الكتاب

إنضم
23 سبتمبر 2017
المشاركات
614
مستوى التفاعل
20
النقاط
18
الإقامة
غير معروف
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


قال الله تعالى : {فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ یَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِأَیۡدِیهِمۡ ثُمَّ یَقُولُونَ هَـٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِیَشۡتَرُوا۟ بِهِۦ ثَمَنࣰا قَلِیلࣰاۖ فَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا یَكۡسِبُونَ﴾ [البقرة ٧٩]

أرجو من يعرف الإجابة أن لا يبخل بالرد، و جزاه الله خيرا

السؤال: هل كلمة الكتاب في الآية يقصد بها كتاب الله أي أنهم يكتبون الحق بأيديهم و هنا يكون كلمة أيديهم تدل على التحريف أو أن كلمة الكتاب تدل على الكتاب الباطل؟

و من هذا أريد أن أعرف هل عندما تاتي كلمة كتاب في القرآن الكريم فإن يقصد بها دائما كتاب الله
و شكرا
 
بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ....قال ابن كثير: (
وقوله : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ) الآية : هؤلاء صنف آخر من اليهود ، وهم الدعاة إلى الضلال بالزور والكذب على الله ، وأكل أموال الناس بالباطل .
والويل : الهلاك والدمار ، وهي كلمة مشهورة في اللغة . وقال سفيان الثوري ، عن زياد بن فياض : سمعت أبا عياض يقول : ويل : صديد في أصل جهنم .
وقال عطاء بن يسار . الويل : واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " ويل واد في جهنم ، يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره " .
ورواه الترمذي عن عبد بن حميد ، عن الحسن بن موسى ، عن ابن لهيعة ، عن دراج ، به . وقال : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة .
قلت : لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى ، ولكن الآفة ممن بعده ، وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا منكر ، والله أعلم .
وقال ابن جرير : حدثنا المثنى ، حدثنا إبراهيم بن عبد السلام بن صالح العشيري حدثنا علي بن جرير ، عن حماد بن سلمة ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن كنانة العدوي ، عن عثمان بن عفان ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) قال : " الويل جبل في النار . وهو الذي أنزل في اليهود ; لأنهم حرفوا التوراة ، زادوا فيها ما أحبوا ، ومحوا منها ما يكرهون ، ومحوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة . ولذلك غضب الله عليهم ، فرفع بعض التوراة ، فقال : ( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) .
وهذا غريب أيضا جدا .
[ وعن ابن عباس : الويل : السعير من العذاب ، وقال الخليل بن أحمد : الويل : شدة الشر ، وقال سيبويه : ويل : لمن وقع في الهلكة ، وويح لمن أشرف عليها ، وقال الأصمعي : الويل : تفجع والويل ترحم ، وقال غيره : الويل الحزن . وقال الخليل : وفي معنى ويل : ويح وويش وويه وويك وويب ، ومنهم من فرق بينها ، وقال بعض النحاة : إنما جاز الابتداء بها وهي نكرة ; لأن فيها معنى الدعاء ، ومنهم من جوز نصبها ، بمعنى : ألزمهم ويلا . قلت : لكن لم يقرأ بذلك أحد ] .
وعن عكرمة ، عن ابن عباس : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ) قال : هم أحبار اليهود . وكذا قال سعيد ، عن قتادة : هم اليهود .
وقال سفيان الثوري ، عن عبد الرحمن بن علقمة : سألت ابن عباس عن قوله تعالى : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ) قال : نزلت في المشركين وأهل الكتاب .
وقال السدي : كان ناس من اليهود كتبوا كتابا من عندهم ، يبيعونه من العرب ، ويحدثونهم أنه من عند الله ، ليأخذوا به ثمنا قليلا .
وقال الزهري : أخبرني عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس أنه قال : يا معشر المسلمين ، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء ، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيه ، أحدث أخبار الله تقرؤونه محضا لم يشب ؟ وقد حدثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه ، وكتبوا بأيديهم الكتاب ، وقالوا : هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ; أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم ؟ ولا والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل إليكم . رواه البخاري من طرق عن الزهري .
وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : الثمن القليل : الدنيا بحذافيرها .
وقوله تعالى : ( فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) أي : فويل لهم مما كتبوا بأيديهم من الكذب والبهتان ، والافتراء ، وويل لهم مما أكلوا به من السحت ، كما قال الضحاك عن ابن عباس : ( فويل لهم ) يقول : فالعذاب عليهم ، من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب ، ( وويل لهم مما يكسبون ) يقول : مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم )
اما بالنسبة الى استعمال كلمة كتاب فهو : ( فمعنى الكتاب في القرآن يختلف بحسب السياق، فكثيرا ما يرد مرادا به القرآن كما في قوله تعالى: [COLOR=0000ff]ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {البقرة:2}.
وقد يرد مرادا به التوراة كما في قوله تعالى:[COLOR=0000ff]أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ [/COLOR]{البقرة:44}وكما في قوله تعالى: [COLOR=0000ff]وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [/COLOR]{البقرة:53}.[/COLOR]

وقد يرد مرادا به الإنجيل كما في قوله تعالى: [COLOR=0000ff]قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ {المائدة:77}.[/COLOR]
وقد يرد مرادا به جنس الكتاب فيشمل كل الكتب المنزلة على الرسل كما في قوله تعالى: [COLOR=0000ff]كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ {البقرة:213}.[/COLOR]
وقد يرد مرادا به الكتابة والخط كما في قوله تعالى: [COLOR=0000ff]اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ... {المائدة:110}.[/COLOR]
فالمقصود بالكتاب هنا الكتابة أي الخط، وقيل المقصود جنس الكتاب.
قال [COLOR=800000]ابن عطية في تفسيره: [COLOR=6600cc]والكتاب في هذه الآية مصدر كتب يكتب أي علمتك الخط، ويحتمل أن يريد اسم جنس في صحف إبراهيم وغير ذلك، ثم خص بعد ذلك التوراة والإنجيل بالذكر تشريفاً، والحكمة هي الفهم والإدراك في الأمور الشرعية[/COLOR]. انتهى.[/COLOR]

فينبغي أن تنظر في كل آية وتطالع كتب التفسير فيها فتجد معناها موضحا إن شاء الله.
والله أعلم.) منقول
https://www.islamweb.net/ar/fatwa/175197/استعمالات-لفظة-الكتاب-في-القرآن-الكريم
 
