تأويل حبر الامة لقوله تعالى "ّوَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ" "شديد الحقد":

إنضم
12/01/2013
المشاركات
701
مستوى التفاعل
21
النقاط
18
العمر
52
الإقامة
مراكش-المغرب
بسم1

تأويل حبر الامة لقوله تعالى:"وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ" "شديد الحقد":

من المعلوم أن صفات الله تعالى كلها صفات كمال ونعوته كلها نعوت إجلال، والصفة إذا كانت تتضمن وجهين: وجه حمد وكمال ووجه ذم ونقص فإنه لا يجوز إثباتها له سبحانه إلا على الوجه الأكمل كصفة الاستهزاء والخداع وغيرها، أما إذا كانت الصفة ليس لها وجه كمال البتة فإنه لا تنسب إلى الله جل في علاه، كصفة"الخيانة"، قال تعالى:"وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"-التوبة:71-، ولم يقل:"فقد خانهم"، لكن في الخداع قال سبحانه:"إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ"-النساء:142-..

وسؤالي حول صفة الحقد، فحسب علمي القاصر أنها صفة ذم من كل وجه، جاء في اللسان:"الحِقْدُ إِمساك العداوة في القلب والتربص لِفُرْصَتِها والحِقْدُ الضِّغْنُ والجمع أَحقاد وحُقود"([1]).

ومن التأويلات التي ذكرها الإمام القرطبي رحمه الله تعالى لقوله تعالى:" وهو شديد المحال" ما نسبه لحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما:"شديد الحقد"[SUP]([/SUP][2][SUP])[/SUP].
وهذا التأويل لم يذكره إمام المفسرين بل اكتفى بأقوال أخرى منسوبة لابن عباس رضي عنهما.

- فإما ألا يصح هذا القول عن ابن عباس رضي الله عنه، وهنا لا إشكال.

- أو أنه يصح، لكن كلامه يحمل على عموم الإخبار لا الوصف، لأن باب الإخبار كما هو معلوم أوسع من باب الصفات.
لكنني وأنا أكتب هذه الكلمات اطلعت على كتاب القواعد المثلى فألفيت قاعدة تتعلق بالأسماء الحسنى:" يجوز الإخبار عن الله بما لا يتضمن نقصاً"، وإذا كانت صفة الحقد لا تتضمن كمالا من أي وجه بقي الإشكال هنا قائما.
فأرجو الإفادة لمن تيسر له من الأعضاء الكرام، وهل صفة "الحقد" يمكن أن تدخل ضمن الصفات التي لها وجه كمال ووجه نقص؟


([1] ) هذا بالطبع بالنسبة للمخلوق.

([2] ) الجامع لأحكام القرآن:9/299.
 
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين...أما بعد...جزاكم الله تعالى خيرا أستاذ ناصر عبد الغفور
في تفسير القرطبي تحقيق التركي: نسبوا القول الى الحسن وليس الى ابن عباس وذكروا
انه الصحيح والقول في تفسير النكت والعيون 3- 102، وقد ذكره كذلك ابن الجوزي(597) في زاد المسير وقال:وَالْخَامِسُ : شَدِيدُ الْحِقْدِ ، قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِيمَا سَمِعْنَاهُ عَنْهُ مُسْنَدًا مِنْ طُرُقٍ ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِنْهُمُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ ، وَالنَّقَّاشُ(351هجرية) ، وَلَا يَجُوزُ هَذَا فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ النَّقَّاشُ : هَذَا قَوْلٌ مُنْكَرٌ عِنْدَ أَهْلِ الْخَبَرِ وَالنَّظَرِ فِي اللُّغَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ صِفَةً مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَالَّذِي أَخْتَارُهُ فِي هَذَا مَا قَالَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : شَدِيدُ الْأَخْذِ ، يَعْنِي : أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ الْكَافِرَ وَالظَّالِمَ لَمْ يُفْلِتْهُ مِنْ عُقُوبَاتِهِ .
والله تعالى أعلم.


