السلام عليكم
جزاكم الله خيرا على الدعاء وجمعنا الله بكم في العام المقبل في بيته الحرام .آمين
نعم يقرؤها بالضم الخالص - كما تعلمون -، وهذا وجهٌ آخر فيها لابن وردان وهو عدم تمحيض الكسر، وإنما الإشارة معه إلى الضمِّ، وهو مقبولٌ عقلاً إن ساعدته النصوص، وثبت تلقيه عن الشيوخ الضابطين، والله أعلم.
وهذه قضية أخرى ثبوت التلقي وثبوت النص .
هذا مجرد رأي، يحتمل الصواب وغيره.
والشيوخ المقرئون إنما يأخذون في قراءتهم وإقرائهم بما تلقوه عن شيوخهم، لا بما يفهمونه من المصطلحات، هذا هو الظن بهم.
لو بحثت في كثير من الكتب لوجدت سهو بعض الشيوخ بسبب المصطلح ، والسهو وارد ولا ينقص من قدر أحد ، ولا شك أن مصطلح الصلة المشترك بين الهاء وميم الجمع ما جعل مكي يجيز الروم في ميم الجمع ، وكذا الخلاف في وصف "قيل وبابه "وقس على ذلك .
لماذا لا تكون قراءة هؤلاء الشيوخ الأفاضل مبنيةً على ما تلقوه من شيوخهم لا من باب التباس الأمر عليهم؟! ألا يُحتَمل ذلك على الأقل إن لم يُجزمْ به؟
قد يكون كذلك
بصراحة: عبارة صاحب المستنير أقرب إلى التلقي الذي تعدونه غير صحيح، فالتلقي الذي يأخذ به الشيخ بوصو، والذي تلقيناه عن شيخنا إسماعيل رحمه الله هو قراءتها بالكسرة مع الإشارة إلى الضم! وليس بالضم مع الإشارة إلى الكسر.
وجزاكم الله خيراً كثيراً شيخنا أبا عمر على ما تفضلتم به.
وفي المستنير (وروى الحنبلي عنه الإشارة إلي ضم التاء ) وفي المستنير عند الكلام عن حيل وبابه (بإشمام الضم في أوائلهن )
شيخنا الإشارة محتملة للاختلاس أيضا قال الداني في التيسير في ذكر الحرفين المتقاربين قال: " واعلم أن اليزيدى حكي عن أبي عمرو ـ ـ ـ ـ والإشارة تكون روما وإشماما والروم أكثر لما فيه من البيان عن كيفية الحركة ـ ـ ـ" أ.هـ
أحيانا يستخدمون الإشارة بمعنى الاختلاس وقال الداني في جامع البيان :( وقرأ نافع بإشمام الضم للسين من "سيئ" و"سيئت" ...)ص388
ثم فسر مقصده قائلا : وحقيقة الإشمام في هذه الحروف أن ينحى بكسر أوائلها نحو الضمة يسيرا ...)
ولكن هناك بعض العبارات تحتمل ما تقول كما في المنتهى للخزاعي (..وقال العمري :بكسر الهاء وإشارة إلي الضم )ص281، وقال الشهرزوري في المصباح (روى العمري عن أبي جعفر بكسر الهاء مع إشمام وإشارة من بين الشفتين من دون اللسان ، والآخرون عن أبي جعف بضم التاء...)2/262
وفي كلام المصباح ما يؤكد ما ذهب إليه شيخكم والشيخ محمد بوصو ، والشهرزوري والهذلي كلاهما أخذا عن الخزاعي وكلام الهذلي( : ..وروى العمري الإشارة إلى الكسر واختلاس الضم )ص482 ) يخالف صاحب المصباح .
فالجميع ينقلون عن العمري والأوصاف مختلفة وفي نفس الوقت تجد تفسيرا دقيقا للمسألة عند صاحب المبسوط أي الإمام ابن مهران (ت381) : قرأ أبوجعفر وحده ..بضم التاء حيث كان وهو في خمسة مواضع من القرآن هكذا وصف في ترجمته ، وأما في القراءة فقيل لنا : بين الضم والكسر والله أعلم ..) 67
فقوله (بين الضم والكسر) يؤكد ما نقلتَه عن صاحب الفريدة ، وقد يقال : هما وجهان .
والذي يظهر لي : أن الأمر لا خلاف فيه لأنهم يذكرون عن أبي جعفر وجهين الضم الخالص والإشمام فقط ، إنما اختلفوا في وصف الإشمام .
ومعلوم أن الإمام ابن مهران صاحب المبسوط (ولد 295 ت381) متقدم عن الخزاعي (ولد 332 ت408) وإن تمت المعاصرة بينهما ، فهذان وصفان من إمامين كبيرين فلابد لأحدهم أن يكون تجوّز في العبارة ، فأما الإشارة الكسر بضم الشفتين متعذر ، وقد ذكر بعضهم هذا القول في (قيل وحيل وبابهما ) وعلق عليهما الجعبري قائلا : ( وقيل : يشار بالضم مع الفاء أو قبل أو بعد (أي فاء الكلمة والمقصود به القاف من "قيل" ، والحاء من "حيل " ) وكل باطل ؛ إذ هو متعذر للتسفل والإطباق بالضم معا ) ص1108
والاطباق بالضم يقصد به وضه الشفتين عند النطق بالضم ، والتسفل وضع الشفتين عند الكسر فهذا متعذر .
والأمر في هذه المسألة نظير ما قاله الجعبري رحمه الله إذ يصعب التسفل والإشمام معا ..والله أعلم
والسلام عليكم