جزاك الله خيرا ، سؤالي كان له اتجاه آخر أي ما كنت أريد أن أعرف هل الكتاب في الآية ٧٩ تعني التوارة أو تعني الكتاب المحرف الذي كتبوه من عند أنفسهم، و لقد قال الله تعالى :وَمِنۡهُمۡ أُمِّیُّونَ لَا یَعۡلَمُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّاۤ أَمَانِیَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا یَظُنُّونَ ۝٧٨ فَوَیۡلࣱ لِّلَّذِینَ یَكۡتُبُونَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِأَیۡدِیهِمۡ ثُمَّ یَقُولُونَ هَـٰذَا مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ لِیَشۡتَرُوا۟ بِهِۦ ثَمَنࣰا قَلِیلࣰاۖ فَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَوَیۡلࣱ لَّهُم مِّمَّا یَكۡسِبُونَ ۝٧٩﴾ [البقرة ٧٨-٧٩]
فالكتاب في الآية ٧٨ تعني كتاب الله و لقد راجعت مؤخرا اليوم ما قاله الزمخشري و الذي أوَّل أن الكتاب في الآية ٧٩ هو الكتاب المحرف. يعني الكتاب الثاني هو غير الكتاب الأول في الآيتين.

و الله أعلم

تفسير الزمخشري
يَكْتُبُونَ الْكِتابَ المحرّف بِأَيْدِيهِمْ(١) تأكيد، وهو من محاز التأكيد، كما تقول لمن ينكر معرفة ما كتبه: يا هذا كتبته بيمينك هذه. مِمَّا يَكْسِبُونَ من الرشا.
١) قال محمود: «إن قلت: ما فائدة قوله بأيديهم ... الخ» ؟ قال أحمد رحمه اللَّه: وربما قال الزمخشري في مثل هذا: إن فائدته تصوير الحالة في النفس كما وقعت، حتى يكاد السامع لذلك أن يكون مشاهداً للهيئة.
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠

و أيضا هناك آية آخرى، نفس نوع سؤال الموضوع:
قوله تعالى : {وَإِنَّ مِنۡهُمۡ لَفَرِیقࣰا یَلۡوُۥنَ أَلۡسِنَتَهُم بِٱلۡكِتَـٰبِ لِتَحۡسَبُوهُ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمَا هُوَ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَیَقُولُونَ هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا هُوَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَیَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ یَعۡلَمُونَ﴾ [آل عمران ٧٨]

ففي الآية جاءت 3مرات كلمة الكتاب فهل يلون ألسنتهم بالكتاب، يعني خلط الباطل بالحق لكي يحسبه السامع أنه حق، فإذا كان نعم، فالكتاب هنا في الآية يطلق فقط على كتاب الله، بينما حسب قول الزمخشري رحمه الله قد يطلق على الكتاب المحرف

خلاصة سؤالي كان :هل يطلق في القرآن، الكتاب على الكتاب المحرف أيضا؟



​​​​​​
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الكتاب في 79 يعني الكتاب المكتوب بأيديهم وهو الكتاب المزور المنتحل .
وهذا قول الزمخشري: (
يكتبون الكتاب : المحرف، بأيديهم : تأكيد، وهو من مجاز التأكيد، كما تقول لمن ينكر معرفة ما كتبه: يا هذا، كتبته بيمينك هذه، مما يكسبون : من الرشا )
والله تعالى اعلم .
 
نعم، فالكتاب ٧٩, هو الكتاب المحرف، لقد سمي كتاب الله بالكتاب ليس لأنه مكتوب من البشر و لكن الله الذي كتبه.
ففي الحديث التالي بين ذلك:
عنِ ابنِ عبّاسٍ: يا معشرَ المسلمينَ، كيفَ تسألونَ أَهلَ الكتابِ عن شيءٍ وقد حدَّثَكمُ اللَّهُ أنَّ أَهلَ الْكتابِ قد بدَّلوا ما كتبَ اللَّهُ وغيَّروا

الراوي : عبدالله بن عباس

فعند جمع القرآن في عهد أبي بكر قيل "فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن فاجمعه



أظن و الله اعلم إذا قيل "كتب الكتاب"، فإن الكتاب هو من عبد إلى عبد و ليس كتاب الله
و الله اعلم
​​​​​​
 
الاخ البهيجي، هناك شيء آخر ، لو قلنا أن الكتاب في الآية ٧٩ هو كتاب الله، أي ما كتب الله فكأن قيل هكذا :
فويل للذين يكتبون ما كتب الله بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله.
و هذا يعني كتبوا ما لا يجوز كتابته بأيديهم أي أيدي العباد، و يفهم من هذا التحريف و التغيير.
فكتابة الله ليست ككتابة البشر.

ففي هذه الحالة لا نستغرب لوجود كلمة بأيديهم في الآية لأن تعطي معنى التحريف و التغيير.
عنِ ابنِ عبّاسٍ: يا معشرَ المسلمينَ، كيفَ تسألونَ أَهلَ الكتابِ عن شيءٍ وقد حدَّثَكمُ اللَّهُ أنَّ أَهلَ الْكتابِ قد بدَّلوا ما كتبَ اللَّهُ وغيَّروا

السؤال:هل يمكن القول في هذه الحالة ان كتاب الله لا يجوز أن يكتب بأيدي البشر لأن الله كتبه؟




​​​​​​
 
يكتبون ما كتب الله بأيديهم ؟؟؟!!!
 
نعم، أقصد لو انطلقنا بأن الكتاب في الآية يقصد به كتاب الله، فكأن قيل يكتبون كتاب الله بأيديهم، أي يكتبون ما لا يجوز كتابته بأيدي البشر، لأن الله كتبه بيده.
[عن أبي هريرة ] :
احتجَّ آدمُ وموسى عليهما السَّلامُ فقالَ لَه موسى يا آدمُ أنتَ أبونا خيَّبتَنا وأخرجتَنا منَ الجنَّةِ بذنبِك فقالَ لَه آدمُيا موسى اصطفاكَ اللَّهُ
بِكلامِه
وخطَّ لَك التَّوراةَ بيدِه أتلومني على أمرٍ قدَّرَه اللَّهُ عليَّ قبلَ أن يخلقني بأربعينَ سنةً فحجَّ آدمُ موسى فحجَّ آدمُ موسى فحجَّ آدمُ موسى ثلاثًا
 
