الشيخ سيد لاشين (أكثر من ثلاثين عاماً خادما لكتاب الله في مدينة رسول الله)(دعوة للمشاركة)

إنضم
9 يناير 2004
المشاركات
1,474
مستوى التفاعل
3
النقاط
38
الإقامة
المدينة النبوية
مشاعر وكلمات مضيئة يسجلها طلاب ومحبو الشيخ المقرئ سيد لاشين أبو الفرح رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم


باسمي وباسم مجموعة من محبي الشيخ من المشايخ الكرام والإخوة الفضلاء الذين حضروا جنازة وعزاء الشيخ المقرئ سيد لاشين نوجه دعوة لجميع طلاب الشيخ سيد لاشين وجميع محبيه لتوثيق مواقفهم مع الشيخ لما فيها من دروس وفوائد وعبر تكون مادة لإثراء المعلومات التي سجلت في حق هذه الشخصية المباركة, ولأجل تقديم صور ومواقف دعوية من حياة الشيخ لنا وللأجيال القادمة تكون حسابا جاريا في ميزان حسناته لكل من يقتدي به أو يترحم عليه .


فاكتب جزاك الله خيرا واحتسب الأجر فلعل الله أن ينفع بما كتبت من حيث لا تحتسب.


ملاحظة مهمة : من باب التوثيق والأمانة العلمية
آمل من الإخوة والأخوات في حال نقل شيئ مما كتب عن الشيخ هنا في ملتقى أهل التفسير لمنتديات أخرى أن يذكروا المصدر ويعزو الكلام لقائليه, والأمر كذلك في حال نقل شيئ من منتديات أخرى إلى ملتقانا.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
حرر الثلاثاء
28/2/1432
المدينة النبوية​
 
حبذا لو تذكروا لنا شيئاً من سيرته الحياتية وتعريفه بشكل جيد فهو غير معروف لمن هم خارج العربية السعودية رحمه الله تعالى . بارك الله بكم .
 
أخي الشيخ محب القراءات سلمكم الله
رأيت في عزاء الشيخ رحمه الله بالأمس، ابنه الفاضل محمد،وأحسبه من خيرة طلبة العلم، وهو مقرئ بالعشر، وحبذا لوتكفل لكم بكتابة ترجمة (وافية تتضمن ماعرفناه من طريقة إقراء الشيخ،ومالم ينشر من أرائه العلمية، وفوائد كان يتمنى نشرها، وغير ذلك مما يتطلبه هذا النوع من التراجم)،
وأحسب مثل هذه الشخصية العلمية النادرة تستحق كل العناية من طلبة العلم البارزين سريعا، مادام ابناء الشيخ يوجد بعضهم في المدينة) ،
وأنوه بأن الشيخ له ترجمة في تراجم القراء بالمدينة للشيخ إلياس البرماوي، وغيره.والله الموفق.
 
غفر الله لشيخنا (سيد) وجعله من أهل الجنة وجمعنا به في مستقر رحمته
أما بعد فأقول لأخي:محمد بن عمر بن عبدالعزيز الجنايني
أبشر
قد شرفني الله تعالى بطلب العلم على شيخنا الشيخ : سيد لاشين رحمه الله تعالى ولله الحمد والمنة
أذكر من مواقفي معه رحمه الله:
- أنه مرة من المرات سئل الشيخ رحمه الله وأنا حاضر عن أمنيته وماذا يريد من الله تعالى من أمور الدنيا
فقال رحمه الله:أنا بخير وعافية وأبنائي وبناتي كلهم كبروا وأصلحهم الله وتزوجوا وأنا لا أريد شيئا من الدنيا
(وأرجوا أن تدعوا لي بالخاتمة الحسنة في المدينة) فقط كان هذا طلبه وأمنيته

 
-في مرة أخرى كنت معه رحمه الله على مائدة عشاء في الرياض فسأله أحدنا عن أحد أئمة الحرم المدني
(وكان حديث عهد بالإمامة في الحرم) سأله عن كلام لبعض الناس عن تجويد ذلك الإمام ما هو رأي الشيخ في تلاوته
فأجابه رحمه الله تعالى بإجابة أرجوا أن تنتبهوا لها يا إخوتي
قال:إذا قلت رأيي فماذا سيغير فقط سنكون قد اغتبنا الإمام فاتركونا من الكلام في الناس
غفر الله له وجعله من أهل الجنة وجمعنا به في مستقر رحمته
 
يسعدني المشاركة في سرد بعض ما وقفتُ عليه من أبرز المواقف والعجائب التي تقشعر منها الجلود عن هذا الشيخ العالم المبارك , وكنتُ قد سمعتها من فيّ زوجة الشيخ رحمه الله في مجلس العزاء , ولمَّا أحببتُ توثيقها عدتُ فطلبتُ التأكد من التفاصيل قبيل كتابتها من ابنة الشيخ سيد لاشين رحمه الله .
تقول ابنة الشيخ سيد لاشين رحمه الله : رأى الشيخ رحمه الله في المنام رؤيا منذ أكثر من خمسة عشر عاما ولم يروها لأحد من أهله إلا في مرضه الأخير . وقد رأى في هذه الرؤيا أنه عائد من مصر إلى المدينة؛ ويقدم جواز سفره عند شباك الجوازات لموظفة الجوازات . فلفت انتباهه أبيات من الشعر مكتوبة على شباك الجوازات وهي:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع الأكمُ​

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرمُ​


فطلب من الموظفة أن تكتب له هذه الأبيات على جواز سفره ... فكان له ما أراد.
وهذه الأبيات كما يعلم الجميع هي ذات الأبيات المدونة على العامودين الموجودين بجوار حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد النبوي الشريف , وقد حكى الشيخ الرؤيا لمن يفسرها له, فكان تفسيره : ستموتُ وتدفن ـ بعد عمر طويل وحسن خاتمة بإذن الله ـ في مدينة رسول الله !!. فكتمها رحمه الله عن أقرب الأقربين له إلى أن شعر بدنو الأجل فأفصح عنها .
وهاهي رؤياه قد جعلها ربي حقا ...
فرحمه الله رحمة واسعة, فقد زفّتْ إليه في الدنيا البشرى بهذه الرؤيا ليطمئن قلبه بأن مجاورة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم هو ما خُتم به في جواز سفره لرحلته الأخيرة في هذه الحياة الدنيا.


موقفٌ آخر أحببتُ نقله ...
تقول ابنة الشيخ سيد لاشين رحمه الله : قبل وفاة الشيخ بعشرة أيام تقريبا وهو يعاني أشد المعاناة من مرضه الخبيث وآلامه القاتلة طلب من ابنه الشيخ حسن أن يقرأ له سورة يس , فلما انتهى الشيخ حسن من التلاوة سمع والده يتمتم وهو يناجي ربه ويقول: باقي لي درجة واحدة يارب , باقي لي درجة واحدة ! .
فلا إله إلا الله ...
ما أجمل هذه المناجاة !!...
أسأل الله أن يبلغه ما يشتهي وأن يجعله من أهل الفردوس الأعلى , وأن يحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..
 
هنيئًا للشيخ رحمه الله تعالى هذه السيرة الطيبة وهذه المواقف المليئة بالعبر وهنيئًا له جوار الحبيب المصطفى في مدينته المنورة.
أسأل الله تعالى أن يجمعنا بهم جميعًا في الفردوس الأعلى ويحسن خاتمتنا أجمعين وأن يأجرنا في مصيبتنا بفقد علمائنا أئمة الهدى.
 
حبذا لو تذكروا لنا شيئاً من سيرته الحياتية وتعريفه بشكل جيد فهو غير معروف لمن هم خارج العربية السعودية رحمه الله تعالى . بارك الله بكم .

كيف يكون الشيخُ غيرَ معروفٍ؟! الشَّيْخُ أشهرُ مِن نارٍ على علَمٍ.

كثير من الإجازات القرآنية -عندنا في الجزائر- تحمل اسمَ الشيخ رحمه الله تعالى، وطلاب الشيخ في كل بلدٍ يُعلِّمون ويُقْرئون، وهؤلاء أخرجوا بدَوْرِهم تلاميذَ يُقْرئُونَ، والحمد لله.
 
الحمد لله
لا أشك لحظةً أن الشيخ كان من أمهر المقرئين، لدرجة أننا كنا نقول أنا وبعض الزملاء: إن الشيخ يحفظ ترتيب الجمع حفظاً، ومن الفوائد التي استفادها الطلبة من الشيخ أنه كان لا يتهاون معهم إذا أخطأوا في ترتيب الجمع، فضلاً عن أن ينسوا وجهاً من أوجه القراءة، فضلاً عن أن يخطئوا في نفس الآية القرآنية، بل إنه مرة منعني من إكمال القراءة لأني أخطأت ثلاث مرات في ترتيب الجمع.

ولي موقفٌ لا أنساه مع الشيخ، حيث كنت قد وصلت إلى سورة الزمر جمعاً للسبعة، ومللت من كثرة الذهاب والإياب للقراءة، حيث كان وضعي المادي ضعيفاً، ليس عندي سيارة، ولا أستطيع استئجار سيارات الأجرة، ولم يكن الشيخ يعلم بذلك، الذي أريد أن أقوله أني توقفت عن القراءة لمدة أسبوعين بدون أن أعلم الشيخ بتوقفي، بل كنت أنوي ترك القراءة نهائياً، وعندما رجعت للقراءة وأنا أتوقع العتاب من الشيخ، كنت أول القارئين، وعندما جلست عند الشيخ جاء ليسلم عليه شخص يعرفني، فبعد سلامه على الشيخ وحديثه معه سأله عني، فأثنى عليَّ الشيخ ثناءً لا أستحقه، وقال لذلك الشخص: لم يبق لمحمد منقذ إلا سور قليلة وينتهي، ولم يعاتبني يومها بأي كلمة، وكان هذا الثناء عليَّ وتهوين المتبقي من القراءة سبباً لارتفاع معنوياتي، وبذلي للمزيد من الجهد حتى أنهيت بنفس منشرحة.

