القياس في القراءات وموقف القراء منه

ايت عمران

New member
إنضم
17 مارس 2008
المشاركات
1,470
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
الإقامة
المغرب
بسم1​
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛ فهذه ورقات جمعتها في موضوع:
القياس في القراءات وموقف القراء منه
وسأستغني في هذا المقام عن تمهيد في تعريف القياس في اللغة، وفي اصطلاح النحويين والأصوليين والمناطقة، وأدخل في الموضوع رأسا، وأجعله في مبحثين:
المبحث الأول: أقسام القياس في القراءات.
المبحث الثاني: موقف القراء من القياس
وهذا أوان الشروع في المقصود، وعلى الله قصد السبيل.
المبحث الأول: أقسام القياس في القراءات.
كثر كلام القراء في القياس، وتباينت عباراتهم حوله، وقد نظرت فيما تيسر منها فخرجت بأقسام أربعة اشتمل عليها كلامهم، وها هي:
• القسم الأول: حمل ما روي على نظيره المروي:
وهذا يمكن تسميته بالقياس المؤكِّد، ويكثر دوره في كتب القراءات، خصوصا عند تعرضها للاحتجاج والتوجيه، أو الاختيار بين الأوجه، ولم أر من منعه، ولا ثمت داع إلى منعه. مثال ذلك قول الإمام الداني - رحمه الله – معلقا على إدغام وإظهار واو ﴿هو﴾ المضموم الهاء: "وبالوجهين قرأت ذلك، وأختار الإدغام لاطراده وجريه على قياس نظائره، وقد رواه نصا عن اليزيدي ابنه وابن سعدان والسوسي"( ).
• القسم الثاني: حمل فروع لم ترو على أصولها المروية.
المقصود بهذا النوع أن يوجد فرع من فروع القراءة لم يرد نصٌّ عن الأئمة في كيفية قراءته، فيرجعه العلماء إلى أصله المطرد، وهذا واقع في كتب القراءات، وأكثر من احتفل به علماء الغرب الإسلامي، وله أمثلة وافرة في كتبهم، وهو الذي يعنيه الإمام مكي بقوله: "فجميع ما ذكرناه في هذا الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
قسم قرأت به ونقلته، وهو منصوص في الكتب موجود.
وقسم قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا، وهو غير موجود في الكتب.
وقسم لم أقر به ولا وجدته في الكتب، ولكن قسته على ما قرأت به؛ إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص، وهو الأقل، وقد نبهت على كثير منه في مواضع مضت"( ).
ويقول عنه الإمام الداني في آخر كتاب الإبانة له: "وكثير مما ذكرنا في كتابنا هذا، من أحكام الراءات واللامات، النص فيه معدوم عن الأئمة، وإنما بينا ذالك وشرحناه، ولخصنا جليه وخفيه، قياسا علي الأصول التي ورد النص فيها، وحملا عليها، لحاجتنا إليه، واضطرارنا إلى معرفة حقيقته. والقياس على الأصول وحمل الفروع عليها سائغ في سائر الأحكام وغيرها عند الجميع، وقد أذن الله عز وجل بذلك في قوله: ﴿لعلمه الذين يستنبطونه منهم﴾، ولا يلتفت إلى من غلط، وبعد إدراك تمييز ذلك عن فهمه من منتحلي القراءات، فأنكر ما حددناه وبيناه، وحكمنا عليه بالقياس الصحيح، والاستنباط الواضح، لعدم وجود أكثر ذلك مصنفا في كتب من تقدم من علمائنا، ومن تأخر من مشايخنا، إذ ذلك غير لازم في ذلك، ولا قادح فيه لما بيناه"( ).
ولا يخفاك أن قوله: "والقياس على الأصول وحمل الفروع عليها سائغ في سائر الأحكام وغيرها عند الجميع" واضح في حكاية الاتفاق على الأخذ بهذا النوع من القياس، وقد أكد هذا الاتفاق العلامة القيجاطي فقال: "واعلم أن القياس في أوجه القراءات ليس متروكا بإطلاق، بل لابد منه عند الاضطرار والحاجة إليه فيما لم يرد فيه نص صريح عن بعض القراء، أو عن جملتهم، فإن كان له أصل ثابت عند القراء يرجع إليه فإن الشيوخ من أهل الأداء متفقون على رده إليه، وذلك كثير في باب الراءات واللامات، وقد نص الحافظ أبو عمرو والشيخ أبو محمد مكي وغيرهما من شيوخ أهل الأداء علي جواز استعماله. وإن كان له أصلان عند القراء فيختلف الشيوخ من أهل الأداء على أي الأصلين يحمل"( ).
وللمزيد من أمثلة هذا القسم وأقوال العلماء فيه ينظر ما جمعه العلامة المنتوري في شرحه على الدرر اللوامع( )، فقد أجاد وأفاد رحمة الله عليه.
• القسم الثالث: حمل ما لم يرو مطلقا على ما روي:
ما لم يرو مطلقا أعني به ما لم ترد عينه ولا أصله، ومثاله ما ذكره البعض من ترقيق راء ﴿مريم﴾ وراء ﴿المرءِ﴾ أخذا بالقياس، قال الإمام أبو عبد الله الفاسي: "وكأنهم قاسوا كسرة همزة ﴿المرء﴾ على كسرة راء ﴿شرر﴾ حيث كانتا قويتين؛ لكونهما في حرف قوي، وقاسوا استشعار الثقل فيه على استشعار الثقل في نحو ﴿القرءان﴾ و﴿الظمآن﴾ حيث ترك ورش المد لأجله، وقاسوا الياء الواقعة بعد الراء الساكنة على الكسرة الواقعة قبلها، وجميع ذلك لا أثر له مع ضعف النص أو عدمه"( ).
