الخضر عليه السلام : والدراسات الاحترازية الوقائية

محمد جابري

New member
إنضم
10 يوليو 2008
المشاركات
121
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
مدينة وجدة - المغرب
الخضر عليه السلام : والدراسات الاحترازية والوقائية​


ما كان الجليل ليقص علينا خبر الخضر عليه السلام من أجل التسلي, أو التعلق بالعلوم الوهبية اللدنية ؛ وبخاصة قصة الخضر عليه السلام ارتبطت بالصوفية حتى وكأنها مجال اختصاصهم, لا يشاركهم فيها مشارك, أو يزاحمهم فيها مزاحم.

إنما جاءت القصة لتحفز فينا الرغبات الدفينة للتطلع للمستقبل, والاستعداد لذلك, وخوض غمار مجاله على بصيرة وعلم.

لا نكران لفضل الله على عباده، وإمدادهم بما منت يداه الكريمتان من فتوحات وفضل، لكن الربانيين ليسوا أدعياء لما لا يملكون، وإن ملكوا شيئا قاموا به لله، وتركوا الناس وشأنهم.

وما ينبغي نكرانه هو حصر فهم القصة وأهدافها القريبة والبعيدة في كونها عِلْمًا لدُنِّيًا، كأن فضل الله حجّر على سيدنا الخضر عليه السلام، والله سبحانه يقول :

(((فََوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْما)))[الكهف : 65

فحاصل الأمر أن الخضر عليه السلام ساق الله إليه رحمة وعلما. وكان ينبغي العناية كل العناية بما جاء به الخضر من عند الله، طريا نديا ؛ ليحفظنا الله به من كل مكروه يمكن توقعه.

فالخضر عليه السلام ما خرق السفينة، إلا لعلمه بالملك الذي كان يأخذ كل سفينة غصبا ؛ فكان من الاحتياطات الواجبة آنئذ خرقها لتحجب عن عيون الغاصبين. وما كان قتله للصبي إلا خشية أن يرهق أبويه الصالحين طغيانا وكفرا.

وما كان بناؤه الجدار إلا لكون كنز اليتيمين تحته, وقد تصدع البناء والصبية لا زالوا صغارا، وقد توقِِِِِع ضياع مالهم ؛ وبخاصة في مجتمع خيم عليه البخل وحب المال ؛ فساهم ببناء الجدار.

ولنعد النظر فيما فعله الخضر عليه السلام : فقد قام بما من شأنه الاحتراز لسفينة مساكين من الضياع، والاحتراز للصالحيْن من إرهاق ابنهما لهما طغيانا وكفرا، والاحتراز لمال يتيمين.

إن الشريعة أوجبت العناية باليتيم و المسكين, وأوجبت الاحتراز ضد كل ما من شأنه أن يجرح عواطفهم, أو يشعرهم بالدون.
{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [ الماعون1- 3.

والدراسات الاحترازية الوقائية تنبني على الإمكان الاستقبالي. ويعرفه المناطقة كالتـالي : " إن الإمكان الاستقبالي هو في الحقيقة بمعنى الاحتمال, وكمبين لحالة النفس واطلاعها على الخارج، فليس وصفاً للماهية الذهنية، وليس وصفا للماهية الخارجية، بل هو يبين حالة النفس بالنسبة إلى الخارج نظير الإمكان في الجملة المعروفة للشيخ الرئيس حيث قال : " كل ما قرع سمعك من الغرائب ؛ فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قاطع البرهان ".

والمقصود من هذا الإمكان هو الاحتمال, لا الإمكان الذاتي وغيره، أي ما ليس لك برهان ودليل قطعي على نفيه ؛ فخذه كأمرٍ محتمل, فلا تنفه بشكل قطعي، ولا تأخذ به.

والإمكان الاستقبالي ليس سوى احتمال وقوع الحادثة في المستقبل، وهذا لمن ليس له علم واضح بوقوع أو عدم وقوع حوادث المستقبل ". إيضاح الحكمة في شرح بداية الحكمة لعلي كلبيكاني. ترجمة محمد شقير، ص : 357.
 
السلام عليكم اخي الكريم:
جزاك الله خيراً على ما نقلت لنا..
ولكن الكاتب يعتبر أن العبد الصالح هو الخضر عليه السلام ، وقد كنت قرأت وسمعت من قبل أنه ليس هو الخضر وأنه ليس بنبي ..فهل من دليل على أن العبد الصالح هو الخضر؟
وبارك الله فيكم ونفع بكم.
 
وعليكم السلام الأستاذة بنت السعيد؛
صحيح بأن الخضر عليه السلام ليس بنبي، وهذا من الإجماع السكوتي؛ إذ لم أعثر على قائل ينسبه للنبوة، وأما الدليل بأنه صاحب موسى عليه السلام فهو:
عن ابن عباس : أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى ، قال ابن عباس : هو خضر ، فمر بهما أبي بن كعب ، فدعاه ابن عباس فقال : إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى ، الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه ، هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه ؟ قال : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :[ بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل ، جاءه رجل فقال : هل تعلم أحد أعلم منك ؟ قال موسى : لا ، فأوحى الله إلى موسى : بلى : عبدنا خضر ، فسأل موسى السبيل إليه ، فجعل الله له الحوت آية ، وقيل له : إذا فقدت الحوت فارجع ، فإنك ستلقاه ، وكان يتبع أثر الحوت في البحر ، فقال لموسى فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة ؟ فإني نسيت الحوت ، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره . قال : ذلك ما كنا نبغي ، فارتدا على آثارهما قصصا ، فوجدا خضرا ، فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه .]
الراوي: أبي بن كعب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 74 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
والسلام عليكم

 
وعليكم السلام الأستاذة بنت السعيد؛
صحيح بأن الخضر عليه السلام ليس بنبي، وهذا من الإجماع السكوتي؛ إذ لم أعثر على قائل ينسبه للنبوة، وأما الدليل بأنه صاحب موسى عليه السلام فهو:
عن ابن عباس : أنه تمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزاري في صاحب موسى ، قال ابن عباس : هو خضر ، فمر بهما أبي بن كعب ، فدعاه ابن عباس فقال : إني تماريت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى ، الذي سأل موسى السبيل إلى لقيه ، هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه ؟ قال : نعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :[ بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل ، جاءه رجل فقال : هل تعلم أحد أعلم منك ؟ قال موسى : لا ، فأوحى الله إلى موسى : بلى : عبدنا خضر ، فسأل موسى السبيل إليه ، فجعل الله له الحوت آية ، وقيل له : إذا فقدت الحوت فارجع ، فإنك ستلقاه ، وكان يتبع أثر الحوت في البحر ، فقال لموسى فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة ؟ فإني نسيت الحوت ، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره . قال : ذلك ما كنا نبغي ، فارتدا على آثارهما قصصا ، فوجدا خضرا ، فكان من شأنهما الذي قص الله عز وجل في كتابه .]
الراوي: أبي بن كعب المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 74 خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
والسلام عليكم


جزاك الله خيراً وفتح الله عليك بكل خير.
ولكن لا اعتقد انه يجوز أن نقول الخضر "عليه السلام" فهو ليس نبي ..
لأنه يلتبس على كثيراً من الناس عندما يقال "عليه السلام" فيعتبره الناس نبياً وهذا غير صحيح.
هذا من وجهة نظري ولا أدري هل هي صواب أم خطأ..