أسأل الله أن يرفع درجته في عليين، وأن يرحمنا وأمة محمد صلى الله عليه وسلم بفضله وكرمه.
 
تميّز فضيلة الشيخ سيّد لاشين ـ رحمه الله ـ بأمورٍ أذكرها على شكل نقاط، وأفردتُ بعض الميزات لأهميتها، وعِظَم الحاجة إليها:
1. حفظه للقرآن الكريم بقراءاته السبع بإتقان بالغ، حتى إنه ليستحضر القراءةَ مباشرة دون حاجة لاستحضار الشاطبية أولاً، مع أنه ضابط للشاطبية حفظاً وفهماً واستحضاراً.
2. تفرّغه للإقراء أكثر يومه، وتفانيه في ذلك. وقد قرأ عليه بالقراءات السبع خلقٌ كثير، من بلدانٍ شتى، فضلاً عمن قرأ عليه لحفص، أو لغيره من الرواة والقراء.
3. الزهد في الدنيا وزينتها وزخرفها، وابتغاء ما عند الله ـ تعالى ـ مما هو خير وأبقى، في وقتٍ تَنافَسَ فيه كثيرٌ ممن ينتسب إلى القرآن على حطامِ الدّنيا بطرقٍ شتى.
4. الورع عن الغيبة، وأكل لحوم المسلمين، والولوغ في أعراض أهل الصلاح والتقى. ويؤسفني أن أقولَ: إن بعض من يُشار إليه بالبنانِ في هذا العلمِ على خلافِ هذا الخلقِ العظيم.
5. المحافظة على نوافل العبادات من صلاةٍ وصيامٍ وغيرها.
6. العمل بالقرآن العظيم، ائتماراً بأوامره، وانتهاءً عن نواهيه.
7. ظهور بركة القرآن عليه في سائر أموره، وعلى أهل بيته وأولاده ـ حفظهم الله وبارك فيهم ـ.
 
رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته , ولعلي في هذعه العجالة أسرد شيئا من منهج الشيخ في الإقراء :
1-الشيخ رحمه الله متفن لهذا الفن غاية الإتقان يعرف ذلك كل من درس عنده , ومن جميل منهجه حزمه في الإقراء , فالشيخ لا يرضى من الطالب البدأ بالقراءة في السبع خاصة إلا إذا سمّع أصول الشاطبية وفرش سورة البقرة , وبعد ذلك يبدأ بإقرائه .
2- الشيخ رحمه الله يحب من الطالب أن يكون فاهما للجمع مركزا في نفس الوقت , فإذا وجد هذه الصفة في الطالب تركه يجمع ولا يوقفه كثيرا إلا إذا تبين أنه غفل عن وجه , ومن كريم خلقه أنه لا يعنف الطالب إذا تبين له أن وجها ما يقدم على وجه آخر , بل يناقشه حتى يبين له ذلك , وإذا تبين أن الطالب محق في تقديم وجه أقره على ذلك , وهذا يدل على تواضع جم وكريم خلق من الشيخ نسأل الله ان يرزقه جوار الحبيب المصطفى القائل أقربكم مني منزلا أحاسنكم أخلاقا .
3- ان الشيخ لا يرضى من الطالب أن يتهاون في حفظ الأبيات أو التحضير للقدر المراد قراءته , ولذا قد يغفر له في المرة الأولى ولا يزيد على ذلك , بل وينبهه , أذكر مرة أني جئت لأقرأ عليه ولم يكن هناك أي طالب يقرأ , فحضرت القدر المقروء لكنه تحضير ليس بالقوي , وتسرعت في ذلك , فحذرني الشيخ للعودة إلى مثلها , وقال يا فلان حضر جيدا مرة أخرى وإذا عدت لمثلها فسوف يقدم عليك غيرك من الطلاب أو كلاما قريبا منه .
يتبع .....
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛
كم يشرفني أن أكون في هذا الملتقى أمام هؤلاء الاخوة الذين سبقوني في الكلام عن الشيخ رحمه الله رحمة واسعة ولعلي اطيل عليكم , ولكن أصدقكم القول بأني لم أسجل في هذا المنتدى إلا حباً لكم في الله , كما أحببتم الشيخ الفاضل , سأتكلم عنه في نقاط .
أولا : درست علي الشيخ قبل ست سنوات تقريبا رواية شعبة , وكان المسجد الذي يدرس فيه الشيخ دائما ممتلئا في تلك الأيام خاصة بقراء رواية حفص وكان الشيخ أيامها يسمع لشخصين في نفس الوقت , واحد عن يمينه واخر عن يساره , وكان -ماشاء الله - لا يفوته غلط اي واحد من الاثنين وفي بعض الأحيان ينتبه لخطئك أثناء ما يصصح للآخر.
ثانيا : الهيبة والوقار : والله وبالله وتالله لم أشاهد شخصا في حياتي له هيبة ووقار مثل الشيخ , لا تدري من اين تأتي , إلا ان تقول - سبحان الله - وكان يحكيني احد اصحابي درس عنده في ثانوية الامام عاصم أنه قال إذا دخل إلى المدرسة وتبحث عن الشيخ فما عليك إلا أن تبحث عن الفصل الذي ليش فيه اي صوت للطلاب , ومهما كان الطالب ((شقيا)) لا يستطيع أن يشاغب في حصة الشيخ .
ثالثا : الترتيب : من مميزات الشيخ التي كنت احبها كثيرا الترتيب, فعند التسميع , لا يقدم احدا على احد مهما كانت رتبته,بل الأول فالأول حسب كتابة الارقام في دفتره الخاص.
رابعا : اتقانه القراءات : ماتكلم عنه من قبلي كاف في معرفة اتقان الشيخ للقراءات السبع , فمن الكلمات المشهورة بين طلابه (( إذا قالوا لك أن الشيخ يغلط في الفاتحة فصدق , وإذا قالوا لك انه يغلط في القراءات السبع فلا تصدق )) والله ياإخواني - ومن درس عنه يعرف ذلك - أنه حتى ولو كان يكتب رسالة في جواله أو يسبح وغلطت في ترتيب الأوجه والله لتشعر أن لديه الهام من الله يقول له ان هذا الطالب تلخبط في الاوجه - فيقول لك ائت بوجه كذا وقدم هذا على هذا .
خامسا :تفانيه في تدريس القران : أحسبه والله حسيبه مخلصا في عمله , فقد كان احد زملائي يوصله الى البيت اثناء تعطل سيارة الشيخ , ومع شدة الشيخ مع الأخطاء والتسميع , فقد كان يقول للطالب اقرا وانت تقود السيارة , فكان الطالب يقول لي انه يقرا ويخطئ ولكن الشيخ يعذره لأنه غير مركز جدا .
وما حصل لي شاهد على حبه للقران , فقد استدعاني مرة إلى بيته لأصلح له جهاز - DSL- فكنا في الغرفة سويا فلما أدخلت القابس في الكهرباء وكان شبه معطل في الجهاز فقلت له : ننتظره ياشيخ دقيقتين او ثلاث لعله يشتغل , فقال لي : عبال ما يشتغل خلينا نروح الغرفة الأخرى تقرأ علي إذا محضّر شي - بالقراءات السبع - , فاعتذرت منه لأني لم أحضر شيئا , واثنى علي بكلام لا أستحقه وقال لي : انت لسه شباب وقدامك العمر وحفظك ممتاز, إن شاء الله تنتهي من القراءات السبع ثم تحفظ الطيبة والعشر بإذن الله .
- عدم الغياب :من المواقف الأخرى والتي أعتبرها أبلغ ما أذكره الموقفين التاليين : الأول : كان الشيخ نادرا ما يغيب , وإذا غاب اخبرنا قبلها , وفي مرة من المرات تأخر عنا قليلا بعد المغرب , فما خرجنا الطالب تلو الآخر بعد ما سمعنا , الى قريب العشاء , وإذا به ترك زوجته أو احدى بناته - لاأعلم - في السيارة من المغرب إلى العشاء لئلا يغب ويتركنا , - أسألكم بالله ماهذا التفاني والاخلاص في العمل ؟؟- وكان إذا تاخر لأمر ضروري بعد المغرب ولم يخبرنا فغنه يأتي ولو قبل العشاء بخمس دقايق .
الموقف الأخر : كنت مرة جالسا عنده وإذا به يتصل به أحد الأشخاص وفمهت من محتوى كلام الشيخ مع عبر الجوال ان المتصل يريد من الشيخ أن يذهبوا لزيارة مريض أو عزاء , فقال الشيخ له والله انا الآن في درس , وكنا قرابة طالبين فقط او ثلاثة, فكان المتصل قال له استئذن منهم , فقال له الشيخ - رحمه الله - :(( ماأقدر استأذن الطلاب ما يرضوا )), والله إن هذا الموقف ليبكيني وانها لتدمع عيناي كلما أتذكره .
كان الشيخ رحمه الله قليل الكلام ويكره الغيبة , ومرة قلت له ياشيخ انا اقرأ عندك بتفخيم الغنة عند الحرف المفخم وأقرا عند شيخ اخر بترقيق الغنة ايش الصحيح ,؟ فاكتفى بقول (( كل واحد وطريقته )) فقط لم يزد كلمة واحدة , وكان الشيخ يكره ان يأتيه أحد ويتكلم معه وقت درسه , فيحاول أن يرد بكلمة او بسكوت غالبا حتى يفهم الاخر انه ليس وقت كلام .
اخيرا وقد اطلت عليكم : عدت للشيخ قبل سنتين لأقرأ عليه القراءات السبع - طبعا أكثر ما حكيت عنه في الكلمات السابقة هو في السنتين الاخيرتين - وبعد رمضان الفائت - الاخير - بعدة اسابيع كسرت يده , وأصبحنا نأتي إلى بيته المتواضع بعد المغرب ويقدم لنا العصيرات - ومما يحرجنا فيه انه لا يرضى ان تخرج من البيت مهما كانت ردودك قبل أن تشرب كاسة عصيرك ولا تستطيع الإفلات منه سواء قبل أن تسمع أو بعد , المهم ان تخرج وانت شارب عصيرك-وفي ليلة عرفة كان آخر لقاء لنا مع الشيخ للأسف - فقال لنا :((غدا يوم عرفة ونبغى نكون في الحرم أحسن, ولكن أغلبنا لم يحضر اليوم التالي - احببنا أن ننتناول طعام الافطار مه اهلينا - وبعدها بعد العيد قالوا لنا أن الشيخ تعب ولن يستطيع الإقراء , وآخر مرة رأيته فيها نائما في المستشفى قبل وفاته رحمه الله باسبوعين تقريبا .
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى , ويجعله مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
امين
اسف اخواني عالاطالة ولكني أحببت أن ادلي بدلوي , فقد ذكر الشيوخ قبلي ما تسر بقراءته الأعين , وأحببت ان اذكر ما يحضرني من مواقف الشيخ الجميلة , جعله الله في مزان حسناته .
رجاء : أي شخص درس عند الشيخ أو يعرفه فلا يبخل علينا بكتابتها .
 
