإِمَّا آجِلًا فِي الْآخِرَة . أَوْ بِأَنْ أُبَدِّل لَك وَلَهُمْ مَكَانه مِثْله فِي النَّفْع لَهُمْ عَاجِلًا فِي الدُّنْيَا وَآجِلًا فِي الْآخِرَة وَشَبِيهه فِي الْخِفَّة عَلَيْك وَعَلَيْهِمْ . فَاعْلَمْ يَا مُحَمَّد أَنِّي عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى كُلّ شَيْء قَدِير . وَمَعْنَى قَوْله : { قَدِير } فِي هَذَا الْمَوْضِع : قَوِيّ , يُقَال مِنْهُ : " قَدْ قَدَرْت عَلَى كَذَا وَكَذَا " . إذَا قَوِيت عَلَيْهِ " أَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَقْدُرُ عَلَيْهِ قُدْرَة وَقِدْرَانًا وَمَقْدِرَة " . وَبَنُو مُرَّة مِنْ غَطَفَانَ تَقُول : " قَدِرْت عَلَيْهِ " بِكَسْرِ الدَّال . فَأَمَّا مِنْ التَّقْدِير مِنْ قَوْل الْقَائِل : " قَدَرْت الشَّيْء " فَإِنَّهُ يُقَال مِنْهُ : " قَدَرْته أَقْدِرُهُ قَدْرًا وَقَدَرًا " .
اي انه اعاد قدير على الحكم المبدل بانه خيرلهم من الاول .
فلو كانت الاية تتحدث عن الايات الواضحات الدالة على صدق الانبياء فلا وجه لاعتراض احد عليها . لان المشركين انما طلبوا في هذا الموضوع مثل معجزة موسى عليه السلام "فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ" والايات التي اعطاها الله للانبياء تختلف اجمالا فليست ايات موسى عليه السلام كآيات عيسى عليه السلام .
القصد ان ذلك لا يتناسب مع النسخ .
ثم قال: "والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق إلى آخره أن (الآية) هنا هي ما يؤيد الله تعالى به الأنبياء من الدلائل على نبوتهم، أي: (ما ننسخ من آية) نقيمها دليلاً على نبوة نبي من الأنبياء، أي نزيلها ونترك تأييد نبي آخر بها، أو ننسها الناس لطول العهد بمن جاء بها، فإننا بما لنا من القدرة الكاملة، والتصرف في الملك نأتي بخير منها في قوة الإقناع وإثبات النبوة، أو مثلها في ذلك، ومن كان هذا شأنه في قدرته وسعة ملكه فلا يتقيد بآية مخصوصة يمنحها جميع أنبيائه،
فاذا كان الشيخ رحمه الله اقر بان ايآت الانبياء مختلفة والمشركون انما طلبوا ما أخبر الله عنه اصلا ورد لله اعتراضهم بقوله "أولم يكفروا بما اوتي موسى من قبل " فلا يكون النسخ للايات لان الايات التي اعطاها الله للانبياء انما هي حجة على من شاهدها او اقيمت له بينة بحصولها ولا تعتبر حجة على من لم يشاهدها .
اضف الى ذلك ان موسى عليه السلام ارسله الله عز وجل الى موسى عليه السلام في تسع ايات بينات" وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مسحورا "
فكانت اول ايياته العصى وقد بين تعالى ان هذه الاية لم تزلها الايات الاخرى .
وعيسى عليه السلام يحي الموتى باذن الله ويصنع من الطين كهيئة الطير ويخبرهم بما أخفوا في بيوتهم وما ادخروه . فلم تكن احدها ناسخة للاخرى
ومحمد صلى الله عليه وسلم كانت اول اياته هي القران ولم ينسخ الاسراء ولا شق القمر ذلك .
والحق الذي لا مرية فيه ان الادلة الدالة على صدق النبي لا ينسخ شيء منها بل بعضها يصدق بعض .
خلاصة الكلام ان الكلام عن ازلة اية عن صدق النبي هو امر لا يقال بهذه الطريقة لان الدليل الصادق لا يزال . لانه لا يتعلق لابتصديقالناس له ولا بذكرهم له او نسيانه وانما ادلة الانبياء على صدقهم هي براهين يصدق بعضها بعض فلا محل للنسخ فيها .
اما القدرة فلها علاقة بالاحام الافضل او المساوية لها .
فخير منها كنسخ احكام المعاملات وبعض العبادات او مثلها مثل اغلب الاحكام التعبدية التي اساسها طاعة الله تعالى هذا فيما ينسخ منها.
والاحكام الافضل تحتاج الى قدرة على تشريعها بان تكون افضل بما يناسب الناس فارتبطت قدير بقوله" نأت بخير منها او مثلها" فالفظ في مكانه الصحيح .
والله تعالى اعلم .
 
باحثة قال:
هذا كلام الله، هل يبقى الأمر فيه مموهاً إلى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن لا نعلم هل بقيت تلاوة هذا النص حكماً أم أن التلاوة باقية؟
وهل قولها: "وهن مما يقرأ من القرآن" يتفق مع هذه التأويلات؟؟

...............
..............
طبعاً ليس ردّ الأحاديث الصحيحة التي في الصحيحين أمراً سهلاً ولا هو مما يجوز للعامة أن يتجرأوا عليه، ولكن العلماء من يقوم بهذا الأمر، وقد ردوا بضعة أحاديث في صحيح مسلم، وهم أئمة كبار، وهذا أمر مشهور.

...................
............... . .

قلت : فكانت العشر منسوخة الرسم والحكم *
إذن أنت أثبت قرآنية هذا النص، مع عدم ثبات تواتره!!!

----------------------------------------------------------

ما جاء في السطر قبل الأخير - أعلاه - ليس كلامي ، و إنما هو كلام الإمام الخطيب البغدادي في كتابه " الفقيه و المتفقه " ، الذي نقلت عنه كلامه هذا في مشاركتي ، و قوله هذا صحيح - أي : فكانت العشر منسوخة الرسم والحكم * - و قال به أئمة الأمة ،

- و أما تأويل قول عائشة رضي الله عنها : " و هن فيما يقرأ من القرآن " :

( قال ابن الجوزى في مقدمة كتابه نواسخ القرآن: ( تأولوا قولها: وهي مما يقرأ من القرآن، أن الإشارة إلى قوله : (وأخواتكم من الرضاعة) وقالوا: لو كان يقرأ بعد وفاة رسول الله (ص) لنقل إلينا نقل المصحف، ولو كان بقي من القرآن شئ لم ينقل لجاز أن يكون ما لم ينقل ناسخاً لما نقل، فذلك محال! ) .

( و قال السيوطي في كتابه " الإتقان في علوم القرآن " :


‏ النسخ في القرآن على ثلاثة أضرب‏.‏
أحدها‏:‏ ما نسخ تلاوته وحكمه معًا‏.‏
قالت عائشة‏:‏ كان فيما أنزل عشر مرضعات معلومات فنسخن بخمس معلومات‏.‏
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ في القرآن‏.‏
وقد تكلموا في قولها‏:‏ وهن مما يقرأ من القرآن فإن ظاهره بقاء التلاوة وليس كذلك‏.‏
وأجيب بأن المراد قارب الوفاة أوأن التلاوة نسخت أيضًا ولم يبلغ ذلك كل الناس إلا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي وبعض الناس يقرؤها‏.‏
وقال أبوموسى الأشعري‏:‏ نزلت ثم رفعت‏.‏
وقال مكي‏:‏ هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضًا غير متلو ولا أعلم له نظيرًا ) ‏.‏ انتهى

*****************

تنبيه :

لا يجوز رد الأحاديث الصحاح - التي تلقتها الأمة بالقبول - بما يتوهمه المرء من أوهام ، و بخاصة إذا كان العلماء المتقدمون الأثبات قد تولوا بيان مشكلها و تأويلها ،

فليتهم المرء فهمه و لا يرد الأحاديث الصحاح التي حكم الأئمة النقاد بصحتها ،
قال الإمام عمر بن عبد البر في " التمهيد " ج17 ص 215
حديث سابع لعبدالله بن أبي بكر مالك عن عبدالله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أنها قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مما يقرأ من القرآن . هذا أصح إسناد لهذا الحديث عن عائشة ) .
 
فإلى التطبيق..!!

فإلى التطبيق..!!

بسم الله الرحمن الرحيم..
أشكر الدكتور أبو بكر خليل على تلك الروابط المفيدة وأحب أن أؤكد للأخ الفاضل مجدي أبو عيشة أننا فعلا في صلب الموضوع وأحببت أن نتكلم عن الناسخ والمنسوخ في القرآن فطرحت التساؤل بتلك الطريقة حتى لا يتعرض السؤال لردة فعل شديدة لحساسيته كما حصل في مشاركة الأخ سيف الدين حول نفس الموضوع ،وبالمناسبة أرجو من الأخ سيف الدين أن ينضم إلينا حتى نتفادى التكرارولا نرهق أختنا الفاضلة "باحثة" للقتال على ثغرين من ثغور هذا الملتقى,..فلله ذرها فلقد فهمت بذكاء ما بين سطور ذلك التساؤل ودخلت في صلب الموضوع ،وما أكثرالتساؤلات التي تؤرقني فسأطرحها تباعا ،فلتتسع صدور أساتذتنا الإجلاء لها فإن طرحت من قبل فليوجهونا إليها عبر الروابط وأخص بالذكر
الأ ستاذ "الكشاف" المختص في هذه التوجيهات جزاه الله خيرا..
أختي الفاضلة "باحثة" فليسامحني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك الأحرى "اللعينة" فلقد أسأت التعبير بأبي وأمي هو... فداه نفسي...
أختي الفاضلة "باحثة" كل كلمة تكتب في هذا الملتقى نستفيد منها أيما استفادة حتى لو كتبت خطأ وخير دليل على ذلك تلك "الأحرى اللعينة"...!
فلنرجع إلى موضوعنا : سندع الرد والرد عليه بالتعاريف والتعليلات إلى حقل التطبيقات و أرجو من الأساتذة الكرام أن يقرأوا ويدققوا جيدا ما سأكتبه نقلا عن المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي ويردوا بالحجة والبرهان المقنعين.. فهذه الجولة من النقاش ستكون نقطة تحول في قناعاتي ..فسأبدأ بإذن الله بالآية الأولى التي ذكرت الأخت الفاضلة "باحثة" أعلاه..
فلقد قال جزاه الله خيرا بخصوص هذه الآية..:
ولنقف عند الآية الكريمة التالية التي زعموا بأنها منسوخة..
"كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)"
قالوا إن هذه الآية تشمل الأمر بالوصية للوالدين والأقربين ،قبل نزول آيات المواريث في القرآن الكريم ،فنُسخت هذه الآية الآية بآيات المواريث ..وقالوا أيضا نُسخت هذه الآية بالحديث الشريف [إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث] (سنن الترمذي)
فالآية حسب قولهم تقرر الحكم بها برهة من الدهر ونُسخ حكمها سواء لمن يرث ولمن لا يرث،فالآية كلها منسوخة وبقيت الوصية ندبا..
وقال بعضهم نُسخت الوصية للوالدين بالفرض في سورة النساء، وثبتت للأقربين الذين لايرثون ،فهي -على قولهم هذا - منسوخة فيمن يرث ثابتة فيمن لا يرث..
وقال بعضهم إن الآية محكمة (ليست منسوخة) ظاهرها العموم ،ومعناها الخصوص في الوالدين اللذين لايرثان (في حالة الكفر والقتل..)،فالآية الكريمة -بناء على ذلك-هي تخصيص للوالدين والأقربين في حال عدم إرثهم.
وقال بعضهم لا منافاة بين هذه الآية وآية المواريث ،ومعناها كُتب عليكم تنفيذ ما أوصى الله تعالى به من توريث الوالدينوالأقربين ،بحيث لا يُنقص من حصصهم شيئَ .
وقال بعضهم إن الواجب ألا يقال إنها منسوخة ،لأن حكمها ليس بناف حكم ما فرض الله من الفرائض.. فوجب أن يكون حكم "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ" كحكم "ُ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)"
فالآراء التي قيلت في تفسير هذه الآية الكريمة مثيرة، لكنها جميعها تدور حول المعاني التي رأيناها...ولنحاول دراسة هذه الآية الكريمة حسب منهج الكلية في البحث القرآني "آمنا به كل " لنرى حقيقة ما تحمله هذه الآية الكريمة -المزعوم نسخها -من معان وأحكام .
إن ورود التكليف الإلهي بصيغة المبني للمجهول {كتب عليكم} يعني أن الكتابة أمر مشترك بين المكلِف والمكلَف، فهذا التكليف أمر مشترك بين الله تعالى والمؤمنين ، الله يأمرهم وهم ينفذون..وهذه الآية خطاب من الله تعالى لجميع المؤمنين في كل زمان ومكان ،ولاتخص جيلا دون آخر ، وإن قولهم بأن حكم هذه الآية هو لبرهة من الزمن فهو قول مردود ،
فكلمات تتعلق بصفات الله تعالى وتنتمي لعالم الأمر الذي وفوق الزمان والمكان ،لا تحمل أحكاما خاضعة لقوانين الزمان والمكان ..
ولو كانت الآية الكريمة هي خطاب لمن يحضره الموت بأن يُوصي وصية لكانت واجبة ..ولكن ذلك يُنافي ما تحمله الآية من عدة وجوه:
* لو كانت خاصة بالإرث لبين الله تعالى المقدار الواجب في هذه الوصية التي زعموا نسخها .
* لو كانت الوصية منسوخة بالنسبة لمن يرث-كما ذهب إلى ذلك مقروا الناسخ والمنسوخ-لوجب استثناء من يرث من الوصية الواردة في باقي الآيات الكريمة ،التي تصور لنا الأخذ بوصية الميت قبل توزيع الإرث على الورثة .. وهذا الاستثناء لا نراه في كتاب الله تعالى.
"ٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ (11)"
"ٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ (12)"
" فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ(12) "
" فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ (12)"

فكما نرى لا يوجد اسثناء في الوصية .
*لو كانت الوصية خاصة بالإرث ،والخطاب موجه لمن يحضره الموت حصرا ،لاقتضى
ذلك عدم سقوط حق الوالدين واللأقربين ،حتى ولو لم يوص الموصي بذلك،كالدين يأخذه صاحبه سواء أوصى الميت بذلك أو لم يوص... ولكن ما نراه في هذه الآية الكريمة أن الوصية ندب ..وأن الله تعالى اختص بها المتقين وحعلها حقا عليهم "[بالمعروف حقا على المتقين]
[/color"]*لو كان الخطاب [كتب عليكم] موجها لمن يحضره الموت دون غيره -كما قالوا- لاختلفت هذه الآية الكريمة مع سياق المعنى والخطاب في الآيتين التاليتين لهذه الآية،فهاتان الآيتان تحملان أحكاما تخاطب الشاهدين على قول الموصي وولاة الأمورومن تنفيذ قول الموصي..فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (182)"
*لو كاتة الآية -المزعوم نسخها- تخاطب كل من يحضره الموت ،لأتت على الشكل التالي
{كُتب عليكم إذا حضركم الموت إن تركتم خيرا...} ولو كانت لا تخاطب منفذي الوصية
والشاهدين عليها وأولياء الأمور ،لأتت على هذا الشكل {كُتب على أحدكم إذا حضره الموت...}..ولكن ما نراه أن الآية الكريمة التي تخاطب المؤمنين من شهود وأولياء وحكام مكلفين بتنفيذ الوصية التي يوصيها نت يحضره الموت
..
"كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا.."
والآية الكريمة التالية تصور هذه الحقيقة من جانب آخر .
"يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ (106)
إذا ..العبارة القرآنية [كُتب عليكم] هي خطاب تكليفي من الله تعالى للمؤمنين المحيطين
بمن يحذره الموت من شهود وولاة أمور وحكام ..وما كُتب عليهم -ما يُكلب منهم - هو سماع ما يوصي به من يحضره الموت، والشهادة به عند الحاجة، والحكم به كما أمر الله
تعالى.. أما الوصية فترتبط بمن يحضره الموت ،ولا ترتبط بالمحيطين به الذين يخاطبهم الله تعالى بالعبارة القرآنية [كُتب عليكم]
وما يؤكد ذلك هو تذكير الفعل [كُتب]،في حين أن الوصية ترد في القرآن الكريم مؤنثة
"ُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ(11)" ..فما كُتب على المؤمنين ليس الوصية المؤنثة
إنما سماع قول ووصية من يحضره الموت ، والحكم بها ،وإدلاء الشهادة بها حين الحاجة
ولو كان نائب الفاعل للفعل (كُتب) هو الوصية -حسب ما ذهب إليه معظمهم- لأنث الفعل
كُتب (كُتبت عليكم....الوصية).

