إلى متى التفريط يا أهل التفسير في تذوق الأدب العربي ؟ إلى متى ؟

إنضم
15/09/2010
المشاركات
159
مستوى التفاعل
1
النقاط
18
الإقامة
جدة
الحمد لله.. وبعد
قد أدركت منذ مدة أهمية تذوق النصوص الفصيحة لحسن الفهم والتأثر بالقرآن ، وانغمست في الشعر انغماسا ! وانشغلت به عن غيره حتى غلب علي!
ولن أتكلم نظريا بعد اليوم !
وسأجعل هذا الموضوع "سوقَ عكاظ" !
فقد كفاني التقرير النظري الواحدي في مقدمته للتفسير البسيط، وياقوت في مقدمته لمعجم الأدباء وغيرهما كثير ممن نبّه إلى هذا الأمر العظيم الذي يغفل عنه أكثر طلبة العلم الأذكياء والمنقطعين للطلب ، وقد سُئل الشيخ حاتم الشريف في برنامج مداد أن كثيرا من طلبة العلم ينفق من عمره سنين متعاقبة ولا يبلغ مبلغ الأئمة في الفهم فما سبب هذه الخيبة وما أصل هذا البلاء ؟
فأجاب بجواب أدهشني وأنكرته أول الأمر ، ولكنه -واللهِ- الحقُّ المبين !
قال : قلة القراءة والتذوق للأدب العربي ، لا أعني حفظ المعلقات والقصائد القديمة مجرد حفظ ، بل تذوق النصوص الأدبية وتفهمها والتلذّذ بها !

أما أنا فلي تجربة شخصية عجيبة فسأعرض في هذا الموضوع أعاجيب ما اتفق لي وما وقعت عليه من نصوص فتح الله لي بها لألفاظ وتراكيب من القرآن دلالات كنت عنها أعجميا صرفا !
====

أول ما أبدأ به بيتٌ للعباس بن الأحنف من قصيدته ذات العدد (33) من ديوانه ، طبعة دار الكتب المصرية
يقول: أحاطَ به البلاءُ فكلَّ يومٍ *** تُعاوده الصبابةُ والكروبُ
فلأنها تعاوده كل يوم ولا تدعه ولم يجد عنها مفرا ومهربا قال:"أحاط به البلاء"
إذا فهمت هذا زال الإشكال في مثل قوله تعالى من سورة البقرة : { بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)} فما كانت خطيئته لتحيط به حتى لا يكون له منها مخرج إلا أن تكون الشرك والكفر فالكافر هو الذي يُخلد في النار ، أما ما كان من الذنوب دون الكفر فللإنسان منها منتهىً ومخرج فإنها تلحقها الشفاعة أو تكفرها المصائب والحسنات ،، حتى من دخل النار من عصاة المؤمنين فإنه يجد عنها مخرجا برحمة أرحم الراحمين ولا تحيط به مطلقا
وهذا ما في التفسير الميسر: TFSeRMoUSR
وتأمل قوله تعالى من سورة العنكبوت : {يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ (54)}

وأدعك -حفظك الله- بعد هذا تتأمل وتتفكر بنفسك في قوله تعالى من سورة يونس : {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (22)}

وقوله تعالى من سورة البقرة : {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ (17) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (18) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) }

وقوله تعالى من سورة النساء: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}
 
تذكرتُ بيتا لابن الرومي كان أعجب شيء مرّ بي وهو قوله يمدح رجلا :
قَيِّمٌ قوَّمَ الأمورَ فعادتْ *** قيِّماتٍ به من التحنيبِ
قال في القاموس: "..والمحنَّب، كمعظَّم: الشيخ المنحني... وتحنّب: تقوّس"
قال في الشطر الأول : "قيِّم"
وقال في الشطر الثاني: "قيِّمات"
والأول لما يكون منه تقويم لغيره
والثاني لما كان مستقيما في نفسه
فافهم هذا ثم تدبر ماورد منه في القرآن ينفعك الله به إن شاء سبحانه وتعالى
 
ول ما أبدأ به بيتٌ للعباس بن الأحنف من قصيدته ذات العدد (33) من ديوانه ، طبعة دار الكتب المصرية
يقول: أحاطَ به البلاءُ فكلَّ يومٍ تُعاوده الصبابةُ والكروبُ
فلأنها تعاوده كل يوم ولا تدعه ولم يجد عنها مفرا ومهربا قال:"أحاط به البلاء"
إذا فهمت هذا زال الإشكال في مثل قوله تعالى من سورة البقرة : بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) فما كانت خطيئته لتحيط به حتى لا يكون له منها مخرج إلا أن تكون الشرك والكفر فالكافر هو الذي يُخلد في النار ، أما ما كان من الذنوب دون الكفر فللإنسان منها منتهىً ومخرج فإنها تلحقها الشفاعة أو تكفرها المصائب والحسنات ،، حتى من دخل النار من عصاة المؤمنين فإنه يجد عنها مخرجا برحمة أرحم الراحمين ولا تحيط به مطلقا

المصدر: http://vb.tafsir.net/tafsir37242/#ixzz2dIAtRNpO
احسن الله اليك نصحت فبلغت ولقد تسائلت عن تلك الاية من قبل وعرفت العيب في قلة تذوق المتدبر لكلام العرب ...اسألك بما عندك من الخبرة ان تنصحني وتنصح المبتدأ من اين يبدأ واي الكتب والادباء يقرأ كبداية وكتمهيد لان يصبح الانسان مؤهلا لان يخوض في كتب الشعراء فلا يلاقي عنتا اوصعوبة وليرتقي في الحس
 
ليتَ هندًا أنجزتْنا ما تعِدْ *** وشفت أنفسَنا مما تجدْ

قصيدة لعمر بن أبي أبي ربيعة ، لم أطرب في عمري كما طربت لها ، وفي غمرة ذلك الطرب نفعني الله ببيت من أبياتها ورد في أثنائها ،
وهو أوضح وأسهل بيت فيها ولا يحتاج إلى شرح ،
وهو بيت يعينك على حسن التدبر لأول آية في سورة الإخلاص
ولن أذكر هذا البيت ، وأدعك -حفظك الله- تطرب كما طربتُ لعل الله ينفعك كما نفعني
وهذا رابط القصيدة من أفضل طبعة :
ط´ط±ط­ ط¯ظٹظˆط§ظ† ط¹ظ…ط± ط¨ظ† ط£ط¨ظٹ ط±ط¨ظٹط¹ط© ط§ظ„ظ…ط®ط²ظˆظ…ظٹ
 
أنارالله لك دربك ياأستاذ مساعد وقوك في سيره!
وأقول: إن المفرط الحقيقي والأب هو تعليمنا الرسمي،وتوابعه،فمن حين تساهله في تقرير المواد العربية على المتخصصين في الدراسات الشرعية بدأ يشيع هذا الزهد على حلقات أهل العلم في المساجد ونحوها,ومن ثم دخلت هذه الآفة داخل بيوت طلاب العلم،فأصبحت مكاتبهم تشكو لهم الوحدة،حيث الأنيس والشريك لا يجاورها،وحق لهم ألا يحسوا بهذا الحنين ،إذ هذا الصوت لايسمعه إلا من وقف على الأدب ،وما وصفته أنصف ما يحكي عن وطادة العلاقة بين العلوم الشرعية والعربية.
وأذكر عبارة لشيخ الإسلام ابن تيميه_رحمه الله_ذكرها في اقتضاءالصراط المستقيم _أكتبها بمعناها_: أن من أكثر القراءة في اللغة كثرت محبته وتشبهه بالسلف الصالح.
.فمعنى كلامه أن اللغة حافز وزاد في طريق الإيمان.
ونعلم كلنا ما كان عليه الشيخ من علم وزكاة.
والله المستعان
 
