القرآن العجب الذى سمعته الجن ، فى أى سورة نجده ؟

إنضم
8 سبتمبر 2009
المشاركات
1,159
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
القاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
محاولة لحصر القرآن العجب الذى سمعته الجن
فى سورة بعينها
( 1 )​
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه
أما بعد ، فهذه محاولة تدبرية لحصر وتعيين السورة التى استمع إليها نفر من الجن من تلاوة النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا : " إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا "
وهى الحادثة التى تقصها علينا سورة الجن بشىء من التفصيل
أما الغرض من هذا البحث فقد جاء قدراً ، ودون إعداد مسبق له ، حيث جاء إمتداداً لبحثى حول " ظاهرة الإحالة القرآنية إلى سورة الأنعام " ، وهو البحث الذى تم عرضه فى هذا الملتقى تحت عنوان " سورة الأنعام وهذا السر العجيب "
أقول إن بحثى الحالى جاء إمتداداً لموضوعى السابق عن الإحالات القرآنية ، حيث كانت سورة الجن من السور التى لفتت نظرى إليها بمطلعها ، فهذا المطلع رأيتُ أنه يتضمن إحالة إلى غيره من القرآن ، وذلك فى قوله تعالى حاكياً عن الجن : " سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا " ، لأن هذا القول يشير حتماً إلى سورة أخرى غير سورة الجن بالطبع ، سورة استمع إليها نفر من الجن فقالوا هذا القول ، تلك كانت نقطة البداية فى هذا البحث
وسوف يجد القارىء الكريم أننى قد خلصت فى بحثى الحالى إلى نتيجة مؤداها :
إن التدبر الواعى لسورة الجن سوف يهدينا إلى أن القرآن العجب الذى سمعته الجن لن يخرج – فى الغالب - عن سورة الأنعام تحديداً ، فذلك هو أقوى الإحتمالات على الإطلاق ، حسبما تدل الشواهد العديدة التى خرجنا بها من هذا التدبر .
ولكن هذا لا يمنع من وجود إحتمال آخر يتعلق بكونه يخص سورة أخرى غير سورة الأنعام ، ولن أتعرض لذكر هذا الإحتمال الآن حتى نفرغ أولا ًمن عرض شواهد وأدلة الإحتمال الأول والأقوى والخاص بسورة الأنعام
وقد كان من المفترض أن أُضم هذا البحث إلى موضوعى السابق عن سورة الأنعام ،ولكنى عدلت عن ذلك لعدة أسباب ، منها طول هذا البحث واحتياجه إلى مساحة كبيرة لعرضه عرضاً وافياً ، وكذلك لإختلافه النوعى عن الإحالات الأخرى ، حيث الإحالة هنا لا تشير إلى آية واحدة ، وإنما إلى سورة كاملة ، أو على الأقل إلى آيات كثيرة منها ، يُضاف إلى ذلك ما ذكرناه عن وجود إحتمال آخر لكون الإحالة تخص سورة أخرى غير سورة الأنعام
لكل تلك الأسباب رأيت ألا أضع هذا البحث فى موضوعى السابق عن سورة الأنعام
كما رأيت أن أعرض الأمر على حضراتكم مستطلعاً لآرائكم ومستفتياً لكم فى مدى قوة الأدلة المرجحة لهذه السورة أو تلك
وفى المشاركات التالية سوف أعرض أولاً للأسباب التى دعتنى إلى حصر ما سمعته الجن فى سورة الأنعام ، والموفق هو الله
 

( 2 )
قال تعالى :
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا
 يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا
 وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا
 وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا
 وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا
إن التدبر الواعى للآيات سالفة الذكر يكشف لنا أن نفر الجن الذين استمعوا إلى ما كان يتلوه النبى صلى الله عليه وسلم من قرآن قد تأثروا للغاية بما سمعوه إلى الحد الذى أنشأ لديهم إعتقادات جديدة غير التى كانوا يعتقدونها فى السابق
تلك العقائد الجديدة قد استفادوها من إستماعهم لسورة من القرآن كان يتلوها النبى صلى الله عليه وسلم ، إن هذا هو أول الخيط الذى سوف يقودنا إلى التعرف على ما سمعوه تحديداً ، فكيف ذلك ؟
إن ذلك يكون بالنظر فيما قالوه عما كانوا يعتقدونه من قبل ، ثم مقارنته بما علموا خلافه وضده والذى استفادوه من استماعهم لسورة من القرآن
فلننظر فى هذا الأمر بتدقيق أشد :
أولاً : نستفيد من قول الجن : " وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً "
أنهم كانوا يعتقدون فى أن الله سبحانه وتعالى له صاحبة ، أى زوجة ، وبالتالى يكون له ولد - تعالى الله - وأنهم لما استمعوا إلى سورة من القرآن علموا من خلالها أن هذا الإعتقاد كان خاطئاً تماماً ، هذه واحدة
والآن ، إذا ما بحثنا فى القرآن كله عن المواضع التى نفت عن الله تعالى إتخاذ الصاحبة والولد معاً ، فلن نجد هذا المعنى إلا فى موضع واحد فحسب ، هو قوله تعالى فى سورة الأنعام :
" وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّايَصِفُونَ
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " سورة الأنعام – 100 ، 101
ويلفت نظرنا هنا عدة أمور ، منها : أن الآيتين المذكورتين قد بدأتا بالحديث عن الجن
ومنها إشارتها الأولى إلى ما نسبه المشركون لله سبحانه من البنين والبنات بغير علم
ثم أخيراً وهو الأهم إشارتها الثانية إلى نفى الولد والصاحبة معا ، وهذا هو مربط الفرس
إن آيات كثيرة فى القرآن قد تحدثت عن تنزيه الله جل وعلا عن إتخاذ الولد ، وتلك الآيات نجدها مبثوثة فى العديد من السور ، ولكن ليس فى أىٍ منها ذكر للصاحبة تحديداً
أما سورة الأنعام فهى الوحيدة بعد إستثناء سورة الجن - التى نزّهت الله سبحانه عن إتخاذ " الصاحبة " تحديداً ، وهذا معناه أن الجن إذا كانوا علموا بذلك التنزيه من القرآن فليس أمامهم إلا مصدر واحد يمكن أن يكونوا قد تلقوا عنه هذا المعنى ، ذلك المصدر هو سورة الأنعام بلا ريب .

ثانياً : يؤيد ما سبق ذكره ما قاله شيخ المفسرين الإمام الطبرى رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى فى سورة الجن :
{ وأنَّاظَنَنَّا أنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ والجنُّ على اللَّهِ كَذِباً } ، حيث قال :
" قالوا : وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجنّ على الله كذباً من القول ، والظنّ ههنا بمعنى الشكّ، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجنّ أن تكون علمت أن أحداً يجتريء على الكذب على الله لما سمعت القرآن ، لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولداً ، وغير ذلك من معاني الكفر كانوا يحسبون أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذباً في كلّ ذلك ، فلذلك قالوا :
وأنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على اللَّهِ شَطَطاً ، فسموه سفيهاً. "
والآن أدعوك أخى الكريم إلى أن تتأمل العبارات السابقة من تفسير الطبرى والتى جعلتها باللون الأحمر ووضعت تحتها خطوطاً ، وستجد أنها تدل بوضوح تام على أن تنزيه الجن لله سبحانه عن إتخاذ الصاحبة قد أفادوه من سماعهم للقرآن
وإلى نفس هذا المعنى ذهب الصابونى فى " صفوة التفاسير " حيث قال :
"وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً " أي كنا نظن أن أحداً لن يكذب على الله تعالى لا من الإِنس ولا من الجن في نسبة الصاحبة والولد إليه ، فلما سمعنا هذا القرآن وآمنا به علمنا أنهم كانوا يكذبون على الله في ذلك "
أما العلامة ابن عاشور رحمه الله فنجده قد أحال بصراحة آيات سورة الجن إلى آيات سورة الأنعام تحديداً ، وذلك حين قال :
" والاقتصار في بيان تَعالِي جدِ الله على انتفاء الصاحبة عنه والولد ينبىء بأنه كان شائعاً في علم الجن ما كان يعتقده المشركون أن الملائكة بنات الله من سروات الجن وما اعتقاد المشركين إلاّ ناشىء عن تلقين الشيطان وهو من الجن ، ولأن ذلك مماسمعوه من القرآن مثل قوله تعالى : سبحانه " أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة " في سورة الأنعام (101) "

أرأيت أخى الكريم إلى قوة الأدلة التى تُرجِح أن تكون سورة الأنعام هى القرآن العجب الذى استمع إليه هذا النفر من الجن الصالح رضى الله عنهم
ومع ذلك فليس هذا كل شىء ، بل يوجد مزيد من الأدلة القوية المرجحة لهذا الأمر
وسوف نستعرضها لاحقاً بعون الله وتيسيره ، فأدعوا لأخيكم بأن ييسر الله له

( يُتبع إن شاء الله )
 

( 3 )

رأينا فيما سبق كيف أن أقوال الجن قد أعانتنا على تحديد السورة التى استمعوا إليها ، والتى تنسجم مضامينها مع ما قالوه ، بحيث بدا لنا نفر الجن وكأنهم يرددون صدى ما سمعوه من تلاوة النبى صلى الله عليه وسلم
وقد هدانا التدبر إلى أن أقرب السور إلى مضمون أقوالهم هى سورة الأنعام
والآن نستكمل عرض باقى الأدلة التى تعزز هذا الإستنباط وتمنحه مزيدا من الوجاهة والقبول ، فلنبدأ بعون الله :
فى الآية السادسة من سورة الجن نجد أن نفر الجن يتحدثون عن علاقة كانت تربط طائفة منهم بطائفة من بنى آدم ، فيقولون :
( [FONT=&quot]وَأَنَّهُ كَانَ [/FONT][FONT=&quot]رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ[/FONT][FONT=&quot] يَعُوذُونَ[/FONT][FONT=&quot] بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ[/FONT][FONT=&quot] فَزَادُوهُمْ [/FONT][FONT=&quot]رَهَقًا[/FONT] )
يقول الإمام الطبرى رحمه الله فى تفسيره لهذه الآية :
(( يقول تعالى ذكره مخبراً عن قيل هؤلاء النفر: وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجنّ في أسفارهم إذا نزلوا منازلهم.وكان ذلك من فعلهم فيما ذُكر لنا، كالذي:حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: { وأنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ } قال: كان رجال من الإنس يبيت أحدهم بالوادي في الجاهلية فيقول: أعوذ بعزيز هذا الوادي، فزادهم ذلك إثماً. ))
ومن عجبٍ أن نجد هذا التفسير هو نفس التفسير الذى فسر به الإمام الطبرى آية أخرى من سورة الأنعام تحديداً
ففى سورة الأنعام نجد كذلك إشارة مماثلة إلى علاقة ما بين الإنس والجن ، تلك العلاقة يعبر عنها قوله تعالى :
"وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ "– الأنعام / 128
والآن لننظر ماذا قال الإمام الطبرى فى تفسيره لتلك الآية ، ثم نقارنه بتفسيره سالف الذكر لآية سورة الجن ، قال رحمه الله :
(( يقول تعالى ذكره: فيجيب أولياء الجنّ من الإنس ، فيقولون: ربنا استمتع بعضنا ببعض في الدنيا. فأما استمتاع الإنس بالجنّ ، فكان كماحدثنا القاسم ، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله: { رَبَّنااسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ } قال: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول : أعوذ بكبير هذا الوادي فذلك استمتاعهم، فاعتذروا يوم القيامة.))
لعله قد بات من الواضح الآن أنه توجد علاقة قوية ومتينة جداً ما بين آية سورة الجن وآية سورة الأنعام

