المستشرق فلوجل يطبع مصحفاً خاصاً ويرقمه ترقيماً خاصاً مخالفاً لعد الآي

عبدالرحمن الشهري

المشرف العام
إنضم
29 مارس 2003
المشاركات
19,305
مستوى التفاعل
124
النقاط
63
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.amshehri.com
01.png


قام المستشرق الألماني جوستاف فلوجل بإصدار فهرس موضوعي لآيات القرآن الكريم سماه ( نجوم الفرقان في أطراف القرآن) حوالي عام 1257هـ وقصد من وراء هذه الفهرسة - بحسب رأي بعض الباحثين - إعادة ترتيب القرآن حسب الموضوعات، إذ إنه بهيئته التي جمعه عليها المسلمون غير مرتب ! وجاء بعده المستشرق ثيودور نولدكه فألف كتابه (تاريخ القرآن) الذي بناه على تلمس إعادة ترتيب سور القرآن على حسب نزولها ، وهذا موضوع كتب عنه الكثير من الموضوعات والبحوث التي أثبتت خطأ نولدطه الشنيع الذي وقع فيه ، والذي اعترف هو بنفسه أنه أنفق وقته في الجزم بنتائج ليس عليها أدلة ، وهو يعني بالذات مسألة إعادة ترتيب السور والآيات بحسب نزولها ، لعدم توفر أدلة تثبت أوقات نزول معظم السور والآيات بدقة تتيح ترتيبها بشكل متسلسل دقيق .
والذي أحب الإشارة إليه هنا إلى أن المستشرق جوستاف فلوجل قد مهد لمشروعه في تأليف معجمه الموضوعي (نجوم الفرقان في أطراف القرآن) بطباعة مصحف كامل لكي يستعين به في معجمه ، فوقع في أخطاء فاحشة وكثيرة جداً في عد الآي ، فجعل ما ليس برأس آيةٍ رأسَ آية ، ووقع الخلل في معجمه بشكل ظاهر . ولذلك تحير الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي عندما أراد ترجمة المعجم للعربية ، حيث وجد اضطراباً شديداً في ترقيم الآيات ، فلما تأمل في الأمر ظهر له أن فلوجل قد اعتمد على مصحفه الخاص المضطرب في الترقيم ، الذي يعتبر من أوائل نسخ القرآن المطبوعة في أوربا عام 1250هـ (1834م) تقريباً بعد طبعة البندقية عام 936هـ تقريباً. ويمكن الاطلاع على نسخة مصورة منه هنا وهي مطبوعة عام 1849م في الطبعة الثانية ربما ، حيث إن نجوم الفرقان له طبع بعده عام 1842م في ليبسك. ويمكن الاطلاع عليه من هنا .
وهذا الأمر يمكن أن نستخرج منه بعض الفوائد ، من أهمها :
1- النعمة العظيمة التي أنعم الله بها على المسلمين اليوم بانتشار المصاحف الصحيحة المطبوعة الموثوقة بأيدي الناس، والصعوبة البالغة التي يجدها أعداء الإسلام اليوم في تحريف القرآن أو تشويهه دون أن يقابلوا بالردود الكثيرة المقنعة ، فالدول الإسلامية اليوم تقوم على إصدار مصاحف مطبوعة مراجعة موثوقة ، وتقوم بتوزيعها في أنحاء العالم ولله الحمد .
2- هذا التصرف من فلوجل - إن لم نحمله على نية سيئة لديه - يدل على جهل كبير بعلم عد الآي وعدم مراعاة له، ودخول في التعامل مع القرآن من المستشرقين دون إعداد العدة العلمية للبحث في القرآن وعلومه، وللأسف أن هذا يتكرر كثيراً اليوم من باحثين مسلمين وغير مسلمين، يكتبون ويؤلفون مؤلفات تتعرض للقرآن بشكل أو بآخر دون معرفةٍ كافية بما ينبغي معرفته قبل الكتابة من علوم القرآن وأصول التعامل معه، والتي لا ينبغي الجهل بها لمن يتصدى للكتابة والتأليف . علماً أن طباعة المصاحف نادرة إن لم تكن معدومة قبل مصطف فلوجل هذا، فهي من أوائل المطبوعات العربية في أوربا حينها، وألمانيا هي بلد الطباعة الأول حتى اليوم فيما أظن .
3- عدم تقدير علم عدِّ الآي عند كثير من الباحثين اليوم لاستقرار أمر طباعة المصحف، والثقة بمن قام عليه، مما لا يرون معه الحاجة إلى التحقق من صواب العد، بل ربما لا يقدرون أهميته وضرورة الإلمام بأصوله والاطلاع على كتاب من كتبه وبعضهم من المتخصصين في الدراسات القرآنية ، ومثل هذه الحادثة تعيد الاهتمام للموضوع ، وتدعو للتفقه في علم عد الآي ومعرفة الجهود العظيمة التي بذلها العلماء في عد الآي والتدقيق فيه .
نسأل الله أن يحفظ علينا ديننا ، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته .
6 ذو الحجة 1432هـ
 
