تاريخ جمع القرآن
إن الباحث الذي يقوم بدراسات تحقيقية في تاريخ جمع القرآن يرى أن هناك ثغرات نفذ منها أعداء الأمة وأثاروا من خلالها الشبهات، والكتب التي عرضت لتاريخ جمع القرآن بالرغم مما فيها من تحقيقات جيدة إلا أنها أبقت على بعض الأسئلة دون إجابات، وبعض الإشكالات بدون حل.
ومن هذه الأسئلة والإشكالات:
- صعوبة التوفيق بين الروايات التاريخية المتعارضة.
- ما مصير صحف أبي بكر طيلة خلافة عمر رضي الله عنه وهي فترة طويلة نسبياً؟
-تحدثت المؤلفات عن الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان من حيث الباعث والهدف إلا أنها لم تذكر أثر هذا الباعث على الآليات الإجرائية للجمع.
-جعل جلّ الباحثين جمع عثمان هو عبارة فقط عن نسخ مصحف أبي بكر، وإلزام الأمة به، وتحريق النسخ المخالفة وهذا يختلف مع الروايات التي وردت بهذا الشأن إذ إن بعض الروايات تثبت أن عثمان رضي الله عنه ظل يستقبل ما عند الناس من نسخ ويستحلفهم أن النبي أملاها عليهم.
وقد أمضيت أشهراً بين روايات تاريخ القرآن حتى خلصت إلى بعض النتائج والتي أرجو أن أعد فيها بحثاً مستقلاً.
ولن أجيب في هذه الأسطر القليلة عن هذه الإشكالات لكني سأعرض لبعض القضايا المنهجية التي ينبغي مراعاتها في دراسة تاريخ جمع القرآن والتي قد تسهم في تغيير زاوية النظر لهذا الموضوع ومن هذه القضايا:
- القرآن محفوظ بحفظ الله وحفظه في الصدور وتواتره هو الأصل في صحة نقله، والبحث في تاريخ جمع القرآن هو استنطاق للتاريخ ولا علاقة له بوثاقة النص القرآني.
- ينبغي اعتماد المنهج التاريخي في الجمع والتوفيق بين روايات تاريخ جمع القرآن في محاولة لاسترداد ما جرى، ومن ثم إعادة تركيب الأحداث بالاعتماد على الروايات، فالباحث يعمل كما يعمل عالم الآثار(الأركيولوجي) الذي يدرس الآثار ليرسم حقائق الحقبة الزمنية فهو يضع الفترة الزمنية تحت مجهره ويجتزئ إشكاله من صيرورته التاريخية ولو تقديراً لا تحقيقاً[1].
- بالرغم من دقة منهج المحدثين إلا أن شروطهم تؤدي إلى إهمال الكثير من الروايات التاريخية ولعل شروط المحدثين أنفسهم كانت أدنى في روايات المغازي والسير فمن باب أولى أن لا نعتمد شروطهم في الروايات التاريخية، فالجمع بين الروايات أولى من إهمال أحدها، ولا تهمل الرواية التاريخية إلا في حال عدم إمكان الجمع.
- تحرير المصطلحات في الروايات مثل مصطلح جمع القرآن، نسخ القرآن، المصحف، الصحف، القرآن، فعلى سبيل المثال هناك تعاور في الروايات التاريخية في استخدام مصطلح القرآن والمصحف، ولا شك أن التفريق بين المصطلحين مهم في هذه الفترة المبكرة من تاريخ جمع القرآن.
- الابتعاد عن التبسيط المفرط في التعامل مع الموضوع.
- التحلي بالموضوعية العلمية والتخلي عن العاطفة أثناء البحث وعدم تبني منهج ردود الأفعال في محاولة لسد الطريق على مثيري الشبهات لأن هذا سيؤدي إلى رفع قيمة بعض الروايات المنقطعة مثل رواية الشاهدين، واستبعاد روايات في مستواها وهذا ليس من الأمانة العلمية في شيء، لا سيما أن الله المنّان منزل القرآن تعهد لنا بحفظه يقول تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(الحجر: ٩) ، والبحث في هذا الموضوع هو بحث تاريخي لا يضر الخلاف في جزئياته على إيماننا بحفظ كتاب الله لأن المحفوظ المتواتر المقروء حجة على المكتوب حتى زمننا هذا.
- عدم الانقياد للنظريات الغربية التي تقلل قيمة الشفاهي المقروء المنقول لنا بالتواتر وترفع قيمة المكتوب.
[1] وقد فصل الدكتور فريد الأنصاري في المنهج التاريخي في كتابه أبجديات البحث في العلوم الشرعية.