ومن هذا النوع ما يكون قياسا مع الفارق، ومنه قول الإمام مكي متحدثا عما يجوز رومه وإشمامه في الوقف: "من ذلك ميم الجمع، وقد أغفل القراء الكلام عليها، والذي يجب فيها على قياس شرطهم أن يجوز فيها الروم والإشمام؛ لأنهم يقولون: لا فرق عندهم بين حركة الإعراب وحركة البناء في جواز الروم والإشمام..." ثم قال: "ومما يقوي جواز ذلك فيها نصهم على هاء الكناية - فيما ذكرنا - بالروم والإشمام، فهي مثل الهاء..."( ).
فهذا قياس مع الفارق في نظر المحقق ابن الجزري الذي يقول: "وشذ مكي فأجاز الروم والإشمام في ميم الجمع لمن وصلها قياساً على هاء الضمير، وانتصر لذلك وقواه. وهو قياس غير صحيح؛ لأن هاء الضمير كانت متحركة قبل الصلة، بخلاف الميم، بدليل قراءة الجماعة، فعوملت حركة الهاء في الوقف معاملة سائر الحركات، ولم يكن للميم حركة، فعوملت بالسكون، فهي كالذي تحرك لالتقاء الساكنين"( ).
• القسم الرابع: حمل ما لم يرو على ما لم يرو:
هذا هو الذي سماه الإمام ابن الجزري القياس المطلق، قال – رحمه الله – متحدثا عن ما يُرَد من القراءات: "وبقي قسم مردود أيضا،ً وهو ما وافق العربية والرسم ولم ينقل ألبتة، فهذا رده أحق، ومنعه أشد، ومرتكبه مرتكب لعظيم من الكبائر، وقد ذكر جواز ذلك عن أبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم البغدادي المقري النحوي... وقد عقد له بسبب ذلك مجلس ببغداد حضره الفقهاء والقراء، وأجمعوا على منعه، وأوقف للضرب، فتاب ورجع، وكتب عليه بذلك محضر... ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس المطلق، وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه، ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه... ولذلك كان الكثير من أئمة القراءة، كنافع وأبي عمرو، يقول: لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا كذا، وحرف كذا كذا"( ).
المبحث الثاني: موقف القراء من القياس
سبقت الإشارة إلى أن القسم الأول، وهو حمل ما روي على نظيره المروي، لم أجد من رده، وليس ثمت داع لرده؛ لأنه مجرد مؤكد للرواية.
كما سبقت الإشارة إلى أن القسم الثاني، وهو حمل فروع لم ترو على أصولها المروية، حكى الاتفاق على قبوله والأخذ به الداني والقيجاطي، وأنقل هنا كلام ابن الجزري عنه في النشر حيث قال: " أما إذا كان القياس على إجماع انعقد، أو عن أصل يعتمد، فيصير إليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء، فإنه مما يسوغ قبوله ولا ينبغي رده، لاسيما فيما تدعو إليه الضرورة، وتمس الحاجة، مما يقوي وجه الترجيح، ويعين على قوة التصحيح، بل قد لا يسمى ما كان كذلك قياساً على الوجه الاصطلاحي؛ إذ هو في الحقيقة نسبة جزئي إلى كلي، كمثل ما اختير في تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء وفي إثبات البسملة وعدمها لبعض القراء... وكذلك قياس ﴿قال رجلان﴾ ﴿وقال رجل﴾ على ﴿قال رب﴾ في الإدغام كما ذكره الداني وغيره، ونحو ذلك مما لا يخالف نصّاً، ولا يرد إجماعاً ولا أصلاً "( ).
ولم أر من رد هذا النوع من القياس غير باحث معاصر اشتد جدا في رده، وتبرأ منه في بحث منشور له على الشبكة( ).
أما ما وقع في كلام بعض العلماء من إطلاقهم منع القياس، مثل قول الإمام الشاطبي:
وَمَا لِقِيَاسٍ فِي الْقِرَاءة مَدْخَلٌ=فَدُونَكَ مَا فِيهِ الرِّضاَ مُتَكَفِّلاَ( )
فلا بد من تقييده بما عدا القسمين الأولين؛ والسياق يدل على ذلك، وكذلك استعمال الإمام الشاطبي للقياس وأمره به في موضع آخر من الحرز، قال العلامة المنتوري: "وقد تبين بمخالفة الشاطبي لأهل الأداء في الوقف على ﴿تترا﴾ في قراءة أبي عمرو، وأخذه فيه بالقياس أن قوله:
وَمَا لِقِيَاسٍ فِي الْقِرَاءة مَدْخَلٌ=فَدُونَكَ مَا فِيهِ الرِّضاَ مُتَكَفِّلاَ
ليس على العموم، وإنما هو مخصوص بالمسألة التي تكلم عليها، وهي قوله:
وَمَا بَعْدَهُ كَسْرٌ أَوِ الْيَا فَمَا لَهُمْ=بِتَرْقِيقِهِ نَصٌّ وَثِيقٌ فَيَمْثُلاَ( )
كما فسره شيخنا الأستاذ أبو عبد الله القيجاطي رضي الله عنه"( ).
وأما القياس في القسمين: الثالث والرابع فهو القياس الممنوع الذي حذر من ركوبه العلماء، قال العلامة القيجاطي: "لا يقرأ بكل ما صح في القياس، وإنما يقرأ بما صحت روايته، وثبت له أصل في الرواية يرد إليه عند عدم الرواية والنص"( ).
هذا ما تيسرت كتابته في هذا الموضوع، وأسأل الله تعالى العفو والعافية، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وكتب
محمد ايت عمران 14 ربيع الأول 1434هـ​
 
