تأملات في سورة ( قل هو).

أبو عبد المعز

Active member
إنضم
20/04/2003
المشاركات
670
مستوى التفاعل
32
النقاط
28
ما دلالة "قل" ؟

إنها تجعل المعنى مزدوجا مرتين:

- لفظ ومعنى

- علم وإعلام

1- لو كانت الآية بدون قل ،أي ( هو الله أحد)، لكانت مجرد إخبار بمعنى يتصور بالذهن فقط ، لكن كلمة "قل" قد أضافت إلى المعنى الذهني اللفظ باللسان ،فكان أن اتحدت العقيدة بالشهادة...ومعلوم أن قول الجنان لا يكفي بدون اللفظ باللسان ...وقد تقرر عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان اعتقاد وقول وفعل ، أركانا ثلاثة إذا تهدم واحد منها خر البناء كله...ومرجئة الفقهاء أنفسهم وإن كان عندهم شبه تحفظ على ركنية العمل لكنهم متفقون على ركنية القول ولم يخرج القول إلا مرجئة المتكلمين إذ جعلوا الإيمان مقتصرا على المعرفة فقط...

فالتوحيد علم بوحدانية الله وشهادة بهذا العلم...ولا يكتفى بالعلم فقط ، ألا ترى أن أهل الكتاب المعاصرين للنبي- صلى الله عليه وسلم - لم يكن عندهم أدنى شك في نبوته ورسالته وانطباق الإشارات المذكورة عندهم في كتبهم عليه:

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة : 146]

الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ [الأنعام : 20]

لكن هذه المعرفة وحدها لا تدخلهم في زمرة المؤمنين والمسلمين إلا بشرط النطق بالشهادة...فظهر الفرق بين "هو الله أحد" و "قل هو الله أحد".
 
2- المعنى الثاني : اقتران التلقي بالتبليغ، أو اتحاد العلم بالإعلام

قل (للناس) هو الله أحد...

فتكون الوظيفة مزدوحة : يعلم الله رسوله بإنه واحد ، ويأمره بإعلام الناس بذلك...فاستفيد من "قل" أمران من الأهمية بمكان:

التوحيد عقيدة وشهادة

التوحيد عقيدة وشهادة وتبليغ.

وقد ندد التنزيل بأهل الكتاب من قبلنا بشدة لأنهم لا يقولون للناس ما قال الله لهم:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ [البقرة : 159]

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [البقرة : 174]
 
"قل"

اشتركت سورة( قل هو) وسورة (الكافرون) في الاستهلال بأمر "قل" ،واتحدتا في موضوع التوحيد، لذلك اشتركتا في الاسم والوصف...قال القرطبي :

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كَانَ يقال ل ( قل يا أيها الكافرون)، و (قل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) الْمُقَشْقِشَتَانِ، أَيْ أَنَّهُمَا تُبَرِّئَانِ مِنَ النِّفَاقِ.

وسميت السورتان معا ب(الإخلاص)...

والجدير بالملاحظة أن سورة( الكافرون) جاء الأمر بعد" قل" بالنفي: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ [الكافرون : 2]

وجاء الأمر في أختها بعد "قل" بالإثبات: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص : 1]

ومعلوم أن التوحيد مكون من شقين :النفي والإثبات فتكفلت كل واحدة منهما بشق...فالكافرون تنفي الآلهة الباطلة (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ) والإخلاص تثبت المعبود الحق (قل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)

ولما كان النفي مقدما على الإثبات (لا إله إلا الله) فقد جاءت سورة (الكافرون ) قبل سورة (الإخلاص) في ترتيب المصحف الشريف...

(سورة الكافرون بعدها سورتان ثم سورة الإخلاص بعدها سورتان أيضا ثم يختم المصحف!!)
 
"هو"

في تأويل الضمير"هو" ثلاث مذاهب : مذهبان مقبولان ومذهب مردود

1- أن يكون "هو" ضمير شأن فلا يحيل على شيء محدد كأن يكون التقدير :الأمر أو الشأن يتعلق بالله الأحد.