يضيع الحرف وتتحشرج الكلمات وهي تقف هذا الموقف ..
كنت قبل سنتين قد كتبت :

أثرت الشجى أبا سفيان للمدينة وأهلها !!
فكيف وقد ذكرت قرة عيني وتاج رأسي سيدي وشيخي الفاضل (سيد) الذي يسميه بعض أقرانه (سيد القراء) ..

يقولون إن الطالب معجب دائما بشيخه ..
لكن لو تعدد المشايخ فحق لمن فاق أن يُذكر ويُشهر.

ما عرفته -حفظه الله وأمتع به- إلا قدوة لمن لقيه: علما وحلما وتقى وصلاحا.
تعلو وجهه وضاءة الإيمان، وتكسو محياه هيبة القرآن، كلما سمعت أو قرأت قول ابن مسعود رضي الله عنه (1) لاحت صورته أمام ناظري، فما رأيت فيمن رأيت أحدا فيه هذه الصفات غيره.
كان يربينا بسَمته وحزمه، لا يتكلم إلا قليلا، وإذا تكلم أوجز وأوضح.
كل وقته مشغول بالقرآن، ولم يكن يتغيب عن مجلس الإقراء إلا أن يكون مسافرا.
وكان لا يأخذ على القرآن شيئا، بل كان يرد الهدية إذا جاءته من طلابه، ويقوم لحاجته بنفسه.
وكان يدير حلقته بطريقة منظمة، يتقدم فيها من سبق أولا.
وكان -غالبا- يسأل الطالب عن الشاهد من الشاطبية عند كل موضع فرشي، ولا يسمح له بالقراءة عليه حتى يستمع منه الأصول.
وكان لا يفوته شيء من أوجه القراءة، فمع تحضيرنا واستعدادنا للحزب كنا نغفل عن بعض الأوجه فينبهنا لها مباشرة، فكانت القراءات السبع عنده بأوجهها وتحريراتها كالفاتحة.
وكان يوقفنا على رءوس الأرباع ونهايات السور، ولا يقرأ عنده الطالب إلا ربع حزب غالبا، إلا أن يكون ذا همة فينتظر حتى ينتهي آخر طالب ويقرأ ربعا آخر أو ما شاء الله.

وكان يوصينا دائما بالتقوى والحرص على قيام الليل.

ولست في هذه العجالة أوفي الشيخ حقه، فحقه علي كبير، وفضله سابغ، لكن المناسبة جاءت فلم أرغب بتفويتها.

جزى الله خيرا من نشر الموضوع وشارك فيه.
ــــــــــــ
(1) "ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون ، وبنهاره إذا الناس مفطرون ، وبحزنه إذا الناس يفرحون ، وببكائه إذا الناس يضحكون ، وبصمته إذا الناس يخلطون ، وبخشوعه إذا الناس يختالون".

لكني لم أتصور أن أقف هذا الموقف لأتكلم عن الشيخ بعد وفاته.

طبت حيا وميتا شيخي سيدا ..
ما عرفناك إلا (سيدا) في حياتك، وأنت كذلك بعد مماتك .. بل لم تمت ..
ها هم طلابك يقفون ليكتبوا شيئا يقوم مقام الوفاء الذي لم يستطيعوه.
رحلت ولك في كل بقعة من بقاع الأرض شجرة طيبة غرستها بيدك، وسقيتها من علمك، فتشابكت أغصانها، وتباركت ثمراتها حتى عمَّ نفعها الأرجاء..
لا زلت أذكر حين جاءك شخص من بعيد يسلم عليك ويقبل يديك وأنت تمنعه، ثم تسأله من أين تعرفني؟ فيجيب إنه قد قرأ على أحد تلاميذك أو تلاميذ تلاميذك ..
قلت في نفسي: هذا عاجل البشرى.

أتعبت من بعدك -رحمك الله- ..
لكنك ستبقى شعلة مضيئة في يد كل من جالسك وأفاد منك وسمع عنك ..
لأنك كنت قدوة تغرس التربية أفعالا لا أقوالا.

****

لعلي أذكر ما يحضرني من مواقف علمية وتربوية بعد أن أسوق ما كتبه الإخوة سابقا عن الشيخ حتى يكون هذا الموضوع مجمعا لهذه الكتابات، وأصدّر كل مشاركة باسم كاتبها.
 
محمد بن عمر الجنايني (محب القراءات):

محمد بن عمر الجنايني (محب القراءات):

جزى الله خيرا شيخي الفاضل العالم الرباني الشيخ / سيد لاشين أبو الفرح , حفظه الله , ونفع بعلمه .
وهو من مشايخي الذين لهم فضل علي , فهو أول من قرأت عليه ختمة كاملة برواية حفص في عام 1416 هـ , ثم قرأت عليه القراءات السبع في عام 1418 هـ , وقد استفدت من علمه وسمته فوائد كثيرة , فهو حفظه الله لا يضيع شيئا من وقته عبثا , وكان يدرسنا في ثانوية الإمام عاصم لتحفيظ القرآن , فكان يذكر لنا أنه من حين قيامه من النوم إلى أن ينام وهو مع القرآن إما إقراءا أو تعليما أو قراءة , وله ورد يومي من القرآن لا يتركه , وكنت أركب معه السيارة وأنا في المرحلة الثانوية فإما أن أقرأ عليه أو يقرأ هو ورده ويراجع , فاستفدت من هذا فائدة وهو أنه ينبغي علي ألا يضيع مني حتى وقت قيادة السيارة وأن أراجع حفظي أثناء ذلك , وإذا أراد أحد أن يقابله في المدرسة في حصص الفراغ فإنه يجده في المصلى إما يصلي الضحى أو يقرأ أو يقرئ , وهو كما ذكر أخي ضيف الله متقن للقراءات السبع إتقانا عجيبا لم أجد من خلال من قابلتهم أحدا مثله , يشهد له الجميع بذلك , وهو من أكثر المشايخ بذلا لوقته للطلاب , فقد قرأت عليه في سنة رواية حفص , وفي التي تليها رواية ورش , وفي التي تليها القراءات السبع , ثم أفردت عليه رواية قالون , ورواية حمزة , وكان يخصص من العصر إلى العشاء للإقراء , والصبح في تدريس القراءات في المدرسة ولم أراد أن يقرأ عليه في حصص الفراغ , وفي البيت يعلم أولاده ويحفظهم , ولذلك فقد حفظوا كلهم القرآن ,وصار ولديه الشيخ حسن والشيخ محمد من مقرئي القرآن والقراءات .

وشيخنا الحبيب عَلَم من أعلام القراءات في المدينة النبوية فقد انتقل إليها من عام 1399هـ ومنذ ذلك الوقت إلى اليوم وهو يُعَلِّم القراءات ويدرِّس ويُقرأ ويؤلف في مدينة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وله فضل كبير عليّ وعلى غيري من أهل القرآن في المدينة , وأعجبتني كلمة قالها له أحد زواره في المستشفى من طلابه حين قال له:( كثير ممن تعلم القراءات في المدينة النبوية لك فضل عليهم مباشر أو غير مباشر) وهذا صحيح, فهو شيخنا وشيخ مشايخنا , وهو أستاذ لكثير من أعضاء هيئة التدريس بقسم القراءات بالجامعة الإسلامية.

