عجائب بعد وفاة شيخنا سيد لاشين
عجائب بعد وفاة شيخنا سيد لاشين
دفن الشيخ الجليل
دفنت أعجوبة القراءات العشر المتحركة الناطقة تحت الأرض
إن وفاة شيخنا الشيخ سيد لاشين لهو خبر محزن ومؤلم وإذ نصبر أنفسنا ونعزيها لندعو الله له بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة
والشيخ من خلال مصاحبتي له إلا أني رأيت فيه أمورا قل أن تجدها في أحد ومن ذلك
ضبطه العجيب العجيب العجيب للقراءات حفظاً وجمعاً
لاحظت أن الشيخ يستحضر متن الشاطبية والقرآن كما نستحضر الفاتحة
بل عنده قدره عجيبة لجمع القراءات في أي مكان في القرآن خارقة خارقة جدا
بل وجدت عند الشيخ جلداً عظيما جداً في الجلوس للإقراء فقد كان يجلس في مسجد صغير قريب من الحرم كل يوم دون ملل أو كلل يستقبل الطلاب حتى ساعة متأخرة بعد العشاء
وكان من تزاحم الطلاب عليه أنه يقرئ الاثنين في وقت واحد دون أن يفوت شيء لهما وهذه لطيفة جدا
ثم يجلس في الحرم النبوي يومياً من الساعة 11 صباحا إلى أن يصلي الظهر وقد رأيت أن هذه الجلسة مخصصة له يقرأ ويصلي ويكثر من الدعاء فيها وكان يخصني بوقت منها لمراعاة مجيئي من بعيد
ثم يجلس دائما يومي الخميس والجمعة من بعد صلاة العصر إلى العشاء في الحرم النبوي جلسة دائمة لا تتأخر ولا تتقدم بدون ملل أو تعب يقرئ الطلاب
وكان مكان جلوسه معروف فهو لا يجلس إلا قرب الروضة على يمين منبر الخطبة وإذا وجد سعة يجلس على يساره مما يلي الروضة وإذا وجد مكان في الروضة فلا يجلس إلا فيه
لاحظت في الشيخ شيئا عجيبا ألا وهو كثرة الصيام فما رأيته مفطرا يوم الخميس والاثنين أبدا أبدا
لاحظته يكثر من الدعاء جدا جدا ويرفع يديه بعد الصلوات وبين الأذان والإقامة
لاحظته يكثر من النوافل بعد الصلاه وقبلها وحريص على السنن الرواتب جدا جدا
وهناك شيء عجيب جدا عند الشيخ جدا جدا وهو قلة الكلام فلا يتكلم أبدا إلا بكلمات يسيرة جدا إذا دعت الحاجة فلا أدري هل هذا طبع فيه أم أنه حريص على إشغال الوقت بالقراءة والإقراء حتى إن ذلك الأمر ليجعلني أهاب الشيخ عند سؤاله
ولذلك كان الشيخ لا يتكلم في شيء ولا يخوض في شيء ولا يسأل عن شيء وإذا سأله أحد أجابه بكلمات مختصرة جداً جداً
كان الشيخ يتمنى الموت في المدينة النبوية وسمعتها منه أكثر من مرة
لاحظت الشيخ يأخذ عمرة في كل شهر مخصص له يوم في الشهر يذهب لمكة ويأخذ عمرة ويعود في نفس اليوم وقد التقيت به في صحن الحرم أكثر من مرة إذا عرفت وقت مجيئه ومما أتذكره أني جمعت عليه أكثر سورة آل عمران في الحرم المكي
ثم إن الشيخ ما كان يرضى أن يقرأ عليه أحد وهو غير محضر فما كان يريد أحد يخطئ في الجمع أبداً بل رأيته يقطع قراءة الطالب الذي يخطئ ويتضايق من ذلك فلا يصبر على القراءة عليه إلا المتقن
وهذا يجعل الطالب الذي يقرأ عليه يتقن جداً جدا
وإنني وأنا أكتب هذه الكلمات وأتذكر تواضع الشيخ وسمته وخشيته لله التي والله كنت أراها في وجهه وفي مشيته وفي خضوعه وفي دموعه وفي تضرعه لأدعو الله أن يرفع درجته وأن يسكنه فسيح جناته ويرفع قدره وأن ينور قبره وأن يعلي درجته بالقرآن الكريم وأن يعوضه بالجنه والمنزلة الرفيعة وأن ينزل عليه شآبيب الرحمة والمغفرة
ومما يحزنني أنني توقفت عن القراءة عليه عند سورة يوسف جمعا بالسبعة وكنت حريصا على المواصلة ولكن ظروف البعد عنه حالت دون ذلك وانقطاع حبل منيته المفاجئ لي والحمد الله على كل حال
وأسأل الله أن يعوض الأمة خيرا