10 - السلام في أول المجلس وآخره : وهذا أدب السلام في المجالس ، وقد غفل كثير من الناس عنه ظنا منهم أن سلامهم عند دخولهم يكفي ، وقد يظن البعض أن بعض العبارات الأخرى مثل ( نلقاكم على خير .. ونحوها ) يمكن أن تكون بديلا للسلام ، وهو بهذا مخطئ مخالف للسنة محروم من أجر السلام . روى أحمد والبخاري في ( الأدب المفرد ) وأهل السنن إلا ابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ e : " إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ ، فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الْآخِرَةِ " ( [1] ) . وظَاهِرُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَمَاعَةِ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى الَّذِي يُسَلِّمُ عَلَى الْجَمَاعَةِ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ ؛ فالسَّلَامَ سُنَّةٌ عِنْدَ الِانْصِرَافِ كَمَا هُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ ، فَكَمَا يَجِبُ الرَّدُّ عِنْدَ اللِّقَاءِ كَذَلِكَ عِنْدَ الِانْصِرَافِ ؛ والعلم عند الله تعالى .
[1] - أحمد : 2 / 230 ، 287 ، 439 ، والبخاري في الأدب ( 1007 ، 1008 ) ، وأبو داود ( 5208 ) ، والترمذي ( 3706 ) وقال : حديث حسن ، والنسائي في اليوم والليلة ( 344 ) .
13 – يستحب أَنْ يَتَكَرَّرَ السَّلامُ بِتَكَرُّرِ التَّلَاقِي : ففي حَدِيثِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ جَاءَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ e فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ فَقَالَ : " ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ " فَرَجَعَ فَصَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ( [1] ) ؛ وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ : " إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ "([2]). وروى البهقي في ( شعب الإيمان ) عن أبي الدرداء t عن النبي e قال : " إذا اصطحب رجلان مسلمان فحال بينهما شجر أو حجر أو مدر فليسلم أحدهما على الآخر ويتباذلوا السلام ( [3] ) . قال المناوي في ( فيض القدير ) : " ويتباذلوا " بذال معجمة من البذل أي : العطاء ، أي يعطي كل منهما لصاحبه ؛ والقياس يتباذلا ، ولعله إشارة إلى أن الاثنين مثال وأن الجماعة كذلك ؛ " السلام " ندبًا للمبتدئ ووجوبًا للراد ، ومثل الاثنين فيما ذكر الجمع ؛ وفيه أن السلام يتكرر طلبه بتكرر التلاقي ، ولو على قرب جدًّا .ا.هـ . وروى الطبراني عن أنس t قال : كنا إذا كنا مع رسول الله e فتفرق بيننا شجرة ، فإذا التقينا يسلم بعضنا على بعض ( [4] ) . وَعند ابن السني في ( اليوم والليلة ) قَالَ أَنَسٌ t : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللّهِ e يَتَمَاشَوْنَ فَإِذَا اسْتَقْبَلَتْهُمْ شَجَرَةٌ أَوْ أَكَمَةٌ تَفَرّقُوا يَمِينًا وَشِمَالًا ، وَإِذَا الْتَقَوْا مِنْ وَرَائِهَا ، سَلّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ( [5] ) .
15 – التحية بالسلام والإشارة : قد يكون الإنسان بعيدا ويريد أن يسلم فيشير بيده إلى من يريد السلام عليه ؛ وهنا لابد وأن يكون مع الإشارة النطق بالسلام إلقاءً وردًا ؛ وقد يكون الملقي للسلام أخرسا فيشير بيده وفي نفسه السلام ، ويلزم الرادَّ السلام كلامًا ، كما قد يكون الملقي للسلام أصم ، فيستحب لمن يرد أن يجعل مع السلام إشارة يفهم بها أنه يرد سلامه مراعاة لحاله ؛ وتقدم ما يكون من شأن الصلاة وهو خاص بها . أما التحية بالإشارة فقط سواء أكانت باليد أو بغيرها ، فليست من الإسلام في شيء ؛ فقد روى الترمذي والطبراني عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ e قَالَ : " لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا ، لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى ؛ فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ ، وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ " ( [1] ) ؛ وبوب النسائي في الكبرى ( كراهية التسليم بالأكف والرؤوس والإشارة ) ثم أورد حديث جابر بن عبد الله t أن رسول الله e قال : " لَا تُسَلِّمُوا تَسْلِيمَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، فَإِنَّ تَسْلِيمَهُمْ بِالرُّءُوسِ وَالْأَكُفِّ الْإِشَارَةُ " ( [2] ) ، ورواه أبو يعلى والطبراني بلفظ : " تسليم الرجل بأصبع واحدة يشير بها فِعْلُ اليهودِ " ( [3] ) . ومعنى قَوْلُهُ e : " لَيْسَ مِنَّا " عند أهل العلم - كما قال النووي - رحمه الله : إنه ليس ممن اهتدى بهدينا واقتدى بعلمنا وعملنا وحسن طريقتنا ، كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله : لست منى ( [4] ) ؛ وقوله e : " مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا " أَيْ : مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتِنَا ؛ وَالْمَعْنَى : لَا تَشَبَّهُوا بِهِمْ جَمِيعًا فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِمْ خُصُوصًا فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ .
[1] - الترمذي ( 2695 ) ، والطبراني في الأوسط ( 7380 ) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب ( 2723 ) ، ويشهد له حديث جابر الآتي .
[2] - رواه النسائي في الكبرى ( 10172 ) ، وفي اليوم والليلة ( 340 ) ، وجود إسناده الحافظ في الفتح : 11 / 14 .
[3] - الطبراني في الأوسط ( 4487 ) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد : 8 / 38 : رواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط واللفظ له ورجال أبي يعلى رجال الصحيح .ا.هـ . وصححه الألباني في ( الصحيحة رقم 1783 ) .
[4]- شرح مسلم : 1 / 109 ؛ وانظر رسالتنا الأولى من ( سلسلة ليس منا ) .
[1] - حديث رفاعة رواه أبو داود ( 856 ) ، والترمذي ( 302 ) وحسنه،والنسائي(1053)؛والحديث متفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه . [2] - انظر زاد المعاد : 2 / 377 ، 378 .
17 - إذا دخل بيته سلم : يُسَنُّ لمَنْ دَخَلَ دَارِهِ أنْ يُسَلِّمْ عَلَى أَهْلِهِ ؛ لما رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ t قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ e : " يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ ، يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك " ( [1] ) . فالسَّلَامُ سَبَبٌ لزِيَادَةِ البَرَكَةِ وَكَثْرَةِ الخَيْرِ وَالرَحْمَةِ . وإذا لم يكن بالبيت أحد فيستحب أن يسلم أيضا ، وليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ؛ لقول الله تعالى : ] فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ [ ( النور : 61 ) ، قال ابن عبد البر - رحمه الله - في ( الاستذكار ) : قد روي عن جماعة من السلف العلماء بتأويل القرآن قالوا : إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ؛ روينا ذلك عن ابن عباس وعلقمة ، وإبراهيم النخعي ، وعكرمة ، ومجاهد ، وأبي مالك ، وعطاء ؛ وبعضهم يقول : السلام علينا من ربنا ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ( [2] ) . وفي فضل من دخل بيته فسلم ؛ روى البخاري في ( الأدب ) وأبو داود وابن حبان والحاكم عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ e قَالَ : " ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ U : رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ ؛ وَرَجُلٌ رَاحَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ ؛ وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِU " هذا لفظ أبي داود ، وعند البخاري : " ثلاثة كلهم ضامن على الله : إن عاش كفي ، وإن مات دخل الجنة .." وعند الحاكم : " ورجل دخل بيته بالسلام " ، وعند ابن حبان : " ثلاثة كلهم ضامن على الله ؛ إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله الجنة : من دخل بيته فسلم " ( [3] ). قال النووي : معنى ضامن على اللّه تعالى ، أي : صاحب ضمان ؛ كما يقال : تَامِرٌ ولاَبنٌ : أي صاحب تمر ولبن ؛ والضمان : الرعاية للشيء ، فمعناه أنه في رعاية اللّه تعالى ؛ وما أجزل هذه العطية اللهمَّ ارزقناها ( [4] ) . " وَرَجُل دَخَلَ بَيْته بِسَلَامٍ " : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : يَحْتَمِل وَجْهَيْنِ ؛ أَحَدهمَا : أَنْ يُسَلِّم إِذَا دَخَلَ مَنْزِله ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ] فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسكُمْ [ الْآيَة ؛ وَالْوَجْه الْآخَر أَنْ يَكُون أَرَادَ بِدُخُولِ بَيْته بِسَلَامٍ لُزُوم الْبَيْت مِنْ الْفِتَن ، يُرَغِّبُ بِذَلِكَ فِي الْعُزْلَة ، وَيَأْمُر فِي الْإِقْلَال مِنْ الْمُخَالَطَة . اِنْتَهَى من ( عون المعبود ) ( [5] ) ؛ قلت : يُرجح الوجه الأول لفظ الحاكم : " ورجل دخل بيته بالسلام " ، وابن حبان : " من دخل بيته فسلم " ، وبوب عليه ابن حبان ( ذكر تضمن الله جل وعلا دخول الجنة للمسلِّم على أهله عند دخوله عليهم إن مات ، وكفايته ورزقه إن عاش ) . ويدخل في فضل السلام إذا دخل البيت ما رواه مسلم عَنْ جَابِرِ t أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ e يَقُولُ : " إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ " ( [6] ) . إذ السلام اسم من أسماء الله تعالى - كما تقدم ، والعلم عند الله تعالى .
