المقاربات والمناسبات في سورة مريم.

إنضم
18/01/2016
المشاركات
208
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
العمر
57
الإقامة
مصر
بسم1
الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه:
المقاربات السياقية، والمناسبات النصية، ومواطن الترابط الموضوعية في هذه السورة المباركة الشيىء الكثير، الذي يستوقف النظر، ويدعو إلى التعجب.
الجزء الأول:
1
بدأت سورة مريم بخمسة أحرف: ﴿كهيعص﴾، وتكرر في نفس السورة قوله تعالى: ﴿واذكر في الكتاب﴾ مع: مريم، وإبراهيم، وموسى، وإسماعيل، وإدريس، خمس مرات.
2
الرحمة:
بداية مع "رحمت ربك عبده زكريا"، "ورحمة منا" في حق عيسى، "ووهبنا لهم من رحمتنا" في حق إبراهيم وإسحاق ويعقوب، "ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا" في حق موسى.
3
الصدق:
قال في حق إبراهيم: "صديقا نبيا"، وفي حق إسحاق ويعقوب: "لهم لسان صدق عليا"، وفي حق إسماعيل: "صادق الوعد"، وفي حق إدريس: "صديقا نبيا".
4
الهبة:
دعاء زكريا: "فهب لي من لدنك وليا"، ومع مريم: "لأهب لك غلاما زكيا"، ومع إبراهيم: "وهبنا له إسحاق ويعقوب"، ومع موسى: "ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا".
5
ابنا الخالة عيسى ويحيى، عليهما السلام:
أوتي يحيى "الحكم صبيا"، وتكلم عيسى "في المهد صبيا".
يحيى: "وبرا بوالديه"، وعيسى: "وبرا بوالدتي".
يحيى: "ولم يكن جبارا عصيا"، وعيسى: "ولم يجعلني جبارا شقيا".
يحيى: "وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا"، وعيسى: "والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا".
6
بين زكريا ومريم، عليهما السلام:
مع زكريا: (قال ربك هو عليّ هين)، ومع مريم: (قال ربكِ هو عليّ هين)،
مع زكريا: (ألا تكلم الناس)، ومع مريم: (فلن أكلم اليوم إنسيا).
مع زكريا جاءت تسمية الغلام بيحيى أولا، ومع مريم جاءت تسمية الغلام بعيسى آخرا.مع زكريا هو سأل الآية: "اجعل لي آية"، ومع مريم: "ولنجعله آية للناس".
7
بين زكريا وإبراهيم، عليهما السلام:
مع زكريا قال: "ولم أكن بدعائك رب شقيا"، ومع إبراهيم قال: "عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا".
وليحيى: "واجعله رب رضيا"، ولإسماعيل: "وكان عند ربه مرضيا".
وذكر مع زكريا وصف الكبر بالعتيّ بقوله تعالى: "وقد بلغت من الكبر عِتيا"، وذكر مع إبراهيم وصف الرب بالحَفيّ بقوله تعالى: "ربي إنه كان بي حفيا".
8
بين عيسى وإسماعيل، عليهما السلام:
في حق عيسى: "وأوصاني بالصلاة والزكاة"، وفي حق إسماعيل: "وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة"، وذكر إسماعيل في الكتاب، وعيسى مع أمه.
9
بين موسى وإدريس، عليهما السلام:
مع موسى قال: "وقربناه نجيا"، ومع إدريس قال: "ورفعناه مكانا عليا".
بين زكريا وعيسى، عليهما السلام:
مع زكريا قال: "عبده"، ومع عيسى قال: "إني عبد الله".
10
وعقب ذكر الأنبياء عليهم السلام بالثناء عليهم:
"أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين"، وختم بوصف الصالحين:
"إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا".
والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم.
الجزء الثاني:
11
الفاصلة الصوتية في سورة مريم مؤلفة من صيغ صرفية للمبالغة، منها ما لا يوجد في غيره من القرآن، ذات جرس إيقاعي على الأذن غاية في العذوبة والحسن والجمال.
12
من هذه الفواصل الفريدة: "تحتك سريا"، "شيئا فريا"، "واهجرني مليا"، "سجدا وبكيا"، "وأحسن نديا".
سريّ، وفريّ، ومليّ، وبكيّ، ونديّ، لم يأت مثلها.
13
التحليل الصوتي، والتحليل الصرفي، والتحليل البياني لفواصل سورة مريم تستفرغ فيه الأوقات والجهود، وتؤلف فيه الرسائل الطوال؛ بسبب متعة البحث فيه.
14
"عِتِيًّا"، و"بُكِيًّا"، و"رِئْيًا"، ثلاثة من هذه الفواصل، فيها من أوجه الإعلال: قلب وإبدال وإدغام وحذف واتباع، وتتوجه الدلالة بحسب الاشتقاق والسياق.
