الاستشهاد بالآيات في غير ما نزلت فيه وتنزيل آيات الكفار على المؤمنين

إنضم
15 أبريل 2003
المشاركات
1,698
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ن وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:

فيكثر استشهاد الوعاظ وغيرهم بآيات مساقاتها الكاملة لا تدلُّ على ما استشهدوا به ، كما فعل بعضهم بوضع رسمٍ للدشِّ (اللاقط الفضائي) ، وكتب تحتها جزءَ آيةٍ ، وهي قوله تعالى :(;يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ) الحشر : 2
ولو نظرت إلى مساق الآية كاملاً لعلمت أنَّه في يهود بني النظير ، وانها تذكر ما حصل لهم لما حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخرجهم من حصونهم المنيعة ، قال تعالى :(هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأبْصَارِ) الحشر : 2
فهل يصحُّ هذا الاستدال وأمثاله ؟
هذا ما سأجتهد في تأصيله في هذه المقالة الموجزة .
إنَّ في الموضوع جانبان متقاربان :
الأول : الاستشهاد بجزء من الآية في غير ما وردت من أجلِه في الأصل .
الثاني : تنْزيل الآية على واقعة حادثةٍ ، وجعلُها مما يدخل في معنى الآيةِ .
فهل يوجد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة ومن بعدهم ما يدلُّ على صحَّةِ هذا العملِ ؟
1 ـ في تفسير قوله تعالى :(وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) الكهف : 54 ، يورد بعض المفسرين ما ورد في خبر علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ، فقال : ألا تُصَلِّيان ؟!
فقلت : يا رسول الله ، إنما أنفسنا بيد الله ، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا ، فانصرف حين قلت ذلك ، ولم يرجع إليَّ شيئًا ، ثم سمعته وهو مُوَلٍّ يضرب فخذه ويقول :(وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) الكهف : 54 أخرجه الإمام أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم .
وإذا رجعت إلى مساق الآيات التي ورد فيها هذا الجزء من الآية وجدته حديثًا عن الذين كفروا ، قال تعالى :(مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ، وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً ، وَرَأى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفاً ، وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْأِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً ، وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلاً ، وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً ، وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً) الكهف : 51 ـ 58
ومن هذه السياقات يتضح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم اقتطع هذا الجزء الذي يصدق على حال علي رضي الله عنه ، ولا يعني هذا أنَّه ممن اتصف بباقي تلك الصفات المذكورات أبدًا .
2 ـ في تفسير قوله تعالى :(أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا)الأحقاف : 20[1] ، ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ عمر رضي الله عنه رأى في يد جابر بن عبد الله درهمًا فقال : ما هذا الدرهم ؟
قال : أريد ان أشتري لحمًا لأهلي قَرِمُوا إليه .
فقال : أفكلما اشتهيتم شيئًا اشتريتموه ؟! أين تذهب عنكم هذه الآيةُ :(أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا) الأحقاف : 20 .
والآية التي يستشهد بها أمير المؤمنين جاءت في سياق التقريع والتوبيخ للكافرين ، وليست في سياق المؤمنين ، قال تعالى :(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُون) الأحقاف : 20 ، ومع ذلك استشهد بها أمير المؤمنين ونزَّلها على أهل الإيمان .
وهناك عدَّة آثارٍ ستأتي لاحقًا ، والمراد مما مضى أنَّ أصل هذا الموضوع موجودٌ في السنة وأقوال الصحابة .
إذا تأمَّلت هذه المسألةُ وجدت أنها ترجع إلى أصلٍ من أصولِ التفسيرِ ، وهو التفسيرُ على القياسِ ، والمرادُ به : إلحاقُ معنًى باطنٍ في الآيةِ بظاهرِها الَّذي يدلُّ عليه اللَّفظُ .
قالَ ابن القيِّم ( ت : 751 ) :( وتفسيرُ النَّاسِ يدورُ على ثلاثةِ أصولٍ :
تفسيرٌ على اللَّفظِ ، وهو الَّذي ينحو إليه المتأخِّرونَ .
وتفسيرٌ على المعنى ، وهو الَّذي يذكرُهُ السَّلفُ .
وتفسيرٌ على الإشارةِ والقياسِ ، وهو الَّذي ينحو إليه كثيرٌ من الصُّوفيَّةِ وغيرِهم).[2]
والتفسير على القياس موجودٌ في تفسيرِ السلفِ ؛ لكنَّه أقلُّ من القسمين الآخَرين . ومن أمثلتِه ، ما ورد في قوله تعالى :(فَلَمَّا زَاغُوا أزَاغَ الله) الصف : 5 ، أنها نزلتْ في الخوارجِ.[3]
فالمفسِّر انتزع هذا المقطع من الآيةِ ، ونزَّله على الخوارجِ الذين لم يكونوا عند نزولِ هذه الآياتِ ، وإنما جاءوا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي ، وإذا نظرتَ إلى سياقِ الآيةِ ، وجدتَ أنه في الحديثِ عن بني إسرائيل ، وأنهم هم الموصوفون بهذا الوصف ، قال الله تعالى :(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) الصف : 5
والمفسِّرُ هنا إنما أراد أنْ يُنبِّه إلى دخولِ الخوارجِ في حكمِ هذه المقطع من الآيةِ ، وأنهم مثالٌ لقومٍ مالوا عن الحقِّ ، فأمالَ اللهُ قلوبهم جزاءً وفاقاً لميلِهم ، وتنْزيل ذلك المقطع من الآية على الخوارجِ إنما هو على سبيلِ القياسِ بأمرِ بني إسرائيلَ ، وليس مراده أنهم هم سبب نزولها ، فهذا لا يقول به عاقل .
وعلى هذا يُقاسُ ما وردَ عن السلفِ في حكايةِ نزولِ بعض الآياتِ في أهلِ البدعِ ، وأنهم أرادوا التنبيه على دخولهم في حكم الآيةِ ، لا أنهم هم المعنيون بها دون غيرهم ، خاصةً إذا كانَ المذكورون غيرُ موجودينَ في وقتِ التنْزيل ؛ كأهلِ البدعِ الذينَ نُزِّلتْ عليهم بعضُ الآياتِ ، واللهُ أعلمُ .
قال الشاطبي :( …كما قاله القاضي إسماعيل ـ في قوله تعالى :(إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ) الأنعام : 159 بعد ما حكى أنها نزلت في الخوارج ـ : وكأنَّ القائل بالتخصيص ، والله أعلم ،لم يقل به بالقصد الأول ، بل أتى بمثالٍ مما تتضمنه الآية ؛ كالمثال المذكور ، فإنه موافق لما قال ، مشتهراً ( كذا) في ذلك الزمان ، فهو أولى ما يمثل به ، ويبقى ما عداه مسكوتاً عن ذكره عند القائل به ، ولو سئل عن العموم لقال به .
وهكذا كل ما تقدم من الأقوال الخاصة ببعض أهل البدع ، إنما تحصل على التفسير ، ألا ترى أن الآية الأولى من سورة آل عمران إنما نزلت في قصة نصارى نجران ؟! ثمَّ نُزِّلت على الخوارج ، حسبما تقدم ، إلى غير ذلك مما يذكـر في التفسير ، إنما يحملونه على ما يشمله الموضع بحسب الحاجة الحاضرة لا حسب ما يقتضيه اللفظ لغةً .
وهكذا ينبغي أن تفهم أقوال المفسرين المتقدمين ، وهو الأولَى لمناصبهم في العلم ، ومراتبهم في فهم الكتاب والسنة).[4]
وفي قوله تعالى :(وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال : 71 قال ابن عطيَّةَ ( ت : 542 ) :(وأما تفسير الآية بقصة عبد الله بن أبي السرح ، فينبغي أن يُحرَّرَ ، فإن جُلبتْ قصةُ عبد الله بن أبي السرح على أنها مثالٌ ، كما يمكن أن تُجْلَبَ أمثلةٌ في عصرنا من ذلك ، فحسنٌ . وإن جُلبت علـى أنَّ الآية نزلت في ذلك ، فخطاٌ ؛ لأنَّ ابن أبي السرحِ إنما تبيَّن أمره في يوم فتح مكة ، وهذه الآية نزلت عَقِيبَ بدرٍ).[5]
وفي قوله تعالى :(فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) الفجر : 15 ـ 20
قال ابن عطية ( ت : 542 ) :( ذكر الله تعالى في هذه الآية ما كانت قريش تقوله وتستدلُّ به على إكرام الله تعالى وإهانته لعبده ، وذلك أنهم كانوا يرون أن من عنده الغنى والثروة والأولاد ، فهو المُكرَم ، وبضدِّه المهانُ .
ومن حيثُ كان هذا المقطع غالباً على كثير من الكفار ، جاء التوبيخُ في هذه الآية لاسم الجنسِ ؛ إذ قد يقع بعض المؤمنين في شيء من هذا المنْزع [6]، ومن ذلك حديث الأعرابِ الذين كانوا يقصدون المدينة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فمن نال منهم خيراً ، قال : هذا دين حسنٌ ، ومن نال منهم شرٌّ ، قال : هذا دين سوءٍ).[7]
وقال ابن عطية ( ت : 542 ) في قوله تعالى :(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) الأنبياء : 1 :( وقوله تعالى :(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) عامٌّ في جميع الناسِ ، وإن كان المشارُ إليه في ذلك الوقت كفار قريشٍ ، ويدلُّ على ذلك ما بعدها من الآياتِ ، وقوله :(وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) ؛ يريد : الكفار .
قال القاضي أبو محمد [8]رحمه الله :(ويتَّجِهُ من هذه الآيةِ على العُصاةِ من المؤمنين قِسْطُهُم .
وقوله تعالى :(ما يأتيهم) وما بعدها مختصٌّ بالكفارِ).[9]
وقال في قوله تعالى :(وَإِذَا مَسَّ الْأِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) يونس : 12 ).
وقوله :(مرَّ) يقتضي أن نزولها في الكفار ، ثم هي بَعْدُ تتناول كل من دخل تحت معناها من كافرٍ أو عاصٍ).[10]
وقد ذكر الشنقيطي ( ت : 1393 ) ـ في معرضِ ردِّه على التقليدِ ـ آياتٍ في النهي عن التقليدِ ، فقال :(… وقال جل وعز :(وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ، قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ) الزخرف : 23 ـ 24 ، فمنعهم الاقتداء بآبائهم من قبول الاهتداء ، فقالوا : إنا بما أرسلتم به كافرون .
وفي هؤلاء ومثلهم قال الله عزَّ وجل :(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ) الأنفال : 22 ، وقال : (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ ، وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ) البقرة : 166 ـ 167 ، وقال عز وجل ـ عائباً لأهل الكفر وذامّاً لهم ـ :(ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون)[11] ، وقال :(وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) الأحزاب : 67 ، ومثل هذا في القرآن كثير في ذمِّ تقليد الآباء والرؤساء .
وقد احتجَّ العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ، ولم يمنعهم كفرُ أولئك[12] من الاحتجاج بها ؛ لأنَّ التشبيه لم يقع منهم من جهة كفرِ أحدهما وإيمانِ الآخرِ، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجةٍ للمقلِّد ، كما لو قلَّد رجلٌ ، فكفرَ ، وقلَّدَ آخرٌ ، فأذنبَ ، وقلَّدَ آخرٌ في مسألةِ دنياه ، فأخطأ وجهها ، كان كلُّ واحدٍ ملوماً على التقليدِ بغيرِ حجةٍ ؛ لأنَّ كل تقليدٍ يشبه بعضه بعضًا ، وإن اختلفت الآثامُ).[13]