19– رد السلام من حق الطريق في الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t أَنَّ النَّبِيَّ e قَالَ : " إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ " فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا ! فَقَالَ : إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ " قَالُوا : وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ " غَضُّ الْبَصَرِ ، وَكَفُّ الْأَذَى ، وَرَدُّ السَّلَامِ ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ " ( [1] ) . فبين الحديث أن رد السلام من حق الطريق ، ولما كان الطريق محل مرور الناس ، وبالتالي يكثر سلامهم على الجالسين ، به النبي e إلى هذا الحق ، لأن رد السلام فرض ، فتركه إثم . قال ابن حجر - رحمه الله : وَأَشَارَ بِغَضِّ الْبَصَرِ إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْفِتْنَةِ بِمَنْ يَمُرُّ مِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرهنَّ ، وَبِكَفِّ الْأَذَى إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ الِاحْتِقَارِ وَالْغِيبَةِ وَنَحْوِهَا , وَبِرَدِّ السَّلَامِ إِلَى إِكْرَامِ الْمَارِّ , وَبِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إِلَى اِسْتِعْمَالِ جَمِيعِ مَا يُشْرَعُ وَتَرْكِ جَمِيعِ مَا لَا يُشْرَعُ ( [2] ) .
يحلو لبعض الناس أن يستعمل بعض التحيات المبتدعة مثل : صباح الخير ، ومساء الخير ، ونحوها ، بل إن البعض يتحذلق بالتحية بغير لغة العرب مثل ( جود مورنينج أو جود نايتينج أو بنجور ...الخ ) مستبدلا بذلك الذي هو أدنى بالذي هو خير . ولا شك في أن من يفعل ذلك معتقدًا أن هذه التحية أفضل من السلام فهو آثم مبتدع . وأما إذا كان يفعل ذلك على العادة جهلا ، فقد قال النووي - رحمه الله : إذا ابتدأ المار المرور عليه فقال : صبحك الله بالخير ، أو بالسعادة ، أو قواك الله ، ولا أوحش الله منك ، أو غير ذلك من الألفاظ التي يستعملها الناس في العادة ، لم يستحق جوابًا ؛ لكن لو دعا له قبالة ذلك كان حسنًا ، إلا أن يترك جوابه بالكلية زجرًا له في تخلفه وإهماله السلام ، وتأديبًا له ولغيره في الاعتناء بابتداء السلام ( [1] ) .
[1] - انظر الأذكار : ص234 ( دار القلم ) ، والمجموع : 4 / 617 .
بعد هذا التطواف مع أحكام السلام وآدابه ؛ ما أظن أن مسلمًا يعلم ما في هذه التحية من فضل وأجر ، ثم يستبدل بها غيرها من التحيات ؛ بل يحرص على إفشاء السلام ، فيسلِّم على من يعرف ومن لا يعرف من المسلمين ، كما كان يفعل صحابة النبي e ؛ روى البخاري في ( الأدب المفرد ) عن عمر قال : كنت رديف ( [1] ) أبي بكر ، فيمر على القوم فيقول : السلام عليكم ، فيقولون : السلام عليكم ورحمة الله ، ويقول : السلام عليكم ورحمة الله ، فيقولون : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ فقال أبو بكر : فضلنا الناس اليوم بزيادة ( [2] ) ، فكأنه t يلوم نفسه على أنه كان يقتصر على جزء من السلام ، فإن الزيادة لها من الأجر ما يفضل به المسلِّمُ أو الرادُّ ؛ فانظر كيف كان حرصهم على السلام ، ثم تأمل حرصهم على فوات الأجور . نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يتلمس خطى الصالحين من عباده ، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عباده .. إنه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وعلى آله .