(العنقاء): طائر معروف الاسم مجهول الجسم ويكنى به عن الشيء البعيد المنال
المعنى
فأراد هؤلاء الأعداء أن ينظروا إلى فرعون وهو يبكى، ولكن أنى هذا؟! فدمعُ فرعون شيء بعيد المنال جدا، ولكنهم احتالوا على ذلك بالحيلة الآتية.
98- فَأَرَوْهُ الصَّدِيقَ فِي ثَوْبِ فَقْرٍ
يَسْأَلُ الْجَمْعَ وَالسُّؤَالُ بَلَاءُ
اللغة
ظاهرة
المعنى
فأروه الصديق الذى كان بالأمس يتقلب في ثوب النعيم ذليلا، محتاجا، يسأل الجمع أن يعطفوا عليه بشيء، وسؤال الناس ذلة وبلاء عظيم لا سيما إذا كان من عزيز قوم.
ظاهرة.
قوله: "أراد الوفاءُ" برفع (الوفاء) على أنه فاعل (أراد) أي أراد الوفاءُ بكاءَ فرعونَ فبكى، وإلا فلو كان الفاعل ضمير مستتر يعود على (فرعون) كان (الوفاء) منصوبا على أنه مفعول به أي: أراد فرعونُ الوفاءَ لصديقه فبكى، وهذا فيه (إصراف)[1]، ومع ذلك فالمعنى على الرفع أبلغ فإنه يدل على أن فرعون بكى رغما عنه استجابة لِخُلُقِ الوفاء وإن كان هو ليس ممن يبكي في الشدائد، وليس هذا المعنى موجودا على الوجه الآخر (النصب) فإن المعنى فيه أن فرعون هو الذي أراد الوفاء لصديقه فبكى لذلك، وشتان بين الطبع والتطبع.
المعنى
فلما رأى فرعونُ حالَ صديقه وما صار إليه بكى رحمة له مما هو فيه وما كان فرعون بالذى يبكى من شدة تناله أو خطبٍ يقع فيه ولكنه الوفاء والمودة ونبلُ الأخلاق التى هى من صفات الملوك (أو بعضهم !) _________ [1] الإصراف: اختلاف حركة الرويّ بالفتح وغيره كقوله:
أطعمتُ جابانَ حتى اشتد مَغْرِضُهُ
وكاد يَنْقَدُّ لولا أنه طافا
فقل لجابانَ يترُكُنا لِطَيَّتِهِ
يعني أن الملوك يتحَلَّوْنَ بالصفات النبيلة والشهامة والعزة والإباء حتى في الضراء والشدائد فإنهم يكونون ثابتين أمامها لا يصيبهم ما يصيب ضعافَ النفوس من الخوف والبكاء وعدم الثبات أمام الشدائد ونحو ذلك.
(الخرائب): جمع خربة وهى موضع الخراب والمراد هنا بقايا الهياكل والآثار
المعنى
إنها أمة مذمومة لأنها عمدت إلى بقايا الهياكل والآثار التى كانت موجودة في مصر فهدمتها وأتلفت معالم الحضارة الموجودة وكان حق هذه الهياكل والآثار أن يُعْلَى شأنُها لأنها آثار عظيمة ليس في الأمم مثلها.
(ما): نافية، و(إن) زائدة. (إِرْوَاء): مصدر أَرْوَى، يقال: أرويتُ ماشيتي إرواءً [أَرْوَى إِرْواء من باب أَفْعَلَ إِفْعال]. فإن كان يرتوي بنفسه قيل: رَوِيَ من الماءِ واللَّبَنِ، كرَضِيَ، رَيًّا ورِيًّا، بالكسْرِ والفتْحِ. (ورِوًى)؛ مِثْل رَضِي رِضًا، (وتَرَوَّى، وارْتَوَى) كلُّ ذلكَ (بِمَعْنًى) واحِدٍ.
المعنى:
وارتوى سيف أمة الفرس من دم المصريين ولذلك أدعو الله عليها أن يعاجلها بعدو شديد البأس يقتل أبناءها ويَلغُ في دمائهم بسيفه ولا يرتوي سيفُه أبدا مهما أكثر فيهم القتل.
(الطِّلْبَةٌ): بكسر فسكون؛ ما كان لك عند آخر من حق تطالبه به، و(الْطَّلِبَة): بفتح فكسر: ما طلبته من شيء.