وهو عالم رباني لا يجالسه أحد إلا ويستفيد منه, ومن المواقف المؤثرة أنني زرته في المستشفى وكان متعبا جدا, وكانوا قد أعطوه مُنَوِّماً فقابلنا وهو بين اليقظة والمنام, ولفت انتباهي أنه كان يحدثنا ببضع كلمات ثم يبدو أنه يغيب عن الوعي فيقرأ القرآن ونحن أمامه, ثم ينتبه فيرحب بنا (بدون تركيز)
وكان موقفا مؤثرا..فقد كنت أرى بعض المرضى في مثل هذه الحالة يهلوسون بكلام فاضي لامعنى له, وأما من اشتغل بالقرآن طول حياته إقراءا وتدريسا وتعليما وتأليفاً, فتجده في هذه الحالة على لسانه القرآن.

ولشيخنا حفظه الله مؤلفات من أبرزها وأشهرها كتاب : (تقريب المعاني في شرح حرز الأماني ) , وشاركه فيه الشيخ خالد محمد الحافظ , وهو من أسهل الشروح المعاصرة للشاطبية للمبتدئين في علم القراءات , وله كتاب : ( الفوائد الحسان في فضائل القرآن ) , وكتاب : ( من هدي القرآن في شكر نعم الرحمن ) مجلدين من إصدارات دار الزمان .
وكتاب : ( دروس مهمة في شرح الدقائق المحكمة في شرح المقدمة الجزرية ) من إصدارات دار الزمان .
وكتاب: (تيسير الغفور الودود في توجيه قراءة الإمام عاصم بن أبي النجود) وهو من ثمرات تدريسه لمدرسي القرآن في مركز التدريب التابع لوزارة التربية والتعليم بالمدينة , وكان قد أطلعني على المسودة في عيد الفطر في العام الماضي 1428ﻫ فوجدته سهلا ميسرا وينصح من أراد إتقان قراءة عاصم باقتنائه والاستفادة منه .

وقد كتب عنه الأخ إلياس البرماوي في كتابه إمتاع الفضلاء بتراجم القراء, وعدّد 45 من تلاميذه, وفي الحقيقة تلاميذ الشيخ أكثر من هذا بكثير, فشيخنا حفظه الله بذل وقته كله للقرآن إقراءا وتدريسا وتعليما.
ومن أبرز طلابه في هذا الملتقى : فضيلة الشيخ د/ السالم الجكني الشنقيطي , والشيخ د/ أمين الشنقيطي , حفظهم الله وبارك في الجميع .
ومن أحب أن يرى الشيخ فليطلع على الحلقة التي سجلت معه في قناة الفجر الفضائية في برنامج ( المجازون ) على هذا الرابط : حلقات برنامج المجازون
** قال محمود الشنقيطي: والشيخُ رحمه اللهُ متصفٌ تماماً بما وصفَ بهِ شيخهُ رحمه الله في الدقيقتين الأولى.
 
محمود الشنقيطي:

محمود الشنقيطي:

تلكَ المفاخِـرُ لو تقاسمَ عُـشْرَها ** رهطٌ لَـعُدُّوا في الأنَـامِ إمَـامَا

كنت بحمد الله تعالى في المرحلة الابتدائية أحدَ من أكرمهم الله بالتتلمذ على فضيلة الشيخ /التلميدي بن محمود الجكني الشنقيطي رحمه الله تعالى.

وكان الشيخُ أولَ من أجـازهُ الشيخُ المقرئُ الفاضلُ/ سيد لا شين أبو الفرح حفظه الله , رغم أنه رحمه الله يكبر الشيخ بكثير.

وكانت حلقتاهما المسائيتان لتدريس القرآن متقابلتين في المسجد , وكلما تواجها داخلين أو خارجين ضربا للرائين أروع الأمثلة في تبادل الاحترام والإجلال والتوقير , وكم مرة يضطر الشيخُ لمخادعة شيخنا التلميدي فيأتيه من خلف ظهره - وهو لا يشعر - ليزرع قبلةَ احترامٍ وتقدير على رأس الشيخ رحمه الله.

وكذلك الشيخ رحمه الله كثيراً ما كان يعلمنا (فعلاً) كيف يُـجل التلميذ شيخـه وإن كان أصغر منه سناً.

وفي مدرستي الإمام نافع الليثي والإمام عاصم رحمه الله كان الشيخُ الوقور سيد لاشين عجيباً في انقطاعه للصلاة والذكر والإقـراء في حصص الفراغ والفُـسَح.

وكان هو القائم على الكلمات التي تُـلقى في المُصلى بعد الظهر , وكنتُ بفضل الله أحد من كلفه الشيخ مرات بإلقاء الكلمات , والذي أذكره الآن كثرة نقله حفظه الله من تفسير القرطبي رحمه الله , واختصاره وإيجازه وحسن عبارته , وكان حريصاً على أن تتناسب هذه الكلمات مستويات السامعين من الطلاب في مرحلتي المتوسطة والثانوية.

وكان حفظه الله يحرصُ أثناء الإذاعة الصباحية في المدرسة أن يكون قريباً من المنصة التي يتحدث عليها الطلاب لتصحيح التلاوة والأخطـاء التي ربما يقع فيها الطلاب.

ولم يكن شيخنا حفظه الله ممن يضرب الطلبة رغم حاجة كثيرين منهم إليه مع سماح النظام يومئذ , إلا أن الشيخ كان مكتفياً بمهابةٍ وجلالٍ يعلو محيَّـاهُ , فلا أعـرف أحداً مهما بلغ من الـ(شيطنـة) كان يفكر في ممارسة لعبه بحضرة الشيخ أو أمام ناظريْـه.

وأذكر أنَّ يوم الشيخ لم يكن فيه عملٌ أو شغلٌ بغير القرآن , فهو منذ الفجر الباكر يُـقرئُ , وفي المدرسة قبل الطابور الصباحي يقرئُ المدرسين والطلبة , وفي الحصص يدرس الطلاب القرآن والقراءات , وبعد العصر يدرسُ في المسجد , ودار القرآن التي انتقل إليها من بعدُ , وبعد المغرب كذلك يقرئ , وهكذا يصحو وينامُ على القرآن يجتمع مع الناس ويتفرق معهم عليه.

ولا تُـعرف للشيخ سقطة لسان أو زلةُ وقيعةٍ في أحد أو طعنٌ في قراءة قارئ أو إجازته أو الاستهزاء به , كما هي سنة بعضنا اليوم.!!

وكأني به يستحضرُ مع النصوص الشرعية في حفظ اللسان قولَ الإمام الشاطبي :

(... وعن غيبةٍ فغبْ..)

فلا أعرفُ له مشهدا لغيبة أو وقيعة.

وكان الشيخ حريصاً على ربط الطلبة بالنحو والوقف والابتداء ويكرر عدم استغناء طالب القراءات عنهما.

وهو حفظه الله حريصٌ جداً على العمل فلا يُـعرف له تأخرٌ أو غيابٌ أو تقصيرٌ في الشرح أو تأخرٌ في المنهج أو تغافلٌ عمَّأ استصعبه الطلبة وأعجزهم.

حفظ الله شبخنا الكريم ووفقه لكل خير ونفع به الإسـلام والمسلميـن.
 
د.أمين الشنقيطي:

د.أمين الشنقيطي:

نحسبه من خيرة العلماء والقراء، علما وعملا، وخلقا، ومن أهل الله والصفوة الملا،ومن أولى البر والإحسان والصبر والتقى.
مداوما على إقراء تلاميذه القرآن والتجويد والقراءات العشر،مدرسا لأجيال كثيرة من الطلبة والشيوخ،
وقد عرفته خلال دراستي عليه في أبي بن كعب، دروس الشاطبية، ثم ثلاث سنين قارئا بالقراءات السبع، فماوجدت عالما مقرئا مثله حسن الخلق جميل المنظر مبتسما،رفيقا بطلابه، معطيا لهم من وقته وصحته، يبدأ فجرا،وينتهي عشاء،طيلة أيام الأسبوع وقد عرفته في هذه الأوقات ومعي الكثير من الطلبة صغارا وكبارا، كلنا يقرأ عليه مقرره،وهو مجيب يصحح للمخطئ، لايمنع أحدا طلبه القراءة،ولايرضى بأن يخل أحد بواجبه تجويدا وحفظا للمتن وترتيبا للرواية.
أذكر أنني قدمت إليه في عشر الأواخر لأقرأ عليه تارة فجرا وتارة عصراً فماردني،وحتى مساء ليلة العيد، ولاأكتم دموعا سالت من عيني حين دعوت بختم القرآن(بعد الانتهاء من القراءة بالسبع) وهو يرفع يديه مؤمنا،متضرعاراجيا من الله القبول، ولم يؤخر علي طلبي له الإجازة منه،بل كتبها وسلمها لي راجيا لي التوفيق وتدريس الطلاب بحسب ماقرأت عليه.
وأذكر يوم كنت في الثانوية ومعي عدد من الزملاء وإذا به يوجهنا إلى سرعة التسجيل في كلية القرآن ومواصلة دروس القراءات، فكنت بفضل الله ممن استمع لمشورته، فدرست بتلك الكلية وقابلت شيوخا قراء كبارا وزدت منهم علما ومعرفة،وغيرذلك من النصائح العلمية التي استفدناها منه جميعا في العلم والعمل.
وقد زرته قبل مدة قريبة فوجدته مبتسما(وقال لي أقول الشيخ أوالدكتور) مع شدة معاناته من آلام المرض،فقلت كماتختارياشيخنا،فابتسم، رحمه الله،
أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة، وان يجمعنا به في مستقر رحمته، ويبارك له في ذريته،وأهله وذويه وينور قبره، ويرفع درجته في المهديين آمين آمين آمين...
وأرثيه بما رثت (عثمان بن مظعون) زوجته أم السائب حيث رثته بأبيات منها:
يا عين جودي بدمع غير ممنـون * على رزية عثمان بن مظعــون
على امرئ بات في رضوان خالقه * طوبى له من فقيد الشخص مدفون
طاب البقيع له سكنى وغرقـده * وأشرقت أرضه من بعد تعيــين
وأورث القلب حزناً لا انقطاع له* حتى الممات فما ترقى له شــوني

