الذوق ومفهومه عند علماء التجويد..!!

إنضم
20/02/2013
المشاركات
30
مستوى التفاعل
0
النقاط
6
العمر
36
الإقامة
السعودية
بسم1
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للخلق أجمعين.
وبعد,
من المسلم المقطوع به أن القرآن الكريم _كلام الله_ ليس ككلام البشر, وأن ضبطه وحفظه لا يكون إلا بالتلقي والمشافهة من الشيوخ أولي الضبط والإتقان, وعلى ذلك المعول والمرتكز في ضبط الألفاظ وكيفية النطق بها, وعلى ذلك سارت الأمة.
ولقد تطرقت بعض كتب التجويد _وبالأخص المتقدم منها_ لمصطلح "الذوق" فتسوقه مرة في استحسان وجه تجويدي؛ معللة بأن الذوق يجري مع هذا الوجه, ومرة يرد في سياق الاعتراض والرد, معللة بأن هذا الوجه أو ذاك مدفوع بمخالفته الذوق,
وفي الحقيقة هذا المصطلح يحتاج إلى تحرير, وزيادة إيضاح, خاصة مع ازدياد إنكار القراء بعضهم على بعض في بعض أوجه الأداء, لأن البعض قد يستخدمه منكرا وجها لقارئ آخر وحجته أن الذوق لا يسوغ هذا الوجه, مع احتمال جهله معنى الذوق الذي تحدث عنه أصحاب التأليف, وحدوده.
وقد يصرفه البعض إلى التشهي ومجرد الاستحسان والموافقة لما تميل إليه النفس.
ومعلوم أن للذوق عدة إطلاقات؛ فأيها يحمل عليه كلام المتقدمين, وما الحدود التي يمكن للذوق أن يكون صنوا للمشافهة والتلقي.
 
يُحمَل -بارك الله فيك- على ذوق العلماء الذين مارسوا الفن وخبروه وعرفوا دقيقه وجليله، وليس هذا الذوق حصرا على علماء التجويد، بل قد تجده أظهر عند غيرهم، كما عند علماء علل الحديث، الذين تقصر عباراتهم في كثير من الأحيان عن بيان سبب إعلال الحديث، ومع ذلك يُسلَّمُ لهم بذلك لبلوغهم مرحلة الذوق المعتَدَّ به، وكم من الأحاديث التي يعلّها الأئمة النقاد مع أن ظاهر أسانيدها الصحة، وفي كتاب: "أحاديث مُعَلَّة ظاهرها الصحة" للشيخ مقبل الوادعي -رحمه الله- أمثلة كثيرة على ذلك.
والله أعلم.
 
وأصل الذوق بالفم ثم استعمل للابتلاء وللاختبار
معاني القرآن للنحاس (4/ 109)
 
بارك الله فيكم يا شيخ ضيف الله ونفع بكم, وبالنسبة لما ذكرتم من حمله على ذوق العلماء الذين مارسوا الفن وخبروه وعرفوا دقيقه وجليله فهو ما ينبغي أن يكون, ولا إشكال في ذلك, وإنما الإشكال في الإنكار القائم بين بعض طلبة العلم وتعلل الكل بأن الذوق يشهد له بصحة ما ذهب إليه, فالأمر كما في هذه الحالة خرج عن إطاره إلى إطار التشهي و موافقة هوى النفس, وعلى ذلك فلكل ذوقه الخاص, وهذا يعد خللا في الوصف والاستخدام لمصطلحات العلماء .
وأما ما ذكرتم من عدم اختصاصه بعلم التجويد فهذا ظاهر, وهو أشد ظهورا في علم البيان, وقد نقل الزركشي في البرهان ما يشهد لما ذهبتم إليه فقال:
تنبيه في أن معرفة مقامات الكلام لا تدرك إلا بالذوق
ذكر ابن أبي الحديد: اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح, والرشيق والأرشق, والجلي والأجلى, والعلي والأعلى, من الكلام أمر لا يدرك إلا بالذوق, ولا يمكن إقامة الدلالة المنطقية عليه,........وأما الكلام فلا يعرفه إلا بالذوق, وليس كل من اشتغل بالنحو أو باللغة أو بالفقه كان من أهل الذوق؛ وممن يصلح لانتقاد الكلام, وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر, وصارت لهم بذلك دربة وملكة تامة, فإلى أولئك ينبغي أن يرجع في معرفة الكلام, وفضل بعضه على بعض. البرهان في علوم القرآن (2/ 124)
 