ومن هذه النقولِ يتحصَّلُ ما يأتي :
1 ـ أنَّ مثلَ هذه التفاسيرِ أو الاستشهادات إنما جاءتْ على سبيلِ القياسِ .
2 ـ أنَّ هذا الأسلوبَ معروفٌ في السنة وآثار السلف ومن جاء بعدهم من العلماءِ ، ولذا حكموا بإبطالِ التقليدِ اعتمادًا على الآياتِ النازلةِ في الكفارِ .
3 ـ أنَّ القياسَ إنما هو بالاتصافِ بشيءٍ من أوصافِ الكفارِ التي قد تقع من عموم الناسِ . أما الأوصاف التي تختصُّ بوصف الكفرِ الأكبر ؛ كنواقض الإسلام العشرة التي ذكرها الشيخ محمد بن عبد الوهاب ، فهذه لو عمل بشيء منها فإنه يخرج عن مسمى الإيمان إلى الكفر ، ولا يدخل في ما سيق البحث من أجله .
وليس يلزمُ من تنْزيلِ الحكمِ بشيءٍ من أوصافِ الكفارِ على أحدِ العصاةِ ، أنه مُتَّصفٌ بكاملِ أوصاف الكفارِ ، وإلاَّ لكان الكلامُ عن كفارٍ ، لا عن مؤمنينَ ، وهذا ما وضَّحه الشنقيطيُّ ( ت : 1393 ) في المثال الذي ذكره في حكمِ التقليدِ .

* ضوابط وتنبيهات في مسألة الاستشهاد وما جرى مجراها :
أولاً : يحسُنُ ذكرُ مدلولِ الآيةِ المطابقِ ، وهو أنها نازلةٌ في الكفارِ ، وأنه يُستفادُ منها أنَّ من اتصف بهذه الصفةِ من المسلمينَ ، فأنه يُلحقُ بحكم الكفارِ ، ولكنْ كلٌّ بِحَسَبِه ، فهذا كافرٌ كفراً محضاً ، وهذا مسلمٌ عاصٍ وافق الكفارَ في هذه الصفةِ ، واللهُ أعلمُ .

ثانيًا : إنَّ من سلكَ هذا الطريقَ ، فإنه لا يصحُّ أنْ يقصِرَ الآيةَ على ما فسَّرَ به قياساً ، ولو فعلَ لكانَ فِعْلُه تحكُّماً بلا دليلٍ ، كما هو حالُ أهل البدعِ ، والتَّحَكُّمُ لا يَعجزُ عنه أحدٌ .

ثالثًا : يلزمُ أن يكونَ بين معنى الآيةِ الظاهرِ وبين ما ذكرَه من الاستشهاد أو التفسيرِ قياساً ارتباطٌ ظاهرٌ ، وإلاَّ كانَ الاستشهاد بالآية أو حملُها على التفسيرِ القياسيِّ خطأً .
وليعلم أنَّ الاستشهاد أشبهَ حكاية الأمثال التي يتمثَّلُ بها الناس في محاوراتهم ، مع ملاحظة الفارقِ بين الأمرين كما سيأتي ، فكم من الناس يتمثَّل بقول الشاعر :
تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد
وخراش في هذا البيت كلب صيدٍ ، وقد يحسبه السامعون اسم رجلٍ ، والاستشهاد به على أنه كلب ليس يعني أبدًا أنَّ المستشهد عليه يكون كلبًا ، فالمثل يُحكى كما قيل ، ويستفاد منه في الأحوال المشابهة لأصل المثل ، ولا يعني هذا التماثل في كل شيء .
غير أنَّ الاستشهاد بالآية القرآنية يلزم منه معرفة الأصل الذي تدلُّ عليه الآيةُ ، وإلاَّ لما أمكن إدراك وجه الشبه بين المستشهَد به والمستشهَدِ عليه .
كما يلزم إثبات ذلك الأصل والقولَ به ، ثمَّ الاستدلال به بعد ذلك ، وهذا لا يلزم في المثلِ ، فكم من مثل تنَزِّله على واقعة معيَّنة ، وأنت لا تعرف أصل حكاية هذا المثلَ ، ولا يضير هذا شيئًا إن كنت تعرف مكان ضربه ، وهذا ما لا يتأتَّى مع آيات القرآن .
ومما يُنبَّه عليه هنا أنه لا يجوز الاستشهاد بالقرآن في مواطن الهزل ، فهذا حرام لا يجوز القول به ، ومثله الاقتباس الذي يعمله بعض الشعراء في شعرهم ، فيدخلون مقطعًا من آيةٍ في مواطن هزلية أو غير لائقة بالقرآن ، فيجب الحذر من ذلك ؛ لنه من المحرمات ، فالقرآن جِدٌّ كلُّه ليس فيه هزل ، كما قال تعالى :(إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ، وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ) الطارق : 14
وأخيرًا ، يجبُ أن يُعلمَ أنَّ هذا الاستشهاد أو حمل الآية على التفسير بالقياس أنه من التفسيرِ بالرأي ، ولذا يلزمُ الحذرُ منه ، والتأكُّدُ من صحةِ حملِ الآيةِ عليه.