15
وأكثر ما جاءت فواصل السورة على فعيل وفعول وفعل، وبناء فعيل يرد إلى اسم الفاعل أو اسم المفعول أو الصفة المشبهة: ذي فعل تفيد تقرير ثبوت الصفة.
16
في الفرقان والملك أتي بالمصدر عتو بالضم، قوله تعالى: "وعتوا عتوا"، وقوله تعالى: "لجوا في عتو" وأتى هنا بالكسر تمشيا مع جو الانكسار في السورة.
17
وشأن قصة زكريا عليه السلام في سورة مريم على غير مثيلاتها كقصة مريم وإبراهيم وموسى وإسماعيل وإدريس؛ فلم يقل فيها مثلا: واذكر في الكتاب زكريا.
18
وكأنه جيىء بآية "كهيعص" توطئة خاصة لشأن قصة زكريا عليه السلام؛ لأنه سأل ربه ولدا يرثه ويرث عرش نبوة بني إسرائيل؛ خوفا من ذهابها بانقطاع نسله.
19
وكان مجيىء عيسى عليه السلام من غير نسب أب في بني إسرائيل تمهيدا لانقطاع النبوة في نسل يعقوب، وإيذانا بانتقالها إلى نسل إسماعيل عليهما السلام.
20
ومن المناسبات العظيمة أن يأتي بقصة مريم وعيسى عقب قصة زكريا ويحيى، ثم يعقب بعدها بقصة إبراهيم، ويأتي بقصة إسماعيل استقلالا وليس مع قصة أبيه.
21
في مناجاة زكريا ربه عز وجل قال أولا: "وهن العظم مني"، وثانيا: "بلغت من الكبر عتيا"، وذكر: "وكانت امرأتي عاقرا" في المرتين، ولم ينسب لها غيره من الموانع.
22
نسبت سارة زوجة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لنفسها كبر السن مع العقم، وقالت: "عجوز عقيم"، وهي التي تعجبت من أمر الله، والذي تعجب هنا هو زكريا.
23
وكما نسب زكريا لنفسه الكبر، نسب إبراهيم الخليل لنفسه كبر السن أيضا، كما دل عليه قوله تعالى: "الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق".
24
العاقر زوجة زكريا، محلها قابل للإصلاح يناسبه: "وأصلحنا له زوجه"، والعقيم زوجة إبراهيم أميت محلها، فأعاد إليه الحياة وناسبه: "فضحكت فبشرناها".
25
سورة مريم:كان نداء خفيا؛ فكان الجواب يحيى وليا تقيا وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا، وكانت "كهيعص" ترجمة ذكر رحمت ربك عبده زكريا.
والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم.
الجزء الثالث:
26
من مفردات القرآن في سورة مريم: الحنان والسريّ.ذكر مع يحيى: "وآتيناه الحكم صبيا وحنانا من لدنا"، ومع مريم: "ألّا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا".
27
يتصل معنى ودلالة الحنان والسريّ في سورة مريم بمعنى ودلالة الحصور والسيد في سورة آل عمران من قوله تعالى: "وسيدا وحصورا" اتصال المعاورة بينها.
28
الحصور هو من حصر نفسه على العبادة، وأوقف نفسه على الطاعة، وانقطع طواعية عن الملذات والشهوات، وحبس نفسه عن شواغل وصوارف نسك الإقبال والإخبات.
29
كان الحنان درجة الرهبانية والتبتل بنوع من النزع والتوقان الفطري الذي أعطاه الله ليحيى؛ عوضا وغنى له عن الاتصال بالملذات والشهوات فكان حصورا.
30
وبالحنان امتاز يحيى عليه السلام عن غيره واختلف عنهم، كما يمتاز سهم القدح الذي ليس منها عن نظرائه وأقرانه، من قول العرب: "حنّ قِدح ليس منها".
31
الحنان ما أودعه الله في قلب يحيى عليه السلام من محبة الطاعة والإقبال على الله والزلفى بين يديه وقطع الصلة عن غيره؛ حاصرا نفسه طوعا واختيارا.
32
الحصور: فعول بمعنى فاعل أولى من فعول بمعنى مفعول، أي حاصرا مختارا وليس محصورا مضطرا؛ لأن السياق في التزكية والثناء الجميل بما يليق بالاصطفاء.
33
السريّ شريف في نفسه، لا يُسأل عن نسبه لكمال مروءته؛ كما هو السّيد المطاع في قومه.السريّ من نسب نفسه إلى الله بالعبودية: "قال إني عبد الله".
34
الوجه في المقاربة والمناسبة هو أن الحنان كحنين الناقة، قطع الشوق عن غير عبادة الله، والسريّ قطع شرف العبودية لغير الله، فالرجل السريّ بنفسه.
35
محور الارتكاز في قصة زكريا وفحوى الخطاب وجوهر الرسالة ولب التذكره هي قوله تعالى: "قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا".
والله أعلم.
 