جزيت خيرا شيخنا ايت عمران
هل يمكن القول بأن ( القسم الأول ) وهو قياس ما روي على نظيره المروي ما هو إلا ضابط لتقديم
وجه على وجه في الأداء ؟؟
وإذا كان كذلك فهل هذه هي فائدته فقط ؟؟
 
جزيت خيرا شيخنا ايت عمران
هل يمكن القول بأن ( القسم الأول ) وهو قياس ما روي على نظيره المروي ما هو إلا ضابط لتقديم
وجه على وجه في الأداء ؟؟
وإذا كان كذلك فهل هذه هي فائدته فقط ؟؟
وجزاكم الله خيرا.
يمكن القول: إنه من ضوابط تقديم وجه على وجه في الأداء، لكن لا شك أن له فوائد أخرى استعمله لها القراء، كاختيار وجه على وجه في زمن الاختيار، وكتقوية القراءة ردا على من ضعفها, وإذا نظرتم في الكشف للإمام مكي وجدتموه كثير الاستعمال لهذا النوع من القياس حسب ما أذكر.
والله أعلم.
 
جزاك الله خيرا شيخنا آيت عمران، وللفائدة فقد نوقشت بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية رسالة دكتوراه، في موضوع القياس عند القراء، للدكتورة هدى حراق، عسى الله أن يوفقني لأنقل لكم ملخصا منها، وأهم نتائجها إثراء للموضوع .
والحمد لله أولا وآخرا.
 
جزاك الله خيرا شيخنا آيت عمران، وللفائدة فقد نوقشت بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية رسالة دكتوراه، في موضوع القياس عند القراء، للدكتورة هدى حراق، عسى الله أن يوفقني لأنقل لكم ملخصا منها، وأهم نتائجها إثراء للموضوع .
والحمد لله أولا وآخرا.
وجزاك الله خيرا وبرا، وشكر لك إيرادك هذا الخبر الذي طالما انتظرته.
واعمل جاهدا - بارك الله فيك - على أن تتحفنا بملخص لهذه الرسالة، دمت موفقا مسددا.
 
أقترح على الشيخ محمد أن يسجل هذا الموضوع كرسالة للدكتوراة
أشكرك على هذه الثقة التي وضعتها في العبد الضعيف، ولا أخفيك أني كنت زورت في نفسي - أيام الماجستير - أن أجعله بحثي التكميلي، ووضعت له تصورا وخطاطة، لكن صارفا صرفني عنه، إلى أن سنحت فرصة في الأشهر الماضية، فجمعت فيه - على عجالة - ما بين يديكم، ولقد جاء الأخ رضوان بالحكم الفصل، فلم يبق قول لقائل إلى أن نطلع على تلك الرسالة المشوقة.
 
