استفسار عن معنى القرية والمدينة في القرآن ؟

إنضم
1 مايو 2010
المشاركات
345
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
الإقامة
الرياض
الموقع الالكتروني
www.nooon.maktoobblog.com
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..تقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم بخير .
لاحظت في القرآن الكريم تكرر لفظ القرية بكثرة ، أما المدينة تكررت ولكن ليس كالقرية ، هل مفهوم القرية والمدينة واحد ،أم هناك إختلاف ؟ أحيانا يطلق على نفس المنطقة مرة قرية ومرة مدينة ، مثلا في سورة الكهف (( فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا ( 77 ) (واما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان ابوهما صالحا فاراد ربك ان يبلغا اشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن امري ذلك تاويل ما لم تسطع عليه صبرا) وكذلك في قرى قوم لوط أحيانا يطلق عليها قرية وأحيانا مدينة ، أفيدوني بارك الله فيكم .
 
ملحظ لطيف في استخدام القرية والمدينة. وهذه الألفاظ لها استخدامات قديمة وقد تختلف بسبب الزمان والمكان.
سميت القرية قرية لأنها تجمع أهلها، وقد قيل إن القرية: كل مكان اتصلت فيه الأبنية، وهي غالبا ما كان خارجا عن المدينة مما حولها. أما المدينة: فمحلة لها سور، والأمصار: المدن الكبار، والبلد: محلة لا سور لها، والبلدة أيضا: قطعة من البلد أي الجزء المختص كالبصرة من العراق.
وفي القرآن الكريم يطلق لفظ القرية على المدينة كثيرا كقوله: { وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ } والمقصود مكة ومكة سميت أم القرى وقد تسمى المدينة ببلدة وبلد { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا } وقال { رب اجعل هذا بلدا ءامنا } وقال عن مساكن سبأ { بلدة طيبة } فيما لا يطلق اسم المدينة على القرية غالبا – قلت غالبا لورود أقوال في مثل {ودخل المدينة} قيل: مصر وقيل: قرية حولها- والمقصود أنه قد يطلق لفظ القرية ويراد به المدينة.
قال ابن عاشور في قول الحق سبحانه { وإذ قلنا ادخلوا القرية } : والقرية- بفتح القاف لا غير على الأصح- البلدة المشتملة على المساكن المبنية من حجارة وهي مشتقة من القري- بفتح فسكون وبالياء- وهو الجمع يقال: قرى الشيء يقريه إذا جمعه وهي تطلق على البلدة الصغيرة وعلى المدينة الكبيرة ذات الأسوار والأبواب كما أريد بها هنا بدليل قوله: وادخلوا الباب سجدا.
وفي الآية المذكورة قال ربنا سبحانه: {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ..} وقال في ختام القصة: { وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ..} فسماها أولا قرية وفي الثانية مدينة؛ فإن كانتا – القرية والمدينة المذكورتان في الآيتين - مكانين مختلفين فلا إشكال، وإن كانا مكانا واحد كان من باب الترادف اللفظي وهذا كثير في القرآن.
ومن نفس الباب قوله سبحانه في سورة يس: { وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ } ثم قال عنها { وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ }
 