ـــــــــ
* الحواشي:
(1) انظر الدر المنثور (7:445-446) وقد أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والبيهقي ، كما أورد السيوطي عدة آثار عن عمر بن رضي الله عنه في نفس المعنى (7:446-447).
(2) التبيان في أقسام القرآن ، تحقيق طه شاهين ص 51
(3) ورد ذلك عن أبي أمامة ، انظر تفسير الطبري . ط. الحلبي (28:86-87)
(4) الاعتصام للشاطبي ، تحقيق محمد رشيد رضا (1:103)
(5) المحرر الوجيز ، ط.قطر (6:386-387)
(6) نقل الطاهر بن عاشور هذه الجملة عن ابن عطية ، ولم يعترض عليها ، انظر : التحرير والتنوير (30:326-327)
(7) المحرر الوجيز ، ط. قطر (10:122)
(8) هو ابن عطية.
(9) المُحرر الوجيز ، ط.قطر (10:122)
(10) المحرر الوجيز ، ط.قطر عند تفسير الآية.
(11) كذا وردت عند الشيخ ، وفي هذا وهم لأنه جمع بين آيتين من سورتين مختلفتين فيهما القصة نفسها ، والآيات التي تصلح لغرضه ما في سورة الشعراء من قوله تعالى :(واتل علهم نبأ إبراهيم..) إلى قوله :(قالوا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون). الشعراء:69-74
(12) يقصد فكر المقلدين من الكفار الذين نزلت الآيات حاكية أمرهم في تقليد الآباء والرؤساء.
(13) أضواء البيان (7:490-491)
 
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وبعد:
فشكر الله لفضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار مقاله النافع ، وتأصيله الماتع، وجعل ما خطه في موازين حسناته، ورفعة في درجاته، ثم محبة في الأنس بمشاركة أهل العلم، والانتظام في سلك مجالسهم، رقمت هذه السطور، ليطلع عليها فضيلته فيقوم عوجها، ويتم مخدجها، معتذرا عن ما قد يوهم الرد من عدم مراعاة الأدب ، فلست ممن يخطئ الشيخ أو يستدرك عليه :
[align=center]وابن اللبون إذا ما لز في قَرَنٍ * لم يستطع صولة البزل القناعيسِ[/align]
لكنني أحببت الإشارة إلى رأي خاص في تنزيل الأمثلة المذكورة على القسم الأخير من الأقسام التي ذكرها ابن القيم رحمه الله تعالى في أقسام القرآن، فظهر لي أن دخولها في المعنى الثاني هو الأقرب إلى مراد الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى، ويتضح ذلك مما يلي:
1- أن التفسير بالقياس قد نص ابن القيم في تقسيمه أنه كثير عند الصوفية بينما الأمثلة التي ذكرها هي الغالب في تفسير السلف ، وهو معلوم بالاستقراء من كلامهم
2- أن ابن القيم رحمه الله قد ذكر الأمثلة التي تنزل على القياس مما يوضح مراده بذلك، قال رحمه الله تعالى:(وقال قتادة الموريات هي الخيل توري نار العداوة بين المقتتلين وهذا ليس بشيء وهو بعيد من معنى الآية وسياقها وأضعف منه قول عكرمة هي الألسنة توري نار العداوة بعظيم ما نتكلم به وأضعف منه ما ذكر عنه مجاهد هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة في الحرب وهذه الأقوال إن أريد أن اللفظ دل عليها وأنها هي المراد فغلط وإن أريد أنها أخذت من طريق الاشارة والقياس فأمرها قريب وتفسير الناس يدور على ثلاثة ......... ) ثم ذكر الكلام الذي نقله فضيلة الدكتور.
قلت:
ويتضح من ذلك أن الأقوال التي مثل بها للتفسير بالقياس بعيدة من جهة اللفظ والمعنى فلا تدخل في العموم ، فأنت تلاحظ أن المعنى المستنبط بين الخيل التي توري النار بقوائمها وبين أفكار الرجال وجدته بعيدا كما أشار ابن القيم رحمه الله، فلا يدخل في اللفظ لا مطابقة ولااقتضاء ولا يشمله عموم.
ثم قال أورد رحمه الله شروط التفسير بالقياس ويظهر منها عدم دخول الامثلة فيه:
حيث قال في الشروط :
1- أن لا يناقض معنى الآية
2- وأن يكون معنى صحيحا في نفسه
3- وأن يكون في اللفظ إشعار به
4- وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطا حسنا.
قلت : فأقوى ما هناك إشعار أو ارتباط أو تلازم أما دخول في اللفظ فلا ، هذه غاية التفسير بالقياس.
3- أن دخول بعض أفراد العام في اللفظ العام ليس قياسا كما هو معلوم
4- أن الاستدلال بالآية في مواضع الاحتجاج على أنها من القياس أضعف عند الترجيح ومعارضة الادلة من الاستدلال بدخولها في العام وهذا يمكن أن يكون ثمرة الخلاف المهمة في هذا المبحث، بل يجعل من السهل رد الاستدلال بقوادح القياس الكثيرة تارة، وبعدم اكتمال أركانه تارة أخرى، فما أسهل أن يرد الخارجي عن دخول الخوارج في قوله تعالى: إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، بأنه قياس مع الفارق وهو إيراد لا يمكن دفعه
5- قد يقول قائل لا مشاحة في الاصطلاح فالقياس هنا ليس قياس الفقهاء المعروف، نقول بل هو هنا أضعف من القياس عند الفقهاء فالعلة الجامعة عند الفقهاء لا بد أن تكون ظاهرة واضحة وليس خفية بل بعيدة أحيانا كما هو في الإشارة والقياس
6- أنقل كلاما نفيسا- اقرأه عافاك الله لزاما- ( وهو معلوم مشهور لكني أكفي الأخوة مؤونة مراجعته ) قال شيخ الأسلام في مقدمة التفسير : وهو يتكلم عن خلاف السلف التفسير وانقسامه إلى صنفين: قال [مجموع الفتاوى ج: 13 ص: 337] :(الصنف الثانى أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود فى عمومه وخصوصه مثل سائل أعجمى سأل عن مسمى لفظ الخبز فأرى رغيفا وقيل له هذا فالاشارة الى نوع هذا لا الى هذا الرغيف وحده مثال ذلك ما نقل فى قوله ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للمحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون هم أصحاب اليمين والسابقون السابقون أولئك المقربون ثم إن كلا منهم يذكر هذا فى نوع من أنواع الطاعات كقول القائل السابق الذي يصلى فى أول الوقت والمقتصد الذي يصلى في أثنائه والظالم لنفسه الذى يؤخر العصر إلى الاصفرار ويقول الآخر السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم في آخر سورة البقرة فانه ذكر المحسن بالصدقة والظالم يأكل الربا والعادل بالبيع والناس في الأموال إما محسن وإما عادل وإما ظالم فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة والمقتصد الذي يؤدى الزكاة المفروضة ولا يأكل الربا وأمثال هذه الأقاويل فكل قول فيه ذكر نوع داخل فى الآية ذكر لتعريف المستمع بتناول الآية له وتنبيهه به على نظيره فان التعريف بالمثال قد يسهل أكثر من التعريف بالحد المطلق والعقل السليم يتفطن للنوع كما يتفطن اذا أشير له الى رغيف فقيل له هذا هو الخبز وقد يجىء كثيرا من هذا الباب قولهم هذه الآية نزلت فى كذا لا سيما ان كان المذكور شخصا كأسباب النزول المذكورة فى التفسير كقولهم ان آية الظهار نزلت فى امرأة أوس بن الصامت وان آية اللعان نزلت فى عويمر العجلانى أو هلال بن أمية وأن آية الكلالة نزلت فى جابر بن عبدالله وأن قوله وان أحكم بينهم بما أنزل الله نزلت في بنى قريظة والنضير وان قوله ومن يولهم يومئذ دبره نزلت فى بدر وان قوله شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت نزلت فى قضية تميم الداري وعدى بن بداء وقول أبى ايوب أن قوله ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة نزلت فينا معشر الأنصار الحديث ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل فى قوم من المشركين بمكة أو في قوم من أهل الكتاب اليهود والنصارى أو فى قوم من المؤمنين. فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الاعيان دون غيرهم فان هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الاطلاق والناس وان تنازعوا فى اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا فلم يقل أحد من علماء المسلمين ان عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين وانما غاية ما يقال أنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ والآية التى لها سبب معين ان كانت أمرا ونهيا فهى متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته وان كانت خبرا بمدح أو ذم فهى متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته أيضا).