 
أبو الخير كرنبة:

أبو الخير كرنبة:

درس الشيخ سيد لا شين أبو الفرح مدة غير قلية مع الجماعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في المدينة المنورة عندما كنت مسئولا فيها فكان رحمه الله تعالى مثلا للتضحية والتفاني في بذل الجهود في سبيل تعليم كتاب الله الكريم للناشئة فضلا عن كونه مساء يقوم بتعليم القرآن الكريم برواياته في المسجد النبوي الشريف وفي أحد مساجد طيبة الطيبة ... مع ما هو عليه من بذل وتفان وما كان عليه من ضيق وقت الراحة فلم نكن نرى منه تململاً بل ترى أن سمت أهل القرآن ونوره واضح في وجهه ولا تفارقه الابتسامة ولقد كنت مرة في ضيافته عندما سلمته كتاب أختي أم عمار (المحرر في الوقف والابتدا) ليراجعه ويقدم له فكنت أشعر ما أوحى به الشاعر عندما قال:
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل
وجدت نفسي في بيت متواضع في فرشه متواضعون أهله فيه كرم الضيافة وحس الترحاب والهشاشة وبشاشة الوجه للضيوف
ولم يرد لي طلبا بأخ يقرأ عنده بالروايات أو بحفص تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته .​
 
أبو عبد الله العاصمي:

أبو عبد الله العاصمي:

رحم الله شيخنا رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ورزق أهله ومحبيه الصبر والسلوان، فهو شيخ أفنى عمره ووقته في خدمة القرآن الكريم، وقد تشرفت بالقراءة عليه برواية قالون عام 1414هـ، وكان شيخنا-رحمه الله- ذو علم ووقار وورع، استفاد من علمه جل قراء المدينة فجزاه الله خيرا وجعل ذلك في ميزان حسناته.
 
ومن منهج الشيخ في الإقراء كذلك :
4 - أنه لا يتساهل في أمر التجويد , بل ويكرر للطالب حتى يحس أنه قد ضبط , وأذكر أنه في بداية القراءة عليه بالجمع كانت الإمالة الصغرى أو [التقليل بين بين ]لورش فيها صعوبة علي , فكان الشيخ دائم التنبيه لي على ذلك كلما مربي موضع وأذكر أيضا أنه في بعض المواضع كنت أسرع في القراءة فقد أقصر في أداء أوجه المد سواء المتصل أو المنفصل , فكان يكرر ذلك حتى تأتي به على أكمل وجه , وربما ساعدك على ذلك بالإشارة بيده .
5- إيقاف الطالب على كل موضع من المواضع الفرشية ليسأله عن دليله, وربما في بعض الأحيان إذا كان في سورة متقدمة كالمائدة والأنعام يسأله عن الشاهد وقد يكون في أبيات سورة البقرة ليعرف مدى ضبطه للشاطبية .
6- أن الشيخ يترفق بالطالب , ويحرص على ما يساعده على الاتقان , وفي نفس الوقف عدم الإطالة لئلا تتداخل الأوجه لديه , فإذا كان هناك وقف طلب من الطالب الاقتصار على الوقف وعدم الجمع إلى آخر الآية فمثلا في آية يونس والتي فيها لورش سبعة وعشرين وجها جمعتها على الشيخ في أوجه قليلة لأنني وقفت قبل (ءآلئن) وقفت على (به), وهو الموافق لطريقة المشائخ المصريين
أعني القراءة بحسب الوقف لا إلى نهاية الآية , ومن أوجه رفقه بالطالب كذلك أنه لا يرضى من الطالب تسميع أبيات السورة كاملة , وقد لا يضبطها جيدا , بل يقول له جزأها إلى مقطعين وسمعها على مرتين , المهم أن تضبط ما تحفظه .
يتبع ......
 
عجائب بعد وفاة شيخنا سيد لاشين

عجائب بعد وفاة شيخنا سيد لاشين

دفن الشيخ الجليل


دفنت أعجوبة القراءات العشر المتحركة الناطقة تحت الأرض

إن وفاة شيخنا الشيخ سيد لاشين لهو خبر محزن ومؤلم وإذ نصبر أنفسنا ونعزيها لندعو الله له بالمغفرة والرحمة وأن يسكنه الفردوس الأعلى من الجنة





والشيخ من خلال مصاحبتي له إلا أني رأيت فيه أمورا قل أن تجدها في أحد ومن ذلك


ضبطه العجيب العجيب العجيب للقراءات حفظاً وجمعاً


لاحظت أن الشيخ يستحضر متن الشاطبية والقرآن كما نستحضر الفاتحة
بل عنده قدره عجيبة لجمع القراءات في أي مكان في القرآن خارقة خارقة جدا


بل وجدت عند الشيخ جلداً عظيما جداً في الجلوس للإقراء فقد كان يجلس في مسجد صغير قريب من الحرم كل يوم دون ملل أو كلل يستقبل الطلاب حتى ساعة متأخرة بعد العشاء
وكان من تزاحم الطلاب عليه أنه يقرئ الاثنين في وقت واحد دون أن يفوت شيء لهما وهذه لطيفة جدا


ثم يجلس في الحرم النبوي يومياً من الساعة 11 صباحا إلى أن يصلي الظهر وقد رأيت أن هذه الجلسة مخصصة له يقرأ ويصلي ويكثر من الدعاء فيها وكان يخصني بوقت منها لمراعاة مجيئي من بعيد


ثم يجلس دائما يومي الخميس والجمعة من بعد صلاة العصر إلى العشاء في الحرم النبوي جلسة دائمة لا تتأخر ولا تتقدم بدون ملل أو تعب يقرئ الطلاب


وكان مكان جلوسه معروف فهو لا يجلس إلا قرب الروضة على يمين منبر الخطبة وإذا وجد سعة يجلس على يساره مما يلي الروضة وإذا وجد مكان في الروضة فلا يجلس إلا فيه


لاحظت في الشيخ شيئا عجيبا ألا وهو كثرة الصيام فما رأيته مفطرا يوم الخميس والاثنين أبدا أبدا
لاحظته يكثر من الدعاء جدا جدا ويرفع يديه بعد الصلوات وبين الأذان والإقامة


لاحظته يكثر من النوافل بعد الصلاه وقبلها وحريص على السنن الرواتب جدا جدا


وهناك شيء عجيب جدا عند الشيخ جدا جدا وهو قلة الكلام فلا يتكلم أبدا إلا بكلمات يسيرة جدا إذا دعت الحاجة فلا أدري هل هذا طبع فيه أم أنه حريص على إشغال الوقت بالقراءة والإقراء حتى إن ذلك الأمر ليجعلني أهاب الشيخ عند سؤاله
ولذلك كان الشيخ لا يتكلم في شيء ولا يخوض في شيء ولا يسأل عن شيء وإذا سأله أحد أجابه بكلمات مختصرة جداً جداً


كان الشيخ يتمنى الموت في المدينة النبوية وسمعتها منه أكثر من مرة


لاحظت الشيخ يأخذ عمرة في كل شهر مخصص له يوم في الشهر يذهب لمكة ويأخذ عمرة ويعود في نفس اليوم وقد التقيت به في صحن الحرم أكثر من مرة إذا عرفت وقت مجيئه ومما أتذكره أني جمعت عليه أكثر سورة آل عمران في الحرم المكي


ثم إن الشيخ ما كان يرضى أن يقرأ عليه أحد وهو غير محضر فما كان يريد أحد يخطئ في الجمع أبداً بل رأيته يقطع قراءة الطالب الذي يخطئ ويتضايق من ذلك فلا يصبر على القراءة عليه إلا المتقن
وهذا يجعل الطالب الذي يقرأ عليه يتقن جداً جدا


وإنني وأنا أكتب هذه الكلمات وأتذكر تواضع الشيخ وسمته وخشيته لله التي والله كنت أراها في وجهه وفي مشيته وفي خضوعه وفي دموعه وفي تضرعه لأدعو الله أن يرفع درجته وأن يسكنه فسيح جناته ويرفع قدره وأن ينور قبره وأن يعلي درجته بالقرآن الكريم وأن يعوضه بالجنه والمنزلة الرفيعة وأن ينزل عليه شآبيب الرحمة والمغفرة


ومما يحزنني أنني توقفت عن القراءة عليه عند سورة يوسف جمعا بالسبعة وكنت حريصا على المواصلة ولكن ظروف البعد عنه حالت دون ذلك وانقطاع حبل منيته المفاجئ لي والحمد الله على كل حال
وأسأل الله أن يعوض الأمة خيرا
 
شكر الله لكم جميعاً أيها الأحباب على هذه المشاركات القيمة, وما زلنا ننتظر المزيد, ومنذ وفاة الشيخ وأنا أجمع بعض ما كتب عنه, وأستكتب بعض من لهم صلة بالشيخ -رحمه الله-, وتجمع عندي عدد من هذه الكتابات, وقد أرسلتها لأبناء الشيخ (حسن ومحمد) , وقد سجل معنا في الملتقى الشيخ (حسن) وسعدت بمشاركته , وأدعوه للمشاركة معنا في هذا الموضوع وكتابة سيرة مفصلة عن الشيخ ومواقفه وحياته, وما يقوله عنه أهله وأقاربه, ومواقفهم معه.
 