والقرية اهلها من جنس واحد وعلى دين واحد في الغالب والله اعلى واعلم
 
أولا
وردت لفظة المدينة في القرآن الكريم اثنا عشر12 مرة كلها معرفة بأل . فهي لم ترد في كل المواضع إلا بصيغة معرفة الدلالة. ولم ترد في حال النكرة في أي منها
.ثانياً :
وردت كلمة قرية في القرآن الكريم 29 مرّة منها 8 مرات معرّفة بأل . والباقي 21 وردت بصيغة النكرة
.ثالثاً:
إن كلمة قرية عامة الدلالة تشمل المدينة الكبيرة والضيعة الصغيرة. فكل مدينة تعتبر قرية . ولكن ليس كل قرية مدينة
.رابعاً: قد تعني كلمة قرية أيضاً المصر أو الإقليم كقوله تعالى: قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ.
.خامساً:وقد تعني أيضاً فئة أو قوم يسكنون في تجمع واحد مثل قرى قوم لوط وغيرها مما ذكر في القرآن مثل قوله تعالى: (وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا)أي في كل قوم نذيرأو كقوله تعالى أيضاً:( وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ).والمعلوم أن قوم لوط كانوا يسكنون قرىً كثيرة وليس قرية واحدة.
سادساً: وعلى ذلك فقد يكون ذكر القرية في كل المواضع القرآنية يدل على مكان جغرافي واسع هو أكبر من المدينة. أو أنه يعطي دلالة عامة على قوم أو مصر ولا يقصد فيه بقعة جغرافية محددة كالتي تفيد عند استخدام كلمة مدينة.ولهذا السبب لم تذكر المدينة في القرآن إلا معرفة بأل التعريف لتفيد الدلالة على بقعة معينة لا تتعداها. والله تعالى أعلم
تيسير الغول
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فقبل المقارنة بين المفردتين ، نقول :
ـ إن هناك اختلافاً بين القرية والمدينة ، حيث لا ترادف في القرآن الكريم . فالترادف غير موجود في القرآن الكريم كما يزعم البعض .
ـ القرية أو المدينة كمفردة قرآنية تختلف عن القرية أو المدينة كمفردة لغوية طالها قانون التغيير كلما ابتعدنا عن زمن الوحي .
ـ مفردة (المدينة) وردت 14 مرة في القرآن الكريم وليست 12 مرة .
مع فائق التقدير والاحترام
 
يأتي لفظ القرية قبل الدخول بها ..فإذا دخلها نبي أو رجل صالح جاء لفظ المدينة والله تعالى أعلم ..،،،
 
اوافق اخي عبدالكريم عزيز فيما ذهب اليه من ان الترادف لا ينبغي لكلام الله
كما اوافقه ان القرية غير المدينة ، كلام الله بيّن واضح فلما قال جل وعلا : لغلامين يتيمين في المدينة فلا ادل من انهما ليسا من سكان هذه القرية بل يسكنان مدينة فكيف ولماذا يقول القائل مرة اسميت قرية ومرة مدينة ؟ عجيب هذا الاستنتاج وكيف وصل لبعض الافهام بهذه الصورة ، كما ان قوله تعالى ( وجاء رجل من اقصى المدينة يسعى ) لماذا يفهم البعض انه يُقصد بها القرية المذكورة في السورة ؟ وكأن الحديث كله يدور حول موضع واحد ويمتنع ذكر موضع سواه ؟
القرية يسكنها قوم في غالبهم من جنس واحد وهي اصغر من المدينة
المدينة يسكنها جموع من الناس من اجناس مختلفة وهي اكبر من المدينة ويغلب ان يحيط بها عدد من القرى
والله أعلى وأعلم وصلى اللهم على محمد وآله
 
يقول الراغب الأصفهاني (ت:502هـ) في المفردات : " الْقَرْيَةُ : اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس ، وللناس جميعا ، ويستعمل في كلّ واحد منهما. قال تعالى : { وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ } [يوسف:82] . قال كثير من المفسّرين معناه : أهل القرية (...) وقَرَيْتُ الماء في الحوض ، وقَرَيْتُ الضّيف قِرًى ، وقَرَى الشيء في فمه : جمعه ، وقَرَيَانُ الماء : مجتمعه."
ويقول : " المَدينة فَعِيلَةٌ عند قوم ، وجمعها مُدُن ، وقد مَدَنْتُ مَدِينةً ، وناس يجعلون الميم زائدة "
يتبع ...
 
نبدأ بالتحليل اللساني لمفردة : (المدينة) :
جاء في لسان العرب : " مَدَنَ بالمكان: أَقام به، فِعْلٌ مُمات، ومنه المَدِينة، وهي فَعِيلة، وتجمع على مَدَائن، بالهمز، ومُدْنٍ ومُدُن بالتخفيف والتثقيل؛ وفيه قول آخر: أَنه مَفْعِلة من دِنْتُ أَي مُلِكْتُ؛ قال ابن بري: لو كانت الميم في مدينة زائدة لم يجز جمعها على مُدْنٍ (...) ويقال للأَمة: مَدِينة أَي مملوكة "
يتبع ...
 
