المراد بالحروف المقطعة في القرآن الكريم للعلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي

السراج

New member
إنضم
3 سبتمبر 2008
المشاركات
213
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
يقول العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى في المراد بالحروف المقطعة في القرآن الكريم ، وذلك في بداية تفسيره لسورة هود :
" اعْلَمْ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَاسْتِقْرَاءُ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ يُرَجِّحُ وَاحِدًا مِنْ تِلْكَ الْأَقْوَالِ ، وَسَنَذْكُرُ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ وَمَا يُرَجِّحُهُ الْقُرْآنُ مِنْهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ فَنَقُولُ ،وَبِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا نَسْتَعِينُ :
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : هِيَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ ، كَمَا بَيَّنَّا فِي «آلِعِمْرَانَ» وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا الْقَوْلُ : أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ،وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ ، وَابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَامِرٌ الشَّعْبِيُّ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ ،وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ .
وَقِيلَ : هِيَ أَسْمَاءٌ لِلسُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، وَيُرْوَى مَا يَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ عَنْ مُجَاهِدٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : وَعَلَيْهِ إِطْبَاقُ الْأَكْثَرِ . وَنُقِلَ عَنْ سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ ، وَيَعْتَضِدُ هَذَا الْقَوْلُ بِمَاثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الم [32 \ 1] السَّجْدَةِ ، وَ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ [76 \ 1] .
وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا قَوْلُ قَاتِلِ مُحَمَّدٍ السَّجَّادِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَوْمَ الْجَمَلِ ، وَهُوَ شُرَيْحُ بْنُ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيُّ ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِيصَحِيحِهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِ :
يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ... فَهَلَّا تَلَاحَامِيمَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ
وَحَكَى ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ هَذَا الْبَيْتَلِلْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ قَائِلًا : إِنَّهُ الَّذِي قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَطَلْحَةَ الْمَذْكُورَ ، وَذَكَرَ أَبُو مُخَنِّفٍ أَنَّهُ لِمُدْلِجِ بْنِ كَعْبٍ السَّعْدِيِّ ، وَيُقَالُ كَعْبُ بْنُ مُدْلِجٍ ، وَذَكَرَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّ الَّذِي قَتَلَهُ عِصَامُ بْنُ مُقْشَعِرٍّ، قَالَ الْمَرْزُبَانِيُّ : وَهُوَ الثَّبْتُ ، وَأَنْشَدَ لَهُ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ ، وَقَبْلَهُ :
وَأَشْعَثُ قَوَّامٌ بِآيَاتِ رَبِّهِ... قَلِيلُ الْأَذَىفِيمَا تَرَى الْعَيْنُ مُسْلِمِ
هَتَكْتُ لَهُ بِالرُّمْحِ جَيْبَ قَمِيصِهِ... فَخَرَّ صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ
عَلَى غَيْرِ شَيْءٍ غَيْرَ أَنْ لَيْسَ تَابِعًا... عَلِيًّا وَمَنْ لَايَتْبَعُ الْحَقَّ يَنْدَمِ
يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ . . . الْبَيْتَ . اهـ مِنْ «فَتْحِ الْبَارِي» .
فَقَوْلُهُ : «يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ» ، بِإِعْرَابِ «حَامِيمَ» إِعْرَابَ مَا لَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَامِنْ أَنَّهُ اسْمٌ لِلسُّورَةِ .
وَقِيلَ : هِيَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا : سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ،وَالشَّعْبِيُّ ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّدِّيُّ الْكَبِيرُ ،وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْهُ أَيْضًا : أَنَّهَا أَقْسَامٌ أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَا ، وَهِيَ مِنْ أَسْمَائِهِ ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عِكْرِمَةَ .
وَقِيلَ : هِيَ حُرُوفٌ ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنِ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ جَلَّ وَعَلَا . فَالْأَلِفُ مِنْ «الم» مَثَلًا : مِفْتَاحُ اسْمِ اللَّهِ ، وَاللَّامُ مِفْتَاحُ اسْمِهِ لَطِيفٍ ، وَالْمِيمُ : مِفْتَاحُ اسْمِهِ مَجِيدٍ ، وَهَكَذَا . وَيُرْوَى هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ،وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ ، وَاسْتُدِلَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَرَبَ قَدْ تُطْلِقُ الْحَرْفَ الْوَاحِدَ مِنَ الْكَلِمَةِ ،وَتُرِيدُ بِهِ جَمِيعَ الْكَلِمَةِ كَقَوْلِ الرَّاجِزِ :
قُلْتُ لَهَا قِفِيفَ قَالَتْ لِي قَافِ... لَا تَحْسَبِي أَنَّا نَسِينَا الْإِيجَافِ
فَقَوْلُهُ : «قَافِ» أَيْ وَقَفْتُ ، وَقَوْلِ الْآخَرِ :
بِالْخَيْرِ خَيْرَاتٌ وَإِنْ شَرًّا فَا... وَلَا أُرِيدُالشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَا
يَعْنِي : وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ ، وَلَا أُرِيدُالشَّرَّ إِلَّا أَنْ تَشَاءَ ، فَاكْتَفَى بِالْفَاءِ وَالتَّاءِ عَنْ بَقِيَّةِ الْكَلِمَتَيْنِ .
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ : وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ» الْحَدِيثَ ، قَالَ سُفْيَانُ : هُوَ أَنْ يَقُولَ فِي اقْتُلْ : اقْ ، إِلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْأَقْوَالِ فِي فَوَاتِحِ السُّوَرِ ، وَهِيَ نَحْوُ ثَلَاثِينَ قَوْلًا .
أَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي يَدُلُّ اسْتِقْرَاءُ الْقُرْآنِ عَلَى رُجْحَانِهِ فَهُوَ : أَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ ذُكِرَتْ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَ تْفِيهَا بَيَانًا لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ ، وَأَنَّ الْخَلْقَ عَاجِزُونَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ بِمِثْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا ، وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْمُبَرِّدِ ، وَجَمْعٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ ،وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْفَرَّاءِ ، وَقُطْرُبٍ ، وَنَصَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَةَ ،وَشَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمُجْتَهِدُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ ، وَحَكَاهُ لِي عَنِ ابْنِ تَيْمِيَةَ .
وَوَجْهُ شَهَادَةِ اسْتِقْرَاءِ الْقُرْآنِ لِهَذَا الْقَوْلِ : أَنَّ السُّوَرَ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ يُذْكَرُ فِيهَا دَائِمًا عَقِبَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الِانْتِصَارُ لِلْقُرْآنِ وَبَيَانُ إِعْجَازِهِ ، وَأَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَاشَكَّ فِيهِ .
وَذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَهَا دَائِمًا دَلِيلٌ اسْتِقْرَائِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ قُصِدَ بِهَا إِظْهَارُ إِعْجَازِالْقُرْآنِ ، وَأَنَّهُ حَقٌّ .
قَالَ تَعَالَى فِي «الْبَقَرَةِ» : الم [2 \ 1] ، وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ ، وَقَالَفِي «آلِ عِمْرَانَ» : الم [3 \ 1] ، وَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : اللَّهُ لَاإِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ الْآيَةَ [3 \ 2 ، 3] ، وَقَالَ فِي «الْأَعْرَافِ» : المص [7 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ الْآيَةَ [7 \ 2] ، وَقَالَ فِي سُورَةِ «يُونُسَ» : الر [10 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ [10 \ 1] ، وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا ، أَعْنِي سُورَةَ «هُودٍ» الر \ [11 \ 1] 30 ، ثُمَّ قَالَ : كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [11 \ 1] ، وَقَالَ فِي «يُوسُفَ» : الر [12 \ 1] ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا [12 \ 1 ، 2] ، وَقَالَ فِي «الرَّعْدِ» : المر [13 \ 1] ،ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ [13 \ 1] ، وَقَالَ فِي سُورَةِ «إِبْرَاهِيمَ» : الر [14 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ الْآيَةَ [14 \ 1] ، وَقَالَ فِي «الْحِجْرِ» : الر [15 \ 1] ،ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ ، وَقَالَ فِي سُورَةِ «طه» طه [20 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى [20 \ 2] ، وَقَالَ فِي «الشُّعَرَاءِ» : طسم [26 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ الْآيَةَ [26 \ 2 ، 3] ،وَقَالَ فِي «النَّمْلِ» : طس [27 \ 2] ، ثُمَّ قَالَ : تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ [27 \ 1] ، وَقَالَ فِي «الْقَصَصِ» : طسم [28 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ الْآيَةَ [28 \ 2 ، 3] ، وَقَالَ فِي «لُقْمَانَ» الم [31 \ 3] ،ثُمَّ قَالَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ [31 \ 2 ، 3] ، وَقَالَ فِي
«السَّجْدَةِ» : الم [32 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ [32 \ 2] ،وَقَالَ فِي «يس» : يس [36 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ الْآيَةَ [36 \ 2] ، وَقَالَ فِي «ص» : ص [38 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ الْآيَةَ [38 \ 1] وَقَالَ فِي «سُورَةِ الْمُؤْمِنِ» : حم [40 \ 1] ،ثُمَّ قَالَ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ الْآيَةَ [40 \ 2] .
وَقَالَ فِي «فُصِّلَتْ» : حم [41 \ 2] ، ثُمَّ قَالَ تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ الْآيَةَ [42 \ 2 ، 3] ، وَقَالَ فِي «الشُّورَى :» حم عسق [42 \ 1 ، 2] ، ثُمَّ قَالَ : كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ الْآيَةَ [42 \ 3] ، وَقَالَ فِي «الزُّخْرُفِ» : حم [43 \ 3] ، ثُمَّ قَالَ : وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا الْآيَةَ [43 \ 2، 3] وَقَالَ فِي «الدُّخَانِ» : حم [44 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ الْآيَةَ [44 \ 2 ، 3] وَقَالَ فِي «الْجَاثِيَةِ» : حم [45 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ [45 \ 2 ، 3] ، وَقَالَ فِي «الْأَحْقَافِ» حم [46 \ 1] ، ثُمَّقَالَ : تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ الْآيَةَ [46 \ 2 ، 3] ، وَقَالَ فِي سُورَةِ «ق» : ق [50 \ 1] ، ثُمَّ قَالَ : وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ الْآيَةَ [50 \ 1] .
وَقَدْ قَدَّمْنَا كَلَامَ الْأُصُولِيِّينَ فِيالِاحْتِجَاجِ بِالِاسْتِقْرَاءِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا .
وَإِنَّمَا أَخَّرْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ مَعَ أَنَّهُ مَرَّتْ سُوَرٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ كَالْبَقَرَةِ ،وَآلِ عِمْرَانَ ، وَالْأَعْرَافِ ، وَيُونُسَ ; لِأَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ فِي الْقُرْآنِ الْمَكِّيِّ غَالِبًا ، وَالْبَقَرَةُ وَآلُ عِمْرَانَ مَدَنِيَّتَانِ ، وَالْغَالِبُ لَهُ الْحُكْمُ ، وَاخْتَرْنَا لِبَيَانِ ذَلِكَ سُورَةَ هُودٍ ; لِأَنَّ دَلَالَتَهَا عَلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَالْإِيضَاحِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [11 \ 1] ، بَعْدَ قَوْلِهِ : الر 11 \ 1 وَاضِحٌ جِدًّا فِيمَا ذَكَرْنَا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ".
 