كنت قريبا من الشيخ - رحمه الله - خاصة في فترة مرضه الأخير, وكنت أرافقه بعض الأحيان في المستشفى, وسألته ذات مرة عن عدد الذين أجازهم بالإقراء برواية حفص أو غيرها من القراءات, وذكرت له أن الشيخ إلياس البرماوي في كتابه إمتاع الفضلاء بتراجم القراء ذكر 45 فقط ممن قرأ عليه, وهذا عدد قليل جدا مقارنة بجهد الشيخ, فمن تواضعه - رحمه الله- وإخلاصه قال لي:" هذا بين وبين ربي", وذكر لي أنه يسجل في سجل خاص كل من يجيزهم بأسمائهم وبلدانهم وتاريخ الإجازة, وسألت أبناء الشيخ بعد ذلك, فأخبروني كذلك أنهم سألوه ولم يخبرهم!!؟ ولكنهم اطلعوا فيما بعد على هذه السجلات, وهم الآن مترددون هل يبقوه سراً بناءاً على رغبة الشيخ, أم أن ذلك كان أثناء حياته, وأنا أحاول إقناعهم في نشر هذه القائمة للتوثيق, فما رأيكم؟
 
كنت قريبا من الشيخ - رحمه الله - خاصة في فترة مرضه الأخير, وكنت أرافقه بعض الأحيان في المستشفى, وسألته ذات مرة عن عدد الذين أجازهم بالإقراء برواية حفص أو غيرها من القراءات, وذكرت له أن الشيخ إلياس البرماوي في كتابه إمتاع الفضلاء بتراجم القراء ذكر 45 فقط ممن قرأ عليه, وهذا عدد قليل جدا مقارنة بجهد الشيخ, فمن تواضعه - رحمه الله- وإخلاصه قال لي:" هذا بين وبين ربي", وذكر لي أنه يسجل في سجل خاص كل من يجيزهم بأسمائهم وبلدانهم وتاريخ الإجازة, وسألت أبناء الشيخ بعد ذلك, فأخبروني كذلك أنهم سألوه ولم يخبرهم!!؟ ولكنهم اطلعوا فيما بعد على هذه السجلات, وهم الآن مترددون هل يبقوه سراً بناءاً على رغبة الشيخ, أم أن ذلك كان أثناء حياته, وأنا أحاول إقناعهم في نشر هذه القائمة للتوثيق, فما رأيكم؟

بل تُنْشَرُ إكراما للشيخ، وتعريفًا بطلَّابه الذين ملئوا الآفاقَ، وأنا حسنةٌ من حسناتِ طلابه.

وظاهر أن الشيخ رحمه الله تعالى أراد بعدم إبداءِ عدد طلابه الحرصَ والمبالغة في الإخلاص، والحكم يدور مع علته وجودا وعدما، ونحسب أن الشيخ من المخلصين -نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله- بدليلِ آثارِ علمهِ.

رحمه الله رحمةً واسعةً، وأسكنه الفردوس الأعلَى، ورزقه مجاورة خليلِ الله نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم.
 
إن للشيخ حقا على طلابه ألا وهو نشر فضائله في الناس والتعريف بها لا تزكية له وإنما لأجل أن يعرفوها ويتأسوا بها , لأن معرفة خلال الشخص وأخلاقه ممن هو قريب العهد منك أدعى لاتباع نهجه والسير على خطاه ومما أذكره عن شيخنا حفظه الله غير ما تقدم أمور:
1. أن شيخنا كان دائم الصيام حتى أنه لا يكتفي بصيام الخميس فيصوم معه الجمعة _ ولعل ذلك بناء على أنه صام يوما قبله فلم يفرده _ , وكان حريصا على ذلك لا يتركه فكأني به يتمثل أثر ابن مسعود :" ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون , وبنهاره إذا الناس مفطرون .
2. أن الشيخ خدوم لغيره , وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تواضعه , فأذكر مرة قبل أن أبدأ القراءة عليه , وكنت أعرفه ولا يعرفني صلى بجنبي في أول ليلة من رمضان سنة 1426هـ تقريبا , وقبل أن يبدأ الإمام صلاة العشر الأول أخرج قرورة من جيبه وجعل يطيبنا , ومن كرم نفسه كذلك أنه كان إذا صام يوم الجمعة يأتي برطبات ليأكلها فلا تطيب نفسه بأكلها لوحده حتى يوزع شيئا منها على الطلاب , وفي المقابل كان يأبى أن يطلب من طالب أن يأتيه بكوب ماء مثلا فحتى وهو صائم يقوم من مكانه ليأتي بالماء والطالب جالس جنبه ليقرأ , ولا يرضى أن يقوم الطالب ليفعل ذلك .
3. الشيخ نحسبه من أهل القرآن حقا ولا نزكي على الله أحدا , فهو حريص على العمل بما في القرآن يلحظ ذلك كل من خالطه , سواء في الصيام أو الصدقة أو حتى إقامة الصلاة فقد كان رحمه الله يطيل فيها , ففي بعض الأحيان كنا نقرأ عليه بعد صلاة ركعتي الراتبة التي بعد المغرب فكنا نصليها قبله ليتسنى لنا مراجعة بعض الأوجه , وكان _ رحمه الله _ يطيل فيها إطالة ظاهرة , وأما الدعاء فكان حريصا عليه قبل الصلاة وبعدها , وفي يوم الجمعة كان يوقف الطالب أحيانا لذلك في الساعة الأخيرة منها , وكان ربما أحيانا يدعوا إلى أن يجهش بالبكاء حتى أن الجالس جنبه يتأثر من بكائه , وفي الحقيقة أن الشيخ كان داعية لنا إلى العمل الصالح بأفعاله أكثر من أقواله , وكنت كلما جلست لأقرأ عليه أحس أنه يناديني إلى هذه الأعمال وهذه الطاعات , أسأل الله أن يجزيه عن القرآن وأهله خير الجزاء , وأسأله سبحانه أن يجعل أعماله التي ذكرناها عنه رفعة في درجاته وسببا لنيل مرضاته وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
 
رحمك الله رحمةً واسعةً وأسكنك فسيح جناته .
فقد كنت بالنسبة لي الأب والمربي والمعلّم والموجّه .
كنتَ تسألني عن أحوالي في الدراسة .
كنت تعلمني حسن الأدب مع مشايخي وأساتذتي .
فعندما سألتني -رحمك الله - عمن يدرسني القراءات في الكلية أجبتُك بأنه فلان بن فلان , فانتهرتني لأني غفلت عن احترامه بتسميته بالشيخ فلان .
صرتُ بعدها لا أذكرُ أحداً من أهل العلم بفمي أو بقلمي إلا تذكرتُ تلك اللحظة التي علمتني فيها أن أُنزل الناس منازلهم , في غيبتهم ومشهدهم , وأن أحترم أهل العلم وحملة القرآن .
كنتَ - رحمك الله - لا تنسى تلاميذك بل تذكرهم بالخير دائماً , فمرةً وعندما كنتُ أقرأ , إذا بأحد المتصلين يحادثُك , وبعد أن انتهت المكالمة أخبرتني أن المتصل هو مِن أنجب مَن درّسته وقد حفظ على يديك متن الشاطبية , وكان المتصل هو شيخنا الفاضل يوسف شفيع حفظه الله , من قدامى طلاب الشيخ رحمه الله ومن شيوخ رئيس قسم القراءات حالياً الشيخ د. أحمد السديس حفظه الله .
كنتَ - رحمك الله - متواضعاً معي , تجيب على كل تساؤلاتي , وعندما سألتك عن الطريقة المثلى في تعلم الجمع بالقراءات السبع , لم تبخل عليّ بذلك بل علمتني الطريقة التي ينبغي سلوكها . والتي سار عليها المتفننون من الجامعين بالقراءات السبع .
كنتَ - رحمك الله - جمّ التواضع , ترى غيرك أولى منك بالإجابة عن الأسئلة وإفادة السائلين , فعندما كنتُ أقرأ عندك في المسجد النبوي , جاءك سائل يسأل فأجبته بما تعلمُه , ثم أشرتَ على السائل أن يذهب إلى الشيخ الحذيفي حفظه الله لأنه أحسنُ جواباً منك , ثم التفت إليّ وقلت : اقرأ يا بني . وكنتُ كلما وجدتُ فرصةً قبلتُ رأسك , فدفعتني عن ذلك - وأنت أهلٌ له - بكلماتٍ دافئةٍ طيّبتَ بها خاطري , وزدتَ بها رفعةً ومكانةً في دواخلي .
كنتَ - رحمك الله - تهديني من عطرك , وأحياناً تتحفني بسواك من جيبك , وما ذاك - كما فهمتُ بعدها - إلا لتلفت انتباهي إلى أن أهل القرآن ينبغي أن يكونوا على أكمل هيئةٍ وأحسن صورةٍ حال تلاوتهم للقرآن الكريم .
كنتَ - رحمك الله - ذا هيبة ووقار , ومع ذلك كنتُ أرى فيك الشيخ المتواضع الخلوق , وكان زملائي يتعجبون من علاقتي بك وتعاملك مع ويقولون لي : الشيخ شديد فكيف تتعامل معه ! وما كانت تلك إلا هيبةً أعطاها الله لك شيخنا رحمك الله .
وبعد فمواقفي مع شيخي ووالدي ما زالت مزروعةً في جوانحي , وما زالت محبته تجري في عروقي , وتسكن في سويداء فؤادي .