من سمت همته للإرتقاء في الذوق الأدبي والحس الرفيع حتى يتأثر بالقرآن كما كان يتأثر به السلف الصالح أو قريبا منه
وأراد أن يشق طريقه ويقتحم عقبة الزمان المتطاول بيننا وبين الشعراء الفحول الكبار
فليبدأ من حيث انتهيتُ ولا يقع فيما وقعتُ فيه وكدتُّ أن أنصرف تماما عن الأدب العربي وأخسر خسرانا عظيما !
فأنا كغيري ممن إذا تحمس للأدب انجذب للمعلقات أولَ ما ينجذب،
فأنا بدأت في قراءة كتاب الكامل للمبرد ولقيت منه عنتا عظيما ثم تركته وشرعت في قراءة شرح أشعار الهذليين لأبي سعيد السكري وانقطعت بي السبل في أول قصيدة وهي مرثية أبي ذؤيب ولم أطق إتمامها ، ثم انتقلت لديوان المتنبي وكنت أراجع أحيانا كل ما أناله من شروحه حتى أفهم بيتا واحدا فضقت به ذرعا وبتكلف المتنبي وتعقيداته الكثيرة،
ثم عرفت أخيرا الداء والدواء، فشرعت في قراءة ديوان أبي العتاهية، فلم أجد أيسر منه، وديوان العباس بن الأحنف فلم أجد ألذ منه ! وديوان أبي فراس الحمداني فلم أجد ألطف منه ! وديوان ابن الرومي فلم أجد أنفع منه !
"ومن جرّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي" (ابتسامة) <عبارة شهيرة للرازي>
فنصيحتي لكل راغب أن يبدأ بديوان ابن الرومي وليصبر عليه أول الأمر فإنه ثقيل ثقيل ولكنه واللهِ أنفعُ شيء للمبتدئ، وأكثر قصائده واضحة لمن له أدنى ممارسة في الأدب ، أما من ليس بذي ممارسة ، فأقول له : لا تجزع إذا أحسست أنك أعجمي لا تفهم من القصيدة شيئا بل واصل ولا تنقطع وستزول عن عينيك الغشاوة شيئا فشيئا، وأنصحك بالفزع دائما إلى المعجم الوسيط

فهذه الدواوين الأربعة أنفع ما رأيت للمبتدئ ولا تلتفت إلى شاعر جاء بعد أبي فراس الحمداني فليس بعده إلا التراب ! ولو اقتصر متأدب على شعراء العهد العباسي من لدن بشار بن برد حتى أبي فراس لوافته المنية ولما يقض وطره منهم !

فياعاقل يا لبيب قد جعلني الله لك عبرة ، فاعتبر بتجربتي ، وانتفع بنصيحتي
هذا إن كان لك عزم و جلد وصبر على شدائد هذه السبيل وإلا فالكلام لا يعنيك !
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
قال أبو فراس الحمداني:
أيا مَن وجهه بدرُ ، وفي ألحاظه سحرُ
ويا من جسمه ماءٌ ، ويا من قلبه صخرُ
لقد قام لدى العاذل من وجهك لي عذر
وما بُحْتُ بما ألقاه حتى عزَّني الصبرُ

ويهمنا البيت قبل الأخير والأخير أيضا
العاذل هو اللائم
***قوله : "لقد قام لدى العاذل من وجهك لي عذر" يُجلّي لك دلالات القيام حيثما وردت في القرآن
أي قد وُجد عذري عند لائمي عذرا ثابتا قويا صحيحا تترتب عليه آثاره فعلى اللائم أن يكف وهذا من ألطف وأبلغ ما قرأت في الغزل ووصف حسن الوجه
فقيام الشيء ليس مجرد وجوده ولذلك فقد أحسن مؤلفو التفسير الميسر إذ فسرو قوله تعالى من سورة الروم : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ...(25) } قالوا: "ومن آياته الدالة على قدرته قيام السماء والأرض واستقرارهما وثباتهما بأمره فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرض"
وإقامة الصلاة المأمور بها في القرآن ليس مجرد أداء وفراغ منها بل إيقاعها صحيحة كما يحب الله ويرضى فتترتب عليها أثارها من صلاح القلب والخشوع وتكفير السيئات
========
***قوله : وما بُحْتُ بما ألقاه حتى عزَّني الصبرُ
أي غلبني الصبر وشق علي فلم أطقه

ومن أعطى القرآن حقه من التلاوة والتدبر فوالله لن يقرأ شيئا من كتب الأدب ودواوينه إلا سينتفع به في تلاوته وتدبره لكتاب ربه ،
وقل أن تجد من يتفطن لهذا ، فأكثر الصالحين من طلبة العلم والعبّاد يظنون أن قراءة كتاب الأغاني مثلا أو العقد الفريد مضيعة للوقت وعليه أن يتوب إلى الله وينقطع للقرآن والسنة ، ويدع عنه ذلك الباطل واللغو والفحش والمجون
والله المستعان
 
من أراد أن يعرف قيمة الأدب العربي وأهميته فعليه أن يقرأ مقدمة كتاب الكفاف ليوسف الصيداوي أو الفقرة (9) التي بآخر المقدمة وهي بعنوان: "النحو لا يُعلم اللغة"
وكانت هذه الفقرة من أبلغ ما قرأت في هذا الباب وكان لها دور كبير في توجيهي نحو الأدب واشتغالي به منذ أن قرأتها
وهذا رابطها: KFaaF
 
فقيام الشيء ليس مجرد وجوده ولذلك فقد أحسن مؤلفو التفسير الميسر إذ فسرو قوله تعالى من سورة الروم : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ...(25) } قالوا: "ومن آياته الدالة على قدرته قيام السماء والأرض واستقرارهما وثباتهما بأمره فلم تتزلزلا ولم تسقط السماء على الأرض"
المقصود الاستقرار والثبات إجمالا لا تفصيلا ، والمقصود أيضا نفي التزلزل العام الشامل لا كل تزلزل ، لأنه حاصل جزئيا هنا وهناك ، ولكنه لم يعم الأرض ولم يدُم حتى لا تصلح الحياة على الأرض، فهذا قيام السماء والأرض قياما يليق بها يشوبه الخلل والنقص ، والقيام الكامل الذي لا يعتريه خلل أبدا هو للحي القيوم سبحانه وتعالى
وفي المختصر في التفسير -إصدار مركز تفسير- صدر حديثا واقتنيته البارحة- ففيه تفسيرا للآية : "ومن آيات الله الدالة على قدرته ووحدانيته قيام السماء دون سقوط، والأرض دون انهدام بأمره سبحانه..."
فكما ترى هنا أن العبارة أوضح وأقرب
فجزاهم الله عنا خير الجزاء
 