جزاك الله خيرا ، وبارك فيك ورحم الله الشنقيطي
الترجيح المذكور هنا إنما يصب في الحكمة من مجيء الحروف المقطعة على هذا النسق ، لكنه ليس بيانا لكونها لها معنى أولا
 
[FONT=&quot]الحروف المقطعة الواقعة في أوائل بعض السور هي [/FONT][FONT=&quot]من العلوم المستورة عن العقول، والأسرار الغامضة التي لا تُنَال بكَسْبٍ ولا بحِيلة ولا رياضة لأنها من قبيل الحقائق التي حُجِبت الأفهامُ عن دَرْكِها، فهي على ذلك من العلوم التي انفرد الله بعلمها، ومن المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله تعالى، فنؤمن بتنزيلها، ونَكِلُ إليه سبحانه العلمَ بتأويلها[/FONT][FONT=&quot]. [/FONT]
 
ويلخص ابن الجوزي رحمه الله القول وذلك في تفسيره :
{ ألم } اختلف العلماء فيها وفي سائر الحروف المقطعة في أوائل السور على ستة أقوال .
أحدها : أنها من المتشابه الذي لا يعلمه الا الله . قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : لله عز وجل في كل كتاب سر ، وسر الله في القرآن أوائل السور ، وإلى هذا المعنى ذهب الشعبي ، وأبو صالح ، وابن زيد .
والثاني : أنها حروف من أسماء ، فاذا أُلفت ضرباً من التأليف كانت أسماء من أَسماء الله عز وجل . قال علي بن أبي طالب : هي أسماء مقطعة لو علم الناس تأليفها علموا اسم الله الذي إِذا دعي به أجاب .
وسئل ابن عباس عن «آلر» و«حم» و «نون» فقال : اسم الرحمن على الهجاء ، وإِلى نحو هذا ذهب أبو العالية ، والربيع بن أنس .
والثالث : أنها حروف أقسم الله بها ، قاله ابن عباس ، وعكرمة . قال ابن قتيبة : ويجوز أن يكون أقسم بالحروف المقطعة كلها ، واقتصر على ذكر بعضها كما يقول القائل : تعلمت «أ ب ت ث» وهو يريد سائر الحروف ، وكما يقول : قرأت الحمد ، يريد فاتحة الكتاب ، فيسميها بأول حرف منها ، وإِنما أقسم بحروف المعجم لشرفها ولأنها مباني كتبه المنزلة ، وبها يذكر ويوحد . قال ابن الانباري : وجواب القسم محذوف ، تقديره : وحروف المعجم لقد بين الله لكم السبيل ، وأنهجت لكم الدّلالات بالكتاب المنزل ، وإِنما حذف لعلم المخاطبين به ، ولأن في قوله : { ذلك الكتاب لا ريب فيه } دليلاً على الجواب .
والرابع : انه أشار بما ذكر من الحروف إِلى سائرها ، والمعنى أنه لما كانت الحروف أُصولاً للكلام المؤلف ، أخبر أن هذا القرآن إِنما هو مؤلف من هذه الحروف ، قاله الفراء ، وقطرب .
فان قيل : فقد علموا أنه حروف ، فما الفائدة في إِعلامهم بهذا؟
فالجواب أنه نبه بذلك على إِعجازه ، فكأنه قال : هو من هذه الحروف التي تؤلفون منها كلامكم ، فما بالكم تعجزون عن معارضته؟! فاذا عجزتم فاعلموا أنه ليس من قول محمد عليه السلام .
والخامس : أنها أسماء للسور . روي عن زيد بن أسلم ، وابنه ، وأبي فاختة سعيد ابن علاقة مولى أم هانىء .
والسادس : أنها من الرمز الذي تستعمله العرب في كلامها . يقول الرجل للرجل : هل تا؟ فيقول له : بلى ، يريد هل تأتي؟ فيكتفي بحرف من حروفه . وأنشدوا :
قلنا لها قفي لنا فقالت قاف ... لا تحسبى أنا نسينا الإيجاف
أراد قالت : أقف . ومثله :
نادوهم ألا الجموا ألا تا ... قالوا جميعاً كلهم ألا فا
يريد : ألا تركبون؟ قالوا : بلى فاركبوا . ومثله :
بالخير خيرات وإن شراً فا ... ولا أريد الشر إِلا أن تا
معناه : وإن شراً فشر ولا أريد الشر إِلا أن تشاء . وإِلى هذا القول ذهب الأخفش ، والزجاج ، وابن الأنباري .
وقال أبو روق عطية بن الحارث الهمداني : كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة في الصلوات كلها ، وكان المشركون يصفّقون ويصفّرون ، فنزلت هذه الحروف المقطعة ، فسمعوها فبقوا متحيرين . وقال غيره : إِنما خاطبهم بما لا يفهمون ليقبلوا على سماعه ، لأن النفوس تتطلع إِلى ما غاب عنها معناه ، فاذا أقبلوا اليه خاطبهم بما يفهمون ، فصار ذلك كالوسيلة إلى الإبلاغ ، إلا أنه لا بد له من معنى يعلمه غيرهم ، أو يكون معلوماً عند المخاطبين ، فهذا الكلام يعم جميع الحروف .
وقد خص المفسرون قوله «الاما» بخمسة أقوال :
أحدها : أنه من المتشابه الذي لا يعلم معناه الا الله عز وجل ، وقد سبق بيانه .
والثاني : أَن معناه : أَنا الله أعلم . رواه أَبو الضحى عن ابن عباس ، وبه قال ابن مسعود ، وسعيد بن جبير .
والثالث : أنه قسم . رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وخالد الحذاء عن عكرمة .
والرابع : أنها حروف من أسماء . ثم فيها قولان . أَحدهما : أَن الألف من «الله» واللام من «جبريل» والميم من «محمد» قاله ابن عباس .
فان قيل : إِذا كان قد تنوول من كل اسم حرفه الأول اكتفاءً به ، فلم أُخذت اللام من جبريل وهي آخر الاسم؟!
فالجواب : أن مبتدأَ القرآن من الله تعالى ، فدلَّ على ذلك بابتداء أول حرف من اسمه ، وجبريل انختم به التنزيل والإِقراء ، فتنوول من اسمه نهاية حروفه ، و«محمد» مبتدأ في الإقراء ، فتنوول أول حرف فيه . والقول الثاني : أَن الألف من «الله» تعالى ، واللام من «لطيف» والميم من «مجيد» قاله أبو العالية .
والخامس : أنه اسم من أسماء القرآن ، قاله مجاهد ، والشعبي ، وقتادة ، وابن جريج .
 