كنتَ - رحمك الله - تعلمني دائماً بسَمتِكَ وهَديِك ودَلّك .
وهكذا ينبغي أن يكون المقرئون , يعلّمون ويأدّبون , وبهم الخلائق يقتدون .
ورحم الله شيخنا , وإنا لله وإنا إليه راجعون .
 
رحمه الله ورفع درجته ونفع بطلابه من بعده. مع أني لا أعرف هذا الشيخ الجليل - ولا يضره ألاّ يعرفه شخص مثلي - إلا أن من واجب كل من قرأ سيرته أن يدعو له ويترحم عليه، ولكني أسأل: ما يدريك أنك تدعو لمن أغناه الله عن دعائك؟ اللهم ثبتنا بعده وارزقنا الاقتداء بعبادك الصالحين والأئمة المهتدين، آمين.​
 
كلمة مدير عام التوعية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم بالرياض عن الشيخ -رحمه الله-

كلمة مدير عام التوعية الإسلامية بوزارة التربية والتعليم بالرياض عن الشيخ -رحمه الله-

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، تعلم كتاب الله وعلمه لأمته، وجاء ببشارات عظيمة منها قوله تعالى: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون)، وتناقلت الأمة كتاب الله المحفوظ جيلاً بعد جيل اصطفى الله من أمته من يتعلم القرآن ويعلمه، وكان من أولئك المصطفين خلق كثير منهم: الشيخ سيد لاشين أبو الفرح، رحمه الله، فقد عرفته منذ زمن وهو يعلم القرآن الكريم ويقرئه لشرائح متعددة في المجتمع، وإذا قابلته تجد أنه تمثل كتاب الله في عبادته ومعاملته وسمته ووقاره، أما إذا نظرت إليه فإنك تدرك أثر القرآن الكريم وبركته على العلماء الربانيين، أجرى الله على يديه خيرًا كثيرًا، ونفع به أجيالاً من مدارس تحفيظ القرآن الكريم وغيرهم، فجزاه الله خير ما جزى معلمًا عن طلابه، وأسكنه فسيح جناته ووالدينا وإخواننا المسلمين، وجبر الله مصاب أسرته، ورزقهم الصبر والاحتساب، ونسأل الله أن يعوض الأمة خيرًا، والحمد لله رب العالمين.
كتبه
د. سعود بن عبد العزيز العاصم
مدير عام التوعية الإسلامية
وزارة التربية والتعليم
1432هـ
 
رحم الله شيخنا الشيخ سيد لاشين وأسكنه فسيح جنته ، فقد كان ـ رحمه الله ـ نعم المربي والشيخ فقد درست عليه القرآن والقراءات ، أسأل الله ـ عزوجل ـأن يجعل ما قدَّم لخدمة القرآن الكريم في موازين حسناته ، وأن يرفع مقامه في العليين ، وأن يبارك في عقبه ، إنا لله وإنا إليه راجعون .
 
رحم الله شيخنا

رحم الله شيخنا

ماذا عسى الطالب أن يقول في حق شيخه
تعلمنا منه الكثير, تعلمنا منه التواضع, وحسن الخلق, وطيب التوجيه, وحسن الرد, كان رحمه يتميز بسمت طيب, وصدر واسع, وأسلوب في التعليم رائع.
أسأل الله أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة, وأن يتقبله عنده من الصالحين
 
ماشاء الله تبارك الله سيرة ملئة بالخير والعطاء من هذا الشيخ الفاضل ... نسأل الله أن يرحمه ويرفع درجته في المهديين ...
وبارك الله فيك يا أخي محب القراءات على إثرائك مثل هذه الموضوعات التي توضح لنا كم كانوا رحمهم الله مجتهدين في إخفاء كثير من أعمالهم عن أعين الناس مخافة العجب أو الرياء، فمنهم نستفيد.
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد جلست مع الشيخ سيد لاشين أكثر من مرة في القاهرة بمنـزله وأحسست أن كلامه والجلوس معه له روحانية نفتقدها اليوم كثيراً في مجالسنا فرحم الله الشيخ وجميع أموات المسلمين وهذا آخر لقاء كان مع الشيخ رحمه الله أرسله لكم بسم الله الرحمن الرحيم

جميل أن يجلس المسلم عند أهل العلم؛ لينهل من معارفهم، ويقتبس من خبرتهم في الحياة. ومن روائع اللقاء مع أهل القرآن أن تسري الروحانية لتزين ذلك المكان، وتلقي بظلالها الوارفة على الحاضرين. وفي هذا الجو الهادئ كان لنا هذا اللقاء مع الشيخ سيد لاشين أبو الفرح المقرئ بالديار المصرية والمقيم بالمدينة المنورة حالياً.

الهيئة نت: مرحباً بكم فضيلة الشيخ في هذا اللقاء مع جريدة البصائر العراقية وموقع الهيئة نت.

ــ مرحباً بكم

الهيئة نت: بداية شيخنا الكريم، نود أن نتعرف على مسيرتكم العلمية، وكيف بدأت مشوار القراءة والتعليم؟.

ــ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فلقد مَنّ الله عليّ، فحفظت القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم وأنا في العاشرة وعمري، ثم التحقت بمعهد القراءات، فحصلت على شهادة (عالية القراءات)، ثم تعاقدت مع وزارة المعارف السعودية، وعملت فيها مدرساً للقرآن الكريم والقراءات، وإلى يومنا هذا أنا بالمدينة المنورة، ولله الحمد.

الهيئة نت: شيخنا، لقد اطلعت على بعض مؤلفاتكم، هل من الممكن أن نأخذ فكرة عنها؟. وهل لديكم من جديد في التأليف؟.

ــ لقد يسر الله تعالى لي، فألفت كتاب تقريب المعاني في شرح حرز الأماني في القراءات السبع (الشاطبية) بالاشتراك مع الدكتور خالد الحافظ، وهو كتاب مبسط وميّسر، وقد أعدنا طباعته هذا العام، وأضفنا إليه توجيهات كثيرة، وزاد عدد صفحاته على الثمانمائة صفحة، وكذلك كتاب الفوائد الحسان في فضائل القرآن، وهو يدور على فضائل حفظ القرآن وتعلمه وتعليمه وكيفية المحافظة عليه من النسيان والتفلت، وفضائل بعض السور وغير ذلك، وكتاب من هدي القرآن في شكر نعم الرحمن (جزءان)، تحدثت فيه عن بعض النعم التي أنعم الله بها على عباده وكيفية شكرها مسترشداً بآيات القرآن الكريم التي تتحدث عن هذا الموضوع والأحاديث الشريفة ذات العلاقة وقصص واقعية من حياة الناس، وكتاب دروس مهمة في شرح المقدمة الجزرية في التجويد، وهو شرح لكتاب الدقائق المحكمة لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (رحمه الله) الذي شرح فيه متن الجزرية مبسطة وميسرة عباراته، فقربت معانيه، وبيّنت مراميه في جداول ميسرة ومنسقة ومرتبة، وكتاب تيسير الغفور الودود في توجيه قراءة الإمام عاصم بن أبي النجود، وهو كتاب يدور على منهج الإمام عاصم في القراءة مع بيان الاختلاف بين روايتي شعبة وحفص وذكر الدليل من الشاطبية وتوجيه كل رواية من حيث اللغة والتفسير.
وليس لدي تأليف جديد في الوقت الحالي، وعندي -ولله الحمد- درس قرآن وقراءات يومي الخميس والجمعة بالمسجد النبوي الشريف.

الهيئة النت: ما هي أبرز الأماكن التي درستم فيها؟.

ــ أبرز الأماكن التي درست فيها هي المسجد النبوي الشريف وثانوية الإمام عاصم لتحفيظ القرآن الكريم بالمدينة المنورة ومركز التدريب التربوي بالمدينة المنورة.

الهيئة نت: هل هناك أحد من القرّاء البارزين قد درستموه؟.

ــ لا ليس هناك أحد من القرّار البارزين درس عليّ.

الهيئة نت: ما هي أهم مميزات القارئ الناجح؟. وهل هناك فرق بين القارئ والمقرئ برأيكم؟.

ــ أهم مميزات القارئ الناجح أولاً: أن يقصد بقراءته وجه الله تعالى، ولا يقرأ ليقال عنه قارئ، وثانياً: أن يسعى إلى الاهتمام الدائم بالقرآن مراجعة وحفظاً، وثالثاً: أن يحسن أداءه باستمرار مع تحسين الصوت وتجميله.

والفرق بين القارئ والمقرئ أن القارئ مأخوذ من (قرأ يقرأ، فهو قارئ)، أن يقرأ لنفسه، ولا يقرئ غيره، أما المقرئ، فهو مأخوذ من (أقرأ يقرئ، فهو مقرئ)، وهو الذي يعلم الناس، ويقرئهم، فالمقرئ أعم من القارئ.

الهيئة نت: برأيكم شيخنا، ما هي الوسائل والسبل لتخريج طلبة حافظين للقرآن الكريم ومتقنين لقراءته؟.

ــ أهم وسيلة لتخريج طلبة حفاّظ هي أن نغرس في نفس الطالب حب القرآن وتعظيم القرآن والتأدب مع القرآن الكريم وبيان مكانة من يحفظ القرآن والثواب العظيم والأجر الكريم الذي أعده الله تعالى لحفظة القرآن الكريم وتشجيعهم مادياً ومعنوياً، فكلما أتمّ حفظ سورة، وأتقنها نعطيه هدية أو نثني عليه أمام زملائه بأنه طالب ممتاز، وحفظه ممتاز.

