الاحتمالات في التفسير

إنضم
16/11/2009
المشاركات
1,296
مستوى التفاعل
0
النقاط
36
العمر
72
الإقامة
تارودانت-المغرب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
يقول الشيخ مساعد الطيار ـ حفظه الله في إحدى مداخلاته ـ : " ...وأما الاحتمال في التفسير، فهذا يحتاج إلى دراسة مستقلة؛ إذ هو بابٌ خطير في القول على الله بغير علم، ومنه ولجَ الخوارج والرافضة والمعتزلة وغيرهم من أهل البدع = لَحمْلِ بدَعهم على آيات القرآن.
ولم يقع التعبير بالاحتمال في طبقة مفسري الصحابة والتابعين وأتباعهم الذين هم القدوة في هذا الباب وفي غيره من أبواب العلم، بل كانوا يفسرون على أن ما يذكرونه هو المراد من الآية، وهذا يعني أنهم حينما يتحرون الصواب في المعنى يقولون به على سبيل الجزم، وما استدراكاتهم على بعضهم إلا بيان لذلك، إذ لو كان باب الاحتمال مفتوحًا كما هو عند المتأخرين = لما استدركوا من المعاني ما يحتمله الكلام، واعترضوا عليه بعدم مناسبته لهذا المقام.ومثال ذلك:

ما رواه الطبري بسنده عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، خِتَامُهُ مِسْكٌ [المطففين: 26] قَالَ: لَيْسَ بِخَاتَمٍ، وَلَكِنْ خِلْطٌ.
وفي رواية عنهما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
خِتَامُهُ مِسْكٌ [المطففين: 26] قَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ بِالْخَاتَمِ الَّذِي يُخْتَمُ، أَمَا سَمِعْتُمُ الْمَرْأَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ تَقُولُ: طِيبُ كَذَا وَكَذَا خِلْطُهُ مِسْكٌ
وورد في الآية قولان آخران عن السلف، وهما :
ـ أَنَّ آخِرَ شَرَابِهِمْ يُخْتَمُ بِمِسْكٍ يُجْعَلُ فِيهِ.
ـ طِينُهُ مِسْكٌ.

واستدراك ابن مسعود على أحد هذين القولين دليل على الجزم بعدم صحته، والجزم بصحة ما ذهب إليه.
ولو تأملت ما نفاه ابن مسعود لما رأيته بعيدًا عن الصواب ، وأنه مما يصحُّ حمل الآية عليه، والله أعلم.
وإنما بدأت ظاهرة الاحتمال والتجويز لكل ما يمكن أن تحتمله الآية من غير النظر ـ في بعض الأحيان ـ إلى صحة هذا الاحتمال في نفسه، أو صحة دلالة السياق عليه، أو غير ذلك من الدلالات التي تدلُّ على صحة هذه التفاسير الحادثة القائمة على الاحتمال = عند أهل البدع.
ولقد كان لمفهوم التأويل المُحدَث ـ وهو حمل المعنى على المرجوح دون الراجح لقرينة تدلُّ عليه ـ أثر كبير في تكثير هذه المحتملات وتجويزها في تفسير كلام الله تعالى، حتى صارت المحتملات في بعض الآيات عددًا كبيرًا ، والعارف بالتفسير يقطع بخطأ كثير منها.
وعلى العموم فإن هذا الموضوع ( الاحتمالات الواردة على كلام الله، وجواز التفسير بها ) موضوع يستحق أن يكون رسالة علمية، وهذه الإجابة لا تكفي لبسط هذا الموضوع بأدلته التفصيلية."

من خلال هذا النص يتبين أن الاحتمال ظاهرة حادثة في التفسير
وأنه ذريعة لأهل البدع والأهواء في تفاسيرهم
وأن من شروط صحة الاحتمال :
ـ صحة الاحتمال في نفسه
ـ صحة دلالة السياق عليه
ـ دلالة أي قرينة على صحته
وأن الاحتمالات في التفسير تحتاج إلى دراسات متضافرة لتصنيفها وتتبعها بالنقد والتحليل.
نرجو المزيد من التوضيح لهذه الظاهرة .
 
السلام عليكم ورحمة الله
أخي الكريم،
ليتك وثّقت هذه الفقرة من كلام الشيخ مساعد الطيار، لتكون مصدراً يبنى عليه، أو يُنسب إليه، فقد تتوالى الإلحاقات إليها.
فإني أهتم بها، وقد أستطرد عليها.

أخوكم
عزالدين كزابر
 
سجل الأخ عقيل الشمري هذا الموضوع كرسالة دكتوراه لدينا في القسم ويوشك أن يناقش بحثه إن شاء الله .
 