وهل المراد هنا أمنية؟ إذْ إنهم لم يكن لهم حق عند الإسكندر فيطالبونه به فانتفت (الطِّلْبَةٌ)
كما أنه لا يُعْرَفُ أنهم كانوا يراسلونه ليأتي إليهم فيخلصهم من الفُرْسِ فانتفت (الطَّلِبَةٌ) أيضا
فينبغي النظر في ذلك فلعلهم كانوا يطلبون ذلك ويسعون فيه فراسلوه لما كان قريبا منهم محاصرا غزةَ ولهذا لم يقاوموه لما دخل مصر بل استقبلوه استقبال الفاتح المحرِّر، ولكني لم أقف على ذلك الآن،
وعلى هذا فيكون الأقرب للمعنى (الطَّلِبَةٌ) بفتح الطاء وكسر اللام وسُكِّنَتْ للوزن، فيكون الأصحُ ضبطَ الطاء في البيت بالفتح هكذا (طَلْبَةٌ)، ولعل هذا الوجه أحسن من جعلها بمعنى رَغْبَة أي رَغْبَةٌ للعباد، فحَمْلُ الكلام على الحقيقة أولى من حمْلِه على المجاز، والشاعر معروف عنه أنه كان ممن تملك ناصية اللغة فالأَوْلَى عدمُ الإقدام على تخطئته إلا مع يقين المخالفة، وليتأمل هذا الموضع جيدا، والله أعلم.
(الإسكندر): هو الإسكندر المقدونى الذى افتتح مصر في سنة 332 ق.م. وقضى على حكم الفرس وأنشأ مدينة الإسكندرية.
المعنى:
وقد أكثر الفرس من الظلم والاستبداد بالمصريين، مما جعلهم يتمنون التخلص منهم ولو بمحتل آخر، وكانوا يسمعون عن الإسكندر المقدونى وبطولاته وفتوحاته فكانوا يتمنون أن يأتيهم ليخلصهم من هذه الأمة المفسدة الظالمة ولعلهم سَعَوْا في ذلك فراسلوه لما جاء وحاصر صُورَ وغزةَ حصارا طويلا فإنه لما استولى عليهما ثم عَبَرَ من غزة إلى مصر قابله المصريون باعتباره محررا لهم لا باعتباره غازيا.
وهذا البناء العظيم الذى بناه الإسكندر هو مدينة الإسكندرية التى سُمِّيَتْ باسمه وهى مدينة عظيمة يرحل عوام الناس إليها من كل مكان للتنزه والتمتع بشواطئها الجميلة ويقصدها طلاب العلم والحكماء ليقتبسوا مما فيها من العلوم والمعارف.
عاش الإسكندر ردحا من الزمن في البحر بأسطوله العظيم، والبحر فَمٌ للمعالى ينطق بها فمن استولى عليه قهر أعداءه، ومنار الإسكندرية الذى تهتدى به السفن في البحر.
قول الشاعر: "مُطْمَئِنًّا مِنْ" يريد آمنا من هذه الجهة، ولكني لم أقف على "اطْمَأَنَّ مِنْ" إلا في كلام بعض المتأخرين والمعاصرين، بل الوارد: "اطمأن بكذا، واطمأن إلى كذا" فمن الأول قوله تعالى: {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} [الحج: 11]، ومن الثاني ما ذكرته آنفا عن المعاجم، فينبغي مراجعة هذا الحرف، وهل يقال مثلا: اطمأن من الجهل إلى العلم أي أَمِنَ مِنْ جهة الجهل وسكن إلى جهة العلم، وهل يقال على هذا النحو: اطمأن من الشك إلى اليقين، ومن الظلم إلى العدل، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الغفلة إلى الذِّكْر، ومن الكبر إلى التواضع ...الخ
عاش هذا الزمنَ في البحر مطمئنا آمنا، لا يخشى أن يفجأه العدو من البحر حيث إنه قد استولى عليه ولا من البر حيث إن ملكه قد استتب فيه.
وأما أنه صار مطمئنا من الكتب فمعناه أنه صار مطمئنا آمنا من جهة الجهل إلى العلم بما بدأ ينشره من العلم وأَخْذِهِ بأسباب الحضارة.