بسم الله الرحمن الرحيم.
الجزء الرابع:
﴿كهيعص﴾ ﴿ذكر رحمت ربك عبده زكريا﴾.
هي نحت:
ك: "كذلك"،
هـ: "هو عليّ هيّن"،
ي: "يحيى"|"يرثني"|"يرث"،
ع: "عبده"|"عاقرا"|"عتيا"،
ص: "صبيا".
يتبع،
 
37
موطن العظة والعبرة في قصة زكريا عليه السلام:
نبي وهن عظمه واشتعل شيب رأسه، بلغ من الكبر عتيا، وامرأة عاقر، فخاف على الرعية وسأل وليا؛ يرث الحكم والنبوة.
38
رحم الله عبده زكريا، وأجابه إلى سؤاله وبشره بغلام اسمه يحيى، وأخذ يحيى الكتاب بقوة، وآتاه الله الحكم صبيا؛ فقرت عين زكريا وتعجب من رحمة الله.
39
عندها أجيب زكريا: "قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا"، لا تتعجب من أمر؛ شأنك أنت أعجب منه؛ قد خلقت وليس لك سابق ذكر.
40
سأل زكريا ربه: "وليا يرثني ويرث من آل يعقوب" كما ورث سليمان داود عليهم السلام، وكما حكم سليمان مع داود: "وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث"، حكم يحيى صبيا كذلك.
41
كان قوله تعالى في حق يحيى: "وآتيناه الحكم صبيا" من باب تعجيل ثمرة العطاء ليدرك نبي الله زكريا ثمرة دعائه في حياته؛ لأنه قال: "وبرا بوالديه".
42
"كهيعص" هي اختصار: "ذكر رحمت ربك عبده زكريا" وأحداثها، وما فيها من إضاءات وإشارات، يسهل حفظها واستحضارها، ويرمز كل حرف منها لموطن عبرة وعظة.
 
43
تأمل السياق الذي جاءت فيه كلمة "كذلك" من قوله تعالى: "قال كذلك قال ربك"، لم يقل: "قال ربك"، ولم يقل: "كذلك قال ربك"، ولكن: "قال كذلك قال ربك".
44
"هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ" لم تذكر إلا في موضعين وفي معجزتين، خلق يحيى وخلق عيسى، وما توحيه دلالة "عليّ" فيهما من أن الله وحده هو القادر على ذلك.
45
"يحيى لم نجعل له من قبل سميّا"، يحيى اسم علم على وزن الفعل، سميا خصه الله بخصال سامية، أخذ الكتاب والحكم والحنان والزكاة والبر والسلام عليه.
46
"كذلك"، كلمة منحوتة من كاف المثلية والتشبيه، وذا الإشارة والتلويح، ولام البعد والتمليك، وكاف الخطاب:"على النحو الذي أشاء، يكون لك ما تريد".
47
وردت "صبيا" في موضعين لا ثالث لهما، مع يحيى ومع عيسى، ولا أدري أيهما أعجب، صبي حكمه الله في قومه، أم صبي تكلم في المهد بما يكون من أمره كله.
48
والأعجب من ذلك أنه اجتمع لبني إسرائيل في عهد زكريا عليه السلام نبيان صبيان، وأم أحدهما وهو عيسى صدّيقة، ولم يكن لبني إسرائيل سابقة عهد بذلك.
49
"كيف نكلم من كان في المهد صبيا"، هكذا استنكر بنو اسرائيل تكليم عيسى؛ لأنه حديث عهد بمهد ولادته، ولم تنكر على يحيى الحكم صبيا؛ لأنه جاوز المهد.

 
50
وسميت السورة باسم مريم ولم تسمّ باسم زكريا؛ لأن الشأن مع مريم أعجب وأغرب، لأن الله عز وجل وهبها الولد عيسى عليه السلام من غير أن يكون له أب.
51
لم يستنكف زكريا على ضعفه أن يسأل ربه الولد؛ فوصِف بالعبودية: "عبده زكريا"، ولم يستنكف عيسى على شرفه أن يكون عبدا؛ فصرّح بها: "إني عبد الله".
52
ولم يقرن وصف العبودية مع أيّ من الأنبياء المذكورين في بقية السورة غير زكريا وعيسى، عليهما السلام.لم يقل كما جاء في سورة ص: "واذكر عبدنا ..".
53
الشأن في عدم استنكاف عيسى أو استكباره أن يكون عبدا لله عز وجل، أعجب من عدم استنكاف زكريا نفسه؛ لأن عيسى هو كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه.
54
العين في "كهيعص" هي عين العبودية التي وهبت يحيى لزكريا، وعين العبودية التي نطق بها عيسى في المهد، وعين العبودية التي يورث الله بها عباده الجنة.

 
55
كما جاء في السورة: "تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا" وجاء فيها أيضا: "إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا" في نهايتها.
56
ذكر "كذلكَ" مع زكريا، و"كذلكِ" مع مريم، و"هو عليّ هيّن" معهما سويا، ويحيى سميا، و"عبده" مع زكريا، و"عبد الله" مع عيسى، و"صبيا" مع يحيى وعيسى.
57
القرآن الكريم كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، وفي سورة مريم "كهيعص" هي آية بتمامها، وما بعدها: "ذكر رحمت ربك عبده زكريا" خبر لها.
58
عائلة زكريا خمسة: زكريا، وزوجه العاقر التي أصلحها الله له، وابنه يحيى حنان الله، ومريم التي أحصنت فرجها وكفلها زكريا، وابنها عيسى كلمة الله.