كنت ملكت - قبل سنوات - كتاب الدكتور عبد العلي المسؤول المسمى (الإيضاح في علم القراءات) وكن رأيت فيه مبحثا عن القياس، لكن الكتاب خرج من يدي، فمن كان لديه فليتحفنا بمضمون ذلك المبحث مشكورا.
 
جزاك الله خيرا أخي محمد ونفع الله بك
 
تطرَّق العلامة أبو حفص عمر بن عبد الله الفاسي (ت1188هـ) لمسألة القياس في رسالته النفيسة الموسومة بـ"اقتباس أنوار الهدى فيما يتعلَّق ببعض وجوه الأدا"، وقد عقَّب على كلام الإمام ابن الجزري في القياس بقوله:
"وقد فصَّلَ في القياس كما رأيتَ؛ فمَنَع القياس المطلَق، وأجازَ القياس على ما له أصل مطَّرد، وحاصله: إدراج الجزئي تحت الكلي عند عدم النص، وغموض وجه الأداء، وذلك فيما خَفّ".
 
للدكتور لحسن بن أحمد وكاك حفظه الله مبحث نفيس عن القياس والعلاقة بينه وبين الرواية في قسم الدراسة من تحقيقه لمنبهة الإمام الداني رحمه الله 1/241.
 
للدكتور لحسن بن أحمد وكاك حفظه الله مبحث نفيس عن القياس والعلاقة بينه وبين الرواية في قسم الدراسة من تحقيقه لمنبهة الإمام الداني رحمه الله 1/241.
رغم امتلاكي للكتاب منذ سنوات إلا أني ذهلت عن ذلك الفصل الذي عقده الشيخ العلامة الفصيح الحسن وكاك حفظه الله، فشكر الله لك - أستاذ طه - هذا التنبيه، وسأعمل - إن لم تفعل - على نقل أهم ما في ذلك الفصل قريبا بإذن الله.
 