(الفهوم): جمع فَهْمٍ، يقال: فَهِمْتُهُ فَهَمًا[2] مِنْ بَابِ تَعِبَ: إذَا عَلِمْتَهُ. (الفهماء): العلماء
المعنى:
وبدأ الإسكندر الأكبر ينشيء حضارة جديدة لمصر تختلط فيها الثقافة الإغريقية بالثقافة المصرية فبدأ ضوء الحضارة يسرى في البلاد ومشى في ضوء تعليماته فهوم خلفائه الذين تركهم في مصر وفهوم المصريين أيضا حيث إنه جعل حكم البلاد مقسما بين الإغريق والمصريين. ______ [1] قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْأَصْلُ فِي اطْمَأَنَّ الْأَلِفُ مِثْلُ احْمَارَّ وَاسْوَادَّ لَكِنَّهُمْ هَمَزُوا فِرَارًا مِنْ السَّاكِنَيْنِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسِ وَقِيلَ الْأَصْلُ هَمْزَةٌ مُتَقَدِّمَةٌ عَلَى الْمِيمِ لَكِنَّهَا أُخِّرَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ بِدَلِيلٍ قَوْلِهِمْ طَأْمَنَ الرَّجُلُ ظَهْرَهُ بِالْهَمْزِ عَلَى فَأْعَلَ وَيَجُوزُ تَسْهِيلُ الْهَمْزَةِ فَيُقَالُ طَامَنَ وَمَعْنَاهُ حَنَاهُ وَخَفَضَهُ. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (2/ 378) [2] وَتَسْكِينُ الْمَصْدَرِ (فَهْم) لُغَةٌ، وَقِيلَ: السَّاكِنُ (فَهْم) اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ
وأسطول عظيم من السفن في البحر يظهر عزَّ الملك ومنعتَهُ وسطوتَه على البحر، والْمُلْكُ الذي فيه مثل هذا الأسطول مُلْكٌ عظيمٌ قويٌّ عزيز الجانب لا يطمع فيه الأعداء.
والبحر مكان للحروب والصيال (الوثب) على الأعداء، فمَنْ استولى عليه استطال على أعدائه، كما أن البحر مكان للثراء أيضا؛ باستخراج ما فيه من كنوز؛ كاللؤلؤ والمرجان والأسماك بأنواعها وغير ذلك.
(أنثى): هي كليوباترا آخر ملكة حكمت مصر من دولة البطالسة
المعنى
قضى الله أن تضيع هذا الملك الذى صنعه البطالسة ومن قبلهم الإسكندر الأكبر أنثى هي الملكة كليوباترا والوفاء صعب على الأنثى.
وقد هام بكليوباترا قيصران:
أحدهما- يوليوس وهو الذى انتهت بموته الجمهورية الرومانية
والآخر- أنطونيوس وهو الذى أنشأ مع أكتافيوس الإمبراطورية الرومانية وقد كان هيام أنطونيو بها سببا لغزو أكتافيوس لمصر وانتصاره على كليوباترا التى حاولت عبثا أن تؤثر في قلبه بجمالها فانتحرت بأن وضعت على صدرها حيةً وانتحر أنطونيوس.
اتخذ قيصر روما هذه الأنثى (كليوباترا) تمهيدا للسيطرة على مصر والاستيلاء عليها والتمهيد للشر بالأنثى بلاء؛ لأن الأنثى يسهل استدراجها للشر ويسهل عليها الغدر.
(تَنَاهَى) الشيءُ: بلغ نهايته. (الأبالس): أراد جمع إبليس، والذي وجدته أن إبليس يجمع على أباليس وأبالسة، وهو عَلَمٌ للشيطان رأس الشياطين وكبيرهم.
وإبليس أعجمي ولهذا لا ينصرف للعجمة والعلمية، وقيل: عربي مشتق من الإبلاس وهو اليأس وَرُدَّ بأنه لو كان عربيا لانصرف كما ينصرف نظائره نحو إجفيل وإخريط.
المعنى
فبلغ الفساد غايته في هذه الأرض وفاق إغراءُ النساء إغواءَ الأبالس الشياطين
فَتَنَتْهُ كليوباترا رغم أنه قاهر الخصوم والجيوش العظيمة مهما اشتد هول الحرب وجدَّ لقاءُ الأعداء يعني أنه في أشد المواقف يكون ثابت الفؤاد فكيف فتنته هذه الأنثى وفعلت به ما لم تفعله الحروب.
يعني أن أكتافيوس أخذ ملك مصر وهى (أي كليوباترا) في قبضة الأفعى حيث انتحرت بوضع أفعى على صدرها فصارت في قبضتها وبالطبع فهى في هذه الحالة عمياء عن كل شيء حتى الملك والهوى لا ترى إلا ما هى فيه وفي هذه الحالة استولى أكتافيوس على ملك مصر
حاولت كليوباترا أن تخدع أكتافيوس كما خدعت أنطونيوس فلم تفلح ولم تنجح محاولتها، فلم تصدق ذلك؛ فإنهم خدعوها بقولهم حسناء، وكثرة ترداد هذا القول لها جَعَلَها تظن أنها بجمالها يمكنها أن تفعل أي شيء وأن تخدع أي رجل وتوقعه في حبائلها، ولكن تَبَيَّنَ أن هذا ظنٌّ كاذب، وأن من الرجال من لا يخدعه الجَمَالُ وإن عَظُم.