قال أبو العتاهية:
أَحْدِثْ لربك توبةً * فسبيلها لك ممكنُ
من فهم هذا البيت وتذوقه حق تذوقه ، ثم اطلع على تفسير السلف لقوله تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) } صدر سورة الأنبياء استطاع أن يستوعب ويركّب ما ورد عن السلف على لفظ الآية، فيتذوق هذا المعنى من الآية نفسها

أَحْدِثْ لربك توبةً * فسبيلها لك ممكنُ
فالعبد لم يفعل شيئا مجرداً اسمه توبة وإنما فعل أسبابها من فعل الواجب وترك المحرَّم حتى تقوم به صفة التوبة ،
وبذلك يكون أحدث لربه توبةً.
فلا يلزم من إيقاع الفعل "أَحْدَثَ" على شيء أنه خَلْقٌ له كما تُخلق ذاتٌ من الذوات، بل هو فيه دلالة التجدد بتجدد الفعل، كما كان ينزل القرآن منجَّما
وقد لخّص ابن جرير ما ورد عن السلف في هذه الآية بقوله:"ما يُحْدِثُ الله من تنزيل شيء من هذا القرآن للناس ، ويذكرهم به ويعظهم ، إلا استمعوه وهم يلعبون، لا يعتبرون به، ولا يتفكرون في وعده ووعيده، ولكنهم يستمعونه وهم يلعبون، لاهيةً قلوبهم"
عد وتأمّل كلام ابن جرير جيدا ، نعم تأمله بكل قواك العقلية !
فالله لم يُحْدِثْ القرآن إحداث خلق كما خلق الناس والأنعام والأرض والسماء ولكن إحداثَ الإنزال أو التنزيل فصحّ أن يُوقَع فعل الإحداث على المنزَّل مع أن المُحْدَث حقيقةً هو فعل التنزيل لا ذات المنزَّل، ولكن لغة العرب ذات اتساع عظيم في التعبير لا يدركه ولا يحس به إلا من تذوق كلام العرب وعاش معهم في منظومهم ومنثورهم...
وقد تكررت اللفظة في صدر سورة الشعراء أيضا: {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5)}
قال فيها ابن جرير "وما يجيء هؤلاء المشركين الذين يكذبونك ويجحدون ما أتيتهم به يا محمد من عند ربك من تذكير وتنبيه على مواضع حجج الله عليهم على صدقك ، وحقيقة ما تدعوهم إليه مما يحدثه الله إليك ويوحيه إليك لتذكّرَهم به إلا أعرضوا عن استماعه، وتركوا إعمال الفكر فيه وتدبره"
وتأمل قول الله تعالى من سورة طه :{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)}
فالقرآن لا يخلق تذكّرَنا خلقاً يشبه خلق الذوات إنما هو سبب للتذكّر، ولكن لأنه سبب لتجدد التذكر عبر عن هذا الفعل الذي هو تجديد الذكرى لنا عبّر عنه بالإحداث

والله تعالى أعلم
 
قال أبو العتاهية:
كأنّ امرءًا لم يَغْنَ في النّاس ساعةً
point.png
إذا نُفِضَتْ عنه الأكفُّ من الدَّفْنِ

في معاجم اللغة: يقال: غَنِيَ بالمكان: أقام فيه ، وغَنِيَ القومُ في ديارهم: طالَ مُقامهم فيها، وغَنِيَ المكانُ: عُمِرَ... والمَغْنَى: المنْزِل الذي غَنِي فيه اهلُه.

فافهم هذا البيت ثم تذوّقه حقّ التذوّق، حتى إذا مرّ بك ما في القرآن من هذا النحو، فهمت الآية وتذوّقتَها وتأثّرتَ بها كما لم يكن من قبل ! أعدك بهذا ! وستذكر ما أقول لك !

قال الله تعالى في سورة يونس:{إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ(24)}
وفي سورة الأعراف:{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (91) الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْبًا كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ (92)}
وفي سورة هود" {وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (67) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِثَمُودَ (68)}. {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (95)}
 
هذه رسالة علميّة في شعر أبي العلاء المعرّي ، وقد كنت أعرضت عن هذا الشاعر على تفننه وإبداعه من أجل تأخره وتكلّفه
ولكن لعل هذه الرسالة تكون سببا في الإنتفاع بشعر هذا المبدع،
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
أثر القرآن في شعر أبي العلاء المعري - ماجستير - ريما عبد الكريم رجوب
 
لمّا عظم انتفاعي وعظمت لذّتي بقراءة الأدب العربيّ وتذوقه ، قلتُ:
"ما رأيتُ جِدًّا أشْبَهَ بلهْوٍ ولا لهوًا أشبه بجِدٍّ من الأدب العربيّ"


 
ما أضلَّ من ضلَّ عن تذوق الأدب العربي والتمتع به !

المعاجم وكتب التفسير تعطيك بعض المعنى ، أو تعطيك المعنى جافّا خلوا من أثره ووقعه في نفس العربي القُحّ ،
فاقرأ إن شئت عن أداة الاستفتاح : (ألا) ، ستعرف فائدتها وغرضها، -وهي كثيرة الورود في القرآن- ، ولكن هل ستحسّ بأثرها ووقعها كما لو تذوقت وتغنّيت بقول الشاعر:
وقالوا لها هذا حبيبُكِ مُعرِضًا *** فقالت: ألا إعراضُه أيسرُ الخطبِ
فما هو إلّا نظرةٌ بتبسّم *** فتصطكَّ رجلاه ويسقطَ للجنبِ
في البيت الأول: (معرِضا) كذا بكسر الراء أيّ متعرّضٌ لها في طريقها يريد لقاءها وإحراجها ، ويختلف معناها إذا عُدّيَت بــــ (عن) فينعكس المعنى تماما ، فهو من الصدود والانصراف عن الشيْ : كقول الله: (.. وأعرض عن الجاهلين)

*** تأمّل في موقع جوابها وردّها على من خوّفها، كأنها تريد القول: "انتبهوا واحفظوا عني وافهموا ما سأقول" ، ثمّ ردّت وأخبرتهم بأنه أيسر شيء عليها !