 
59
سأل زكريا ثلاثا، الأولى: "فهب لي من لدنك وليا"، والثانية: "يرثني ويرث من آل يعقوب"، والثالثة: "واجعله رب رضيا"؛ فكانت الآية ألّا يكلم الناس ثلاثا.
60
﴿أَنّى يكون لي غُلام﴾: قالها زكريا وقالتها مريم على السواء، وكان الجواب: "قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن" بتوجيه الخطاب لهما على السواء كذلك.
61
"قال كذلك قال ربك"، أي: يكون لك الغلام، "هو" أي: أمر تكوين الغلام، "عليّ هيّن" أي: أهون عليّ من خلق السماوات والأرض؛ فهما أكبر من خلق الناس جميعا.
62
"قال رب اجعل لي آية"، أراد الميقات الزماني علامة حدوث البشرى بيحيى.
"قال آيتك ألّا تكلم الناس"، العلامة حين يصوم لسانك ويمتنع عن تكليم الناس.
63
﴿ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا﴾: سويّ بمعنى تامّ وكامل، وسويّ بمعنى صحيح وسليم.
ثلاث ليال تامّة غير منفوصة، أنت فيها صحيح سليم، يصوم لسانك عن تكليم الناس.
64
قال هنا في مريم: "ثلاث ليال"، وقال في آل عمران: "ثلاثة أيام"، أي أن صوم اللسان عن تكليم الناس كان بالليل والنهار على السواء، وليس في وقت دون وقت.
 
65
"فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيّا"، وكأن صوم لسانه عن تكليم الناس كان اختيارا منه، وليس يُحبَس صُرْفة، أي متى قدرت فعلنا.
66
"فأوحى إليهم"، هذا على سبيل الإذن له أن يكلم الناس بالإشارة، وكذلك دلّ عليه قوله: "إلا رمزا" في آل عمران؛ من باب التخفيف والرحمة ورعاية شأنه.
67
وتكون العلامة التي نشدها زكريا لنفسه قد وكلت إليه، أنه متى ما قدرت على صوم ثلاثة أيام بلياليها عن تكليم الناس إلا رمزا، وإشارة إليهم بما تريد.
68
صوم لسان زكريا عن تكليم الناس يكون من قبيل شكر المنعم جل وعلا، وأن الصوم أعظم ما يشكر به العبد ربه على نعمه وإحسانه، "الصوم لي وأنا أجزي به".
69
"أن سبحوا بكرة وعشيا": أراد الانشغال بالتسبيح عن فضول الكلام، لأن التسبيح بكرة وعشيّا يورث النعم، ويزيد في القوى، ويستنهض الهمّة، ويرغم الشيطان، ويزيد في الحكمة وفصل الخطاب.
 
70
إنه المحراب والحجاب، محراب زكريا: "فخرج على قومه من المحراب"، وحجاب مريم: "فاتخذت من دونهم حجابا"، ومحرابها: "كلما دخل عليها زكريا المحراب".
71
في المحراب انقطع زكريا إلى الله، وانقطعت مريم ناسكة عابدة في محرابها، فكذلك كانت آية زكريا وآية مريم ألّا يكلما الناس؛ فالجزاء من جنس العمل.
72
الاتصال بالله في الخلوات يجلب الهبات، اتصل زكريا بالله؛ فكان يحيى سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين، واتصلت مريم؛ فكان عيسى هو كلمة الله وروح منه.
73
"أنى يكون" جاءت في القرآن على نسق واحد، ودلالة واحدة، وهي أن هذا الأمر عجيب: "أني يكون لي غلام"، "أنى يكون له الملك علينا"، "أنى يكون له ولد".
74
وسيق مع كل موضع ما يدعوا للعجب: "أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا"، "أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا".
75
"أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال"، ونسبح: "أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيىء وهو بكل شيىء عليم".
76
لمّا تعجب زكريا قال: "أنى يكون لي غلام"، ولمّا تعجبت مريم قالت: "أنى يكون لي غلام"، كان الجواب لهما واحدا، وهو كاف الكينونة في قوله: "كذلك".
77
فهل تكون الياء في "كهيعص" هي الياء في "يكون لي غلام"، أي كذلك يكون لي يحيى غلام يرثني ويرث من آل يعقوب؛ فأمر الله أن يقول للشيىء "كن فيكون".
 
78
القول بأن الحروف أوائل السور القرآنية كلمات وجمل مختزلة، على ما عرفته العرب في كلامها وأشعارها، قول متجه في تفسيرها ومعانيها وهو الأرجح فيها.
79
قال ابن عطية:
وقال الجمهور: بل ينبغي أن يتكلم فيها ويُطلب معانيها، فإن العرب قد تأتي بالحرف الواحد دالّا على كلمة، وليس في كتاب الله ما لا يُفهم، ثم اختلف هذا الجمهور على أقوال قد استوفينا ذكرها في سورة البقرة.
80
والذي أذهب إليه هو أن السور القرآنية نفسها تحوي مواضع تلك الكلمات والجمل المختزلة، التي ترمز إليها هذه الحروف في أوائلها، وترتبط بموضوعها وسياقها.
81
وهذا المنهج في تفسير الحروف أوائل السور القرآنية، للوقوف على معانيها ودلالاتها، يحتاج إلى روية وإعمال فكر وإمعان نظر في الآيات وتدبر السياق، والتفطن إلى الإحالات الموضعية لهذه لحروف وما ترمز إليه.
 