قال الشيخ مساعد وفقه الله: ( والمفسِّرُ هنا إنما أراد أنْ يُنبِّه إلى دخولِ الخوارجِ في حكمِ هذه المقطع من الآيةِ ، وأنهم مثالٌ لقومٍ مالوا عن الحقِّ ، فأمالَ اللهُ قلوبهم جزاءً وفاقاً لميلِهم ،
قلت: هذا كلام متين ، يبين المراد، فدخولهم تحت المقطع من باب الدخول تحت حكم العام
وأنفس ما فيه قوله: دخولهم تحت المقطع ، فلم يقل دخولهم في النوع الذي نزلت فيه أو في مجمل الآية ، وتأمل قوله في المقطع فهو ملحظ نفيس .
ثم قال (وفقه الله): ( وتنْزيل ذلك المقطع من الآية على الخوارجِ إنما هو على سبيلِ القياسِ بأمرِ بني إسرائيلَ ، وليس مراده أنهم هم سبب نزولها).
قلت: هنا محل الإشكال ، فنفي أن يكونوا الخوارج سبب نزول الآية، لا يلزم منه أن تنزيل الآية عليهم على سبيل القياس ، وعند التأمل يظهر ذلك جليا،
فلا يلزم من عدم نزول الآية فيهم أن لا يدخلوا في حكمها إلا من طريق القياس ،وهذا لا يقول به فضيلة الشيخ كما أعلم ، فهم يدخلون في العموم كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى كما نقلت قريبا.

ولذا قرر الشيخ الدكتور مساعد ( رفع الله درجته) بنفسه بقوله :(وعلى هذا يُقاسُ ما وردَ عن السلفِ في حكايةِ نزولِ بعض الآياتِ في أهلِ البدعِ ، وأنهم أرادوا التنبيه على دخولهم في حكم الآيةِ ، لا أنهم هم المعنيون بها دون غيرهم ، خاصةً إذا كانَ المذكورون غيرُ موجودينَ في وقتِ التنْزيل ؛ كأهلِ البدعِ الذينَ نُزِّلتْ عليهم بعضُ الآياتِ ، واللهُ أعلمُ .
قال الشاطبي : » …كما قاله إنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاًالقاضي إسماعيل ـ في قوله : ] الأنعام : 159 [ بعد ما حكى أنها نزلت في الخوارج ـ :لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ وكأنَّ القائل بالتخصيص ، والله أعلم ،لم يقل به بالقصد الأول ، بل أتى بمثالٍ مما تتضمنه الآية ؛ كالمثال المذكور ، فإنه موافق لما قال ، مشتهراً ] كذا [ في ذلك الزمان ، فهو أولى ما يمثل به ، ويبقى ما عداه مسكوتاً عن ذكره عند القائل به ، ولو سئل عن العموم لقال به .اهـ

ولذا فإني آمل من فضيلة الشيخ الدكتور سدده الله أن يفيدنا وقراء الملتقى بمسائل:
1- تحرير معنى التفسير بالإشارة والقياس تحرير تدقيقا ننتفع به مع التمثيل له.
2- تفصيل الكلام عن معنى كلام ابن القيم الذي نقله في أقسام التفسير.

وأسجل في الختام اعترافا بأني بأني من الركبان ، وليس لي علم بصيارفة البلد وأسعار السوق ، وقد نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان ، فمن تلقاهم فهم بالخيار عند نزولهم الأسواق ، وعفا الله عمن عفا، ووجد الخرق متسعا فرقع ورفا ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله المستكملين الشرفا.
كتبه عبدالله بن بلقاسم عفا الله عنه
 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومصطفاه وبعد؛ فكم والله سعدت بهذا الموقع المبارك ؛فأسرعت الدخول مذ رأيت إعلانه في الردادي . ولكن لضيق الوقت لم أستطع المعاودة - مع شدة إعجابي بالمنتدى وقناعتي بكفاءة القائمين عليه سدد الله خطاهم - فلما كان بالأمس القريب إذا بتزكية قوية لهذا المحفل تصلني من شيخ لي كريم مصحوبة بحث على المشاركة في الملتقى ،فازداد الإعجاب به ولزمت المبادرة إليه . وأنا الآن أتقدم بالشكر الجزيل والدعاء الخالص لشيخي مساعد فليست بأول بركاتك -عليِّ- أبا عبدالملك.
وكم شدني الطرح المحرر والعرض المدرر في هذا الموضوع من شيخنا وممن أثروا الموضوع وأخص الأخ الكريم :عبدالله بن بلقاسم.
ولي وقفة سريعة حول الضابط الأول الذي ذكره شيخنا-رعاه الله -حيث قال :
(أولاً : يحسُنُ ذكرُ مدلولِ الآيةِ المطابقِ ، وهو أنها نازلةٌ في الكفارِ ، وأنه يُستفادُ منها أنَّ من اتصف بهذه الصفةِ من المسلمينَ ، فأنه يُلحقُ بحكم الكفارِ ، ولكنْ كلٌّ بِحَسَبِه ، فهذا كافرٌ كفراً محضاً ، وهذا مسلمٌ عاصٍ وافق الكفارَ في هذه الصفةِ ، واللهُ أعلمُ .)
فأقول ألا ترى أبا عبد الملك أن الشواهد التي أثريت بها المسألة (قصة المصطفى صلى الله عليه وسلم مع علي وفاطمة رضي الله عنهما-وقصة عمر مع جابر رضي الله عنهما)لم تحو هذا الضابط فلم نشترطه أو نحسنه ؟ إلا إن كان ذلك في مقام تعليم فلا بأس .
آمل أن تبدو لي وجة نظركم والله يرعاكم.
 
الأخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة وبركاته
لقد اطلعت على مشاركاتكم وتعقيباتكم على هذا المقال ، وأعدكم ـ إن يسَّر الله ـ أن أرد على الملاحظات التي لاحظها بعض الكرام : عبد الله بالقاسم وأبا محمد قرناس ، حفظ الله الجميع .
وكم أسعدتني هذه الملاحظات التي تنِمُّ عن فهم لما طُرح ، وتصحيح لما يقع من خطأ أو قصور في العبارة ، وزيادةٍ له في ذكر ما قد غُفِلَ عنه .
أتمنى أن يبقى التواصل العلمي على هذا النحو الرائع ، ووفق الله الجميع
محبكم : أبو عبد الملك .
 
بسم الله

تساؤل يتعلق بالمثال الأول في شأن علي رضي الله عنه ؛ وهو : أليس الأولى والأظهر أن المراد بالإنسان في قوله تعالى : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ) عموم الإنسان ، فيدخل فيه المؤمن والكافر ؟! وهل دلالة السياق التي ذكرتها - وفقك الله - كافية لتخصيص هذا العموم ؛ إذ المتقرر عند المفسرين أنه لا يجوز قصر العام على بعض أفراده إلا بحجة يجب التسليم لها .

والذي يظهر لي - والله أعلم - أن دلالة السياق هنا لا تقوى لتخصيص العموم ؛ فلقائل أن يقول : إن قوله تعالى :(ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ) مستأنف ، وظاهر الآية يدل على أن المراد عموم الناس .