وأنا لست أستاذة رفع الله قدرك وغفر لك:)
ما انا إلا طويلبة علم أو أعتبر نفسي متطفلة على مجالس العلم.
نسأل الله أن يزدنا علماً.
 
وعليكم السلام الأستاذة بنت السعيد؛
صحيح بأن الخضر عليه السلام ليس بنبي، وهذا من الإجماع السكوتي؛ إذ لم أعثر على قائل ينسبه للنبوة

أخي الكريم محمد جابري... وفقه الله..
ذهب بعض العلماء إلى أن الخضر نبيٌّ، وقد أيدَ ذلك الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان.
 
جزاك الله خيراً وفتح الله عليك بكل خير.
ولكن لا اعتقد انه يجوز أن نقول الخضر "عليه السلام" فهو ليس نبي ..
لأنه يلتبس على كثيراً من الناس عندما يقال "عليه السلام" فيعتبره الناس نبياً وهذا غير صحيح.
هذا من وجهة نظري ولا أدري هل هي صواب أم خطأ..

وأنا لست أستاذة رفع الله قدرك وغفر لك:)
ما انا إلا طويلبة علم أو أعتبر نفسي متطفلة على مجالس العلم.
نسأل الله أن يزدنا علماً.

الأستاذة الكريمة؛
أبدأ بادئ ذي بدء بالتأمين على دعائك، فما أحوجنا للعكوف على باب فضل الله الذي يختص برحمته من يشاء.
أما مسألة قولة " عليه السلام " فهي مسألة تأدب واحترام، وهي خاضعة للأمور العرفية، وطبعا العرف محكم.
أما عن مكانة الخضر عليه السلام فالذي أُراه هو كونه من الملائكة؛ ذلك لكونه لقي عددا كبيرا من السادة الربانيين أولي البصائر في كل زمان، وهذه الصفة هي صفة من صفات المنظرين، ومن المنظرين الملائكة وإبليس، لا أحد من الأدميين.
واستشهادي بكونه ملكا هو قوله تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} [الأنعام : 9] وهذا الحديث إحدى تلك الشهادات [عن رياح بالتحتانية ابن عبيدة قال : رأيت رجلا يماشي عمر بن عبد العزيز معتمدا على يديه فلما انصرف قلت له من الرجل ؟ قال : رأيته ؟ قلت : نعم . قال أحسبك رجلا صالحا ، ذاك أخي الخضر بشرني أني سأولى وأعدل]
الراوي: - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 501/6 خلاصة حكم المحدث: لا بأس برجاله. ولم يقع لي إلى الآن خبر ولا أثر بسند جيد غيره.

أما كما أخبر الأخ الكريم ألستاذ فهد الوهبي فلربما التبست على بعضهم نصوص وردت فيها بالنسبة للخضرعليه السلام عبارة صلى الله عليه وسلم كما جاء في الأثر التالي :[- أنه دخل عليه نفر من قريش ، فقال : ألا أحدثكم عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : بلى قال : لما كان قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث أهبط الله إليه جبريل - عليه السلام - فقال : يا أحمد ، إن الله ، عز وجل ، أرسلني إليك إكراما وتفضيلا لك وخاصة لك أسألك عما هو أعلم به منك ، يقول : كيف تجدك ؟ قال : أجدني يا جبريل مكروبا قال : ثم جاءه اليوم الثاني فقال : يا أحمد إن الله ، عز وجل ، أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة لك أسألك عما هو أعلم به منك ، فيقول : كيف تجدك ؟ قال : أجدني يا جبريل مكروبا ثم جاءه اليوم الثالث فقال : يا أحمد ، إن الله ، عز وجل ، أرسلني إليك إكراما لك وتفضيلا لك وخاصة لك أسألك عما هو أعلم به منك ، يقول : كيف تجدك ؟ قال : أجدني يا جبريل مكروبا ، وأجدني يا جبريل مغموما وهبط مع جبريل ملك في الهواء يقال له إسماعيل على سبعين ألفا فقال له جبريل : يا أحمد ، هذا ملك الموت يستأذن عليك ولم يستأذن على آدمي قبلك ، ولا يستأذن على آدمي بعدك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ائذن له فأذن له جبريل - عليه السلام - فدخل ، فقال له ملك الموت : يا أحمد ، إن الله ، عز وجل ، أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها ، وإن كرهت تركتها فقال جبريل : يا أحمد ، إن الله ، عز وجل ، قد اشتاق إلى لقائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ملك الموت ، امض لما أمرت به فقال جبريل : يا أحمد عليك السلام هذا آخر وطئي الأرض إنما كنت حاجتي من الدنيا فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت التعزية ، جاء آت يسمعون حسه ، ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلف من كل هالك ، ودرك من كل ما فات ، فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المحروم من حرم الثواب - أو إن المصاب من حرم الثواب - والسلام عليكم فقال : هل تدرون من هذا ؟ هذا الخضر صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين]
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البوصيري - المصدر: إتحاف الخيرة المهرة - الصفحة أو الرقم: 2/525
خلاصة حكم المحدث: سنده رجاله ثقات .
والله أعلى وأعلم

 
أخي الكريم محمد جابري... وفقه الله..
ذهب بعض العلماء إلى أن الخضر نبيٌّ، وقد أيدَ ذلك الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان.