القول بأن الحروف المقطعة مما استأثر الله بعلمه أحد الأقوال التي ذكرها العلماء , لكن الأقوال الأخرى في هذه المسألة تجعلها من المتشابه النسبي حيث ورد للسلف فيها كلام كابن عباس رضي الله عنه وغيره ولو كانت هذه المسألة عندهم رحمهم الله مسلَّمة أنها من قبيل المتشابه الكلي الذي استأثر الله بعلمه لما خاضوا فيها
 
ولم يرد نقلٌ صحيح يدلُّ على أنها لها معانٍ عندهم، وأما نزولها في القرآن فله حكمة وسرٌّ
عدم ورود النقل بأن لها معاني لا يدل على انتفاء ثبوت المعاني لها في نفس الأمر.. فإن عدم الدليل في أذهاننا لا يلزم منه عدم المدلول في نفس الأمر، وهذا غاية في الوضوح؛ وأقرب دليل يذكر هو ما دل على أن كل ما في القرآن له معاني بالقطع واليقين، والحروف المقطعة من القرآن، فلها معاني قطعا ويقينا، والنقل يفتقر إليه في توضيح الغامضات، أما توضيح الجليات فلا يشترط في ذلك نقل، ومن الجليات أن جميع ما في القرآن له معاني في نفس الأمر.
ثم القول بأن للحروف المقطعة حكمة وسر، وبعد ذلك ننفي المعاني عنها كليا، ففيه من التناقض ما لا يخفى؛ إذ الحكمة والسر لا يكونان إلا في ضمن المعاني، فإثبات الحكمة والسر للحروف المقطعة هو عين إثبات المعاني لها، وجهلنا بالحكمة والسر هو جهل بالمعاني، والعكس صحيح.
فالخلاصة أن الحروف المقطعة لها معاني خاصة، سميت أسرارا وحكما أو غير ذلك، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه عز وجل لم يكلفنا بإدراكها، بل نؤمن بتنزيلها وكونها كلام الله تعالى، ونفوض له سبحانه العلم بحقيقة ما أراد من معانيها، دون أن نزيغ بها إلى معاني باطلة كما وقع لبعض الإشراقيين والفلاسفة الإسلاميين، ودون أن نسلبها معانيها في نفس الأمر بحيث يلزم من ذلك ثبوت كلام لله تعالى لا مدلول له في نفس الأمر، تعالى كلام ربنا عن ذلك.
وهذا مرجع كلام الصحب الكرام رضوان الله تعالى عليهم..
وهذا مرجع كلام بعض العلماء في متشابهات الصفات كابن قدامة في روضته.
 