السلام عليكم
ما أخبار الموضوع؟ هل نوقشت الرسالة؟
 
بسم1على رسلك يا اخي، لا يرسل الكلام بهذه الصورة خاصة في باب الاحكام، ويتحرى في الاطلاق العام؛ ولذا اشتد نكير الصحابة الكرام على معرفة الناسخ والمنسوخ حسب اصطلاحهم الذي يدخله فيه الخاص والعام، اما يتصل بالكلام على الاحتمال فجاء عن الامام علي عليه السلام القران حمال اوجه وتابعه ترجمان القران بن عباس رضي الله عنها وعن ابي ذر رضي الله عنهلايفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقران وجوها... فيسقط بهذا الدعوى العريضة المفتقرة للدليل في النفي للنقل
لم يقع التعبير بالاحتمال في طبقة مفسري الصحابة والتابعين وأتباعهم
، اما التابعون واتباعهم فكلامهم في هدا الباب اشهر من يذكر واكثر من ان يحصر بل لم يتكلموا الا باثباتهم لهدا الاصل من الاحتمال، اما دليل الاتبات فينقلب عليك فما كان الاستدراك الا للاحتمال،كما انهم لايجزمون بتخطئة المخالف فكلامهم صواب يحتمل الخطا وكلام غيرهم خطا يحتمل الصواب، وايضا اختلافهم اختلاف تنوع للاحتمال، ومن الدعاوى قولك انهم يفسرون على سبيل الجزم فلست ادري من اين لك هذا الجزم بل لو قيل خلاف ذلك باطلاق لما بعد ، وايضا فتفاسيرهم ليست على درجة واحدة ولك ان تراجع في ذلك الاصل الثالت من اصول التفسير تفسير الصحابة للدكتور مساعد الطيار. هذا ماحضرني الان وعسى الله ان يسر لكتابة موضوع في باب الاحتمال في التفسير. والله من وراء القصد وهو يقول الحق ويهدي الى سواء السبيل
 
ازددت يقينا من أن الرادين والنقاد في هذا الملتقى لا يقرؤون ما يردون عليه وما ينقدونه...هذا في اقبح الفروض..وفي أحسنها لا يفهمون ما يقرؤون
هذا الناقد يستهل كلامه هكذا:
على رسلك يا اخي، لا يرسل الكلام بهذه الصورة خاصة في باب الاحكام
اقول:
إن كان الكلام موجها لصاحب المشاركة فهو مجرد ناقل عن الشيخ مساعد..فلا معنى ل"على رسلك"هذه..
وإن كان الكلام موجها للشيخ فليس بهذا الأسلوب يخاطب أهل العلم المشهود لهم..واستعمالك لضمير المخاطب بهذه الطريقة الفجة غير مستساغ فالشيخ لم يكن معك متكلما...

ولو فهمت كلام الشيخ على وجهه لأدركت أنه يفرق بين الاحتمال في "نفس الأمر" والاحتمال "عند المفسر" وشتان بين النوعين...
والشيخ اعترض على الثاني لا الأول، فلا يقول المفسر إلا ما يجزم به في قرارة نفسه، بسبب التقوى والورع كما جاء الأثر عن أبي بكر وعمروغيرهما...
قال القرطبي في المقدمة:
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:" وَكَانَ جِلَّةٌ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ كَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَغَيْرِهِمَا يُعَظِّمُونَ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ وَيَتَوَقَّفُونَ عَنْهُ تَوَرُّعًا وَاحْتِيَاطًا لِأَنْفُسِهِمْ مَعَ إِدْرَاكِهِمْ وَتَقَدُّمِهِمْ". قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَقَدْ كَانَ الْأَئِمَّةُ مِنَ السَّلَفِ الْمَاضِي يَتَوَرَّعُونَ عَنْ تَفْسِيرِ الْمُشْكِلِ مِنَ الْقُرْآنِ، فَبَعْضٌ يُقَدِّرُ أَنَّ الَّذِي يُفَسِّرُهُ لَا يُوَافِقُ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُحْجِمُ عَنِ الْقَوْلِ. وَبَعْضٌ يُشْفِقُ مِنْ أَنْ يُجْعَلَ فِي التَّفْسِيرِ إِمَامًا يُبْنَى عَلَى مَذْهَبِهِ وَيُقْتَفَى طَرِيقُهُ. فَلَعَلَّ مُتَأَخِّرًا أَنْ يُفَسِّرَ حَرْفًا بِرَأْيِهِ وَيُخْطِئَ فِيهِ وَيَقُولَ: إِمَامِي فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ تَفْسِيرِ حَرْفٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَالَ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي! وأين أذهب! كيف أَصْنَعُ! إِذَا قُلْتُ فِي حَرْفٍ مِنْ كِتَابِ الله بغير ما أراد تبارك وتعالى.
المسألة تحسب على منهج العجائز:
1-السلف تورعوا عن تفسير القرآن مخافة أن لا يصيبوا مراد الله..
2-لكنهم فسروا كثيرا من القرآن..
النتيجة ظاهرة لكل ذي عينين:
إذن فسروا القرآن بما جزموا بأنه مراد الله وإلا لوسعهم السكوت..
وعلى هذه القاعدة يرد بعضهم على بعض...ومقال حالهم:
أجزم بأن تفسيرك محتمل أو فيه نظر أو خطأ...
ولو لم يكن جازما لما سوغ لنفسه أن يرد احتمالا بمثله فهذا تناقض ننزه عنه السلف.
وفي النفس كلام في الموضوع يسر الله إخراجه.
 