قال الشيخ الجليل لحسن وكاك:
الفصل الخامس
في دراسة القياس وبيان العلاقة بينه وبين الرواية
وفيه خمسة مباحث:
المبحث لأول
في تعريف القياس وبيان الأنواع التي يقصدها الداني في المنبهة:​
"تحدث الشيخ الداني عن القياس في المنبهة في عدة أماكن وهذه أهمها
....
"هكذا ذكر الداني القياس في الأماكن المذكورة، ويلاحظ عن القياس في هذه الأمثلة أنه ذكر مقرونا بالرواية في بعض الأماكن وذكر مفردا في بعض الأماكن، كما يلاحظ على الشيخ الداني في هذه الأمثلة نفسها، أنه يعتبر القياس حجة مرة، ويرفضه مرة أخرى، وعليه فإن القياس الذي تحدث عنه الشيخ الداني في الأبواب المذكورة أنواع منه القياس في باب ثبوت القراءة، ومنه القياس في باب رد القراءة، ومنه القياس في باب تأكيد القراءة بالقياس اللغوي أو النحوي ومنه القياس في باب الأحكام الشرعية، لذلك نراه يرفض القياس في ثبوت القراءة وفي باب رد القراءة، ويقبله في باب تأكيد القراءة وفي باب استنباط الأحكام الشرعية، وهذا كله من شواهد التزام الشيخ الداني بمنهج أهل السنة السلف، فإن من أصول أهل السنة رفض القياس في باب ثبوت القراءة وفي باب رد القراءة وقبوله مؤكدا في باب توجيه القراءات ومؤسسا في باب استنباط الأحكام الشرعية.
فبناء على ذلك قال في حق القراء السبعة: "ونبذوا القياس والآراء" وقال في حق أهل الشواذ:
بل أسقطوا اختياره وما روي=من أحرف الذكر وكل ما قرا
إذ كان قد حاد عن الروايـة=ونبذ الإسناد والـحـكـاية
وقال في حق من حاول رد القراءة بالقياس:
ولا تقابل مـا رواه الـناس=بالرد إن ضعفـه القياس
...
وقال في جواز تطبيق القياس اللغوي أو الصرفي على القراءة الثابتة بالرواية:
عن ورش القاري أبي سعيد=وليس في القياس بالبعيد
ورغبة في توضيح معنى القياس مطلقا أسوق هنا كل نوع من أنواعه مع الإشارة إلى سبب قبوله أو رفضه من طرف الداني هنا:
1- تعريف القياس لغة واصطلاحا: قال في القاموس: "قاسه بغيره وعليه يقيسه قيسا وقياسا واقتاسه على مثاله فانقاس، والمقدار مقياس... وقايست بين الأمرين قدرت".
وجاء في إرشاد الفحول: "القياس في اللغة تقدير شيء على مثال شيء آخر وتسويته به ولذلك سمي المكيال مقياسا وما يقدر به النعال مقياسا.
وفي الاصطلاح: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم أو نفيه عنهما بأمر جامع بينها من حكم أو صفة ". أو هو حمل معلوم على معلوم لمساواته في علة حكمه عند الحامل. وجاء في الموسوعة العربية الميسرة في القياس المنطقي أنه صورة استدلالية مؤلفة من مقدمات تلزم عنها بالضرورة نتيجة تختلف عن كل المقدمات.
وجاء في أصول النحو لسعيد الأفغاني أن القياس اللغوي والنحوي هو "حمل المنقول على غير المنقول في حكم لعلة جامعة" .
وجاء في النشر لابن الجزري قوله: "ومن ثم امتنعت القراءة بالقياس الملطق، وهو الذي ليس له أصل في القراءة يرجع إليه ولا ركن وثيق في الأداء يعتمد عليه " وورد فيه أيضا قوله: "أما إذا كان القياس على إجماع انعقد أو على أصل يعتمد فيصير إليه عند عدم النص أو غموض وجه الأداء فإنه مما يسوغ قبوله ولا ينبغي رده) فهذه تعريفات ثلاثة أنواع من القياس فأيها يقصد الداني؟
يبدو أن الشيخ الداني لم يقصد بالقياس هنا مجرد المقايسة التي هي إلحاق النظير بالنظير أو مجرد المساواة بين شيئين، ولكنه يقصد شرح ما قرره أهل السنة بالنسبة إلى كل نوع من الأنواع المذكورة، ففي مجال القياس في باب ثبوت القراءة يرفض القياس المطلق الذي سبقت الإشارة إليه في كلام ابن الجزري، وإنما رفض القياس هنا لأن القراءة لا تثبت إلا بالرواية، ولعدم جواز هذا النوع من القياس في القراءات كان كثير من أئمة القراءة كنافع وأبي عمرو يقول: "لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا ".
أما عن القياس المقيد في باب ثبوت القراءة فلم يذكره الشيخ الداني في المنبهة وإنما أشار إليه ابن الجزري كما سبق بقوله: "ولا ينبغي رده لا سيما فيما تدعوا إليه الضرورة وتمس الحاجة مما يقوى وجه الترجيح ويعين على قوة التصحيح، بل قد لا يسمى ما كان كذلك قياسا على الوجه الاصطلاحي إذ هو في الحقيقة نسبة جزئي إلى كلي كمثل ما اختير في تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء وفي إثبات البسملة وعدمها لبعض القراء، ونقل (كتابيه أني) وإغام (ماليه هلك) قياسا عليه وكذلك قياس (قال رجلان على قال ربي) في الإدغام كما ذكره الداني وغيره ونحو ذلك مما لا يخالف نصا ولا يرد إجماعا ولا أصلا مع أنه قليل جدا كما ستراه بعد إن شاء الله تعالى". وإنما قبل هذا النوع من القياس في ثبوت القراءة لأن له أصلا يرجع إليه وركنا وثيقا في الآداء يعتمد عليه ولأنه إلحاق جزئي بكلي كما قال ابن الجزري.
أما مجال تأكيد القراءة الثابتة بالقياس اللغوي فيقبل فيه القياس مطلقا لأن المقصود منه تعليل القراءة وتوجيهها والتماس الحجة اللغوية لها، وإن كانت في غنى عنها لأن القرآن هو الحجة على اللغة وليست اللغة حجة عليه، وإنما قبل القياس في هذا المجال لأن مهمته تأكيدية لا تأسيسية، ومن ثم كانت القراءة المشهورة والشاذة في هذا الباب سواء، بل القراءة الشاذة في هذا الباب أقوى كما سيأتي بيانه قريبا.
وأما في مجال رد القراءة الثابتة فيرفض القياس، وسيأتي أن الذين حاولوا رد بعض القراءات بالقياس قد عد ذلك من سقطاتهم وجهلهم، إذ لا يمكن لما كان فرعا أن يرد أصله، فالقرآن أصل وعلم اللغة فرع أنشأ لخدمة القرآن والمحافظة عليه لا لرده والذين ردوا بعض القراءات إنما فعلوا ذلك بدعوى الانتصار للغة وقواعد النحو حين لا تدعن لها القراءة، هذا مع العلم بأن أساس هذه القواعد استقراء ناقص وشواهد مجهولة، ولضعفها قال الرازي: "وكثيرا ما نرى النحويين متحيرين في تقرير الألفاظ الواردة في القرآن، فإذا استشهدوا في تقريرها ببيت مجهول فرحوا به، وأنا شديد التعجب منهم فإنه إذا جعلوا ورود ذلك البيت المجهول على وفقها دليلا على صحتها فلأن يجعلوا ورود القرآن دليلا على صحتها كان أولى".
وأما في مجال استنباط الأحكام الشرعية فيقبل القياس باقتصاد.
...
بعد هذا العرض يستطيع القارئ الكريم أن يدرك نوع العلاقة الموجودة بين الرواية والقياس في ميدان القراءات، فإذا علمنا أن الرواية تستقل بثبوت القراءة وأن القياس لا يستقل بذلك، وعلمنا أن الرواية لا تنافي القياس في دراسة ظواهر ألفاظ القرآن، علمنا أن العلاقة بينهما علاقة تكامل، على معنى أن القياس يفتقر إلى الرواية في ثبوت القراءة، والرواية تفتقر إلى القياس في توجيه القراءة، وأحسن كلمة صورت نوع هذه العلاقة بينهما قول ابن البادش : " وهذا الباب طريقه الرواية وإنما يرتدف التعليل على مروي"."
اهـ بحذف يسير.
 