أنواع الكتب في القرآن الكريم

عند إحصاء جذر "كتب"نجده يبلغ (319) مرة في القرآن الكريم ومن خلال استقراء وتتبع المفردة في القرآن الكريم تبين أن مفردة (كتاب، الكتاب) في التعبير القرآني أتت ذات اربع دلالات تتنوع حسب السياق فتشير في كل موضع إلى واحدٍ من الدلالات الأربع فالسياق هو الذي يصنف استعمال المفردة ويحدد المراد منها ، وهذه الدلالات في القرآن الكريم على النحو التالي:
أولاً: الكتاب المبين: وهو موضع البحث الرئيسي وأكثر ما جاء ذكره في التنزيل الحكيم ويقصد به: كل ما نزل من الشرائع والفرائض التي كتبها وافترضها الله على الخلق سواءً في التوراة أو القرآن او السنة النبوية والحديث الشريف.
وسياتي بيان ذلك وإثباته في ثنايا هذا البحث الذي يدور حول هذا المفهوم ويثبته بإذن الله ، ولذلك المفهوم شواهد كثيرة جداً منها قوله تعالى : { ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ } [البقرة:2] ، كذلك قوله جل وعلا : { وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [البقرة:53] وقوله جل شأنه : { قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ } [الأحقاف:30] وقوله جل وعلا : { الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ } [يونس:1] وكل ما يتضمن سياقه التنزيل من الشرائع الموحى بها من الله تعالى إلى انبياءه وهذا كتاب الله تعالى وهو موضع التبيان والبحث.
وسمي كتاباً ليس لكتابته ورسم حروفه علي ورق المصحف ، بل لتدوينه في اللوح المحفوظ الذي لا يمسه إلا المطهرون ، وتحديد اتجاه الاشارة للكتاب الحكيم وتمييزه عن انواع الكتب الأخرى منوط بالسياق الذي أتت الكلمة في ثناياه.
ثانياً: الكتاب المعلوم : وهو كتاب أعمال الأمم التي يدون فيها ما يكون منهم وماهو كائن إلى يوم القيامة وهو كتاب كل الخلق وشاهد ذلك قوله تعالى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } [الأنعام:38] وقد يخطئ من يظن أن المراد بالكتاب هنا القرآن والمراد هنا هو كتاب الأمن الذي أحصاهم وأحصى أعمالهم وأحوالهم ، ويقول جلت قدرته : { وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ } [الحجر:4] ويقول جل شانه : { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَٰذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) } [الجاثية] فكان كتاب الأمم مشتملاً على أخبارهم وقصصهم وأفعالهم ومآلاتهم فهذا موسى عليه السلام حين أتى فرعون داعياً حاملاً الآيات البينات يساله عن الأمم الأولى فيقول : { قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَىٰ (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) } طه ، فهو كتاب الأمم الذي يذكره تعالى فيقول جل شأنه :
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } [مريم:41]
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَىٰ إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا } [مريم:51]
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا } [مريم:54]
{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } [مريم:56]
فكان هذا الكتاب الذي يوثق كل صغيرة وكبيرة مدونة مكتوبة لا يقصد به الكتاب الحكيم المشتمل على الفرض والأمر بل التدوين بصورة أدق.
وفي سبيل التفريق بين الكتاب المراد به الشريعة ، وبين كتاب الأعمال فإن كتاب الأعمال دونته وكتبته الملائكة لتوثيق ما اجترحه الإنسان من السيئات وما عمل به من الطاعات ، وهو كتاب يترافق مع العمل ويتلوه ويأتي بعده ، إلا أنه لا ينفي علم الله السابق الأزلي بما سيكون ولكن الله ليس هو المسبب لفعل الكفر والعصيان بمجرد علمه تعالى بما سيكون.
بينما كتاب الفرض والشريعة يسبق الخلق فهو مفروض مكتوب من الأزل ينزله الله إلى أنبيائه لا يتغير ولا يتبدل منه شيء في أم الكتاب ، ولكنه يمحو ويثبت ما يشاء تبعاً لحاجة الناس وأحوالهم ومصالح العباد التي تناسب أزمانهم ، ولكن تلك الشرائع لا تناقض بعضها البعض ولا تتضارب في محتواها البتة.
وفي سبيل آخر يظهر معنا فيه الفرق في المواضع التي أشار فيها الشارع الحكيم في التنزيل إلى كتاب الأمم وما دون من أعمالها وأحوالها ، فقد سبق معنا معرفة كيف أن الكتاب في سياق معين يعني ما كُتب على الإنسان ودونته الملائكة من أعمال وكذلك في مواضع أخرى ما دون من أحوال الأمم ما كان من حال أنبياء الله في أزمانهم.

ثالثاً: الكتاب المنشور : وهو(كتاب اعمال المكلفين) ما دوِّن على المكلفين من الخلق من أعمالهم إن كانت خيراً فخير وإن كانت شراً فشر والذي كان قد دونه الملائكة الحافظين فينشر أمام الناس كلُّ وكتابه يقرأه ويرى أعماله كلها.
وفي ذلك يقول تعالى :
{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء:14]
وقال سبحانه وتعالى:
{ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَٰئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا }[الإسراء:71]
ويقول جل جلاله {تعالى :
وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [الكهف:49]

