الإيمان بالقدر

إنضم
06/08/2012
المشاركات
9
مستوى التفاعل
0
النقاط
1
الإقامة
ليبيا
قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) آل عمران

قولهم:(لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا) هذا اعتقاد القدري الذي يرى أن الأسباب مستقلة في التأثير عن ارادة الله و إذنه

، و إنما لها استقلالية في التأثير و لا تتأثر في وقوعها باي شيء خارج عنها ، و مضمون هذا الاعتقاد القدري الفاسد إن الاسباب

تقع خارج قدرة الله و إذنه و هذا أحد جوانب التكذيب بالقدر و يقابله الجانب الآخر و هو جانب الجبر الذي يقول أصحابه كما ذكر الله عنهم

(سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آَبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)الانعام

و قد ذكر الله في كتابه نصوصا محكمة تكذّب هذا الاعتقاد الذي يمنح للاسباب استقلالية في التأثير خارج قدرة الله فقال تعالى :(إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (50) قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) التوبة

و قوله تعالى:(وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)آل عمران

و قوله :(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16) المائدة

و قوله تعالى :( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَاب مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) الحديد

و قوله تعالى :( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11)التغابن

فهذه الآيات و غيرها تبين ان ما يقع من الوان الحسنات و السيئات و ما يقع من جنس الأعمال و الأفعال و الأقوال لا يقع إلا بإذنه

و لا يقع إلا ما يشاء سبحانه و تعالى و بالاسباب التي يأذن بها.


قوله تعالى :(لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا) هذا الموضع المعنوي للو التى نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عنها فهذه
.
اللو تأتي على سبيل التحسر على ما يقع من الامور على غير رغبة القائل و هي مفتاح لباب الحسرة و الحزن و ولوج الشبهات الشيطانية، و لهذا جاء في الحديث (فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا كان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإن (لو) تفتح عمل الشيطان» رواه مسلم.

قوله تعالى :(لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ) فهذا جزاء الاعتقاد الباطل فان الحسرة من جنس الألم النفسي فصاحب مثل هذا الاعتقاد

لمّا رأى أن موت اخوانه سببه الخروج صار يتحسر على عدم منعهم من الخروج حتى لا يواقعهم الموت و لا يجنبه مثل هذه الحسرة

إلا الاعتقاد القدري الصحيح الذي يوقن صاحبه بان ما من شيء يقع من المصائب إلا بإذن الله فهو المصرّف للامور كما يريد.


 
{ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ } [آل عمران:154]

فيها ما يغني ويشفي ويكفي
بارك الله فيك وشكر لك
 
عودة
أعلى