إن الباحث الذي يقوم بدراسات تحقيقية في تاريخ جمع القرآن يرى أن هناك ثغرات نفذ منها أعداء الأمة وأثاروا من خلالها الشبهات، والكتب التي عرضت لتاريخ جمع القرآن بالرغم مما فيها من تحقيقات جيدة إلا أنها أبقت على بعض الأسئلة دون إجابات، وبعض الإشكالات بدون حل.
ومن هذه الأسئلة والإشكالات:
- صعوبة التوفيق بين الروايات التاريخية المتعارضة.
- ما مصير صحف أبي بكر طيلة خلافة عمر رضي الله عنه وهي فترة طويلة نسبياً؟
-تحدثت المؤلفات عن الفرق بين جمع أبي بكر وعثمان من حيث الباعث والهدف إلا أنها لم تذكر أثر هذا الباعث على الآليات الإجرائية للجمع.
-جعل جلّ الباحثين جمع عثمان هو عبارة فقط عن نسخ مصحف أبي بكر، وإلزام الأمة به، وتحريق النسخ المخالفة وهذا يختلف مع الروايات التي وردت بهذا الشأن إذ إن بعض الروايات تثبت أن عثمان رضي الله عنه ظل يستقبل ما عند الناس من نسخ ويستحلفهم أن النبي أملاها عليهم.
وقد أمضيت أشهراً بين روايات تاريخ القرآن حتى خلصت إلى بعض النتائج والتي أرجو أن أعد فيها بحثاً مستقلاً.
ولن أجيب في هذه الأسطر القليلة عن هذه الإشكالات لكني سأعرض لبعض القضايا المنهجية التي ينبغي مراعاتها في دراسة تاريخ جمع القرآن والتي قد تسهم في تغيير زاوية النظر لهذا الموضوع ومن هذه القضايا:
- القرآن محفوظ بحفظ الله وحفظه في الصدور وتواتره هو الأصل في صحة نقله، والبحث في تاريخ جمع القرآن هو استنطاق للتاريخ ولا علاقة له بوثاقة النص القرآني.
- ينبغي اعتماد المنهج التاريخي في الجمع والتوفيق بين روايات تاريخ جمع القرآن في محاولة لاسترداد ما جرى، ومن ثم إعادة تركيب الأحداث بالاعتماد على الروايات، فالباحث يعمل كما يعمل عالم الآثار(الأركيولوجي) الذي يدرس الآثار ليرسم حقائق الحقبة الزمنية فهو يضع الفترة الزمنية تحت مجهره ويجتزئ إشكاله من صيرورته التاريخية ولو تقديراً لا تحقيقاً[1].
- بالرغم من دقة منهج المحدثين إلا أن شروطهم تؤدي إلى إهمال الكثير من الروايات التاريخية ولعل شروط المحدثين أنفسهم كانت أدنى في روايات المغازي والسير فمن باب أولى أن لا نعتمد شروطهم في الروايات التاريخية، فالجمع بين الروايات أولى من إهمال أحدها، ولا تهمل الرواية التاريخية إلا في حال عدم إمكان الجمع.
- تحرير المصطلحات في الروايات مثل مصطلح جمع القرآن، نسخ القرآن، المصحف، الصحف، القرآن، فعلى سبيل المثال هناك تعاور في الروايات التاريخية في استخدام مصطلح القرآن والمصحف، ولا شك أن التفريق بين المصطلحين مهم في هذه الفترة المبكرة من تاريخ جمع القرآن.
- الابتعاد عن التبسيط المفرط في التعامل مع الموضوع.
- التحلي بالموضوعية العلمية والتخلي عن العاطفة أثناء البحث وعدم تبني منهج ردود الأفعال في محاولة لسد الطريق على مثيري الشبهات لأن هذا سيؤدي إلى رفع قيمة بعض الروايات المنقطعة مثل رواية الشاهدين، واستبعاد روايات في مستواها وهذا ليس من الأمانة العلمية في شيء، لا سيما أن الله المنّان منزل القرآن تعهد لنا بحفظه يقول تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(الحجر: ٩) ، والبحث في هذا الموضوع هو بحث تاريخي لا يضر الخلاف في جزئياته على إيماننا بحفظ كتاب الله لأن المحفوظ المتواتر المقروء حجة على المكتوب حتى زمننا هذا.
- عدم الانقياد للنظريات الغربية التي تقلل قيمة الشفاهي المقروء المنقول لنا بالتواتر وترفع قيمة المكتوب.
[1] وقد فصل الدكتور فريد الأنصاري في المنهج التاريخي في كتابه أبجديات البحث في العلوم الشرعية.