لقد وعدنا الاخ العليمى المصرى فى اكثر من مشاركة له ان له بحثا عن تلك الحروف المقطعة وانه سوف يتكلم عن بحثه فى بداية شهر رجب وقد مر شهر رجب ولم يفى بوعدة لنا فهل هناك شىء

ارجوا الافادة
 
ألف أرنب ، باء بطة

ألف أرنب ، باء بطة

أرجو النظر في عنوان المشاركة
وهذه القضية فهم السلف فيها يحتاج إلى تأن وصبر
وأنفس النقول التي وقفت عليها وأقربها بعهد السلف وأفهمها لمرادهم كلمات ابن قتيبة بعد أن ذكر بعض الأقوال الواردة في معنى هذه الحروف (( ولم نَزَلْ نسمع على ألسنة الناس : الألف آلاء الله ، والباء بهاء الله ، والجيم : جمال الله ، ، والميم : مجد الله . فكأنَّا إذا قلنا( حم) دللنا بالحاء على حليم ، ودللنا بالميم على مجيد .
وهذا تمثيلٌ أردتُ أنْ أُرِيَكَ به مكانَ الإمكان ، وعلى هذا سائر الحروف ، ومَن ذهب إلى هذا المذهب فلا أُرَاه أراد أيضا إلا القسم بصفات الله ، فجمع بالحروف المقطعة معاني كثيرة من صفاته لا إله إلا هو ))
يعني كما نقول : الألف أرنب والباء بطة ، فهل معنى الألف أرنب والباء بطة ؟
 
عدم ورود النقل بأن لها معاني لا يدل على انتفاء ثبوت المعاني لها في نفس الأمر.. فإن عدم الدليل في أذهاننا لا يلزم منه عدم المدلول في نفس الأمر، وهذا غاية في الوضوح؛ وأقرب دليل يذكر هو ما دل على أن كل ما في القرآن له معاني بالقطع واليقين، والحروف المقطعة من القرآن، فلها معاني قطعا ويقينا، والنقل يفتقر إليه في توضيح الغامضات، أما توضيح الجليات فلا يشترط في ذلك نقل، ومن الجليات أن جميع ما في القرآن له معاني في نفس الأمر.
ثم القول بأن للحروف المقطعة حكمة وسر، وبعد ذلك ننفي المعاني عنها كليا، ففيه من التناقض ما لا يخفى؛ إذ الحكمة والسر لا يكونان إلا في ضمن المعاني، فإثبات الحكمة والسر للحروف المقطعة هو عين إثبات المعاني لها، وجهلنا بالحكمة والسر هو جهل بالمعاني، والعكس صحيح.
فالخلاصة أن الحروف المقطعة لها معاني خاصة، سميت أسرارا وحكما أو غير ذلك، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه عز وجل لم يكلفنا بإدراكها، بل نؤمن بتنزيلها وكونها كلام الله تعالى، ونفوض له سبحانه العلم بحقيقة ما أراد من معانيها، دون أن نزيغ بها إلى معاني باطلة كما وقع لبعض الإشراقيين والفلاسفة الإسلاميين، ودون أن نسلبها معانيها في نفس الأمر بحيث يلزم من ذلك ثبوت كلام لله تعالى لا مدلول له في نفس الأمر، تعالى كلام ربنا عن ذلك.
وهذا مرجع كلام الصحب الكرام رضوان الله تعالى عليهم..
وهذا مرجع كلام بعض العلماء في متشابهات الصفات كابن قدامة في روضته.
أخي الكريم نزار حمادي...
1- الحرف في لغة العرب ليس له معنى، فلو كتبت: (م) أو (ف) فهل يُفهم منها معنى؟!، هذا الأصل عند العرب، وأما غير ذلك فيحتاج إلى نقل؛ لأن الدليل على المثبت وليس على النافي. والدليل الذي تفضلت به على أن القرآن معلوم المعنى هو يدل على نزوله بلغة العرب، ولغة العرب لا تثبت للحروف معانٍ مستقلة وما ورد فمعروف كلام العلماء حوله.
2- اسم الحرف المنطوق معناه الحرف المكتوب عند العرب، فلو قلت: (ميم) فهو اسم يدل على معنى وهو الحرف المكتوب (م) .
3- أما كون القرآن كله معلوم المعنى فهذا مما لا شك فيه، وهو جارٍ على لغة العرب، فنحن نؤمن بذلك، وأما الحروف فالمنطوق منها دالٌّ على الحرف المكتوب، ولكن ما معنى الحرف المكتوب، هل له معنى خاص؟.
4- إثبات الحكمة لا يعني إثبات المعنى على الإطلاق، ومشهور بين العلماء استعمال لفظ (المعنى) في إطلاقين :
الأول: أن يراد بـ (المعنى) العلة أوالحكمة وهنا يوجد الارتباط، كما يقول العلماء: (تكليف غير معقول المعنى) فهم يريدون العلة أو الحكمة.
الثاني: أن يراد بـ (المعنى) ما يريده أهل اللغة، أي: المراد بالشيء. فنقول معنى الصلاة كذا وكذا. وهنا لا ارتباط بين معرفة المعنى وبين الحكمة، وإثبات الحكمة للحروف المقطعة لا يعني إثبات المعنى لها ولا ارتباط كما هو ظاهر جداً ، وأما ما ذكرته من التناقض فلا أظنه يبقى بعد ما سبق، وكم أود أن نخفف عباراتنا قليلاً فلا نستعجل في ادعاء التناقض والله المعين.
5- قولك وفقك الله : (وهذا مرجع كلام الصحب الكرام رضوان الله تعالى عليهم): أين قال الصحابة رضي الله عنهم أن لها معاني معلومة، غير الحكمة.
أسأل الله أن يهدينا لصالح القول والعمل،،،​
 