وبقي بحث واحد له علاقة بالموضوع، وهو الثاني، سأورد حاصله قريبا إن شاء الله.
 
لعل الأظهر أن مراد الشاطبي رحمه الله في قوله: وما لقياس في القراءة مدخل ,,, محصور في تلك المسألة وحسب.

وبالمناسبة: أدعوك أخي لأن تعرض لنا مبحث (تعريف القياس, وما اتصل به) فسيثير ذلك أموراً, منها عدم مطابقة مصطلح القياس عند الأصوليين لما يقع عند القراء إذا أمعنا النظر فيه. فإن الخلاف في تعريفه معلوم, فإن قيل: (معلوم بمعلوم )كان ذلك قريباً لما عند القراء, أما إن قيل: (فرع بأصل) فإن المسألة تتفرع, تبعاً لذلك. وهو مبحث لطيف جدير بالعناية.
 
وقال الشيخ الدكتور لحسن وكاك:
"المبحث الثاني
في تعريف القراءات وبيان مصدرها وقيمة القياس قي ثبوتها واستعماله في مجالها:​
أ‌- تعريف القراءات:
من أنسب التعريفات للقراءات في مقامنا هنا قول ابن الجزري: "علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها معزوا لناقله" وقول الدمياطي: "علم يعلم منه اتفاق الناقلين لكتاب الله تعالى واختلافهم في الحذف والاثبات والتحريك والتسكين والفصل والوصل وغير ذلك من هيأة النطق والإبدال وغيره من حيث السماع". إنما كان التعريفان أنسب هنا لأن ابن الجزري والدمياطي اشترطا في القراءة النقل والسماع، ومعنى ذلك أنه لا قراءة بدون نقل عمن شافهه الرسول صلى الله عليه وسلم، والأصل في ذلك قول زيد ابن ثابت الأنصاري «القراءة سنة متبعة» ولأهمية هذا الشرط قال ابن الجزري: "وليحذر القارئ الإقراء بما يحسن في رأيه دون النقل أو وجه إعراب أو لغة دون رواية".
ب‌- مصدر القراءات:
يفهم من التعريفين السابقين أن مصدر القراءات واحد هو الرواية، والدليل على ذلك أمور: منها قول الدكتور لبيب السعيد: "والذي لا مرية فيه أن الإسناد الصحيح هو كما عبر ابن الجزري الأصل الأعظم والركن الأقوم بمعنى أنه إذا ثبت على وجه القطع واليقين أن قراءة ما تواتر نقلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا واستفاض نقلها كذلك وتلقتها الأمة بالقبول فقد حازت الصفة القرآنية". ومنها ما جاء في حديث عمر وزيد بن ثابت من الصحابة وابن المنكدر وعروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز وعامر الشعبي من التابعين أنهم قالوا: "القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول فاقرأوا كما علمتموه" ومنها ما قال إسماعيل بن إبراهيم الهروي: "السنة أن تؤخذ القراءة إذا اتصلت روايتها نقلا ولفظا وقراءة ولم يوجد طعن على أحد من رواتها". منها قول ابن العربي: "إنما كانت المصاحف تذكرة لئلا يضيع القرآن، وأما القراءة فإنما أخذت بالرواية لا من المصاحف". ومنها قول أبي عمرو عثمان بن الصلاح: "يشترط أن يكون المقروء قد تواتر نقله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا أو استفاض نقله كذلك" ومنها قول الصفاقسي: "القراءة سنة" متبعة ونقل محض، فلابد من إثباتها وتواترها، ولا طريق إلى ذلك إلا بهذا الفن" يعني علم الأسانيد.
قلت: هذا هو المصدر الأساسي للقراءات، وقد ذكر الدكتور عبدالهادي الفضيلي مصدرا ثانويا آخر للقراءات بقوله: "وقد ذهب بعض العلماء إلى اعتداد القياس المقبول مصدرا للقراءة، والقياس المقبول يعني حمل ما لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما روى عنه في جواز القراءة به لوجود علة مشتركة بين الحرفين تسوغ ذلك". إلا أن المثال الذي ساقه الفضيلي غير مطابق لمسألتنا، بل المطابق هو ما ذكره ابن الجزري في النشر وسماه إلحاق الجزئي بالكلي ومثل له بنقل (كتابيه إني) وإدغام ( ماليه هلك) قياسا عليه وقد سبق في المبحث الأول.