يقول الحق تبارك اسمه:
{ وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [المؤمنون:62]
ويقوله سبحانه وتعالى:
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ } [الحاقة:19]
ويقول تعالى :
{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ } [الحاقة:25]
{ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } [المطففين:7]
{ كِتَابٌ مَرْقُومٌ } [المطففين:9]
{ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } [المطففين:18]
{ كِتَابٌ مَرْقُومٌ } [المطففين:20]
{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ } [الانشقاق:7]
{ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ } [الانشقاق:10]
فكانت دلالته في هذا السياق للإشارة لكتاب الأعمال التي دونت على الخلق طيلة فترة التكليف ليكون حجة لهم أو حجة عليهم فأسمي كتاباً للدلالة على الكتابة والتدوين وليس الأمر والفرض.
رابعا: الكتاب المدون بالقلم:
وهو كل ما يجري كتابته وخطه بالقلم على الورق ونحوه بغض النظر عن محتواه ودلالته ، فالمراد من الكتاب (رسم الكلمات على ألواح أو صحف أو جلد أو كاغد) بالمداد وهو كل ما خطه البشر ودونوه من مؤلفات والمراسلات كرسالة سليمان عليه السلام إلى بلقيس ورسالتها إليه كذلك الكتب الشرعية كمكاتبات الدين والوصية وما جرى توثيقه بالقلم والورق كتابةً وكما اسلفنا فالسياق كفيل بتبيان نوع الكتاب ،ومن الدلالات على هذا النوع من الكتب الذي هو التدوين بالقلم وشواهد ذلك ما يقوله الله تعالى :
{ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَٰكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } [البقرة:235]
أي كتاب النكاح وما جرى تدوينه من آجال لعقد النكاح موثقاً مكتوباً شرعاً ، فهذه الكتابة والخط تدعى (الكتاب) وهذه متعلقة بصنف من الدلالات الأربع التي ذكرناها وهي دلالة التدوين بالقلم ، .
وقوله جل شأنه:
{ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّىٰ يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [النور:33]
يبتغون الكتاب أي يريدون النكاح الشرعي الموثق كتابة وتدويناً بصورته الشرعية ، وهو تدوين عقد النكاح وإثباته نصاً على ورق بصيغة معلومة ، ولا يكفي فيه الإيجاب والقبول بل ينبغي كتابة العقد وتدوينه.
وقوله جلت قدرته في شأن سليمان عليه السلام وملكة سبأ:
اذْهَبْ بِكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28) قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ (29) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ (30) النمل
وهنا يظهر جلياً مفهوم الكتاب بأنه الرسالة المكتوبة المدونة على الورق أو الجلد ونحوه من الصحف أياً كان محتواها ، وأيا كان كاتبها ، وتشمل الرسم القرآني لكلمات القرآن الكريم ، فتسمى كتابا من حيث كونها مدونة بالقلم إلا أن السياق هو ما يشير لمعنى الكتابة إذا اريد به ذلك أو معني الفرض والشريعة اذا ناسب السياق ذلك.
ويقول جل شأنه في آية الدين :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [البقرة:282]

وهذه الآية تدل على أهمية وفرض تدوين العقود والاتفاق والشهود ، ونلحظ قوله تعالى (وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا) فكيف ببقية المعاملات الشرعية المالية وسواها ؟ كعقود النكاح ونحوه ، فلا شك أنه يقاس على ذلك في بقية المعاملات.

يقول ربنا جل وعلا :
{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر:23]

وهنا أيضاً تدل مفردة الكتاب على التدوين والكتابة وليس إشارة للكتاب بمعنى آخر ، ويحسن بنا أن نفصل قليلاً ليتضح المراد واتساقه مع المعنى في هذا الباب فنقول:
كما أن للكتاب دلالات حسب السياق الذي يقع فيه فإن التشابه والمثاني لهما مدلول مختلف حسب ما يكون موضعه في القرآن الكريم ، فمدلول الكتاب هنا هو الرسم القرآني ، فيقول تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا) فيقال : (زيد اقتنى احسن الخيل لوناً ) أو (عمروٌ أنشد أبلغ الشعر بياناً ) فالقرآن هو أحسن الحديث كتاباً ، فهو أحسن ما دون وكتب من كل حديث منطوق ، فللقرآن كتابة مخصوصة وطريقة فريدة لا يشابهه فيها كتاب ولا يدانيه فيها رسم ، ومن هذا نستنبط أمراً لافتاً هو أن الخط القرآني ورسم المصحف توقيفي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم بوحي إلهي ، وهذا القول برغم أنه أحدث ما قيل في رسم القرآن إلا أنه معتبر ووجيه عند طائفة من أهل العلم ولهم عليه أدلة وألفوا في ذلك كتب عديدة.
وعند تتبع دلالات الرسم القرآني نجده يتفرد عن سواه في متابعته ومجاراته للمعاني بما يتفق مع شكل كتابة الكلمة وهو ما يسمى بظواهر الرسم القرآني ، وهنا أسرار وعجائب لافتة وسبب اختلاف المعنى باختلاف الرسم تبعاً للموضع ما لا يتأتى لبقية الأحاديث سوى حديث الله تعالى وهو القرآن ، فالقرآن حقاً هو أحسن الحديث كتاباً. [1]

واقول تعليقاً على ما تفضلت به الأخت بهجة الرفاعي في قوله تعالى:
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة:79]

قلنا أن للكتب أربعة أنواع في القرآن الكريم وهي (الكتاب المبين وهو الشرائع) و (والكتاب المعلوم وهو كتاب أعمال الأمم وهو أفعال الأمم وتاريخها وموقفها من نبيها) و (الكتاب المنشور وهو كتاب أعمال المكلفين) و(الكتاب المدون بالقلم وهو كل ما كتب على ورق أوجلد أو نحوه) ، نستدل على المقصود من مفردة الكتاب وأي المفاهيم يقصد بها من السياق.
وسياق الآية التي تفضلتي بها تشير إلى الشرائع والفرائض التي ألزم الله بها بني اسرائيل وكتبها عليهم ، ولا يقصد بالحروف المرسومة المكتوبة لأنهم بكل تأكيد -ونحن المسلمين كذلك- نكتب الكتاب بأيدينا ونخطه بأناملنا أو ثم نطبعه على الورق ، ولكن هذا ليس ما يراد في هذا الموضع ، فأحبار بني اسرائيل ورهبانهم كتبوا الكتاب بأيديهم أي : فرضوا فرائض وشرعوا في الدين مالم يأمر به الله وأدخلوه في الكتاب وماهو من الكتاب ليشتروا به ثمناً قليلاً فيفرضون على الناس فروضاً وأموالاً تؤخذ منهم باسم الدين وبأنها مكتوبة عليهم من الله والله من هذا بريء ولكنهم يريدون بذلك أكل أموال الناس بالباطل ، يقول تعالى :
(قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) [ الأنعام: 91].​

فالكتاب لا يقصد به الاوراق المدون عليها بالقلم لأن الله تعالى يسميها "قراطيس" ولكن يقصد الشرائع المدونة في هذه القراطيس أي الأوراق فهي مدار الأمر كله ، ويقول تعالى:
(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) [الأنعام:7]
وهكذا فالكتاب لا يراد به الورق المجموع إلى بعضه بل يراد له الشريعة المنزلة في مدونة في ورق (قرطاس).