شكرا للأستاذ فهد..
أود بداية أن أشير إلى أن محل النزاع هو الحروف المقطعة الورادة في أوائل السور القرآنية، لا حروف التهجي مطلقا..
ثم بالنسبة لي لا أفرق بين السر والمعنى، وعليه ما يؤثر عن الصحابة والسلف من أن للحروف المقطعة أسرارا يفيد أن لها معاني "في نفس الأمر".
وقول العلماء: تكليف غير معقول المعنى، لا يقصدون به أنه لا معنى له مطلقا لا في أذهاننا ولا في نفس الأمر، بل يقصدون أنا لا نعقل معنى هذا التكليف، وإن كنا نمتثله تعبدا لله تعالى وتذللا، وهذا لا يعني أنه لا معنى له في نفس الأمر.. وهذا الفرق حري بالتأمل.
أما مسألة النقل، فوقوع الخلاف في معانيها دليل على أن لها معاني في نفس الأمر.
وأيضا فقد نص الإمام الطبري في تفسيره (ج1/ ص209) على أن البعض قال: هي حروف يشتمل كل حرف منها على معاني شتى مختلفة. اهـ وهذا نص في محل النزاع. ولو كان هذا الكلام غير معقول ومخالفا للسان العرب لما قال به البعض المذكور ولا نقله الطبري واعتبره..
ثم إني أصوغ هنا الدليل القاطع على أن للحروف المقطعة "الواردة في أوائل بعض السور" مركبة أو مفردة معاني في نفس الأمر، لا يعلمها إلا الله تعالى، أو من أراد الله تعالى إطلاعه عليها من نبي مقرب أو ملك مرسل أو غير ذلك، فإنه تعالى لم ينصب عليها أدلة بحيث يمكن أن يشترك في علم معانيها كل المكلفين.. أصوغه في قياس استثنائي قائلا:
لو كانت الحروف المقطعة لا معاني لها في نفس الأمر (هذا ملزوم)
لكانت بعض الآيات القرآنية لا معاني لها في نفس الأمر (هذا لازم)
واللازم باطل بنصوص القرآن وإجماع المسلمين على أن جميع آيات القرآن لها معاني جليلة إما ظاهرة أو خفية، علمناها أو لم نعلمها، فيبطل الملزوم وهو أن الحروف المقطعة الواقعة في أوائل السور لا معاني في نفس الأمر، فيثبت نقيضه وهو أن لها معاني في نفس الأمر.
والملازمة واضحة جلية لأن الحروف المقطعة وردت في آيات مستقلة في القرآن العظيم، (المص) آية كاملة في سورة الأعراف، (طسم) آية كاملة في الشعراء، وآية كاملة في القصص، و(حم) آية كاملة في سورها السبع: غافر، وفصلت.. إلى الأحقاف، (كهيعص) آية كاملة في سورة مريم... إلخ
والله أعلم..
 
"آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا"
لن يأتي أحد بجديد في المسألة
وأرجح الأقوال هو ما ذكره الشيخ الشنقيطي رحمه الله لأنه القول الوحيد الذي يستند إلى دليل معتبر وهوالاستقراء ويسنده دليل العقل وهو أن الله تعالى لا يخاطب عباده بما لا يعقلون له معنى ، أما ما عداه من الأقوال فهي دعاوى لا دليل عليها.
"أَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي يَدُلُّ اسْتِقْرَاءُ الْقُرْآنِ عَلَى رُجْحَانِهِ فَهُوَ : أَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ ذُكِرَتْ فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا بَيَانًا لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ ، وَأَنَّ الْخَلْقَ عَاجِزُونَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ بِمِثْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مُرَكَّبٌ مِنْ هَذِهِ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الَّتِي يَتَخَاطَبُونَ بِهَا ، وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ الْمُبَرِّدِ ، وَجَمْعٍ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ ،وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ الْفَرَّاءِ ، وَقُطْرُبٍ ، وَنَصَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ .
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ : وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ تَيْمِيَةَ ،وَشَيْخُنَا الْحَافِظُ الْمُجْتَهِدُ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ ، وَحَكَاهُ لِي عَنِ ابْنِ تَيْمِيَةَ .
وَوَجْهُ شَهَادَةِ اسْتِقْرَاءِ الْقُرْآنِ لِهَذَا الْقَوْلِ : أَنَّ السُّوَرَ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ يُذْكَرُ فِيهَا دَائِمًا عَقِبَ الْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ الِانْتِصَارُ لِلْقُرْآنِ وَبَيَانُ إِعْجَازِهِ ، وَأَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَاشَكَّ فِيهِ .
وَذِكْرُ ذَلِكَ بَعْدَهَا دَائِمًا دَلِيلٌ اسْتِقْرَائِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحُرُوفَ الْمُقَطَّعَةَ قُصِدَ بِهَا إِظْهَارُ إِعْجَازِالْقُرْآنِ ، وَأَنَّهُ حَقٌّ ."
 