وبناء على ما ذكر فإن القياس المطلق لا تثبت به القراءة أبدا ولا قيمة له عند القراء في باب قبول القراءة أو ردها، والشواهد على ذلك كثيرة من أقوال أهل هذا الفن وغيرهم من العلماء، ومن الشواهد قول الشيخ الداني في الترجمة رقم 15 من المنبهة:
فلا طريق للقياس والنظر فيما أتى به أداء وأثر
وقوله في كتابه جامع البيان: (وأئمة القراء لا تعتمد في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة والأقيس في العربية بل على الأثبت في الأثر والأصح في النقل، والرواية إذا ثبتت عندهم لا يردها قياس عربية ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها". ومنها قول الشاطبي في حرز الأماني.
وما لقياس في القراءة مدخل فدونك ما فيه الرضى متكفلا
ومنها قول سيبويه في كتابه في قوله تعالى: (ما هذا بشرا)
وبنوا تميم يرفعونه إلى من درى كيف هي في المصحف. وإنما كان كذلك لأن القراءة سنة مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تكون القراءة بغير ما روى عنه".
ومنها قول ابن تيمية في معارضة القرآن بالرأي : كان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان لأنه لا يقبل من أحد قط أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وجده" وقوله: "لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأى وقياس ولا بذوق ووجد ومكاشفة".
- استعمال القياس في مجال القراءات:
سبق أن القراءات لا تثبت إلا بالنقل الصحيح وأن القياس المطلق لا مدخل له في القراءات، ومع ذلك فقد صح استعمال القياس في مجال القراءات من عدة جوانب.
الجانب الأول: الفروع المصطلح عليها بالفرش:
فقد ثبت إلحاق بعض الحروف التي لم تتضح الرواية فيها بنظيرها، وهذا النوع من القياس هو الذي عناه مكي بن أبي طالب بقوله " وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب، ولكن قسته على ما قرأت به، إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرواية في النقل والنص وهو الأقل" وهو الذي عناه ابن الجزري بقوله: "أما إذا كان القياس على إجماع انعقد أو عن أصل يعتمد فيصير إليه عند عدم النص وغموض وجه الأداء فإنه مما يسوغ قبوله ولا ينبغي رده، لاسيما فيما تدعو إليه الضرورة وتمس الحاجة مما يقوى وجه الترجيح ويعين على قوة التصحيح"، وهو الذي عناه الإمام الداني في الترجمة رقم 39 بقوله:
وذلك القياس فاعلـمنه واطرحن ما شذ وَالهَ عنه
وهو الذي عناه أيضا المقرئ محمد بن عبدالسلام الفاسي بقوله: "وكذا أنواع ما يبتدأ به قد وردت الرواية بالوقف على بعض أفراد والابتداء ببعض أفراد بأن ورد بعض من هذا النوع وبعض من هذا حتى استوعبت الرواية جميع الأنواع، لكن في أفراد من كل نوع وقفا وابتداء فأجرى على كل وارد نظيره مما لم ترد به رواية ولا نص على عينه ولا أدري كذلك للاضطرار إلى الوقف والابتداء مع عدم النص في عينه، وكفى في تحقيق ورود ذلك ما ورد منه مفرقا من فواصل الآي، ثم إن هذا الإجراء والقياس ليس هو من باب القياس المنهى عنه في القراءات الذي أشار إليه الشاطبي بقوله:
وما لقياس في القراءة مدخل فدونك ما فيه الرضى متكفلا
لكن من القياس المأمور به الذي قال فيه رحمه الله : "واقتس لتفصلا".
الجانب الثاني: الأصول:
فقد ثبت اعتماد القراء على القياس اللغوي أو النحوي في باب الأصول باعتبارها ظواهر لغوية من نحوية وصرفية وصوتية مطردة، لكن استعمال القياس في هذا المجال ليس معناه إثبات القراءة به، بل معناه تطبيق القاعدة العربية على ما ثبت بالنقل من القراءات، فالقياس هنا وارد على كيفية النطق بالآية بعد ثبوت تلك الكيفية بالنقل، ومما يشرح لنا مهمة القياس في هذا المجال قول ابن الباذش:
"وهذا الباب طريقه الرواية وإنما يرتدف التعليل على مروي".
الجانب الثالث: في توجيه القراءات وتعليلها والاحتجاج لها :
