لكنني بصراحة حتى هذه اللحظة لم أفهم أسباب هذه الأزمة من ناحية تحليلية فهل عند المشايخ الفضلاء شيء يفهموننا به ماذا حصل و تداعياته ولو من خلال رابط خارجي ؟؟
و جزاكم الله خيرا
شهد القطاع المصرفي الأمريكي انهيارًا غير مسبوق حمل تداعيات شديدة على الاقتصاد العالمي.. برأيك ما أهم أسباب هذا الانهيار ؟
كانت للأزمة الاقتصادية بوادر ظهرت منذ عدة أشهر مع اندلاع أزمة الرهن العقاري، حيث عجز المقرضون في الولايات المتحدة الأمريكية عن الوفاء بديونهم للبنوك العقارية والاستثمارية مثل "ليمان برازرز"، و"ستانلي مورجان"، و"ميرال لنش" وغيرهما من البنوك التي لجأت على الاستيلاء على المنازل وعرضها للبيع لتعويض خسائرها، وهو ما خلق أزمة عرض مع انخفاض الطلب بشكل أسفر عن انهيار المراكز المالية لهذه البنوك نتيجة توقف الدورة المصرفية الكاملة (سداد فإقراض فسداد فإقراض).. وهكذا .
ولعل غياب الرقابة على هذه البنوك من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وسعي أصحاب ومديري الائتمان لهذه البنوك لتحقيق أرباح فاحشة دون الوضع في الاعتبار الضمانات التي يقدمها المقرضون، الذين توسعوا في الاقتراض لشراء جميع احتياجاتهم من سيارات وأجهزة كهربائية ومنزلية ومنازل بدون وجود غطاء أو ضمان يكفل حقوق البنوك المقرضة، وهو ما يكشف سيطرة الفساد على هذه البنوك، التي لجأت إلى تقديم بيانات مزورة وتدليس واسع المدى للجهات المسئولة عن مراجعة أعمالها؛ سواء بنك الاحتياط الفيدرالي أو البورصة..
ومما يزيد من خطورة هذه الأزمة أن البنوك العقارية الأمريكية تتعامل في رأس مال قدره 6 تريليونات دولار، وهو ما فاقم من هذه الأزمة التي سددت ضربة للاقتصاد الأمريكي في مقتل ومعه اقتصاديات العديد من الدول التي تدور في فلكه وعلى رأسها اليابان والاتحاد الأوروبي، وبدرجة أقل دول الخليج العربية، وهي الدول التي تعرضت لخسائر فادحة، وبل اعترفت بهذه الخسائر وبدأت تضخ مئات المليارات من الدولارات في أسواقها وتخفض من الفائدة لتطويق هذه الأزمة، فيما أحجمت العديد من الدول العربية عن الكشف عن خسائرها نتيجة هذه الأزمة، رغم اعتقادي أن الدول النفطية قد خسرت كثيرًا نتيجة قيامها باستثمار فوائد النفط في بنوك مثل "ليمان برازرز" و"ستانلي مورجان" التي كانت تعطي 20% فوائد بينما كانت البنوك الأخرى لا تتجاوز فوائدها 5:3% .
هل هناك أسباب أخري لهذه الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد الأمريكي والعالمي؟
بالطبع هناك حزمة من الأسباب تقف وراء هذه الأزمة منها أسباب تخص هذه البنوك، مثل أزمة الرهن العقاري والفساد الشديد الذي يضرب البنوك الأمريكية؛ لدرجة تدعو للتأكيد أن الرقابة التي تفرضها البنوك المركزية في عديد من بلدان العالم الثالث أفضل بكثير من الرقابة التي يفرضها بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي تحكمه قاعدة "دعه يعمل دعه يمر"، وكذلك اقتصاد العرض والطلب وهو ما جعل هذه البنوك تقدم بيانات ائتمانية خاطئة وتعتمد على ضمانات وهمية .
وكذلك لعبت مغامرات الرئيس بوش والمحافظين الجدد في أفغانستان والعراق وإهدارها ما يقرب من 4 تريليون دولار خصصت للإنفاق على الأزمة العسكرية الأمريكية هناك وهو ما كانت له تأثيرات قاتلة على الاقتصاد الأمريكي، سواء فيما يخص القطاع المصرفي أو البنية التحتية أو انخفاض أسعار الدولار.
ومن الضروري التأكيد على أن ما أطلقت عليه واشنطن الحرب على الإرهاب، والقيود التي فرضت على انتقال رءوس الأموال والأفراد والاستثمارات قد أسهم في دخول الاقتصاد الأمريكي ركودًا يشبه لحد كبير نفس الحالة التي مر بها في ثلاثينيات القرن الماضي حيث أسهمت هذه الأوضاع في هروب آلاف المليارات من الاستثمارات الصادرة .
ومن الأسباب المهمة في هذا الصدد التأكيد على أن المضاربات الشديدة التي شهدتها أسواق النفط في تكساس كانت لها أثار سلبية جدًا على قيمة الأسهم بشكل مهد لدخول الاقتصاد الأمريكي نفقًا مظلمًا .
المصدر