الأستاذ د. فهد الوهبي؛
شكر الله لك هذه التنبيه الوجيه، وأنار سبيلك بنوره المبين؛
من المعلوم لغة كما جاء في اللسان: "والنَّبْوةُ والنَّباوَةُ والنبيُّ: ما ارْتَفَع من الأَرض.
وفي الحديث: فأُتِي بثلاثة قِرَصةٍ فَوُضعت على نَبيّ أَي على شيء مرتفع من الأَرض، من النَّباوَة والنَّبْوةِ الشرَفِ المُرْتَفِع من الأَرض؛ ومنه الحديث: لا تُصلُّوا على النَّبيِّ أَي على الأَرض المرتفعة المُحْدَوْدِبةِ.
والنبيُّ العَلَم من أَعْلام الأَرض التي يُهتَدَى بها. قال بعضهم: ومنه اشتقاق النبيّ لأَنه أَرفع خلق الله، وذلك لأَنه يهتدي به، وقد تقدم ذكر النبي في الهمز، وهم أَهل بيت النُّبُوَّة. ابن السكيت: النَّبيّ هو الذي أَنْبأَ عن الله، فترك همزه، قال: وإِن أخذت النَّبيَّ من النَّبْوة والنَّباوةِ، وهي الارتفاعُ من الأَرض، لارْتِفاع قَدْره ولأَنه شُرِّف على سائر الخلق، فأَصله غير الهمز، وهو فَعِيل بمعنى مَفْعول، وتصغيره نُبَيٌّ، والجمع أَنْبِياء؛"، فها أنت ترى كما جاء به ابن السكيت فالنبي من أنأ عن الله؛ ومعلوم بأن الخضر عليه السلام قال {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً [الكهف : 82]؛
فمن هذا الجانب فقد أخبر عن الله بقوله :{ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً } [الكهف : 82].
وأما إن دلت النبوة عن الرفعة فلا غرو هو من أرفع خلق الله ؛ وقد أخبر عن غيبه وأطلعنا الله الجليل جل جلاله بأن اللوح المحفوظ لا يسمسه إلا المطهرون، ولاحظ معي هنا صيغة المطهرون وهي بصيغة المفعولية، فلله في خلقه شؤون، { نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاء إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} [الأنعام : 83] كما وردت صيغ أخر مثل المكرمين، المخلصين، المقربين، المصطفين الأخيار، والسابقين بالخيرات بإذن الله.
وأمافي شأن الرفعة فلا شك بأن من أتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علما كانت هذه المميزات سببا للرفعة الربانية، والمكانة العالية، والله يمنّ بفضله على من يشاء، جعلنا الله جميعا من أهل تكريمه.
وبالاستجابة لدلالة اللغة، فلا غرو صدق من أرشد لذلك؛ لكن من حيث الاعتبار لما ورد عن السلف الصالح عليهم الرحمة والرضوان، لم أعثر على من أشار لذلك؛ ومن هنا كان ترجيحي بأنه ملك لكلام كثير من الربانيين أولو البصائر النيرة عن اللقاء معه وما أخبرهم به،
إذ لا يمكن أن يكون إلا من المنظرين، لبروزه في كل الأزمنة ومنها هذا الأثر : [أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هما كذلك إذ مر بهما رجل فقام عليهما ، فقال للذي يكثر الحلف : يا عبد الله ، اتق الله ولا تكثر الحلف ، فإنه لا يزيد في رزقك إن حلفت ، ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف ، قال : امض لما يعنيك ، قال إن هذا مما يعنيني . قالها ثلاث مرات . ورد عليه قوله فلما أراد أن ينصرف عنهما قال : اعلم أن الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في قولك فضل على فعلك ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر : الحقه فاستكتبه هؤلاء الكلمات فقال : يا عبد الله اكتبني هذه الكلمات يرحمك الله فقال الرجل : ما يقدر الله يكن وأعادها عليه حتى حفظهن ثم مشى حتى وضع إحدى رجليه في المسجد فما أدري أرض تحته أم سماء قال : فكانوا يرون أنه الخضر أوإلياس ].
الراوي: الحجاج بن الفرافصة الباهلي المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الزهر النضر - الصفحة أو الرقم: 59 خلاصة حكم المحدث: إسناده جيد .
والله تعالى أعلى وأعلم.
 
أخي الكريم محمد جابري... وفقه الله..
ذهب بعض العلماء إلى أن الخضر نبيٌّ، وقد أيدَ ذلك الشيخ الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان.
ليس الشنقيطي وحده ؛ بل الخلاف في الخضر قديم هل هو نبي أو ملك أو رسول أو ولي .
وأصح أقوال أهل العلم في ذلك أنه نبي .
ولا خلاف بين أهل السنة - فيما أعلم - أن موسى عليه الصلاة والسلام أفضل من الخضر ، وأنه على القول بأنه ولي فأبو بكر أفضل منه ولا شك .
وقصته بنى عليها المتصوفة كثيرا من بدعهم وضلالاتهم وأس ذلك وأساسه هو جهلهم بالخطاب القرآني والنبوي .
والله تعالى أعلم .
 
ليس الشنقيطي وحده ؛ بل الخلاف في الخضر قديم هل هو نبي أو ملك أو رسول أو ولي .
وأصح أقوال أهل العلم في ذلك أنه نبي .
ولا خلاف بين أهل السنة - فيما أعلم - أن موسى عليه الصلاة والسلام أفضل من الخضر ، وأنه على القول بأنه ولي فأبو بكر أفضل منه ولا شك .
وقصته بنى عليها المتصوفة كثيرا من بدعهم وضلالاتهم وأس ذلك وأساسه هو جهلهم بالخطاب القرآني والنبوي .
والله تعالى أعلم .
الأستاذ الحسيني شكر الله لك هذه المداخلة؛
وقد راجعت كثيرا من أقوال المفسرين، وما هي إلا أقوال، لاتمت بصلة لدليل، فالاعتماد لا يكون إلا على ما صح من أدلة الكتاب والسنة، قد يسعف أقوال بعضهم المصطلح اللغوي.
أما كونه من الملائكة فهذا من مهامهم {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت : 30].
والترجيح لا يكون بالرأي بل بالدليل.
أما لمز الصوفية، فهذا ما لا أرتضيه لمتق، فلله في خلقه شؤون، وهذا الانفصام بين فئات المسلمين عنه تتولد البدع، أليست إهانة المسلم للمسلم حرام، ألم تجد من كبار الفقهاء من تتلمذوا على يد الصوفية. لا أقول هذا دفاعا عنهم، فلقد خالطت بعضهم ووجدت المسلمين طوائف كل متشبث بجانب من الحق، دون أن يدرك ما عليه الآخر من صواب رأي. ومن هنا نشأ كل في معزل عن التواصل مع الآخر، وهكذا أضحوا فرقا متخالفة. وما أرى سبيلا أجدى وأنفع من سبيل الرعيل الأول والجيل الفريد الذي استقى تربيته من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا أسوة {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة : 100]
ونحن هنا بصدد مناقشة أفعال الخضر عليه السلام وكونها دروسا احترازية ووقائية، لا علينا إن ناقشنا ما ذهب إليه الصوفية في اتخاذ الولي المرشد بناء على هذه القصة، فهل من استعداد لذلك؟
 
الاستاذ محمد جابري
جزاك الله خيراً
اود أن اقول ملاحظة بسيطة وهو حول قولنا: (صلى الله عليه وسلم) . أو القول ( عليه الصلاة والسلام ). بأن هذين اللفظين لا يخاطب بهما إلا النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ليتميز عن غيره من الرسل لأنه أفضل الخلق على الإطلاق. ولذلك فقد كره العلماء أيضاً أن نقول محمد عليه السلام .وبارك الله بك.
 