وفي مقدمة الكتاب أقول :
رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) [البينة]​
وهذه الآية الكريمة تحمل الدلالة الواضحة على مقتضى هذا البحث ، فالصفحات المستعملة تسمى (صحفاً) ، فكيف يكون في الصحيفة (كتب) في حين أن الكتاب -بمفهومه السائد- هو صحائف جمعت إلى بعضها البعض فكونت كتاباً ، ولكن اذا أدركنا مفهوم المفردة الصحيح بأن كتاب تعني شريعة وكتب تعني شرائع ، فهنا يتسق المفهوم ، فالنبي صلى الله عليه وسلم مرسل من الله تعالى فهو نبي رسول ، يتلو (يتّبع) وتحمل أيضا وجه التلاوة بمعنى القراءة صحفا مطهرة ، فيها كتب (شرائع) قيمة أي تقيم حياة الناس وتقوم على مصالحهم وتصلح شؤونهم ، وهو أظهر المعاني وأقربها للسياق والمفهوم العام للآيات البينات في هذه السورة.
ويتبع الكتب القيّمة ، تفصيل سبب تفرق الذين أوتو الكتاب (الشريعة) وماذا كان فحوى تلك الشريعة : ({وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}) الإيمان المقترن بالإسلام والإسلام مرادف للعمل بالجوارح ، فالله يأمر المكلفين بعبادته عبادة مقترنة بالاخلاص وهو الإيمان المطهر من الشرك مقترناً بإقامة الصلاة وايتاء الزكاة ، وذلك دين القيمة اي سبيل المستقيمين من العباد على الوجه الذي افترضه الله في كتبه القائمة على شئون الناس.[2]
والله تعالى يقول
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:78]​
ينطقون آيات الأحكام بغير ما انزلت فتظنون أنه من شرع الله وأمره وهو ليس من شرع الله وأمره ويدعون أن هذه الشريعة من الله وهي من عندهم وليست من عند الله ، ومنه أن يقرأون ما انتحلوه من أحكام وأدخلوه في التوراة بترتيل وتجويد فيحسبه السامع وحياً وشرعة أنزلها الله وهي إنما قول من قولهم ووضع من وضعهم على الله وكذبهم.

ولذلك فالله يصف اليهود والنصارى " اهل الكتاب" ولو كان المراد بالأوراق المجتمعة لسماهم (اهل الكتابين) أي التوراة والإنجيل ، فما سماهم أهل الكتاب إلا مشيراً للتوراة فقط فعيسى إنما بعث متبعاً لشريعة موسى عليه السلام وهي "الكتاب" المقصود في قوله (أهل الكتاب) اي أهل الشريعة الربانية التي أنزلها الله على موسى وفرضها على بني اسرائيل ، لذلك نجد الجن قالوا لقومهم :
قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَىٰ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَىٰ طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ }
wAAACH5BAEKAAAALAAAAAABAAEAAAICRAEAOw==
[الأحقاف:30]

أي شريعة بديلة لشريعة موسى وتالية لها ، ومن المعلوم أن ما جاء به عيسى لم يكن شريعة مهيمنة على شريعة موسى فكانت شريعة موسى هي الكتاب الماثل والمفروض من الله حتى نزل القرآن الكريم وبعث به النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فإن الجن فقهت ذلك ولم يفقه ذلك كثير من طلبة العلم الذين نسبوا اليهودية للجن وآخرون قالوا أنه لم تبلغهم دعوة عيسى وغير ذلك والحقيقة أنهم علموا كل ذلك ولكنهم فهموا ما معنى الكتاب غير ما فهمناه نحن في عصرنا هذا الذي طغت عليه مفاهيم مستجدة لم تكن في عصر النزول فأنزلنا مفاهيمنا على كتاب الله ولم ننزل كتاب الله على مفاهيمنا ليصلحها وحاكمنا الوحي بسائد القول اليوم والله المستعان.

والله تعالى أعلم


--------------
[1] كتابي " مقدمة الكتاب" ص 8
[2] المصدر السابق ص 108
 
جزاك خيرا الاخ عدنان و الجبالي لمشاركتكم لهذا الموضع لطالما شغل بالي كثيرا.


أرجو منكم أن تجيبا على هذه الاسئلة لأني أحتاج أن أعرفها:

١. هل التوراة كانت مكتوبة بخط الله، و هل وصلت إلى موسى عليه السلام عليه السلام بخط الله أو لا؟

أرجوا من يعرف أي شيء أن لا يبخل
 
أخي فضيلة د.محمد الجبالي ; سلمكم الله وبارك في علمكم وعملكم.

أختي بهجة الرفاعي :
إن تكلمنا بمقتضى الاسرائيليات وما روي عنهم في هذا الباب فنعم يزعمون أنها كتبت بإصبع الله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ، لهذا ومثله من الجرأة على الله تعالى أتوقف في الاستشهاد بالاسرائيليات وقد أغنانا الله تعالى عنها بالقرآن الكريم وصحيح السنة المطهرة.
ولو استشهدنا بالنص القرآني لوجدنا أنه لا يوجد دليل على أن الألواح أنزلت من السماء أو كتبت بمعجزة ربانية، ذلك ان المعجزات غالباً ما يحدثها الله تعالى لحث الناس على الإيمان ، وهذا ما حصل لموسى حين كلمه عند الشجرة وأراه عصاه تهتز كأنها جان ، فلم يعد هناك داعٍ لوقوع تلك المعجزة لموسى وهو في خلوته وميقات ربه تعالى، ولم يرد في القرآن الكريم ما يدل على ذلك.
ولو تتبعنا النص القرآني الذي يتحدث عن الألواح لوجدنا قوله جل شأنه :
وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ [الأعراف:145]​
فالكتابة تحتمل هنا الفرض وتحمل التدوين ، ولكن الأكيد بأن مافي الألواح "كتاب" بمعنى شريعة وفريضة كلف الله موسى أن يفرضها على قومه ويُنْفِذُها، فلم تنزل مفرقة بل نزلت الشريعة جملة واحدة، ثم ضيق الله عليهم كلما بارزوه بالمعاصي والقبيح من الفعل.
فما دام القرآن الكريم سكت عن هذا الامر ولم يبينه فليس في معرفته مزيد فائدة لنا ولكن يكفينا إدراك قدسية تلك الألواح وعناية النص القرآني في الإشارة إليها وخاصة عندما ألقاها موسى من يده غضباً من أخيه هارون حين عاد ووجد قومه يعبدون العجل من دون الله، فكانت تلك الإشارة تدل على أن غضب موسى أدى به لارتكاب أمر عظيم وهو إلقاء الألواح ومنه نستنتج بأن الغضب من مسببات الزلل، يقول تعالى:
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأعراف:150]​
ولما كان ربنا جل شأنه يعلم بأن ما دفعه لذلك الفعل إلا غيرته على دينه وغضبه الشديد على فعل قومه فقد اكتفى بالإشارة لهذا الفعل كفعل عظيم لافت للانتباه لا يمكن أن يمرّ عليه القارئ بدون أن يتوقف أمام هذا الفعل وهذا الحادث الجلل.
واعتذر ربنا لكليمه عليه السلام بان ذلك كان من أسباب الغضب الذي تملك نفسه وطغى على شعوره حتى أدى به لأن يفعل ما فعل ، ولكنه حين سكت عنه هذا الغضب فإنه عاد واحتضن هذه الألواح وحملها إليه ، يقول تعالى:
وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ [الأعراف:154]​
ولكن هل كانت حادثة إلقاء الألواح بما تحمله من دلالات كانت لكون هذه الألواح نزلت مكتوبة من عند الله أم لكونها تحمل كلام الله وشريعته ؟؟ ، أعتقد بأن الأمر كذلك هو مع القرآن الكريم فبرغم أنه وكتب وطبع بأيدي المسلمين ولكن رميه أو إلقاءه فيه امتهان لكلام الله ويعد من عظائم الأخطاء التي يجب الاستغفار منها إن هي وقعت من مسلم.
وبالتالي فالأرجح أن هذه الألواح تستمد قدسيتها من محتواها والشريعة العظيمة وكلام الله الذي كتب عليها وأما من كتب هذا المحتوى فهو مالا نعلمه ولا نقطع به.
والله تعالى اعلم
 