وحجة من قال إن كلمة الوصية في الآية الكريمة هي نائب الفاعل للفعل كُتب ، أن مخالفة الفعل لنائب الفاعل -بالنسبة لمسألة التذكير والتأنيت-ناتجة عن الفصل بين الفعل ونائب الفاعل..وهذه الحجة مردودة لسببين:
1-إن نائب الفاعل للفعل كُتب يرتبط -كما رأينا - بالمحيطين بمن يحضره الموت ،ولا يرتبط بمن يحضره الموت ..في حين أن الوصية ترتبط بمن يحضره الموت ،ولا ترتبط بالمحيكين به.
2-صحيح أنه يجوز -بالنسبة للتذكير والتأنيث - مخالفة الفعل للفاعل إذا تم الفصل بينهما ،
ولكن في هذه الآية -المزعوم نسخها-لا بد أن يكون نائب الفاعل للفعل كُتب مذكرا ، ودليل ذلك هو الآية الكريمة التي تليها مباشرة.."فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)" فالضمير المتصل (الهاء) في الكلمات،ل[بدله]، [سمعه]،
[إثمه]،[يبدلونه] يعود إلىنائب الفاعل للفعل (كُتب) في الآية -المزعوم تسخها- وهذه-كما نرى- يدل على التذكير ولا يدل على التأنيث..فلابد أن يكون نائب الفاعل للفعل (كُتب) في الآية الكريمة مذكرا، وبالتالي فإن كلمة الوصية ليست هي نائب الفاعل .
فنائب الفاعل للفعل كُتب هو كلمة عليكم المتعلقة بسماع القول والحكم ..وهكذا يكون تقدير الكلام :كُتب عليكم سماع قول أحدكم ،والحكم به، وإدلاء الشهادة به حين الحاجة،إذا حضره
الموت إن ترك خيرا..
وبذلك تكون كلمة الوصية في الآية الكريمة مبتدأ،وخبره متعلق بالوالدين،وبالتالي يكون معنى
الصورة القرآنية "الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ " عو أن الوصية
لمن يحضره الموت ،هي بالمعروف تحق حقا للوالدين والأقربين.
وإن ما ذهبوا إليه من أن المكتوب هو الوصية ،وإن الخطاب موجه لمن يحضره الموت ،أدى إلى توهمهم بوجود تناقض بين هذه الآية الكريمة وآيات المواريث والحديث الشريف
(لا وصية لوارث)..إن الإسلام لا يمنع الوصية مادامت دون الثلث(صحيح البخاري)
وكما رأينا أنه في توزيع الإرث يقول الله تعالى " مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ "
..فالوصية موجودة ولا نرى استثناء في ذلك ،وهذا لا يعني مخالفة ما يأمر الله تعالى به
بالنسبة لتوزيع الإرث..
وهكذا نرى الآية الكريمة -المزعوم نسخها- تصور لنا مسألة الوصية التي يدلي بها من يحضره الموت ،وأنه مطلوب من المؤمنين سماعها والحكم بها ،وأن تكون هذه الوصية بالمعروف وألاتحمل إثما ،وبحيث لا يحصل مخالفة لحصص المواريث التي يحددها الله
تعالى في كتابه الكريم،وهذا بينه الحديث الشريف (إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه)
فهذه الآية متكاملة متعاضدة مع آيات المواريث ،ومع الحديث الشريف ،في تصوير أحكام
مسائل الوصية والإرث، ولايوجد-أي تعارض بينها وبين آيات المواريث أو الحديث الشريف

كما توهم مقروا الناسخ والمنسوخ..
انتهى كلام المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي..
رجائي كما قال الأستاذ "الكشاف" لن يتصدى للرد إلامن يكون على بينة مما يقول..!حتى
لا تضيع منا الخيوط ونتوه في متاهات الأقوال..!!وسنتناول الآيات الآخرى إن شاء الله..

[line]


اللهم فهمنا ما لم نفهم
 
بسم الله الرحمن الرحيم..
بمن يحذره الموت من شهود وولاة أمور وحكام ..وما كُتب عليهم -ما يُكلب منهم - هو سماع ما يوصي به من يحضره الموت، والشهادة به عند الحاجة، والحكم به كما أمر الله
وجب تصحيح الكلمات:
يحذره ب يحضره و-مايُكلب منهم- ب -مايُطلب منهم-
 
تحرير موضع النزاع أولا ، ثم تحقيقه ثانيا ، و تقرير الأصول قبل التطرق للفروع

تحرير موضع النزاع أولا ، ثم تحقيقه ثانيا ، و تقرير الأصول قبل التطرق للفروع

اقتباس :

فاروق قال:
أشكر الدكتور أبو بكر خليل على تلك الروابط المفيدة وأحب أن أؤكد للأخ الفاضل مجدي أبو عيشة أننا فعلا في صلب الموضوع وأحببت أن نتكلم عن الناسخ والمنسوخ في القرآن فطرحت التساؤل بتلك الطريقة حتى لا يتعرض السؤال لردة فعل شديدة لحساسيته كما حصل في مشاركة الأخ سيف الدين حول نفس الموضوع ،وبالمناسبة أرجو من الأخ سيف الدين أن ينضم إلينا حتى نتفادى التكرارولا نرهق أختنا الفاضلة "باحثة" للقتال على ثغرين من ثغور هذا الملتقى,..فلله ذرها فلقد فهمت بذكاء ما بين سطور ذلك التساؤل ودخلت في صلب الموضوع ،وما أكثرالتساؤلات التي تؤرقني فسأطرحها تباعا ،فلتتسع صدور أساتذتنا الإجلاء لها فإن طرحت من قبل فليوجهونا إليها عبر الروابط
..........................
..........................

ولنقف عند الآية الكريمة التالية التي زعموا بأنها منسوخة..
"كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (180)"

.....................

......................

فالآراء التي قيلت في تفسير هذه الآية الكريمة مثيرة، لكنها جميعها تدور حول المعاني التي رأيناها...ولنحاول دراسة هذه الآية الكريمة حسب منهج الكلية في البحث القرآني "آمنا به كل " لنرى حقيقة ما تحمله هذه الآية الكريمة -المزعوم نسخها -من معان وأحكام .
...................................
...................................
كما توهم مقروا الناسخ والمنسوخ..
انتهى كلام المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي..
رجائي كما قال الأستاذ "الكشاف" لن يتصدى للرد إلامن يكون على بينة مما يقول..!حتى
لا تضيع منا الخيوط ونتوه في متاهات الأقوال..!!وسنتناول الآيات الآخرى إن شاء الله..
انتهى الاقتباس .
==================================

أخي العزيز
- حبذا لو تم التركيز على الأمور الكلية - في القضية - قبل الجزئية ، فإذا تقرر الأصل أمكن الانتقال إلى الفرع ،
أقول هذا لكيلا نغرق في التفاصيل ، و تتشعب المواضيع ، و يتوه الغرض المقصود ،

فينبغي تحرير موضع النزاع و تحديده بوضوح أولا ، ثم يأتي تحقيقه و بيان وجه الحق فيه بعد ذلك ،

و بذلك تستقيم المناظرة و تثمر المناقشة إن صح القصد و خلصت النية
 
أخي الحبيب الفاروق مسألت الناسخ والمنسوخ لا ترتبط فقط بذكر الادلة ودفعها وانما هي مسألة اصولية .
اما ما يترتب على هذه المسألة فهو سبب الخلاف وتوجيه التفاسير الى النسخ او عدمه .
وكثيرا ما يكون الخلاف بالالفاظ ولكنه في المحصلة لا يؤثربالاحكام التي لا يكون النسخ الا فيها .
اي ان الخلاف لفظي في كثير من الحالات . فاستثناء جزء من كل هو نوع من النسخ عند التحقيق والتخفيف ليس الا نسخا لحكم .
لان المفسر انما يقول بالنسخ ان توفرت شروط عديدة في الاية كلها يترتب على تفسير الاية . ومع ذلك لا يقال بالنسخ الا وفقا للاصول التي يقبل فيها النسخ .
فالنسخ لا يقبل بالاخبار ولا التوحيد وانما محله الاحكام فقط فاذا حدث تعارض بين فهم الايات هنا تكون العلة بالفهم ولا أحد يقول بالنسخ .
والسباق لا ينسخ اللاحق . والناسخ يعمل به ام المنسوخ فيكون عمل به ثم ترك العمل به .
بالطبع النسخ للاحكام أكثر بكثير من النسخ للايات لان الاحكام من كتاب الله وسنة نبيه . والاية التي وضعتها موضعا للسؤال فيها ضوابط النسخ وبها قال أكثر اهل التفسير . فالمسألة تتوقف على امور ليست سهلة . لان كلا منها يحمل شقين اصعب من بعضهما البعض . لان النظر في المسائل الاصولية لا يتم الا بعد فهم الشرع ومقاصده فالاصول تؤصل على فهم الشرع . ولا يطوع الشرع للاصول .
فان كنت تقول ان من قال بالنسخ توهم بالتعارض . فهو يقول لك انك تفهم الاية وفقا لاصل انت وضعته بمنع النسخ .
واعذرني من مداخلتي الاولى فما فهمت قصدك الا بما سألت , وانا واثق من ان اي موضوع يكتب بشكل جيد ومقبول في شروط الملتقى ان يلاقي احترام الجميع .
 
الاخ الدكتور ابو بكر خليل ..
اذا كانت الايات الناسخة والمنسوخة محدودة (البعض يقول انها لا تتجاوز ال7 ايات), فلا بأس من مناقشتها للوقوف على وجه النسخ فيها .. وأسأل الله الهداية ...
 
[align=justify]الأخ فاروق،
أنا أتفق مع الدكتور أبو بكر خليل، فيجب أن ننتهي من الأمور الكلية حتى ننتقل إلى ما بعدها.

لم تبين لنا رأيك بما تم مناقشته، فلم نعرف ما هو رأيك، هل ما زال عندك تساؤلات، هل اقتنعت بشيء مما قيل.
إلا إذا أردت من الانتقال إلى التطبيق أن نفهم ضمناً أنك اقتنعت وانتهيت من المرحلة الأولى.
أرجو ان تحدد موقفك.[/align]
 
بصراحة

بصراحة

أرجو من الإخوة: فاروق، وسيف الدين الإجابة على هذا السؤال وبصراحة، فهذا منبر حر، ليس لأحد على أحد سلطة، فكلٌّ يبين رأيه مدعِّماً إياه بالحجة، وبالنهاية كلٌّ له شرعة ومنهاج.

السؤال: هل تميلون إلى نفي النسخ؟ أو هل تنفونه فعلاً؟

شعرت هذا من مشاركاتكم، فكان أمراً مشتركاً بينكما، ولكني لم أرغب بالتصريح به لعدم تأكدي منه، أمَا وقد انتقل الأخ فاروق إلى مرحلة تالية تترتب على أسئلته السابقة، وسيشاركه فيها الأخ سيف، فستكون الإجابة على هذا السؤال ضرورية، حتى لا نكون كمن (ينفخ في قربة مقطوعة).

وبهذه المناسبة أتوجه بسؤال لأهل الاختصاص ....
[align=center]ا
ا
ا
ا[/align]

[align=center]v[/align]



ا
 
سؤال لأهل الاختصاص

سؤال لأهل الاختصاص

[align=center]هل الاعتقاد بالنسخ مما يجب أن يُعلم من الدين بالضرورة؟
هل هو من أصول الدين أم من فروعه؟
هل يترتب على إنكار النسخ قدح في دين المنكِر له؟


وأرجو ممن يريد الإجابة أن يدعّم رأيه بالأدلة، مع العلم أني مقتنعة به تماماً، ولكنه سؤال خطر لي.[/align]
 
للأسف نجد بعض المسلمين بل بعض المتخصصين في علوم الشريعة وأحياناً في القرآن الكريم خاصة ينفون النسخ أو بعضاً منه كما قرأت لبعض المعاصرين من المتخصصين نفي نسخ التلاوة بحجج واهية ، وكثير من الذين ينفون مثل ذلك يخوضون فيما لا يعلمون ويخلطون بين الثقافة والعلم ويظن أحدهم أنه بمجرد أن ينتمي للإسلام يحق له أن يناقش في كل جزئياته ، وهذا إن كان يصدق على الفكر والثقافة فلا يصدق بحالٍ على العلم الذي يحتاج إلى إتقان الأصول وإحكام المنهج ، ولقد كتبت بحثاً حول أحاديث نسخ التلاوة رواية ودراية ، تناولت فيه شبهات هؤلاء المعاصرين ، وقبل أن أنهي أتمنى من كل من أراد التدخل في المسائل العلمية الصرفة أن يكون متقناً لما سيشارك به لأن الذي يكتب إنما يعرض عقله على الآخرين فلينظر ماذا يعرض !.
 
أرحب بالأخ لطفي من أهل الحديث ليشارك معنا في المناقشة، فإثراء الموضوع بتنوع المتخصصين، ولكن أتمنى أن لا يجرِّح أحدُنا غيرَه في هذه المناقشة لا بالتصريح ولا بالتلميح، فكلٌّ له من العلماء حجة، ونفي بعض أنواع النسخ له حجج قوية، الأمر ليس فيه خلط بين الثقافة والعلم بحال، بل هو خاضع للحجج، وهذه الآراء لها مؤيدون ومعارضون منذ القدم والحديث فيها ليس بدعاً من القول، من له رأي فليعرضه دون تعريض بالآخرين، وأعدكم أنني سأغير رأيي بما يخصّ نسخ التلاوة الذي أقول بنفيه، متأسيةً بمن قال بهذا من العلماء، ولكن إن وجدت ما يستدعي التغيير.
علِّمنا ـ يا أخي لطفي ـ مما علمك الله، جزاك الله خيراً.
ودعائي لكل من يعلمني شيئاً مهما كان بسيطاً.

وما زلت بانتظار المتخصصين ليجيبوني على السؤال السابق، بما لديهم من أدلة.
وأقصد من السؤال:

حكم نفي أصل النسخ بكل صوره لا بعضها، فأنا موقنة بنسخ الحكم مع بقاء التلاوة فقط، ولا أنفي أصله.
 
بسم الله الرحمن الرحيم..
أرحب بالأستاذ الفاضل د.بن محمد الزغيروأطلب منه أن يرشدنا إلى بحثه الذي كتبه حول أحاديث نسخ التلاوة رواية ودراية ،والذي تناول فيه شبهات المعاصرين وله جزيل الشكر..
أختي الفاضلة.."باحثة" أشكرك على صبرك ونفسك الطويل وكذلك الأساتذة الكرام على تحمل أسئلتنا..طلبت تحديد موقفي بكل صراحة بقولك:
السؤال: هل تميلون إلى نفي النسخ؟ أو هل تنفونه فعلاً؟
سأتكلم عن نفسي -ولا أدري موقف أخي سيف الدين-
أختي الفاضلة"باحثة" ليس لي من العلم الشرعي الكافي لأجزم برأي في هذا الموضوع الذي أُقسم فعلا أنه يؤرقني وكذلك أسئلة أخرى سأطرحها إن اتسعت صدوركم لها !!إن شاء الله..
فلقد قرأت في هذا الموضوع للمؤيدين والمعارضين وأشكل الأمرعلي فعلا فهداني الله تعالى إلى هذا الموقع أثناء البحث في google فقلت ربما التفاعل مع أهل الاختصاص عبر الحوار والنقاش يبدد ظلمات تساؤلاتي..!!
فكما قلت في آخر مشاركتي، إذا كان الخلاف في هذا الموضوع على آيات معدودة كما حقق في ذلك
بعض العلماء مثلما وجدت في الروابط التي نصحني بها الدكتور أبو بكر خليل ،فلما لاتناقش هذه الآيات
بين المؤيدين والمعارضين..هذا ما قصدته بالتطبيق -ولقد انضم إلي الأخ سيف الدين-!! انطلاقا مما تعلمناه في المختبرات إخضاع النتائج للتجربة!! وقد أكون مخطأ في هذا الطرح !! لأنه لا مجال للمقارنة..
وسؤالك الأخير لأهل الاختصاص في محله..-في رأيي-
فإن شئت بعد أن أسمع ردك على ما نقلته عن المفكر الإسلامي عدنان الرفاعي ننتقل إلى الآيات الأخرى
محل الخلاف..
والحق أحق أن يتبع كما يقول الأستاذ"الكشاف"
 
حسناً سنناقش هذه الآية، لنبحث بعدها بقية الآيات، ولكن أمهلني بعض الوقت ليكون الكلام موثقاً من مصادره.

والحق أحق أن يتبع كما يقول الأستاذ "الكشاف"
فليكن اتباع الحق هدفنا جميعاً حتى نؤجر على هذا الحوار.
وأذكّر نفسي وأذكركم أنه لا حرج إنْ غيّر أحدُنا قناعته إنْ ظهر له ما كان خافياً عليه.
 
بسم الله الرحمن الرحيم..
أختي الفاضلة "باحثة" لا بأس في ذلك ،فالحكمة ضالة المؤمن والحق هو هدفنا ، ونعتذر إليك إن أخذنا من وقتك ،فهذه ضريبة العلم..
 