فلما خاب ظنها وفشلت في محاولة خداعها لأكتافيوس قتلت نفسها، وظنتْ أنها بهذا تفدى الوطن من أن يستولى عليه الرومان، وأنهم سوف يكتفون بموت الملكة، ولكن هذا ظن كاذب؛ فإن نفسها صغيرة بالنسبة إلى أطماع الرومان، فإنهم يريدون أن يستولوا على مصر كلها وأن تكون ولاية رومانية، وأما هي فليست سوى امرأةٍ من النساء، فما أقل هذا الفداء الذي ظنته هذه الأنثى الواهمة.
فبروما تأيَّدت في أول أمرها مع يوليوس ثم مع أنطونيوس ولكنها الآن تشقى مع أكتافيوس وكان هلاكُها على يد روما التى كانت تدين لها بالولاء، وهكذا الأعداء يؤيدون أتباعهم من الخائنين فإذا انتهى دورهم انقلبوا عليهم فمن أعان ظالما سلطه الله عليه.
وقد امتدت الإمبراطورية الرومانية في مشارق الأرض ومغاربها فإذا سأل أحد على وجه الأرض ممن هم من رعايا الإمبراطورية الرومانية قيصرا بَلَغَهُ سؤالُه عن طريق عماله فأجابه، إلا أهل مصر فمهما سألوه شيئا فإنه لا يستجيب لهم.
هذا القيصر الذي كنت تلتجئين إليه عند الشدائد فيمد لك يدَ العون أصبح الآن هو الظالم المغتصب وليس منه التجاء إلى سواه فهو الظالم وهو الحامي من الظلم، وكأنه نظر إلى قول المتنبي:
يا أعدل الناسِ إلا في معاملتي *** فيكَ الخصامُ وأنت الخصمُ والحَكَمُ
(شاقَهُ الحبُّ إليه): هاجه. (كُتْبٌ): المراد الكتب الإلهية التى تنزلت على الأنبياء.
المعنى
يارب جعلت العباد في اشتياق إلى معرفتك في الأزمان التى لم يكن يوجد بها الكتب الإلهية التى تهدى العباد إلى خالقهم ولم يكن يوجد أنبياء يدلونهم عليك.
تنبيه
إرسال الرسل عَمَّ كلَّ أمةٍ، قال تعالى: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}، والمصريون أمة من الأمم فلاشك أن الله أرسل إليهم الرسل كغيرهم من الأمم
وقد قص الله علينا في القرآن منهم سيدنا يوسف وسيدنا موسى عليهما السلام ولابد أنه كان قبلهما وبعدهما رسل آخرون
ولكن الذين يؤرخون تاريخ مصر القديم لا يذكرون شيئا عن هذا إلا بعض العبث التاريخى وآلهة المصريين الكثيرة المزعومة كالشمس والعجل وغيرهما والله المستعان.
- فكانوا في أول أمرهم يعتقدون بوجود إله واحد
ورمزت له كل قبيلة برمز خاص
- ثم رمزوا لصفات هذا الإله برموز صارت بعدئذ معبودات
- ثم عبدوا الكائنات الطبيعية التى لها تأثير محسوس في حياتهم؛
كالشمس والقمر والنيل
- ثم اعتقدوا بحلول الآلهة في أجساد الحيوان؛
فعبدوا العجل (أبيس) والقط والكلب وما إلى ذلك.
ثم ذَكَرَ في الأبيات التالية كيف ذهبوا في الهوى مذاهب شتى فعبدت كل طائفة منهم شيئا يوافق هواها:
- فمنهم من عبد القَوِيَّ لقوته
- ومنهم من عبد الجميل لجماله
- ومنهم من عبد الأوثان
- ومنهم من عبد الكواكب
- وغير ذلك،
ولكن يجمع هذا كلَّه الحقيقةُ الزهراءُ: وهي أن الله موجود وأنهم جميعا إنما يبحثون عنه ليعبدوه.
ومن تنوعهم في دياناتهم أنهم كانوا إذا ظهر فيهم من هو قوي ظاهر القوة تخضع الناس لقوته وبأسه جعلوه إلها وعبدوه لأنهم يعتقدون أن قوته هذه ليست قوة بشرية بل إلهية جاءت بسبب حلول الإله في هذا القوِىّ فلذلك يجعلونه إلها أو ابن إله. تعالى الله عما يشركون
ومن تنوعهم في دياناتهم واختلافهم في معبوداتهم بسبب الهوى أن منهم من جعل الكواكب؛ كالشمس والقمر والنجوم، أربابا فعبدوها وذلك لرفعتها وضيائها، وذلك أنهم علموا أن من صفات الإله العلو على خلقه وأنه مصدر النور للمخلوقات، فإما أنهم ظنوا أن هذه الكواكب هي الإله الذي يبحثون عنه أو ظنوا أنه تجلى وحلَّ فيها فعبدوها.