ثم نأتى الآن إلى الآية السابعة من سورة الجن ، والتى تقول :
" [FONT=&quot]وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا[/FONT] "
وفى تفسيرها يقول الطبرى رحمه الله :
" يعني أن الرجال من الجنّ ظنوا كما ظنّ الرجال من الإنس أن لن يبعث الله أحداً رسولاً إلى خلقه، يدعوهم إلى توحيده. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك : حدثنابشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن الكلبيّ { وأنَّهُمْ ظَنُّوا كمَاظَنَنْتُمْ }: ظنّ كفار الجنّ كما ظنّ كفرة الإنس أن لن يبعث الله رسولاً. "
وهذا التفسير من الإمام الطبرى يجعل معنى هذه الآية قريباً جداً من معنى الآية 91 من سورة الأنعام ، والتى تقول :
" [FONT=&quot]وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ[/FONT][FONT=&quot] عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ[/FONT] "
يقول سيد قطب رحمه الله فى تفسيره لهذه الآية :
" لقد كان مشركو مكة فى جاهليتهم يقولون : إن الله لم يرسل رسولاً من البشر ، ولم ينزل كتاباً يوحى به إلى بشر . . . وهذا القول يقوله – قديماً وحديثاً – من لا يقدر الله حق قدره ، ومن لا يعرف كرم الله وفضله ، ورحمته وعدله "
ونستطيع أن نلمح هنا كذلك التشابه الكبير ما بين آية سورة الجن وآية سورة الأنعام ، وخاصة بعد أن علمنا أن الجن قبل إستماعهم للقرآن ما كانوا يقدرون الله تعالى حق قدره ، فكانوا ينسبون إليه سبحانه الصاحبة والولد ، فلما سمعوا القرآن ( وهو هنا : سورة الأنعام ) تبدلت نظرتهم إلى التنزيه الكامل له سبحانه

وبذلك نكون قد عرضنا للآيات السبعة الأولى من سورة الجن ، ورأينا ما يقابلها من الآيات فى سورة الأنعام

والحمد لله على ما يسّر وأعان
 
لو سمحت يا أستاذ
كيف يكون ايتيان الطبري بالأثر في تفسير كلاتا الآيتان دلالة على أن السورة التي استمع إليها الجن هي الأنعام؟
و أريد أن أفهم بعد إذنكم هل الإحالة إلى سورة أخرى علم من علوم القرآن؟
 
سبحان الله ...بحث جيد جداً...لكن أليس عندنا روايات مسنَدة تبين لنا السورة التي كان يقرأ بها نبينا -صلى الله عليه وسلم- عندما استمع له الجن؟
 
جزاك الله خيراً أخي العليمي المصري . . على هذا لبحث المفيد إن شاء الله تعالى ،

وأرى أن أهم ما يمكن أن يُستفاد من هذه الظاهرة " ظاهرة إحالة بعض السور إلى سور أخرى " ، هو الإستفادة في معرف تتابع نزول السور _ أو على الأقل بعض أجزئها - ، ومن ثم إمكانية ربطها مع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في سيره في بلاغ الرسالة من أجل تحقيق غايتها في الواقع ، الأمر الذي يوضّح ويبيّن الظروف والأحوال التي نزلت فيها تلك السور أو بعض أجزائها ، وهو ما ُيعرف بقرائن الحال أو " سياق الحال " ، والذي بدوره يُساعد على فهم مراد الله تعالى من كلامه ، فهماً أقرب إلى الصحة . . [ فمعرفة مقتضى الحال الذي ورد فيه الخطاب تُعين على فهم المراد منه " . ومن ثم ، فلا بد لمن أراد أن يفهم مراد الله تعالى من كلامه فهماً صحيحاً ، أن يسير على منهج رئيس في الفهم لا يمكن إغفاله وهو " السياق " أو " المقام " أو " الحال " الذي نزل النص لمعالجته ، لأن العلم بخلفيات النصوص وبالأسباب وبالأحوال التي وردت فيها وسننها الإلهية الضابطة لها . . يورث العلم بالمناط الذي جاء الوحي لمعالجته ، وبكيفية معالجته ، مما ينـفي الإحتمالات والظنون غير المرادة ، ويقطع الطريق على المقاصد المغرضة التي لم يُردها الشارع الحكيم ولم يرُمْها ، ويصحّح ما اعوجّ من أساليب التطبيق " ].

[ ففهْم حقيقة الواقع الإنساني الذي تعمل فيه الرسالة أمر مطلوب شرعاً ، سواء عند فهم المعالجات الشرعية أو عند تنزيلها على الواقع أو عند فهم المنهاج وكيفية السير ، وهو ما يُعرف في أصول الفقه بـ " تحقيق المناط " . ذلك أن الرسالة والشريعة ما جاءت إلا لمعالجة الواقع الإنساني وتغييره وصياغته حسب مراد الله تعالى ، وهو أن يكون الدين لله وحده ، وهذا يقتضي فهم حقيقة الواقع الإنساني وفهم سننه الإلهية التي تحكمه ، فهماً يُمَكّن حملة الرسالة من تلك الصياغة للواقع . . ].

وتفصيل هذا الأمر موجود في بحث ( منهاج النبوة في تحقيق الغاية من الرسالة الخاتمة ) الجزء 4 ، فليرجع إليه من أراد الإستزادة والتفصيل . . وهو موجود على الرابط التالي :
مركز تفسير لمشاركة الملفات - التبيان لسور القرآن - Powered by Mlffat 2.3
منهاج النبوة : Free Download & Streaming : Internet Archive

والحمد لله رب العالمين
 
[FONT=&quot]السلام عليكم ورحمة الله[/FONT]
[FONT=&quot]أشكر جميع من مروا بالموضوع[/FONT]
[FONT=&quot]وأعتذر منهم على تأخرى فى الرد[/FONT]
[FONT=&quot]فقد كنتُ مسافراً للإستجمام خارج القاهرة فى اليومين الماضيين[/FONT]
[FONT=&quot]حيث قضيتُ المَصِيف مع الأولاد فى مدينة الأسكندرية الجميلة ، وقد استطاع بحرها الصافى ونسيمها العليل أن ينتشلنى من موقعى الأثير أمام شاشة الكمبيوتر[/FONT]
[FONT=&quot]وقد عدتُ اليوم إلى القاهرة مضطراً للإدلاء بصوتى فى جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة الجارية بمصر الآن [/FONT]
[FONT=&quot]وبدءاً من الغد إن شاء الله سوف أرد على أسئلة حضراتكم مع إضافة أدلة جديدة للموضوع ، وذلك بعد أن أكون قد استرحت من عناء السفر[/FONT]
[FONT=&quot]فالتمسوا لى العذر أحبتى فى الله ، وجزاكم الله خيراً [/FONT]
 
بارك الله فيكم الأستاذ الفاضل العليمي على هذا الموضوع الجميل
وحقيقة بودنا أن نعلم هذه الآيات التي استمع لها الجن
فليتنا نجد بعض الآثار عن الصحابة في تحديد السورة
أما ما خلصتم له من أن السورة هي الأنعام
فإنه يشكل عليه بأن سورة الأنعام من حيث ترتيب النزول نزلت بعد سورة الجن حسبما ذكره أهل العلم انطلاقا من الآثار الواردة في ترتيب السور حسب النزول
فأرجو أن تثبتوا لنا بارك الله فيكم نزول الأنعام قبل سورة الجن
حتى يستقيم لكم البحث الذي خلصتم له
وفقكم الله لكل خير
في انتظار إجابتكم تقبلوا مني أحر التحايا
أخوكم في الله عبد العزيز لمسلك المغربي

 
لو سمحت يا أستاذ
كيف يكون ايتيان الطبري بالأثر في تفسير كلاتا الآيتان دلالة على أن السورة التي استمع إليها الجن هي الأنعام؟
و أريد أن أفهم بعد إذنكم هل الإحالة إلى سورة أخرى علم من علوم القرآن؟

إجابة السؤال الأول:​
الآيتان كلتاهما تتحدثان عن علاقة ما بين الجن وطائفة من الإنس فهذا هو الرابط بينهما​
وقد حصر الإمام الطبرى رحمه الله هذه العلاقة فى أمر واحد هو إستعاذة رجال من الإنس برجال من الجن ، ولا أرى أى إشكال فى هذا ، وإن كنتُ أرى أن آية سورة الأنعام أوسع وأشمل فى معناها مما فسرها به الإمام الطبرى ، بمعنى أنها تشمل ما ذكره ثم تتجاوزه إلى معانى أخرى ، لأن علاقة الإستمتاع هنا متبادلة ولا تقتصر على طرف واحد فحسب ، وذلك بنص القرآن : " استمتع بعضنا ببعض"​
بل إننى أذهب إلى أبعد من هذا ، حيث أرى أن الإستمتاع هنا قد يشمل المتعة الحسية واللذة الجسدية ، فمن الجن إناث وذكور مثلنا تماما ، وقد يقع بعضهم فى عشق بعض الإنس ، وهو ما يطلقون عليه وصف " الجن العاشق " ، فمن الممكن مثلا ً أن تقع إحدى نساء الجن فى عشق أحد رجال الإنس ، أو العكس ، ولكن هذا موضوع آخر ، ولا أريد أن أستطرد إليه أو أخوض فى تفاصيله الآن​
إجابة السؤال الثانى:​
يمكن تصنيف موضوع الإحالات فى باب : تفسير القرآن بالقرآن​
كما يمكن تصنيفه فى : علم أحكام القرآن ووجوه الإستنباطات​
وأشكرك على إهتمامك ومتابعتك​
 
سبحان الله ...بحث جيد جداً...لكن أليس عندنا روايات مسنَدة تبين لنا السورة التي كان يقرأ بها نبينا -صلى الله عليه وسلم- عندما استمع له الجن؟

أخى العزيز الدكتور نصيف ، حفظه الله
إنه لمن دواعى سرورى أن ينال هذا البحث إعجابكم
أما عن الروايات المتعلقة بواقعة إستماع الجن إلى القرآن فإنها كثيرة
فمنها روايتين وردتا فى الصحيحين : البخارى ومسلم
ومنها رواية أخرجها الترمذى رحمه الله عن جابر رضى الله عنه
ومنها رواية أوردها ابن اسحق فى سيرته . . . . . . فالروايات كثيرة أخى الحبيب ، وقد أورد الإمام البيهقى العديد منها فى كتابه " دلائل النبوة " ثم حاول التوفيق بين الروايات المختلفة منها ، وذلك بإرجاعها إلى مناسبات عديدة ، بمعنى أن واقعة سماع الجن للقرآن الكريم قد تكررت أكثر من مرة وفى أكثر من مناسبة ، وهو الأمر الذى وافقه عليه بعض العلماء
ولكن ما يعنينا هنا وبالدرجة الأولى أن تلك الروايات – على كثرتها – لم يأت فى أى ٍ منها تحديد صريح وقاطع لإسم السورة التى استمع إليها نفر الجن ، ومن هنا لم يكن أمامى من سبيل لمعرفتها غير الإجتهاد من خلال التدبر القرآنى

ثم أقول : وحتى لو إفترضنا أنه توجد رواية لم نعلم بها وفيها هذا التحديد القاطع لما استمعوا إليه ، فإن تكرار هذه الواقعة أكثر من مرة كما ذكرنا آنفا يجعل من الصعوبة بمكان الجزم بأن تلك الرواية تختص بالواقعة التى تقصها علينا سورة الجن تحديداً ، والتى هى موضوع هذا البحث
أرجو أن أكون قد أجبت بالسداد
ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه
 
جزاك الله خيرا على هذا الجهد الواضح ،،، ماذا عن ذكر استماع الجن في سورة الأحقاف؟

وجزاكم كل خير أخى عبد الله​
أما عن القرآن الذى استمع إليه نفر الجن والمشار إليه فى سورة الأحقاف فهذه مسألة أخرى وربما استلزمت إجراء بحث آخر، لأن واقعة استماع الجن إلى القرآن لم تحدث مرة واحدة فقط حسبما تفيد الروايات العديدة بشأنها ، وإذا رجعت إلى ردى على أخى الدكتور نصيف تبين لك ذلك​

أكتفى بهذا القدر من الردود اليوم ، على أن أستأنف بقية الردود غداً إن شاء الله​
فليعذرنى باقى الأخوة الأفاضل ، والسلام عليكم​


 
أعتقد أن البحث يحتاج ليكمل على الوجه المطلوب إلى دراسة حديثية مدققة تجمع المرويات التي أشرتم إليها وتنقدها وتجمع بين الثابت منها، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بمتخصص في علم الحديث فلا بأس، والله أعلم.
 
