اعتراض السخاوي ( ت : 643 هـ ) على القول بأن ( لعل ) من الله واجبة ...

إنضم
24 أبريل 2003
المشاركات
1,398
مستوى التفاعل
5
النقاط
38
الإقامة
المدينة المنورة
اعترض السخاوي رحمه الله أثناء رده على مكي بن أبي طالب وقوله بنسخ قوله تعالى : ( يسألونك عن الخمر والميسر ) الآية على من يقول بأن ( لعل ) من الله واجبة .

قال رحمه الله: " وقوله ( لعل ) من الله ـ عز وجل ـ واجبةٌ؛ ليس بصحيح ، فقد قال ـ عز وجل ـ : ( فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى ) [ طه : 44 ] ، وقد ألانا له القول : ( فكذب وعصى ، ثم أدبر يسعى ، فحشر فنادى ، فقال أنا ربكم الأعلى ) [ النازعات : 21 ـ 24 ] وإنما معنى قوله تعالى : ( لعلكم تفلحون ) : فاجتنبوه راجين الفلاح ، او : فاجتنبوه وانووا إرادة الفلاح ".

[align=center] ( جمال القراء : 1 / 259 ـ 260 ) [/align]
 
شكر الله لك ؛ كلام قوي ووجيه ؛ ولعل الأرجح أن (لعل في القرآن في حق الله للتعليل). وهو قول الشيخ العثيمين رحمه الله . ينظر: جهود الشيخ العثيمين في التفسير وعلوم القرآن ص (310).
 
يقول ابن عاشور في تفسيره : " وعندي وجه آخر مستقل وهو : ((أن لعل الواقعة في مقام تعليل أمر أو نهي لها استعمال يغاير استعمال لعل المستأنفة في الكلام سواء وقعت في كلام الله أم في غيره ، فإذا قلت : افتقد فلاناً لعلك تنصحه ،كان إخباراً باقتراب وقوع الشيء وأنه في حيز الإمكان إن تم ما علق عليه . فأما اقتضاؤه عدم جزم المتكلم بالحصول فذلك معنى التزامي أغلبي قد يُعلم انتفاؤه بالقرينة وذلك الانتفاء في كلام الله أوقع ، فاعتقادنا بأن كل شيء لم يقع أو لا يقع في المستقبل هو القرينة على تعطيل هذا المعنى الالتزامي دون احتياج إلى التأويل في معنى الرجاء الذي تفيده لعل حتى يكون مجازاً أو استعارة ؛ لأن لعل إنما أتى بها لأن المقام يقتضي معنى الرجاء . فالتزام تأويل هذه الدلالة في كل موضع في القرآن تعطيل لمعنى الرجاء الذي يقتضيه المقام . والجماعة لجأوا إلى التأويل لأنهم نظروا إلى لعل بنظر مُتّحِد في مواقع استعمالها . بخلاف لعل المستأنفة فإنها أقرب إلى إنشاء الرجاء منها إلى الإخبار به . وعلى كل فمعنى لعل غير معنى أفعال المقاربة ))."
 
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }[البقرة:21]
ويقول سيد طنطاوي (ت:131 هـ) في تفسيره : " و " لعل " حرف موضوع ليدل على الترجي ، وهو توقع حصول الشيء عندما يحصل سببه وتنتفي موانعه . والشيء المتوقع حصوله فى الآية هو التقوى وسببه العبادة ، إذ بالعبادة يستعد الإِنسان لأن يبلغ درجة التقوى وهي الفوز بالهدى والفلاح ، والترجي قد يكون من جهة المتكلم وهو الشائع وقد تستعمل لعل فى الكلام على أن يكون الترجي مصروفاً للمخاطب ، فيكون المترجي هو المخاطب لا المتكلم ، وعلى هذا الوجه يحمل الترجي فى هذه الآية ، لاستحالة توقع حصول الشيء من عالم الغيب والشهادة ، لأن توقع الإِنسان لحصول الشيء هو أن يكون متردداً بين الوقوع وعدمه مع رجحان الوقوع ، وعليه فيكون المعنى : اعبدوا ربكم راجين أن تكونوا من المتقين ، الذين بلغوا الغاية فى الهدى والفلاح . "
 
عودة
أعلى