وبالنسبة لما ذكرتم من حمله على ذوق العلماء الذين مارسوا الفن وخبروه وعرفوا دقيقه وجليله فهو ما ينبغي أن يكون, ولا إشكال في ذلك, وإنما الإشكال في الإنكار القائم بين بعض طلبة العلم وتعلل الكل بأن الذوق يشهد له بصحة ما ذهب إليه, فالأمر كما في هذه الحالة خرج عن إطاره إلى إطار التشهي و موافقة هوى النفس, وعلى ذلك فلكل ذوقه الخاص, وهذا يعد خللا في الوصف والاستخدام لمصطلحات العلماء .
بارك الله فيك يا شيخ ياسين.
فهمتُ ابتداء أنك تسألُ عن الذوق المعتبر، لكن يبدو أنك تقصد الإنكار على ما يحصل من (بعض) طلاب العلم من ترجيحات في بعض المسائل لا تستندُ إلى أدلة معتبرة، وأنا معك في هذا، وأوافقك عليه.
 
أسعدك الله يا شيخ ضيف الله
ما قصدته من المنشور ملخص في السطر الأخير من المنشور الأول وقصدت بالإطلاقات (المعاني اللغوية).
 
لتعريف مصطلح الذوق عند علماء التجويد وتحديد مفهومه لا بد من جمع كل ما هو متاح من نصوصهم التي ورد فيها المصطلح، وبما أن زميلي الشيخ ياسين أشار إلى اختلاف موارد الأقدمين لهذا المصطلح فليته أتى بنماذج من كلامهم ليتضح الأمر، وأقترح أن يدلي كل بما يقف عليه من نصوص.
وبين يدي الآن نصان:
1 . قول الإمام الداني (ت 444هـ) في التحديد (ص 118):
"فينبغي للقارئ إذا همز الحرف أن يأتي بالهمزة سلسلة في النطق، سهلة في الذوق، من غير لكز ولا ابتهار لها، ولا خروج بها عن حدها، ساكنة كانت أو متحركة.
والناس يتفاضلون في النطق بالهمزة على مقدار غلظ طباعهم ورقتها، فمنهم من يلفظ بها لفظا تستبشعه الأسماع، وتنوب عنه القلوب، ويثقل على العلماء بالقراءة. وذلك مكروه معيب على من أخذ به...
ومنهم من يخرج الهمزة مع النفس إخراجا سهلا بغير كلفة، يألفه طبع كل أحد، ويستحسنه أهل العلم بالقراءة، وذلك المختار، ولا يقدر القارئ عليه إلا برياضة شديدة".

2 . قول الإمام أبي عمرو بن الحاجب (ت 646هـ) نقله عنه الإمام أبو شامة (ت 665هـ) في إبراز المعاني (ص 745) حين قال عن مخرج الكاف:
"..ومنهم من يقول: وما فوقه من الحنك مما يلي مخرج القاف.
قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله: (والأمر في ذلك قريب؛ لأنه قد يوجد على كل واحد من الأمرين بحسب اختلاف الأشخاص مع سلامة الذوق، فعبر كل واحد على حسب وجدانه)".

والله أعلم.
 
جاء في كتاب الموضح لعبد الوهاب القرطبي رحمه الله بعد أن ذكر مذهب الخليل في عدد مخارج الحروف
"وقد قيل إن هذا الترتيب فيه خطل واضطراب, والصواب ما رتبه سيبويه وتلاه أصحابه عليه, لأن التأمل والذوق يشهد بصحته".
الموضح في التجويد (81).
 
بارك الله فيكم على هذا التنبيه فهو مهمٌ، وإشهار معناه الصحيح مهم لطلاب العلم؛ حتى لا يظنَّ بأنَّه عبارةٌ مطاطة تصلحُ للاستدلال بها من كل أحد ولو كان مبتدئاً في العلم وغالباً ما يكون الاستعمال الخاطئ للمصطلحات أثناء النزاع بين المبتدئين في العلوم .
وتتبع استعمال علماء التجويد لهذا الوصف يزيد في كشف المقصود به عندهم جزاكم الله خيراً جميعاً .
 
عودة
أعلى