أعتقد أن البحث يحتاج ليكمل على الوجه المطلوب إلى دراسة حديثية مدققة تجمع المرويات التي أشرتم إليها وتنقدها وتجمع بين الثابت منها، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بمتخصص في علم الحديث فلا بأس، والله أعلم.

وأنا أضم صوتي إلى صوت أخي د محمد نصيف ، وأتمنى على مَن عنده دراية في هذا الباب أن لا يبخل علينا بعلمه . .
وتزداد أهمية الموضوع - في نظري - إذا استطعنا تقدير وقت وظروف نزول سورة الأنعام وسورة الجن . . أو غيرها من السور ، وربطها بسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لما لذلك من أثر في فهم مراد الله عز وجل من كلامه بشكل أقرب للصحة ، كما ذكرت في مداخلتي أعلاه .
هذا والله أعلم
 
شكر الله جهودك أخي العليمي المبدع، ولا أخفي شديد إعجابي بما وفقت له، مؤكداعلى ماذكره الأستاذان قبلي نصيف وجواد، مقترحا على فضيلتك لاحقا بعد الإحاطة بالإحالة على سورة الأنعام، توسيع المجال ليشمل أكثر من سورة، وتعنون للدراسة بعنوان عام، عله يكون متداولا في كتاب يفيد منه طلبة العلم القرآني، أسأل الله أن ييسره لك. ناصحا مساندة الاستنباطات العقلية باستثمار آلات تحليل الخطاب الرباني بما تعلمه من أهم علومها في أصول التفسير مدققا في جانب الآثار والتواريخ بكل ما يطمأن إليه ويحقق الغاية المنشودة. وفقك الله وجزاك خير الدنيا وفلاح الآخرة.
 
الأخ الكريم / العليمي حفظه الله ونفع به .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فممرت اليوم ببحثك الماتع – جزاك الله خيرا ، وقرأت تعليقات من شارك في هذا العرض الجيد ، شكر الله لهم جميعا ، وأضم صوتي إلى الأخوة الفضلاء نصيف والعدرة والضرير ، وفق الله الجميع .... ثم إليكم مشاركتي .. أسأل الله تعالى أن ينفع بها .
روى الترمذي ( 3291 ) عن جابر - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله  على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها ، فسكتوا ، فقال : " لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودًا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قالوا : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد " .
والحديث رواه - أيضًا - البيهقي في ( الدلائل ) : 2 / 232 ، والشعب ( 2493 ، 4417 ) ، وابن عدي في ( الكامل ) : 3 / 219 ، والحاكم : 2 / 473 ، وصححه ووافقه الذهبي .
وله شاهد عن ابن عمر رواه ابن جرير : 27 / 72 ، والبزار ( 2269 – كشف ) ، وقال الهيثمي في المجمع : 7 / 117 : رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي : وثقه ابن حبان ، وضعفه غيره ، وبقية رجاله رجال الصحيح ا.هـ . ومثله يصلح في الشواهد ، فالحديث حسن ، وصححه السيوطي في ( الدر المنثور ) : 7 / 690 ، وحسنه الألباني في الصحيحة ( 2150 ) .
ولفظ حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله  قرأ سورة الرحمن - أو قرئت عنده - فقال : " ما لي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ؟ " قالوا : وما ذا يا رسول الله ؟ قال : " ما أتيت على قول الله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } إلا قالت الجن : لا بشيء من نعمة ربنا نكذب " .
وفيه دلالة على أن الذي استمعه الجن ليلة الجن هي سورة الرحمن .
وأما عن التناظر الموجود بين سورتي الأنعام والجن ، فهو كثير في آيات القرآن ، ولا يمكن به وحده الجزم بأن الذي استمعه الجن وترتب عليه قولهم في سورة الجن هو سورة الأنعام ؛ لأن الإيمان الصحيح كاشف للعقائد الباطلة .
فمع تسليمي - أخي الكريم – لهذا الجهد المتميز – جزاك الله خيرا ، إلا أن الأمر يحتاج إلى جهد أكبر للجزم بنتيجته ، وفقك الله وسددك .
 
[FONT=&quot]الأخوة الأفاضل : نصيف والعدرة وعطية ( مع حفظ الألقاب )[/FONT]
[FONT=&quot]كل ما تفضلتم به هو محل تقديرى وإحترامى ، ولكن ما أيسر الرد عليه[/FONT]
[FONT=&quot]فليس فيما تفضلتم بذكره أى إشكال حقيقى يؤثر على النتيجة التى خلص إليها البحث والحمد لله[/FONT]
[FONT=&quot]ولولا أننى مضطر إلى الخروج الآن– لظرف مفاجىء لم يكن فى الحسبان - لبادرتُ بالرد على الفور[/FONT]
[FONT=&quot]على أية حال ، أعد حضراتكم قريباً جداً إن شاء الله بالرد الوافى الذى يزول معه ما يبدو فى ظاهره إشكالا ، الرد الذى سيضع كل النقاط فوق كل الحروف[/FONT]
[FONT=&quot]أستمحيكم عذراً ، و شكر الله لكم جميعاً[/FONT]
 
اولا شكر الله لك اخي العليمي المصري وبارك فيك والموضوع شيق والاستنباط ذكي رائع
وبالاستقراء والتفصيل الذي تفضلت به اميل وافضل ما اوردته من ان ماقرئ واستمع اليه الجن قد يكون سورة الانعام كأقرب ما يكون ، ومايرجح انها هي وليست سورة الرحمن الآتي:
ان الجن المؤمنين يشاركون الانس عموما في حضور حلق الذكر والصلاة والاستماع للتلاوة والحديث الذي ورد بخصوص سورة الرحمن :
حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله  قرأ سورة الرحمن - أو قرئت عنده - فقال : " ما لي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ؟ " قالوا : وما ذا يا رسول الله ؟ قال : " ما أتيت على قول الله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } إلا قالت الجن : لا بشيء من نعمة ربنا نكذب " .


فهو لا يفيد ان استماع الجن في سورة الرحمن كما ورد في الحديث هو الاستماع الذي ورد في سورة الجن ، والسبب انه بلا شك فإن الجن يستمعون لكتاب الله ويحضرون الصلوات وحلق الذكر كالإنس - المسلمين منهم طبعا - والحديث والله أعلم يقارن بين متشابهين فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول للصحابة (من حضر قراءة سورة الرحمن من الجن - مثلكم مسلمين - ولكنهم أجابوا بأحسن من اجابتكم اي ان تفاعلهم مع آية : فبأي آلاء ربكما تكذبان لم يكن كتفاعلكم ، فالمقارنة هنا بين فتين من الحضور متشابهتين في العقيدة مختلفتين في الطبيعة ، اسمع الله رسوله فأعلم صحابته واخبرهم بما كان من الجن.

اما في سورة الجن فالقضية ليست كذلك بل في هداية جمع من الجن عند استماعهم لكتاب الله لأول مرة وتحولهم من الاعتقاد بأن لله ولد وصاحبه الى التوحيد والتي تعد القضية الابرز والاهم في لفتة ربانية توضح للانس كيف ان الرسالة شاملة عامة مؤثرة على كل مخلوق عاقل انسيا كان او جنيا

ففي سورة الانعام نلحظ ان عناصر القضية المذكورة في الآية :
"
وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّايَصِفُونَ
بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " سورة الأنعام

هي نفس العناصر الرئيسية في سورة الجن :

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (*) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا
(*)
وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا(*) وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا(*)وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا.

فاحتوت على نفس العناصر : الادعاء والخرق والشطط من الجن كذبا بنسبة الصاحبة والولد ونفيهما عن الله ، التنزيه بالتعالي الالهي عن ذلك ، فذلك اضافة لتوارد الاحالات الاخرى لسورة الانعام يجعل القصد من سورة الجن والاحالة الى الانعام اقرب للصواب والله اعلى واعلم


 
تابع أدلة البحث
( 4 )

تناولنا فى المشاركات الثلاثة الأوليات البراهين المتعلقة بالتفسير والبيان

ثم يأتى الآن دور الإحصاء ليدعم ويُعزز النتيجة التى إنتهينا إليها

فماذا يقول المنهج الإحصائى ؟

أولا ً : ثبت بالإحصاء أن سورة الأنعام هى أول سورة فى ترتيب المصحف الشريف تذكر لفظ ( الجن ) ، فلم يأتِ هذا اللفظ فى سور : الفاتحة والبقرة وآل عمران والنساء والمائدة
ثانيا ً : ثبت كذلك أن سورة الأنعام هى أكثر سور القرآن ذكراً لهذا اللفظ على الإطلاق ، حيث ورد فيها لفظ ( الجن ) أربع مرات ، وقد توزع فيها على 31 آية فقط بدءاً من الآية 100 حتى الآية 130
وهذا العدد من الآيات ( 31 ) يُذكّرنا بعدد مرات تكرار آية : "
فبأى آلاء ربكما تُكذّبان " فى سورة الرحمن ، وهى الآية التى تخاطب الإنس والجن معا
فهل كانت مصادفة أن يأتى ذكر الجن فى سورة الأنعام مُفرقاً على 31 آية لا تزيد ولا تنقص ؟

بعبارة أخرى : هل الآيات من100 حتى130 من سورة الأنعام هى - تحديدا وحصراً - القرآن العجب الذى سمعته الجن فقالت: "
إنا سمعنا قرءاناً عجباً " ؟
الله ورسوله أعلم ، وحسبى أن أسجل هذه الملاحظات ، ولا أقطع بشىء

ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه

ثالثا ً: سورة الأنعام هى كذلك أكثر السور ذكراً للفظ ( الشياطين ) بصيغة الجمع هذه ، حيث ورد فيها ثلاث مرات ، وذلك فى الآيات : 71 – 112 – 121 ، ولم تنافسها فى هذا غير سورة البقرة
تلك ملاحظات عددية تصب فى صالح النتيجة التى خلصنا إليها ، وهى وإن كانت لا تكفى وحدها للإستدلال بها ، فيمكن على الأقل الإستئناس بها

وقد يكون من المفيد الآن أن أذكر مواضع ذكر الجن فى سورة الأنعام ، وهى كالتالى :

أولا ً :

[FONT=&quot]وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ [/FONT][FONT=&quot]الْجِنَّ[/FONT][FONT=&quot] وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ [/FONT][FONT=&quot]سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَوَاتِ [/FONT][FONT=&quot]وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ [/FONT][FONT=&quot]وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ [/FONT][FONT=&quot]اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [/FONT][FONT=&quot]فَاعْبُدُوهُ وَهُوَعَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لَا تُدْرِكُهُ [/FONT][FONT=&quot]الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير[/FONT][FONT=&quot]ُ[/FONT][FONT=&quot]ُ[/FONT][FONT=&quot](103)[/FONT]
ثانياً :
[FONT=&quot]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ[/FONT][FONT=&quot] نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى [/FONT][FONT=&quot]بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ [/FONT][FONT=&quot]فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ [/FONT][FONT=&quot]الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا [/FONT][FONT=&quot]مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113[/FONT][FONT=&quot])[/FONT]
ثالثاً :
[FONT=&quot]وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا [/FONT][FONT=&quot]يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ [/FONT][FONT=&quot]أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ [/FONT][FONT=&quot]وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ [/FONT][FONT=&quot]خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ [/FONT][FONT=&quot]عَلِيمٌ (128) وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا [/FONT][FONT=&quot]كَانُوا يَكْسِبُونَ (129) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ [/FONT][FONT=&quot]يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِي [/FONT][FONT=&quot]وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى [/FONT][FONT=&quot]أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى [/FONT][FONT=&quot]أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130)[/FONT]

[FONT=&quot]وبهذا القدر أكون قد عرضتُ أدلتى وأفرغت وسعى ، فإن كان من توفيق فهو من الله ، وإن كان من خطأ أو نسيان فهو من نفسى والشيطان
والحمد لله على ما أنعم وتفضل[/FONT]
 
[FONT=&quot]سلسلة الردود على تعليقات الأخوة[/FONT]
[FONT=&quot]( 1 )[/FONT]
[FONT=&quot]الرد على الأخ الكريم : عبد العزيز لمسلك[/FONT]