الهيئة نت: طيب، ما هي المراحل التي يمر بها الدارس لنيل الإجازة بالقراءات؟. وهل يشترط لها الحفظ وحفظ المتون؟.

ــ أول شيء لا بد للطالب الذي يريد قراءة القراءات أن يتقن القرآن برواية حفص عن عاصم أو أية رواية أخرى، وبعد ذلك عليه أن يحفظ متن الشاطبية؛ لأن ذلك يساعده على استيعاب القراءات (أصولاً) و(فرشاً)، ويسهل له استحضار خلافات القرّاء في الكلمة القرآنية، فإذا أشكل عليه شيء، رجع للمتن، فيتضح له الصواب.

الهيئة نت: هل لحفظ القرآن عمر محدد، بمعنى أن الانسان إذا تجاوز الأربعين، فهل من الممكن حفظ القرآن وحفظ الشاطبية مثلاً؟.

ــ ليس هناك عمر محدد لحفظ القرآن أو الشاطبية، فكثير من الناس حفظ القرآن بعد سن الأربعين، وكثيرون حفظوا الشاطبية، بل الدرة والطيبة بعد سن الأربعين، وهذا يرجع إلى جد الانسان واجتهاده ومدى حرصه على طلب هذا العلم النفيس.

الهيئة نت: ما هي الطريقة المثلى للحفظ والمراجعة؟. وهل هناك أكثر من طريقة؟.

ــ أفضل طريقة للحفظ أن يصحح الطالب -أولاً- قراءة القرآن نظراً على شيخ متقن حتى إذا أتقن القرآن نظراً، يبدأ بالحفظ أو أن يصحح ما يريد حفظه أولاً بأول، ولا يحفظ من تلقاء نفسه بدون تصحيح التلاوة على شيخ متقن مُجيد؛ لأنه إن حفظ خطأً، فإنه يصعب عليه تصحيحه بعد ذلك.

وعن المراجعة، فعلى الطالب المبتدئ أن يراجع حفظه الجديد يومياً، بمعنى أنه يبدأ بمراجعة السورة الجديدة التي ما زال يحفظ فيها إلى أن يصل إلى الآيات التي وقف عندها، فإذا انتهى من حفظها كاملة، فلا ينتقل إلى غيرها حتى يسمعها بدون أخطاء، ومن يحفظ القرآن كاملاً، فعليه ان يراجع جزأين يومياً بحيث إنه لا يمر عليه أسبوعان إلا وقد قرأ القرآن مرة واحدة على الأقل.

وينبغي لحامل القرآن أن يجعل له ختمة ليلية يصلي فيها ما تيسر له، فصلاة الليل قبل أن ينام أو قبل الفجر على الأقل أربع ركعات بحزب، وإن زاد، فهو خير، وهذا من أفضل الوسائل التي تساعد على تثبيت حفظ القرآن الكريم.

الهيئة نت: أحياناً يفتقد طالب العلم والمسلم عموماً وجود شيخ يدرس عليه القرآن، فإن تعذر وجود من يعلمه، فهل من الممكن أن يطور المسلم قراءته وكيف؟.

ــ إذا تعذر على طالب القرآن وجود معلم قرآن متقن، فمن الممكن أن يستعين بالمصاحف المسجلة بأصوات المشايخ المتقنين المهرة مثل الشيخ الحصري والشيخ المنشاوي والشيخ عبد الباسط وغيرهم (رحمهم الله تعالى)، فيسمع لقراءتهم، ويحاول أن يقلد تلك القراءة، ولكن هذا لا يغني عن المعلم؛ لأنه قد يسمع جيداً، ولكن لا يدري هل استطاع أن ينطق مثلهم أو لا.

الهيئة نت: هناك بعض الشيوخ ومعاهد الدراسات القرآنية يشترط فيها الحفظ والتسميع غيباً لنيل الإجازة، وهناك من لا يشترط ذلك، بل يكتفي بالقراءة من المصحف نظراً، فما هو رأيكم فضيلة الشيخ؟.

ــ الأفضل أن يكون الإنسان الذي يريد إجازة حافظاً، فإن صعب عليه الحفظ، ورأى الشيخ أن يعطيه إجازة القراءة النظرية، ووجد أن في ذلك مصلحة كأن يكون ذلك الشخص معلماً لغيره نظراً، فلا بأس حينئذ بالإجازة النظرية.

الهيئة نت: ما هي نصائحكم للطريقة الناجحة لتعليم القرآن الكريم؟.

ــ أن يكون معلم القرآن محباً لتعليم القرآن، وأن يكون متقناً مُجيداً مجازا، وأن يعامل طلابه برفق، ويحببهم في حفظ القرآن، وأن يستعمل الوسائل العلمية الحديثة التي تجذب الطلاب إلى القرآن، ويبث روح المنافسة بين الطلاب في حفظ القرآن الكريم.

الهيئة نت: إذا أردنا أن نؤسس لعمل دورات لتخريج طلبة يحفظون القرآن، ويحصلون على الإجازات بالقراءات السبع أو العشر، فما هي الخطوات الواجب اتباعها للوصول لهذا الهدف برأيكم؟.

ــ لا تصلح الدورات لتخريج طلاب يحفظون القرآن بالقراءات السبع أو العشر إلا أن تكون مدتها سنة على الأقل للقراءات السبع وسنتين على الأقل للقراءات العشر إذا كان الطالب متفرغاً للقرآن والقراءات، فإذا كان تفرغ الطالب تماماً لهذا العمل، فلا بد أن يبدأ أولاً بحفظ أصول الشاطبية وفرش حروف سورة البقرة بعد أن يكون قد أجاد حفظ القرآن برواية واحدة، ثم يبدأ بعد ذلك بتطبيق القراءات السبع، ثم قبل أن يبدأ بتطبيق القراءات على السورة الجديدة يُسّمع أبيات الشاطبية كاملة، وهكذا الحال في القراءات العشر.

الهيئة نت: هل لدينا اليوم قرّاء يرتقون إلى مستوى قرّاء الجيل السابق كالحصري والمنشاوي وغيرهم رحمهم الله؟.

ــ الخير في الأمة إلى يوم القيامة، وإن لم يوجد أمثال الشيخ الحصري والشيخ المنشاوي، فلعله يوجد من يقاربهم.

الهيئة نت: ما هي أسباب عدم وجود قرّاء في العالم الإسلامي اليوم بمستوى الشيخ الحصري والشيخ المنشاوي وغيرهم رحمهم الله؟.

ــ لا يأتي على الناس زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، ولعل السبب في فقدان القرّاء في العالم الإسلامي بمستوى الشيخ الحصري والشيخ المنشاوي وأمثالهم أن الناس في انحدار في كل شيء، فطلاب العلم من ثلاثين أو أربعين سنة ليسوا كطلاب العلم اليوم، والمعلمون من أربعين سنة ليسوا مثل المعلمين اليوم، وقس على هذا كل شيء في الحياة.

الهيئة نت: ما هي نظرتكم المستقبلية لنجاح المراكز والدورات القرآنية لتخريج قرّاء متميزين؟.

ــ أسأل الله (عز وجل) أن يقيض لتلك المراكز والدورات القرآنية أناساً مخلصين محبين للقرآن ومعلمين متقنين مجيدين يكونون سبباً ًفي رقي تلك المراكز والدورات وتحقيق الأهداف المرجوة منها.

الهيئة نت: كان للعراق مكانة متميزة في هذا العلم، فهل من الممكن استعادة هذه المكانة؟.

ــ من الممكن أن يكون للعراق مركز متميز بقرّاء متميزين إذا وفق الله تعالى القائمين على شؤون القرآن لهذا.

الهيئة نت: ما هي انطباعاتكم عما جرى ويجري في العراق؟.

ــ الحسرة تملأ القلب على ما جرى ويجري في العراق من سفك للدماء المسلمة وتبديد للممتلكات وإزهاق للأرواح وعدم الأمن والأمان.

ونسأل الله أن يكشف هذه الغمة عن أهل العراق، وينعم عليهم بالأمن والأمان والاستقرار والرخاء.

الهيئة نت: الدورات في العراق لم تتوقف حتى بعد الاحتلال، واستمرت على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها الناس، فماذا يمثل هذا برأيكم؟.

ــ استمرار دورات القرآن حتى بعد الاحتلال يدل على أن كثيراً من أهل العراق محبون للقرآن، ويعتقدون أن القرآن هو حبل النجاة وسبيل الخلاص مما هم فيه.

الهيئة نت: ختاماً ما الذي تودون قوله لمعلمي وطلبة القرآن الكريم في العراق؟.

ـــ أقول لمعلمي وطلبة القرآن الكريم في العراق وفي أي مكان: إن دراسة القرآن وتدريسه من أعظم ما يعمله المسلم ومن أعظم ما يصرف فيه وقته وحياته، ويكفي في ذلك قول النبي (صلى الله عليه وسلم): [خيركم من تعلم القرآن وعلّمه]. فهذا وسام نبوي كريم وضعه النبي (صلى الله عليه وسلم) على صدور من تعلم القرآن وعلمه.

وقد اشتمل هذا الحديث على شيئين: تعلم القرآن وتعليمه، فلا يكفي أن يتعلم المسلم القرآن فقط، بل لا بد أن يُعلم غيره حتى يحقّ عليه قول النبي (صلى الله عليه وسلم): [خيركم من تعلم القرآن وعلمه]..

والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الهيئة نت: جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ على هذا اللقاء.

ــ حياكم الله، وأهلاً وسهلاً بكم.

الهيئة نت/ عبد المنعم البزاز/ القاهرة.
 
عودة
أعلى