2-أن يكون "هو" ضميرا حقيقيا يحيل على شيء مذكور أو معهود ، ولما جاء هذا الضميرفي مستهل السورة غير مسبوق بكلام يتضمن موضوع الإحالة فقد قال المفسرون إن الضمير يتعلق بما ذكروه من أسباب النزول فقد سأل المشركون النبي -صلى الله عليه وسلم - عن هذا المعبود الذي يدعوهم إليه ، فنزلت الآية فيكون التقدير : الذي تسألون عنه هو الله أحد...

3- المذهب المردود - بدون تردد- هو مذ هب الصوفية التي قالت : إن "هو" من أسماء الله الحسنى، بل هو الاسم الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى... ومن ثم ابتدعوا ذكرهم المشهور:( يا "هو"...)

نقول : لا بد لاسماء الله الحسنى أن تتضمن معني حسنا ويكون هذا المعنى - في الغالب – فيه تفاوت في الدرجة، فلا يوصف الله إلا بالدرجة العليا كما نقول : أرحم الراحمين ...فأي معنى حسن يوجد في ضمير "هو" ليكون من أسماء الله الحسنى .؟

الضمائر كلها خالية من الصفات -حسنى أو غيرحسنى- ووظيفتها الإحالة على الذوات المذكورة أو المعهودة فقط ولا تتضمن أي حكم قيمة ...فقد تحيل"هو" على رجل كما قد تحيل على حيوان ... ومع ذلك جعله الجهال من الأسماء العليا!!
 
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله تعالى خيرا وبارك بكم
الأستاذ العزيز حفظنا الله تعالى وإياكم الفقرة الآتية تحتاج إلى توضيح :
( 1- أن يكون "هو" ضمير شأن فلا يحيل على شيء محدد كأن يكون التقدير :الأمر أو الشأن يتعلق بالله الأحد)
وجزاكم الله تعالى خيرا .
 
"أحد"

الغالب على مذهب العلماء مسلك التفريق بين "واحد" و"أحد" ،على أساس الجهة من الإثبات والنفي...ومن ثم اعتبروا الأحدية صفة خاصة لله في مقام الإثبات ، فلا يقال عن غيره إلا "واحد "، مثل (هو رجل واحد) و(أمر واحد) ولا يجوز (هو رجل أحد) ولا (أمر أحد)، إلا في سياق النفي، فيقال (لم أر أحدا من الرجال) . ..
النفي في "أحد" مطلق - كما في دلالة "لا" النافية للجنس - ففي قولك (لم أر أحدا من الرجال) نفي لرؤية أي واحد من جنس الرجال....بينما لو قلت (لم أر واحدا من الرجال) فقد نفيت رؤية رجل واحد ولم تنف الجنس ، فقد يفهم المتلقي أنك نفيت رؤية فرد من الرجال ولم تنف رؤية جماعةمنهم، فيجوز أن يقال (لم أر واحدا من الرجال بل سبعة) ، لكن لا يجوز أن يقال : (لم أر أحدا من الرجال بل سبعة) لما في العبارة من تناقض بين صدرها وعجزها ، فصدرها يعدم حقل الرؤية وعجزها يوسعه!

لكن ظهر لي – وهذا اجتهاد شخصي- إمكان الجمع وتوحيد المعنيين...استنادا إلى آلية "التضمين " كما سنبين إن شاء الواحد الأحد...
 
اعلم أن كل كلمة تختص بمعناها ولا تدل إلا عليه ، ولكن يحدث أحيانا – لمقتضيات ظاهرة -أن تدل على معنى هو من اختصاص كلمة أخرى فتضيفه إلى معناها الأصلي هذه الظاهرة سموها التضمين (أي تضمنت الكلمة معناها ومعنى غيرها) ويتضح هذا بمثال:

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ [فصلت : 6]

اسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ : عدي فعل "استقام" بحرف "إلى" مع أن هذا الفعل لازم لا يتعدى (لا بنفسه ولا بحرف) مثلا في قوله: وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [الشورى : 15] تكون "استقم" جملة تامة مفيدة يحسن السكوت عليها – كما يقول النحاة- ليس فيها إلا فعل وفاعل ،لا تحتاج إلى مفعول أصلا ...فما الحكمة من جعلها متعدية ب"إلى"؟ لم لم يقل فَاسْتَقِيمُوا وَاسْتَغْفِرُوهُ؟