أخي فضيلة د.محمد الجبالي ; سلمكم الله وبارك في علمكم وعملكم.

أختي بهجة الرفاعي :
إن تكلمنا بمقتضى الاسرائيليات وما روي عنهم في هذا الباب فنعم يزعمون أنها كتبت بإصبع الله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ، لهذا ومثله من الجرأة على الله تعالى أتوقف في الاستشهاد بالاسرائيليات وقد أغنانا الله تعالى عنها بالقرآن الكريم وصحيح السنة المطهرة.
ولو استشهدنا بالنص القرآني لوجدنا أنه لا يوجد دليل على أن الألواح أنزلت من السماء أو كتبت بمعجزة ربانية، ذلك ان المعجزات غالباً ما يحدثها الله تعالى لحث الناس على الإيمان ، وهذا ما حصل لموسى حين كلمه عند الشجرة وأراه عصاه تهتز كأنها جان ، فلم يعد هناك داعٍ لوقوع تلك المعجزة لموسى وهو في خلوته وميقات ربه تعالى، ولم يرد في القرآن الكريم ما يدل على ذلك.
ولو تتبعنا النص القرآني الذي يتحدث عن الألواح لوجدنا قوله جل شأنه :
وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ [الأعراف:145]​
فالكتابة تحتمل هنا الفرض وتحمل التدوين ، ولكن الأكيد بأن مافي الألواح "كتاب" بمعنى شريعة وفريضة كلف الله موسى أن يفرضها على قومه ويُنْفِذُها، فلم تنزل مفرقة بل نزلت الشريعة جملة واحدة، ثم ضيق الله عليهم كلما بارزوه بالمعاصي والقبيح من الفعل.
فما دام القرآن الكريم سكت عن هذا الامر ولم يبينه فليس في معرفته مزيد فائدة لنا ولكن يكفينا إدراك قدسية تلك الألواح وعناية النص القرآني في الإشارة إليها وخاصة عندما ألقاها موسى من يده غضباً من أخيه هارون حين عاد ووجد قومه يعبدون العجل من دون الله، فكانت تلك الإشارة تدل على أن غضب موسى أدى به لارتكاب أمر عظيم وهو إلقاء الألواح ومنه نستنتج بأن الغضب من مسببات الزلل، يقول تعالى:
وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأعراف:150]​
ولما كان ربنا جل شأنه يعلم بأن ما دفعه لذلك الفعل إلا غيرته على دينه وغضبه الشديد على فعل قومه فقد اكتفى بالإشارة لهذا الفعل كفعل عظيم لافت للانتباه لا يمكن أن يمرّ عليه القارئ بدون أن يتوقف أمام هذا الفعل وهذا الحادث الجلل.
واعتذر ربنا لكليمه عليه السلام بان ذلك كان من أسباب الغضب الذي تملك نفسه وطغى على شعوره حتى أدى به لأن يفعل ما فعل ، ولكنه حين سكت عنه هذا الغضب فإنه عاد واحتضن هذه الألواح وحملها إليه ، يقول تعالى:
وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ [الأعراف:154]​
ولكن هل كانت حادثة إلقاء الألواح بما تحمله من دلالات كانت لكون هذه الألواح نزلت مكتوبة من عند الله أم لكونها تحمل كلام الله وشريعته ؟؟ ، أعتقد بأن الأمر كذلك هو مع القرآن الكريم فبرغم أنه وكتب وطبع بأيدي المسلمين ولكن رميه أو إلقاءه فيه امتهان لكلام الله ويعد من عظائم الأخطاء التي يجب الاستغفار منها إن هي وقعت من مسلم.
وبالتالي فالأرجح أن هذه الألواح تستمد قدسيتها من محتواها والشريعة العظيمة وكلام الله الذي كتب عليها وأما من كتب هذا المحتوى فهو مالا نعلمه ولا نقطع به.
والله تعالى اعلم

الآن ماذا وصلتم جزاكما خيرا أنت و زميلك الجبالي هل الكتاب هو الكتاب المحرف في الآية أو الكتاب كتاب الله؟
 
شريعة موسى عليه السلام طالها التحريف ولا يمكن القول بأن (كل) شريعة موسى (الكتاب) قد طاله التحريف ، فما يزال منه حق وبعضه طاله التحريف بأنواعه سواء بالتغيير أو بالنقص أو بالتحريف المعنوي وتفسيره على غير مراد الله وهذا بحث يطول ، ولكن مادام النبي صلى الله عليه وسلم قال : (حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج) أو كما قال عليه أفضل الصلاة والسلام ، وطالما وجد في التوراة ما يتفق مع القرآن الكريم من أمر ونهي فلا شك أنه لا يزال فيه مالم يطاله عبث العابثين، ولكنه اختلط مع الباطل فصعُب التفريق بينهما.
والله أعلم
 
الاخ عدنان، سؤالي كان ماذا وصلتم إليه، هل الكتاب في الآية مقصود به الكتاب المحرف أو كتاب الله؟
هذا ما أريد أن أعرف لا غير، بارك الله فيكما
 
بالتأكيد اختي أن الكتاب الذي كتبوه بأيديهم في الآية هو الكتاب المحرف وليس كتاب الله
 