هل يترتب على معرفة أنّه نبيُ أو عبد صالح كثير فائدة؟
لاأعتقد..
ولاينبغي أن نخرج عن الهدف والغرض الأصلي الذي من أجله ساق الله لنا قصة الخضر..
فهذه القصة عجيبة جدا وكما في طرح الأخ محمد في بداية موضوعه أفاد وأجاد..


زادنا الله وإياكم علما وعملا صالحا ونفعنا بعلمنا..



 
الأستاذ الحسيني؛
ما أجد سبيلا أولى بالاتباع من سبيل السلف الصالح من الصحب الكرام ذلك الجيل الذي وعدنا باتباعه رضوان الله {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : 100].
أما باقي الطوائف على أصحاب العلم أن يأخذوهم برفق الإسلام ورحمته طمعا في هدايتهم صرفا لهم عن كل ما خالف سبيل السلف الصالح والرعيل الأول.
وقد لا أخالف من وجدته متمسكا بدليل ينفعه عند ربه يوم لقائه. فالفقه الرخصة من العالم تستند لدليل صحيح رحمة بالخلق.
 
هل يترتب على معرفة أنّه نبيُ أو عبد صالح كثير فائدة؟
لاأعتقد..
ولاينبغي أن نخرج عن الهدف والغرض الأصلي الذي من أجله ساق الله لنا قصة الخضر..
فهذه القصة عجيبة جدا وكما في طرح الأخ محمد في بداية موضوعه أفاد وأجاد..
زادنا الله وإياكم علما وعملا صالحا ونفعنا بعلمنا..
لا أدري هل سؤال الأخت استنكاري أم استفهامي
وأنا اعتقد انه استنكاري
والجواب عليه رغم أنه استنكاري : لا يترتب على معرفة أن الخضر نبي أو ولي أي فائدة
ولكن :
هل يوجد مانع من مدارسة ذلك والوصول الى الحق أو الى الأقرب الى الصحة؟؟؟
هل البحث في مسائل الفرعيات أو أفرع فروعها ممنوع ومعيب؟؟؟
الذي جعلني أجيب على ذلك كثرة الأسئلة من هذا النوع والتي تأتي أحياناً على حين غفلة من الباحثين فتبهت البحث وتميّع الموضوع وتستدنيه .
نعم هناك بعض المسائل التي لا طائل من مناقشتها لتفاهتها. وأضرب مثالاً على ذلك لون كلب أهل الكهف . فلا طائل ولا فائدة فعلاً من معرفة لونه . وكذلك حمار العزير أذكراً كان أم أنثى وكم كان عمره وما هو اسمه. وناقة صالح ولونها وعمرها . والى ذلك من اسئلة.
معرفة الخضر هل هو نبي أم ولي . تفيد البحث وتثريه . فيضاف الى سُلّم الأنبياء إن كان نبياً ونسلم عليه. أو يوضع في خانة الأولياء الصالحين فنترضى عنه.
 
الاستاذ محمد جابري
جزاك الله خيراً
اود أن اقول ملاحظة بسيطة وهو حول قولنا: (صلى الله عليه وسلم) . أو القول ( عليه الصلاة والسلام ). بأن هذين اللفظين لا يخاطب بهما إلا النبي محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم ليتميز عن غيره من الرسل لأنه أفضل الخلق على الإطلاق. ولذلك فقد كره العلماء أيضاً أن نقول محمد عليه السلام .وبارك الله بك.

الأستاذ الكريم تيسير الغول؛
شكر الله لك ملاحظتك، وأريد أن أبين بأنه لما ترجح لدي بأنه ملك، ألم نقل في حق الملك جبريل عبارة "عليه السلام"، ثم قد أتفق معك في الصلاة والسلام لكوننا أمرنا بها لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا إبراهيم وذريتهما دون غيرهم،وما سقت العبارة إلا ضمن حديث.
أما باقي الخلق فكثيرا ما يذكر لدي شخص أعرفه فأقول لمن ذكره عليك وعليه سلام الله، والمسألة أدب عرفي لا غير، فإن تأتى لك نهي يقويه دليل من كتاب أو سنة فأطمع منك تنبيهي ولك جزيل الشكر.
 
الأستاذ الحسيني شكر الله لك هذه المداخلة؛
وقد راجعت كثيرا من أقوال المفسرين، وما هي إلا أقوال، لاتمت بصلة لدليل، فالاعتماد لا يكون إلا على ما صح من أدلة الكتاب والسنة، قد يسعف أقوال بعضهم المصطلح اللغوي.
أما كونه من الملائكة فهذا من مهامهم {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت : 30].
والترجيح لا يكون بالرأي بل بالدليل.
أما لمز الصوفية، فهذا ما لا أرتضيه لمتق، فلله في خلقه شؤون، وهذا الانفصام بين فئات المسلمين عنه تتولد البدع، أليست إهانة المسلم للمسلم حرام، ألم تجد من كبار الفقهاء من تتلمذوا على يد الصوفية. لا أقول هذا دفاعا عنهم، فلقد خالطت بعضهم ووجدت المسلمين طوائف كل متشبث بجانب من الحق، دون أن يدرك ما عليه الآخر من صواب رأي. ومن هنا نشأ كل في معزل عن التواصل مع الآخر، وهكذا أضحوا فرقا متخالفة. وما أرى سبيلا أجدى وأنفع من سبيل الرعيل الأول والجيل الفريد الذي استقى تربيته من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا أسوة {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة : 100]
ونحن هنا بصدد مناقشة أفعال الخضر عليه السلام وكونها دروسا احترازية ووقائية، لا علينا إن ناقشنا ما ذهب إليه الصوفية في اتخاذ الولي المرشد بناء على هذه القصة، فهل من استعداد لذلك؟
أخي الفاضل المجباري وفقك الله تعالى :
أولا : لا أعرف من أين لك قولك إن ما قاله أئمة التفسير إنما هي أقوال لا تمت إلى الدليل بصلة ؛ حيث إن أدلتهم مدونة وهي نصوص من الكتاب والسنة إما صريحة أو ظاهرة فيما ذهبوا إليه .
نعم قد تقول إن عندك أدلة أرجح من أدلتهم ولكن أن تطلق هكذا فتقول : وقد راجعت كثيرا من أقوال المفسرين، وما هي إلا أقوال، لاتمت بصلة لدليل
هذا ما أجلك عنه ؛ فإذا لم يكن ما ذكروه أدلة في نظرك فهات ما عندك من أدلة على الأمرين معا .
أما مسألة الصوفية وما تسميه لمزا لها ؛ فما أنا إلا تابع فيه لكبار علماء السلف ؛ وكثير منهم لا يعد كثيرا من المتصوفة من أهل الإسلام ؛ ومن فقه التصوف وراجع كتبه وجد أنهم يدينون بعقائد لا يدين بها مسلم ألبتة ؛ وكل هذا ليس من عندي ؛ بل هو مدون في كتب أهل الإسلام ..
أما تتلمذ بعض من العلماء على بعض من المتصوفة فهذا لا يذكره طالب علم مثلكم ؛ فإن طلبة العلم يبحثون عن العلم وقد يتحملون من بعض أهل البدع بالضوابط المذكورة في كتبهم ، وهذا لا يعتبر تزكية منهم للمتصوفة ؛ فكما تحملوا عن الشيعة وعن الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم لكن بالضوابط المعروفة لصغار طلبة العلم فضلا عن أمثالكم .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
 