ردّد البيتين وتغنَّ بهما وتمتّع ، وسترى أنك بدأت تحسّ بشيء ما كنت تحسّ به حين تمرّ بك ((ألا)) كثيرا في القرآن الكريم
{وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)}
 
وكذلك لو قرأت ما في المعاجم وكتب التفسير عن كلمة: (باطل) لن يكون لها وقعها لو أخذتها عن امرئ القيس حين قال بعد مقتل أبيه يحلف بالله أنه لن يضيع دمه هدرا ولن يذهب هكذا دون أن ينتقم له من قاتليه
قال:
والله لا يذهبُ شيخي باطلا *** حتى أُبيرَ مالكًا وكاهلًا
القاتلين الملكَ الحُلاحِلا *** خيرَ معدٍّ حسبًا ونائلًا
(أُبير:أُهلك وأُفني. الحلاحل:الشريف. نائلا:عطاءًا)

إذا أحسنت فهم وتذوق البيتين فإنك ستجد في كلمة (باطل) عند ورودها في القرآن مالم تجده من قبل
قال الله تعالى في سورة ص : {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (28)}
ذلك ظنّهم ! يظنون أن إجرامهم وكفرهم سيذهب باطلا فلا جزاء ولا انتقام !
وما أبلغ ما عقّب به سبحانه قائلا: {..فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (27)} والعطف بالفاء (فويل) فائدته: أنه بناءًا على أمر متقرر قد فُرغ من ذكره وإثباته وإيضاحه، كما أقول لك مثلا: "قد أخبرتك أن الأمر خطير، فاحذر وانتبه"
وما أبلغ (أم) بعد ذلك كلّه إنكارا على من ظن أنه سيذهب كل ذلك الإجرام والكفر باطلا فيكون لا فرق بين مؤمن وكافر، وتقيّ وفاجر
 
لا ينبغي للذكيّ النجيب أن يغفل أيضا عن القراءة في كتب التاريخ والسيرة والتراجم المحققة تحقيقا علميا جيدا، ففيها والله عجب عجاب، وأعتبرُها أنا مكمّلة للأدب العربي لمن أراد اكتساب اللغة وحسن الفهم عن أهلها ، فإنّك واجدٌ فيها كلاماً فصيحا صحيحا وتراكيب نادرة يفتح الله عليك بها ! وهذا مثال:-

.....
{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) }
.........
وقد لخّص ابن جرير ما ورد عن السلف في هذه الآية بقوله:"ما يُحْدِثُ الله من تنزيل شيء من هذا القرآن للناس ،
........................
سأذكر خبرا يبين لك دقّة فهم السلف ، وسعة علم ابن جرير الطبري رضي الله عنهم أجمعين
ذكر الامام النسابة الإخباري محمد بن حبيب البغدادي المتوفّى سنة 245 ، في كتابه "المحبّر" -صفحة 324- ، عن خبر أوس بن ثابت الأنصاري لما توفي قبل نزول آيات المواريث وخلّف أربع بنات دميمات، فجاء بنو عمه فأخذوا ماله كله ولم يتركوا شيئا لبناته، فجاءت أمهنّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتكي ضيق حالها وما فُعل ببناتها فقال لها النبيّصلى الله عليه وسلم: "ارجعي إلى بيتك حتى أنظر ما يُحدث الله فيهن" فأنزل الله عز وجل : {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب...} الآية من سورة النساء ... إلخ.
تنبيه:
-تم نقل الخبر ملخصا بتصرف إلا موضع الشاهد منه فقد تم نقله بنصّه هكذا: ("ارجعي إلى بيتك حتى أنظر ما يُحدث الله فيهن" فأنزل الله عز وجل :)
فأنت ترى هنا كيف أنّ ما أحدثه الله هو إنزاله لقوله تعالى: {للرجال نصيب...}الآية
وهذا هو فهم السلف الذي ذكره عنهم ابن جرير الطبري
ووالله إن في كتب الحديث النبوي والسيرة والتاريخ والتراجم من نصوص تتفجر منها الفصاحة والبيان ما لم يخطر لك على بال !
ولكننا قد رضينا بالتقليد ، وقنعنا بالترديد ، دون فهم قريب عتيد، فهم ينفعنا في تدبر تنزيل العزيز الحميد !
سبحانه وتعالى
 
كلامك حضرة الأستاذ مساعد أحمد الصبحي، كلام سديد غاية، وهو في صميم المنهج، وأدبيات المفسر.
ومن هذا الباب كلمة أبي عمرو ابن العلاء البصري حين قال: "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه".
وهذه الكلمة من أبي عمرو ابن العلاء، وهو أحد السبعة، ومن عليه تخرج أمثال الأصمعي وتلك الطبقة، وهو الراوية الواعية، تدل بجلاء على أصول هذا المنهج.
ولنا أن نعتبر في هذا الباب بالتحقيق الفذ الذي قام به العلامة محمود شاكر لتفسير الطبري، ولولا ما كان يضطلع به أبو فهر من العلم بالعربية، والحفظ لشعرها والتذوق العميق لمبانيه ومعانيه، ما كان يتأتى له أن يخرج تفسير الطبري على ذلكم الوجه.
والله أعلم.
 
إباءٌ إباءُ البكر غيرُ مذلَّلِ *** وعزمٌ كحدّ السيف غيرُ مُفلَّلِ

في ديوان أبي فراس على سهولته ووضوحه من لطيف النظم مع جزالة الطبع ومن عفو الإحسان مع قوّة الأسْر ومن رقّة المعاني والألفاظ مع فصاحة التركيب ما لم يتأتَّ مثلُه لعصريّه وقرينه المتنبي، فالمتنبي أبدع بلا ريب ولكنه طلب الكمال في صنعة الشعر، فخسر صريح الطبع ، فإنّ الشعر المطبوع شيء لا يأتي بالتصنّع والتكلّف، وكان المتنبي يجهد كل الجهد في إخفاء أثر الصنعة في شعره حتى يبدو أقرب إلى الطبع منه إلى الصنع ، وهيهات لما رام وقصد ثم هيهات هيهات !
وقد قيل في تفضيل جرير على الفرزدق أن الأخير يشتدّ أبداً ! أما جرير فيشتدّ إذا شاء، ويرقّ إذا شاء ! فهو إذن أملك لأزمّة الشعر من صاحبه.
وقد شرعت منذ مدة في قراءة ديوان أبي فراس حتى أتيت على معظمه وبقي منه قريبٌ من الثلث لم أقرأه، وكنت أعجب كثيرا من قلة اكتراثه للصنعة والبديع، وسرّ ذلك أنه ملكٌ لا ينشد شعره إلا لخواصّه ، فهو يقوله غيرَ مرتزق به ولا طالبٍ إعجاب أهل عصره الذين فسدت أذواق أكثرهم أو كادت، وأصبح لا يعجبهم العجب !
ولولا صديقه ابن خالويه الذي جمع ديوانه لضاع معظم شعره

والبيت المذكور هو مطلع قصيدة أسرتني وقرأتها ثلاث مرات في أوقات متفرقة ولم أقضِ منها بعدُ نُهْمةً ولا أكاد ! وخطر لي أن أختار منها فإذا هي خيار كلها ! ليس فيها حشو ولا تزيّد ، كأجمل جارية توهب لك !، فهل أنت مستغنٍ حينها عن عضوٍ من أعضائها !
فأحببت إثباتها في هذا الموضوع لعلي أعود يومًا إليها ، وأقضيها بعض حقّها !
https://archive.org/stream/do-diwan-7mdani/diwan-7mdani-2-3#page/n316/mode/1up
 
... وكنت أعجب كثيرا من قلة اكتراثه للصنعة والبديع، وسرّ ذلك أنه ملكٌ لا ينشد شعره إلا لخواصّه ، فهو يقوله غيرَ مرتزق به ولا طالبٍ إعجاب أهل عصره الذين فسدت أذواق أكثرهم أو كادت، وأصبح لا يعجبهم العجب !
قال ابن خلّكان في وفيات الأعيان: "وكان الصاحب بن عباد يقول: بُدئ الشعر بملك وخُتم بملك، يعني امرأ القيس وأبا فراس. وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترئ على مجاراته، وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهـيـّــبـاً له وإجلالاً، لا إغفالاً وإخلالاً. وكان سيف الدولة يعجَب جداً بمحاسن أبي فراس ويميـّـزه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته ويستخلفه في أعماله." اهــ
 