البحث مقدم للتحكيم والنشر ولذا لا يمكنني نشره هنا أو في أي مكان إلا بعد نشره في مجلة التحكيم بستة أشهر ، ولكن يمكنني أن أنشر ملخصاً له في هذا الملتقى المبارك إن شاء الله ، أما من حيث قولي إن هناك من يخلط بين الأمرين أي بين العلم من جهة والثقافة والفكر من جهة أخرى فهذا أمر واقع ، وعندما كتبت ما كتبت لم أضع في ذهني أياً من الذين تدخلوا في هذا النقاش ، ولكن كل قصدي أن يسلم غير المتخصص في فنٍ ما للمتخصص إذا ما بين رأي أهل هذا العلم في مسألة تخصص علمه ، ويمكن لشخصٍ ما أن يعترض إذا كان الأمر يحتمل الاعتراض ، فمثلاً نقل أحد الفضلاء في بحث له رأي العلامة الزبيدي ( وهو من المتخصصين في علم الحديث ) في الحكم على حديث ما بالتواتر ، فيأتي هذا الفاضل ويقول : (( ودون التواتر خرط القتاد)) ، ولم يبين لماذا ، وهذا أمر لا يُصنَّف في باب إبداء الرأي لأن الحكم بالتواتر استند إلى قواعد ومناهج يسير عليها أهل الحديث ، أما النقد فلم يستند إلى أي شيء ما .
وقد روى ابن سلام في طبقات الشعراء أن رجلاً جاء إلى خلف الأحمر ( وهو أحد نقاد الشعر ) فقال له : أذا استحسنت أنا بيتاً من الشعر فلا يهمني ما قلت أنت وأصحابك فيه ، فقال له خلف إذا أخذت درهماً إلى الصيرفي فأخبرك أنه زيوف فماذا ستستفيد منه ؟
على كل حال يحتاج هذا الأمر لأكثر من وقفة وأنا ملتزم بنشر ملخص عن البحث الذي ذكرت في أقرب وقت إن شاء الله تعالى ، وشكر الله للجميع .
 
الاخوة المشاركين, حفظكم الله تعالى

لا يوجد عندي حكما مسبقا في اي قضية اناقشها, وانما هي أسئلة ترد على الذهن رجوت ان اجد اجوبة شافية فيها في هذا المنتدى الكريم ..

ورغم اني لم اجد الى الان جوابا شافيا, الا اني خشيت من ان اكون مكرّرا, واتهمت فهمي فيما كنت اقول .. وعلى اي فاني لا امانع من مناقشة الايات الناسخة والمنسوخة .. لكني أرجو من المشاركين الاختصار, او تنقيط (كتابة نقاط مختصرة) افكارهم في نهاية اقوالهم حتى لا يتشتّت الذهن .. وأشكر الجميع على سعة صدورهم .. ولتسمح اختي الباحثة باضافة سؤال على اسئلتها التي توجهت بها لاهل الاختصاص: هل الايات الناسخة والمنسوخة توقيفية؟ وأسأل الله الهداية ..
 
كنت قد قررت أن لا أبحث فيما سبق من تساؤلات، ولكني كنت أقرأ اليوم بمقدمة تفسير (صفوة العرفان)، للشيخ محمد فريد وجدي، فعثرت على كلام له يتعلق بسؤال كان قد طرحه الإخوة من قبل، وهو تغير الأحكام الناتج عن النسخ، أسأل الله أن تتم به الفائدة.

(ملاحظة: أرجو أن لا يُفهم من نقلي لهذا النص اتهامي لأحد بأنه يتبنى هذه الشبهة التي سيتكلم عنها الشيخ، أو أنه يوصف بما سيصف به الشيخ القائلين بها).

بعد أن عرّف النسخ بأنه إبطال حكم الآية الأولى بالثانية، قال:

"وقد اتخذ أعداء القرآن هذا النسخ من المطاعن عليه، واستدلوا به على أنه كلام محمد لا كلام الله، قالوا: لو كان هذا القرآن كلام الله لكان ثابتاً لا تتغير أحكامه بتغير الأحوال، ونحن لردّ هذه الشبهة نقول:

أنزل الله الدين على الأمة العربية لتأخذ بآدابه نفوسَها وتروض بتعاليمه أفئدتَها، فتتقمص روحه وتستشعرها، فهو دين عملي حيوي، وليس في العالم فلسفة ولا مذهب يلين للإنسان في جميع أدواره، ويتنزل معه إلى سائر أطواره إلا هذا الدين.

وهذه أمامك الأديان القديمة المحرفة في جميع قارات العالم قد هجرها الناس، ووجدوا لأنفسهم عذراً مقبولاً في هجرها، وهذه المذاهب الإصلاحية في أوروبا كالاشتراك والفوضى وغيرهما، كلها متطرفة لا يمكن العمل بها إلا الإسلام، فلا يستطيع أحد أن يعتذر بعدم إمكان العمل به بحجة مناقضة أصوله لمبدأ الحياة أو لأحوال الزمان.

هذا الدين الإسلامي يراعي الإنسان في حالة ضعفه وقوته، وجهله وعلمه، وحربه وسلمه، وغناه وفقره، وكماله ونقصه، إلى آخر ما ينتابه من الأحوال البشرية المتناقضة التي تتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأمزجة، فهو الدين الطبيعي الذي تقتضيه الطبيعة البشرية، أو هو ـ بلسان الشرع ـ الدين الفطري الذي ينطبق على مطلوب الفطرة، ولما كان كل شيء يتغير في الإنسان وتنتابه الزيادة والنقصان جعل الله دينه الأخير صالحاً لأن يتتبع الإنسان في جميع أدواره لا أهوائه. ولو كان هو ديناً من ضمن الأديان المعروفة وكان في علم الخالق أن نبياً يظهر بعد محمد صلى الله عليه وسلم، لجاءت أصول القرآن مقيدة محدودة، ولزالت دولته بزوال رسوله، واستعد الناس لاستقبال وحي جديد.

ولكن شرع الله هذا الدين ليكون دين الإنسانية كلها في سائر أدوارها، فكيف يقرر الله فيه أصولاً مقيدة محدودة، وقد عرفتَ أن الإنسان لا يتقيد بقيد، ولا يدخل ضمن حد، وهو من تغير الحال وتلون المزاج على ما لا يجهله أبسط الناس علماً؟

مراعاة لهذه الحالة الطبيعية اقتضت حكمة الخالق جل وعز أن يراعي في تربية الأمة العربية حالها من جميع الوجوه، فقرر لها أولاً أحكاماً على قدر حاجتها، ثم نسخها بأحكام أخرى أليق بحالها الذي تحولت إليه وهو خالق تلك الأحوال ومسلطها على الإنسان.

على أن النسخ سنة من سنن العالم الطبيعي ظاهرة في الجمادات والنباتات والحيوانات والإنسان نفسه، فترى النواميس الطبيعية تقتضي أن يكون الهواء مثلاً ساكناً في هذه الساعة ثم يحدث ما يغيرها، فتنسخ هذه الحالة برياح تحدثها، وأمطار ترسلها، وصواعق تسقطها ..إلخ.

وهذه الحوادث من النسخ في العوالم الحية أظهر منها في عالم الجماد، ومما لا مشاحة فيه، ان الإنسان أشد جميع الكائنات تغيراً وتحولاً، ولكل حال حكم كما لا يخفى، أفلا تكون من حكمة الخالق جل شأنه أن يعدل له الأحكام على حسب قابليته في كل حال من احواله؟

هذا التبديل والنسخ يصح في جهة ما يتعلق به من أحواله الذاتية المتغيرة، أما الدين نفسه، فهو ثابت لا يتغير، ولا عذر للإنسان في استبدال غيره به، فإنه أبسط ما يتصور." أ.هـ.



أتمنى أن يكون في هذا إجابة ولو من وجه على ما تقدم من تساؤلات.
 
باحثة قال:
[align=center]هل الاعتقاد بالنسخ مما يجب أن يُعلم من الدين بالضرورة؟
هل هو من أصول الدين أم من فروعه؟
هل يترتب على إنكار النسخ قدح في دين المنكِر له؟


وأرجو ممن يريد الإجابة أن يدعّم رأيه بالأدلة، مع العلم أني مقتنعة به تماماً، ولكنه سؤال خطر لي.[/align]
انما يقال الاصل لما يجمع الفروع ويرجع اليه عند الخلاف . فلا اقصد انه معلوم من الدين بالضرورة . اذ لو كان من المعلوم بالدين بالضرورة لقدح في اسلام منكره .
ولكن عند الكلام عن النسخ فلا يمكن فهم النسخ الا بمعرفة معنى النسخ وحكمه ثم يقال يطبق . لان التطبيق سيكون على امر مخصوص وهو النسخ .
نفي النسخ كليا لا يقول به مسلم وانما ينفى النسخ الاصطلاحي لان من ينفي النسخ الاصطلاحي انما يعتبر ان معنى النسخ هنا ليس ما قصد بالاصطلاح .
فمرد النسخ باللغة . الى بابين :
الاول هو النقل كما هو . ومنه نسخ الكتب من اصلها .
فعلى هذا المعنى القران كله منسوخ من اللوح المحفوظ , فعلم ان المعنى هنا غير مراد .
والنسخ له معنى الازلة . ويخص هنا بالحكم بالاية وهو الذي اجمع عليه السلف فلا ينقل عنهم خلاف فيه . وانما انكره كليا بعض من اثرت فيه شبه الملاحدة واهل الكتاب .
واساس شبههم هو في اصل النسخ لا في تفسير وفهم الايات : لانهم لم يخلوا كلامهم من ربط النسخ بالبداء , ولا يقول احد من السلف بالبداء , وانما قالت به الرافضة , ونفى بعض المسلمين النسخ بربطهم اياه بالبداء .
الذي ارجوه من طارح الموضوع ان يضع لنا بوضوح ما يريد . فان كان يرى ان لا جواز للنسخ . فيضع علة ذلك , وليبين معنى النسخ الوارد في القران , وبعد ذلك يحصل على ما يريد من اجابة باذن الله تعالى .
لان نفاة النسخ على ضروب مختلفة , واستغرب لماذا لا تضع المشكلة التي واجهتها بوضوح ؟
 
لقد ورد عن بعض الناظرين من المسلمين نفي النسخ ـ بمعناه الاصطلاحي ـ وحاولوا إثبات عدم وجود ناسخ ومنسوخ، وتأولوا الآيات الدالّة عليه صراحة؛ لأجل إثبات رأيهم، وهذا تطرف وتعسف في فهم الآيات، كما يقول الشيخ محمد فريد وجدي في مقدمته، وليس شرطاً أن يكون نفيهم للنسخ من باب قولهم بالبداء، فهناك أسباب عدة قد تؤدي إلى القول بهذا.​

لي مطلبان عند الأخ مجدي:
الأول: أن يقرأ الموضوع من أوله، ويقرأ كل الموضوعات المتعلقة بالنسخ في الملتقى، حتى لا يعيدنا إلى الوراء.
الثاني: أن يصوغ عباراته بشكل أوضح، لأني ـ بصراحة ـ قرأت له أكثر من مشاركة، ومن الصعب الوقوف على ما يريد بالضبط، ففي صياغته إشكال، وفي ترتيب أفكاره اضطراب، وليسامحني على هذا.
 
أعتذر

أعتذر

الأخ مجدي،
بالله عليك أن تسامحني.
أنا لا أتعمّد مضايقة أحد في هذا الملتقى أو الإساءة إليه، ولكن من طبعي الصراحة، وما يخطر على بالي أقوله مباشرة، ويبدو أنها صفة بحاجة إلى تحسين.

آسفة
 
دعوة إلى تحديد السؤال ، و تحرير الخلاف . فالحكم على الشيء فرع عن تصوره

دعوة إلى تحديد السؤال ، و تحرير الخلاف . فالحكم على الشيء فرع عن تصوره

الأخ فاروق و الأخ سيف الدين

مما تعلمناه أول طلبنا التعليم ، و لا شك أنكما تعلمانه أن :
الخط المستقيم هو أقرب مسافة و أقصر الطرق بين نقطتين .
و هو قول يصدق في كل شيء ، مثل ما هو صادق في " الهندسة و الرياضيات " ،


فالوضوح و الإفصاح خير للسائل و المجيب ،

* * *
قاعدة عقلية منطقية :

( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) .
 
سؤال واضح..

سؤال واضح..

بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم يا دكتور أبو بكرخليل..
فالوضوح و الإفصاح خير للسائل و المجيب ،
سؤالي بصيغة أخرى إذا كانت في القرآن آيات منسوخة كما يقال ومحل خلاف فلتناقش بين
مؤيد ومعارض؟

نأتي بأقوال المعارضين للنسخ وأنتم تفنذوا ما جاء فيها..بكل الأدلة الشرعية والعقلية لأننا لانملك الاختصاص العلمي لذلك وهكذا تتوضح الصورة لنا بجلاء..
ولقد بدأنا بأول آية مع الأخت "باحثة" وننتظر الرد منكم على أقوالهم..ولا نبتغي من خلال
ذلك إلا وجه الله وبالتالي الحق..فإن لم نبحث عن الإجابة في هذا الملتقى عبر التفاعل
فأين سنبحث عنها ..خصوصا أن الكتب لم تحسمها.. -بالنسبة لنا-فهل نبقى تائهين..!!
أظن أن المسألة واضحة ..فما رأيكم؟؟

[line]
اللهم فهمنا ما لم نفهم

ماجستير بيولوجيا الجزئية
باريس
 
الاخوة الكرام..

يبدو ان المشكلة هي الزمن ... الزمن الذي يراكم التجربة .. التجربة التي تحاول ان تصل الى الصفاء والكمال .. والى تحرير النفس من عبودية الذات التي يحاول المجتمع الجاهلي ان يشوهّها في كل حين وبتراكم زمني يبدأ منذ الولادة .. المجتمع ليس اعرافا وقوانين تسود تجمّعا بشريّا ضمن جغرافية المكان .. الزمن يضيف دائما الى المجتمع وافراده .. حتى وهم نائمون .. لا يترك احلامهم بحرية .. انه يلاحقها ويكبّلها ويحاول ان يقيّدها دوما ويردّها الى حظيرته... يراكم الزمن في الانسان تحت خديعة التكيّف الى ان لا يعود بمقدور هذا الانسان ان يلتقط انفاسه خارج مجتمعه .. هذا كلام ليس بهراء .. هذا كلام يمس جوهر الانسان وطبيعته ومنظومته .. يستطيع الانسان ان ينتقل من الايمان الى الكفر بلحظة, ولكنه لا يستطيع ان يهرب من تراكم الزمن الجاهلي في داخله.. لذا قالت سنته عليه الصلاة والسلام: "ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا" او كما قال عليه الصلاة والسلام .. أصحاب الكهف, الفتية الطيبون, حملوا ايمانهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا .. نأوا بأنفسهم عن تراكم الزمن في مجتمعهم.. وعندما استيقظوا حملوا ايمانهم خارج كهفهم .. لكن سنة الله ماضية فأروا للناس آية من آيات الله ثم عادوا الى كهفهم ليعودوا الى نوم ثقيل.. لم؟ لا استطيع القول .. انها قدرة الله عز وجل , لكنها لطيفة شعرت بها وهي ان الايمان خارج نطاق تراكم الزمن في المجتمع لا يستطيع ان يحيي المجتمع ..

نظرت في سنته عليه الصلاة والسلام , ونزلت في القرآن الذي أنزل عليه , ونظرت في النسخ, فرأيت النسخ قد طوى الزمان, وقابل النصوص خارج روح الانسان الذي راكمه مجتمعه, فلم يستطع الا الحكم بالتناقض .. واستدل باستدلالات عجيبة, فقال: الا اني كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها .. وبهذا ينسخ هذا الحديث ما سبق .. ولو قابلنا الزمان بالزمان, لما كان هناك من خصام,ٍ بل المودة والرحمة والاشفاق على هذا الانسان .. فالرسول نهى لعلة كان يراها في مجتمعه, فلما انتهت العلة ورأى تراكما اخر في مجتمعه أذن بزيارة القبور .. والحقيقة انه سنته تركت الامرين : النهي عن الزيارة واباحة الزيارة برسم تراكم الايمان في المجتمع, فاذا اتجه المجتمع الى تقديس القبور كان النهي حاضرا واذا اتجه المجتمع الى نفي التقديس عادت الامور الى اصالتها وهي الاباحة ..

لماذا نأخذ بالاحكام التشريعية ما انتهت اليه الشريعة ولا نأخذ تراكمها ومواكبتها لصيرورة الانسان في المجتمع؟ لماذا سنة الرسول هو ما تركه في آخر ايامه, وليست الروح التي ظللت رسالته على مدى ال23 سنة التي انزلت فيها الرسالة؟ لماذا نستبعد الزمن من قراءتنا للنصوص؟ هذا هو اصل لكثير من الاسئلة التي تدور في ذهني عند قراءتي لاصول الفقه ..
 