هل يترتب على معرفة أنّه نبيُ أو عبد صالح كثير فائدة؟
لاأعتقد..
ولاينبغي أن نخرج عن الهدف والغرض الأصلي الذي من أجله ساق الله لنا قصة الخضر..
فهذه القصة عجيبة جدا وكما في طرح الأخ محمد في بداية موضوعه أفاد وأجاد..


زادنا الله وإياكم علما وعملا صالحا ونفعنا بعلمنا..




الأخت الفاضلة : روضة الناظر .
البحث في الخضر ومعرفة هل هو نبي أو ولي يترتب عليه تقرير كثير من عقائد الإسلام ؛ فإذا كان غير نبي بأن كان وليا فإنه يجوز - والحالة هذه - أن يدعي أي واحد الولاية ثم يقدم على قتل الغلمان بحجة أنهم سيكونون كفارا ؛ ويخرب ممتلكات الناس بنفس الدعوى ويدعي ذلك الولي أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما جاز للخضر الخروج عن شريعة موسى .
وهذه الأمور ليس افتراضية ؛ بل وقعت في التاريخ الإسلامي ولا زالت واقعة إلى الآن في كثير من بلاد المسلمين من المتصوفة المنتشرين في كل مكان .
 
أخي الفاضل المجباري وفقك الله تعالى :
أولا : لا أعرف من أين لك قولك إن ما قاله أئمة التفسير إنما هي أقوال لا تمت إلى الدليل بصلة ؛ حيث إن أدلتهم مدونة وهي نصوص من الكتاب والسنة إما صريحة أو ظاهرة فيما ذهبوا إليه .
نعم قد تقول إن عندك أدلة أرجح من أدلتهم ولكن أن تطلق هكذا فتقول : وقد راجعت كثيرا من أقوال المفسرين، وما هي إلا أقوال، لاتمت بصلة لدليل
هذا ما أجلك عنه ؛ فإذا لم يكن ما ذكروه أدلة في نظرك فهات ما عندك من أدلة على الأمرين معا .
أما مسألة الصوفية وما تسميه لمزا لها ؛ فما أنا إلا تابع فيه لكبار علماء السلف ؛ وكثير منهم لا يعد كثيرا من المتصوفة من أهل الإسلام ؛ ومن فقه التصوف وراجع كتبه وجد أنهم يدينون بعقائد لا يدين بها مسلم ألبتة ؛ وكل هذا ليس من عندي ؛ بل هو مدون في كتب أهل الإسلام ..
أما تتلمذ بعض من العلماء على بعض من المتصوفة فهذا لا يذكره طالب علم مثلكم ؛ فإن طلبة العلم يبحثون عن العلم وقد يتحملون من بعض أهل البدع بالضوابط المذكورة في كتبهم ، وهذا لا يعتبر تزكية منهم للمتصوفة ؛ فكما تحملوا عن الشيعة وعن الأشاعرة والمعتزلة وغيرهم لكن بالضوابط المعروفة لصغار طلبة العلم فضلا عن أمثالكم .
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

الأستاذ الكريم إبراهيم الحسيني؛
أجلك الله ورفع شأنك، وجعلنا من عباده الصالحين المرضيين؛
تكفير المسلم لسوء فهمنا لما له من شواهد علمية، أمر فيه نظر. وما أرى من مهمة المسلم الخوض في تكفير غيره، بقدر ما أرى أن واجبه إسداء النصح وأداء الواجب، لنكون شهداء الله على خلقه.

وأما تكفير من قال " لا إله إلا الله " فهو ليس أمر يستهان به ولك دليل [بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية . فصبحنا الحرقات من جهينة . فأدركت رجلا . فقال : لا إله إلا الله . فطعنته فوقع في نفسي من ذلك . فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أقال : لا إله إلا الله وقتلته ؟ " قال قلت : يا رسول الله ! إنما قالها خوفا من السلاح . قال " أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا " . فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ . قال فقال سعد : وأنا والله لا أقتل مسلما حتى يقتله ذو البطين يعني أسامة . قال : قال رجل : ألم يقل الله : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } [ 8 / الأنفال / آية 19 ]فقال سعد : قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة . وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ؟. ]
الراوي: أسامة بن زيد المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 96 خلاصة حكم المحدث: صحيح

أما أن نتبع أسلوب من قال {وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ (32)} المطففين، فقد أجابهم الله جل علاه بقوله: {وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ} [المطففين : 33].وكيف بنا وهذا رسولنا الكريم يوجهه ربه بقوله في حق الكافرين والمنافقين {وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً} [الأحزاب : 48]، فلو أراد الله قهر عباده {إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّن السَّمَاء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء : 4] لكن الله جل علاه خير عباده في هذه الدنيا وترك الحرية لاختيار الأعمال، والعبادة لعباده بعد أن بين لهم سبيل الهداية وسبيل الضلال ؛ فقال جل شأنه {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت : 40]؛ كما قال سبحانه وتعالى: {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ }[الزمر : 15].
وما كان سبيل الرسول الكريم غير التبليغ المبين {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران : 20].