هذه وجهة نظر قابلة للمناقشة ، وإذا كانت مقبولة فالمثال خارج عن المراد تقريره في موضوع الاستشهاد بالآيات في غير نزلت فيه .
 
نشكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار رعاه الله على هذا الموضوع القيم ، وأحب أن أضيف ما يلي :

1- تحرير المسألة :

ومن باب زيادة الإيضاح: فهل المراد من التنزيل : أن يأتي المفسر لآية نزلت في ذم الكفار أو أفعال لهم ثم يُطلق حكمها على المسلمين . إن كانت هذه المسألة :
ألا يمكن أن يقال:
أن ما نزل في الكفار على أقسام :
أ ـ منه ما نزل في فعل لا يشاركهم فيه غيرهم كقوله تعالى : ( وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الأنفال : 71 . فهذا المعنى لا يجوز إطلاقه على المسلمين إذ لا يمكن أن يتصور من مسلم إرادة خيانة الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم.

ب ـ ومنه ما نزل فيهم لصفات قد يشترك فيها معهم غيرهم من المسلمين كقوله تعالى : ( وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ) ومما يدل على اشتراك الجميع ( أل ) المفيدة للعموم في قوله الإنسلن . فهنا يمكن إطلاق هذا اللفظ على غير الكفار لعدم اختصاصهم به.

2- صلة هذا الموضوع بباب العموم والقياس :
ويبدو لي والله أعلم أن هذا الموضوع مسيس بباب العموم والقياس .
والأصل في العام شموله لجميع أفراده إلا لمخصص .
وأما القياس فإذا اتفقت العلة فالقياس صحيح .
ولذا فإذا وجد لفظ عام يدخل تحته أفراد كثيرة فلا يمكن تخصيصه ببعضهم إلا لمخصص صحيح .
وإذا عرفت علة الذم للكفار فإن تحققت في غيرهم جاز أن يتناول الذمُ من تحققت فيه العلة إذ الشارع لا يفرق بين المتماثلات ولا يجمع بين المفترقات .



3- التفريق بين الكلام في سبب النزل وفي عموم المعنى :
ومعنى ذلك أن سبب الآية لا يمكن لأحد أن يدعي أنه متأخر عنها .
لكن الكلام هنا حسب ما فهمته من فضيلة شيخنا الدكتور مساعد رعاه الله هو في عموم المعنى هل يشمل غير من نزلت فيهم الآية .

والله أعلم .
 
بسم الله

يرفع للتذكير وإعادة النظر . وأضيف سؤالاً هنا له تعلق بهذا الموضوع ، وهو :

ما مدى صحة ما ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره وهو يفصل الحكم في التفسير بالرأي المنهي عنه بقوله :

وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلاً من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به ، كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيقول : قال الله تعالى : ( اذهب إلى فرعون إنه طغى ) ويشير إلى قلبه ، ويومئ إلى أنه المراد بفرعون ، وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسيناً للكلام وترغيباً للمستمع وهو ممنوع لأنه قياس في اللغة ، وذلك غير جائز ) .
انتهى من تفسير القرطبي 1/33 ]
 
وجدت في فتاوي ابن الصلاح المطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنبرية مسألة عن تفاسير الصوفية لها صلة بموضوع القياس في التفسير ، وهو أن تفسر الآية بتفسير بعيد قياساً على تفسيرها المعروف .

سئل ابن الصلاح عن قول بعض المتصوفة في تفسير قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ } (التوبة: من الآية123) : قالوا : هي النفس . وكان يقول أحدهم : أُمرنا بقتال من يلينا لأنهم أقرب إلينا ، وأقرب شر إلى الإنسان نفسه .

فكان مضمون ما أجاب به بعد تهذيبه واختصاره : ( أقول : الظن بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئاً من أمثال ذلك فإنه لا يذكره كتفسير وشرح للكلمة المذكورة في الآية من القرآن الكريم ، وإنما ذلك ذكر منهم لنظير ما ورد به القرآن ؛ فإن النظير يذكر بالنظير . فمعنى قوله الذي ذكره السائل : أمرنا بقتال النفس مع من يلينا من الكفار .
ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا في مثل ذلك لما فيه من الإيهام والالتباس . والله أعلم .)
 
ذكر القرطبي عند تفسيره لقول الله تعالى " أجعلتم سقاية الحاج زعمارة المسجد الحرام .." الآية

فإن قيل : فعلى هذا يجوز الاستدلال على المسلمين بما أنزل في الكافرين ومعلوم أن أحكامهم مختلفة ؟
قيل له : لا يستبعد أن ينتزع مما أنزل الله في المشركين أحكام تليق بالمسلمين ...[ثم استشهد بقول عمر ثم قال " وهذه الآية نص في الكفار ومع ذلك ففهم منها عمر الزجر عما يناسب أحوالهم بعض المناسبة ولم ينكر عليه أحد من الصحابة فيمكن أن تكون هذه الآية من هذا النوع وهذا نفيـس وبه يزول الإشكال ويرتفع الإبهام .إ.هـ

قلت : وقد روى البخاري في أفراده قصة الأسود لما كان في حلقة ابن مسعود ومر عليهم حذيفة رضي الله عنه فوقف عليهم وسلم ثم قال لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم قال الأسود : سبحان الله إن الله يقول " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " فتبسم ابن مسعود وجلس حذيفة في ناحية المسجد ...إلى آخر الحديث

وذكر البخاري في صحيحه معلقا مجزوما به ووصله ابن أبي حاتم قالت عائشة رضي الله عنها إذا أعجبك حسن عمل امرئ مسلم فقل ( اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) ولا يستخفنك أحد .
ولا شك أن الآية في سياق المنافقين ولهذا شيخنا ابن عثيمين منع من الاستشاد فيما اعتاد الناس عليه وهذا هو حجته رحمه الله

ولكن قد يقول قائل إن القاعدة التي تلقيت بالقبول " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب شاهدة بجواز استخدامها حتى على المسلمين فيما يصح الاستشاد بها والله أعلم
 
جزاكم الله خيرا
ومما قد يقال أنه يدخل في هذا الباب (أعني (الاستشهاد بالآيات في غير ما نزلت فيه وتَنْـزِيلِ آياتِ الكُفَّارِ عَلَى المُؤْمِنِينَ)

ماجاء في مواهب الجليل
(وفي المسائل الملقوطة قال مالك: لا تزوج إلى القدرية يعني أنه يفسخ النكاح الواقع بين أهل السنة وبينهم. هذا على القول بتكفيرهم، وأما على القول بأنهم فساق فهم كالفاسق بجوارحه وأشد لانه يجرها إلى اعتقاده ومذهبه ولا يتزوج منهم ولا يزوجون من نساء أهل السنة. وقول مالك في القدرية جار فيمن يساويهم في البدعة، وفي بعض الروايات أن مالكا تلا قوله تعالى * (ولعبد مؤمن خير من مشرك) * وهذا يدل على أنه أراد تكفيرهم. اه من تسهيل الامهات. انتهى