نقول :إلحاق" إلى " ب "استقيموا " مؤشر على أن هذا الفعل قد أشرب وتضمن معنى فعل آخر من شأنه التعدية بهذا الحرف..ولعل هذا الفعل هو "توبوا"... نرجحه لمؤشرات ثلاثة:

1- التوبة مظهر من مظاهر الاستقامة فحقل دلالي واحد يجمعهما

2- فعل "تاب" يتعدى ب"إلى" : فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ [البقرة : 54]

3- التوبة والاستغفارمقترنتان فالتوبة إقلاع عن سيئة وعزم على ألا عودة إليها ، لكن ما اقترف فيما مضى قد كتب فلزم الاستغفار: وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ [هود : 3]

وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [هود : 90]

(فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ) تضمن "استقيموا إليه" معنى "توبوا إليه" ( وقد يقدر فعل آخر من نفس الحقل الدلالي يتعدي ب "إلى" مثل ارجعوا إليه، أو فروا إليه ، أو اسعوا إليه)

وانطلاقا من آلية التضمين هذه نعتقد أن كلمة "أحد" قد تضمنت النفي والإثبات معا:

فأما الإثبات فمفهموم من السياق (قل هو الله أحد)

وأما النفي فمفهوم من المعنى المتأصل في كلمة "أحد"

"أحد" دالة على الإثبات بحسب سياقها (قل هو الله أحد) لكنها لم تفقد معنى النفي المتأصل فيها...

فيصبح الجمع بين المعنيين النفي والإثبات إشارة إلى كلمة التوحيد نفسها( لا إله إلا الله... ) بتقدير الله واحد وليس معه أحد ...اختزل كل ذلك في كلمة واحدة :"أحد"...وفصلته خاتمة سورة الكهف :

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف : 110]
واحد - أحد

ونفهم على ضوء هذا التخريج - إن صح - سر تكرار بلال -رضي الله عنه- لكلمة (أحد، أحد...) أثناء محنته...فالظاهر ذكر الله بالاسم المفرد لكن يؤول إلى شهادة التوحيد، لتضمن كلمة "أحد" النفي والإثبات معا.
 
"الصمد"

ذكر أهل اللغة والتفسير أن من معاني الصمد "المصمت الذي لا جوف له" وهذا المعنى قليل الفائدة فلا تحمل الآية عليه، وإنما قلنا ذلك لأن مقصود سورة (الإخلاص) هو التعريف برب العالمين كما هو مستفاد مما أوردوه عن سبب النزول...فتكون السورة بمثابة "بطاقة هوية" - إن صح التشبيه – ومن شروط بطاقة الهوية أن تسجل من التفاصيل بحيث لن تنطبق في الوجود إلا على واحد هو المعني بالتعريف...ولسنا نرى في عقلاء البشر من يزعم أن ربه مجوف لتكون السورة ردا عليه...ثم ما الحكمة من تخصيص الرد على (المجوفين)-إن وجدوا- من بين سائر أصناف المجسمة والمجسدة...إذ يمكن فتح سلسلة لا تنتهي من السلب – على منهج المتكلمين وأضرابهم- لاجوف له وليس مكعبا ولا مربعا ولا ....ولا...واستمرار السلب لا إلى نهاية ليس فيه تمجيد كبير...

بخلاف ما لو حملت صفة الصمد على المعنى الصحيح ( أى السيد المقصود عند الحوائج...) عندئذ يظهر المعنى الجليل اللائق برب العالمين وتبدو معها تلك السلوبات أقرب إلى الهذيان!

المقصود عند الحوائج هو جوهر الألوهية ، والمشركون أنفسهم مقرون بصمدية الرب ، فهم يقصدون ربهم عند الحوائج، لكنهم يقصدون معه غيره أيضا ومن هنا كانوا مشركين وهم عند الضرورة يكونون موحدين - رغم أنفهم - وينسون شركاءهم:

بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ [الأنعام : 41]

هذه الصمدية لابد للإنسان أن يقر بها بسبب وضعه الوجودي فقد خلقه الله فقيرا محتاجا (لا نقصد الفقر بالمعنى الاقتصادي بل بالمعنى الوجودي مثل الحاجة الدائمة إلى الأكل والشرب والهواء ) خلقه الله في حاجة إلى الهواء في كل دقيقة أو أقل منها... خلقه الله كذلك ليشعره بفقره في كل لحظة ومع الشعور بفقره يمتليء وجدانه بصمدية الرب ...فقارن هذا المعنى الجليل للصمد مع المعنى المبتذل (المصمت الذي لا جوف له)!
 
