إشكال في توجيه السؤال للموؤدة لا إلى الوائد .

المسيطير

New member
إنضم
14/04/2006
المشاركات
145
مستوى التفاعل
0
النقاط
16
قال الشيخ المبارك / صالح بن عواد المغامسي

وفقه الله تعالى في محاضرة له بعنوان : ( ختامه مسك ) :

مع قول الرب تبارك وتعالى : ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ )

ووجه الإشكال في الآية :

أن السؤال - قد يظن العبد - أنه من المفترض أن يوجه إلى من وأد لا إلى من وئدت ؟.

لكن قال أهل العلم في الجواب عن هذا :

أن المقصود أن من كان يئد البنات ..أي يُميتهن وهن أحياء ، أو يدفنهن وهن أحياء ، لا يقيم الله جل وعلا له يوم القيامة وزنا .

ولذلك من ليس له كرامة عند الله لا يسأل مباشرة ، وإنما يوجه السؤال لغيره حتى يُعرف مقامة عند الله ، وأنه لا مقام له عند ربه ، قال الله عنه وعن أمثاله : ( فلا نقيم لهم يوم القيامةِ وزنا ) .

فتُسأل الموؤدة : بأي ذنب قُتِلت ؟.

وقد قال الله في النحل : ( وإذا بُشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) .
 
حفظ الله شيخنا ابا هاشم وزاده من فضله,وهذه بعض توجيهات المفسرين رحمهم الله في هذه الآية..

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:( تسأل الموءودة على أي ذنب قتلت ليكون ذلك تهديدا لقاتلها فإنه إذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا ؟)4/611

وقال القرطبي رحمه الله:( وقوله تعالى : ( سئلت ) سؤال الموءودة سؤال توبيخ لقاتلها كما يقال للطفل إذا ضرب : لم ضربت ؟ وما ذنبك ؟ قال الحسن : أراد الله أن يوبخ قاتلها لأنها قتلت بغير ذنب وقال ابن اسلم : بأي ذنب ضربت وكانوا يضربونها وذكر بعض أهل العلم في قوله ( سئلت ) قال : طلبت كأنه يريد كما يطلب بدم القتيل قال : وهو كقوله : { وكان عهد الله مسؤولا } [ الأحزاب : 15 ] أي مطلوبا فكأنها طلبت منهم فقيل أين أولادكم ؟ ! وقرأ الضحاك و أبو الضحا عن جابر بن زيد و أبي صالح ( وإذا الموءودة سألت ) فتتعلق الجارية بأبيها فتقول : بأي ذنب قتلتني ؟ ! فلا يكون له عذر قاله ابن عباس وكان يقرأ ( وإذا الموءودة سألت ) وكذلك هو في مصحف أبي وروى عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إن المرأة التي تقتل ولدها تأتي يوم القيامة متعلقا ولدها بثدييها ملطخا بدمائه فيقول يارب هذه أمي وهذه قتلتني ) والقول الأول عليه الجمهور وهو مثل قوله تعالى لعيسى : { أأنت قلت للناس } [ المائدة : 116 ] على جهة التوبيخ والتبكيت لهم فكذلك سؤال الموءودة توبيخ لوائدها وهو أبلغ من سؤالها عن قتلها لأن هذا مما لا يصح إلا بذنب فبأي ذنب كان ذلك فإذا ظهر أنه لا ذنب لها كان أعظم في البلية وظهور الحجة على قاتلها والله أعلم..)19/202
 