الأخ فاروق :
سؤالي بصيغة أخرى إذا كانت في القرآن آيات منسوخة كما يقال ومحل خلاف فلتناقش بين
مؤيد ومعارض؟
أخي الحبيب فارق كبير بين وجود الشيء وبين امثلته . لانك لو اردت نفي كل نسخ لما استطعت ذلك لكثرت ما ادعي عليه النسخ .
دائما يا أخي انما يفعل عكس ما طلبت . فمن يقول بالنسخ هو الذي يطرح ما يقول انه منسوخ . وانت يمكن ان ترد عليه .
ادعاء عدم النسخ هو ادعاء خالف اجماع السلف عليه من ناحية قال القرطبي رحمه الله:
أَنْكَرَتْ طَوَائِف مِنْ الْمُنْتَمِينَ لِلْإِسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِينَ جَوَازه , وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِإِجْمَاعِ السَّلَف السَّابِق عَلَى وُقُوعه فِي الشَّرِيعَة .
فلا نعلم أحد انكر النسخ من سلف اللامة بل ان المعتزلة والروافض يقولوا به ايضا . لان الايت في الموضوع لا ترد بفهم صحيح .
وانما كثرت اصوات الذين يدعون الى امر اخر الا وهو التخفيف والتدرج بالتشريع . وذلك تابع لشبهة البداء . وهي نفس شبهة المشركين . قال الله تعالى :
"وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"
قال ابن جرير يرحمه الله :
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَة مَكَان آيَة وَاَللَّه أَعْلَم بِمَا يُنَزِّل قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرهمْ لَا يَعْلَمُونَ } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَإِذَا نَسَخْنَا حُكْم آيَة فَأَبْدَلْنَا مَكَانه حُكْم أُخْرَى , { وَاَللَّه أَعْلَم بِمَا يُنَزِّل } يَقُول : وَاَللَّه أَعْلَم بِاَلَّذِي هُوَ أَصْلَح لِخَلْقِهِ فِيمَا يُبَدِّل وَيُغَيِّر مِنْ أَحْكَامه , { قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ } يَقُول : قَالَ الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ الْمُكَذِّبُو رَسُوله لِرَسُولِهِ : إِنَّمَا أَنْتَ يَا مُحَمَّد مُفْتَرٍ ; أَيْ مُكَذِّب تَخْرَص بِتَقَوُّلِ الْبَاطِل عَلَى اللَّه . يَقُول اللَّه تَعَالَى : بَلْ أَكْثَر هَؤُلَاءِ الْقَائِلِينَ لَك يَا مُحَمَّد إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ جُهَّال بِأَنَّ الَّذِي تَأْتِيهِمْ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه نَاسِخه وَمَنْسُوخه لَا يَعْلَمُونَ حَقِيقَة صِحَّته . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل قَوْله : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَة مَكَان آيَة } قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 16548 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى ; وَحَدَّثَنِي الْحَارِث , قَالَ : ثنا الْحَسَن , قَالَ : ثنا وَرْقَاء ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل ; وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْحَاق , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , عَنْ وَرْقَاء جَمِيعًا , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , فِي قَوْله : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَة مَكَان آيَة } رَفَعْنَاهَا فَأَنْزَلْنَا غَيْرهَا . * حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَة مَكَان آيَة } قَالَ : نَسَخْنَاهَا , بَدَّلْنَاهَا , رَفَعْنَاهَا , وَأَثْبَتْنَا غَيْرهَا . 16549 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَة مَكَان آيَة } هُوَ كَقَوْلِهِ : { مَا نَنْسَخ مِنْ آيَة أَوْ نُنْسِهَا } 2 106 16550 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : قَالَ اِبْن زَيْد , فِي قَوْله : { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَة مَكَان آيَة } قَالُوا : إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ , تَأْتِي بِشَيْءٍ وَتَنْقُضهُ , فَتَأْتِي بِغَيْرِهِ . قَالَ : وَهَذَا التَّبْدِيل نَاسِخ , وَلَا نُبَدِّل آيَة مَكَان آيَة إِلَّا بِنَسْخٍ .


هذه المشكلة الاساسية . لان البحث في ايات التفسير ايها منسوخة وايها غير منسوخة انما يكون مع من يقول بنسخ تلك الايات والامر مختلف عليه من حيث ايها المنسوخة , وتحديدها بعدد دون غيره انما هو اجتهاد .
الأخ سيف الدين بارك الله فيك .
أخي الكريم ما طرحته لا يعدوا كونه خاطرة في رأيك دون البحث في الاصل . لان ما ذكرته فيه عدة مخالفات شرعية وعقلية .
اما العقلية فهي في طريقة دراستك للنسخ : فانت تدرس النسخ على اساس كيف تود ان يكون او انك لا توده ان يكون . والنسخ سواء ادرست ذلك ام لا فهو اما فيه منسوخ او ليس فيه .فذلك يحتم عليك دراسة الفرضيات بنفيها او اثباتها . وهذا الاسلوب العلمي لبحث الموجود . فكونك استثنيت امكان النسخ .فانت اثبت شيء لا يثبت الا برد خلافه الذي هو النسخ .فهذا خلاف للبحث التجريدي الذي يستثني تراكمات الزمنان التي تزعمها
فانت طوعت الموجود الى فهمك ولم تدرس الموجود لتثبت صحة كلامك بل توقع حالة على النسخ لتنفيه .
فان كنت تزعم ان تراكم الزمان هو سبب القول بالنسخ كما تقول :ان ما يزعم به النسخ كان لوضع يمكن الرجوع اليه لاحقا .
لماذا نأخذ بالاحكام التشريعية ما انتهت اليه الشريعة ولا نأخذ تراكمها ومواكبتها لصيرورة الانسان في المجتمع؟
لان الله عز وجل اذا انزل حكما نسخ به ما كان قبله . ولم يحل لاحد ان يتدرج بالاحكام بعد ايمانه . وما احله الله لا ينبغي لاحد ان يحرمه وما حرمه الله فلا يبيحه احد تدريجا . فان زعم تدرج تحريم الخمر لا يجعل من اسلم حديثا يتدرج بأخذه الاحكام . لان تركه الخمر لا يفقده حياته فلا ضرورة في التدريج والمثال الذي وضعته عن القبور لا يلتفت اليه الا عند من يأخذ بسد الذرائع دون نفي النسخ . اما من لا يقول بسد الذرئع فلا يقو بشبيه ذلك .


اما المخالفات الشرعية فهي من بداية حديثك عن التجربة والخطأ . هل هذا يتناسب مع كون المشرع هو الله الحكيم العليم ؟
يبدو ان المشكلة هي الزمن ... الزمن الذي يراكم التجربة .. التجربة التي تحاول ان تصل الى الصفاء والكمال ..
بل تؤكد على ذلك وتقول :


نظرت في سنته عليه الصلاة والسلام , ونزلت في القرآن الذي أنزل عليه , ونظرت في النسخ, فرأيت النسخ قد طوى الزمان, وقابل النصوص خارج روح الانسان الذي راكمه مجتمعه, فلم يستطع الا الحكم بالتناقض .. واستدل باستدلالات عجيبة, فقال: الا اني كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها .. وبهذا ينسخ هذا الحديث ما سبق .. ولو قابلنا الزمان بالزمان, لما كان هناك من خصام,ٍ بل المودة والرحمة والاشفاق على هذا الانسان .. فالرسول نهى لعلة كان يراها في مجتمعه, فلما انتهت العلة ورأى تراكما اخر في مجتمعه أذن بزيارة القبور .. والحقيقة انه سنته تركت الامرين : النهي عن الزيارة واباحة الزيارة برسم تراكم الايمان في المجتمع, فاذا اتجه المجتمع الى تقديس القبور كان النهي حاضرا واذا اتجه المجتمع الى نفي التقديس عادت الامور الى اصالتها وهي الاباحة ..
.
وما هي حال من يؤمن بالنبي من من حولهم من الدينة اي حكم له ؟ وهل هذا حكم شرعي ام رأيك انت ؟
والا فاين تميز المشرع الحكيم بين الحالين ؟

أخي الكريم ركز في موضوع نسخ الايات فهو اخص واعمق من نسخ الاحكام .
 
الاخ مجدي ابو عيشة

اعتذر على التأخر في الرد على أسئلتك

ما ذكرته في مشاركتي الاخيرة لم يكن واضحا ربما ..

ومشاركتي هنا هي تكملة لموضوع اثرته في ركن آخر لكن طرح علي الاخ فاروق ان اكمل في هذا الركن فأجبت ..
أرجو من الاخ الكريم ان يقرأ ما يلي, وينصح لله وللرسول .. وأسأل الله الهداية

أقول: القرآن الكريم هو مجموعة سور وآيات انزلها الله على رسوله الكريم
فان قال قائل: بم يثبت القرآن؟
قلنا: يثبت بالنقل المتواتر اللفظي عن الرسول الكريم..
فان قيل: فان قال الله بأن هذه الاية او تلك قد رفع حكمها
قلنا: يلزم ان يكون ذلك بنقل متواتر لفظي صريح عن الرسول الكريم
فان قيل: فان ثبت الرفع بخبر الواحد
قلنا: خبر الواحد لا يرفع ما جاء متواترا
فان قيل: هناك لفظ صريح جاء في القرآن يقول بأن هذه الاية نسخت تلك؟
قلنا: ذلك غير موجود في القرآن الكريم
فان قيل: فماذا تقول في قوله تعالى: {الان خفف الله عنكم}؟
قلنا: التخفيف ليس تصريحا في النسخ ولم يحمله كل المفسرون هذا المحمل
فان قيل: فان تعارضت آيتين وليس هناك من حل الا النسخ؟
قلنا: 1- انك تنتقل من مناقشة الاصول الى مناقشة الفروع .. ولا تستقيم حجتك الا بعرض كل الايات الناسخة والمنسوخة
2- أنا أؤمن انه لا يوجد تعارض في القرآن الكريم والا فكيف يتحدى القرآن المشركين والكفار ان يأتوا بسورة من مثله
3- ان التعارض ذهني, ومعلوم ان الافهام تتفاوت, فما قد يبدو تعارض لشخص, هو ليس كذلك لآخر .. فلا حجة بالتعارض اذا
4- يلزم من قولك بالتعارض الدليل النقلي المتواتر الصريح على هذا التعارض من قبل الرسول حتى تستقيم حجتك فيقابل المتواتر اللفظي بالمتواتر اللفظي .. لأن القول في القرآن لا يقبل الا بالمتواتر اللفظي .. والا كيف يستقيم حكمنا على شيء انه متعارض؟

وأسأل الله الهداية..
 
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ

أقرّ وأعترف أن الأمر في نسخ هذه الآية شائك للغاية، فكلما استقر رأيي على قول لقوة أدلة القائلين به، ظهرت لي قوة في أدلة القائلين بالرأي المخالف، وكلما ظننت أني اقتربت من النهاية، فُتحت لي أبواب لم تكن بالحسبان، وكلا الفريقين ممن لا يُستخف به بين العلماء، وما قاله المهندس عدنان الرفاعي من نفي النسخ في هذه الآية، قال به علماء منذ القدم، ولكن بنوا أقوالهم على أسس سليمة، لا كما فعل، صحيح أنه وصل إلى النتيجة التي وصلوا إليها وهي نفي النسخ عن هذه الآية ولكنه خلط بين كثير من الأمور، ولم يعتمد القواعد التي يجب أن تُعتمد للخوض في مثل هذا الأمر.

لقد أرقتني هذه المسألة كما أرقت من قبلي....
icon11.gif

فهل من مغيث!!

ما يبدو لي الآن هو أن أعرض آراء كل فريق، فأنا على وشك الانتهاء من جمعها، ثم أعرض رد الطرف المخالف، وبعد ذلك أحاول الترجيح، طبعاً بتوجيهات الجميع ومشاركاتهم.
يعني نوع من التفكير بصوت عالٍ.
ولكن، هذا يحتاج إلى الوقت والجهد، فصبر جميل والله المستعان.
****************
أعطِ العلم كلك يعطك بعضه.
وأسأل الله لنا جميعاً الهداية للقول الحق في هذه المسألة.
****************
 
في انتظار الرد..

في انتظار الرد..

بسم الله الرحمن الرحيم..
الإخوة الأفاضل:"باحثة"،"مجدي أبو عيشة"،"د.أبوبكر خليل"،"سيف الدين"وآخرون..
أشكركم على هذا التفاعل الإيجابي برغم اختلاف الرؤى..وهذا من حسنات هذا الملتقى المبارك الذي نسأل الله أن يجازي القائمين عليه خير الجزاء..
"أخي سيف الدين" يبدو أننا في خندق واحد.. وإذا كنا "نتبنى" الطرح الآخر المعراض حتى تتضح الرؤيا بجلاء وتصفو الصورة فنغير رأينا عن اقتناع ،هذا يعني استشعار عظمة هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ،لاتعارض فيه بين أحكامه..لانستطيع أن ندرك كنهه الحقيقي نحن البشرإلا بالقدر الذي علمنا حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فهم و استوعب كنه مراد الله تعالى وبالتالي عظمة منزله سبحانه وتعالى ..
أختي "باحثة" أشكرك على هذا المجهود الذي تقومين به في جمع الأدلة المضحدة..وأنت مأجورة بإذن الله تعالى..وأريد أن أعرف ردك بالخصوص على ما نقلته في المرة السابقة
فأين اختلطت الأمور في الاستدلال..؟ وما هي القواعد التي يجب أن تتبع في الاستدلال في هذه الأمور..؟وكيف استدل عليها علماؤنا القدماء ممن نفوا نسخ هذه الآية..؟ بإيجاز وشيئ من التركيز..وجزاك الله خيرا..
قبل أن نمر إلى الآيات الأخرى..
 
فأين اختلطت الأمور في الاستدلال..؟ وما هي القواعد التي يجب أن تتبع في الاستدلال في هذه الأمور..؟وكيف استدل عليها علماؤنا القدماء ممن نفوا نسخ هذه الآية..؟ بإيجاز وشيئ من التركيز..وجزاك الله خيرا..

أفضّل أن أبيّن هذه الأمور أثناء عرضي لرأي القائلين بنفي النسخ عن الآية الكريمة، حتى يظهر الأمر جليّاً من خلال المقارنة، وحتى نتجنب التكرار.

قبل أن نمر إلى الآيات الأخرى..

هذا تفاؤل كبير، لن نمر على الآيات الأخرى قريباً، فالحديث عن هذه الآية سيأخذ وقتاً طويلاً.


 
هذا ما أحبذه..!

هذا ما أحبذه..!

بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أحبذه حتى نكون قد عملنا جردا شاملا بإذن الله..
ويبدو أن الأخت "باحثة"قد أعدت لنا وجبة دسمة لن نستطيع هضمها تمنعنا من المرور إلى الآيات الأخرى..!!
نحن في الانتظار..
 
أخي سيف الدين . الاشكال الذي وضعته بالنسبة لخبر الأحاد والتواتر هو شكل غير صحيح .
سيتضح لك عند المناقشة أن اشكالية النقاش لا تتعلق به من الا من حيث الشكل .
فالمراجع للموضوع سيجد أن أغلب من تكلم بهذه الامور انما تكلم بها من ناحية اصولية , مردها الى موضوع أخر وهو خبر الأحاد وخبر التواتر وما يفيد كل منهما . فكل ما بعد ذلك مرتبط بذلك .
للاسف يوجد خلط كبير بين الكثير ممن يكتب بهذا الموضوع من المتأخرين , الخلط ناجم عن عدم معرفة حقيقة الفرق بين خبر الاحاد والتواتر , لا أقص التفرقة المعروفة وانما اقصد الفرق العملي لهذه الاخبار .
فكون خبر الاحاد ظني الثبوت لا يعني هذا ان خبر الاحاد دائما ظني,لان بعض القرائن تكون ملازمة لخبر الاحاد تجعله معلوما من الدين بالضرورة , او بمعنى أخر موجبا للعلم القطعي .
على كل حال لا أحب تفريع المسألة كثيرا سأحاول ان ابين ذلك من خلال الرد على مداخلتك قبل الاخيرة فانت قلت بارك الله فيك :
أقول: القرآن الكريم هو مجموعة سور وآيات انزلها الله على رسوله الكريم
فان قال قائل: بم يثبت القرآن؟
قلنا: يثبت بالنقل المتواتر اللفظي عن الرسول الكريم..
فان قيل: فان قال الله بأن هذه الاية او تلك قد رفع حكمها
قلنا: يلزم ان يكون ذلك بنقل متواتر لفظي صريح عن الرسول الكريم
أخي الكريم بزمن النبي عليه الصلاة والسلام تم النسخ فلا يكون داعيا لبحث التواتر
لانها كلها ستكون خبر آحاد مردها الى النبي صلى الله عليه وسلم , وانت تعرف ان شرط التواتر هو الى النبي صلى الله عليه وسلم , فبذلك يكون الصحابة واجبا عليهم التسليم بالنسخ بمجرد عمل النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه عن ذلك , وهنا يكون البحث هل ينسخ حكم بحكم او لا ولا يلتفت الى شكل المنسوخ كان متعبدا بتلاوته(القران) او متعبدا بالعمل به(كلام النبي صلى الله عليه وسلم ),لان حجيتهما بنفس الدرجة , والخبر من نفس النبي ,وهذا اساس المسألة .
اما ما اشتهر لاحقا من الخلاف في :هل ينسخ خبر الواحد خبر الاحاد ؟ ففيه خطأ لان النسخ لا يجوز ان يكون بعد زمن الوحي على النبي , فكون الخبر منسوخ بأخر هذا حكمه ولكن وصول الخبر النسخ هو ما اصبح منه متواترا وآحاد , بمعرفتك بطرق الحديث وهنا لب المسألة .
فتواتر الخبر انما هو حالة لمتتبع الخبر دون غيره . لانك اذا جمعت الاخبار المتواترة ببحث عندك وضمنته كتاب لم يفد التواتر الذي جمعته غيرك وغير من يعرف الطرق حقيقة لان جميع ما جمعته هو خبر آحاد لانه طريق واحد لكل الطرق التي جمعتها .
وهذا الامر معروف فلو جمع أحد الرواة الف طريق لحديث متواتر ثم روي عن هذا الراوي لاصبح الخبر لمن سمعه عنه ان لم يسمعه من غيره حديث آحاد, لان التواتر في الاخبار قد يسقط مع الفترة فيصبح المتواتر أحاد .
وهذا الامر ما جعل العلماء يفرقوا بين انواع الاحاد .
فحديث الاحاد الذي تلقته الامة بالقبول والعمل هو قطعي ويفيد العلم ولا يلتفت الى المخالف الذي يخالف هذا الاجماع (اجماع العمل على الشيء) .