وفي الشفا:(و اختلفت الروايات عن مالك ، فاطلق في رواية الشاميين : أبي مسهر ، و مروان بن محمد الطاطري الكفر عليهم ، و قد شوور في زواج القدري ، فقال : لا تزوجه ، قال الله تعالى : ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم [ سورة البقرة / 2 ، الآية : 221 ] . ) انتهى
فقوله (يدل على أنه أراد تكفيرهم) وقوله(الكفر عليهم) قد ينازع فيه بأنه لم يرد ذلك وإنما اراد الاستشهاد.
بيان ذلك في الشفا :(قال إسماعيل القاضي : و إنما قال مالك في القدرية و سائر أهل البدع : يستتابون ، فإن تابوا و إلا قتلوا ، لأنه من الفساد في الأرض ، كما قال في المحارب : إن رأى الإمام قتله ، و إن لم يقتل ، قتله ، و فساد المحارب إنما هو في الأموال و مصالح الدنيا ، و إن كان قد يدخل أيضاً في أمر الدين من سبيل الحج و الجهاد ، و فساد أهل البدع معظمه على الدين ، و قد يدخل في أمر الدنيا بما يلقون بين المسلمين من العداوة.
)
وفي الشفا :(و هذا قول محمد بن المواز في الخوارج و عبد الملك بن الماجشون ، و قول سحنون في جميع أهل الأهواء ، و به فسر قول مالك في الموطأ ، و ما رواه عن عمر بن عبد العزيز و جده و عمه ، من قولهم في القدرية يستتابون ، فإن تابوا و إلا قتلوا .
و قال عيسى عن ابن القاسم ـ في أهل الهواء من الإباضية و القدرية و شبههم ممن خالف الجماعة من أهل البدع و التحريف ، لتأويل كتاب الله : يستتابون أظهروا ذلك أو أسروه . فإن تابوا إلا قتلوا ، و ميراثهم لورثتهم .
و قال مثله أيضاً ابن القاسم في كتاب محمد في أهل القدر و غيرهم ، قال : و استتابتهم أن يقال لهم : اتركوا ما أنتم عليه .
و مثله له في المبسوط في الإباضية و القدرية و سائر أهل البدع ، قال : و هم مسلمون ، و إنما قتلوا لرأيهم السوء ، و بهذا عمل عمر بن عبد العزيز . )انتهى
والله أعلم
 
أستاذي الكريم د.مساعد الطيار

بارك الله فيك على هذا الجهد القيم والبحث الطيب


أستفدت منه جداً

جازاك الله خيرا
 
طيب ....ألا يمكن القول :إن ذلك ليس للإستشهاد و إنما للتحذير في الوقوع فيما وقع فيه الكفار و وجوب البعد عن ذلك فاليهود ( يخربون بيوتهم بأيديهم و أيدي الؤمنين )
=============
و قد قال تعالى (( يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذو موسى فبرأه الله مما قالوا ))
و الخطاب موجه لأصحاب نبينا محمد صلى الله عليه و سلم و هم لم يؤذوه ...حاشاهم ..
=============
و الخطيب قد يأتي بالآية ليس للإستشهاد ... و إنما للتحذير من مشابهتم في فعلهم ....
وفقك الله ..... هل كلامي هذا صحيح ؟؟؟؟
 
مساعد الطيار قال:
الأخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة وبركاته
لقد اطلعت على مشاركاتكم وتعقيباتكم على هذا المقال ، وأعدكم ـ إن يسَّر الله ـ أن أرد على الملاحظات التي لاحظها بعض الكرام : عبد الله بالقاسم وأبا محمد قرناس ، حفظ الله الجميع .
وكم أسعدتني هذه الملاحظات التي تنِمُّ عن فهم لما طُرح ، وتصحيح لما يقع من خطأ أو قصور في العبارة ، وزيادةٍ له في ذكر ما قد غُفِلَ عنه .
أتمنى أن يبقى التواصل العلمي على هذا النحو الرائع ، ووفق الله الجميع
محبكم : أبو عبد الملك .


لعل شيخنا الكريم أن يقوم بما وعدنا به ، ويرد على بعض السؤالات المطروحة تعقيباً على هذا الموضوع المهم.
ولعل الله أن ييسر له ذلك.
 
بسم الله .. والحمد لله ... والصلاة والسلام على رسول الله ...
يُرفَع للتذكِرة ..

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
 
]بسم الله .. والحمد لله ... والصلاة والسلام على رسول الله ...

يُرفَع للتذكِرة ..

وأرجو من أساتذتنا الأفاضل أن يزيدونا فى هذا الأمر .. خاصّة وما انتشر بشدة من الاستشهاد بالآيات فى غيرِ موضِعِها

إطلاقًا ..

إلى أن وصل الأمر بأن وضع أحدهم على مكتبتِه قوله تعالى " فيها كُتُبٌ قيّمة " !!

وسبحان الله كم ضل كثير وأضلوا بسبب عدم الفهم الصحيح والاستشهاد الصحيح بالآيات ..

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا .. اللهم آمين .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
 
ما شاء الله تبارك الرحمن، مقال رائع بل أكثر.
بارك الله فيكم شيخنا الحبيب وجزاكم الله خيرا، وعندي مداخلة بسيطة: الشيعة الإمامية -وغيرهم من أهل البدع المفلسين من الأدلة على بدعتهم- يلجؤون دائما لإقتطاع أجزاء من الآيات ثم إنزالها على أهوائهم، ولو رجعت إلى أصل الآية وسبب نزولها وسياقها لوجدتها شرقا ووجدت هذا المبتدع المسكين يفسر غربا! ، وأذكر مثلا قولهم عن قوله تعالى: (( وإن من شيعته لإبراهيم ))، أي أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم هو فرد من شيعة علي رضي الله عنه! وهذا القول لا يقوله عاقل فضلا عن عالم بأن الآية نزلت في نوح عليه الصلاة والسلام وأن إبراهيم من شيعته.
فقد قال تعالى: (( وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76) وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ (77) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ (78) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (81) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (82) وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ (83) إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84) )). الآيات.
فالحمدلله على نعمة التوحيد السنة.
وما كان من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله وأتوب إليه.
 
بسم الله

يرفع للتذكير وإعادة النظر . وأضيف سؤالاً هنا له تعلق بهذا الموضوع ، وهو :

ما مدى صحة ما ذكره القرطبي في مقدمة تفسيره وهو يفصل الحكم في التفسير بالرأي المنهي عنه بقوله :

وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلاً من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به ، كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيقول : قال الله تعالى : ( اذهب إلى فرعون إنه طغى ) ويشير إلى قلبه ، ويومئ إلى أنه المراد بفرعون ، وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسيناً للكلام وترغيباً للمستمع وهو ممنوع لأنه قياس في اللغة ، وذلك غير جائز ) .
انتهى من تفسير القرطبي 1/33 ]

اذا تأذن لي أخي مجاهد ويأذن لي الشيخ مساعد
ما تفضلت بنقله عن القرطبي هو ما ذكره الشيخ مساعد في ماكتبه بأنه التفسير الاشاري وهو أحد انواع التفسير بالرأي وله شروطه وضوابطه من حيث ذمه وجوازه
ولعل ما تطرق إليه الشيخ مساعد في مبحثه هو ايضا ما يدور عليه كلام القرطبي فالغرض الصحيح كما عبر به القرطبي ومثل له (مجاهدة القلب القاسي) لا يكون مبررا لأن يورد الانسان استشهادا له بآية بعيده كل البعد في معناها وألفاظها اللغوية عن الدلالة عليه
وهو ما يعبر عنه في اصول الفقه ( الغاية لا تبرر الوسيلة )
 
أولا أود أن أشكر فضيلة شيخنا د/ مساعد على هذا البحث القيم وجميع الإخوة الذي عقبوا على الموضوع فمنكم نستفيد ونأمل أن يتحفنا بما وعدنا به من تكملة لهذا المقال الشيق
 
جزاكم الله خير على الموضوع يادكتور ونتمنى حفظكم الله أن تستمروا بالبيان والإستشهاد تلميذكم /أبوسلمان/قطر
 
جزاكم الله خير على الموضوع يادكتور ونتمنى حفظكم الله أن تستمروا بالبيان والإستشهادبالتفسير الموضوعي للأيات تلميذكم /أبوسلمان/قطر
 
لفتة نظر بسيطة

لفتة نظر بسيطة

بداية أشكر شيخي الفضال الدكتور مساعد على هذا الطرح الماتع، ولفت نظري قوله في الهامش (11) أن الشيخ الأمين عليه رحمة الله قد وهم، بجمعه بين آيتين من سورتين في القصة نسفها، وبالرجوع إلى تفسير الشيخ الشقيطي 5/93، سورة القتال الآية (24) طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت، ط1/1417هـ ـ 1996م، وجدته ذكر آية الأنبياء (52، 53)، وهي صالحة، والاستدلال بها مستقيم، فلعله وقع في طبعة الشيخ مساعد تصحيف أو تحريف.