الراجح فى مسألة الحروف المقطعة أنها < نص حكيم قاطع له سر > فهى مما استأثر الله بعلمه

والذى يليه فى أولوية القبول أنها إشارات للتنبيه فالكفار اتفقوا على ألا يسمعوا للقرءآن ويلغوا فيه

فكانت هذه الحروف تنبيها لم ولفتا لأنظارهم إلى ما يقرره الوحى

لذلك تجد بعد هذه الحروف تقريرا لأصل من أصول العقيدة الإسلامية.

جزاكم الله خيرا
 
الراجح فى مسألة الحروف المقطعة أنها < نص حكيم قاطع له سر > فهى مما استأثر الله بعلمه

والذى يليه فى أولوية القبول أنها إشارات للتنبيه فالكفار اتفقوا على ألا يسمعوا للقرءآن ويلغوا فيه

فكانت هذه الحروف تنبيها لم ولفتا لأنظارهم إلى ما يقرره الوحى

لذلك تجد بعد هذه الحروف تقريرا لأصل من أصول العقيدة الإسلامية.

جزاكم الله خيرا
أين دليل الرجحان
؟؟
ثم أين اتفق الكفار على عدم سماع القرآن
؟
هل فهمته من قول الله تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) فصلت(26)
؟
إذا كان الأمر كذلك فكيف آمن من آمن من الكفار؟
 
أين دليل الرجحان​



؟؟
ثم أين اتفق الكفار على عدم سماع القرآن
؟
هل فهمته من قول الله تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) فصلت(26)
؟
إذا كان الأمر كذلك فكيف آمن من آمن من الكفار؟​
نقل عن أعلام الصحابة والتابعين أنها مما لا يعلم تأويله إلا الله

قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : فى كل كتاب سر وسره فى القرآن أوائل السور

قال على بن أبى طالب رضي الله عنه : إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي

ونقل أهل الأثر عن ابن مسعود والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم : أن هذه الأحرف علم مستور وسر محجوب استأثر الله به

قال الشعبي رحمه الله : سر هذا القرآن

حتى الذين خاضوا فى معانى هذه الأحرف لم يدلوا فيها برأي قاطع ودليل يعتمد عليه , بل شرحوا وجهة نظرهم فيها مفوضين تأويلها الحقيقي إلى الله تعالى

فقالوا ((( الم ))) معناها : اختصار لجملة أنا الله أعلم
وقالوا ((( كهيعص ))) معناها : الكاف من كريم والهاء من هاد والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق
وقالوا ((( الر ))) معناها : أنا الله أرى

ولا يخفى على أحد أن كل هذه التفسيرات هى من قبيل الظنون فليس من دليل يقطع بمعانى هذه الأحرف

أما اتفاق الكفار على عدم سماع القرآن فواضح من الأية ((( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغو فيه لعلكم تغلبون )))

ومع ذلك فكانوا يتحسسون بالليل ويسمعونه سرا كما جاء فى سيرةابن هشام ( أنه لما إزداد أمر النبى عليه الصلاه والسلام ظهورا إزداد شوق الناس لسماع القرءان حتى أن أشد قريش خصومة للنبى صل1 بدأوا يسألون أنفسهم :أحقا أنه يدعو إلى الدين القيم وأن مايعدهم وينذرهم هو الصحيح؟
وحملهم هذا التساؤل على التسلل ليلا لسماع القرءان ,خرج أبوسفيان بن حرب,وأبوجهل عمرو بن هشام,والأخنس بن شريق ليله ليستمعوا الى محمد صل1 وهو فى بيته فأخذ كل واحد مجلسا يستمع فيه وكل منهم لايعلم بمكان صاحبه وكان محمد صل1 يقوم الليل إلا قليلا يرتل القرءان ترتيلا وهم يسمعون آيات الله فتأسر قلوبهم ونفوسهم ويظلون ينصتون حتى الفجر فتفرقوا عائدين إلى منازلهم فجمعهم الطريق فتلاوموا وقال بعضهم لبعض لاتعودوا فلو رءاكم بعض سفهائكم لأضعف ذلك من أمركم ولنصر محمدا عليكم فلما كانت الليله الثانيه شعر كل واحد منهم فى مثل الموعد الذى ذهب فيه أمس كأن رجليه تحملانه من غير أن يستطيع إمتناعا ليقضى ليله حيث قضاه أمس وليستمع الى محمدا صل1 يتلو كتاب ربه وتلاقوا عند عودتهم مطلع الفجر وتلاوموا من جديد فلم يحل تلاومهم دون الذهاب فى الليلة الثالثة فلما أدركوا مابهم لدعوة محمد صل1 من ضعف فعاهدوا ألايعودوا لمثل فعلتهم فأقلعوا عن الذهاب لسماع محمد صل1 ولكن ماسمعوه فى الليالى الثلاث ترك فى نفوسهم أثرا جعلهم يتساءلون فيما بينهم عن الرأى فيما سمعوا وكلهم تضطرب نفسه ويخاف أن يضعف وهو سيد قومه فيضعف قومه ويتابعوا محمدا صل1 معه )