سنقوم باستقراء مفردة (مدينة) في كل مواضعها في القرآن الكريم ، فماذا كانت النتيجة .
تبين أن المدينة حين تذكر فهي تعني موطن أهلها الأصليين ، أي : الناس الذين يملكونها .
ولنأت بأمثلة : {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ }[الأعراف:123] . فالمدينة هنا مكان لأهل المدينة .
وقس على ذلك في جميع الحالات ، فحينما تُذكر المدينة فهي تعني المكان الذي يسكنه أهلها أو كما نقول الآن : المواطنين . فالمدينة موطنهم وهم يملكونها ، فهي مدينة لهم .
ولنأخذ مثال أهل الكهف ، فهم رغم انعزالهم في الكهف ، فهم يُعتبرون من أهل المدينة إنها مدينتهم : َ {...فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً }[الكهف:19]
كذلك قول المنافقين الذين كانوا في غزوة بني المصطلق ، وهم من أهل المدينة : {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }[المنافقون:8] .
بينما مفردة (قرية) فهي تطلق على التجمعات السكنية ، ويأتي ذكرها إما بصفة عامة أو لتعيينها لغير أهلها أو على لسان غير أهلها أو للذين يتبرؤون منها . ولنأت بأمثلة :
ـ بصفة عامة : {وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءهَا بَأْسُنَا بَيَاتاً أَوْ هُمْ قَآئِلُونَ }[الأعراف:4]
ـ لتعيينها لغير أهلها : {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ }[الأعراف:161]
ـ على لسان غير أهلها : {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }[العنكبوت:34]
ـ للذين يتبرؤون منها : {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً }[النساء:75]
بعد هذا العرض للأمثلة ، نأخذ مثالا ذكر فيه القرية والمدينة في مكان واحد :
{فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً }[الكهف:77]
{... وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ...}[الكهف:82]
فموسى والخضر عليهما السلام أجنبيان عن القرية ، بينما الغلامان اليتيمان فهما مواطنان يعيشان في المدينة .
والله أعلم وأحكم
 
الاستاذ عبد الكريم عزيز شكرا لك
انا ارى في المثال الاخير ان القرية مكان و المدينة مكان منفصل عنها
لانه يوجد من يسكن في المدينة وله ممتلكات في القرى
ما رايك ؟
 
وجاء أهل المدينة يستبشرون.
إنا مهلكوا أهل هذه القرية، إن أهلها كانوا ظالمين.
 
القرية هي المدينة ، وأم القرى هي أم المدن . لكن حسب المصطلح القرآني تُطلق القرية أو المدينة حسب الوضعيات المذكورة سابقا .
والله أعلم وأحكم
 
إذا وُصف المكان نفسه مرة بالقرية ومرة بالمدينة فإن تعليل ذلك واضح وهو:
حين لا يلقى الغرباء إكراما تُوصف القرية بالمدينة وخذ أمثلة ذلك
(فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا )
هنا وصفت بالقرية جريا على العادة لكن حين لم يُكرم القادمون وُصفت
[h=3](وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ )[/h]مثال آخر من سورة يس
(واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون....قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم...
لم يجد المرسلون الإكرام . فوُصفت بالمدينة
(وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى)

وأكمل مثال يتضح فيه هذا الفرق ما جاء في قصة لوط عليه السلام
فإن مكانه وُصف بالقرية حين جاءتها الملائكة لأن لوطا قام بواجب إكرام الضيف ودافع عنهم. أما حين جاء الحديث عن باقي سكان المكان وصفوا بأنهم أهل مدينة:
قال تعالى:
وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ (31)
والموضع الآخر في قوله تعالى:
وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ (67) قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ (69) قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ (70)
 