قلنا: يلزم ان يكون ذلك بنقل متواتر لفظي صريح عن الرسول الكريم
فان قيل: فان ثبت الرفع بخبر الواحد
قلنا: خبر الواحد لا يرفع ما جاء متواترا
لاحظ أخي انك ترجع الحكم النسخ الى فترة متأخرة عن الفترة التي حصل فيها النسخ .
فحدوث النسخ انما حدث في زمن البعثة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم . والاخبار عن النسخ هي أخبار عن حدث النسخ ويكون دليله عمل الصحابة والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين رضي الله عنهم اجمعين . لان الاخبار هي عن امر حدث الا وهو النسخ .
فان قيل: هناك لفظ صريح جاء في القرآن يقول بأن هذه الاية نسخت تلك؟
قلنا: ذلك غير موجود في القرآن الكريم
فان قيل: فماذا تقول في قوله تعالى: {الان خفف الله عنكم}؟
قلنا: التخفيف ليس تصريحا في النسخ ولم يحمله كل المفسرون هذا المحمل
اما وجود نسخ للايات فهذا يعرف من أيات أخرى مع هذه ولا يختص بهذه اما قول المسرين المتأخرين فلا يلتفت اليه وقد نقلت لك عن القرطبي كلامه عن هذا الامر .
ولكن لا أحب ان أخوض في تأويل الايات المعروفة التي تدل على النسخ ولكن اريد ان اركز معك على ما سألت وأجبت عليه .
فالقول بالتخفيف هو اعتراف بالنسخ .
فكون المسلم لم يكن جائزا له بالفرار ان كان عدوه يكثر عليه بعشر اضعاف ثم خفف الحكم فهذا يعني ان الاولى لم يعد لها حكم الاثم ان تراجع المسلم امام عدوه وهو يفوقه أكثر من الضعف ولو كان اقل من العشرة أمثال .
اذا فمن فسر بالتخفيف انما غير الالفاظ بمرادفات الالفاظ وان حققت كلامه فلا يخرج عن معنى النسخ .
لذلك مشكلة من يرفض النسخ هي بسبب شبهة عنده . لانه لم يجز اصلا حتى نسخ القران بالقران والايات كلها متواترة , فكيف يحتج بالنسبة للحديث بانه أحاد , ويرفض هنا النسخ حتى لو كان بالمتواتر .مع ما بينته سابقا من ان النسخ يحدث وقت البعثة . وانما الاخبار دليل على ما حدث .
فان قيل: فان تعارضت آيتين وليس هناك من حل الا النسخ؟
قلنا: 1- انك تنتقل من مناقشة الاصول الى مناقشة الفروع .. ولا تستقيم حجتك الا بعرض كل الايات الناسخة والمنسوخة
2- أنا أؤمن انه لا يوجد تعارض في القرآن الكريم والا فكيف يتحدى القرآن المشركين والكفار ان يأتوا بسورة من مثله
3- ان التعارض ذهني, ومعلوم ان الافهام تتفاوت, فما قد يبدو تعارض لشخص, هو ليس كذلك لآخر .. فلا حجة بالتعارض اذا
تقصد تعارض الاحكام , اذلا احد يقول بتعارض الايات فالامر مختلف بين تعارض الاحكام وتعارض الايات ,لان الاول ممكن والثاني مستحيل , وكل من يقول انما يقول باختلاف الحكم لا بتناقضه ,لان التناقض ليس له موضع ,والتعارض لا نجيزه حتى بين حديث صحيح وآية .الان النسخ لا يقع بالاخبار وانما بالاحكام . وبما ان المنطق والعقل لا يحيل تغير حكم بعد اثباته فلا يكون للتناقض موقع في الاحكام . وانما التناقض في فهم من ظن ان تغير حكم هو تناقض . او ان تبديل حكم هو تناقض . فلا هذا ولاذاك مما يقال انه تناقض لان الحكم لم يرتبط بخبر يتغير بتغير الحكم .
التخفيف والتغير والزيادة والنقصان في حكم يترتب عليه حرام او حلال تبعا للحكم . والحكم الجديد انما يقال ناسخ للحكم الاول ان لم يبقي له اثر .او يقال ناسخ لبعضه ان خصصه او قيده ان كان عاما او مطلقا او العكس .
فلنرجع الى كلامك التخفيف:الايات هي :
يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ﴿64﴾ يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ﴿65﴾ الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ﴿66﴾
ضع لنا حكم من خالف الاية الاولى قبل التخفيف .
وضع لنا حكم من خالف الاولى ولم يخالف الثانية بعد التخفيف .
وضع حكم من خالف التانية بعد التخفيف .
بعد ذلك أخبرنا عن الحكم الاول هل له وجود باق من حيث حصر العدد ؟
 
مجدي ابو عيشة قال:
اما ما اشتهر لاحقا من الخلاف في :هل ينسخ خبر الواحد خبر الاحاد ؟ ففيه خطأ لان النسخ لا يجوز ان يكون بعد زمن الوحي على النبي , .....
اما ما اشتهر لاحقا من الخلاف في :هل ينسخ خبر الواحد خبرا متواترا ؟
لا أقص ---لا أقصد
المسرين----المفسرين
 
الاخ الكريم مجدي ابو عيشة

قبل الشروع في مناقشة ما تفضلت به, أستوضحك عن بعض النقاط:

1- اقتباس
بزمن النبي عليه الصلاة والسلام تم النسخ فلا يكون داعيا لبحث التواتر
لانها كلها ستكون خبر آحاد مردها الى النبي صلى الله عليه وسلم , وانت تعرف ان شرط التواتر هو الى النبي صلى الله عليه وسلم , فبذلك يكون الصحابة واجبا عليهم التسليم بالنسخ بمجرد عمل النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه عن ذلك

أرجو معذرتك, ولكن لم يتضح في ذهني ما ذهبت اليه من ربط المقدمة (وانت تعرف ان شرط التواتر هو الى النبي صلى الله عليه وسلم) بالنتيجة (فبذلك يكون الصحابة واجبا عليهم التسليم بالنسخ)

2- اقتباس
ولا يلتفت الى شكل المنسوخ كان متعبدا بتلاوته(القران) او متعبدا بالعمل به(كلام النبي صلى الله عليه وسلم ),لان حجيتهما بنفس الدرجة , والخبر من نفس النبي ,وهذا اساس المسألة .

ماذا تقصد بالقول "بنفس الدرجة"؟

3-
اقتباس

فتواتر الخبر انما هو حالة لمتتبع الخبر دون غيره . لانك اذا جمعت الاخبار المتواترة ببحث عندك وضمنته كتاب لم يفد التواتر الذي جمعته غيرك وغير من يعرف الطرق حقيقة لان جميع ما جمعته هو خبر آحاد لانه طريق واحد لكل الطرق التي جمعتها .

هل هناك من علماء الحديث من ذهب الى ما ذهبت اليه حتى أراجعه فيتضح الموضوع اكثر في ذهني؟


4- اقتباس

تقصد تعارض الاحكام , اذلا احد يقول بتعارض الايات فالامر مختلف بين تعارض الاحكام وتعارض الايات ,لان الاول ممكن والثاني مستحيل , وكل من يقول انما يقول باختلاف الحكم لا بتناقضه ,لان التناقض ليس له موضع ,والتعارض لا نجيزه حتى بين حديث صحيح وآية

هل تقصد بذكرك لكلمة "التناقض" ما استعملته انا لكلمة "تعارض"؟

وأسأل الله الهداية..
 
أخي سيف الدين :

سيف الدين قال:
الاخ الكريم مجدي ابو عيشة

قبل الشروع في مناقشة ما تفضلت به, أستوضحك عن بعض النقاط:

1- اقتباس
بزمن النبي عليه الصلاة والسلام تم النسخ فلا يكون داعيا لبحث التواتر
لانها كلها ستكون خبر آحاد مردها الى النبي صلى الله عليه وسلم , وانت تعرف ان شرط التواتر هو الى النبي صلى الله عليه وسلم , فبذلك يكون الصحابة واجبا عليهم التسليم بالنسخ بمجرد عمل النبي صلى الله عليه وسلم وكلامه عن ذلك

أرجو معذرتك, ولكن لم يتضح في ذهني ما ذهبت اليه من ربط المقدمة (وانت تعرف ان شرط التواتر هو الى النبي صلى الله عليه وسلم) بالنتيجة (فبذلك يكون الصحابة واجبا عليهم التسليم بالنسخ)

.
أخي الحبيب تواتر الحديث ليس شرطا للنسخ في الزمن الذي شرعت فيه الاحكام "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً " فقد كانت الاحكام تنسخ من الاباحة الى التحريم "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "فما لم يحرمه الله عليهم في اول الاسلام حرمه عليهم في وقت لاحق وما منعوا عنه سابقا امروا به بعد ذلك كالقتال . وان القبلة الأولى كانت متبعة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم . والمناسك والصلاة لا تعلم الا بفعل النبي فما شرع الله عز وجل من شرع فانما شرعه الله بآية أو بوحي للنبي صلى الله عليه وسلم .
فوجود نسخ من عدمه هو ما يُدرَسُ في فترة الوحي اذ ان الله أتم دينه فلا يُنسخ منه شيء بشيء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .والصحابة يأخذوا عن النبي مباشرة سواء بالمشاهدة المباشرة لفعله او سماع أمره او بالقران الذي أنزله الله عز وجل عليه صلى الله عليه وسلم ,فبذلك يُسِلم الصحابي بأن الامر نسخ بسماعه الاية اومشاهدة النبي عليه الصلاة والسلام . اما التسليم بالنسخ فهو متى حصل .






ماذا تقصد بالقول "بنفس الدرجة"؟
أقصد زمن النبي تكون لها نفس الحجة ومعلوم ان الرسول لا يخالف امر الله وانه يتبعه وانه لا يأمر الا بما أمر الله من وحي .
وبالطبع لا أقصد ان خبر الواحد له نفس درجة خبر التواتر .

هل هناك من علماء الحديث من ذهب الى ما ذهبت اليه حتى أراجعه فيتضح الموضوع اكثر في ذهني؟
قال الشافعي"فأقام (جل ثناؤه)حجته على خلقه في أنبيائه بالأعلام التي باينوا بها خلقه سواهم,وكانت الحجة على من شاهد أمور الأنبياء دلائلهم التي باينوا بها غيرهم ,وعلى من بعدهم وكان خبر الواحد في ذلك وأكثرمنه سواء-تقوم الحجة منهم قيامها بالأكثر ." أحكام القران -الشافعي رحمه الله -جمع البيهقي -ابوا بكر-صاحب السنن رحمه الله تعالى هذا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم .
اما ما بعد النبي فان اشتراط التواتر في كل طبقات الحديث هو شرط مجمع عليه .
ستجد في بداية كتاب الكفاية باب" الكلام في الاخبار وتقسيمها "وفي أخر الكتاب باب "باب ذكر ما يقبل فيه خبر الواحد وما لا يقبل فيه " فهو اوضح كلام بما يخص بحث النسخ .ففيه بيان أنواع ما يفيد العلم من خبر الأحاد وغيره مثل التواتر.
هل تقصد بذكرك لكلمة "التناقض" ما استعملته انا لكلمة "تعارض"؟
اقصد أخي ان الايات لا تتعارض وانما تتعارض الاحكام , لان تعارض الايات لا يجوز الا بالذهن كما قلتَ يا أخي انت تقول بالتخفيف مثلا ونحن نقول بالنسخ . فنحن نقول ان حكم الاية الاولى ليس كحكم الثانية وانهم لنفس الحالة , وان حكم الثانية نسخ الأولى.
 
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ..

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ..

بسم الله الرحمن الرحيم

كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ

[البقرة:180-181]



المرحلة الأولى:

أدلة القائلين إن قوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ..) منسوخة بقوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم)



القول بالنسخ أو عدمه مبنيٌّ على فهم معنى الآيةِ المنسوخةِ موضوعَ البحث، هل هو متعارض مع الآية الناسخة، لذلك سيكون هناك ذكر ضمن الأدلة لمعنى الآية ووجوه الإعراب المترتبة على المعنى، وستتضح أهمية ذلك عند ذكر أدلة القائلين بنفي النسخ.


* قالوا: (إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية) [البقرة:180]: فرض الله إذا أوشك أحدكم على الموت، وكان ذا مال أن يوصي بثلثه لوالديه وأقربائه بالعدل والمساواة، وكان هذا الحكم سارياً في أول الإسلام قبل تعيين المواريث، فلما نزلت آيات المواريث نسخ هذا الحكم.


* الآية تشعر بتفويض تعيين المقدار الموصى به إلى ما يراه الموصي، وأمره بالعدل بقوله: {بالمعروف}، فتقرر حكم الإيصاء في صدر الإسلام لغير الأبناء من القرابة زيادة على ما يأخذه الأبناء، ثم إن آية المواريت التي في سورة النساء نسخت هذه الآية نسخاً مجملاً، فبينت ميراث كل قريب معين، فلم يبق حقه موقوفاً على إيصَاء الميت له، بل صار حقه ثابتاً معيناً رَضي الميت أم كره، فيكون تقرر حكم الوصية في أول الأمر استئناساً لمشروعية فرائض الميراث، ولذلك صدر الله تعالى آية الفرائض بقوله: { يوصيكم الله في أولادكم }[النساء: 11] فجعلها وصية نفسه سبحانه إبطالاً للمنة التي كانت للموصي.
وبالفرائض نسخ وجوب الوصية الذي اقتضته هذه الآية، وبقيت الوصية مندوبة بناء على أن الوجوب إذا نسخ بقي الندب، وإلى هذا ذهب جمهور أهل النظر من العلماء، الحسن وقتادة والنخعي والشعبي ومالك وأبو حنيفة والأوزاعي والشافعي وأحمد وجابر بن زيد، ففي البخاري في تفسير سورة النساء عن جابر بن عبد الله قال: عادني النبي وأبو بكر في بني سَلِمَة ماشِيْين فوجدني النبي لا أعقل فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش عليَّ فأفقت فقلت: ما تأمرني أن أَصنع في مالي يا رسول الله فنزلت: { يوصيكم الله في أولادكم }
[النساء: 11] الآية اهـ. فدل على أن آخر عهد بمشْروعية الوصايا سؤال جابر بن عبد الله، وفي البخاري عن ابن عباس كان المال وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب الخ.



* لم يفتتح بـ { يا أيها الذين آمنوا } لأن الوصية كانت معروفة قبل الإسلام فلم يكن شرعها إحداث شيء غير معروف، لذلك لا يحتاج فيها إلى مزيد تنبيه لتلقي الحكم، ومناسبة ذكره أنه تغيير لما كانوا عليه في أول الإسلام من بقايا عوائد الجاهلية في أموال الأموات فإنهم كانوا كثيراً ما يمنعون القريب من الإرث بتوهم أنه يتمنى موت قريبه ليرثه، وربما فضلوا بعض الأقارب على بعض، ولما كان هذا مما يفضي بهم إلى الإحن وبها تختل الحالة الاجتماعية بإلقاء العداوة بين الأقارب كان تغييرها إلى حال العَدل فيها من أهم مقاصد الإسلام.