أما ردك قولي عما جاء به المفسرون، فلكوني اطلعت على كثرة من الآراء هي في جملتها أقوال لا تستند إلى دليل قريب فضلا عن تخمينات واستشهادات بعيدة عن دلالتها وما رمت إليه.

أما عن قولك "أما تتلمذ بعض من العلماء على بعض من المتصوفة فهذا لا يذكره طالب علم مثلكم " فهذا دليل على عدم الاطلاع على ما في يد القوم، أو حتى ما جاء عن السلف الصالح في هذا الشأن، فهل قرأ أحدنا ما نقله الإمام الشوكاني عن المؤرخ الناقد الشديد الذهبي ترجمة واحد من مشايخ المدرسة الشاذلية، أحد أساطينها، ما يلي: " كانت له خلال عجيبة ووقع في النفوس ومشاركة في الفضائل، ورأيت الشيخ تاج الدين الفارقي لما رجع من مصر معظما لوعظه وإشارته. وكان يتكلم بالجامع الأزهر يمزج كلام القوم بآثار السلف وفنون من العلم. فكثر أتباعه وكان عليه سيماء الخير...ومن جملة من أخذ عنه الشيخ تقي الدين السبكي... وهو صاحب الحكم المشهورة الآن بحكم ابن عطاء الله التي يلهج كثير من متصوفة زماننا بحفظ كلمات منها" ( انظر البدر الطالع ج 1/ 107-108 )

ما كان لناقد مثل الذهبي أن يحكي الخرافات أو يسعى لتضليل العباد بالقيام بالمجان تشهيرا لرجل من أعلام الصوفية؛ وما كان الشوكاني من البداهة بمكان حتى ينقل أي شيء فيه تضليل؟ أترى هذا النص فيه شهادة رجال العلم والحلم أم هوكلام نجل بعضنا عنه؟ ولو كان هذا النص وحيدا لقلت إنه في حكم النادر الذي لا حكم له في عرف الفقهاء. فكم تريد من نص من هذا القبيل؟

إن أحوج ما نحتاج إليه بسط صفحة من التسامح والرحمة والاعتدال وضبط النفس؛... ولئن اصطدم بالصوفية بعض الفقهاء والمحدثين الذين من شأنهم التعامل مع النصوص بدقة العقل القانوني والتعامل مع الناس بميزان الجرح والتعديل الباني الهادم فإن صدق الفريقين يرجع آخر الأمر إلى الإنصاف والاعتدال والاعتراف والرجوع إلى الحق. وهو ما نفتقده في زماننا؛ فلا نجد إلا التعنت والتصلب والرفض لكل حوار.(من كتاب الإحسان فقرة بين التشدد والاعتدال).
 
أخي الكريم : محمد الجابيري وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
أولا : مسألة التكفير ومباحثه لسنا بصددها وهي مسألة لاكها ويلوكها الإعلام بحيث صار الكلام فيها تكرارا ممجوجا ، ولا أريد الدخول فيها .
ثانيا : نقلك عن الذهبي أو غيره بعض التسامح مع بعض المتصوفة لا يعتد به في بحور المجلدات والكتب من علماء السلف الصالح ؛ بل من كلام الإمام الذهبي نفسه - وإن شئت النقل نقلت لك .
ثالثا : أما التسامح والاعتدال والوسطية و ... فهي أمور محمودة متفق عليها ؛ ولكن كل وليلاه ؛ فالوسطية عندي ليست في مزج الغث بالسمين ، ولا بالتسوية بين شيخ الإسلام وابن عربي ، ولا بمقارنة أهل السنة بالمتصوفة ؛ بل تكون بإعطاء كل ذي حق حقه .
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
 
ويبقى السؤال / ماهو العلم الذي تعلمه سيدنا موسى عليه السلام من خرق سفينة ومن قتل غلام ومن بناء جدار ...؟؟؟
هناك علاقة عجيبة بين ماحدث في بلد الخضر وحادثة قذفه باليم وحفظ الله له ، وقتل القبطي ونجاة بني إسرائيل ، وخدمة ابنتا شعيب عليه السلام في سقيه لهما وتزويجه وكلام ربه له ..!!!
وعندي مبحث خاص لاأستطيع الإفصاح عنه في الوقت الراهن تؤكد أن هذه الغرائب الثلاث التي قام بها الخضر عليه السلام لها صلة بعلم ما .
 
البحث في الخضر ومعرفة هل هو نبي أو ولي يترتب عليه تقرير كثير من عقائد الإسلام ؛ فإذا كان غير نبي بأن كان وليا فإنه يجوز - والحالة هذه - أن يدعي أي واحد الولاية ثم يقدم على قتل الغلمان بحجة أنهم سيكونون كفارا ؛ ويخرب ممتلكات الناس بنفس الدعوى ويدعي ذلك الولي أنه يجوز له الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما جاز للخضر الخروج عن شريعة موسى .
وهذه الأمور ليس افتراضية ؛ بل وقعت في التاريخ الإسلامي ولا زالت واقعة إلى الآن في كثير من بلاد المسلمين من المتصوفة المنتشرين في كل مكان .

تجلّت لي الان الفائدة وانكشف الغطاء..
أسأل الله أن يهبك بصيرة تقوى بها على دمغ الباطل بالحق..
وأجرى على لسانك العلم والحكمة..
اللهم آمين..
 
أخي الكريم : محمد الجابيري وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
أولا : مسألة التكفير ومباحثه لسنا بصددها وهي مسألة لاكها ويلوكها الإعلام بحيث صار الكلام فيها تكرارا ممجوجا ، ولا أريد الدخول فيها .
ثانيا : نقلك عن الذهبي أو غيره بعض التسامح مع بعض المتصوفة لا يعتد به في بحور المجلدات والكتب من علماء السلف الصالح ؛ بل من كلام الإمام الذهبي نفسه - وإن شئت النقل نقلت لك .
ثالثا : أما التسامح والاعتدال والوسطية و ... فهي أمور محمودة متفق عليها ؛ ولكن كل وليلاه ؛ فالوسطية عندي ليست في مزج الغث بالسمين ، ولا بالتسوية بين شيخ الإسلام وابن عربي ، ولا بمقارنة أهل السنة بالمتصوفة ؛ بل تكون بإعطاء كل ذي حق حقه .
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