بارك الله فيكم الأستاذ الفاضل العليمي على هذا الموضوع الجميل
وحقيقة بودنا أن نعلم هذه الآيات التي استمع لها الجن
فليتنا نجد بعض الآثار عن الصحابة في تحديد السورة
أما ما خلصتم له من أن السورة هي الأنعام
فإنه يشكل عليه بأن سورة الأنعام من حيث ترتيب النزول نزلت بعد سورة الجن حسبما ذكره أهل العلم انطلاقا من الآثار الواردة في ترتيب السور حسب النزول
فأرجو أن تثبتوا لنا بارك الله فيكم نزول الأنعام قبل سورة الجن
حتى يستقيم لكم البحث الذي خلصتم له
وفقكم الله لكل خير
في انتظار إجابتكم تقبلوا مني أحر التحايا
أخوكم في الله عبد العزيز لمسلك المغربي


[FONT=&quot]بارك الله فيكم ، كنتُ أتوقع أن يسألنى سائل عن ترتيب النزول[/FONT]
[FONT=&quot]وقد تحقق توقعى ممثلا ًفى شخصكم الكريم ، مع أنى كنتُ أتوقع صدوره من شخص آخر[/FONT]
[FONT=&quot]فأعرنى سمعك أخى الكريم :[/FONT]
[FONT=&quot]فى موضوعى عن سورة الأنعام وسرها العجيب عرضتُ لمسألة ترتيب النزول هذه[/FONT]
[FONT=&quot]وكنتُ أتمسك – مثلكم – به ، ولكن أخى الدكتور محمد نصيف لَفَتَ نظرى مشكوراً إلى أن الآثار الواردة فى ترتيب النزول لا يُعَوَّل عليها كثيراً لأنها قد تكون ضعيفة[/FONT]
[FONT=&quot]وقد بدأت مؤخراً أقتنع بصحة قوله ذاك ، ومن هنا فقد ضربت صفحاً عن الأخذ بها ، ولجأت إلى القرآن وحده متدبراً فيه ، فكان هذا البحث[/FONT]
[FONT=&quot]إما إن كنتَ – أخى – تريد دليلاً على ضعف هذه الروايات ، فإننى أحيلك على بحث علمى أكاديمى مُحكَم وممتاز ، وسوف أقتبس لك أهم الفقرات منه [/FONT]
[FONT=&quot]عنوان ذلك البحث : تفسير القرآن الكريم على ترتيب النزول ، منبعه وفوائده[/FONT]
[FONT=&quot]اسم الباحث : محمد مجلى أحمد ربابعة[/FONT]
[FONT=&quot]الجهة المُقدم إليها : كلية الشريعة – الجامعة الأردنية[/FONT]
[FONT=&quot]المصدر الذى ورد فيه : دراسات علوم الشريعة والقانون – المجلد 37 – العدد 1 – سنة 2010 م[/FONT]
[FONT=&quot]وكان مما جاء فيه ، ما يلى :[/FONT]
[FONT=&quot]" يتناول البحث دراسة الروايات والآثار التى وردت فى ترتيب سور القرآن حسب نزولها ، الأول فالأول ، والحكم عليها سنداً ومتناً للوقوف على مدى صلاحيتها لتفسير القرآن كاملاً حسب نزوله ، ومن ثم تحرير القول فى الفوائد التى ذُكرت لمثل هذا التفسير "[/FONT]
[FONT=&quot]وقد قسّم البحث إلى مطلبين ، تناول في أولهما : دراسة روايات ترتيب السور حسب [/FONT][FONT=&quot]النزول ، حيث قال :[/FONT]
[FONT=&quot]" بلغت الروايات والآثار التى رتبت سور القرآن وفق تاريخ نزولها الأول فالأول حسبما توصلت إليه أربع عشرة رواية وأثراً ، وهذه الروايات منها ما وقفت على سنده ، ومنها ما ذُكر من غير سند ، تحت مسمى ( مصحف ) ، وقد بدأت من رواية على بن أبى طالب بالرواية المسندة إلى النبى ، ثم بالروايات الموقوفة على ابن عباس رضى الله عنهما ، وبعدها بالآثار الموقوفة على بعض التابعين ، فمَن بعدهم ، ثم ختمتها بالحديث عن ترتيب نولدكه الذى اعتمد فى ترتيب [/FONT][FONT=&quot]سور القرآن على حسب النزول فى زمنه "[/FONT]
[FONT=&quot]وبعد بحث تفصيلى دقيق وطويل فى متن وسند هذه الروايات كلها ، يقول الباحث :[/FONT]
[FONT=&quot]" خلاصة القول[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً : إن الروايات والآثار التى ذكرت ترتيب نزول سور القرآن الأول فالأول ، لا مجال لقبولها سنداً ولا متناً[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً : إنه لا يصح الإعتماد على هذه الروايات والآثار فى تغيير ترتيب كتاب الله ، ولا فى تفسيره ، ولا فى ترجيح تقدم سورة على أخرى ، ولا مكى على مدنى ، بل الجزم بنفيها[/FONT][FONT=&quot] والإلتزام بما تواتر عن سلف الأمة من ترتيب المصحف " [/FONT]
[FONT=&quot]ثم يقول فى الخاتمة :[/FONT]
[FONT=&quot]" إن جميع الروايات والآثار التى ذكرت ترتيب سور القرآن الكريم على حسب تاريخ نزولها ، إما ضعيفة أو موضوعة ، وعلى فرض التسليم بصحة ورودها فإن اضطراب ترتيبها ، وما فى بعضها من نقص يُوهن الإعتماد عليها فى تحديد السابق من اللاحق من السور "

[/FONT]
[FONT=&quot] مما سبق ذكره يتبن لنا أن روايات ترتيب النزول ليست محل ثقة للإستشهاد بها أو للحكم بموجبها[/FONT]
[FONT=&quot]ومن هنا فلا يوجد لدينا دليل قوى وحاسم ( قطعى الدلالة ، قطعى الثبوت ) ليدفعنا إلى القول بأسبقية سورة الجن على سورة الأنعام فى النزول ، بل إن كل الشواهد التى عرضنا لها تقول بخلاف ذلك[/FONT]
[FONT=&quot]ولك تحياتى أخى عبد العزيز[/FONT]
 
[FONT=&quot]( 2 )[/FONT]
[FONT=&quot]الرد على الأخ الكريم : د. محمد نصيف[/FONT]

أعتقد أن البحث يحتاج ليكمل على الوجه المطلوب إلى دراسة حديثية مدققة تجمع المرويات التي أشرتم إليها وتنقدها وتجمع بين الثابت منها، ولو اقتضى الأمر الاستعانة بمتخصص في علم الحديث فلا بأس، والله أعلم.

[FONT=&quot]أشكر أخى العزيز على نصيحته المخلصة والتى أثق فى دافعها النبيل[/FONT]
[FONT=&quot]ولكنى لا أرى حاجة لمثل هذا البحث ، لأن تلك الروايات لم تحدد لنا اسم السورة التى استمعت إليها الجن فقالت : " إنا سمعنا قرءنا عجبا "[/FONT]
[FONT=&quot]أما الرواية الوحيدة التى يمكن أن نجد فيها تحديدا لسورة بعينها ، والتى تعلق بها أخونا الكريم محمد عطية ، فإنها أبعد ما تكون عن موضوع بحثنا ، لأن سورة الرحمن ليست قطعاً هى السورة موضع بحثنا[/FONT]
[FONT=&quot]وأقول : قطعاً ، وأنا أعنيها تماماً ، لأن القول الذى ذهب إليه أخونا الكريم يتعارض تماماً مع صريح النص القرآنى ذاته ، كما سوف ترى فى ردى عليه بعد قليل[/FONT]
[FONT=&quot]ومرة أخرى شكراً لنصيحتك المخلصة والتى أُثمنها لك أخى الحبيب[/FONT]
 
[FONT=&quot]( 3 )[/FONT]
[FONT=&quot]الرد على الأخ الكريم : جواد العدرة[/FONT]

وأنا أضم صوتي إلى صوت أخي د محمد نصيف ، وأتمنى على مَن عنده دراية في هذا الباب أن لا يبخل علينا بعلمه . .
وتزداد أهمية الموضوع - في نظري - إذا استطعنا تقدير وقت وظروف نزول سورة الأنعام وسورة الجن . . أو غيرها من السور ، وربطها بسيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لما لذلك من أثر في فهم مراد الله عز وجل من كلامه بشكل أقرب للصحة ، كما ذكرت في مداخلتي أعلاه .
هذا والله أعلم

[FONT=&quot]أشكر أخى جواد على تفاعله الواضح مع الموضوع ومحاولة التوسع به لإرتياد آفاق رحبة وجديدة[/FONT]
[FONT=&quot]ولكن قبل أن نُقدِم على هذا ، ينبغى أولاً ترسيخ الموضوع الأصلى ذاته ، ومعالجة ما قد يبدو فى الظاهر إشكالات تعترض طريقه ، وهذا هو عين ما أقوم به الآن[/FONT]
[FONT=&quot]ولذا أدعو أخى الكريم إلى متابعة ردودى على الأخوة الكرام ، ففيها إن شاء الله الجواب عما عنّ له من إشكالات ، ثم له بعد ذلك أن ينطلق إلى ما شاء من آفاق[/FONT]
[FONT=&quot]والله يوفقه[/FONT]
 
[FONT=&quot]( 4 )

[/FONT]
[FONT=&quot]الرد على الأخ الكريم : محمد عطية[/FONT]

الأخ الكريم / العليمي حفظه الله ونفع به .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فممرت اليوم ببحثك الماتع – جزاك الله خيرا ، وقرأت تعليقات من شارك في هذا العرض الجيد ، شكر الله لهم جميعا ، وأضم صوتي إلى الأخوة الفضلاء نصيف والعدرة والضرير ، وفق الله الجميع .... ثم إليكم مشاركتي .. أسأل الله تعالى أن ينفع بها .
روى الترمذي ( 3291 ) عن جابر - رضي الله عنه - قال : خرج رسول الله  على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها ، فسكتوا ، فقال : " لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودًا منكم ، كنت كلما أتيت على قوله : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } قالوا : لا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد " .
. . . . . وفيه دلالة على أن الذي استمعه الجن ليلة الجن هي سورة الرحمن .
.
[FONT=&quot]وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته[/FONT]
[FONT=&quot]أخى الكريم ، على ضوء ما قرأته لك من مشاركات بوجه عام فى الملتقى آنست منك رشدا وعلما ، فأنت عندى من طلاب العلم النابهين ، أحسبك كذلك إن شاء الله ، ولهذا أتعجب – أخى – كيف غاب عن فطنتك وحصافتك التفرقة بين أمرين ، هما على طرفى نقيض ؟![/FONT]
[FONT=&quot]فهناك أخى فرق كبير جداً بين أن يقرأ النبى صلى الله عليه وسلم القرآن على الجن قصداً وعمداً كما هو واضح من رواية الترمذى التى أوردتها ، وبين أن يُخبره الله عز وجل عن طريق الوحى أن الجن قد استمعت إلى تلاوته الشريفة دون أن يدرى هو بذلك كما هو واضح من مطلع سورة الجن :[/FONT]
{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً }
[FONT=&quot]وأنظر أخى إلى ما كتبه العلامة سيد قطب رحمه الله فى تفسيره لمطلع سورة الجن ، قال رحمه الله :[/FONT]
[FONT=&quot]" [/FONT]وهذا الافتتاح يدل على أن معرفة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأمر استماع الجن له كانت بوحي من الله سبحانه إليه، وإخباراً عن أمر وقع ولم يعلم به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكن الله أطلعه عليه​
وقد تكون هذه هي المرة الأولى، ثم كانت هناك مرة أو مرات أخرى قرأ النبي فيها على الجن عن علم وقصد. ويشهد بهذا ما جاء بشأن قراءته ـ صلى الله عليه وسلم ـ سورة الرحمن " أخرجه الترمذي بإسناده ـ عن جابر رضي الله عنه قال :​
خرج رسول الله ـصلى الله عليه وسلم ـ على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن إلى آخرها،فسكتوا. فقال: لقد قرأتها على الجن فكانوا أحسن ردوداً منكم. كنت كلما أتيت على قوله تعالى: { فبأي آلاء ربكما تكذبان؟ } قالوا: لا بشيء من نعمك ربنا نكذب، فلك الحمد "​
هل اتضح الفارق الآن أخى الحبيب ؟​
وعليه فلا يصح تفسير مطلع سورة الجن برواية الترمذى المذكورة ، لكونها تتعارض مع صريح القرآن
وتقبل تحياتى أخى الكريم​
وبقية الردود تلى تباعاً إن شاء الله​
( يتبع )​
 
[FONT=&quot]عنوان ذلك البحث : تفسير القرآن الكريم على ترتيب النزول ، منبعه وفوائده[/FONT]
[FONT=&quot]اسم الباحث : محمد مجلى أحمد ربابعة[/FONT]
[FONT=&quot]الجهة المُقدم إليها : كلية الشريعة – الجامعة الأردنية[/FONT]
المصدر الذى ورد فيه : دراسات علوم الشريعة والقانون – المجلد 37 – العدد 1 – سنة 2010 م

جزاك الله خيراً أخي العليمي . . وكل من شارك . .