إدعاء المعتزلة أن كل محاولاتهم فى التفسير مرادة لله

إدعاء المعتزلة أن كل محاولاتهم فى التفسير مرادة لله

يقول الدكتور الذهبي في (التفسير والمفسرون) : " ثم إن المعتزلة - بناء على رأيهم فى الاجتهاد ، من أن الحكم ما أدَّى إليه اجتهاد كل مجتهد ، فإذا اجتهدوا فى حادثة فالحكم عند الله تعالى في حق كل واحد مجتهده - رفضوا أن يكون للآية التى تحتمل أوجهاً تفسيراً واحداً لا خطأ فيه ، وحكموا على جميع محاولاتهم التي حاولوها فى حل المسائل الموجودة في القرآن ، بأنها مرادة لله تعالى ، وغاية ما قطعوا به هو عدم إمكان التفسير المخالف لمبادئهم وآرائهم .
وبدهي أن هذا الذى ذهب إليه المعتزلة ، يخالف مذهب أهل السُّنَّة من أن لكل آية من القرآن معنى واحداً مراداً لله تعالى ، وما عداه من المعاني المحتملة ، فهي محاولات واجتهادات ، يُراد منها الوصول إلى مُراد الله بدون قطع ، غاية الأمر أن المفسِّر يقول باجتهاده ، والمجتهد قد يُخطئ وقد يُصيب ، وهو مأجور فى الحالتين وإن كان الأجر على تفاوت . "
 
بسم1
كلامك المرسل من اوله لاخره هو الذي ادى الى ما ادى، فحتى في نقلك عن د مساعد الطيار كما نبه عليه المشارك الاول لم توثق.
ونعود للمقول لا القائل وان كان كما ذكرت لكل مرتبته ومنزلته، فما جئت به من توضيح بعد في الفرق بين الاحتمالات جيد ومعقول ، لكن كلامك الاول بنفي الاحتمال في نفس الامر هو الذي رددت عليه، ولو شئت وجئت بكلام الشيخ ليفهم على وجهه، لا ان يخلط بين الامر المنقول ومفهوم غيره من العقول.
 
الفاضل مخلص البورقادي ،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
وبعد ، فكلام الدكتور مساعد الطيارـ حفظه الله ـ مأخوذ من إحدى مشاركاته في الملتقى . وتعذر علي الرجوع إليه من خلال البحث ـ أرجو لمن اهتدى إليه أن يدلنا على رابطه ـ سطرته كما هو وزدت عليه ما تبين لي أنه خلاصة لقوله فقط ، وذلك لإمكانية فتج باب النقاش حول موضوع الاحتمالات .
في اعتقادي أن المفسرين بعد مرحلة الصحابة والتابعين وأتباعهم ، تعاملوا مع الاحتمالات بطرق مختلفة :
منهم من يعرض الاحتمالات بكثرة دون ترجيح .
ومنهم من يعرض الاحتمالات ثم يرجح القول الصائب عنده .
ومنهم من كان يصرف النظر عن الاحتمالات الراجحة إلى الاحتمالات المرجوحة ، وهو ما يسمى التأويل عند المتأخرين . وفي هذه الحالة يمكن أن نشير إلى تفاسير المبتدعة وما صاحبها من حمل البدع على آيات القرآن ، والقول على الله بغير علم .

والله أعلم وأحكم
 
بسم1
أخي عبد الكريم العزيز
الاحتمال عند المفسر مبني على الاحتمال في نفس الامر.
فالاحتمال درجة بين: الاجماع والاختلاف؛ ففي الاول: لااحتمال في نفس الامر ويجب كذلك عند المفسر، وفي الثاني: ذلك راجع لاسبابه المعروفة والمعقولة والتي هي مرتبطة بالنص واللغة وكانت حتى عند المتقدمين، فان كان خلاف تنوع رجع الى الجمع، وان كان خلاف تضاد يحتاج الى ترجيح.
اما الايات المحتملة: احتمالا يجيزه النص، ولاتعارض بين الاقوال في معانيها؛ فقد تبقى محتملة للقولين، ولعله من اوجه الاعجاز.
والله أعلم
 
أخي مخلص
في هذه المشاركة لا نناقش الاحتمال في حد ذاته كمصطلح .
فموضوعنا هو دراسة ظاهرة الاحتمال عند المفسرين ؛ كيف ظهر الاحتمال في التفسير ، وكيف أثر على الدرس التفسيري .
فمن المفسرين من استخدموا هذا العامل في تمرير بدعهم ومعتقداتهم في التفسير ، بناء على لَيِّ الآيات القرآنية لتتلاءم مع ما أرادوا ، فكان إيذانا بظهور التفسير بالرأي المذموم .
 
لمن أراد التوثيق : النص المذكور أعلاه الخاص بالدكتور مساعد الطيار حفظه الله موجود في المشاركة 12 في هذا الرابط :
http://vb.tafsir.net/tafsir33186/#.VDlGd2d5Ok4
وقد أبرزه أخونا محمد العبادي جزاه الله خيرا .
 
عودة
أعلى