الأستاذ الكريم إبراهيم الحسني؛
سبق القول كم تريد من شهادات رجالات العلم المشهود لهم عن الصوفية، فالحكم على فئة لا يتأتى ضمن قوالب مهيأة لنرمي بالكل في سلة واحدة، فلا شك هذا من الظلم بمكان.
والمسلم الخائف لله يفر من الظلم فراره من المجدوم لكونه يجلب لعنة الله.والطرد من رحمته.
قد توهمنا أنفسنا ظنا منا أننا نغضب لله حينما يتعلق الأمر بمسألة الصوفية، وما أجج غضبنا إلا أنفسنا ترفعا عما لا نعلم له جوهر ولا نفقه له سرا.
قال صلاح الصفدي في كتابه نكث الهيمان " ورأيت شيخنا عماد الدين (ابن كثير) قد فتر عنه (أي عن أبي الحسن الشاذلي) وبقي واقفا في هذه العبارة حائرا في الرجل لأنه كان قد تصوف على طريقته وأخذ عن نجم الدين الأصفهاني نزيل الحرم، ونجم الدين صحب أبي العباس المرسي صاحب الشيخ أبي الحسن" ونقل هذه الفقرة أيضا الحافظ أحمد بن الصديق الغماري في كتابه البرهان الجلي ص 50.
ماذا يأخذ صاحب العلم والفتوى والإرشاد من أساتذتهم الصوفية؟ أفي الأمر أسرار كهنوتية؟ ألم يكن عماد الدين ممن عاندوا الصوفية واتهموهم ونكروا عليهم؟ فكيف يسعى إليهم تلميذا؟
لم يلتفت لهذه الدرر إلا العقول التي حنكتها التجربة، فالسعيد من وعظ بغيره؟
لست داعيا للصوفية ولا للتصوف ولكن أريد أن نقول قولة حق في الصادقين منهم الربانيين أولي الهمم العالية.كلمات حق ترن في الأذن، داعية للتفكير في شأن من كان همهم الله والتقرب إليه والسعي إلى النظر في وجهه الكريم.
والحق لا يعرف بالرجال وإنما الرجال تعرف بالحق. فلئن شاكست في شهادة الذهبي فهل تشاكس في شهادة آخرين، فالمطلوب قولة حق، ووقفة حق مع النفس في همها وما تسعى إليه؟ فالقومة لله شهادة على النفس والوالدين والأقربين.
ليس من اليسير رد شهادة مسلم من رجالات العلم والخبرة في دراسة الرجال مثل الذهبي، ولا من العلم في حجود من قالوا بقوله ونقلوه.
وعلى الدرب شهادات رجالات العلم آخرين، أكل هذا في نظرك كلام يرد؟
وما لنا نلوك كلام الرجالات العلم وشهادتهم ألم يسبق القول بأن الحق لا يعرف بالرجال فهل من استعداد للخوض في أدلتهم بالبراهين الأصولية، لننصف الرجال كما نصفهم أهل العلم ؟ فهل من استعداد لخوض الغمار؟
 
أخي الفاضل : الجابري .
أولا : لا أريد أن يتحول النقاش إلى الصوفية ؛ فهو أمر لا يفيدني ولا يفيد القراء ؛ وكان هدفي من الحوار معك أن تفيدنا حول الموضوع الأصلي ؛ وما دمت "حورته" إلى الصوفية فأنبه على نقاط :
1 - إن كان قصدك بعماد الدين ابن كثير هو ابن كثير الدمشقي صاحب التفسير المعروف ؛ فلا أظن أنه أدرك الشاذلي حتى يتتلمذ عليه.
2 - لو فرضنا أن بعض علماء السلف تتلمذ على بعض المتصوفة فقد قلت لك في مشاركة سابقة أن هذا لا يقدم ولا يؤخر ؛ وأن الصوفية فرقة ليست أقل خطرا من الشيعة والأشاعرة والمعتزلة وكلهم تحمل عنهم بعض علماء السلف لكن بضوابط معروفة لطلاب العلم وليس مجرد تتلمذهم عليهم يعتبر تزكية لهم ، والأمر واضح لا يحتاج إلى مشاركات متعددة .
3 - الصوفية على التحقيق من كلام أهل العلم لا يوجد فيهم - حسب علمي - من سلم من عقائد مكفرة ؛ نعم قد تقول إن بعضهم معذور لجهله بأن تلك العقائد مكفرة ؛ وقد تقول إن بعضهم يحتمل أنه تاب من تلك العقائد كالغزالي مثلا ؛ فهذا مقبول ووارد .
ولكن أن تدافع عن شخص يقول بالحلول والاتحاد ، ويصف الخالق بصفات القاذورات ، ويدعي معرفة الغيب ، ويبيح الحرام ، ويحرم الحلال ، ويدعي الألوهية والربوبية ، ويصف نفسه بصفات الخالق ؛ بل ويتعالى على الخالق حتى يجعل نفسه هو رب الخالق ..
لا أظن ذلك مقبولا ..
وأنت هنا لا تخلو من حالين :
أ - أن تكون مقرا بأن الصوفيين يقولون بتلك العقائد ؛ فعليك أن تترك الدفاع عنهم ؛ وتفهم أخذ بعض السلف عن بعضهم فهم أهل العلم له ، وهو مدون في ثنايا كتب أهل الحديث .
ب - أن تكون غير مقر بأنهم يقولون بتلك العقائد ؛ فهنا علي أن أنقل لك من كلامهم ما هو صريح في تلك العقائد ولا يحتمل تأويلا وأنا زعيم لك بذلك ، وإن كان تقسيطا لأن وقتي ضيق جدا .
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
 
تجلّت لي الان الفائدة وانكشف الغطاء..
أسأل الله أن يهبك بصيرة تقوى بها على دمغ الباطل بالحق..
وأجرى على لسانك العلم والحكمة..
اللهم آمين..

الأستاذ إبراهيم الحسني؛
آمين ولك بالمثل؛ فأي غطاء وأي انكشاف!!!
أما القائمين لله فلهم شهادتهم الحقة عل النفس والوالدين والأقربين، فضلا عن غيرهم.
لا يقوى على قول كلمة الحق إلا من روض النفس على التشبث بها ولو كانت ضده، أو حتى لو خرجت من فم العدو. فالحق اسم الله واسم شريعته، وماذا بعد الحق إلا الضلال.
هدانا الله للوسطية الحقة إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل. وجعلنا من أنصار الحق الذائدين عنه بالحجة والبرهان.
 