شكر الله لك يا أبا عبد الله:
ولعل هذا يدعوا طلبة العلم إلي الاجتهاد في سائر العلوم ، وعدم تفضيل علم علي آخر بحجة ((عدم الحاجة إليه))،
فربما يعرض للمفوق ما يجعله مساويا أو قدما .
 
السلام عليكم و رحمة الله ،
مر علي و أنا أقرأ تفسير ابن جزي رحمه الله ، جملة تتعلق بموضوعنا و لا أعلم رأي مشائخنا الأكارم فيها ،
وهي : " كان القرآن على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم متفرقا في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قعد عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه في بيته، فجمعه على ترتيب نزوله، ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكنه لم يوجد. "
و سؤالي : هل صح هذا الفعل عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ؟ و إن كانت ثمة نقول حول هذا فهل كان علي رضي الله عنه يجعله على ترتيب نزول الآيات أم ترتيب نزول السور ؟
ثم إذا كان في هذا المسلك علم كبير فهل ينبري المشتغلون بعلوم القرآن لإحيائه ؟
و لعل الإمام ابن جزي إنما جعل فيه علما كثيرا لأنه مطية لتحرير مسائل الناسخ و المنسوخ ؟
بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم
 
المعروف أن المستشرق الألماني (نولدكه) هو أحد الذين حاولوا ترتيب آيات القرآن الكريم حسب النزول
وقد وقع في أخطاء كثيرة.
ولم يكن أول من فعل ذلك، بل سبقه كثير من علماء المسلمين إلى محاولة ترتيب
السور والآيات حسب النزول، كما لم تكن محاولته هي الأخيرة، بل تلتها محاولات عديدة.
ويبدو أن الغاية من ترتيب الآيات حسب النزول تتعلق - إلى حد كبير - بقضايا وبحوث تاريخية، أي: لمعرفة تواريخها دلالات
وأهمية. ومن هنا كان تقسيم بعض المستشرقين العهد المكي والعهد المدني إلى مراحل، ومحاولتهم معرفة ما نزل من القرآن
في كل مرحلة.
وليت بعض طلبة الدراسات العليا الجادين يقومون بدراسة مثل هذه المحاولات، واستعراض نتائجها، ومدى الاستفادة منها
في معرفة تاريخ النزول.
تجدر الإشارة إلى أن علم عد الآي (الفواصل) من العلوم التي اهتم بها العلماء السابقون كثيراً، وألفوا فيها من الكتب والمنظومات
ما يغني ويكفي.
وفي هذه الكتب ميدانٌ للبحث والتحقيق العلمي رغم أنه (علم الفواصل) من العلوم التي نضجت واحترقت، فلا مجال لزيادة المعلومات فيه، ولكن يمكن تحقيق الكتب المخطوطة وشرحها وتبسيطها للدارسين.
 
و سؤالي : هل صح هذا الفعل عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ؟ و إن كانت ثمة نقول حول هذا فهل كان علي رضي الله عنه يجعله على ترتيب نزول الآيات أم ترتيب نزول السور ؟
مر بي قبل أيام ما أورده ابن حجر في فتح الباري القول بأن مصحف علي رضي الله عنه كان على ترتيب النزول [الفتح 11/ 216. طبعة دار طيبة] وذكر أيضًا بعده:
أنه جمعه على هذا الترتيب عقب موت النبي عليه الصلاة والسلام
لكنه ساقه بصيغة التمريض، مما يشير إلى عدم صحته عنده، والله أعلم وبهذا خرج أصحاب تحقيق مجمع الملك فهد لكتاب الإتقان حيث نقل السيوطي في الإتقان في النوع العشرين قول ابن حجر السابق وعزاه إلى ابن أبي داود، ونبهوا إلى أنه ليس في كتاب المصاحف أن مصحف علي رضي الله عنه مرتب حسب النزول، وإنما فيه ذكر جمع علي رضي الله عنه للمصحف من غير إشارة إلى هذا [الإتقان 2/ 465. طبعة المجمع]
 
عودة
أعلى