قال ابن كثير رحمه الله :وقوله: { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } المراد بالقرى المدن، لا أنهم من أهل البوادي الذين هم من أجفى الناس طباعاً وأخلاقاً، وهذا هو المعهود المعروف أن أهل المدن أرق طباعاً، وألطف من أهل سوادهم، وأهل الريف والسواد أقرب حالاً من الذين يسكنون في البوادي، ولهذا قال تعالى: { ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا } الآية. وقال قتادة في قوله: { مِّنْ أَهْلِ ٱلْقُرَىٰ } لأنهم أعلم وأحلم من أهل العمود. وفي الحديث الآخر: أن رجلاً من الأعراب أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة، فلم يزل يعطيه ويزيده حتى رضي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لقد هَمَمْتُ أن لا أَتَّهِبَ هِبَةً إِلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دَوْسِيّ
 
الفاضل يحيى بن يعيش حفظه الله
وردت مفردة (المدينة) 14 مرة في القرآن الكريم . وحين تُذكر فهي تَعني موطن أهلها ، أي الناس الذين يملكونها ؛ فالمدينة موطنهم وهم يملكونها ، فهي مدينة لهم . وأظن أن هذه الملاحظة تكاد تكون قاعدة عامة .
بينما مفردة (قرية) ذكرت 33 مرة ، وتأتي في حالات متعددة منها : ذكرها بصفة عامة / لتعيينها لغير أهلها / على لسان غير أهلها / على لسان أهلها الذين يتبرؤون منها .
1 – ذكرها بصفة عامة ، مثل : {وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ}[الأنبياء:11] .
2 – تعيينها لغير أهلها ، مثل : {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَٰذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 161] .
3 – على لسان غير أهلها ، مثل : { وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَىٰ قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}[العنكبوت:31] .
4 – على لسان أهلها الذين يتبرؤون منها ، مثل : {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}[النساء:75] .
وقس على ذلك ، وقد تكون هناك حالات أخرى لذكر (القرية) في القرآن الكريم .
 
بارك الله فيكم جميعاً على إثراء الموضوع، والظاهر من السياق وأقوال المفسرين أنهما بمعنى واحد، والقول بعدم وجود الترادف لا يعارض هذه القول، فقد يوصف موضع معين بوصفين متحققين فيه، فيكون قريةً باعتبار ومدينةً باعتبار آخر، والله أعلم.
 
نعم ، فمن خلال المعجم القرآني يتبين أن القرية أو المدينة تدلان على مكان واحد ، لكن الحيثيات المصاحبة لكل منهما هي التي تجعل كل مصطلح منهما يدل على الحالة الخاصة به .
والذي يجب أن أنبه له هو أن مفردة (القرية) أو (المدينة) في القرآن الكريم ، كل منهما يدل على المجال الحضري .
أما (المجال البدوي) الذي نطلق عليه في لغتنا المعاصرة (المجال القروي) ، فالقرآن يطلق عليه مفردة (بَدْوٌ) ، وذلك في قوله تعالى : {... وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[يوسف:100] . معناه من البادية ، بادية الشام .
وقوله تعالى : {يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الْأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً}[الأحزاب:20] . أي : يود المنافقون من الخوف لو أنهم في البادية مع الأعراب .
ولذلك يجب مراعاة لسان القرآن في التعامل مع الدلالة القرآنية .

والله أعلم وأحكم
 
أظن أن الكلمتين من الكلمات التي إن افترقت اجمعت في معناها وإن اجتمعت افترقت
وأنا وقفت إن دلالتهما معا في وصفهما لمكان واحد. وحاولت تفسير التغاير الدلالي فوجدت أنهما إن حضرتا معا للدلالة على معين كان السياق معينا في فرز الفارق بينهما وقد تم تبيين ذلك في مواطن ثلاثة
 