أخي الفاضل : الجابري .
أولا : لا أريد أن يتحول النقاش إلى الصوفية ؛ فهو أمر لا يفيدني ولا يفيد القراء ؛ وكان هدفي من الحوار معك أن تفيدنا حول الموضوع الأصلي ؛ وما دمت "حورته" إلى الصوفية فأنبه على نقاط :
1 - إن كان قصدك بعماد الدين ابن كثير هو ابن كثير الدمشقي صاحب التفسير المعروف ؛ فلا أظن أنه أدرك الشاذلي حتى يتتلمذ عليه.
2 - لو فرضنا أن بعض علماء السلف تتلمذ على بعض المتصوفة فقد قلت لك في مشاركة سابقة أن هذا لا يقدم ولا يؤخر ؛ وأن الصوفية فرقة ليست أقل خطرا من الشيعة والأشاعرة والمعتزلة وكلهم تحمل عنهم بعض علماء السلف لكن بضوابط معروفة لطلاب العلم وليس مجرد تتلمذهم عليهم يعتبر تزكية لهم ، والأمر واضح لا يحتاج إلى مشاركات متعددة .
3 - الصوفية على التحقيق من كلام أهل العلم لا يوجد فيهم - حسب علمي - من سلم من عقائد مكفرة ؛ نعم قد تقول إن بعضهم معذور لجهله بأن تلك العقائد مكفرة ؛ وقد تقول إن بعضهم يحتمل أنه تاب من تلك العقائد كالغزالي مثلا ؛ فهذا مقبول ووارد .
ولكن أن تدافع عن شخص يقول بالحلول والاتحاد ، ويصف الخالق بصفات القاذورات ، ويدعي معرفة الغيب ، ويبيح الحرام ، ويحرم الحلال ، ويدعي الألوهية والربوبية ، ويصف نفسه بصفات الخالق ؛ بل ويتعالى على الخالق حتى يجعل نفسه هو رب الخالق ..
لا أظن ذلك مقبولا ..
وأنت هنا لا تخلو من حالين :
أ - أن تكون مقرا بأن الصوفيين يقولون بتلك العقائد ؛ فعليك أن تترك الدفاع عنهم ؛ وتفهم أخذ بعض السلف عن بعضهم فهم أهل العلم له ، وهو مدون في ثنايا كتب أهل الحديث .
ب - أن تكون غير مقر بأنهم يقولون بتلك العقائد ؛ فهنا علي أن أنقل لك من كلامهم ما هو صريح في تلك العقائد ولا يحتمل تأويلا وأنا زعيم لك بذلك ، وإن كان تقسيطا لأن وقتي ضيق جدا .
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه .

الأستاذ إبراهيم الحسني؛
الأستاذ الكريم ما أسعى إليه هو تسليط الضوء على أدلتهم لعل مار من هنا يتنبه لما هو حق وما هو باطل، قلت لست أدعو إلى الصوفية ولا إلى التصوف لكون المصطلح ليس له أصل شرعي، ويسعى لتفرقة المسلمين، وكل همي هو مواكبة السلف الصالح والجيل الفريد الذي تلقى تربية ربانية من قبل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ولي تجربة في محاورة الشيعة وتعرضنا للأدلة، فكان التجاوز لما ينبغي تجاوزه، حتى إذا طرقفنا باب العصمة انكشف كل زيف وبان انتحال الفرقة. فلم يجدوا ما به تسد الثلمة.
وإن رغبت في الرجوع إلى الدراسات الاحترازية والوقائية، فيا أهلا ومرحبا بمناقشة الموضوع .
وعن ملاحظتك حول الإمام المفسر ابن كثير فهو المعني أصلا، قلت أن عماد الدين ابن كثير قد فتر عنه ( أي عن أبي الحسن الشادلي) وبقي واقفا في هذه العبارات حائرا في الرجل لأنه كان قد تصوف على طريقته وأخذ عن نجم الدين الأصفهاني الذي صحب الشيخ أبا العباس المرسي صاحب الشيخ أبي الحسن" ولم أقل بأنه أخد عن أبي الحسن.
اما قولك بأن حوار في شأن الصوفية لا يفيدك، فهذا شأنك، فحكم الشيء فرع تصوره، وأنت تحكم مسبقا وظلما عليهم بأن "الصوفية على التحقيق من كلام أهل العلم لا يوجد فيهم - حسب علمي - من سلم من عقائد مكفرة ؛ ". نعم من كل جنس يوجد الطيب والخبيث؛ وحديثي يدور حول الربانيين أولي البصائر النيرة لا على أهل الحلول والاتحاد والفرية الباطلة.
والحياة مدرسة تفيد مما خالطه المرء ومما درسة، ليختبر تجاربه ويسخرها في تذويب الجليد بين طوائف الأمة. وها قد التفت أعداء الأمة لطوائف الصوفية ليحركوهم في مجالات سياسية لا شأن لهم بها. أليس من الأولى أن نطرق بابهم ونبين ما لهم وما عليهم؟.
 
أخي الفاضل : الجابري ، وفقك الله .
المسألة في نظري محورين :
1 - المحور الأول : محور علمي نقلي تاريخي لا دخل للاجتهاد فيه ؛ فلا يمكن لأي واحد أن يجتهد مثلا من أجل تقريب وجهات النظر فيقول إن فرعون كان مؤمنا أو أن إبليس رجل طيب حسن الخلق .
2 - محور اجتهادي دعوي : وهذا يختلف فيه الناس ؛ فأنت ترى أن جمع شمل الأمة والنهوض بها يكون من خلال تقريب وجهات النظر بين جميع طوائفها وإذابة الجليد بينهم ، وقبول الحسن منهم ، وترك نقاط الاختلاف والتركيز على نقاط الاتفاق .
وهذا اجتهاد شخصي لك ، والاختلاف في هذا مقبول ، ولا مجال لأن أقنعك بأن تتخلى عنه ، كما العكس .
وأما قولك فهذا شأنك، فحكم الشيء فرع تصوره، وأنت تحكم مسبقا وظلما عليهم بأن "الصوفية على التحقيق من كلام أهل العلم لا يوجد فيهم - حسب علمي - من سلم من عقائد مكفرة ؛ ". نعم من كل جنس يوجد الطيب والخبيث؛ وحديثي يدور حول الربانيين أولي البصائر النيرة لا على أهل الحلول والاتحاد والفرية الباطلة.
فقد أدخلت به السرور علي فأضحك الله سنك وأدخل السرور على قلبك .
 
الأستاذ إبراهيم الحسني؛
شكرا لمداخلتك ودعواتك الصالحة؛
فلئن اختلفت وجهات نظرنا، في شأن الصوفية الكرام، فلقد وجدت فيك أخا محاورا بأدب جم، فشكر الله لك، تواضعك.
ومرحى بمناقشة صلب موضوع الدراسات الاحترازية.
 
جزاكم الله دكتور فهد على الشرح الثمين والتوضيح العلمي الرصين..ووفقكم الله ولمن أضاف وعلق بارك الله بعلمكم وعملكم وجعل عملكم بميزان حسناتكم ونفع الله بكم الأمة...اللهم آميــــــن.
 
عودة
أعلى