ومنهم من عبد الجبال وسجد لها وليس هذا لذات الجبال بل لأنهم رأوا الجبال شماء عالية راسخة فظنوا أن هذا العلو والرسوخ لحلول الإله فيها فعبدوها
[1] أَلَهَ من باب فَتَحَ بمعنى عَبَدَ، وذهب الفيومي في المصباح المنير إلى أنه من باب تَعِبَ فلعله سهو أو خطأ من الناسخ؛ فإن أّلِهَ بالكسر بمعنى تَحَيَّرَ كما في القاموس المحيط (ص: 1242) ط. الرسالة، وشرحه تاج العروس ت. العزباوي (36/ 324) ط. الكويت، ولسان العرب (13/ 469) ط. دار صادر.
(سجدت): خضعت، وبابه دخل. (إيزيس): إلهة من آلهة القدماء الكفار.
المعنى
خضعت مصر لإيزيس وعبدتها، وقد اشتهرت إيزيس بصفاتها المتعددة التي ترمز: للإخلاص العظيم للزوج، والرعاية الكاملة للابن؛ فصارت في نظر القوم المثل الأعلى: للأم الحنون، والزوجة الوفية.
وقد استمرت عبادة إيزيس طوال معظم العصور الفرعونية وخاصة في جزيرة فيلة وظلت تعبد هناك حتى القرن السادس الميلادي، وقد تمتعت إيزيس بمكانة كبيرة عند الكفار القدماء من المصريين والإغريق؛ فبنوا لها المعابد التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، وقدموا لها القرابين، كما تشبهت الملكات والأميرات بها، الأمر الذي ساعد على انتشار عبادة إيزيس والكفر بالله.
(تَلِ): من الوِلاية، يقال: (وَلِيتُ) الْأَمْرَ (أَلِيهِ) بِكَسْرَتَيْنِ (وِلَايَةً) بِالْكَسْرِ: تَوَلَّيْتُهُ، وَ(تَوَلَّى) الْعَمَلَ: تَقَلَّدَه، وَ(وَلِيتُ) الْبَلَدَ وَعَلَيْهِ، وَ(وَلِيتُ) عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ، فَالْفَاعِلُ (وَالٍ)، وَالْجَمْعُ (وُلَاةٌ)، وَالصَّبِيُّ وَالْمَرْأَةُ (مَوْلِيٌّ عَلَيْهِ) وَالْأَصْلُ عَلَى مَفْعُولٍ. قال ابن الأثير: وكأن الوِلاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي. (النضار): الذهب. (رخاء): لَيِّنَة.
المعنى
إن تتولى إيزيسُ أمرَ البَرِّ يعم الثراء والخصب، أو تتولى أمر البحر فلا يزداد حتى يكون فيضانا يهلك الحرث والنسل وذلك لأنها تأتي بالرياح رخاءً كما كان يعتقد هؤلاء الكفار المشركون، فقد رمزت إيزيس عندهم إلى الخصب، بينما كان أوزوريس يمثل فيضان النيل، كما رمزت إيزيس أيضا عندهم إلى الثراء في أرض مصر التي قامت بحمايتها من (ست) الصحراء، وكذلك جعلوها نجم البحر وحامية البَحَّارة وحامية الملاحة، ونعوذ بالله من الرجس والشرك.
وهذا أيضا من كفرهم حيث جعلوها سيدة الجميع البصيرة القهارة ملكة العالم المأهول منبع الرشاقة والجمال، فهي إن تتولى أمر النفس فهي في كل عضو تهبه الحياة، وإن تتولى أمر الأفق فهي فيه الشمس التي هي عندهم إله يمدهم بالنور والدفء، وكأنه يشير أيضا إلى ما كانوا يرمزون به إليها فقد صوروها على صور متعددة منها: صورة امرأة على رأسها قرص الشمس يحيط به قرنَيْ بقرة.
حجابُكِ النورُ! فحجبك عن الأعين فلم تبصرك أرض ولا سماء.
وكأنه يشير إلى ما حدث قبل العصر الإغريقي حيث بدأ هؤلاء القوم الكافرون يخلطون بين الآلهة فخلطوا بين إيزيس وحتحور وغيرهما ومن ثم فقد أصبحت إيزيس شخصية مبهمة حتى يمكن أن يقال إنها صارت الآلهة بصفة عامة ويدل على ذلك أنهم سموها بـ (الجوهر الجميل للآلهة جميعا)
[لا إله إلا الله محمد رسول الله]
[1] حتحور: إلهة من آلهة هؤلاء القدماء الكفار وكانوا يطلقون عليها: حتحور العظيمة سيدة دندرة وعين الشمس وسيدة السماء وسيدة الآلهة ابنة رع التي لا شبيه لها.