ويمكن إيجاد البحث المذكور على الرابط التالي :

www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=93031&d..
 
الأخ الكريم / عدنان الغامدي حفظه الله ونفع به
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فحملك - أخي - حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - على حضور الجن مع الصحابة في حلقات الذكر ، وأن القراءة لسورة الرحمن محمولة على ذلك ... بعيد جدًا ؛ فقد فاتك أن الرواية الأولى فيها تحديد القراءة على الجن ليلة الجن ، والحادثة واحدة .
وقد ذكر الحديث ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره لآية : ] وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ [ من سورة الأحقاف ؛ وسيأتي مزيد في ردي على الأخ الكريم / العليمي .
 
الأخ الكريم / العليمي حفظه الله ونفع به

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

فأوافقك على أن هناك فرقا بين قصد الإسماع من النبي e ، واستماع الجن دون قصد منه ؛ لكن ألا ترى - والقرآن ذو وجوه - أنه يحتمل أن الوحي في الآية كان إخبارًا بقول الجن بعد أن رجعوا إلى قومهم ، والذي غاب عن النبي e ؛ وعليه فإمكان تنزيل الحديث على ما استمعوه جائز ؟ وقد قال ( ابن عاشور في التحرير والتنوير : 26 / 49 ) في تفسير آيات الأحقاف: واختلف المفسرون لهذه الآية في أن الجن حضروا بعلم من النبي e أو بدون علمه.ا.هـ. وذهب كثير من المفسرين على أن المجمل في سورة الأحقاف مفسر في سورة الجن ؛ مما يدل على أن الحادثة واحدة ؛ والعلم عند الله تعالى .
على أية حال هذا وجه محتمل ، ولعل قول ابن عباس في الصحيحين يجعله مرجوحًا .
ولكني وجدت الماوردي ذكر في تفسيره ( النكت والعيون ) عن عكرمة أن السورة التي كان يقرؤها e] اقْرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [ ا.هـ . ونقل ابن عبد السلام في تفسيره أن السورة التي قرأها e ببطن نخلة ] سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى [ ؛ غير أني لم أقف على أثر عكرمة عند غير الماوردي ، وأيضًا لم أقف على دليل لنقل ابن عبد السلام رحمهما الله .
ويمكن أن يحتج لقول عكرمة - رحمه الله - بما في الصحيحين من حديث ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : انْطَلَقَ النَّبِيُّ e فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا : مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ ، قَالُوا : مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ e وَهُوَ بِنَخْلَةَ ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ ، فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا : يَا قَوْمَنَا ] إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ e : ] قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ [ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ .
قال ابن رجب في ( شرحه على البخاري ) : هذه القصة كانت في أول البعثة .ا.هـ . وقاله غيره ، وهو واضح من سياقها .
فإذا كان هذا في أول البعثة كان ما نسب إلى عكرمة أقرب ؛ لأنه لم تكن سورة الأنعام نزلت أنذاك ، والعلم عند الله تعالى .
وأما ما ذكره غير واحد من أن ذلك كان في قفوله من الطائف اعتمادًا على قول ابن إسحاق - رحمه الله - فبعيد ، يرده حديث ابن عباس ، ويمكن حمل قول ابن إسحاق – على فرض صحته – بأنه واقعة أخرى ... والعلم عند الله تعالى .
أظن بعد هذا البحث الموجز ، لا يمكن الجزم بأن الذي استمعه الجن هي سورة الأنعام ، وأن بحثكم – أخي الكريم – في تفسير القرآن بالقرآن والجمع بين المتناظرات أقرب ، لا في تحديد السورة التي قرأها النبي e واستمعها الجن .... والعلم عند الله تعالى .
 
لكن ألا ترى - والقرآن ذو وجوه - أنه يحتمل أن الوحي في الآية كان إخبارًا بقول الجن بعد أن رجعوا إلى قومهم ، والذي غاب عن النبي

[FONT=&quot]بل أرى – ويرى معى كل قارىء للقرآن - أن الوحى فى الآية كان إخباراً بإستماع الجن إلى القرآن ، قبل أن يكون إخباراً بقول الجن ، أليس كذلك يا أخى الكريم ؟!

[/FONT]
[FONT=&quot]فالله عز وجل يقول : " [/FONT][FONT=&quot]قل أوحى إلى أنه[/FONT][FONT=&quot] إستمع نفر من الجن [/FONT][FONT=&quot]فقالوا إنا سمعنا قرءانا عجباً[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT]
[FONT=&quot] وعليه فإمكان تنزيل الحديث [/FONT][FONT=&quot]الذى رواه الترمذى [/FONT][FONT=&quot]على ما استمعوه غير جائز [/FONT]

وقد قال ( ابن عاشور في التحرير والتنوير : 26 / 49 ) في تفسير آيات الأحقاف :​
أو بدون علمه واختلف المفسرون لهذه الآية في أن الجن حضروا بعلم من النبي​
وذهب كثير من المفسرين على أن المجمل في سورة الأحقاف مفسر في​
سورة الجن ؛ مما يدل على أن الحادثة واحدة ؛ والعلم عند الله تعالى
[FONT=&quot]أنت هنا تخلط بين الأمور بشكل واضح ، فما لنا وآيات الأحقاف ؟![/FONT]
[FONT=&quot]فذاك موضوع آخر ، وموضوعنا يدور حول سورة الجن لا الأحقاف ، ولعلنى قد أوضحت موقفى من آيات الأحقاف فى ردى على الأخ الفاضل عبد الله سالم بالمشاركة رقم 12 هنا ، فأنظرها تكرماً لا أمراً

[/FONT]
قال ابن رجب في ( شرحه على البخاري ) : هذه القصة كانت في أول البعثة .ا.هـ . وقاله غيره ، وهو واضح من سياقها . ، فإذا كان هذا في أول البعثة كان ما نسب إلى عكرمة أقرب ؛ لأنه لم تكن سورة الأنعام نزلت أنذاك
[FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]يا أخى الكريم لا تقطع بالأزمنة والتواريخ على هذا النحو ، لأنك إذا دققت النظر فى متن حديث البخارى لوجدته يذكر أن الجن رأوه صلى الله عليه وسلم وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر ، ومن المقطوع به أن الصلاة المفروضة إنما كانت بعد حادث الإسراء لا قبله ، وعلى هذا تكون القصة قد وقعت بعد الإسراء ، أو قبل الهجرة بنحو سنتين[/FONT][FONT=&quot] ،[/FONT][FONT=&quot] وتكون سورة الأنعام قد نزلت قبل قصة نفر الج[/FONT][FONT=&quot]ن

[/FONT]
[FONT=&quot]وهذا الكلام لم يخرج من كيسى وحدى ولم أبتدعه من تلقاء نفسى ، بل سبقنى إليه العلامة ابن حجر العسقلانى فى شرحه على صحيح البخارى والمعروف بـ " فتح البارى " ، ففى كتاب التفسير ، سورة " قل أُوحى إلىّ " يقول ابن حجر :[/FONT]
[FONT=&quot](( [/FONT][FONT=&quot]قوله : ( فى طائفة من أصحابه ) تقدم في أوائل المبعث في " باب ذكر الجن " أن ابن إسحاق[/FONT][FONT=&quot] وابن سعد[/FONT][FONT=&quot] ذ[/FONT][FONT=&quot]كرا أن ذلك كان ذا القعدة سنة عشر من المبعث لما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى [/FONT][FONT=&quot]الطائف [/FONT][FONT=&quot]ثم رجع منها ، ويؤيده قوله في هذا الحديث[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT]
" [FONT=&quot]إن الجن رأوه يصلي بأصحابه صلاة الفجر[/FONT]"
[FONT=&quot]والصلاة المفروضة إنما شرعت ليلة الإسراء[/FONT]
[FONT=&quot]والإسراء كان على الراجح قبل الهجرة بسنتين أو ثلاث فتكون القصة بعد الإسراء ))[/FONT]

أظن بعد هذا البحث الموجز ، لا يمكن الجزم بأن الذي استمعه الجن هي سورة الأنعام​
[FONT=&quot]إن هذا هو ما تظنه يا أخى – بحسب قولك أنت – وأنت حر فيما تظن ، ولا ألزمك بشىء ، ولكن أن تبخس هذا البحث حقه بقولك فى السطر الأخير أنه ليس [/FONT][FONT=&quot]أ[/FONT][FONT=&quot]قرب إلى تحديد السورة التى قرأها النبى واستمعها الجن ، فهذا ما أحزننى حقاً
[/FONT]
[FONT=&quot] وغفر الله لنا ولكم [/FONT]

[FONT=&quot]

[/FONT]
 
الأخ الكريم / العليمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فحنانيك - أخي - وتروى في حكمك ، هدانا الله وإياك الصواب ؛ فاحتمال الآية لما ذكرت وارد ، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم آذنته باستماع الجن شجرة ، فعلى هذا يبقى الوحي فيما غاب عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول الجن ، ومع هذا فقد قلت أنا : إن القول يكون مرجوحا لحديث ابن عباس ؛ وليس لك أن تقول - بارك الله فيك - أن كل من يقرأ القرآن يرى قولك ، فتقوِّل الجميع ما لم يقولوه .
وأما قولك - أصلحني الله وإياك - أني أخلط خلطا واضحا لأني ربطت بين سورة الأحقاف وسورة الجن ، فسامحك الله ، لقد ذكرت في مقالتي أن كثيرا من المفسرين ربطوا بينهما ... فلو كلفت نفسك بمراجعة كتب التفسير ... ما قلت ذلك .
وأما قولك أن الصلاة المفروضة كانت بعد ليلة الإسراء فهذا - أخي - خطأ شائع ، إذ الصلاة المفروضةكانت من أول البعثة ، ولكن الخمس هي التي فرضت ليلة الإسراء ؛ والمشهور أن الصلاة قبل ذلك كانت صلاتين أول النهار وآخره ، وعليه فصلاة أول النهار يمكن أن يطلق عليها ( الفجر ) ؛ ولو دققت النظر ستجد أن هذا إشكال ينسحب على قول أبن سحاق وابن سعد ، إذ من المعروف أيضا - أن قصة الطائف كانت قبل الإسراء .
وأما قولك : لا تقطع بالأزمنة والتواريخ على هذا النحو ، فمردود أخي - إذ لا يقطع بالتواريخ المبهمة إلا على هذا النحو ، فالحديث صحيح في البخاري وقد بين أن ذلك كان في قصد النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الناس في الأسواق ، ومن المعلوم أن هذا كان في أول البعثة ، وأما رواية ابن إسحاق - فعلى ما في إسنادها من ضعف - لا تعارض حديث ابن عباس ، فقد كانت في حادثة أخرى في قفوله صلى الله عليه وسلم من الطائف ، ولذلك جزم كثير من أهل العلم بتعدد الواقعة ، فحملك حديث ابن عباس على ما ذكره ابن إسحاق وابن سعد وهم ، فالحادثة متغيرة ، فالواقعة الثانية كانت فيما ذكر ابن حجر رحمه الله ، ويبقى أن حديث ابن عباس في واقعة كانت في أول البعثة .
ثم حكمك بأني أبخس هذا البحث حقه فيه مبالغة منك ، فلو راجت مقالتي الأولى لما قلت هذا القول .
وختاما أخي ... أرى انك تسرعت في الرد ( غضبا ) ولو ترويت وراجعت كلام أهل العلم ووسعت صدرك للخلاف المبني على الأدلة
لكانت مقالتك أخف من ذلك ، ويبقى أن الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية . وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
 
الأخ الكريم / العليمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فحنانيك أخي . .... أرى انك تسرعت في الرد ( غضبا ) . . . وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .

[FONT=&quot]الأخ الكريم / محمد عطية ، حفظه الله[/FONT]
[FONT=&quot]السلام عليكم ورحمة الله[/FONT]
[FONT=&quot]معذرة أخى إن بدت لك لهجة ردى السابق حادة بعض الشىء ، مع أنى لم أقصد ذلك أبدا [/FONT]
[FONT=&quot]كما أشكرك على حُسن شمائلك ودماثة خلقك ولين خطابك[/FONT]
[FONT=&quot]وفيما يلى مناقشة هادئة للموضوع ، أرجو - هذه المرة - أن تنال رضاك[/FONT]
[FONT=&quot]لقد كان مما جاء فى ردك الأول ، قولك[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT]
وأما عن التناظر الموجود بين سورتي الأنعام والجن ، فهوكثير في آيات القرآن ، ولا يمكن به وحده الجزم بأن الذي استمعه الجن وترتبعليه قولهم في سورة الجن هو سورة الأنعام ؛ لأن الإيمان الصحيح كاشفللعقائد الباطلة
[FONT=&quot]فإن كنتَ أخى ترى أن ما قالته الجن لم تستفده من سماعها لسورة الأنعام تحديداً ، بل يمكن أن يكون من أى سورة ، مرجحأ أن تكون سورة العلق ، فماذا تصنع أخى أمام قوله تعالى على ألسنة الجن : (( [/FONT][FONT=&quot]وأنَّا ظَنَنَّا أنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ والجنُّ على اللَّهِ كَذِبا[/FONT][FONT=&quot] )) [/FONT][FONT=&quot]والذى جاء فى سياق قولهم : [/FONT][FONT=&quot](( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً[/FONT][FONT=&quot] ))[/FONT]
[FONT=&quot]حيث قرر أغلب المفسرين على ضوء هذا السياق أن تنزيههم الله عز وجل عن إتخاذ الصاحبة والولد إنما كان بتأثير استماعهم لما يماثله فى تلاوة النبى صلى الله عليه وسلم[/FONT]
[FONT=&quot]وقد أوردتُ فى المشاركة الثانية من هذا الموضوع ثلاثة شواهد من أقوال المفسرين تؤكد هذا المعنى ، والقائمة تطول لو أردنا إستقصاء كافة الشواهد فى كتب التفسير[/FONT]
[FONT=&quot] بل لقد أشرت إلى أن ابن عاشور رحمه الله قد أحال بصريح العبارة الآية الثالثة من سورة الجن إلى آية من سورة الأنعام تحديدا وبصفة خاصة[/FONT]
[FONT=&quot]ولا شك أن أقوال المفسرين المشار إليها لم تكن من بنات أفكارهم ولا من نتاج قرائحهم ، وإنما ساقهم إليها ظاهر النص القرآنى ، وسياق الآيات ذاتها حسبما دل كلامهم[/FONT]
[FONT=&quot]بعبارة موجزة أقول : إن موافقة آيات سورة الأنعام لآيات سورة الجن تبدو فى غاية الوضوح ، ويمكن ملاحظتها بكل يسر ، فهل تجد فى سورة العلق التى رجحتموها مثل تلك العلاقة الملحوظة والقوية ؟[/FONT]
[FONT=&quot]هل تجد فيها أى إشارة إلى تنزيه الله تبارك وتعالى عن إتخاذ الصاحبة والولد ؟[/FONT]
[FONT=&quot]أم هل تجد فيها أى ذكر للجن وعلاقتها بالإنس على النحو المذكور بسورة الأنعام فى أكثر من موضع منها ؟[/FONT]
[FONT=&quot]والجواب هو : لا ، لا يوجد بها شىء من هذا أو ذاك على الإطلاق[/FONT]
[FONT=&quot] يضاف إلى هذا الحقائق التالية :[/FONT]
[FONT=&quot]إن سورة العلق هى أولاً من قصار السور ، وتكاد تقتصر على موضوع واحد[/FONT]
[FONT=&quot] ثم هى ثانياً – ولعلك نسيت – لم تنزل دفعة واحدة ، وإنما أول ما نزل منها خمس آيات فحسب ، ثم نزلت بقيتها فيما بعد ذلك بفترة ليست بالقصيرة ، بعد تكليف الرسول صلى الله عليه وسلم إبلاغ الدعوة والجهر بالعبادة ، وقيام المشركين بالمعارضة ، وذلك ما يشير إليه قوله تعالى فيها : "[/FONT][FONT=&quot]أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى[/FONT][FONT=&quot] . [/FONT][FONT=&quot]عَبْدًا إِذَا صَلَّ[/FONT][FONT=&quot]ى[/FONT][FONT=&quot] " إلى آخر السورة[/FONT]
[FONT=&quot]وقد نزلت فى أبى جهل وتوعده للنبى صلى الله عليه وسلم حين رآه يصلى[/FONT]
[FONT=&quot]فهل تجد أدنى صلة بين هذا الموضوع وما قالته الجن عن عقيدتها فى الله تعالى قبل وبعد استماعها للقرآن ؟[/FONT][FONT=&quot]أو عن إستعاذة رجال من الإنس ببعض رجالاتهم ؟ . . . . إلى آخر ما قالوا[/FONT]
[FONT=&quot]أعتقد أخى أن الجواب واضح جدا ، وأن الأثر المنسوب إلى عكرمة رضى الله عنه إما أنه ضعيف ، أو موضوع عليه ، لا سيما وأنك قد صرحتَ فى المداخلة 27 بأنك لم تقف على أثر عكرمة هذا عند غير الماوردى فى تفسيره " النكت والعيون "[/FONT]
[FONT=&quot]أرجو من أخى الكريم أن يخلو إلى نفسه متفكراً فى تلك الحقائق ، فربما اقتنع أخيرا بأن ما ورد فى سورة الأنعام خاصةً هو الأوفق والأنسب لما ورد فى سورة الجن [/FONT]
[FONT=&quot]وأنا هنا لا ألزمك بشىء ، ولا أفرض رأيى عليك – معاذ الله – وإنما هى دعوة متجردة لوجه الحق[/FONT]
[FONT=&quot]وحتى لو لم تقتنع فسوف يسعنا – إن شاء الله - أن نكون أخوين متحابين فى الله ، وكما قلتَ أنت : الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية[/FONT]
[FONT=&quot]أسال الله لنا جميعا الإخلاص في القول والفعل وأن ننتصر للحق لا لأنفسنا

[/FONT]
[FONT=&quot]( يتبع )[/FONT]
 
وليس لك أن تقول - بارك الله فيك - أن كل من يقرأ القرآن يرى قولك ، فتقوِّل الجميع ما لم يقولوه ..

[FONT=&quot]فليسامحك الله - أخى - على قولك هذا[/FONT]
[FONT=&quot]انتبه يا أخى إلى أن الذى يقول ذلك هو ظاهر نص القرآن نفسه ، ولست أنا الذى يقوله ، كما أنى لستُ بالذى يُقوّل الجميع ما لم يقولوه !! ، فأفهم أخى – بارك الله فيك – مغزى الكلام قبل أن تتهمنى بمصادرة آراء الجميع[/FONT]
[FONT=&quot]ثم إنى – فى ردى الأول عليك – قد ذكرت لك كلاماً نفيساً من تفسير سيد قطب رحمه الله ، فلو تأملته أخى الكريم لوقفت على حقيقة الأمر، ولعرفت أن ظاهر الآية يدل بوضوح على عدم معرفة النبى صلى الله عليه وسلم بحضور الجن واستماعهم له ، وأكثر المفسرين على هذا القول ، فلماذا يا أخى تجادل فى قضية محسومة من قبل ؟![/FONT]
وأما قولك أن الصلاة المفروضةكانت بعد ليلة الإسراء فهذا - أخي - خطأ شائع
[FONT=&quot]وهذا أيضا ليس قولى ، وإنما هو قول الإمام ابن حجر فى شرحه لحديث البخارى رحمهما الله ، وتجدنى قد اقتبسته لك فى مداخلتى قبل السابقة فأنظرها تكرما
[/FONT]
ويبقى أن حديث ابن عباس في واقعة كانت في أول البعثة
[FONT=&quot]إن لى معك هنا عدة وقفات :

[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً : [/FONT][FONT=&quot]هل نفهم من قولك هذا أن سورة الجن قد نزلت فى أول البعثة ؟!![/FONT]
[FONT=&quot]إن هذا هو مؤدى قولك والمترتب عليه ، وهو قول غريب شاذ ولم يقل به أحد من قبل

[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً : [/FONT][FONT=&quot]يجب أن نُوَضِّح للناس أن ما تستشهد به هنا ليس حديثأ عن المعصوم صلى الله عليه وسلم ، وإنما هى رواية عن إبن عباس رضى الله عنهما[/FONT]
[FONT=&quot]ومن الملاحظ أن أكثر ما يُروى عن ابن عباس في التفسير ضعيف[/FONT]
[FONT=&quot] قال الإمام ابن تيمية في تفسير آيات أشكلت (1/ 460) :[/FONT][FONT=&quot]" وما أكثر ما يُحَرّفُ قول ابن عباس و يُغلط عليه[/FONT][FONT=&quot] ![/FONT][FONT=&quot] ". كما روى البيهقي بإسناده " عن الشافعي رحمه الله قوله : « لم يثبت عن[/FONT][FONT=&quot] ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمئة حديث[/FONT][FONT=&quot] ». والبيهقي من أعرف الناس بكلام إمامه الشافعي، ومن أقدرهم على تتبع[/FONT][FONT=&quot] كلامه.

[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً : [/FONT][FONT=&quot]من المعلوم أن ابن عباس رضى الله عنهما من مواليد السنة الثالثة قبل الهجرة ، أى أنه لم يعاصر واقعة استماع نفر الجن ، لأنها تكون – بناءاً على قولك – قد وقعت قبل أن يُولَد ابن عباس بنحو تسع سنين !! ، وعليه فلا يمكن القطع بزمن وقوع القصة إستنادا إلى هذه الرواية فحسب ، خاصة وأنه توجد روايات أخرى تحدد زمنها بسنة عشر من البعثة ، وبها أخذ كثير من المفسرين

[/FONT]
[FONT=&quot]رابعاً : [/FONT][FONT=&quot]نص الرواية يسمح بإحتمال أن تكون هذه الواقعة قد تلت فرض الصلوات الخمس ، لأنه قد جاء فيها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان " يصلى بأصحابه صلاة الفجر " ، وقد ذكرت لك هذا فى مشاركة سابقة[/FONT]
[FONT=&quot]ثم [/FONT][FONT=&quot]أقول :[/FONT][FONT=&quot] يظل هذا الإحتمال قائماً ، حتى بعد محاولات تأويله على غير وجهه الظاهر كما فعلتم ، لأن المعنى الظاهر هو الأقرب إلى الفهم والأسبق إليه من المعنى المؤول

[/FONT]
[FONT=&quot]فإذا كان هذا الإحتمال واردا ، فيبطل حينئذ الإستدلال بهذه الرواية على تحديد زمن الواقعة بأول البعثة الشريفة ، فمن المقرر شرعاً أن : " الدليل إذا تطرق إليه الإحتمال سقط به الإستدلال "

[/FONT]
[FONT=&quot]هذا [/FONT][FONT=&quot]والله أعلم .