* والقائلون بالنسخ يقول منهم مَنْ يرون الوصية لم تزل مفروضة لغير الوارث: إِن آية المواريث نسَخَت الاختيار في الموصَى له والإطلاق في المقدار الموصَى به، ومَن يرى منهم الوصية قد نسخ وجوبها وصارت مندوبة يقولون: إن آية المواريث نَسَخت هذه الآية كلها فأصبحت الوصية المشروعة بهذه الآية منسوخة بآية المواريث للإِجماع على أن آية المواريث نَسخت عموم الوَالدين والأقربين الوَارثين، ونسخت الإطلاق الذي في لفظ (الوصية)، والتخصيصُ بعد العمل بالعام، والتقييدُ بعدَ العمل بالمطلق كلاهما نَسْخٌ،[هذا من كلام الإمام الرازي، وهذا مثال لاستناد العلماء على أصول وقواعد في قولهم بالنسخ أو عدمه]، وإن كان لفظ آية المواريث لا يدل على ما يناقض آية الوصية، لاحتمالها أن يكون الميراث بعد إعطاء الوصايا أو عند عدم الوصية بل ظاهرها ذلك لقوله:
{ من بعد وصية }[النساء: 11]، وإن كان الحديثان الواردان في ذلك آحاداً لا يصلحان لنسخ القرآن عند من لا يرون نسخ القرآن بخبر الآحاد، فقد ثبت حكم جديد للوصية وهو الندب أو الوجوب على الخلاف في غير الوارث، وفي الثلث بدليل الإجماع المستند للأحاديث وفعل الصحابة، ولمَّا ثبت حكم جديد للوصية، فهو حكم غير مأخوذ من الآية المنسوخة، بل هو حكم مستند للإِجماع، هذا تقرير أصل استنباط العلماء في هذه المسألة، وفيه ما يدفع عن الناظر إشكالات كثيرة للمفسرين والفقهاء في تقرير كيفية النسخ.


* مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يوصِ.


* ظاهر (كُتب) الوجوب، فيفهم من الآية الكريمة أن الوصية واجبة، فالقول بنسخ الآية الكريمة مبني على أن الوصية هنا واجبة وهذا يتعارض مع آية المواريث، فـ(كُتب) بمعنى فُرض، كقوله تعالى: (كُتب عليكم الصيام).


* { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } أي حضر أسبابُه وظهرَ أماراتُه أو دنا نفسُه من الحضور، وتقديمُ المفعول لإفادة كمال تمكنِ الفاعلِ عند النفسِ وقت ورودِه عليها.

* ولا يرد أن الوصية واجبة على ـ من حضره الموت ـ لا على جميع المؤمنين عند حضور أحدهم الموت لأن { أَحَدَكُمُ } يفيد العموم على سبيل البدل فمعنى { إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ } إذا حضر واحداً بعد واحد، وإنما زيد لفظ ـ أحد ـ للتنصيص على أنها فرض عين لا كفاية كما في {" كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِصَاصُ فِي ٱلْقَتْلَى " [البقرة: 178 ].


* آية المواريث نزلت بعد آية الوصية بالاتفاق.


* { بالمعروف } أي: لا يوصى بأزيد من الثلث، ولا للغنيّ دون الفقير، وقال ابن مسعود: الأخل فالأخل، أي: الأحوج فالأحوج، وقيل: الذي لا حيف فيه، وقيل: كان هذا موكولاً إلى اجتهاد الموصي، ثم بين ذلك وقدر: «بالثلث والثلث كثير». وقيل: بالقصد الذي تعرفه النفوس دون إضرار بالورثة، فإنهم كانوا قد يوصون بالمال كله، وقيل: بالمعروف من ماله غير المجهول.

* نسخت آية الوصية بقوله عليه السلام: " إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ألاَ لاَ وصية لوارث "ولتلقي الأمة إياه بالقبول حتى لحق بالمتواتر، وإن كان من الآحاد، لأنهم لا يتلقون بالقبول إلاّ المثبت الذي صحت روايته.

* نسخ الوصية بآية المواريث قاله ابن عباس وابن عمر وقتادة وشريح ومجاهد وغيرهم وقد أخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن خارجة رضي الله تعالى عنهم أن النبـي صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته فقال: إن الله قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية " وأخرج أحمد والبيهقي في «سننه» عن أبـي أمامة الباهلي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في خطبته يقول: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " وأخرج عبد بن حميد عن الحسن نحو ذلك/
وهذه الأحاديث لتلقي الأمة لها بالقبول انتظمت في سلك المتواتر/ في صحة النسخ بها عند أئمتنا قدس الله أسرارهم، [الكلام للعلامة الألوسي]، بل قال البعض: إنها من المتواتر وأن التواتر قد يكون بنقل من لا يتصور تواطؤهم على الكذب، وقد يكون بفعلهم بأن يكونوا عملوا به من غير نكير منهم على أن النسخ في الحقيقة بآية المواريث
والأحاديث مبينة لجهة نسخها، وبين فخر الإسلام ذلك بوجهين: الأول: أنها نزلت بعد آية الوصية بالاتفاق، وقد قال تعالى: { مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِى بِهَا أَوْ دَيْنٍ }
[النساء: 11] فرتب الميراث على ـ وصية ـ منكرة ـ والوصية ـ الأولى كانت معهودة فلو كانت تلك ـ الوصية ـ باقية لوجب ترتيبه على المعهود فلما لم يترتب عليه ورتب على المطلق دل على نسخ الوصية المقيدةلأن الإطلاق بعد التقييد نسخ كما أن التقييد بعد الإطلاق كذلك لتغاير المعنيين.
والثاني: أن النسخ نوعان، أحدهما: ابتداء بعد انتهاء محض، والثاني: بطريق الحوالة من محل إلى آخر كما في نسخ القبلة، وهذا من قبيل الثاني لأن الله تعالى فرض الإيصاء في الأقربين إلى العباد بشرط أن يراعوا الحدود، ويبينوا حق كل قريب بحسب قرابته، وإليه الإشارة بقوله تعالى: { بِٱلْمَعْرُوفِ } أي بالعدل، ثم لما كان الموصي قد لا يحسن التدبير في مقدار ما يوصي لكل واحد منهم وربما كان يقصد المضارة تولى بنفسه بيان ذلك الحق على وجه تيقن به بأنه الصواب وأن فيه الحكمة البالغة، وقصره على حدود لازمة من السدس والثلث والنصف والثمن لا يمكن تغيرها فتحول من جهة الإيصاء إلى الميراث فقال: { يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِى أَوْلَـٰدِكُمْ }[النساء: 11]، أي الذي فُوِّض إليكم تولى شأنه بنفسه إذ عجزتم عن مقاديره لجهلكم، ولما بين بنفسه ذلك الحق بعينه انتهى حكم تلك الوصية لحصول المقصود بأقوى الطرق كمن أمره غيره بإعتاق عبده ثم أعتقه بنفسه فإنه بذلك انتهى حكم الوكالة، وإلى ذلك تشير الأحاديث لما أن ـ الفاء ـ تدل على سببية ما قبلها لما بعدها.
*


لا وصية لوارث

الوصايا
صحيح البخاري




‏باب ‏ ‏لا وصية لوارث ‏

فتح الباري بشرح صحيح البخاري





‏‏قوله : ( باب لا وصية لوارث ) ‏‏هذه الترجمة لفظ حديث مرفوع كأنه لم يثبت على شرط البخاري فترجم به كعادته واستغنى بما يعطى حكمه . وقد أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث أبي أمامة " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته في حجة الوداع : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " وفي إسناده إسماعيل بن عياش , وقد قوى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة منهم أحمد والبخاري , وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة , وصرح في روايته بالتحديث عند الترمذي وقال الترمذي : حديث حسن . وفي الباب عن عمرو بن خارجة عند الترمذي والنسائي , وعن أنس عند ابن ماجه , وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند الدارقطني وعن جابر عند الدارقطني أيضا وقال : الصواب إرساله , وعن علي عند ابن أبي شيبة , ولا يخلو إسناد كل منها عن مقال , لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلا , بل جنح الشافعي في " الأم " إلى أن هذا المتن متواتر فقال : وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح " لا وصية لوارث " ويؤثرون عمن حفظوه عنه ممن لقوه من أهل العلم , فكان نقل كافة عن كافة , فهو أقوى من نقل واحد . وقد نازع الفخر الرازي في كون هذا الحديث متواترا وعلى تقدير تسليم ذلك فالمشهور من مذهب الشافعي أن القرآن لا ينسخ بالسنة لكن الحجة في هذا الإجماع على مقتضاه كما صرح به الشافعي وغيره , والمراد بعدم صحة وصية الوارث عدم اللزوم , لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الورثة كما سيأتي بيانه , وروى الدارقطني من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا " لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة " كما سيأتي بيانه , ورجاله ثقات , إلا أنه معلول : فقد قيل إن عطاء هو الخراساني والله أعلم . وكأن البخاري أشار إلى ذلك فترجم بالحديث , وأخرج من طريق عطاء وهو ابن أبي رباح عن ابن عباس حديث الباب وهو موقوف لفظا , إلا أنه في تفسيره إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن فيكون في حكم المرفوع بهذا التقدير , ووجه دلالته للترجمة من جهة أن نسخ الوصية للوالدين وإثبات الميراث لهما بدلا منها يشعر بأنه لا يجمع لهما بين الميراث والوصية , وإذا كان كذلك كان من دونهما أولى بأن لا يجمع ذلك له , وقد أخرجه ابن جرير من طريق مجاهد بن جبر عن ابن عباس بلفظ " وكانت الوصية للوالدين والأقربين إلخ " فظهرت المناسبة بهذه الزيادة . ‏

*


لا وصية لوارث

الوصايا
صحيح البخاري



‏ ‏حدثنا ‏ ‏محمد بن يوسف ‏ ‏عن ‏ ‏ورقاء ‏ ‏عن ‏ ‏ابن أبي نجيح ‏ ‏عن ‏ ‏عطاء ‏ ‏عن ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏رضي الله عنهما ‏ ‏قال ‏


‏كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين فنسخ الله من ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس وجعل للمرأة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع ‏

فتح الباري بشرح صحيح البخاري





‏قوله ( وجعل للمرأة الثمن والربع ) ‏أي في حالين وكذلك للزوج , قال جمهور العلماء : كانت هذه الوصية في أول الإسلام واجبة لوالدي الميت وأقربائه على ما يراه من المساواة والتفضيل , ثم نسخ ذلك بآية الفرائض , وقيل كانت للوالدين والأقربين دون الأولاد فإنهم كانوا يرثون ما يبقى بعد الوصية , وأغرب ابن شريح فقال كانوا مكلفين بالوصية للوالدين والأقربين بمقدار الفريضة التي في علم الله قبل أن ينزلها ; واشتد إنكار إمام الحرمين عليه في ذلك . وقيل إن الآية مخصوصة لأن الأقربين أعم من أن يكونوا وراثا , وكانت الوصية واجبة لجميعهم فخص منها من ليس بوارث بآية الفرائض وبقوله صلى الله عليه وسلم : " لا وصية لوارث " وبقي حق من لا يرث من الأقربين من الوصية على حاله قاله طاوس وغيره , وقد تقدمت الإشارة إليه قبل . واختلف في تعيين ناسخ آية ( الوصية للوالدين والأقربين ) فقيل آية الفرائض وقيل الحديث المذكور , وقيل دل الإجماع على ذلك وإن لم يتعين دليله . واستدل بحديث " لا وصية لوارث " بأنه لا تصح الوصية للوارث أصلا كما تقدم , وعلى تقدير نفاذها من الثلث لا تصح الوصية له ولا لغيره بما زاد على الثلث ولو أجازت الورثة .....‏

* ذكر (المعروف) في الوصية لا يمنع وجوبها بل يؤكده.


* وكذلك تخصيص الأمر بالمتقين دليل على توكيده؛ لأنها إذا وجبت على المتقين كان وجوبها على غيرهم أولى، وإنما خصهم بالذكر، لأن فعل ذلك من تقوى الله تعالى.


* قوله تعالى: (حقاً على المتقين): فإن قيل: ظاهر هذا الكلام يقتضي تخصيص هذا التكليف بالمتقين دون غيرهم، فالجواب: من وجهين:
الأول: أن المراد بقوله: { حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } أنه لازم لمن آثر التقوى، وتحراه وجعله طريقة له ومذهباً فيدخل الكل فيه.
الثاني: أن هذه الآية تقتضي وجوب هذا المعنى على المتقين، والإجماع دل على أن الواجبات والتكاليف عامة في حق المتقين وغيرهم، فبهذا الطريق يدخل الكل تحت هذا التكليف.


* وقالوا: خص المتقون بالذكر تشريفاً للرتبة ليتبادر الناس إليها.


* وقالوا: وخصّ هذا الحق بالمتقين ترغيباً في الرضى به؛ لأن ما كان من شأن المتقي فهو أمر نفيس، فليس في الآية دليل على أن هذا الوجوب على المتقين دون غيرهم من العصاة، بل معناه أن هذا الحكم هو من التقوى، وأن غيره معصية.
فالمراد ـ بالمتقين ـ المؤمنون، ووضع المظهر موضع المضمر، حيث إنه لم يقل: (حقاً عليكم)؛ للدلالة على أن المحافظة على الوصية والقيام بها من شعائر المتقين الخائفين من الله تعالى.


* قوله تعالى: { حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } فزيادة في توكيد وجوبه.


* رَفْعُ (الوصية)؛ على ما لم يُسمَّ فاعله، [نائب فاعل لـ(كُتب) ]، وإنما ذَكَّر الضمير، فلم يقل: كُتبت الوصية، 1. لأنه أراد بالوصية الإيصاء، فـ(الوصية) مؤنث غير حقيقي، بمعنى الإيصاء، ولذلك ذكر الضمير في قوله: { فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ }[البقرة: 181].
2. وأيضاً إنما ذكَّر للفصل بين الفعل والوصية، لأن الكلام لما طال كان الفاصل بين المؤنث والفعل، كالعوض من تاء التأنيث، والعرب تقول: حضر القاضي امرأة، فيُذَكِّرون لأن )القاضي( بين الفعل وبين المرأة.
ويجوز أن يكون الرفع على أن تكون (الوصية) مبتدأ وللوالدين الخبر، وتكون الجملة في موضع رفع بـ(كُتب)، كما تقول: (قيل عبد الله قائم)، فقولك: (عبد الله قائم) جملة مركبة من مبتدأ وخبر، والجملة في موضع رفع بقيل.


* و(إذا) ظرفٌ محضٌ والعاملُ فيه كُتب لكن لا من حيث صدورُ الكتْب عنه تعالى بل من حيث تعلُّقُه بهم تعلقاً فِعلياً مستتبِعاً لوجوب الأداءِ كما يُنبىء عنه البناءُ للمفعول وكلمةُ الإيجاب، ولا مساغَ لجعل العامل هو الوصيةُ لتقدّمه عليها.

* { حَقّا عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } مصدر مؤكد للحدث الذي دل عليه {كتب}، وعامله إما {كتب}، أو فعل (حُقَّ) محذوفاً، أي: حُقَّ ذلك حقاً، فهو على طرز قعدت جلوساً، ويحتمل أن يكون مؤكداً لمضمون جملة { كُتِبَ عَلَيْكُمْ }، وعلى التقديرين { عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } صفة له أو متعلق بالفعل المحذوف (حُقَّ)، ويجوز أن يتعلق بالمصدر لأن المفعول المطلق يعمل نيابة عن الفعل.


* الضمائر البارزة في (بدله وسمعه وإثمه ويبدلونه) عائدة إلى القول أو الكلام الذي يقوله الموصي ودل عليه لفظ { الوصية } [البقرة: 180]، وقد أكد ذلك بما دل عليه قوله { سَمِعَهُ }؛ إذ إنما تسمع الأقوال، وقيل: هي عائدة إلى الإيصاء المفهوم من قوله: { الوصية } أي كما يعود الضمير على المصدر المأخوذ من الفعل نحو قوله تعالى: { اعدلوا هو أقرب للتقوى }[المائدة: 8]، ولك أن تجعل الضمير عائداً إلى { المعروف }[البقرة: 180]، والمعنى فمن بدل الوصية الواقعة بالمعروف، لأن الإثم في تبديل المعروف، بدليل قوله الآتي: { فمن خاف من موص جنفاً أو إثماً فأصلح بينهم فلا إثم عليه }


* وقالوا: { فمن بدله بعد ما سمعه}: الظاهر أن الضمير يعود على الوصية بمعنى الإيصاء، أي: فمن بدّل الإيصاء عن وجهه إن كان موافقاً للشرع من الأوصياء والشهود بعدما سمعه سماع تحقق وتثبت، وعوده على الإيصاء أولى من عوده على الوصية، لأن تأنيث الوصية غير حقيقي، لأن ذلك لا يراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي في ذلك تقول: هند خرجت.
والشمس طلعت، ولا يجوز طلع إلاَّ في الشعر، والتذكير على مراعاة المعنى وارد في لسانهم، ومنه: كخرعوبة البانة المنفطر
ذهب إلى المعنى: القضيب، كأنه قال: كقضيب البانة، ومنه في العكس: جاءته كتابي، فاحتقرها على معنى الصحيفة.
وقيل: الهاء، في: { فمن بدله } عائدة إلى الفرض والحكم، والتقدير: فمن بدل الأمر المقدم ذكره.
*****************
من المفسرين الذين قالوا بنسخ آية المواريث لآية الوصية: ابو حيان، الراوي، الألوسي، أبو السعود، ابن عاشور، ابن عطية، الومخشري.
*****************
ملاحظة: ستتبع هذه المرحلة مراحل أخرى: المرحلة الثانية ستكون عن أدلة النافين للنسخ في هذه الآية، الثالثة: عن رد كل طرف على الآخر، الرابعة: محاولة الترجيح بين القولين.
اقتراح لتنظيم الحوار: أقترح أن لا نبدأ بأي مناقشة حول أي قول من الأقوال أو دليل من الأدلة إلا بعد انتهاء المراحل الثلاث، وبداية المرحلة الرابعة.
وبارك الله في الجميع
 
الاخ مجدي ابو عيشة..