أنتِ يا إيزيس لأجل أن لكِ مكانة عالية عند القدماء وآلهتهم المزعومة فإن لكِ النصرَ والمعونة والولاية من هذه الآلهة المزعومة كالعجل آبيس وأوزيريس إله الشمس عندهم وابنه حورس إله السماء عند هؤلاء الكفار.
تنبيه
لم أقف على ابن آخر له فلعل الشاعر عبر بالمثنى عن المفرد وكأنه اضطر لهذا لإقامة الوزن فتأمل
فإذا كنتِ بهذه المكانة الكبيرة عند هؤلاء الكفار أصحاب الحضارات الكبيرة فأنت تُعَدِّين من مفاخر مصر فإذا سأل سائل: ما مفاخر مصر؟ كان الجواب: أن من مفاخرها إيزيس
(صباها): أراد أول الدنيا وأول وجود البشر بعد أن انتشر أولاد آدم في الأرض وذهبت كل طائفة لبلد فأراد بداية وجود المصريين
(سَبَيْتُ العدوَّ واسْتَبَيْتُهُ): أَسَرْتُهُ،
المعنى
يارب هذه عقولنا في أول الوجود ومبدإ البشرية قبل التاريخ وقبل وجود الرسل؟!! نالها الخوف منك وأَسَرَها الرجاء في معرفتك فعشقناك يارب بفطرتنا قبل وجود الرسل وامتلأت الجوانح بحبك
تنبيه
قد تم التنبيه قبل ذلك على أن هذا خطأ محض وهو أن قدماء المصريين إلى عهد موسى وكذا غيرهم في الزمان القديم لم يُرْسَلْ إليهم رسول فإن الله عز وجل قال: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر: 24]، وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا}[النحل: 36].
وفي سيرنا في ظلام الليل والجهل نبحث عنك، يا ربنا، اتخذ آباؤنا القدماءُ أسماءَ شتى ومعبوداتٍ كثيرةً فلما جاء موسى انتهت هذه الأسماء الكثيرة إليك حيث عرَّفَنا بك، يارب، على الحقيقة فتركنا كل هذه الأسماء لأجلك.
وظاهر أن الشاعر يُعَدِّدُ أحداث تاريخ مصر فبدأ بالتاريخ القديم للفراعنة ثم قصة موسى ثم عيسى وهكذا إلى التاريخ الحديث
لما جاء موسى أنكروا ما جاء به فغالبهم بالحجة فغلبهم، حيث جاءوه بسحر عظيم من تخييل انقلاب حبالِهم وعِصِيِّهِم حَيَّاتٍ وثعابين لكن الله أبطل سحرهم بالعصا حيث انقلبت حية حقيقة وراحت تلقف ما يأفكون فعند ذلك علموا جميعا بما فيهم السحرة أن ما جاء به موسى هو الحق المبين فسجدوا لله وآمنوا بموسى فصاروا من السعداء لإيمانهم
تنبيه
عبر الشاعر عما جاء به موسى عليه السلام بالسحر من باب المشاكلة، وإلا فالسحر كفر، والأنبياء لا يأتون بالسحر والكفر وإنما يأتون بالمعجزات، فتنبه.
وأراد الله أن يكون العقلُ مكرَّمًا منزها عن الخرافات التي كان فيها هؤلاء القوم كما أراد ألا تُحقَّر آراء الناس وعقولهم فأرسل موسى عليه السلام ليزيل هذه الخرافات
فلما جاء موسى رباه فرعون في حِجْرِه؛ فلهذا لم يقتله كما قتل أبناء بني إسرائيل، بل ظن أنه سيكون له وافٍ، ولن يسعى في زوال عرشه؛ إذ إنّ موسى كريمٌ وعند الكرام يرجى الوفاء
ولم يكن في حسابه يوم التقطوه من البحر وجاءوا به إليه لِيُرَبِّيَهُ أن جزاءَه سيكونُ ضدَّ ما فعله وهو أنه سيكونُ السببَ في زوال ملكه.
فقدَّر اللهُ أن يكون الأمر على خلاف ما ظن فرعون وذلك بأن يكون موسى عاقًّا له، لا بسبب طبع خبيث أو غير مستقيم في موسى، عليه السلام، بل لأن موسى نبيٌّ والأنبياء لا يكون وفاؤها لغير الله.