82
العدمية المحضة لزكريا في قوله تعالى: "وقد خلقتك من قبل ولم تكن شيئا"، أعاد التذكير بها لعموم الإنسان: "أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا" في السورة نفسها.
83
صباح كل جمعة، كان الرسول الكريم، صلوات ربي وسلامه عليه، يستدعى إلى أذهان الأمة حقيقة الأصل العدمي للخلق مرتلا: "هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا".
84
"عدم استحال صورة"، تلك هي فحوى الخطاب إلى نبي الله زكريا في قوله: "وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا"، فقوله: "خلقتك": صورتك، "ولم تك شيئا": عدم، أي: كنت عدما فجعلناك صورة.
85
"قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا"، فيها معاني:
إرادة التكوين في كذلك، وطلاقة القدرة في هين، ومن قبل نفاذ المشيئة.
 
86
"ذكر رحمت ربك"، فأيّ رحمة الله كان أعجب في شأن عبده زكريا؟.
أنه لم يكن بدعاء ربه شقيا، البشارة بيحيى على كبر وزوج عاقر، ألّا يكلم الناس سويا؟.
87
وأيّ الأمر كان أعجب في شأن يحيى؟.
أنه أخذ الكتاب بقوة وأوتي الحكم صبيا، وحنانا من لدنا وزكاة، وكان تقيا، والسلام عليه يوم مولده، وموته، ونشوره؟.
88
ولكن الأمر الأعجب في شأن زكريا هو هذه: "وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا"، نعمة الظهور من عدم محض إلى حيز هذا الكون، وهذه عين الرحمة لكل رحمة بعدها.
89
خلق الإنسان هي الرحمة الكبرى والنعمة العظمى؛ التي لولاها لم يكن لأي نعمة أو رحمة أثر ولا نظر، وهي ليست خاصة بزكريا، ولكنه تجلّت فيه صورة ذلك كله.
90
"كهيعص":
حقيقة تقرر عقيدة كونية يقينية قاطعة ووحيدة؛ فهي ملخص الذكر، وعصارة البيان، وترجمة رسالة الله الخالق سبحانه وتعالى:
كذلك هو علي هين يكون عدم صورة.
 
فاتني أن أنبه في موضعه على أن من المناسبات العجيبة هو أن اسم زكريا ( على هذا الوجه من القراءة ) مكون من خمسة أحرف، وأن الآية الثانية: "ذكر رحمت ربك عبده زكريا" مألفة من خمس كلمات أيضا، وهذا تقوية لكون الآية الثانية مفسرة للأولى قبلها.
 
91
توجيه الفتح والكسر في كاف الخطاب قال كذلك، مع زكريا ومريم عليهما السلام:
"قَالَ كَذَ ٰ⁠لِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنࣱ وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَیۡـࣰٔا"،
"قَالَ كَذَ ٰ⁠لِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَیَّ هَیِّنࣱۖ وَلِنَجۡعَلَهُۥۤ ءَایَةࣰ لِّلنَّاسِ وَرَحۡمَةࣰ مِّنَّاۚ وَكَانَ أَمۡرࣰا مَّقۡضِیࣰّا".
مع زكريا عليه السلام جاء الخطاب بالفتح، قال كذلكَ؛ لأن الأمر معه أخف؛ إصلاح الزوجة العاقر فقط؛ فجاء بالحركة الأخف.
مع مريم جاء بالكسر قال كذلكِ؛ لأن الكسر أثقل من الفتح، والأمر معها ثقيل من جهتين: "أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا"، وثقل الأمر على نفسها المنكسرة: "يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا"، أي ملاءمة لانكسارها نفسيا؛ فناسب توظيف الحركة مراعاة للحال، ونوع المخاطب تذكيرا وتأنيثا.
والله أعلم.
 
احسن الله إليك استاذ سعيد

لا يفوت في هذا المقام أن نشير لمسالة نبي الله يحيى وأنه لم يقتل كما قررت الاسرائيليات ونقله المفسرون رحمهم الله لأن دلالات السورة تشير لعكس ذلك بدلالة ما يلي :

أولاً : أن الله أجاب دعوة عبده زكريا فآتاه الغلام الزكي يحيى الذي من صفاته وراثة ابيه ووراثة آل يعقوب (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) ، ولو كان قد قتل فلن تتحقق الوراثة التي أستجاب بها الله لعبده زكريا وهذا محال على الله.

ثانياً: أن من سمّاه هو الله تعالى فأسماه "يحيى" من الحياة أي أنه سيحيى ويتميز بطول حياته ، فإن قيل قتل شاباً فهذا متعارض مع مقتضى تسمية الله له ، ولم يسميه الله بهذا الاسم عبثاً حاشا لله بل لاتفاق الاسم مع صفة صاحبه ، وعقب تعالى بقوله (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) فقد يكون هناك من يحمل الاسم ولكن لم يكن له من قبل سمياً (من يحمل الاسم المتفق مع الصفة) فلم يوجد من طالت حياته كما ستطول الحياة كيحيى ، فإن قيل عيسى عليه السلام قلنا يحيى سبقه في ، والآية تقول (لم نجعل له من قبل)
يقول الشاعر عن ابنه الميت:
وسميته يحيى ليحيا ولم يكنْ ... إلى ردِّ أمرٍ اللهِ فيهِ سبيلُ

ثالثاً: أن الله يخبر نبيه بخطاب مباشر له حين نزول القرآن ، بعد نحو ستمائة عام من عصر يحيى وعيسى عليهما السلام ، فيقول جل جلاله (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) فكان الخبر المتضمن في الآية بأنه لم يمت بعد وسيموت في المستقبل.