وبالمناسبة فالإمام الشنقيطي قد أطال النفس في تفسير هذه الآية الكريمة، ولعل الله ييسر فنرجع إليها، وننقل بعضاً من درر ما قاله وقرره.
والله أعلم.
 
اللهم علمنا ما جهلنا
كنت أقرأ في كتاب الجديع المقدمات ، وبما أني استفدت من هذا الموضوع النافع فيما سبق تعجبت من مثال أورده الجديع ، واحترت بسبب المعلومات الواردة هنا وما دل عليه الأثر ، وهو :
" أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدْ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ
{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا }" أهــ
فكيف يجمع طالب العلم بين ما قيل هنا عن تنزيل آيات الكفار على المؤمنين ، وبين هذا الأثر ، وماذا عن قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، هل هي على إطلاقها أم هناك ما يخصصها ، هذا محير !
جزاكم الله خيرا .
 
اللهم علمنا ما جهلنا
كنت أقرأ في كتاب الجديع المقدمات ، وبما أني استفدت من هذا الموضوع النافع فيما سبق تعجبت من مثال أورده الجديع ، واحترت بسبب المعلومات الواردة هنا وما دل عليه الأثر ، وهو :
" أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْ لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدْ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ
{ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا }" أهــ
فكيف يجمع طالب العلم بين ما قيل هنا عن تنزيل آيات الكفار على المؤمنين ، وبين هذا الأثر ، وماذا عن قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، هل هي على إطلاقها أم هناك ما يخصصها ، هذا محير !
جزاكم الله خيرا .

الأخت الفاضلة أم عبد الله
أعتقد أن الشيخ مساعد قد أجاب على سؤالك بما يذهب حيرتك حيث قال :
وليس يلزمُ من تنْزيلِ الحكمِ بشيءٍ من أوصافِ الكفارِ على أحدِ العصاةِ ، أنه مُتَّصفٌ بكاملِ أوصاف الكفارِ ، وإلاَّ لكان الكلامُ عن كفارٍ ، لا عن مؤمنينَ ، وهذا ما وضَّحه الشنقيطيُّ ( ت : 1393 ) في المثال الذي ذكره في حكمِ التقليدِ
.
 
شكر الله لفضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار وجزاكم خيرا على الجهود المبذولة من طرفكم في مجال التأصيل في هذا العلم الجليل . ونحن سعداء إذ نتتلمذ على أيديكم في هذا الملتقى المبارك . حفظكم الله وسدد خطاكم ووفقكم لما يحبه ويرضاه .

بالنظر إلى ما تحصّل من خلال المقالة التأصيلية يتبين أن تلك التفاسير أو الاستشهادات هي على سبيل القياس . وهذا في نظري يؤكده روح القرآن والسنة ، إذا اعتبرنا أن ما جاء في القرآن الكريم مخبرا عن الأقوام السابقين صالح قياسا للاعتبار ، وذلك كي لا يقع المسلمون في أخطاء من سبق من الأمم .
وأورد هنا بعض الأمثلة من القرآن والسنة وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم :

- { اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ* صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ*} الفاتحة الآيتان 6-7
- {أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }البقرة108
- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ }البقرة104

- لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ) . قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : فمن

- لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ، طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتم كشفها عن وجهه ، وهو كذلك يقول : ( لعنة الله على اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) . يحذر ما صنعوا .

- سألت أبي : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا } . هم الحرورية ؟ قال : لا ، هم اليهود والنصارى ، أما اليهود : فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأما النصارى : كفروا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب ، والحرورية : { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } . وكان سعد يسميهم الفاسقين .

- عن أبي موسى قال : قلت لعمر : إن لي كاتبا نصرانيا قال : ما لك قاتلك الله ، أما سمعت الله تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض } ألا اتخذت حنيفيا ؟ قال : قلت : يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه ، قال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله

كما أن ربط الاستشهادات بالأمثال عن طريق الشبه ، وذلك لأن الاستشهاد بالآية كما الاستشهاد بالمثل ، كل منهما يحتاج إلى ضوابط علمية تصون مستعمليها عن الزلل الحاصل عن الاستعمال الفاسد .
فمن حيث فقه الأمثال يحتاج إلى العالمية لأن القضية تحتاج إلى التذكر والتفكر

يقول تعالى :
{تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }إبراهيم25
{وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }العنكبوت43


{لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }الحشر21

بينما يكون الضلال في حالة الاستعمال السيئ للمثال :
{انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً }الإسراء48


بارك الله فيكم ،ونحن بانتظار المزيد من عطاءاتكم المتميزة

وتقبلوا فائق التقدير والاحترام


 
أسئلة وجيهة

أسئلة وجيهة

أسئلة الأخت أم عبد الله أسئلة وجيهة وتستحق الرد من صاحب الموضوع د مساعد .فهي تسأل عن: قاعدة العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، هل هي على إطلاقها أم هناك ما يخصصها ، هذا محير !

 
ذات أنواط

ذات أنواط


في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه : ( أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،ْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة .)وعند ابن أبي عاصم في كتاب السنة : ( ونحن حديثو عهد بكفر )

هذا الحديث رواه الإمام أحمد21390، والترمذي 2180وقال : حسن صحيح ، وابن أبي عاصم في السنة ، وقال المناوي : إسناده صحيح ، وصححه الألباني في رياض الجنة رقم 76 ]

هذا الحديث دل دلالة واضحة على إسقاط قول الكافرين على المؤمنين . ومثله كثير في القرآن والسنة والآثار.
أنا أظن أن أمر الإسقاط ليس ممنوعاً على اطلاقة . لأن السبب الرئيس في إنزال قصص الكافرين وأحوالهم هو لأجل الإعتبار والحذر . أظن أن الدكتور مساعد سيعمل على إعادة النظر بتلك المسألة . فكلنا يؤخذ منه ويرد ويوضحها من الإشكال الذي يشوبها ولن يترك الموضوع الذي أثاره فضيلته على تلك الشاكلة . وإني أظنه أهلاً لذلك .
 
العبرة بعموم اللفظ إذا لم ينتزع اللفظ من المعنى الذي سيق فيه ، فقوله تعالى:
(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا) يصلح لكل من فعل نفس المعنى الذي دلت عليه الآية ، فمن فرح بما أتى من أفعال الكفر وأحب أن يحمد بما لم يفعل من أمور الإيمان والخير، فالآية صادقة في حقه.
 
نعم

نعم

العبرة بعموم اللفظ إذا لم ينتزع اللفظ من المعنى الذي سيق فيه ، فقوله تعالى:
(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا) يصلح لكل من فعل نفس المعنى الذي دلت عليه الآية ، فمن فرح بما أتى من أفعال الكفر وأحب أن يحمد بما لم يفعل من أمور الإيمان والخير، فالآية صادقة في حقه.
إذاً استاذي الكريم المسألة المطروقة بحاجة الى إعادة ترتيب فتوضع هذه الإستثناءات ولا ندع الأمر على غاربه. وهذا ما نظنه بأخينا الدكتور مساعد لأنه هو صاحب الموضوع
 
العبرة بعموم اللفظ إذا لم ينتزع اللفظ من المعنى الذي سيق فيه ، فقوله تعالى:
(لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا) يصلح لكل من فعل نفس المعنى الذي دلت عليه الآية ، فمن فرح بما أتى من أفعال الكفر وأحب أن يحمد بما لم يفعل من أمور الإيمان والخير، فالآية صادقة في حقه.

أخي الفاضل أبا سعد جزاك الله خيرا .
لقد ذكر الجديع أن المثال الذي ذكرته مفيد للدلالة على هذه القاعدة ، أما في كتاب زرزور على ما أذكر ذكر هذا المثال على أنه تحت قاعدة العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ ، فالأمر محير. وأشكرك على محاولة إفادة أختك.
 