أحب أن أثبت في هذا الموضوع بيتا بديعا لكل واحد من شعرائنا الأربعة الذين أوصي بدواوينهم للمبتدئ

قال أبو العتاهية:
النّاس في غفَلاتهم *** ورحى المنيّة تطحنُ

قال العباس بن الأحنف -مثلا سائرا في من يتعشّق من لا يدركه-:
وفي نظر الصادي إلى الماء حسرةٌ *** إذا كان ممنوعًا سبيل المواردِ
(الصادي=العطشان)

وقال أبو فراس لمن غالبه على حيازة المحامد والمناصب فلم يفلح ولم يصلح لمنافسته فيها:
لَعَمْرُكَ ما طرْقُ المعالي خفيّةٌ *** ولكنّ بعض السَّـيْر ليس بقاصدِ

وقال ابن الرومي يدافع عن صديقٍ له راويةٍ للغة والأدب وقد سبّه رجلٌ وعاب عليه شدة هزاله ودقّة عظامه:
إذا ما كنتُ ذا عُودٍ صليبٍ *** فيكفيني القليلُ من اللحاءِ
 
وهذه أطرف قصيدة مرّت بي لابن الرومي ، وقالها لمّا أحسن الظنّ بقومٍ، فأخلفوا حسن ظنه بهم ، ولم ينل منهم ما أمّل
دَعَتْنِي إلى فَضلِ معروفِكُمْ *** وجوهٌ مناظرُها مُعْجِبهْ
فأخلفتُمُ ما تَوسّمْتُه *** وقلَّ حميدٌ على تَجْرِبَهْ
وكم لُمْعةٍ خلتُها روضةً *** فأَلْفيتُها دِمنةً مُعْشبهْ
ظَلَمتُكُمُ لا تطيبُ الفرو***عُ إلا وأعْراقُها طيّـبه
وكنتُ حَسِبتُ فلما حسَبْ***تُ عَفَّى الحسابُ على المَحْسِبه
فهل تُعذَرون كَعُذْرِيكُمُ *** بأَنَّ أصولَكُمُ المُذْنِبَهْ
خرجتُ مُوازِنكُم بالسوا *** ءِ عُذراً بعذرٍ فلا مَعْتِبهْ
 
ماأنفعَ المعجمَ الوسيط ! وأنا الآن بصدد فهرسته فهرسة كاملة، حتى يسهل الوصول للمادة المطلوبة في أقصر وقت، وسأوافيكم به قريبا إن شاء الله،
ويُنصح قارئ ديوان أبي فراس بطبعة الدهّان وهي المحال عليها في الرابط السابق للقصيدة: "إباءٌ إباء البكر...إلخ" ، وعليه -عند الحاجة وخفاء المعنى- بالرجوع لطبعة دار القلم العربي ففيها جهد طيب مشكور في الشرح والتوضيح لأبيات الديوان
وهذا رابطها: https://archive.org/details/DiwanAbiFras7mdany
================================
وهذه طبعات أخرى جيّدة تستحق الانتفاع والإشادة بها، فهي ذات إضافة رائعة، من جهة اعتماد الرواية المغربية للديوان ، والشرح المفصّل لابن خالويه ،،،

لسان العرب: ديوان أبي فراس الحمداني ( حسب الرواية المغربية ) - مؤسسة البابطين

لسان العرب: شرح ديوان أبي فراس الحمداني - شرحه : ابن خالويه
 
قد ذكرتُ لكم أن ألذّ ديوان شعر قرأته كان للعباس بن الأحنف، ثم أوردتُ لكم قصيدة ابن أبي ربيعة: "ليت هندا أنجزتنا ما تعد" وذكرت أن فيها بيتا ينفع المتدبِّــرَ لأول آية من سورة الإخلاص، وهذان بيتان لابن الأحنف ينفعان في ذلك أيضا، وكأنه نسج على منوال سلفه ابن أبي ربيعة، وسلك جادّةً مطروقةً معروفةً للغزِلين المتعشّقين من قبله فقال:

خـلطَ اللهُ بــروحـي روحَــهــا *** فهما في جسدي شيءٌ أحـدْ
فهْو يحيا أبدًا ما اصطحبا *** فــإذا مـــا افترقا مات الـجـسدْ

ومن تذوق البيت الأول وفهمه حق الفهم عرف خطأ من جعل معنى قوله تعالى : (((مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ...))) أي: خلطهما ، فالخلط يجعلهما كالشيء الواحد أي يمتزجان فلا يبقى بينهما تباين بالصفات المختلفة، وهذا لا يستقيم مع قوله تعالى: (((بينهما برزخ لا يبغيان))) وقوله تعالى: (((وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53))))

بل معنى "المرْج" هو ما ذكره إمام اللغة في زمنه "ابن مالك" رحمه الله- فقال في ثلاثيات أفعاله: "ومَرَجَ الله البحرين: أطلقهما ، والرجلُ الفرسَ: خلّاه والمرعى."

فالمراد بالآيات في هذا المعنى : أن البحرين يلتقيان كما هو نص الآية دون أن يبغي أحدهما على الآخر كما هو نص الآية أيضا: (((لا يبغيان))) أي لا يغلب أحدهما بل يبقيان متباينين لكلٍ صفاته المميِّزة له عن صاحبه مع تجاورهما وتلاقيهما، وهكذا يكون الأمر آيةً عجيبة ، أما أنهما يختلطان ويمتزجان فما العجيب في الأمر حتى يقتضي ذكره والتنويه به على أنه من عجيب صنع الله وتدبيره ؟!
 
وهذا لا يستقيم مع قوله تعالى: (((بينهما برزخ لا يبغيان)))
قال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: "{لاَ يَبْغِيَانِ}: لاَ يَخْتَلِطَانِ."

ولا يستقيم وقوله تعالى: (((وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا (53))))
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَرْزَخٌ}: حَاجِزٌ. <عن كتاب التفسير من البخاري أيضًا>

بل معنى "المرْج" هو ما ذكره إمام اللغة في زمنه "ابن مالك" رحمه الله- فقال في ثلاثيات أفعاله: "ومَرَجَ الله البحرين: أطلقهما ، والرجلُ الفرسَ: خلّاه والمرعى."
وقال البخاري أيضا:
" يُقَالُ: مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلاَّهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ.
{مَرِيجٍ}: مُلْتَبِسٌ.
{مَرَجَ}: اخْتَلَطَ البَحْرَانِ، مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا."

وتفسيره هذا: "اخْتَلَطَ البَحْرَانِ" لا يقصد به قطعًا الامتزاج التام بدليل قوله: "مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا" وليس ثمَّ امتزاج بين الدابّة والمرعى !