لاحظوا معي هذين الموقفين المعبرين اعتمادا على المصطلح القرآني : (قرية / مدينة)
الموقف الأول ، قوله تعالى : {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا}[النساء:75] .
فهؤلاء الأصناف الذين كرهوا مدينتهم ، وأصبحوا لا يطيقون العيش فيها ، ويدعون الله أن يخرجهم منها . إنهم داخل مدينتهم لكن أنفسهم لا تطيقها ؛ لأنهم لا يشعرون بالأمان فيها . فوصفوها بالقرية الظالم أهلها .
الموقف الثاني : {وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا}[الكهف:19] .
أما هؤلاء الفتية الذين اضطروا إلى الخروج هربا من شرك قومهم الذين اتخذوا من دون الله آلهة . وذهبوا إلى الكهف فارين بدينهم ، لما بُعثوا من رقودهم ، بعثوا أحدهم إلى المدينة ؛ لأنهم يحنون إليها ويحبونها ويتشوقون إليها رغم بعدهم عنها .
فالموقفان مختلفان ، وفي كل موقف كان التعبير القرآني ملائما للحالة النفسية والشعورية لساكني المدينتين :
فكاره لمدينته وهو داخلها فعبر عنها بالقرية ؛ لأنها لم تبق مدينة له ؛ لأن جميع الوشائج قد قطعت ، وجميع الحقوق قد حرمت .
ومشتاق لمدينته وهو بعيد عنها وهي مدينة له ، ما زالت تنتظر قدومه ، فاتحة له أبوابها ، تشتاق إليه كما يتلهف العودة إليها .
إنها حقا مقارنة قابلة للتأمل .

والله أعلم وأحكم
 
ورد سؤال في موقع الإعجاز العلمي للقرآن جاء فيه :

ورد سؤال في موقع الإعجاز العلمي للقرآن جاء فيه :