[/FONT]
[FONT=&quot]ومرة أخرى أقول[/FONT][FONT=&quot] :

[/FONT]
[FONT=&quot]أسال الله لنا جميعا الإخلاص في القول والفعل وأن ننتصر للحق لا لأنفسنا

[/FONT]
[FONT=&quot]والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته[/FONT]
 
الأخ الكريم / العليمي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبعد :

فلا عليك - أخي – سامحني الله وإياك ، وأشكر لك كريم أخلاقك ؛ وأبادلك ردًّا هادئًا على ردك ؛ وأسأل الله تعالى أن يجنبنا وإياك الزلل في القول والعمل .
أما قولك أخي : ( فإن كنتَ أخي ترى أن ما قالته الجن لم تستفده من سماعها لسورة الأنعام تحديدًا ، بل يمكن أن يكون من أي سورة ، مرجحًا أن تكون سورة العلق ) .
فأقول : أخي جملتك الأولى تعنيني ، وأما قولك (مرجحًا أن تكون سورة العلق ) ، فأنا لم أرجح ، وإنما قلت بعد حديث ابن عباس – رضي الله عنهما : قال ابن رجب في ( شرحه على البخاري ) : هذه القصة كانت في أول البعثة .ا.هـ . وقاله غيره ، وهو واضح من سياقها .فإذا كان هذا في أول البعثة كان ما نسب إلى عكرمة أقرب ؛ لأنه لم تكن سورة الأنعام نزلت أنذاك .ا.هـ . وإنما قلت : ( ما نسب ) لأنني قلت سابقًا : ولم أقف عليه لغير الماوردي .ا.هـ . ثم وقفت عليه عند القرطبي من غير إسناد أيضا ، ولعله نقله عن الماوردي .
وأما قولك : ( فماذا تصنع أخي أمام قوله تعالى على ألسنة الجن : ] وأنَّا ظَنَنَّا أنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ والجنُّ على اللَّهِ كَذِبا[ والذى جاء في سياق قولهم : ] وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً [ ؛ حيث قرر أغلب المفسرين على ضوء هذا السياق أن تنزيههم الله U عن اتخاذ الصاحبة والولد إنما كان بتأثير استماعهم لما يماثله في تلاوة النبي e ؛ وقد أوردتُ في المشاركة الثانية من هذا الموضوع ثلاثة شواهد من أقوال المفسرين تؤكد هذا المعنى ، والقائمة تطول لو أردنا استقصاء كافة الشواهد في كتب التفسير )
فردي عليه في التالي :
أولا : أنا لم أرجح – كما قلت آنفا – فلا يلزمني الإجابة هنا ، ولكن أقول : قد ذكرت من قبل أن ( الإيمان الصحيح كاشف عن العقائد الباطلة ) ؛ ذلك لأن من يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله ، وكان من أهل الكتاب ( خاصة في زمن النبي e ) ينكشف له يقينًا أن ما كان عليه من دعوة الشريك والابن لله تعالى باطلة ، وهذا الذي كان من الجن ؛ وقد ذُكر أنهم كانوا من جن نصيبين ( وهم نصارى ) أو من جن نينوى وكانوا يهودا ؛ وليس شرطًا أن يكونوا قد سمعوا ذلك في أول سماعهم للقرآن ؛ وإذا أبهم الله تعالى ما سمعوه ، فليس في التنقيب عنه فائدة كبيرة ، ولو كان فيه فائدة لصرح به الله في كتابه ، أو لصرح به رسوله e ؛ ولم ينقل عن السلف فيه شيء يصح ، ولم يذكره عامة المفسرين .
ثانيا : قولك أخي : ( حيث قرر أغلب المفسرين على ضوء هذا السياق أن تنزيههم الله U عن اتخاذ الصاحبة والولد إنما كان بتأثير استماعهم لما يماثله في تلاوة النبي e ؛ وقد أوردتُ في المشاركة الثانية من هذا الموضوع ثلاثة شواهد من أقوال المفسرين تؤكد هذا المعنى ، والقائمة تطول لو أردنا استقصاء كافة الشواهد في كتب التفسير ) .
القول بأن غالب المفسرين قرروا ذلك ، ليس صوابًا ، وارجع إلى كتب التفسير بتجرد وراجع هذا القول ؛ أنا راجعت كثيرًا منها ، ولم أجد إلا قول ابن عاشور في ( التحرير والتنوير ) : والاقتصار في بيان تَعالِي جدِ الله على انتفاء الصاحبة عنه والولد ينبىء بأنه كان شائعًا في علم الجن ما كان يعتقده المشركون أن الملائكة بنات الله من سروات الجن ، وما اعتقاد المشركين إلاَّ ناشئ عن تلقين الشيطان وهو من الجن ؛ ولأن ذلك مما سمعوه من القرآن مثل قوله تعالى : ] أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ [ .ا.هـ . وهو اجتهاد منه لم يسبقه إليه أحد ، وقوله ( مثل ) يؤكد عدم الجزم ؛ ولعل هذه الجملة هي التي أوحت إليك بهذا البحث ، والعلم عند الله تعالى .
وأما ما نقلته أنت عن الطبري و( صفوة التفاسير ) فليس فيه ما يدل على أنها سورة الأنعام أو غيرها ، ولكنك رجحت ذلك بكلام ابن عاشور ، وليس فيه ترجيح ، إذ كلام العلماء يستدل عليه ، ولا يستدل به ، وليس هناك دليل يثبت ذلك .
وأما قولك ( ولا شك أن أقوال المفسرين المشار إليها لم تكن من بنات أفكارهم ولا من نتاج قرائحهم ، وإنما ساقهم إليها ظاهر النص القرآني ، وسياق الآيات ذاتها حسبما دل كلامهم ) فكلام غير مسلَّم أخي ، وقد ذكرت لك القاعدة آنفًا .
وأما قولك أخي ( بعبارة موجزة أقول : إن موافقة آيات سورة الأنعام لآيات سورة الجن تبدو في غاية الوضوح ، ويمكن ملاحظتها بكل يسر ) ؛ فمسلَّم لك ، ولكن لا يدل على النتيجة التي ذكرتها ، وإنما هذا من النظائر المعروفة في كتاب الله تعالى .
يتبع
 
أخي الكريم : العليمي
السلام عليكم ورحمة الله ، وبعد :
فمتابعة للرد ، أقول : أما قولك ردًّا على ما قلته : ( وليس لك أن تقول - بارك الله فيك - أن كل من يقرأ القرآن يرى قولك ، فتقوِّل الجميع ما لم يقولوه ) : ( فليسامحك الله - أخي - على قولك هذا ؛ انتبه - يا أخي - إلى أن الذى يقول ذلك هو ظاهر نص القرآن نفسه ، ولست أنا الذي يقوله ، كما أنى لستُ بالذي يُقوّل الجميع ما لم يقولوه !! ، فأفهم أخي – بارك الله فيك – مغزى الكلام قبل أن تتهمني بمصادرة آراء الجميع ) .
فأقول : سامحني الله وإياك : انظر عبارتك ثم احكم ، وقد قبلت بحكمك : ( بل أرى – ويرى معي كلُّ قارئ للقرآن - أن الوحي في الآية كان إخبارًا باستماع الجن إلى القرآن ، قبل أن يكون إخباراً بقول الجن ، أليس كذلك يا أخي الكريم ؟!
هذه عبارتك أخي : ( ويرى معي كل قارئ للقرآن ) !! .
وقولك : ( انتبه - يا أخي - إلى أن الذى يقول ذلك هو ظاهر نص القرآن نفسه ، ولست أنا الذي يقوله ) .ا.هـ .
المعلوم أن القول بظاهر اللفظ هو الأصل ، إلا أن يأتي ما يصرفه عن ظاهره ؛ وقد تقدم القول باحتمال الآية لغير الظاهر ، وإن كان مرجوحًا .
وأما قولك : ( ثم إني – في ردي الأول عليك – قد ذكرت لك كلامًا نفيسًا من تفسير سيد قطب [FONT=&quot][/FONT] ، فلو تأملته - أخي الكريم - لوقفت على حقيقة الأمر ، ولعرفت أن ظاهر الآية يدل بوضوح على عدم معرفة النبي e بحضور الجن واستماعهم له ،وأكثر المفسرين على هذا القول ، فلماذا يا أخي تجادل في قضية محسومة من قبل ؟! ) .
أخي الكريم : المحسوم ما ليس فيه خلاف ، أو فيه خلاف ضعيف دحضته الأدلة ، وقولك : ( أكثر المفسرين على هذا القول ) يدل على أن المسألة ليست بمحسومة .
وأما قولك ردًّا على أن القول بأن الصلاة فرضت من أول البعثة وأن من الخطأ الشائع القول بأنها فرضت ليلة الإسراء : ( وهذا أيضًا ليس قولي ، وإنما هو قول الإمام ابن حجر في شرحه لحديث البخاري رحمهما الله ، وتجدني قد اقتبسته لك في مداخلتي قبل السابقة فأنظرها تكرما ) .
هذا الكلام لا يكون ردًّا على الحقيقة العلمية التي ذكرتُها ، فسواء كان القول قولك أو قول غيرك ، فعلى الباحث الذي يحقق مسألةً أن ينظر في تحقيق ما ينقل حتى يكون نقله صحيحًا في المسألة ، وقد نوَّه ابن حجر نفسه إلى هذه الحقيقة في موضع آخر في شرح حديث ابن عباس من ( فتح الباري ) قال : والذي تضافرت به الأخبار أن ذلك وقع لهم من أول البعثة النبوية ، وهذا مما يؤيد تغاير زمن القصتين ، وأن مجيء الجن لاستماع القرآن كان قبل خروجه e إلى الطائف بسنتين ، ولا يعكر على ذلك إلا قوله في هذا الخبر إنهما رأوه يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، لأنه يحتمل أن يكون ذلك قبل فرض الصلوات ليلة الإسراء ، فإنه e كان قبل الإسراء يصلي قطعًا ، وكذلك أصحابه ، لكن اختلف هل افترض قبل الخمس شيء من الصلاة أم لا ؟ فيصح على هذا قول من قال : إن الفرض أولا كان صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها ، والحجة فيه قوله تعالى : ] وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا [ [ طـه : 130 ] ، ونحوها من الآيات ، فيكون إطلاق صلاة الفجر في حديث الباب باعتبار الزمان ، لا لكونها إحدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء ، فتكون قصة الجن متقدمة من أول المبعث .ا.هـ .
أظن بهذا تكون المسألة قد اتضحت ، واتضح أيضًا قول ابن حجر في أن ذلك كان في أول البعثة ، وأن القصة متغايرة مع ما ذكر ابن إسحاق وابن سعد .. والحمد لله رب العالمين .
وأما قولك - أخي - في الحديث الذي رواه الشيخان في صحيحهما من حديث ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : انْطَلَقَ النَّبِيُّ e فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا : مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ ، قَالُوا : مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ حَدَثَ ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ؟ فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى النَّبِيِّ e وَهُوَ بِنَخْلَةَ ، عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ ، فَقَالُوا : هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ وَقَالُوا : يَا قَوْمَنَا ] إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ e : ] قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ [ وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ .ا.هـ .
إن لي معك هنا عدة وقفات :
أولاً : هل نفهم من قولك هذا أن سورة الجن قد نزلت في أول البعثة ؟!! إن هذا هو مؤدى قولك والمترتب عليه ، وهو قول غريب شاذ ولم يقل به أحد من قبل ) .
فاسمح لي أخي أن أقول : إن قولك هذا : هو الغريب الشاذ الذي لم يقل به أحد ، وذلك لأمور :
الأول : أن الحديث في الصحيحين ، وذلك أعلى درجات الصحة .
الثاني : أن راويه هو ابن عباس – رضي الله عنهما – وهو حبر الأمة وترجمان القرآن - الذي دعا له النبي e بالفقه في الدين وتعليم التأويل .
ثالثا : أن قوله : ( انْطَلَقَ النَّبِيُّ e فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ) يدل على ذلك ؛ فمن المعلوم أنه كان في أول البعثة يعرض دعوته في الأسواق .
رابعا : أن قوله : ( وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ ... ) الخ .. واضح الدلالة على ذلك أيضًا .
خامسا : أن قوله : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ e : ] قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ [ بالفاء المعقبة هو من الصريح في أسباب النزول ؛ وهو ما يدل على ذلك أيضًا ، وقد نقلت لك من قبل قول ابن رجب في ( شرح البخاري ) ؛ وتقدم قول ابن حجر - رحمه الله – في أن ذلك كان أول البعثة ؛ وعلى ذلك كل شرَّاح الحديث - فيما أعلم ، والعلم عند الله تعالى .