وعلى كلٍ فإنه لا يصلح في تفسيرٍ المقصود به العامّة قبل الخاصّة أن يُفسر قوله تعالى {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ} بـــ: "خلطَ البحرين"
فإن الغالب أنه يسبق إلى ذهن العامّي في مثل هذا الامتزاج التام لأنه واردٌ جدًا في إلتقاء سائلين، أمّا لو كان السياق في أمر آخر فإنه لا لبس ولا إشكال وهذا مثل مفهوم الاختلاط بين الرجال والنسال

والله تعالى أعلم
 
فالمراد...أن البحرين يلتقيان...(((لا يبغيان))) أي لا يغلب أحدهما بل يبقيان متباينين لكلٍ صفاته المميِّزة له عن صاحبه مع تجاورهما وتلاقيهما، وهكذا يكون الأمر آيةً عجيبة ، أما أنهما يختلطان ويمتزجان فما العجيب في الأمر حتى يقتضي ذكره والتنويه به على أنه من عجيب صنع الله وتدبيره ؟!

http://youtu.be/3aUw_Yk0P04?t=7m6s

http://youtu.be/az8309_WnO0?t=3m3s
 
كان أبو نواس -على فضله في جانب اللغة والبيان- في الحضيض الأسفل بتماجنه وتفحّشه وإدمانه الخمر، فاعجب كيف اجتمع هذا الفضل والمجون ! ولا يُعلم في زمانه ماجنٌ أفضل منه، وذلك من أجْل سعة علمه وحُسْن فهمه وصِحّة ذوقه وسلامة طبعه وإحسانه لما يقول من الشعر
ولم يمدح أحدٌ من العالمين الخمر كما مدحها أبو نواس، لا جَرَمَ أنّ خمرياته كانت أجودَ شيءٍ قاله من الشعر.
وقد توعّده الخليفة مرارا وهدّده وزجره عن شرب الخمر والمجاهرة بذلك في شعره، فقال أبو نواس:

أطِعِ الخليفةَ واعصِ ذا عزْفِ * وتَنَحَّ عن طربٍ وعن قصْفِ
عـينُ الخـليفةِ بي مُـوَكَّـلَـةٌ * عَـقَـدَ الحِذارُ بطرْفه طرفي
صحَّتْ علانيتي له، وأرى * دينَ الضميرِ له
على حَرْفِ

 
قال ابن الرومي واصفا رحلته إلى ممدوحه وما لقيه فيها حتى وصف السفينة التي أقلّتْه، فقال:

وقد نُصِبتْ لها شُرُعٌ أُقِيمتْ * بهنّ صدورُهنّ عن النُّكُوبِ

وهذا تفسيرٌ لبعض الألفاظ من المعجم الوسيط الذي أنصح به في كل حين ولكل قارئ نهم:

1- أُقيمت
"...وقام الأمرُ: اعتدل." ، "...وأقامَ العودَ والبناءَ ونحوهما: عدّله وأزال عَوَجه."

2- صدورهنّ
"الصَّدْرُ: مُقَدَّمُ كلّ شيء"

3-النّكوب
"نكبتِ الريحُ تنكُبُ نُكوبا: مالتْ عن مهابِّ الريح العاديّة. ونكبَ عنه نكْبا: مالَ عنه واعتزله. وفي التنزيل العزيز: {وَإِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ (74)}"

وأقول: إنّ من كان ذا حسّ مرهف وعنده ملكة لغوية وذائقة صحيحة بما أخذَ من حظ وافر من الدرس والقراءة في الأدب العربي وكان قبل ذلك كله لا يقصّر في تدبّر القرآن ومذاكرة معانيه وتفسيره ، فمن كانت هذه صفته فإن بيت ابن الرومي هذا سيعينه على حسن فهم وتدبُّر قوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30)}
وشرح كيفيّة ذلك وتوضيحه دونه خرط القتاد، إذ هو شيء يُحسّ ويُتذوّق كالنسيم العليل ورَوْحه ! والماء البارد على العطش ولذّته!
وحسبي هنا أن أنقل كلام أئمة التفسير لعل ذكيًا نجيبًا يتفطّن وينتفع ببيت ابن الرومي كما انتفعتُ أنا به وأصبحتُ أردّده صباح مساء، ومازلت أستمتع وأنتفع به !
قال الطبري:"يقول تعالى ذكره: فسدّد وجهك نحو الوجه الذي وجَّهَكَ إليه ربك يا محمد لطاعته، وهي الدين..."
وقال البغوي: " قوله تعالى: { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ } أي: أخلص دينك لله، قاله سعيد بن جبير، وإقامة الوجه: إقامة الدين، وقال غيره: سدد عملك. والوجه ما يتوجه إليه الإنسان، ودينه وعمله مما يتوجه إليه لتسديده، { حَنِيفًا } مائلا [إليه] مستقيمًا عليه، { فِطْرَةَ اللَّهِ } دين الله، وهو نصب على الإغراء، أي: إلزم فطرة الله..."
وقال ابن عطية: " ثم أمر تعالى نبيه عليه السلام بإقامة وجهه للدين المستقيم وهو دين الإسلام ، وإقامة الوجه هي تقويم المقصد والقوة على الجد في أعمال الدين ، وذكر الوجه لأنه جامع حواس الإنسان وأشرفه "
وقال ابن كثير: "يقول تعالى: فسدد وجهك واستمر على الذي شرعه الله لك، من الحنيفية ملة إبراهيم، الذي هداك الله لها، وكملها لك غاية الكمال، وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة، التي فطر الله الخلق عليها"
 
للعباس بن الأحنف:
تحسد عيني عينَ من يرقدُ * ومُسهري أوّلُ من أحسد
أمست تذود النومَ عن مُقلتي * ظلما وقد طاب لها المرقد
يـا لـيـت أقواما -على حُبّها * يَلْحَوْنَني- إن رقدوا يسهدوا
حتى يذوقَ القومُ طعمَ الهوى * فيعذروا في الحبّ من فنّدوا
 
نبّهت من قبل إلى أهميّة كتب التاريخ والتراجم المحقّقة ، وهذا أعجب موضع مرّ بي وهو في ترجمة القاضي شريح من كتاب: "وفيات الأعيان" وقد وقع في هذه الترجمة من الاستعمالات الفصيحة مالم يجتمع مثله في ترجمة واحدة، وهي استعمالات تكسبك سليقة وحسًّا أصيلا ، وتزيدك إلفًا للغة القرآن وأساليبه، وهذا شيء لا تفي به المعاجم ولا كتب التفسير، إذ ليس الخبر كالمعاينة.
قال أبو نواس يذمّ من يبكي على الأطلال في شعره تقليدا للشعراء القدماء وهو لا يعرف هذه الأطلال ولم يرَها قط:-
تصفُ الطُّلولَ على السماع بها * أفذو العيان كأنت في العلمِ ؟!
وإذا وصفـتَ الـشيءَ متّـبِـعًا * لم تخلُ من زلل ومن وهْمِ

وهذا الموضع قد قصصتُه من نسخة PDF من كتاب "وفيات الأعيان" دار صادر، بتحقيق إحسان عباس رحمه الله
مشاهدة المرفق 6719
 
قال الله تعالى في قصّة قارون من سورة القصص: {وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}