وهو تعليل شبيه بالتعليل الذي يجري في باب الأصول، والفرق الذي بينهما هو أن التعليل الذي يجري في باب الأصول يجري على أوجه مطردة متفق عليها عند جميع القراء أو غالبهم، والتعليل الذي في باب توجيه القراءات يجري على الوجه سواء أكان من قبيل الأصول أم من قبيل الفرش، ومعنى ذلك أن هذا أعم من الذي قبله، والذي يدل على أن موضوع توجيه القراءات عام وشامل للأصول والفرش قول مكي بن أبي طالب: "وها أنذا حين أبدأ بذلك أذكر علل ما في أبواب الأصول دون أن أعيد ذكرها في كل باب من الاختلاف، إذ ذاك منصوص في الكتاب الذي هذا شرحه، وأرتب الكلام في علل الأصول على السؤال والجواب ثم إذا صرنا إلى فرش الحروف ذكرنا كل حرف ومن قرأ به وعلته وحجة كل فريق ثم أذكر اختياري في كل حرف وأنبه على علة اختياري لذلك كما فعل من تقدمنا من أئمة المقرئين إلى أن قال: "فهذا الكتاب كتاب فهم وعلم ودراية والكتاب الأول كتاب نقل ورواية".
يعني بقوله (هذا الكتاب) الكشف وبقوله (الكتاب) كتاب التبصرة، والكتابان مطبوعان اليوم ومنشوران لمن رغب فيهما.
الجانب الرابع: توجيه القراءات الشاذة:
سيأتي في المبحث الثالث من الفصل السادس أن الشاذ من القراءات إنما يدرس للاستعانة به في ميدان الفقه واللغة والبيان، ومعنى ذلك أنه إنما يدرس لكونه نصا عربيا موثقا لا لكونه قرآنا يتلى ويتعبد بتلاوته، وفن توجيه القراءات يتناول توجيه القراءات الصحيحة والقراءات الشاذة، لأن الذي يهم العلماء في فن التوجيه هو تعليل القراءات في جوانبها اللغوية من صوتية وصرفية ونحوية وبيانية، بل القراءات الشاذة أنسب لهذه الصناعة من القراءات المشهورة، قال في الإتقان: "وقال بعضهم توجيه القراءات الشاذة أقوى في الصناعة من توجيه المشهورة".
قلت: والسبب في اعتماد العلماء على القياس هو خدمة القرآن في جوانبه المتعددة، وتعدد هذه الجوانب نفسها هو الذي جعل القياس يتشعب فكان منه اللغوي بأنواعه والفقهي والكلامي. والصلة بين هذه الأنواع وثيقة، والشاهد على صلة القياس اللغوي بالفقهي قول ابن جني: "ينتزع أصحابنا العلل من كتب محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة لأنهم يجدونها منثورة في أثناء كلامه فيجمع بعضها إلى بعض بالملاحظة والرفق" والشاهد على صلة القياس اللغوي بالقياس الكلامي الباب الذي عقده ابن جني في كتابه الخصائص، وفيه يقول: "إن علل جل النحويين وأعني بذلك حذاقهم المتقنين لا ألفافهم المستضعفين أقرب إلى علل المتكلمين منها إلى علل المتفقهين، وذلك أنهم إنما يحيلون على الحس ويحتجون فيه بثقل الحال أو خفتها على النفس".
ومن هذه الشواهد أيضا ما ذكره ابن الأنباري من "أنه ألحق بعلوم الأدب علمين وضعهما: علم الجدل في النحو وعلم أصول النحو فيعرف به القياس وتركيبه وأقسامه من قياس العلة وقياس الشبه وقياس الطرد إلى غير ذلك على حد أصول الفقه، فإن بينهما من المناسبة ما لا خفاء به لأن النحو معقول من منقول كما أن الفقه معقول من منقول"."اهـ
 
قال المالقي ص500: «وذكر عابد وعابدون في الكافرين، فهذا قيد ضروري؛ إذ قد ورد في غير هذه السورة عابدون كقوله عز وجل: ونحن له عابدون في البقرة، وكانوا لنا عابدين في الأنبياء صلى الله عليهم أجمعين، فأنا أول العابدين في الزخرف، ولو تركنا والقياس لكانت إمالة ما فيه الياء أقوى، لكن الرواية في باب القراءات مقدمة على القياس».
 
وللفائدة فقد نوقشت بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية رسالة دكتوراه، في موضوع القياس عند القراء، للدكتورة هدى حراق، عسى الله أن يوفقني لأنقل لكم ملخصا منها، وأهم نتائجها إثراء للموضوع .
والحمد لله أولا وآخرا.
ما أخبار هذه الرسالة يا أستاذ رضوان؟
 
الرسالة نوقشت منذ أكثر من سنة وصاحبتها تبحث عن دار مناسبة لطباعتها ونشرها فدلونا على ذلك جزاكم الله خيرا
 
عودة
أعلى