رابعاً: تشابه حال يحيى وعيسى عليهما السلام والإتيان بهما في سياق متشابه يحمل دلالة على تشابه مصيرهما .

خامساً: ان التشابه في مصير عيسى عليه السلام ويحيى وانهما أحياء لم يقع عليهما موت ولا قتل مثبت في الحديث الشريف الذي نستشهد منه :(ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم، قيل : مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح... الخ )
فدل ذلك على ان عيسى ويحيى في السماء الثانية ولهما الحال ذاته.

اعتقد أن ما تفضلتم به بالاضافة لهذه المساهمة من أعظم ثمرات النظر في السورة الكريمة وإن وجدتم حفظكم الله أو أيُّ من الاخوة والاخوات المزيد من الدلائل والشواهد فلتدرج هنا وجزاكم الله خيراً.
 
السلام عليكم،
جزاكما الله خيرا،

عندى إستفسار ،
الآية التالية بسورة المائدة تحكى عن مشهد من مشاهد يوم القيامة (يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم؟)-109

(وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ۖ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ ۚ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ ۚ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۚ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ ۚ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ ۖ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللَّهُ هَٰذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ ۚ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)


وهنا يسأل الله تعالى عيسى عليه السلام، هل قلت للناس إتخذونى وأمى إلهين؟
فأجابه عيسى نافيا وأضاف (فلما توفيتنى)، وهو مناسب للآية (إني متوفيك ورافعك إلىّ)

فلم يقل لله تعالى (فلما أمتنى)،
فقد كان آخر وجود لعيسى عليه السلام فى الحياة الدنيا يوم أن توفاه الله تعالى ورفعه إليه، حسب ما نفهمه من الآيات.
ثم الجمع يوم القيامة..

ما رأيكم..
 
اعتذر من صاحب البحث الاستاذ سعيد
أختي الزيتونة
ارجو مراجعة الفرق بين الموت والوفاة في الرابط التالي:
https://goo.gl/z3W3Cd

المَوْت: انْتِزَاعُ رُوْحُ الْكَائِنِ الْحَيِّ مِنْ جَسَدِهْ فَيَتَوَقَّفُ الدَّمُ عَنِ الجَرَيانِ فِيْ أعْضَائِهِ وتَنْتَفِيْ عَنْهُ الْحَيَاة وَعَلاَمَاتِهَا، ويَقَعُ المَوْتُ حَتْماً عَلَى كُلِّ حَيِّ بَشَراً كَانَ أوْ سِوَاهْ.

أما الوَفَاةْ فهي :تَوَقُّفُ جَرَيَانِ الْقَلَمِ وَ انْقِطَاعُ عَمَلِ العَبْد العَاقِلِ الْمُكَلَّفِ وَوَفاءَهُ وَتَمَاَمه، وَجَزَاءُ أجْرِهِ مِنَ الله واسْتِيْفَاءهِ بِخُرُوْجِ نفَسِهِ مِنْ جَسَدِهِ .

وفي حال عيسى عليه السلام فإن الوفاة تعني توقف التكليف وهو ما حدث له فعلا ، فأشار له بقوله (فلما توفيتني) أي لم أعد قيما عليهم شاهدا على افعالهم ناهيا لهم عن المنكر كنت انت الرقيب عليهم فالوفاة متعلقة بالتكليف واستيفاء العمل وايفاء الأجر ، وذكر الوفاة دون الموت لأنه رفع عليه السلام حيا لم يمت ، ولكن بعد نزوله سيبقى حتى يصبح كهلا لذلك كان وجه إعجازي أن يقول : (يكلم الناس في المهد وكهلا) فالكلام في المهد معجز وقد حدث والكلام في الكهولة معجز لأن المعاندين يعتبرونه مات شابا ولن يعود الى الظهور.
وعندما نقارن بين فترة وفاته ومدة بقاءه بين عودته نجد بأنه بعد أن توفي ظهرت فرية الثالوث ولبث الناس من المثلثين مشركين بالله مئات السنين ينحطمون اجيالا تلو اجيال في الشرك ونسبة الولد لله تعالى ، فعندما نقارنها بفترة ظهورة آخر الزمان فهي لا شيء ، لذلك كان التركيز على فترة ظهور الثالوث وليس فترة نزول المسيح.
والله تعالى اعلم
 
احسن الله إليك استاذ سعيد

لا يفوت في هذا المقام أن نشير لمسالة نبي الله يحيى وأنه لم يقتل كما قررت الاسرائيليات ونقله المفسرون رحمهم الله لأن دلالات السورة تشير لعكس ذلك بدلالة ما يلي :

أولاً : أن الله أجاب دعوة عبده زكريا فآتاه الغلام الزكي يحيى الذي من صفاته وراثة ابيه ووراثة آل يعقوب (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) ، ولو كان قد قتل فلن تتحقق الوراثة التي أستجاب بها الله لعبده زكريا وهذا محال على الله.