والله أعلم .
______________________

راجع
1 - الإتقان 2/13
2 - تفسير المنار 8/302
 
نقل عن أعلام الصحابة والتابعين أنها مما لا يعلم تأويله إلا الله
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : فى كل كتاب سر وسره فى القرآن أوائل السور
قال على بن أبى طالب رضي الله عنه : إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي
ونقل أهل الأثر عن ابن مسعود والخلفاء الراشدين رضي الله عنهم : أن هذه الأحرف علم مستور وسر محجوب استأثر الله به
قال الشعبي رحمه الله : سر هذا القرآن
حتى الذين خاضوا فى معانى هذه الأحرف لم يدلوا فيها برأي قاطع ودليل يعتمد عليه , بل شرحوا وجهة نظرهم فيها مفوضين تأويلها الحقيقي إلى الله تعالى

فقالوا ((( الم ))) معناها : اختصار لجملة أنا الله أعلم
وقالوا ((( كهيعص ))) معناها : الكاف من كريم والهاء من هاد والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق
وقالوا ((( الر ))) معناها : أنا الله أرى
ولا يخفى على أحد أن كل هذه التفسيرات هى من قبيل الظنون فليس من دليل يقطع بمعانى هذه الأحرف.
2
أولا : يجب أن نتأكد من صحة الأسانيد إلى الصحابة.
ثانياً: إن هناك أقوالا منسوبة لبعض الصحابة تذكر معاني لهذه الحروف كقول بن عباس رضي الله عنهما "هو اسم الله الأعظم".
وفي رواية عنه : هي قسم أقسم الله به وهو من أسماء الله.
وفي رواية عنه قال عن "ألم" أنا الله أعلم.
وإذا صح شيء من هذا إلى الصحابة فليس لأحد بعد ذلك أن يبحث في معانيها ومدلولها وخاصة أن مثل هذه الروايات عن الصحابة هي أقوال لا يمكن القول بها عن اجتهاد فيكون له حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ولكنا نجد أن التابعين وتابعيهم قد اجتهدوا في معرفة تفسير هذه الحروف وهذا يدل على أنه لم يصح فيها شيء عن الصحابة وإلا فإننا سننقض القاعدة التي تم المدافعة عنها كثيرا في الملتقى وهي: إنه إذا صح قول عن السلف في معنى آية فإنه لا يجوز القول بخلافه.
ثالثا: إذا لم يثبت من ذلك شيء عن الصحابة فما فائدة القول أنها سر محجوب ؟ ولماذا يخاطبنا الله بشيء ليس لنا طريق إلى فهم المراد منه؟
وعليه فإن ترجيحك لهذا القول يحتاج إلى إعادة نظر وتأمل.
وفقك الله​
 
أما اتفاق الكفار على عدم سماع القرآن فواضح من الأية ((( وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغو فيه لعلكم تغلبون )))

الذي فهمته من كلامك السابق أن كفار قريش اتفقوا على عدم سماع القرآن ونفذوا ما اتفقوا عليه فجاءت الحروف المقطعة لتجبرهم أو لتشدهم أو لتجعلهم يكسرون هذا الاتفاق.
وهذا هو سبب تعليقي على قولك.
أما كونهم اتفقوا فهذا غير دقيق والآية لا تدل عليه وإنما تدل على أن بعضهم قال ذلك ثم الا ستماع المراد هنا هو سماع الاتباع لمجرد السمع والدليل مطالبتهم باللغو فيه حين سماعه وهذا ما تؤكده السورة في أولها :
(حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5))
يقول الشيخ بن سعدي رحمه الله تعالى:
"ولكن أعرض أكثر الخلق عنه إعراض المستكبرين، { فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ } له سماع قبول وإجابة، وإن كانوا قد سمعوه سماعًا، تقوم عليهم به الحجة الشرعية."
ويؤكده قول الله تعالى:

"وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ" الأنفال (31)​
 
من أكبر المعوقات في فهم هذا الموضوع : الخلط بين مقام الكلام عن المعنى والكلام عن الحكمة ، وبتحرير الفرق بين المقامين وتنزيل كل قول على المقام المناسب له نكون قد اقتربنا من حل الإشكال
 
قال تعالى : هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ.
وقال : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ.
الكتاب بحروفه المقطعة وصف بالهدى، لو كانت الحروف المقطعة لا معنى لها لما صح أن توصف بالهدى، لو ضل أحد منا طريقه ثم وجد لوحة عليها حرفين أو ثلاثة لم يفهم معناها لما اهتدى إلى مبتغاه.
إذن فالهدى يبنى على العلم: علم فاهتدى = فهم معنى الشيء فاهتدى به.
وبماأن الله وصف كتابه بالهدى ولم يستثن منه الحروف المقطعة فهذا دليل أن لها معاني يهتدى بها، ومنها ما وصف صراحة بأنها آيات الكتاب وآيات القرآن ، فكيف تكون هِيَ مِمَّا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ وتوصف بآيات للمؤمنين !!
إذن فالحروف المقطعة آيات لها معاني يهتدى بها، فالهدى مستمر إلى أن تقوم الساعة، فما لم يعلم الآن من معان للحروف المقطعة سيعلم في المستقبل لأقوام غيرنا (لكل نبإ مستقر).
 
عودة
أعلى