قلت في تعقيباتك:
اقتباس:
والصحابة يأخذوا عن النبي مباشرة سواء بالمشاهدة المباشرة لفعله او سماع أمره او بالقران الذي أنزله الله عز وجل عليه صلى الله عليه وسلم ,فبذلك يُسِلم الصحابي بأن الامر نسخ بسماعه الاية اومشاهدة النبي عليه الصلاة والسلام . اما التسليم بالنسخ فهو متى حصل .

ايها الاخ الكريم .. لا علم لنا بما حدث زمن الرسول الا من خلال الروايات التي نقلت ودوّنت في كتب الاحاديث .. انا لم اقل ان هناك زعم بان النسخ قد حدث بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .. غير ان القول بان هناك نسخ قد حدث في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وان الرسول قد نبّه اليه حينها, ان مثل هذا القول من المفروض ان يصل الينا عبر روايات رويت عن الرسول .. والمناقشة هنا للروايات وليس لما حدث .. فالله وحده يعلم ما حدث في زمن الرسول .. انا مطالب بالروايات وبدراسة الروايات التي تقول انه في زمن الرسول صدر قول او فعل من الرسول يفيد النسخ .. في هذه الحالة من المفترض بالباحث ان يتناول مما يتناوله السند فيمحّص فيه ويقلبّه وينظر فيه ..
فان كان في الامر رفع لحكم انزله الله تعالى في كتابه قلنا لا بد من النظر عميقا في سند ما يروى عن الرسول بخصوص هذا الامر .. فلا بدّ ان ترقى الرواية الى مستوى الحجّة حتى تكون مهيمنة على نص قرآني .. من هذا الباب رفضت ان تكون هناك رواية غير متواتر عن الرسول تقول بان الرسول قد قال بنسخ هذه الاية او تلك .. وحجتي امام ربي في ذلك, ان ما رواه الاحاد لا يوازي في قوته ما جاء في كتاب الله مسطورا .. وليس في هذا القول رفضا لسنته صلى الله عليه وسلم, حيث ان النقاش هنا يدور عن سند الرواية وليس عن حقيقتها, لانه ليس في مقدورنا ان نحكم على صحة رواية الا بما وصلنا من حيثيات لها..

وسأعود لمناقشة بقية ما أثرته عن قريب باذن الله ..
وأسأل الله الهداية ..
 
أخي سيف الدين وفقه الله الى كل خير.
كل من يتكلم ان خبر الواحد لا ينسخ الاية بسبب تواتر الاية جعل الروايات هي الحاكم على النسخ اصلا , الرواية ضرورية ودراستها ضرورية ايضا , ولكنها لا تتعلق بحكم الحديث وحده من حيث التواتر وعدمه .
ما أشرته لك من كتاب الكفاية للخطيب البغدادي يبين لك امر ضروري تعرف منه ان خبر الاحاد قد تكون له قرينة تجعله قطعي الثبوت .

ايها الاخ الكريم .. لا علم لنا بما حدث زمن الرسول الا من خلال الروايات التي نقلت ودوّنت في كتب الاحاديث .
بالطبع اذا تركنا دراسة هذه الأحاديث ,لان الخبر من حيث وروده يكون آحاد . فاذا تتابعة الأخبار لا يمكن معرفة وصولها الى التواتر الا بالدراسة . لان التواتر له شرط معروف وللتفريق نبين ما قاله الخطيب البغدادي في الكفاية :
الخبر هو ما يصح ان يدخله الصدق أو الكذب وينقسم قسمين خبر تواتر وخبر آحاد فاما خبر التواتر فهو ما يخبر به القوم الذين يبلغ عددهم حدا يعلم عند مشاهدتهم بمستقر العادة ان اتفاق الكذب منهم محال وان التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم فيه متعذر وان ما خبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبهة في مثله وان أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية الى الكذب منتفية عنهم فمتى تواتر الخبر عن قوم هذه سبيلهم قطع على صدقة واوجب وقوع العلم ضرورة واما الخبر الآحاد فهو ما قصر عن صفة التواتر ولم يقطع به العلم وان روته الجماعة
فلاحظ ان العمل بالشيء مجردا او تواتر الطبقة الاخيرة وحدها لا يجعل الخبر متواترا بل يجعله آحاد . لان تواتر الطبقة يدل على ان الطبقة المذكورة لم تَكذب الخبر وان التواطؤ منهم مستحيل .
فشهرة العمل بالشيء لا يعني انه متواتر للأسباب التي ذكرها "وان ما خبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبهة في مثله وان أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية الى الكذب منتفية عنهم"
اما خبر الواحد فأحيانا يفيد القطع مثل التواتر بشروط ذكرها لاحقا وهي :
وقد يستدل أيضا على صحته بان يكون خبرا عن أمر اقتضاه نص القرآن او السنة المتواترة أو اجتمعت الأمة على تصديقه أو تلقته الكافة بالقبول وعملت بموجبه لأجله
وبعدها بيَن كيف يفرق أخبار الآحاد
-ذكر ما يقبل فيه خبر الواحد وما لا يقبل فيه
خبر الواحد لا يقبل في شيء من أبواب الدين المأخوذ على المكلفين العلم بها والقطع عليها والعلة في ذلك انه إذا لم يعلم ان الخبر قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان أبعد من العلم بمضمونه فأما ما عدا ذلك من الاحكام التي لم يوجب علينا العلم بان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قررها وأخبر عن الله عز وجل بها فان خبر الواحد فيها مقبول والعمل به واجب ويكون ما ورد فيه شرعا لسائر المكلفين ان يعمل به وذلك نحو ما ورد في الحدود والكفارات وهلال رمضان وشوال وأحكام الطلاق والعتاق والحج والزكاة والمواريث والبياعات والطهارة والصلاة وتحريم المحظورات ولا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم القرآن الثابت المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة كل دليل مقطوع به وإنما يقبل به فيما لا يقطع به مما يجوز ورود التعبد به كالاحكام التي تقدم ذكرنا لها وما أشبهها مما لم نذكره
القصد أخي ان الثبوت وحده لا يكفي لقول النسخ وانما الفهم الصحيح للخبر , هو ما يفهم منه تفسير القران ومعرفة النسخ . فخبر الاحاد يدلل على النسخ ,اي انه يوجه فهم المفسر .
انا لم اقل ان هناك زعم بان النسخ قد حدث بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .. غير ان القول بان هناك نسخ قد حدث في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وان الرسول قد نبّه اليه حينها
لذلك يجب معرفة صحة الأخبار لتعرف هل تم ذلك ام لا وهنا لو رجعت الى كتاب الرسالة للشافعي فانه قد أعطى مثالا لذلك :
[ 3 ] ووجه الله رسوله للقبلة في الصلاة إلى بيت المقدس فكانت القبلة التي لا يحل قبل نسخها استقبال غيرها ثم نسخ الله قبلة بيت المقدس ووجهه إلى البيت فلا يحل لأحد استقبال بيت المقدس أبدا لمكتوبة ولا يحل أن يستقبل غير البيت الحرام

[ 3 ] قال وكل كان حقا في وقته فكان التوجه إلى بيت المقدس يام وجه الله إليه نبيه حقا ثم نسخه فصار الحق في التوجه إلى البيت الحرام لا يحل استقبال غيره في مكتوبه إلا في بعض الخوف أو نافلة في سفر استدلالا بالكتاب والسنة

[ 3 ] وهكذا كل ما نسخ الله ومعنى نسخ ترك فرضه كان حقا في وقته وتركه حقا غذا نسخه الله فيكون من أدرك فرضه مطيعا به وبتركه ومن لم يرك فرضه مطيعا باتباع الفرض الناسخ له

[ 3 ] قال الله لنبيه { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره }

[ 3 ] فإن قال قائل فأين الدلالة على أنهم حولوا إلى قبلة بعد قبلة

[ 3 ] ففي قول الله { سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }

[ 3 ] مالك عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال بينما الناس بقباء في صلاة الصبح غذ جاءهم آت فقال إن النبي قد أنزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل القبلة فاستقبلوها وكانت وجوههم إلى الشام فاستدركوا إلى الكعبة

[ 3 ] مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان يقول صلى رسول الله ستة عشر شهرا نحو بيت المقدس ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين

اذا فالحديث هو توجيه لفهم الفقيه في هذه المسألة .
اما كون النبي صلى الله عليه وسلم نبه على النسخ فهو وارد اصلا في العديد من الأحاديث . ولكن الله عز وجل بين انه يبدل حكما بحكم في كتابه :
{ ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير }
فين عز وجل ان الاية قد تبدل بمثلها . فلا يجوز صرف المعنى الى ايات الانبياء من دلالة على صدقهم لان المثل ممتنع . الا اذا صرف لقوة الاية الدالة على النبوة وهو وجه ضعيف .
{ وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر } فقوله والله اعلم بما يزل دلالة على انها اية بمعنا من القران لا آية بمعنى دلالة صدق النبي .

ان مثل هذا القول من المفروض ان يصل الينا عبر روايات رويت عن الرسول .. والمناقشة هنا للروايات وليس لما حدث ..
الروايات ودراستها تدل على ان النسخ حصل لان أخبار الأحاد التي يستدل بها انما يستدل بها مع عمل الناس بما يدلل صدق الحديث , وذلك لان الحديث لم ينسخ الاية وانما أشار الى ان هذه الاية نسخت تلك الاية . فتحديد ايهما قبل الاخرى يعلم من دلالة القران بالاشارة الى التخفيف او العفوا عن الامر او اباحته . ويعضد ذلك الأحاديث الثابتة الصحيحة فيما كان زمن النبي كتقديم الصدقة عند مناجاته صلى الله عليه وسلم , ويضاف اليه فعل الامة واجماعها عليه كالقبلة .(اذ ان من لم يأخذ بذلك قد يجعل القبلة للندب لقوله تعالى "وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ") فالاحاديث الصحيحة مع عمل الأمة توجه المسلم لفهم الاية الفهم الصحيح . لان الايات منها ظنية الدلالة وانما قطعنا بالمعنى لان اجماع الامة عليه وتؤيده الاحاديث الصحيحة .

فالله وحده يعلم ما حدث في زمن الرسول .. انا مطالب بالروايات وبدراسة الروايات التي تقول انه في زمن الرسول صدر قول او فعل من الرسول يفيد النسخ .. في هذه الحالة من المفترض بالباحث ان يتناول مما يتناوله السند فيمحّص فيه ويقلبّه وينظر فيه ..
ونحن نعلم بعض ما حدث بتصديقنا لكتاب الله اولا , فالقبلة لم يكونوا يصلوا للبيت الحرام ثم نزلت اية فبدلت الحكم اليه .
وبالطبع رواية الاحاد بحاجة للدراسة وفقا لاصل انها أخبار وفقا لما ذكره الخطيب من تقسيمها الى احاد ومتواتر .
ولا يكتفى الامر هنا بل تقسم الى ثلاث اقسام كما اشار الخطيب رحمه الله:
والاخبار كلها على ثلاثة اضرب فضرب منها يعلم صحته وضرب منها يعلم فساده وضرب منها لا سبيل الى العلم بكونه على واحد من الامرين
وعلى هذا يدرس السند والمتن والعلل .
أخيرا أخي لا أعلم اية نسخت بخبر آحاد صحيح , وانما السنة توجه فهم المسلم للايات , فالاية تنسخ بمثلها او بخير منها والاية تبدل مكان آية كما أخبر ربنا عز وجل, والأخبار التي يختلف فيها من حيث الصحة فلا ينكر على أحد دراستها بشكل صحيح ,ولكن ينكر ان يجعل الانسان فهمه للنصوص ظنية الدلالة هو ما يحكم على الاخبار .
 
المرحلة الثانية

المرحلة الثانية

المرحلة الثانية:

أدلة القائلين بأن آية الوصية محكمة

* من القائلين بأن هذه الآية محكمة لا منسوخة أبو مسلم الأصفهاني، وتقرير قوله ـ كما نقله لنا الإمام العلامة الرازي ـ من وجوه:


أحدها: أن هذه الآية ما هي مخالفة لآية المواريث ومعناها كتب عليكم ما أوصى به الله تعالى من توريث الوالدين والأقربين من قوله تعالى: يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِى أَوْلَـٰدِكُمْ } [النساء: 11]، أو كتب على المحتضر أن يوصي للوالدين والأقربين بتوفير ما أوصى به الله لهم عليه، وأن لا ينقص من أنصبتهم.

وثانيها: أنه لا منافاة بين ثبوت الميراث للأقرباء مع ثبوت الوصية بالميراث عطية من الله تعالى والوصية عطية ممن حضره الموت، فالوارث جمع له بين الوصية والميراث بحكم الآيتين.

وثالثها: لو قدرنا حصول المنافاة لكان يمكن جعل آية الميراث مخصصة لهذه الآية، وذلك لأن هذه الآية توجب الوصية للأقربين، ثم آية الميراث تخرج القريب الوارث، ويبقى القريب الذي لا يكون وارثاً داخلاً تحت هذه الآية، وذلك لأن من الوالدين من يرث، ومنهم من لا يرث، وذلك بسبب اختلاف الدين والرق والقتل، ومن الأقارب الذين لا يسقطون في فريضة من لا يرث بهذه الأسباب الحاجبة، ومنهم من يسقط في حال ويثبت في حال، إذا كان في الواقعة من هو أولى بالميراث منهم، ومنهم من يسقط في كل حال إذا كانوا ذوي رحم فكل من كان من هؤلاء وارثاً لم تجز الوصية له، ومن لم يكن وارثاً جازت الوصية له لأجل صلة الرحم، فقد أكد الله تعالى ذلك بقوله: { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ } [النساء: 1] وبقوله: { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإحْسَانِ وَإِيتَآءِ ذِى ٱلْقُرْبَىٰ } [النحل: 90]، فهذا تقرير مذهب أبـي مسلم في هذا الباب.
* * * *


* قوله تعالى: {حَقّاً} يعني ثابتاً ثبوت نظر وتحصين، لا ثبوت فرض ووجوب؛ بدليل قوله: {عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ}، وهذا يدلّ على كونه ندباً؛ لأنه لو كان فرضاً لكان على جميع المسلمين، فلما خصّ الله من يتقي، أي يخاف تقصيراً، دلّ على أنه غير لازم إلا فيما يتوقّع تلفه إن مات، فيلزمه فرضاً المبادرة بكتبه والوصية به؛ لأنه إن سكت عنه كان تضييعاً له وتقصيراً منه.


* * * *


تفسير المنار:
* إن القول بنسخ هذه الآية فيه نظر؛ لأن آية المواريث لا تعارضه، بل تؤكده، من حيث إنها تدل على تقديم الوصية مطلقاً.


* السياق ينافي النسخ، فإن الله تعالى إذا شرّع للناس حكماً وعلم أنه مؤقت وأنه سينسخه بعد زمن قريب فإنه لا يؤكده ويوثقه بمثل ما أكد به أمر الوصية هنا من كونه حقاً على المتقين، ومن وعيد من بدله، وبإمكان الجمع بين الآيتين إذا قلنا إن الوصية في آية المواريث مخصوصة بغير الوارث، بأن يخص القريب هنا بالممنوع من الإرث، ولو بسبب اختلاف الدين، فإذا أسلم الكافر وحضرته الوفاة ووالداه كافران فله أن يوصي لهما بما يؤلف به قلوبهما.

* وجوّز بعض السلف الوصية للوارث نفسه بأن يخص بها من يراه أحوج من الورثة، كأن يكون بعضهم غنياً والبعض الآخر فقيراً ... فالحكيم الخبير اللطيف بعباده، الذي وضع الشريعة والأحكام لمصلحة خلقه لا يحتم أن يساوي الغني الفقير، والقادر على الكسب ومن يعجز عنه، فإذا كان قد وضع أحكام المواريث العادلة على أساس التساوي بين الطبقات باعتبار أنهم سواسية في الحاجة كما أنهم سواء في القرابة، فلا غرو أن يجعل أمر الوصية مقدماً على أمر الإرث، أو يجعل نفاذ هذا مشروطاً بنفاذ ذلك قبله، ويجعل الوالدين والأقربين في آية أخرى أولى بالوصية لهم من غيرهم، لعلمه سبحانه بما يكون من التفاوت بينهم في الحاجة أحياناً، فقد قال في آيات الإرث من سورة النساء: (من بعد وصية يوصى بها أو دين)، فأطلق أمر الوصية، وقال في آية الوصية ما هو تفصيل لتلك.