ترتبط مصرُ بموسى وهو بها ارتباطا وثيقا، حتى إنه لو قُدِّرَ أنه وُجِدَ في الناس مَنْ لا يعرفُهما أو لا يعرف أحدهما فسأل: ما مصرُ؟ ومَنْ موسى؟ فقل: "مصرُ موسى"؛ فإنه أعظم من وُجِدَ فيها، وكذلك الحال فيمن قال: ومن موسى؟ فقل: "موسى مصرَ" أي: المنسوب لمصرَ؛ لأنه بها ظهر وعلا قدره وشأنه.
وظاهر أن الشاعر أراد المبالغة في مدح مصر بذلك وإلا فموسى، عليه السلام، أشهر من أن يُعْرَفَ بنسبته إلى مصر؛ فليست هذه أشهرَ صفاتِهِ، بل أشهرُها كونُه كليمَ الله، عز وجل، ونبيَّه ومصطفاه، وإنما أراد الشاعر المبالغة في مدح مصر فذكر ما ذكر.
إن تكن مصرُ قد جَفَتْ موسى، عليه السلام، ساعة الشك حيث قال أكابر مجرميها: إنه ساحر وليس بنبي، فإن الكبراء عادة لا يُكْرَمُونَ في بلادهم بل يكون حظُّهم منها الجفاءَ؛ كما قيل: لا يُكْرَمُ نبي في قومه.
بعد قصة موسى، عليه السلام، شرع يذكر شيئا من قصة المسيح عيسى، عليه السلام؛ لأنه جاء إلى مصر أيضا، فذكر أنه اشتهر بالرفق والمروءات والهدى والحياء حتى لكأن هذه الصفات لم تكن موجودة قبله بل وجدت يوم مولده.
(ازدهى به): يريد: فرح به، ولكن لم أقف على هذا المعنى في المعاجم فليراجع والذي فيها: ازهاه وازدهى به: استخفه. (الوليد): أي المسيح عليه السلام (الثرى): التراب وأراد به هنا الأرض
المعنى
فرح الكون بمولد المسيح عليه السلام وأضاءت أرجاء الأرض بنوره
[1] في الشوقيات الصحيحة: (يوم مولد موسى) وهو خطأ واضح
(سَرَى): الليلَ وبه، يَسْرِي بالكسر (سَرْيًا)، والاسم (السِّرَايَةُ)، و(أَسْرَى) بِالْأَلِفِ لغةُ أهلِ الحجازِ أي: سَارَ لَيْلًا، وجاء القرآنُ باللغتين جميعا؛ قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ}[الإسراء: 1]، وقال تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ}[الفجر: 4]. وَالسُّرْيَةُ بضم السين وفتحها أَخَصُّ، يقال: سَرَيْنَا سُرْيَةً من الليل وَسَرْيَةً، والجمع السُّرَى مثل: مُدْيَةٍ وَمُدًى، قال أبو زيد: ويكون السُّرَى أولَ الليل وَأَوْسَطَهُ وَآخِرَهُ.
(الْآيَةُ): العلَامَةُ، والمراد هنا المعجزة.
المعنى
انتشرت آية المسيح التي أعطاه الله إياها من شفاء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله وغيرها من المعجزات الدالة على أنه نبي من عند الله، سرت هذه المعجزات وانتشرت في ظلام الجهل كما يسري الفجر في الوجود فيزيل ظلام الليل ويبدل مكانه نور الصباح.
جاء المسيح عليه السلام بالسماحة والسلام فلا وعيد ولا انتقام من أحد ولا قتل ولا سفك للدماء بل دينه السماحة والسلام
تنبيه
هذا الذي ذكره الشاعر يوهم أن الغزو والجهاد في سبيل الله ليس من السماحة والسلام التي جاءت بها الأديان وهذا غير مراد له قطعا بل كل من عند الله وهو الذي يسلط رسله على من يشاء
الأول-قوله: "ملَك" الصواب أنه بفتح اللام واحد الملائكة، وليس المراد "ملِكٌ" بكسرها واحد الملوك؛ لأنه أراد المبالغة في مدح المسيح عليه السلام بأنه ملَكٌ من الملائكة نزل إلى الأرض وجاور التراب قليلا فلما مَلَّ رجع إلى مكانه في السماء.
الثاني-قوله: "جاور التراب" يشير إلى قِصَرِ مدة المسيح عليه السلام بالأرض حيث يقال إنه رُفِعَ وهو ابن ثلاثين عاما
الثالث-قوله: "جاور التراب" ليس معناه أنه رُفِعَ إلى السماء بعد أن قُبِرَ ثلاثة أيام كما تزعمه النصارى ولكن المراد أنه عاش على الأرض ثم رفعه الله إلى السماء حين شاء.
(خُشَّع): جمع خاشع، والتخشع لله: الإخبات والتذلل (خُضَّع): جمع خاضع، والخضوع: الانقياد.