ثانياً: أن من سمّاه هو الله تعالى فأسماه "يحيى" من الحياة أي أنه سيحيى ويتميز بطول حياته ، فإن قيل قتل شاباً فهذا متعارض مع مقتضى تسمية الله له ، ولم يسميه الله بهذا الاسم عبثاً حاشا لله بل لاتفاق الاسم مع صفة صاحبه ، وعقب تعالى بقوله (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) فقد يكون هناك من يحمل الاسم ولكن لم يكن له من قبل سمياً (من يحمل الاسم المتفق مع الصفة) فلم يوجد من طالت حياته كما ستطول الحياة كيحيى ، فإن قيل عيسى عليه السلام قلنا يحيى سبقه في ، والآية تقول (لم نجعل له من قبل) .

ثالثاً: أن الله يخبر نبيه بخطاب مباشر له حين نزول القرآن ، بعد نحو ستمائة عام من عصر يحيى وعيسى عليهما السلام ، فيقول جل جلاله (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) فكان الخبر المتضمن في الآية بأنه لم يمت بعد وسيموت في المستقبل.

رابعاً: تشابه حال يحيى وعيسى عليهما السلام والإتيان بهما في سياق متشابه يحمل دلالة على تشابه مصيرهما .

خامساً: ان التشابه في مصير عيسى عليه السلام ويحيى وانهما أحياء لم يقع عليهم موت ولا قتل مثبت في الحديث الشريف الذي نستشهد منه :(ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم، قيل : مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح... الخ )
فدل ذلك على ان عيسى ويحيى في السماء الثانية ولهما الحال ذاته.

اعتقد أن ما تفضلتم به بالاضافة لهذه المساهمة من أعظم ثمرات النظر في السورة الكريمة وإن وجدتم حفظكم الله أو أيُّ من الاخوة والاخوات المزيد من الدلائل والشواهد فلتدرج هنا وجزاكم الله خيراً.
هذا تنبيه مهم جدا
سلمت الانامل وجزاك الله خيرا
دمتم سالمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم.
الجزء الرابع:
﴿كهيعص﴾ ﴿ذكر رحمت ربك عبده زكريا﴾.
هي نحت:
ك: "كذلك"،
هـ: "هو عليّ هيّن"،
ي: "يحيى"|"يرثني"|"يرث"،
ع: "عبده"|"عاقرا"|"عتيا"،
ص: "صبيا".
يتبع،
اخي الحبيب لم أفهم كيف العبارة "كهيعص" منحوتة ؟!
النحت يكون في جملة مترادفة الالفاظ مثل من أي شيء هو = أيش
لأي شيء هو = ليش
بأي شيء هو = بيش
إي والله = أيوه
في امان الله = فيمالاه
وهكذا
أرجو توضيح هذه الفقرة بارك الله فيكم
دمتم سالمين
 
شكرا جزيلا على الرد أخ عدنان،

أرى أن كلمة (كهلا) تعنى أنه عندما توفى ورفعه الله إليه أنه كان فى الخمسين أو أكثر، فهناك إختلاف كبير فى الأناجيل عن عمره،

بحثت فى النت قبل قليل يقول بذلك:
http://www.elforkan.com/7ewar/showthread.php/18861-كم-كان-عمر-المسيح-عند-بداية-بعثته-!؟-بحت-وتنقيب-!!

لا يمكن أن حدث خطير كالقول بعودة عيسى عليه السلام آخر الزمان نتوقعه من كلمة (كهلا) ،
فعندما قالها الله تعالى قالها كبشارة الى أمه بطول العمر .

حقيقة هذا التفسير كثيرا ما يثير تساؤلاتى،
أم ما رأيك؟
والله تعالى أعلم
 
اذا كان تكليم الطفل في المهد من الخوارق التي يجدر ذكرها في الآية ، فمالعجيب أن يتكلم الكهل ؟؟

بل هي دلالة أن يتحدث وقتما لا يستوعب العقل حدوث الكلام في ذلك الحال كاستحالة استيعاب كلام الطفل ، ونظرا لكونه رفع ولم يمت فمآل ذلك النزول كما اخبر الصادق المصدوق وكما دلت الآيات وكذلك ما تبقى من الانجيل في متى 7عدد 22: (كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك اخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. (23)فحينئذ أصرّح لهم اني لم اعرفكم قط.اذهبوا عني يا فاعلي الاثم.)

ويخبرنا ربنا عن هذا الموقف فيقول تعالى:
{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } [النساء:159]
وهذه الآية تحديدا تحمل الاعلام الواضح بنزول عيسى والإيمان به نبيا قبل موته إذ أنه توفي ولم يمت وسيعود من وفاته ثم تحصل الموتة بعد ذلك بعد أن يؤمن به من كان يؤلهه ويتبرأ هو ممن عبدوه وينبذهم ويبقى حتى يصبح كهلا ثم يموت بسلام.
 
[FONT=&quot]مشاركة الأخ عدنان الغامدي
جزاه الله خيرا
يقول

رابعاً[/FONT]
[FONT=&quot]: تشابه حال يحيى وعيسى [/FONT]عليهما السلام[FONT=&quot]والإتيان بهما في سياق متشابه يحمل دلالة على تشابه مصيرهما .[/FONT]

[FONT=&quot]خامساً:[/FONT][FONT=&quot] ان التشابه في مصير عيسى [/FONT]عليه السلام[FONT=&quot]ويحيى وانهما أحياء لم يقع عليهما موت ولا قتل مثبت في الحديث الشريف الذي نستشهد منه :([/FONT][FONT=&quot]ثم صعد حتى إذا أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد، قيل : وقد أرسل إليه ؟ قال : نعم، قيل : مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردا، ثم قالا : مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح... الخ [/FONT][FONT=&quot])[/FONT]
[FONT=&quot]فدل ذلك على ان عيسى ويحيى في السماء الثانية ولهما الحال ذاته.