السلام عليكم
جزى الله أخانا الغامدي خيرا فقد أوفى الموضوع حقه واستوفى.
أختنا الفاضلة بارك الله فيك:
أما سؤالك: (هل التوراة كانت مكتوبة بخط الله؟)
فإن قول : (خط الله) نزل في صدري نزول سكين حاد، لقد لفظها قلبي لفظا.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ. قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ »

وعذرا أختنا: إن رأس المنشور وسؤالك عما يخطه أهل الكتاب بأيديهم ثم يزعمون أنه من عند الله - حتى وإن لم يكن تشريعا- فيكفي القول على الله والكذب عليه جرما بالغا، والآية واضحة محكمة، وقد طال النقاش، وإن كان بحث أخينا الغامدي القيم عالج السأم من تلك الإطالة وداواها.
لكني أكره تعقيد الواضح، وأمقت تعسير اليسير، ولا أقبل إبعاد القريب، فأقلي من الأسئلة التي تذهب بالنص مذاهب تبعد به عن مراميه، بارك الله فيكم ونفع بكم وأدام نفعكم أبدا.
وتقبلوا تحياتي وتقديري
 
ما هذا يا دكتور الجبالي، فلم أتوقع منك هذا، خصوصا هذا العلم يدخل في ما درست....

المهم أنا لا أتفق معكما و أذهب ما قاله صالح ابن عثيمين رحمه الله و هذا قوله، و أتمنى أن يعتنى بالآية جيدا ففيها الكثير من الأشياء يريد الله أن يخبرنا بها.

قال ابن العثيمين -رحمه الله رحمه الله ما مختصره:

قوله تعالى: ﴿ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ... ﴾؛ "ويل" كلمة وعيد؛ يتوعد الله تعالى من اتصفوا بهذه الصفة؛ وهي مبتدأ؛ وجاز الابتداء بها وهي نكرة؛ لأنها تفيد الوعيد. والوعيد معنًى خاص، فزال به إجمال النكرة المطلقة؛ و﴿ الْكِتَابَ ﴾ بمعنى المكتوب؛ والمراد به التوراة؛ ﴿ بِأَيْدِيهِمْ ﴾: كلمة مؤكدة لقوله تعالى: ﴿ يَكْتُبُونَ ﴾؛ أو مبينة للواقع؛ لأنه لا كتابة إلا باليد غالباً؛ والمعنى: أنهم يكتبونه بأيديهم، فيتحققون أنه ليس الكتاب المنَزَّل؛ فهم يباشرون هذه الجناية العظيمة؛ ﴿ ثُمَّ يَقُولُونَ ﴾ أي بعدما كتبوه بأيديهم، وعرفوا أنه من صُنْع أيديهم؛ ﴿ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﴾ أي نزل من عند الله
 
السلام عليكم
جزى الله أخانا الغامدي خيرا فقد أوفى الموضوع حقه واستوفى.
أختنا الفاضلة بارك الله فيك:
أما سؤالك: (هل التوراة كانت مكتوبة بخط الله؟)
فإن قول : (خط الله) نزل في صدري نزول سكين حاد، لقد لفظها قلبي لفظا.
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ. قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَىْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ »

وعذرا أختنا: إن رأس المنشور وسؤالك عما يخطه أهل الكتاب بأيديهم ثم يزعمون أنه من عند الله - حتى وإن لم يكن تشريعا- فيكفي القول على الله والكذب عليه جرما بالغا، والآية واضحة محكمة، وقد طال النقاش، وإن كان بحث أخينا الغامدي القيم عالج السأم من تلك الإطالة وداواها.
لكني أكره تعقيد الواضح، وأمقت تعسير اليسير، ولا أقبل إبعاد القريب، فأقلي من الأسئلة التي تذهب بالنص مذاهب تبعد به عن مراميه، بارك الله فيكم ونفع بكم وأدام نفعكم أبدا.
وتقبلوا تحياتي وتقديري
اسمع يا دكتور، أنا سألت لأن الله سبحانه تعالى عندما يقصد التشريف لشيء له فإنه يبدأ بالألف و اللام قبل الكلمة، فمثلا عندما نقول الدين فيقصد به دين الله و الإسلام، فلهذا قلت أن الكتاب يقصد به كتاب الله و لكن هذا لا يبطل تفسير الآية، فأما ما قاله أخوك عدنان أن الكتاب يقصد بالشرائع (كتب الله على العباد)، فهذا معلوم و لا شك فيه.


فبالله يا دكتور، أنا أريد أن أعرف ما معنى كلمة أهل الكتاب، فأول شيء علي أن أعرف هل المقصود بالكتاب كتاب الله وهو الكتاب المحرف، و هذا سبب الرئيسي وضعي لهذا الموضوع، قلت سأسأل أصحاب الإختصاص لعلي أفهم شيئا و لكن صراحة تأسفت لحالكم و عجلتكم و غروركم و حماقتكم و انا لم أجزم شيء و لم أذهب إلى أي قول بعد، فقط كنت أريد أن أعرف..
و اكثر من ذلك تم طمس ما جاء في الأحاديث، فلا حول و قوة إلا بالله
احسنوا الظن يا عباد الله
 
الرجل كان غاية في التهذيب واللين في قوله ، فما بالك اختنا تطلقين علينا هذه الألفاظ المقذعة والشتائم المفزعة ؟
ذكرتي بأنك تجهلين أمراً وتريدين الاستعلام عنه ، أفلا يحسن بك أن تتخلقي بأخلاق طلبة العلم وأولها التواضع وحسن التأدب مع من افرد من وقته سعياً في إفادته.
تفضلتي بالقول:
لأن الله سبحانه تعالى عندما يقصد التشريف لشيء له فإنه يبدأ بالألف و اللام قبل الكلمة
هل تقصدين أن قوله "إن الشيطان لكم عدو" دلت الالف واللام على التشريف فهل ينال الشيطان ذلك التشريف ؟ بالطبع لا ، فهنا ينبغي عليك الصبر وحسن المعاملة سامحك الله وغفر لنا ولك.
 
الرجل كان غاية في التهذيب واللين في قوله ، فما بالك اختنا تطلقين علينا هذه الألفاظ المقذعة والشتائم المفزعة ؟
ذكرتي بأنك تجهلين أمراً وتريدين الاستعلام عنه ، أفلا يحسن بك أن تتخلقي بأخلاق طلبة العلم وأولها التواضع وحسن التأدب مع من افرد من وقته سعياً في إفادته.
تفضلتي بالقول:

هل تقصدين أن قوله "إن الشيطان لكم عدو" دلت الالف واللام على التشريف فهل ينال الشيطان ذلك التشريف ؟ بالطبع لا ، فهنا ينبغي عليك الصبر وحسن المعاملة سامحك الله وغفر لنا ولك.