فائدة
الخشوع قريب من الخضوع إلا أن:
- الخضوع يكون في البدن: وهو الإقرار بالاستخذاء: كما في قوله تعالى: {إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ }[الشعراء: 4]
- وأما الخشوع فيكون:
1- في الصوت كقوله تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ}[طه: 108]
2- وفي البصر كقوله تعالى: {خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ}[القلم: 43] و[المعارج: 44]
3- وفي القلب كقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع»[1]
4- وفي البدن كقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } [الغاشية: 2]،
وقوله صلى الله عليه وسلم: "خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي [ وما استقلت به قدمي لله رب العالمين]"[2]
وفي رواية "خشع سمعي وبصري ودمي ولحمي وعظمي وعصبي لله رب العالمين"[3].
واعلم أن الخشوع من أنواع العبادة فلا يجوز صرفه لغير الله
والدليل قوله تعالى: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء: 90]؛
ولهذا فلا يجوز حمل قوله: "خشع" على أن المراد خشع له على أنه من باب الاحتباك فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه وهو قوله: "خضع له"، ولكن نحمل قوله: "خشع" أي لله.
ولعل لهذا السبب لم يقل: "خضع خشع له"
ولابد من هذا التأويل وعدم اتهام الشاعر بالجهل بالعقيدة فقد كان رحمه الله واسع الاطلاع في العلوم المختلفة وإن كان لنا عليه تعقبات أحيانا في باب العقيدة إلا أنه لابد من إحسان الظن به في كل موضع أمكننا ذلك تقديرا وحفظا لمنزلته التي أنزله الله بها، والله الموفق.
(وَقْفَة): على وزن فَعْلَة وهي المرة من الوقوف، يقال: وقف بالمكان وَقْفًا ووقوفا فهو واقف: أي دام قائما (إرساء): رَسَى الشيءُ يَرْسُو رُسُوًّا: ثَبَتَ، كأرساهُ إرساء، و(رَسَتِ) السفينةُ: وقفت على البحر، وبابه عدا وسما.
المعنى
الضمير في (لهم) يعود للشيوخ الخشع أتباع المسيح، يريد أن لهم أتباعا في كل مكان فإذا ذهبوا إلى أي مكان تلقاهم أهله من أتباعهم بالترحيب فأقاموا بالمكان كما يشاؤون وأرسوا سفنهم آمنين.
وقع خطأ في البيت السابق رقم 178 نبه عليه بعض الإخوة جزاهم الله خيرا وهو قوله: "في كل أرض" والصواب: "على كل أرض"
وهو هكذا في كل نسخ الديوان تقريبا والخطأ مني بسبب العجلة ،فيكون صواب رواية البيت هكذا:
(فُهَمَاء): على وزن (فُعَلَاء)، جمع (فَهِيم) بمعنى (فَاهِم) على وزن (فَعِيل) بمعنى (فاعل)، ويطرد (فُعَلَاء) في كل وصف على (فَعِيل) بمعنى اسم الفاعل لمذكر عاقل غير مضعف ولا مُعَلّ اللام نحو: كريم وكرماء وبخيل وبخلاء ومنه فهيم وفهماء، ويقال: فَهِمَ الشيء فهْما: عَلِمَه.
المعنى
فَهِمَ هؤلاء الحكماءُ مِنْ رجال ثَيْبَةَ سرَّ عبادة الله على دين المسيح عليه السلام حين ذاقوا حلاوة الإيمان بالله ومن اليسير أن يَصِلَ إلى الحقائق الفهماء وينالوها.
لما آمن هؤلاء الحكماء برسالة عيسى عليه السلام حَوَّلُوا الهياكل التي هي دُورٌ لعبادة الأصنام إلى أديرة لعبادة الله وحده لا شريك له على دين نبيه ورسوله المسيحِ عيسى عليه السلام، فتطهرت دورُ العبادة من كدر الشرك فظهر رونقُها وبهاؤها بسبب نور العبادة
لا ينكر الديانات إلا الذين هم بها أشقياء، ومعنى أنهم أشقياء بالديانات أنهم يكونون من المترفين غالبا المنعمين بلذات الدنيا فتأتيهم الأنبياء بالديانات من عند الله فيها حَدٌّ لمظاهر الترف والنعيم والاستبداد، فكل شيء له حد لا ينبغي مجاوزته فإذا أردت التنعم والالتذاذ بالشهوات وغير ذلك فهذا في إطار لا ينبغي مجاوزته ولا ينبغي ظلم الضعفاء واحتقارهم، ولا أكل أموال الناس بالباطل، وهكذا ... وهذه التعاليم لا يرضاها من يظن أنه يتضرر منها فيعادي الدين وأتباعه وينكر إرسال الرسل من عند الله وأنه لا دين بل ولا إله