"الصمد"

تكاد "الصمدية" تكون نقطة تقاطع بين التوحيدين الربوبية والألوهية...وهنا لا بأس من الإشارة إلى الضابط اللغوي المميز بين التوحيدين:

في توحيد الالوهية يكون الإنسان في موقع (الفاعل ) وفعله موجه إلى الله وحده فتقول : يخشى الإنسان الله ، يتوكل الإنسان على الله ، يصلى الإنسان لله ، يتوب الإنسان إلى الله.......وهلم جرا

في توحيد الربوبية العكس: الله هو الفاعل والإنسان ( أوغيره) مفعول به فتقول : خلق الله الإنسان ، يرزق الله الإنسان، يهدي الله الإنسان ...وهكذا..... وفي هذه الأمثلة جميعا يجب لزاما إدخال قيد (وحده) ليتحقق التوحيد : يخشى الإنسان الله وحده (الألوهية)، وحده خلق الله الإنسان (الربوبية)....

ولما كان الصمد هو ( السيد المقصود عند الحوائج) كان التوحيد فيه للألوهية ( الإنسان قاصد بصيغة اسم الفاعل، والسيد مقصود بصيغة اسم المفعول) لكن "الصمدية"- كما أشرنا من قبل – أمر تدعو إليه الفطرة والضرورة معا ، فلا ينفصل الرب عن كونه صمدا....ونكران الصمدية لا يتأتى إلا مع نكران الربوبية، كما في مذهب كثير من الفلاسفة وعلماء الطبيعة...فهؤلاء ملاحدة وإن صرحوا بوجود الله، فالله في منهج هؤلاء الأقوام ليس "ذاتا" وإنما هو "مبدأ" ذهني للتفسيرفقط...- مثل مبدإ "المحرك الاول" الارسطي-وقد تجد جهالا من المسلمين يفرحون بأقوال أساطين العلم والفلسفة في الايمان بالله ويتخذونها حججا في التصدي للإلحاد ولم يعلم جهالنا أن أساطينهم يسخرون منهم فالله مفهوم فقط لا يعي ولا يسمع ولا يستجيب، فلا فرق عندهم بين أن تعبد الله أو تعبد "اللانهاية" أو تعبد مجموعة "الاعداد الأولية" أو تعبد متوالية " فيبوناتشي " فكل أولئك مفاهيم حيزها الذهن فقط....
 
الله أحد/ الله الصمد


تكرار اسم الله مرتين مؤشر على أن التركيب جملتان، وأن (الله) اسم و(أحد) و(الصمد) صفتان...كما تقول :" زيد شجاع، زيد كريم"....

وفي تكرار المبتدأ زيادة مدح ، فهو أمدح من قولك" زيد شجاع كريم" ....

ونشير هنا إلى أن تكرار اللفظ لا يقصد به دائما أمرا ذهنيا (كالإفهام بالتوكيد والتقرير)، بل قد يكون القصد عاطفيا انفعاليا (كالتلذذ بذكر اسم المحبوب ) ..وهذا أمر يشعر به من يكرر ذكر اسم الله فتجد المعنى الذهني مصحوبا بالظلال النفسية فيمتليء الصدر عند ذكر اسم الجلال بأحاسيس لا يمكن التعبير عنها، والصورة الصوتية نفسها لاسم" الله " تولد تلك الأحاسيس: ف "اللام "المفخمة ومدها وانهاء المد بصوت "الهاء" يشعرالمرء وكأن الكلمة قد انبعثت من الصدر وعادت إليه!!!

الجمع بين الصفتين (أحد) و(الصمد) جمع بين التسبيح والتحميد الدالين على التخلية والتحلية:

"أحد "صفة عدمية منزهة لله إن يكون له ند أو شبيه أو مثيل .....فسبحانه وتعالى،

"الصمد" صفة ثبوتية فهو مقصود عند كل مخلوقاته...فله الحمد....!
 
عودة
أعلى