وهذا اقتباس من كتاب الدر المصون للسمين الحلبي:
مشاهدة المرفق 6865


وهذا اقتباس آخر من تفسير ابن عطيّة:
مشاهدة المرفق 6866
 
وكان نُبَيه من شعراء قريش وهو القائل وقد سألَتْه زوجتاه الطلاق...
تلك عِرْسايَ تَنْطِقان بِهُجْرِ ... وتقولان قَوْلَ زُورٍ وهِتْرِ
تسألاني الطلاقَ أنْ رأتاني ... قلَّ مالِي قد جِئْتُماني بِنُكْر
فلعلِّي أنْ يَكْثُرَ المالُ عِنْدِي ... ويُـخلَّى من المغارم ظَهْرِي
وتُرَى أعْـبُدٌ لنا وجِيَادٌ ... ومَنَاصِـيـفُ مِنْ وَلائِـدَ عَـشْر
وَيْكَأَنْ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُـحْــــــبَبْ وَمنْ يَفْـتَـقِـرْ يَعِـشْ عَـيْشَ ضُرِّ
ويُـجَـنَّبْ يُسْرَ الأُمورِ ولكـــــــنَّ ذَوِي المال حُضَّرٌ كلَّ يُسْر

(النَّشَب: المال والعقار)
======

قلتُ:
هذه أبيات وردت بتمامها في عدة مصادر أدبيّة، وقد اخترتُ رواية الأغاني، وأحد أبياتها كثير الورود في المصادر غير الأدبيّة
وهو قوله:
وَيْكَأَنْ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُـحْــــــبَبْ وَمنْ يَفْـتَـقِـرْ يَعِـشْ عَـيْشَ ضُرِّ
ولطالما رأيتُ هذا البيت وقرأته ولكنّي في كلّ مرة أمرّ به مرورَ الكرام، وهل أطيقُ غير ذلك ! ، وذلك أنّك لا تكاد تقع على هذا البيت في كتب اللغة والتفسير والنحو إلّا مبتورًا عن سياقه، مقطوعًا عن مناسبته التّي حرّكت الشاعر وأثارته حتّى قال ما قال

ولقد قرأت كثيرا عن كلمة: (ويكأن) الواردة في قوله تعالى في قصّة قارون من سورة القصص: {
وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}
نعم قرأتُ عنها كثيرا وقيّدتُ في ذلك بحثًا، وعرفت فيها أقوالًا كثيرة لم يغنِ أكثرها عني شيئا، وما زلت لا أشعر بمعناها إلا تكلّفا ولا أحسّ بوقعها وأثرها في نفْس العربيّ، حتى إذا وقعتُ عليها في تلك الأبيات الستّة بسياقها الصحيح وجوّها الشعريّ الحيّ، وقعَتْ في نفسي كلَّ موقِع ! وأُرى أنها بلغت من نفسي ما أراد لها الشاعر أن تبلغ ! وأكاد أجزم أنّي عرفت مقصود الشاعر وأحسست بما يعتلج في صدْره يوم قالها !

أجل ، ذلك الإحساس الصادق ما كان ليواتيني لو أنّي اكتفيت بمطالعة تلك الأقوال وذلك النزاع المسطَّر في كتب النحو واللغة والإعراب في كلمة: (ويكأن)
ولذلك فإن الأدب لا يضرك الإكثار من قراءته، بل إنّ خالص نفعه لا يأتيك إلا إذا كنت منقطعا له لا تشبع منه ، على العكس تماما من كتب النحو والإعراب فإنّ المكثر منها بعرَض تخمة قد لا ينجو منها إلا وهو حَرَضٌ لا خير فيه !
وما قلت هذا إلا لمن أحب أن يفهم كما كان كل عربيّ قحّ يفهم، وإلّا فلو صدقنا مع أنفسنا فإنا لا نفهم كثيرًا من آي القرآن إلا كما يفهم أعجمي آيةً قرأ ترجمتها ! إنّما تلقّى معنى الآية من ترجمتها، ولم يحس بقوّة اللفظ القرآني وأثره...
 
أنجز حُرٌّ ماوعد !

هذا المعجم الوسيط مفهرسا فهرسة شاملة , وقد كان ينبغي الفراغ منه منذ أمد, ولكني شُغلت عنه، مع طول الطريق في هذه الفهرسة ، ولكني أحمد الله إليكم أن أتم لي ولكم هذا الأمر

ولقد كنت في غنىً عن تجشّم عناء فهرسته، لولا ما وجدت في هذا المعجم من نفع عظيم ، وتحرير بالغ وتوضيح وشرح للإستعمالات الفصيحة بأقرب عبارة وأجودها.


وهذا رابط المعجم مفهرسا:
https://archive.org/download/muijam/muijam.pdf

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
 
أنجز حُرٌّ ماوعد !

هذا المعجم الوسيط مفهرسا فهرسة شاملة , وقد كان ينبغي الفراغ منه منذ أمد, ولكني شُغلت عنه، مع طول الطريق في هذه الفهرسة ، ولكني أحمد الله إليكم أن أتم لي ولكم هذا الأمر

ولقد كنت في غنىً عن تجشّم عناء فهرسته، لولا ما وجدت في هذا المعجم من نفع عظيم ، وتحرير بالغ وتوضيح وشرح للإستعمالات الفصيحة بأقرب عبارة وأجودها.


وهذا رابط المعجم مفهرسا:
https://archive.org/download/muijam/muijam.pdf

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

جزاكم الله خيرا.
اطلعت على الرابط و وجدت المعجم غيرَ مفهرس.
ما هي فهرستكم واين اجدها، مشكورين.
 
جزاكم الله خيرا.
اطلعت على الرابط و وجدت المعجم غيرَ مفهرس.
ما هي فهرستكم واين اجدها، مشكورين.
عليك بتنزيله على جهازك أولا ، ثم افتحه بواسطة برنامج "Adobe Reader"
أما لوفتحته في متصفح النت فلن تظهر الفهرسة
وقد أنزلتُه على جوّالي ، وأنا الآن انتفع بهذه الفهرسة كثيرا
والحمد لله
 
بهذه الطريقة حفظت الكتاب ولم اجد الفهرس،
فمن علم طريقة ودلني عليها فله الشكر.

attachment.php
 
{...فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ...}

{...فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ...}

قال العباس بن الأحنف:-
تضَِنُّ إذا استمنحتُها لي نظرةً
أُداوي بها ما يُحدث الحُبُّ في صدري
وإني لتبدو لي الكواعبُ كالدُّمى
فيحفظ قلبي غيبَها وهْي لا تدري
ويحجُزني من لا أرى دون ما أرى
شهيدي عليه عالِمُ السرِّ والجهر
ويخزُن قلبي سرَّها ويصونه
وليس لديها من حِفاظ ولا شكر
 
ﺧﺬﻭﻫﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﻘﻴﻪ ( 17 ):ﺍﻷﻋﺠﻤﻲ ﺣﻘﺎ : ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟ ﻘﺮﺁﻥ .
 