الذي فهمت أنا من مشاركة الأخ عدنان
أن يحيى لم يمت كما هو عيسى عليهما السلام
وهذا غريب منه

لأن وجودهما في السماء الثانية لا يدل بوجه من الوجوه على ذلك

لأن يوسف في الثالثة وادريس في الرابعة وهارون في الخامسة فهل تقول انهم لم يموتوا
فإن عيسى عليه السلام جاءت أدلة على رفعه بعد الوفاة وليس الموت الطبيعي الذي هو حق على البشر وسيصيبه في آخر الدنيا وسوف يصلي المسلمون على عيسى بعد قتله الدجال

وقال تعالى عن عيسى وأمه
[/FONT]
﴿وَجَعَلنَا ابنَ مَريَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيناهُما إِلى رَبوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعينٍ﴾ [المؤمنون: ٥٠]
[FONT=&quot]
فعيسى نفسه آية
ولم يكن يحيى كذلك
فقد قال الله عنه
[/FONT]
﴿وَسَلامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَموتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: ١٥]
[FONT=&quot]
فأنا معك في هذه الآية أن يحيى لم يقتل
ولكني أخالفك
وأقول بأنه يموت
وأيضا يموت في سلام
والسلامة عكسها الضرر فهو مات موتة طبيعية سالمة من الضرر

ففي فرق بين يموت وبين يقتل
فالقتل من الناس والموت من الله جل وعلا



[/FONT]
 
والملاحظة على كلام الأخ عدنان الغامدي وهي قوله

أما الوَفَاةْ فهي :تَوَقُّفُ جَرَيَانِ الْقَلَمِ وَ انْقِطَاعُ عَمَلِ العَبْد العَاقِلِ الْمُكَلَّفِ وَوَفاءَهُ وَتَمَاَمه، وَجَزَاءُ أجْرِهِ مِنَ الله واسْتِيْفَاءهِ بِخُرُوْجِ نفَسِهِ مِنْ جَسَدِهِ .

وفي حال عيسى عليه السلام فإن الوفاة تعني توقف التكليف وهو ما حدث له فعلا ، فأشار له بقوله (فلما توفيتني) أي لم أعد قيما عليهم شاهدا على افعالهم ناهيا لهم عن المنكر كنت انت الرقيب عليهم فالوفاة متعلقة بالتكليف واستيفاء العمل وايفاء الأجر

فالذي فهمته منه أن عيسى عليه السلام حي في السماء فليس نائما ولا ميتاً وقد توفاه الله أي أوقف جريان القلم عليه فلا يحاسبه


ولا أوافقك على هذا المعنى
بل المعنى أنه توفاه الوفاة التي هي مثل النوم ثم رفعه لأن أهوال السموات لا يتحملها البشر لو رفعوا أحياءاً

وهذا الذي ميز وخص نبينا عليه الصلاة والسلام
لأنه رفعه في المعراج بجسده وروحه وهو يرى
قال تعالى
﴿وَلَقَد رَآهُ نَزلَةً أُخرى ۝ عِندَ سِدرَةِ المُنتَهى ۝ عِندَها جَنَّةُ المَأوى ۝ إِذ يَغشَى السِّدرَةَ ما يَغشى ۝ ما زاغَ البَصَرُ وَما طَغى ۝ لَقَد رَأى مِن آياتِ رَبِّهِ الكُبرى﴾ [النجم: ١٣-١٨]

أما عيسى عليه السـلام
فتوفاه وفاة مثل وفاة النوم ثم رفعه
قال تعالى
﴿وَهُوَ الَّذي يَتَوَفّاكُم بِاللَّيلِ وَيَعلَمُ ما جَرَحتُم بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبعَثُكُم فيهِ لِيُقضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيهِ مَرجِعُكُم ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِما كُنتُم تَعمَلونَ﴾ [الأنعام: ٦٠]

وقال عن عيسى
﴿إِذ قالَ اللَّهُ يا عيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذينَ كَفَروا وَجاعِلُ الَّذينَ اتَّبَعوكَ فَوقَ الَّذينَ كَفَروا إِلى يَومِ القِيامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرجِعُكُم فَأَحكُمُ بَينَكُم فيما كُنتُم فيهِ تَختَلِفونَ﴾ [آل عمران: ٥٥]

أما تفسيرك بأن وفاة عيسى عليه السـلام
هو توقف جريان القلم عليه
فأنت تعلم غفر الله لك بأن هذه ليست خاصة بعيسى

فإن النائم يرفع عنه القلم
كما جاء في الحديث
رُفِعَالقلمُعن ثلاثٍ عن النائمِ حتى يستيقظَ وعن الصبيِّ حتى يحتلمَ وعن المجنونِ حتى يعقلَ

وأخبرك حفظك الله أن موسى في قبره حي يصلي كما في صحيح مسلم
وهذا معناه أن الأنبياء يتعبدون الله كما أمهم وصلى بهم النبي " ﷺ". في قصة الإسراء والمعراج


 
عودة
أعلى