بسم الله الرحمن الرحيم
أشكركم كثيرًا على هذا الموقع الرائع، جعله الله في ميزان حسناتكم، إن شاء الله !
ولى سؤال أتمنى أن أعرف إجابته.. في سورة الكهف قال الله تعالى:
﴿ حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾(الكهف:77).
ثم قال سبحانه:
﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾(الكهف:82).
لماذا اختلفت التسمية: ( قرية )، ثم ( مدينه ) ؟
وشكرًا لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د/ماهر الزمزمي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا سؤال وردنا من الأخ الدكتور ماهر الزمزمي، وأحلناه إلى الأستاذ محمد إسماعيل عتوك الباحث في أسرار الإعجاز البياني للقرآن، فوافانا مشكورًا بهذا الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على سيد المرسلين.. أما بعد:
جوابًا عن سؤال الأخ الدكتور ماهر أقول وبالله أستعين :
أولاً- لفظ ( القرية ) مشتق من ( القاف والراء والحرف المعتل )، وهو أصل صحيح يدل على جمع واجتماع. وسمِّيت القرية قرية لاجتماع الناس بها. ومنه: قريت الماء في الحوض. أي: جمعته. والنسبة إلى القَرْية: قَرَويٌّ بفتح القاف، وتجمع على ( قُرًى ) بضم القاف، وهي لغة أهل الحجاز، وبها نزل القرآن. قال تعالى:﴿ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً ﴾(الكهف:59). ولغة أهل اليمن: قِرْيَة، بكسر القاف، ويجمعونها على ( قِرى ) بكسر القاف.
أما لفظ ( المدينة ) فهو مشتق من ( الميم والدال والنون )، وليس فيه إلا ( مدينة )، على وزن: فعيلة. ومنهم من يجعل الميم زائدة، فيكون وزنها: مَفْعِلة، من قولهم: دِينَ. أَي: مُلِكَ. ويقال: مَدَنَ الرجل ؛ إذا أتى المدينة. وهذا يدل على أن الميم أصلية. وقيل: مَدَنَ بالمكان: أقام به ؛ ومنه سمِّيت المَدينَةُ.
وقيل: المدينة هي الحصن، وكل أرض يُبنَى بها حِصْنٌ في وسطها فهو مدينتها، وتجمع على: ( مُدُن ) بضمتين، و ( مُدْن ) بضم فسكون. وتجمع أيضًا على: ( مَدائن )، وأصلها: ( مداين )، همزت الياء ؛ لأنها زائدة، ومنها قوله تعالى:﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴾(الشعراء:53).
ثانيًا- إذا عرفت ذلك فاعلم أن اسم ( القرية ) يطلق في اللغة، ويراد به ( المدينة )، كما يطلق اسم ( المدينة ) ويراد به ( القرية ) , والدليل على ذلك قوله تعالى:﴿ فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾، فسمَّاها: قرية، ثم قال:﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾، فسمَّاها: مدينة بعد أن سمَّاها: قرية.
ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾(يس:13)، ثم قال:﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ﴾(يس:20)، فسمَّاها: مدينة، بعد أن سمَّاها قرية، فدل ذلك على جواز تسمية إحداهما بالأخرى.
ومن ذلك إطلاق اسم ( أم القرى ) على مكة المكرمة، وإطلاق اسم ( القريتين ) على مكة والطائف، ومن الأول قوله تعالى:﴿ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾، ومن الثاني:﴿ لَوْلاَ نُزّلَ هذا القرءان على رَجُلٍ مّنَ القريتين عَظِيمٍ ﴾. وقيل: سمِّيت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة خاصة، وغلبت عليها هذه التسمية تفخيمًا لها، شرَّفها الله.
ثالثًا- ومن الفروق بين ( القرية )، و( المدينة ):
1- أن عدد من يسكن ( القرية ) أقل من عدد من يسكن ( المدينة ). ومن هنا قيل: إن قلُّوا قيل لها: قرية، وإن كثروا قيل لها: مدينة. وقيل: أقل العدد الذي تسمَّى به قرية ثلاثة فما فوقها. فالمدينة أوسع من القرية، وأكبر.
2- أن لفظ ( القرية ) يطلق على السكان تارة، وعلى المسكن تارة ؛ وذلك لكثرة استعمالهم لهذا اللفظ ودورانه في كلامهم. قال الراغب: القرية اسم للموضع الذي يجتمع فيه الناس، وللناس جميعًا، ويستعمل في كل واحد منهما. قال تعالى:﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾(يوسف:82) قال كثير من المفسرين معناه: أهل القرية. وقال بعضهم: بل القرية ههنا القوم أنفسهم. وعلى هذا قوله:﴿ وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً ﴾ وقال:﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ﴾(محمد:13). وقوله:﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ﴾(هود:117)، فإنها اسم للمدينة.
وحُكِي أن بعض القضاة دخل على علي ابن الحسين رضي الله عنهما، فقال: أخبرني عن قول الله تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً ﴾(سبأ:18)، ما يقول فيه علماؤكم ؟ قال: يقولون: إنها مكة، فقال: وهل رأيت ؟ فقلت: ما هي ؟ قال: إنما عنى الرجال، فقال: فقلت: فأين ذلك في كتاب الله ؟ فقال: ألم تسمع قوله تعالى:﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ.. ﴾(الطلاق:8).
رابعًا- بقي أن تعلم أن الله تعالى عبَّر في قوله:﴿ حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ ﴾ عن ( المدينة ) بلفظ ( القرية ) ؛ لأنه أدلُّ على الذم ؛ لأن معناه يدور على الجمع الذي يلزمه الإمساك، فكان أليق بالذم في ترك الضيافة. ففيه إشعار ببخلهم حالة الاجتماع، وبمحبتهم للجمع والإمساك. ثم وصف القرية بقوله:﴿ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا ﴾ ؛ ليبين أن لها مدخلاً في لؤم أهلها. وعن النبي صلى الله عليه وسلم:« كانوا أهل قرية لئامًا ».
وأظهر في قوله:﴿ أَهْلَهَا ﴾، ولم يضمر، فيقول: ( استطعماهم ) ؛ لأنهما استطعما بعض أهلها الذين أتياهم، فجيء بلفظ ( أهلها ) ؛ ليعم جميعهم، وأنهم يتبعونهم واحدًا واحدًا بالاستطعام. ولو كان التركيب ( استطعماهم )، لكان عائدًا على البعض المأتي.
ثم قال تعالى:﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ ﴾، فعبَّر عنها بلفظ ( المدينة ) ؛ لإظهار نوع اعتداد بها، باعتداد ما فيها من اليتيمين، وأبيهما الصالح. وفي الحديث « إن الله تعالى يحفظ الرجل الصالح في ذريته ». ولما كان سوق الكلام السابق على غير هذا المساق عبَّر بلفظ ( القرية ) فيه، دون لفظ ( المدينة ).
وقيل: لما كانت ( المدينة ) بمعنى: الإقامة، كان التعبير بها هنا أليق ؛ للإشارة به إلى أن الناس يقيمون فيها، فينهدم الجدار وهم مقيمون، فيأخذون الكنز ؛ ولهذا قال:( في المدينة ).
وأما التعبير عن ( القرية ) بـ( المدينة ) في قوله تعالى:﴿ وَجاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى ﴾(يس:20)، بعد قوله:﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ ﴾(يس:13)، فللإشارة إلى السعة ؛ إذ كانت قرية واسعة ممتدة الأطراف، بدليل أن الرجل جاء يسعى من أقصاها. أي: من أبعد مواضعها ؛ ولذلك عبَّر عنها هنا بلفظ ( المدينة ) بعد التعبير عنها بلفظ ( القَرْيَة ).. والله تعالى أعلم !