لاتخلط الأمور،

اما بالنسبة للدكتور فلقد جرحني سامحه الله، فهدف دخولي هنا فقط التأكد من بعض الاشياء قبل أن أحررها و أنشرها رغم ما أكتب يتم عبر لجنة التحرير و لكن هو تكلم معي كأني أدخل للمراء أو الجدال أو للانتصار للرأي، فسامحه الله

​​​​​​و هل الإنسان يخلق الشيطان؟
 
أختنا بهجة: أصلحك الله وهداك وإيانا، وغفر لك ولنا
يا أختنا: إن كنتِ رأيتني أسأتُ إليك فلماذا جمعتِ الجميع معي ورميتنا بالعجلة والغرور والحماقة، وكان يكفيك أن ترميني أنا بذلك وحدي.
وكأنك غاضبة تبرأت من أخ لك: (أخوك عدنان) ونسبته إليَّ، فما أحب إلي أن تنسبيه لي، وإني أحب ذلك وأعتز به وأشرف، فهو أخي وحبيب وإن لم أعرفه شخصيا.
أختنا: وإنك أختنا شئتِ أم أبيتِ، ورغم أنفكِ -فإنك مسلمة- ولا نقبل والله أن نؤذيك، ولا أسمح لنفسي أن يقع لساني في أختي حتى وإن وقعت فيَّ.
غفر الله لنا ولك
والسلام عليكم
 
أختنا بهجة: أصلحك الله وهداك وإيانا، وغفر لك ولنا
يا أختنا: إن كنتِ رأيتني أسأتُ إليك فلماذا جمعتِ الجميع معي ورميتنا بالعجلة والغرور والحماقة، وكان يكفيك أن ترميني أنا بذلك وحدي.
وكأنك غاضبة تبرأت من أخ لك: (أخوك عدنان) ونسبته إليَّ، فما أحب إلي أن تنسبيه لي، وإني أحب ذلك وأعتز به وأشرف، فهو أخي وحبيب وإن لم أعرفه شخصيا.
أختنا: وإنك أختنا شئتِ أم أبيتِ، ورغم أنفكِ -فإنك مسلمة- ولا نقبل والله أن نؤذيك، ولا أسمح لنفسي أن يقع لساني في أختي حتى وإن وقعت فيَّ.
غفر الله لنا ولك
والسلام عليكم

رميتك أنت و المعجب بكلامك، لأني كم كنت فرحة أن أعرف الكثير عن الآية و جئت أنت و حاولت قطع الطريق أمامي و هذا أغضبني كثيرا، وأقسم بالله العظيم لم أكن أميل إلى أي رأي فقط كنت أريد أن أعرف و من خلال كلامك أحسست أنك تتهمني بالانتصار بالرأي، فالموضوع لم أعمله للانتصار و لكن لفهم بعض الأشياء التي أري فيها تناقض، فأنا لا أزعم أن أكتب موضوع و أقول فيه رأيي و لكن سألت لكي أتحقق قبل أن أنشر و أندم بعدها.
و أنا أعتذر إن أذيتك، و لكن كم أحببت أن نتفكر في الآية قبل الحكم على أي رأي....
الآية فيها الألف و اللام و فيها كلمة ثم


. ، أما الأخ عدنان فلم يعجبني ما قاله أن الله لم يكتب بيده
 
بارك الله فيكم أخي الاستاذ خالد النجار.

اخيتي بهجة
أجبت بما أدين الله به وأعتقده فإن لم يعجبك فليكن لا بأس وإن كان لك رأي لا يعجبني فلا بأس أيضاً فلم نتشاجر على معلومٍ من الدين بالضرورة ، الله جل شأنه لم يقل أبداً أن التوراة كتبها بيده جل شأنه فكيف ننسب لله مالم يصف به نفسه ؟؟
أما إن أشكلت عليكِ مفردة (وكتبنا له في الألواح) فاعتقدتي أن هذا إشارة لكتابة الله تعالى للنص الموجود على الألواح فالله تعالى يقول:
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105]​

فلا يدل ذلك أن الزبور كتبه الله بيده، كما أن مسائل الاعتقاد هذه حساسة للغاية والحديث عنها ينبغي أن يكون بحذر شديد خشية الوقوع في التجسيم أو التعطيل أو التشبيه والتمثيل كما فعل بنو اسرائيل فنسبوا كتابة التوراة بإصبع الله تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً ، وما كانت ملاحظة اخي د.محمد الجبالي إلا إشفاقاً عليك وسعياً منه في ردك عن الوقوع في هذا المحذور لا قدر الله.
 
إنَّ اللَّهَ كتبَ لموسى التوراةَ بيدِهِ وأنزلها مكتوبةً
ابن تيمية
(ت ٧٢٨)، مجموع الفتاوى ١٢‏/٥٢٠ • ثبت بالنقل الصحيح

عن أبي هريرة ] :
احتجَّ آدمُ وموسى عليهما السَّلامُ فقالَ لَه موسى يا آدمُ أنتَ أبونا خيَّبتَنا وأخرجتَنا منَ الجنَّةِ بذنبِك فقالَ لَه آدمُيا موسى اصطفاكَ اللَّهُ
بِكلامِه وخطَّ لَك التَّوراةَ بيدِه أتلومني على أمرٍ قدَّرَه اللَّهُ عليَّ قبلَ أن يخلقني بأربعينَ سنةً فحجَّ آدمُ موسى فحجَّ آدمُ موسى فحجَّ آدمُ موسى ثلاثًا


* إن عندما نقول إن الله كتب الله الكتاب بيده فهذا لايعني أن الكتاب سمي لأن الله كتبه فقط و لكن الله كتبه على بني اسرائيل (الشرائع) و الله أعلم.



فلا يجب جحد أن الله كتب التوراة بيده عند البحث...


المهم، جزاكم خيرا رغم أسلوبكم في البحث لم يعجبني تماما لأني أردت أن يناقش الموضوع من جميع الزوايا و بعدها نرى معنى الكتاب في الآية ، فلهذا أنا مع ماجاء به العثيمين لأنه لم يزيد و لم ينقص....
 
عودة
أعلى