في حديث أبي واقد الليثي ، رضي الله عنه : ( أنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ مَكَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ ، قَالَ وَكَانَ لِلْكُفَّارِ سِدْرَةٌ يَعْكُفُونَ عِنْدَهَا وَيُعَلِّقُونَ بِهَا أَسْلِحَتَهُم ،ْ يُقَالُ لَهَا : ذَاتُ أَنْوَاطٍ ، قَالَ : فَمَرَرْنَا بِسِدْرَةٍ خَضْرَاءَ عَظِيمَةٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُلْتُمْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِه ،ِ كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةً قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ، إِنَّهَا لَسُنَنٌ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ سُنَّةً سُنَّة .)وعند ابن أبي عاصم في كتاب السنة : ( ونحن حديثو عهد بكفر )

هذا الحديث رواه الإمام أحمد21390، والترمذي 2180وقال : حسن صحيح ، وابن أبي عاصم في السنة ، وقال المناوي : إسناده صحيح ، وصححه الألباني في رياض الجنة رقم 76 ]


هذا الحديث دل دلالة واضحة على إسقاط قول الكافرين على المؤمنين . ومثله كثير في القرآن والسنة والآثار.
أنا أظن أن أمر الإسقاط ليس ممنوعاً على اطلاقة . لأن السبب الرئيس في إنزال قصص الكافرين وأحوالهم هو لأجل الإعتبار والحذر . أظن أن الدكتور مساعد سيعمل على إعادة النظر بتلك المسألة . فكلنا يؤخذ منه ويرد ويوضحها من الإشكال الذي يشوبها ولن يترك الموضوع الذي أثاره فضيلته على تلك الشاكلة . وإني أظنه أهلاً لذلك .


أشكرك على اهتمامك بأختك واستفساراتها ، وننتظر كتابك الذي كتبته فيما يخص النسوان أن يرى النور نحن جميعا العضوات والمتابعات .أشكرك أخي الفاضل .
والشيخ الكريم مساعد ليس ملزم بالرد على أحد .
 
وللفائدة :
قال الشيخ مساعد الطيار في كتابه مقالات في علوم القرآن:
نشأ عند ابن جرير الطبري قاعدة :
الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصصه ، وهذه القاعدة من أكثر القواعد التي اعتمدها الطبري .
ثم قال :
فائدة: لم يرد عن السلف مصطلح العموم والإطلاق المقابلان للتخصيص والتقييد ، وهذان المصطلحان من تقييدات المتأخرين." أهــ
فلم لا تخصص الأسباب الألفاظ العامة إذن ؟
 
اختاه

اختاه

أشكرك على اهتمامك بأختك واستفساراتها ، وننتظر كتابك الذي كتبته فيما يخص النسوان أن يرى النور نحن جميعا العضوات والمتابعات .أشكرك أخي الفاضل .
والشيخ الكريم مساعد ليس ملزم بالرد على أحد .
أختي أم عبد الله
لقد كتبت بكتابي عن (النسوان) أن المرأة يجب أن تملك قلباً قوياً لا يشوبه تردد . فإن سؤالك فيه حق . وإن من واجب د مساعد أن يجيبك عليه مع جواز أن يرد عليه أي إنسان ولكن أصل الإجابة تكون من أصل صاحب الموضوع حفظه الله فلا تترددي بذلك. وهو قدوتنا ولا أظنه سيتأخر . ربما يكون مشغولاً ولكنني متأكد أنه سيرد
أما بالنسبة لكتاب أسرار المرأة المسلمة فهو مطبوع موجود في مكتبات الاردن . ولكنه ليس موجوداً الكترونياً . وبارك الله بك
 
نقلان عن ابن تيمية

نقلان عن ابن تيمية

السلام عليكم
هذان نقلان لابن تيمية رحمه الله تعالى لعل فيهما إضافة إلى الموضوع
الأول:

يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى:
[ الفتاوى 10/105] فطائفة من المفسرين تقول في هذه الآيات وما أشبهها كقوله‏:‏ ‏{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 12‏]‏، وأمثالها مما ذكر اللّه في عيوب الإنسان وذمها، فيقول هؤلاء‏:‏ هذه الآية في الكفار، والمراد بالإنسان هنا الكافر، فيبقى من يسمع ذلك يظن أنه ليس لمن يظهر الإسلام في هذا الذم والوعيد نصيب، بل يذهب وهمه إلى من كان مظهرًا للشرك من العرب، أو إلى من يعرفهم من مظهري الكفر، كاليهود والنصارى ومشركي الترك والهند، ونحو ذلك، فلا ينتفع بهذه الآيات التي أنزلها اللّه ليهتدي بها عباده‏.‏
فيقال‏:‏ أولًا‏:‏ المظهرون للإسلام فيهم مؤمن ومنافق، والمنافقون كثيرون في كل زمان، والمنافقون في الدرك الأسفل من النار‏.‏
ويقال‏:‏ ثانيًا‏:‏ الإنسان قد يكون عنده شعبة من نفاق وكفر، وإن كان معه إيمان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه‏:‏ ‏"أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها‏:‏ إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر‏"‏‏.‏ فأخبر أنه من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق‏.... وإذا عرف هذا علم أن كل عبد ينتفع بما ذكر اللّه في القرآن من مدح شعب الإيمان وذم شعب الكفر.

الثاني:

[مجموع الفتاوى 94/15] وأما تفسيره بمجرد ما يحتمله اللفظ المجرد عن سائر ما يبين معناه، فهذا منشأ الغلط من الغالطين؛ لا سيما كثير ممن يتكلم فيه بالاحتمالات اللغوية‏‏ فإن هؤلاء أكثر غلطًا من المفسرين المشهورين، فإنهم لا يقصدون معرفة معناه، كما يقصد ذلك المفسرون‏‏
وأعظم غلطًا من هؤلاء وهؤلاء من لا يكون قصده معرفة مراد الله، بل قصده تأويل الآية بما يدفع خصمه عن الاحتجاج بها، وهؤلاء يقعون في أنواع من التحريف، ولهذا جوز من جوَّز منهم أن تتأول الآية بخلاف تأويل السلف، وقالوا‏: إذا اختلف الناس في تأويل الآية على قولين، جاز لمن بعدهم إحداث قول ثالث، بخلاف ما إذا اختلفوا في الأحكام على قولين، وهذا خطأ، فإنهم إذا أجمعوا على أن المراد بالآية إما هذا، وإما هذا، كان القول بأن المراد غير هذين القولين خلافًا لإجماعهم، ولكن هذه طريق من يقصد الدفع لا يقصد معرفة المراد، وإلا فكيف يجوز أن تضل الأمة عن فهم القرآن، ويفهمون منه كلهم غير المراد، [‏ويأتي‏]‏ متأخرون يفهمون المراد، فهذا هذا‏‏ والله أعلم‏‏
 
وللفائدة:
قال السيوطي في الإتقان :
ومن لم يعتبر عموم اللفظ قال: خرجت هذه الآية ونحوها لدليل آخر، كما قصرت آيات على أسبابها اتفاقاً لدليل قام على ذلك......
ثم قال:
. فإن قلت: فهذا ابن عباس لم يعتبر عموم قوله (لا تحسبن الذين يفرحون) الآية، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب. قلت: أجيب على ذلك بأنه لا يخفى عليه أن اللفظ أعم من السبب، لكنه بين أن المراد باللفظ خاص، ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ( ولم يلبسوا أيمانهم بظلم ) بالشرك من قوله (إن الشرك لظلم عظيم ) مع فهم الصحابة العموم في كل ظلم." أهــ
 
جزاكم الله خيرًا
غير أنَّ الاستشهاد بالآية القرآنية يلزم منه معرفة الأصل الذي تدلُّ عليه الآيةُ ، وإلاَّ لما أمكن إدراك وجه الشبه بين المستشهَد به والمستشهَدِ عليه .
كما يلزم إثبات ذلك الأصل والقولَ به ، ثمَّ الاستدلال به بعد ذلك ،
يعني يجب علي إن كنت أحدث العوام أن أُعلِمهم بالتفسير الأصلي للآية؟
مثلا لو أحببت أن استشهد بقوله تعالي (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) علي دعاء المؤمنين لله أن ينصرهم فهل يجب علي أن أخبرهم أنها نزلت في طلب الكفار أن بفصل الله بينهم وبين المؤمنين؟
 
عودة
أعلى