بقلم: محمد إسماعيل عتوك
- See more at: الفرق بين القرية والمدينة
 
إن الجهل بالفرق بين المفردات لا يبرر التجديف على القرآن بالقول بالترادف لأن الترادف باطل في حق كلام الله ، فإن أثبت الاعتقاد بالترادف جاز استبدال المفرادات بسواها وهذا قاع البطلان وعينه في حق التنزيل الحكيم والقول الآنف بالترادف رأي لا دليل عليه ولا مسوغ لقوله وهذه صورة من صور القول المتفكك المبنى على الهوى :
إذ كانت قرية واسعة ممتدة الأطراف، بدليل أن الرجل جاء يسعى من أقصاها. أي: من أبعد مواضعها ؛ ولذلك عبَّر عنها هنا بلفظ ( المدينة ) بعد التعبير عنها بلفظ ( القَرْيَة ).. والله تعالى أعلم !
منذ متى كان يعبر العرب بهذه الصورة الركيكة ؟؟ فإن اتسعت القرية سميت مدينة ثم إذا اساء فيها أحد حقرت فأسميت قرية ثم إن قيل أقصى تصبح مدينة وهكذا ، إن كان الأعاجم يستعملون هذه الأساليب التعبيرية في لغاتهم فنحن عرب لا نغير التسميات ونصوغها بهذه الصورة وكتاب الله نزل بلغتنا فهذا القول لا سند ولا حظ له من الدلالة ولا الوجاهة ، بينما التعبير واضح لا ترادف فيه ولا لبس فالغلامين يعيشان في المدينة وجدارهما في القرية ، وهكذا بقية المواضع التي تذكر فيها المدينة والقرية فلعل القارئ المرتاب يفصل المفردتين في عقله وسيصل للفهم السليم البسيط البعيد عن العسف والتكلف والعوج الذي لا ينبغي لكتاب الله .والله أعلم
 
استاذي الفاضل عبد الكريم ماهو تفسيرك لمعنى القرية في هذه الاية :
"وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا ۖ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ" [h=3][/h]
 