 
بسم1​
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رجوتُ أن يكون العنوان " ما ينسب لحبر الأمة من تأويلٍ لقوله تعالى (شديد المحال) " لأن القول منسوب إليه وإلى علي ابن أبي طالب رضي الله عنهما ولم يثبت قولهما لهذا التفسير.
والحقد هو : البغض الشديد مع قصور الطاقة عن ايقاع الأذى.
والحاقد يحمل في جنبه البغض ولكنه لا يقدر على من يبغضه فيؤذيه ، ولو تأتّى ذلك لأتاه وإلا فإن انتفاء القدرة يمنعه من ذلك ، والحاقد يحبس الغيظ والكره في نفسه حتى تتهيأ له فرصة الأخذ والأذى ، والحاقد يلقى المحقود بوجه خلاف ما يضمره له من شر ذلك انه لا يملك أذاه ، فلا يظهر من وجه الحاقد ما ينبئ عما في نفسه .
وكل هذا لا يصح ولا ينبغي في حق الله تعالى ، وهذا ما تمتلئ به المنقولات من الباطل الذي ينبغي أن يزال ويستأصل ، ولو تتبعنا سياق الآيات الكريمة لفهمنا الآية خلاف ما يقال :

هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13) [الرعد]
جاء في مقاييس اللغة لابن فارس :
فَالْمَحْلُ: انْقِطَاعُ الْمَطَرِ وَيُبْسُ الْأَرْضِ مِنَ الْكَلَأِ. يُقَالُ: أَرْضٌ مُحُولٌ، عَلَى فُعُولٍ بِالْجَمْعِ. قَالَ الْخَلِيلُ: يُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى الْمَوَاضِعِ. وَأَمْحَلَتْ فَهِيَ مُمْحِلٌ. وَأَمْحَلَ الْقَوْمُ. وَزَمَانٌ مَاحِلٌ.
ولما كان السياق متعلق بالسحاب وما يحمله من الغيث ، وما يحيط بذلك من طمع في رحمة الله وخوف من عقابه ، كان مفهوم (شديد المحال) شديد الأخذ بالجدب وبوار الأرض وحصول المجاعة وانقطاع المطر ، ومن المُحْلِ أيضاً غزارة الماء وقوة الصواعق وقوة السيول حتى تبير المزارع وتتلف المال والمنازل فكان جمع المُحُوْلِ جمع مُحْل إلى مِحَال لتنوع البوار وتعدده إلى جفاف وجدب من ناحية أو سيول وصواعق مدمرة من ناحية أخرى.
فكان هذا المفهوم متفقاً مع السياق متسقاً مع الحقيقة لغةً وواقعاً يجعل من تلك الأقوال المنسوبة ظاهرة البطلان لا حاجة لنا بها وهي أولى بالنسخ (الإزالة) من أحكام الله في كتابه العزيز.
 
جزى الله خيرا الأستاذين الكريمين: البهيجي والغامدي.
لكن بالنسبة لتعليق الأخ عدنان، فحمل المحل على الجدب والقحط، كما نقل الراغب في مفرداته عن أبي زيد:"محل الزمان قحط"، لا ينافي الأخذ بالمعاني الأخرى، فمن قواعد التفسير المعلومة أن اللفظ أو الآية إذا كانت تحتمل معنيين أو أكثر لا منافاة بينها فإننا نحملها على الجميع، فكل ما ورد عن السلف في تفسير الآية كقولهم: شديد القوة، شديد الأخذ، شديد النقمة، شديد الغضب، شديد المكر، شديد الهلاك بالمحل وهو القحط...لا منافاة بينها، فالأولى حمل اللفظ عليها جميعها، ماعدى الأقوال الظاهرة البطلان والتي يتنزه عنها البارئ سبحانه. أما أن نحجر اللفظ في معنى واحد بحجة أنه المتناسب مع السياق ونعرض عن كل الأقوال الواردة عن السلف رحمهم الله تعالى فليس من الإنصاف.
والله تعالى أعلى وأحكم ونسبة العلم إليه سبحانه أسلم.
 
قال محمد حسن حسن جبل رحمه الله:
والمعنى المحوري للمحل : جفاف أثناء الشيء وخلوها من اللين والبلال مع امتداد جرمه، ومنه الممحلة، شكوة يحقن فيها اللبن، فإذا ذهبت عنه حلاوة الحلب ولم يتغير طعمه فهو سامط، فإذا أخذ شيئا من الريح فهو خامط، فإن أخذ شيئا من طعم فهو الممحل، فهو يبقى في الشكوة تلك المراحل الثلاث ثم تذهب حلاوته ويجف، والمحل الذي طرد حتى أعيا، ورجل محل أي لا ينتفع به، ومحل به أي سعى به إلى السلطان ليهلكه، والمحل المكر والكيد وهو تدبير يمتد حتى الإهلاك، وماحله أي قاواه حتى يتبين أيهما أشد، كل يحاول أن يستفرغ قوة الآخر.، قال تعالى: (وهو شديد المحال).
وجاء في وصف القرآن أنه ماحل مصدق، ومنه محل لفلان حقه، أي تكلفه له، وتمحل الدراهم أي انتقدها.
انتهى كلامه، وقد نقلته هنا بشيء يسير من التصرف.
والله أعلم.
 
عودة
أعلى