* فمن بدله: أي بدل ما أوصى به الموصي، (بعد ما سمعه) من الموصي أو علم به علماً صحيحاً.

* * * *


كلام المهندس عدنان الرفاعي
* ورود التكليف الإلهي بصيغة المبني للمجهول (كُتب) يعني أن الكتابة أمر مشترك بين المكلِّف والمكلَّف، فهذا التكليف أمر مشترك بين الله تعالى والمؤمنين، الله يكلفهم وهم ينفذون، وهذه الآية هي خطاب من الله تعالى لجميع المؤمنين في كل مكان وزمان، ولا تخصّ جيلاً دون الآخر، وإن قولهم بأن حكم هذه الآية هو لبرهة من الزمن، هو قول مردود، فكلمات تتعلق بصفات الله تعالى وتنتمي لعالم الأمر الذي هو فوق الزمان والمكان، لا تحمل أحكاماً خاضعة لقوانين الزمان والمكان.


* ولو كانت الآية الكريمة هي خطاب لمن يحضره الموت بأن يُوصي وصية لكانت واجبة ..ولكنذلك يُنافي ما تحمله الآية من عدة وجوه:
1. لو كانت خاصة بالإرث لبين الله تعالى المقدار الواجب في هذه الوصية التي زعموا نسخها .
2. لو كانت الوصية منسوخة بالنسبة لمن يرث-كما ذهب إلى ذلك مقرّو الناسخ والمنسوخ- لوجب استثناء من يرث من الوصية الواردة في باقي الآيات الكريمة ،التي تصور لنا الأخذ بوصية الميت قبل توزيع الإرث على الورثة .. وهذا الاستثناء لا نراه في كتاب الله تعالى: "فَلأُمِّهِالسُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ"، "ٌ فَلَكُمُالرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ "
"
فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن "
"
فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍيُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ".
فكما نرى لا يوجد اسثناء في الوصية .


* لو كانت الوصية خاصة بالإرث ،والخطاب موجه لمنيحضره الموت حصرا ،لاقتضى ذلك عدم سقوط حق الوالدين واللأقربين ،حتى ولو لم يوص الموصي بذلك، كالدين يأخذه صاحبه سواء أوصى الميت بذلك أو لم يوص... ولكن ما نراه في هذه الآية الكريمة أن الوصية ندب ..وأن الله تعالى اختص بها المتقين وحعلها حقا عليهم "[بالمعروف حقا على المتقين]



* لو كان الخطاب [كتب عليكم] موجها لمن يحضره الموت دون غيره -كما قالوا- لاختلفت هذهالآية الكريمة مع سياق المعنى والخطاب في الآيتين التاليتين لهذه الآية، فهاتانالآيتان تحملان أحكاما تخاطب الشاهدين على قول الموصي وولاة الأمور من تنفيذ قول الموصي..فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَاسَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181) فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (182)


* لو كانت الآية -المزعوم نسخها- تخاطب كل من يحضره الموت ،لأتت على الشكل التالي :كُتب عليكم إذا حضركم الموت إن تركتم خيرا، ولو كانت لا تخاطب منفذي الوصية
والشاهدين عليها وأولياء الأمور ،لأتت على هذا الشكل {كُتب على أحدكم إذا حضره الموت...}..ولكن ما نراه أن الآية الكريمة التي تخاطب المؤمنين من شهود وأولياء وحكام مكلفين بتنفيذ الوصية التي يوصيها من يحضره الموت..
"
كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا.."

والآية الكريمة التالية تصور هذه الحقيقة من جانب آخر .
"
يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْإِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ (106)
إذن ..العبارة القرآنية [كُتب عليكم] هي خطاب تكليفي من الله تعالى للمؤمنين المحيطين بمن يحضره الموت من شهود وولاة أمور وحكام ..وما كُتب عليهم - ما يُطلب منهم - هو سماع ما يوصي به من يحضره الموت، والشهادة به عند الحاجة، والحكم به كما أمر الله تعالى.. أما الوصية فترتبط بمن يحضره الموت، ولا ترتبط بالمحيطين به الذين يخاطبهم الله تعالى بالعبارة القرآنية [كُتب عليكم] وما يؤكد ذلك هو تذكيرالفعل [كُتب]،في حين أن الوصية ترد في القرآن الكريم مؤنثة مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْن،فماكُتب على المؤمنين ليس الوصية المؤنثةإنما سماع قول ووصية من يحضره الموت ، والحكم بها، وإدلاء الشهادة بها حين الحاجةولو كان نائب الفاعل للفعل (كُتب) هو الوصية -حسب ما ذهب إليه معظمهم- لأنث الفعل كُتب (كُتبت عليكم....الوصية).
وحجة من قال إن كلمةالوصية في الآية الكريمة هي نائب الفاعل للفعل كُتب ، أن مخالفة الفعل لنائب الفاعل -بالنسبة لمسألة التذكير والتأنيت-ناتجة عن الفصل بين الفعل ونائب الفاعل..وهذه الحجة مردودة لسببين:
1.إن نائب الفاعل للفعلكُتب يرتبط -كما رأينا - بالمحيطين بمن يحضره الموت ،ولا يرتبط بمن يحضره الموت ..في حين أن الوصية ترتبط بمن يحضره الموت ،ولا ترتبط بالمحيطين به.
2. صحيح أنهيجوز -بالنسبة للتذكير والتأنيث - مخالفة الفعل للفاعل إذا تم الفصل بينهما ، ولكن في هذه الآية -المزعوم نسخها-لا بد أن يكون نائب الفاعل للفعل كُتب مذكراً ، ودليل ذلك هو الآية الكريمة التي تليها مباشرة.."فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (181)" فالضمير المتصل (الهاء) في الكلمات،ل[بدله]، [سمعه]، [إثمه]، [يبدلونه] يعود إلى نائب الفاعل للفعل (كُتب) في الآية - المزعوم تسخها، وهذا - كما نرى- يدل على التذكير ولا يدل على التأنيث.. فلا بد أن يكون نائب الفاعل للفعل (كُتب) في الآية الكريمة مذكرا، وبالتالي فإن كلمة الوصية ليست هي نائب الفاعل .
فنائب الفاعل للفعل كُتب هو كلمة عليكم المتعلقة بسماع القول والحكم ..وهكذا يكون تقدير الكلام :كُتب عليكم سماع قول أحدكم، والحكم به، وإدلاء الشهادة به حين الحاجة، إذا حضرهالموت إن ترك خيرا..


وبذلك تكون كلمة الوصية في الآية الكريمة مبتدأ، وخبره متعلق بالوالدين، وبالتالي يكون معنى الصورة القرآنية "الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَبِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ" هو أن الوصية
لمن يحضره الموت ،هيبالمعروف تحق حقا للوالدين والأقربين.

وإن ما ذهبوا إليه من أن المكتوب هو الوصية، وإن الخطاب موجه لمن يحضره الموت، أدى إلى توهمهم بوجود تناقض بين هذه الآية الكريمة وآيات المواريث والحديث الشريف)لا وصية لوارث (.. إنالإسلام لا يمنع الوصية مادامت دون الثلث(صحيح البخاري(
وكما رأينا أنه في توزيع الإرث يقول الله تعالى " مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ "
..
فالوصية موجودة ولا نرى استثناء في ذلك ،وهذا لا يعني مخالفة ما يأمر اللهتعالى بهبالنسبة لتوزيع الإرث..



وهكذا نرى الآية الكريمة -المزعوم نسخها- تصور لنا مسألة الوصية التي يدلي بها من يحضره الموت، وأنه مطلوب من المؤمنين سماعها والحكم بها ،وأن تكون هذه الوصية بالمعروف وألا تحمل إثماً،وبحيث لا يحصل مخالفة لحصص المواريث التي يحددها الله تعالى في كتابه الكريم، وهذا بينه الحديث الشريف )إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه)
فهذه الآية متكاملة متعاضدة مع آيات المواريث، ومع الحديث الشريف، في تصوير أحكاممسائل الوصية والإرث، ولايوجد أي تعارض بينها وبين آيات المواريث أو الحديث الشريف
كما توهم مقرّو الناسخ والمنسوخ..



انتهى كلام المهندس عدنان الرفاعي
 
تعليق على كلام المهندس عدنان الرفاعي

تعليق على كلام المهندس عدنان الرفاعي

في المرحلة الثانية التي تم نشرها وجدنا أن هناك من نفى النسخ في آية الوصية كالإمام أبي مسلم الأصفهاني، وصاحب المنار، والمهندس عدنان الرفاعي.

جميعهم وصلوا للنتيجة نفسها، ولكن اختلفت طرقهم في إثبات ما يريدون.

كلام المهندس عدنان ـ فيما أرى ـ كان فيه خروج عن المعنى المتبادر من الآية، فتعسّف وقطع أوصال الآية الكريمة، وخرج بها عن ظاهرها، ليصل إلى إحكام الآية، وعدم تعارضها مع آية المواريث.

بيان ذلك:

يبني المهندس نفيه للنسخ ـ ليس في هذه الآية فحسب، بل في جميع القرآن ـ على نظرية، وهي أن "التكليف أمر مشترك بين الله تعالى والمؤمنين، الله تعالى يكلّفهم وهم ينفذون، وهذه الآية هي خطاب من الله تعالى، لجميع المؤمنين في كل مكان وزمان، ولا تخصّ جيلاً دون الآخر، وإن قولهم بأن حكم هذه الآية هو لبرهة من الزمن، هو قول مردود، فكلمات تتعلق بصفات الله تعالى، وتنتمي لعالم الأمر الذي هو فوق الزمان المكان، لا تحمل أحكاماً خاضعة لقوانين الزمان والمكان".

أقول: كلام الله الذي هو صفة من صفات الله عز وجل لا يخضع للزمان والمكان .. هذا صحيح، ولكن، فرق بين كلامه عز وجل الذي هو الآيات الجليلة، وبين الحكم الذي تحمله هذه الآيات.

والمهندس عدنان خلط بين الأمرين، فكلام الله في آية الوصية مثلاً أخبرنا عن حكم أمر به العباد لفترة من الزمن (على قول من قال إنها منسوخة)، هذا لا يعني أن الكلام الإلهي الذي حمل حكماً محدوداً بزمان أصبح مثله محدوداً.

ولتقريب هذا المعنى سأضرب أمثلة من آيات تخبرنا عن أحكام كان معمولاً بها لفترة محدودة من الزمن، مثلاً قوله تعالى: "وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ" [المائدة:45]، أخبرتنا هذه الآية أن التوراة كان فيها هذا الحكم، وهو لناس مخصوصين بفترة مخصوصة.

- قوله تعالى: "أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ " [البقرة:246]، حملت هذه الآية حكماً أمروا به، وفعلاً صدر منهم وانتهى، فهما حكم وفعل مقيدان بزمان وأشخاص ومكان، وكذلك جميع قصص السابقين.

- "يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ" [البقرة:183]: الصيام كان حكماً للذين قبلنا، وقد مات الذين قبلنا، وانتهى الحكم الذي كان متعلقاً بهم.

- "إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ " [المائدة:44]، حكم بها النبيون وانتهى حكمهم، فهو حكم مقيد بمدة.

والأمثلة على هذا كثيرة في القرآن الكريم.

هل هذا يعني أن آيات الله هي المقيدة؟! أم الأحكام والأخبار التي تخبرنا عنها؟ حَمْلُ الايات لهذه الأخبار لا يلزم منه أن تكون الآيات نفسها متصفة بما تتصف به الأخبار من محدودية، وخضوع لقوانين الزمان والمكان.

إذا ثبت بطلان هذه النظرية يبطل ما بُني عليها من نفي للنسخ بشكل كامل في القرآن.

ثم إن هناك شبه إجماع بين العلماء على وجود النسخ في القرآن بشكل عام، هل فات على عقولهم العملاقة هذه الحجة (النظرية) التي جاء بها المهندس عدنان، ليس هذا من باب الحجر على التفكير، ولكن يصعُب عليّ استيعاب أن مثل هذا ـ إن كان صواباً ـ يفوتهم، مع اقتناعي ببطلانه.



ثم ادّعى بأن الخطاب في قوله تعالى: "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت .. " ليس للذي يحضره الموت ولكن لمن حوله ممن يسمعون الوصية.

ذهب إلى هذا حتى لا يُقال إن الوصية واجبة، وهذا خروج عن ظاهر الآية لأسباب واهية.

"والقول بأن الوصية لم تفرض على من ـ حضره الموت ـ فقط بل عليه بأن يوصي، وعلى الغير بأن يحفظ ولا يبدل، ولهذا قال: { عَلَيْكُمْ } وقال: { أَحَدَكُمُ } لأن الموت يحضر أحد المخاطبين بالافتراض عليهم ـ ليس بشيء؛ لأن حفظ الوصية إنما يفرض على البعض بعد الوصية لا وقت الاحتضار، فكيف يصح أن يقال: فرض عليكم حفظ الوصية إذا حضر أحدكم الموت، ولأن إرادة الإيصاء وحفظه من الوصية تعسف لا يخفى". [الألوسي]



واحتج بأن الله تعالى لم يبين المقدار الواجب في هذه الوصية فهي إذن ـ كما يرى ـ غير خاصة بالإرث.

ويُرَدُّ عليه بأن الله تعالى قد يُجمِل بعض الأمور التي تكون معروفة للمخاطبين من قبل، فقوله تعالى: (بالمعروف) يدل على أنه تعالى ردّ المقدار إلى ما تعارفوا عليه، وقال الإمام القرطبي: " قوله تعالى: { بِٱلْمَعْرُوفِ } يعني بالعدل، لا وَكْس فيه ولا شَطَط؛ وكان هذا موكولاً إلى ٱجتهاد الميت ونظر الموصي، ثم تولّى الله سبحانه تقير ذلك على لسان نبيّه عليه السلام، فقال عليه السلام: " الثلث والثلث كثير ".

واحتجَّ كذلك بأن الوصية لو كانت منسوخة بالنسبة لمن يرث لوجب استثناء من يرث من الوصية الواردة في باقي الآيات الكريمة التي تصور لنا الأخذ بوصية الميت قبل توزيع الإرث على الورثة، وهذا الاستثناء لا نراه في كتاب الله تعالى: "فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين"... إلخ.

أقول: لا يُشترط أن يُذكر الاستثناء بنفس الدليل (هذه قاعدة عامة)، فالاستثناء هنا جاء بدليل آخر، وهو حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث"، على قول من يرى نسخ هذه الآية.

لذلك يجب أخذ الأدلة من آيات وأحاديث جملة واحدة متكاملة، وحمل بعضها على بعض، دون تجزئة.

وحتى يُثبت أن الوصية ندب وليست واجبة فسّر قوله تعالى: "حقاً على المتقين"، أنها مختصة بالمتقين.

"ويجاب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى: (وللمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين)، فهل يسقط حق المتعة عن غير المتقي، ويحصر وجوبه في المتقين وحدهم فحسب؟! أو ان قوله تعالى (على المتقين) يدل على تأكيد هذا الحكم، إذ كل واحد يجب عليه أن يكون من المتقين" [منقول].



ومما جعله يذهب إلى أن الخطاب في آية الوصية لمن حول الميت لا لمن يحضره الموت، أن (الوصية) مؤنثة، و(كتب) مذكر، وكان المتوقع أن يقال: كتبت الوصية، وبأن الضمائر في الآية التالية لآية الوصية مذكّرة (فمن بدله/ سمعه/إثمه)، ورفض أن يكون السبب في مخالفة الفعل لنائبه ـ بالنسبة لمسألة التذكير والتأنيث ـ هو الفصلَ بين الفعل ونائبه، وهذا السبب ذكره العلماء معتمدين فيه على قاعدة معروفة بعلم النحو، ورَفْضُه لهذه القاعدة مبني على توهم، (وهو أن الخطاب لمن حول الميت).

أما مجيء الأفعال مقترنة بضمائر مذكرة في الآية التالية لآية الوصية، فقد علل هذا المفسرون بتقدير الإيصاء، وبأن تأنيث الوصية غير حقيقي، لأن ذلك لايراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي فيذلك.

مع أن أبا مسلم الأصفهاني وصاحب المنار نفوا النسخ عن آية الوصية إلا أنهم لم يخرجوا الآية عن ظاهرها ولم يتعسفوا بجعل الفعل يتعلق بمن حول الميت، ولم أرَ شيئاً من الحجج التي اعتمد عليها المهندس عدنان مبنياً على قاعدة لغوية، أو على شيء يُعتدّ به.

والله تعالى أعلم.
 
عودة
أعلى