القرآن الكريم يراعي في استعمال مفردتي (قرية / مدينة) دلالتَهُما اللغوية .
فهي قرية ، من قَرَيْتُ الماء في الحوض ، وقَرَيْتُ الضّيف قِرًى ، وقَرَى الشيء في فمه : جمعه ، وقَرَيَانُ الماء : مجتمعه . فالقرية معناها تجمع سكاني .
وهي مدينة ، من مَدَنَ بالمكان : أَقام به . وهي على وزن فَعِيلة ، وتُجمع على مَدَائن ، ويقال للأَمة : مَدِينة أَي مملوكة ، والمدينة سميت بذلك لأنها مدينة لساكنيها ؛ لأنهم يملكونها .
يقول تعالى : {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ}[يوسف:82] .
القرية ، أي : أهل القرية ، وهي مصر ، أي اسأل أهلها ؛ لأن أبناء يعقوب ليسوا من أهل مصر ، لذلك كانت (قرية) بالنسبة لهم ، فهم لا يقيمون فيها .
ويقول تعالى : {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ}[يوسف:30] ؛ لأنهن من سكان المدينة ، فهن يقمن فيها ، فهي مدينة لهم .

والله أعلم وأحكم
 
السلام عليكم
إن قيل أن القرية تقرى الضيف فإنها تقرى ساكنيها من باب أولى .
وكونها تقرى ساكنيها يعنى اكتمال مقوماتها على أفضل مايكون
ومن هنا فهى أرقى من المدينة ..... التى تعنى - مدن بالمكان بعد أن كان رحّالا .
ثم فى القرآن القرية منها ما هو ممالك مثل مصر فى آية يوسف " واسأل القرية .." ، عاد التى لم يخلق مثلها فى البلاد ... الخ ،ومن هذا وغيره أقول القرية من القرى التى أهلكت هى مملكة أو عاصمة لمملكة
وغير ذلك فإن القرية هى تجمع كبير للبشر يشمل جميع لوازم الحياة كما أن أهلها على كل المهن ،ولها تنظيم ادارى كامل .
والقرية ليست كما فى اصطلاحنا الآن .... بل فى القرآن لها توابع أو ضواحى من المدن .. " وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ ...." كان موسى عليه السلام فى القرية التى بها قصر فرعون الذى يسكن فيه ... وهاهو يدخل المدينة التى بها قومه من بنى اسرائيل .
وكذلك " وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى .." لاشك أنها مدينة تابعة للقرية التى جاءها المرسلون .
وأيضا "
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا ..." هذه مدينة تابعة للقرية التى استطعم العبد الصالح وموسى أهلها
وغيرها
ولايوجد مثال واحد فى القرآن يقول أن القرية تتبع المدينة .
وأنا مع الأخ الغامدى فى القول بعدم الترادف بين اللفظتين
 
من خلال مشاركاتي السابقة انطلقتُ من استقراء مفردتي (قرية / مدينة) فتبين لي أن الاستعمال القرآني لهما له علاقة بالمعنى اللغوي .
فاستعمال القرية له علاقة بالتجمع السكني واستعمال المدينة له علاقة بالإقامة بالمكان مع الحقوق المدنية للشخص المذكور .
ولم أزد على ذلك . لا نوع المكان ولا مساحته ولا تموقعه الجغرافي ؛ لأن الخوض في ذلك يحتاج إلى دليل .

والله أعلم وأحكم
 
ولكنك شيخي بارك الله فيك بناء على ما تفضلت به قررت ان القرية هي المدينة وليست شيئين منفصلين وموقعين مختلفين انما تغيرت التسمية حسب السياق اليس كذلك ؟؟
 
أخي عدنان الغامدي حفظه الله
من خلال الاستقراء تبين لي أن القرية هي المدينة ، لكن خلال السياق تُذكر القرية بصفة حيادية أو متبرأ منها ، بينما تُذكر المدينة بدلالة الإقامة فيها أو شوق ساكنيها إليها .
وهذه الملاحظة تسري على كل النماذج الأسلوبية التي ذُكرت فيها (القرية / المدينة) في القرآن الكريم . وهذا الفارق الموجود بين المفردتين هو الذي ينفي الترادف .
والله أعلم وأحكم

مع فائق التقدير والاحترام
 
الأخ الكريم عبد الكريم عزيز،

وفقت ما شاء الله، وبارك الله فيك،،،

في انتظار بحثك كما وعدت،،،
 
عودة
أعلى