تذكرتُ بيتا لابن الرومي كان أعجب شيء مرّ بي وهو قوله يمدح رجلا :
قَيِّمٌ قوَّمَ الأمورَ فعادتْ *** قيِّماتٍ به من التحنيبِ
قال في القاموس: "..والمحنَّب، كمعظَّم: الشيخ المنحني... وتحنّب: تقوّس"
قال في الشطر الأول : "قيِّم"
وقال في الشطر الثاني: "قيِّمات"
والأول لما يكون منه تقويم لغيره
والثاني لما كان مستقيما في نفسه
فافهم هذا ثم تدبر ماورد منه في القرآن ينفعك الله به إن شاء سبحانه وتعالى
ومثلُ هذا وزنا ومعنى كلمة «بيّنة»
فهاكم هذا الرابط: http://ibnta.blogspot.com/2015/11/blog-post.html?m=1
 
ﺧﺬﻭﻫﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻓﻘﻴﻪ ( 17 ):ﺍﻷﻋﺠﻤﻲ ﺣﻘﺎ : ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟ ﻘﺮﺁﻥ .
وخذها من فقيه مجرِّب طالت في هذا الباب تجربتُه !

هما أمران لا بدّ منهما كالجناحين للطائر !
★ الأول:-
كثرة تلاوة القرآن بتدبّر مع مدارسة ما يتيسّر لك من تفاسير مع إقبال النفس واستعدادها الإيماني فيثمر حياةً للقلب في السراء والضراء وتتشرّب الروحُ نورَ الله المبين حتى يبدو هذا النور في طمأنينة نفسه وانشراح صدره وزكاء وصفاء فطرته وصحة عقله وبديهته وصدق خشيته ومحبته لربّه وحسن توكّله على الله سبحانه وتعالى والاطمئنان إلى كفايته والثقة بوعده في الدنيا والآخرة...

★الثاني:
كثرة التذوّق والممارسة للنصوص الفصيحة الأخرى بتفهّمها وتحسّس مقاصد أصحابها والعيش مع معاناتهم وتكلّف ذلك.
وهذا هو مقصودي من كتابة هذا الموضوع لأنه لا حاجة لتنبيه الأذكياء إلى الأمر الأول وهو العناية المباشرة بالقرآن الكريم وكثرة تلاوته وتدبره
ولكني رأيتُ الكثيـــر الكثيــــر من طلبة العلم الأذكياء يغفلون عن الأمر الثاني وهو ضرورة العناية بكلام العرب والوقوف على مقاصده وأسراره والدرس الجادّ المتعمّق له
ورأيتُ من تنبّه لهذا الأمر قد ضل السبيل إليه فظنّه بالتعمّق في النحو وكتب الإعراب أو ضلّ سبيل التدرّج الصحيح في هذا الطريق الوعر الطويـــل فتراه يقفز مباشرةً إلى المعلقات الجاهليّة التي لا يطيق الانتفاع بها إلا من صار من خاصة خاصة أهل الأدب ، فكيف يبدأ بها ! ! !
وما كان أسلافنا الكبار يغفلون غفلتَنا عن هذا الأمر حتى قال الإمام ابن عبد البر في مقدمة كتابه الأدبي-بهجة المجالس-ما مضمونه أن:-
أَوْلى ما عُني به طالب العلم بعد التفقه في معاني الكتاب والسنة هو رواية الآداب والأخبار التي تزيد في العقل والمروءة وتشحذ الذهن وتُطلق اللسان بحسن البيان وبليغ الكلام
 
ما أضلَّ من ضلَّ عن تذوق الأدب العربي والتمتع به !

المعاجم وكتب التفسير تعطيك بعض المعنى ، أو تعطيك المعنى جافّا خلوا من أثره ووقعه في نفس العربي القُحّ ،
فاقرأ إن شئت عن أداة الاستفتاح : (ألا) ، ستعرف فائدتها وغرضها، -وهي كثيرة الورود في القرآن- ، ولكن هل ستحسّ بأثرها ووقعها كما لو تذوقت وتغنّيت بقول الشاعر:
وقالوا لها هذا حبيبُكِ مُعرِضًا *** فقالت: ألا إعراضُه أيسرُ الخطبِ
فما هو إلّا نظرةٌ بتبسّم *** فتصطكَّ رجلاه ويسقطَ للجنبِ
في البيت الأول: (معرِضا) كذا بكسر الراء أيّ متعرّضٌ لها في طريقها يريد لقاءها وإحراجها ، ويختلف معناها إذا عُدّيَت بــــ (عن) فينعكس المعنى تماما ، فهو من الصدود والانصراف عن الشيْ : كقول الله: (.. وأعرض عن الجاهلين)

*** تأمّل في موقع جوابها وردّها على من خوّفها، كأنها تريد القول: "انتبهوا واحفظوا عني وافهموا ما سأقول" ، ثمّ ردّت وأخبرتهم بأنه أيسر شيء عليها !

ردّد البيتين وتغنَّ بهما وتمتّع ، وسترى أنك بدأت تحسّ بشيء ما كنت تحسّ به حين تمرّ بك ((ألا)) كثيرا في القرآن الكريم
{وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45)}
وقد اقتبست لكم من كلام الاستاذ الكبير: يوسف الصيداوي رحمه الله - من كتابه:(اللغة والناس)
مشاهدة المرفق 10132
 
يقول: أحاطَ به البلاءُ فكلَّ يومٍ *** تُعاوده الصبابةُ والكروبُ
فلأنها تعاوده كل يوم ولا تدعه ولم يجد عنها مفرا ومهربا قال:"أحاط به البلاء"
إذا فهمت هذا زال الإشكال في مثل قوله تعالى من سورة البقرة : { بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81)} فما كانت خطيئته لتحيط به حتى لا يكون له منها مخرج إلا أن تكون الشرك والكفر فالكافر هو الذي يُخلد في النار ، أما ما كان من الذنوب دون الكفر فللإنسان منها منتهىً ومخرج فإنها تلحقها الشفاعة أو تكفرها المصائب والحسنات ،، حتى من دخل النار من عصاة المؤمنين فإنه يجد عنها مخرجا برحمة أرحم الراحمين ولا تحيط به مطلقا
وهذا ما في التفسير الميسر: TFSeRMoUSR
الشعراوي: https://youtu.be/qC3hTT6IWoY?t=19m28s
 
﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾

﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾

قول الله مخاطبا عباده(فاعبدون) جملة تامة ولكنه زاد قبله للتخصيص والقصر والحصر قوله(فإياي) فقال سبحانه: ﴿فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ﴾
وكذلك قول الشاعر:(حزنت عليه الأنفس) ولكنه زاد قبله (ولمثله) اعتذارا وتبريرا لحزن الأنفس عليه، فمثله يُحزن فراقُه !
مشاهدة المرفق 11673
 
بارك الله فيك على هذه السلسلة النافعة فقد أتيتُ على أكثرها

أَحْيِهَا لنا كلما عنَّ لك خاطر
 
استعمال قرآني للفرح المذموم وهو الذي يتضمن عُجبا وغرورا أو خيلاء وبطرا
كما في القصيدة التالية:(وتأمل كيف قابله بالجزع) ...إذن الفرح المذموم هو تعدي وتجاوز لحالة السرور الطبيعي، كما أن الجزع هو تجاوز لحالة الحزن الطبيعي عند فقد عزيز
مشاهدة المرفق 11705
مشاهدة المرفق 11707
 
عودة
أعلى