وأما قولك : ( ثانيًا : يجب أن نُوَضِّح للناس أن ما تستشهد به هنا ليس حديثًا عن المعصوم ، e وإنما هى رواية عن ابن عباس - رضي الله عنهما .
فأقول : الرواية واضحة ، فليس فيها أن ابن عباس قال : قال رسول الله e ؛ ثم قولك هذا كالمشكك في الحديث ، وخاصة وقد ذكرتَ كلاما بعده يدل على ذلك ؛ وليست هذه طريقة العلماء في الكلام عن أحاديث في الصحيحين ، فهو في أعلى درجات الصحة ، وقد تكلم العلماء في اعتبار ما يقوله الصحابة في أسباب النزول بأنه يأخذ حكم المرفوع ؛ وتكلموا في مراسيل صغار الصحابة ، وقبلوها لأن الصحابة كلهم عدول ، واحتمال سماعهم ذلك عن النبي e ، أو عن أحد من كبار الصحابة قوي جدًا ، فلا يقال في حقهم ما ذكرت ، وكلام ابن تيمية – رحمه الله - سيأتي الحديث عنه .
فقولك : ( ومن الملاحظ أن أكثر ما يُروى عن ابن عباس في التفسير ضعيف ؛ قال الإمام ابن تيمية في تفسير آيات أشكلت (1/ 460) : " وما أكثر ما يُحَرّفُ قول ابن عباس ويُغلط عليه ! ". كما روى البيهقي بإسناده " عن الشافعي – رحمه الله - قوله : ( لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث ) ؛ والبيهقي من أعرف الناس بكلام إمامه الشافعي، ومن أقدرهم على تتبع كلامه ) .
أقول : هذا الحديث - يقينا - مما صح عن ابن عباس ، فلا يجري عليه هذا الكلام لابن تيمية ، ولا للإمام الشافعي ، وإنما هم ينتقدون غير الصحيح ، ولا ينسحب كلامهم على الثابت الصحيح .
واما قولك : ( ثالثاً : من المعلوم أن ابن عباس - رضي الله عنهما - من مواليد السنة الثالثة قبل الهجرة ، أي أنه لم يعاصر واقعة استماع نفر الجن ، لأنها تكون - بناءً على قولك – قد وقعت قبل أن يُولَد ابن عباس بنحو تسع سنين !! ، وعليه فلا يمكن القطع بزمن وقوع القصة استنادًا إلى هذه الرواية فحسب ، خاصة وأنه توجد روايات أخرى تحدد زمنها بسنة عشر من البعثة ، وبها أخذ كثير من المفسرين ) .
أخي الكريم : اسمح لي أن أقول : إنك ليس لك عناية بالحديث وعلومه ، فلا يُرَد حديث الصحابي بمثل هذا الكلام ، وتقدم ما ذهب إليه أهل العلم في مراسيل الصحابة ؛ وتقدم أيضا – قول ابن حجر في شرح الحديث بما لا يدع مجالا للشك .. فراجعه تكرما .
وأما قولك : ( وبها أخذ كثير من المفسرين ) فهو من التعميم الذي لا يصح ، وتقدم الرد على مثله .
وأما قولك ( رابعًا : نص الرواية يسمح باحتمال أن تكون هذه الواقعة قد تلت فرض الصلوات الخمس ، لأنه قد جاء فيها أن النبي e كان " يصلى بأصحابه صلاة الفجر " ، وقد ذكرت لك هذا في مشاركة سابقة ) .
فقد بينت لك هذا في مقالتي رقم ( 29 ) وأضفت قول ابن حجر رحمه الله آنفًا ، فارجع إليه .. تكرمًا .
وأما قولك أخي : ( ثم أقول : يظل هذا الاحتمال قائمًا ، حتى بعد محاولات تأويله على غير وجهه الظاهر كما فعلتم ، لأن المعنى الظاهر هو الأقرب إلى الفهم والأسبق إليه من المعنى المؤول ) .
فإن كنت تريد احتمال أن الواقعة لم تكن في أول البعثة ، فلا يكون هذا قائمًا بعدما بينته ، وما ذكرته من أقوال أهل العلم في ذلك ؛ فالواقعة يقينا كانت في أول البعثة ، وأما ما ذكره ابن إسحاق وابن سعد فلا يمكن تنزيله على الواقعة التي ذكرها ابن عباس رضي الله عنهما ؛ فالاحتمال بعيد جدًا .
وبهذا أكون قد أزلت أي شبهة يمكن أن ترد على حديث ابن عباس رضي الله عنهما ؛ والفضل لله وحده أن وفق في هذا البيان ، والحمد لله رب العالمين .
وأما قولك أخي الكريم : ( ومرة أخرى أقول :أسال الله لنا جميعا الإخلاص في القول والفعل وأن ننتصر للحق لا لأنفسنا ) فأقول : آمين ..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
تنويه : ذكرت في المقالة ( 29 ) أن حديث ابن مسعود في إيذان الشجرة عند البخاري ، وكان هذا وهمًا مني ، فالحديث رواه مسلم ، ولم يروه البخاري ، لذا لزم التنويه ، وأستغفر الله العظيم .
 
وليس شرطًا أن يكونوا قد سمعوا ذلك في أول سماعهم للقرآن ؛ وإذا أبهم الله تعالى ما سمعوه ، فليس في التنقيب عنه فائدة كبيرة ، ولو كان فيه فائدة لصرح به الله في كتابه ، أو لصرح به رسوله e ؛ ولم ينقل عن السلف فيه شيء يصح ، ولم يذكره عامة المفسرين .
[FONT=&quot]قولك هذا فيه تهوين واضح من تدبر القرآن الذى أمرنا الله تعالى به[/FONT]
[FONT=&quot]ولو كان ما تقوله صحيحا عن إنتفاء الجدوى من التنقيب عن مبهمات القرآن ، فلماذا شغل العلماء من قبل أنفسهم به ، حتى أن بعضهم قد أفرد مصنفات فى مبهمات القرآن على وجه الخصوص ؟[/FONT]
[FONT=&quot]بل لماذا حاجتنا إلى علم التفسير طالما أنه لا جدوى من البحث عما خفى علينا ؟

[/FONT]
ولعل هذه الجملة هي التي أوحت إليك بهذا البحث ، والعلم عند الله تعالى
[FONT=&quot]هذا غير صحيح بالمرة ، وقد ذكرتُ فى أول مشاركة من هذا الموضوع الأسباب التى دعتنى إلى هذا البحث ، ولم يكن من بينها السبب الذى ظننته رجما بالغيب[/FONT]
[FONT=&quot]وأذكّرك ونفسى بقوله تعالى : " [/FONT][FONT=&quot]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ[/FONT][FONT=&quot] "

[/FONT]
وأماما نقلته أنت عن الطبري و( صفوة التفاسير ) فليس فيه ما يدل على أنها سورة
الأنعام أو غيرها ، ولكنك رجحت ذلك بكلام ابن عاشور ، وليس فيه ترجيح ، إذ كلام العلماء يستدل عليه ، ولا يستدل به ، وليس هناك دليل يثبت ذلك
[FONT=&quot]كلام العلماء لا يُستَدل به !!![/FONT]
[FONT=&quot]فلماذا هم علماء إذا ً ؟!![/FONT]
[FONT=&quot]هم علماء لأنهم جاءوا بالدليل ، ومن جاء بالدليل لا نقول له : كلامك لا قيمة له !!

[/FONT]
[FONT=&quot]اسمع أخى رعاك الله :

[/FONT]
[FONT=&quot]يكفينا هذا القدر من النقاش ، وليبقى كل منا على قناعته ، فأنا لا ألزمك بشىء[/FONT]
[FONT=&quot]وأرجو أن تردد معى دعاء فض المجلس :

[/FONT]
[FONT=&quot]سبحانك اللهم وبحمدك[/FONT]
[FONT=&quot]نشهد أن لا إله إلا أنت[/FONT]
[FONT=&quot]نستغفرك ونتوب إليك[/FONT]
[FONT=&quot]وَالْعَصْرِ[/FONT]
[FONT=&quot]إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِى خُسْر[/FONT]
[FONT=&quot]ٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا[/FONT]
[FONT=&quot]وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا[/FONT]
[FONT=&quot]بِالصَّبْرِ[/FONT]
 
الأخ / العليمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
فما كنت أحسب أبدًا أن هذا سيكون ردَّك ، ومثلك من يرجع إلى الحق ، وقد نوهت في مقالتك السابقة إلى البحث عن الحق وعدم الانتصار للنفس .
ثم اعلم - هداني الله وإياك الصواب - أنه لا علاقة بكلامي الذي قلته في المبهم وتدبر القرآن ، فالتدبر واجب وله أدواته ، ولا أعلم أحدا من أهل العلم ذكر أن من شروط التدبر معرفة المبهم ، والكلام المرسل هكذا لا يصح من مثلك .
وما كنت أحسب أن قولي : ( ولعل هذه الجملة هي التي أوحت إليك بهذا البحث ) يستثيرك هكذا ، وليس هذا أخي من باب الظن الآثم ، فإن لكل بحث قصة ، وقد كتبت كتابي ( الانتباه لما قال الحاكم ولم يخرجاه وهوعند أحدهما أو روياه ) لجملة رأيت ابن كثير ذكرها في تفسيره ، فإذا رأيت أن هذه الجملة ترتبط بأصل بحثك فلا تلمني أخي فيما قلته ، وكان يكفيني منك أن تقول : لا لم تكن هذه الجملة هي أصل بحثي .
وأما قولي : ( كلام العلماء يستدل له ، ولا يستدل به ) فهذه مقولة مشهورة عند أهل العلم ، وليس فيها تنقص ، وإنما فيها بيان أن الكلام في دين الله تعالى لا يستدل عليه بكلام مرسل لعالم ليس عليه دليل ، وقد كنت أحسب أن شهرة الجملة لا تستثير مثلك ، ولم أكن أعلم أنك لم تقف عليها من قبل .
ثم أخي : ( العلم رحم بين أهله ) وما كان لمن في مثل خلقك أن يختم مقالته بما ختمت به مقالتك ، فأين ما قلته في مقالتك السابقة : ( وحتى لو لم تقتنع فسوف يسعنا - إن شاء الله - أن نكون أخوين متحابين ) .
أقول صادقا : سامحني الله وإياك ، ومثلك من يرجع إلى الحق .
والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته .
 
http://vb.tafsir.net/182417-post5.html
هذا الرابط له صلة بالوضوع
وفيه يرى فضيلة الدكتور زيد عمر العيص أن سورة الأنعام قد نزلت قبل سورة الجن بفترة طويلة قدّرها فضيلته بخمس سنين ، مما يدعم بحثى هذا ويعززه جدأ ، من حيث أن الإحالة تكون من اللاحق إلى السابق
 
تبارك الله ..
هذا والله فتح عظيم
ويفتح لنا مجالات عدة لتدبر القرآن من أوجه جديدة
ولقد كنت أتمنى أن أرى مثل هذا الفتح في هذا الملتقى المبارك
والحمد لله على نعمه العظيمة
فلإن وجدت كنزا ثمينا من الدر لن تكون فرحتي بمثل هذه الفرحة بهذا الفتح
أسأل الله أن يحفظك يا أستاذنا وأن يطيل عمرك وينفعنا بعلمك
 
تبارك الله ..
هذا والله فتح عظيم
ويفتح لنا مجالات عدة لتدبر القرآن من أوجه جديدة
ولقد كنت أتمنى أن أرى مثل هذا الفتح في هذا الملتقى المبارك
والحمد لله على نعمه العظيمة
فلإن وجدت كنزا ثمينا من الدر لن تكون فرحتي بمثل هذه الفرحة بهذا الفتح
أسأل الله أن يحفظك يا أستاذنا وأن يطيل عمرك وينفعنا بعلمك
جزاك الله خيرأ وبارك فيك
ثم أقول : إن فرحتى أنا بفرحك أنت قد تفوق فرحتك بهذا الفتح كما تصفه ، فليس أحب إلى نفسى من إدخال البهجة والسرور على نفس أحد المؤمنين
والحمد لله على فضله وإحسانه
 
رحمه الله

كنتُ أتمنى لو أمسكنا بشيء من طرقه في التدليل على الإحالات القرآنية حتى تستوي على منهج دقيق يُدرس في الجامعات.
 
عودة
أعلى