قراءات وتفسير

قراءات وتفسير

نقل أخونا الكريم الأستاذ محمود الشنقيطي - سلمه الله - قراءة أُبَيّ : ( وإذا الموؤودة سَأَلَتْ بأي ذنب قُتِلْتُ ) ، وهذه القراءة رويت في كتاب ( معاني القرآن ) للفراء ج 3 ص 240 ( قُتِلَتْ ) بسكون التاء ، وهذا ضبط غير صحيح ، وصواب القراءة والضبط أن تكون التاء للمتكلم فهي بالضم ، وذلك حكاية لكلامها في ذلك الموقف .
وقراءة الجمهور : ( سُئلتْ ) ... ( قُتِلَتْ ) بالتاء الساكنة ، وجاز كسر التاء ( قُتِلْتِ ) حكاية لما تُخاطَبُ به ، وقد قرئ بها فانظرها في حاشية الشهاب 8 / 327 ، ومعاني القرآن 3 / 241 .
هذا وبالله التوفيق
 
نعم ، هذا أسلوب قرآني له نظائره. والنظائر تختلف غايتها ولكني أذكر اثنين :
النظير الذي غايته التقريع والتبكيت : ومنه أن إبراهيم أمر قومه أن يسألوا الأصنام (فأسألوهم إن كانوا ينطقون) وهي غير عاقلة ، فسؤال العاقل (المؤودة) من طريق أولى.

النظير الذي غايته الإشهاد وإقامة الحجة : ومنه أن الله يأمر أعضاء الكفار بالشهادة على أصحابها بما كانوا يعملون (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) وشهادة العاقل (المؤودة) على من وأَدَها بطريق الأولى. فسؤالها لكي تشهد على مرتكب الجريمة في حقها و هي بريئة.
 
منصور مهران قال:
نقل أخونا الكريم الأستاذ محمود الشنقيطي - سلمه الله - قراءة أُبَيّ : ( وإذا الموؤودة سَأَلَتْ بأي ذنب قُتِلْتُ ) ، وهذه القراءة رويت في كتاب ( معاني القرآن ) للفراء ج 3 ص 240 ( قُتِلَتْ ) بسكون التاء ، وهذا ضبط غير صحيح ، وصواب القراءة والضبط أن تكون التاء للمتكلم فهي بالضم ، وذلك حكاية لكلامها في ذلك الموقف .

الأخ منصور وفقه الله لي وقفات على التعليق أعلاه.

الأولى: لم أر في نقل الأخ الشنقيطي ضبط لـ قتلت لا على المجهول ولا على غيره.

الثانية: ليست قراءة أبي المروية في معاني القرآن 3/240 بل ما هناك مروي عن ابن عباس بإسنادين
وللفائدة فهما إسنادان لا يفرح بهما فأحدهما مسلسل بالكذبة والآخر فيه مدلس عنعنه أقصد علي بن غراب عن ابن مجاهد عن أبيه وابنا مجاهد اثنان أحدهما متروك وهو عبد الوهاب والثاني ثقة واسمه صباح فهذا إسناد يتوقف فيه للإبهام وعنعنة المدلس

الثالثة: قولك هذا ضبط غير صحيح، ليس في محله لاحتمال وجود قراءة ثالثة وهي سألت بأي ذنب قتلت (مبني للمجهول) وهاك قول الطبري في تفسيره:
وَلَوْ قَرَأَ قَارِئ مِمَّنْ قَرَأَ " سَأَلَتْ بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ " كَانَ لَهُ وَجْه , وَكَانَ يَكُون مَعْنَى ذَلِكَ مَعْنَى مَنْ قَرَأَ { بِأَيِّ ذَنْب قُتِلَتْ } غَيْر أَنَّهُ إِذَا كَانَ حِكَايَة جَازَ فِيهِ الْوَجْهَانِ , كَمَا يُقَال : قَالَ عَبْد اللَّه بِأَيِّ ذَنْب ضُرِبَ ; كَمَا قَالَ عَنْتَرَة :
الشَّاتِمَيْ عِرْضِي وَلَمْ أَشْتُمهُمَا ***وَالنَّاذِرَيْنِ إِذَا لَقِيتهمَا دَمِي
وَذَلِكَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ : إِذَا لَقِينَا عَنْتَرَة لَنَقْتُلَنَّهُ . فَحَكَى عَنْتَرَة قَوْلهمَا فِي شِعْره ;
وَكَذَلِكَ قَوْل الْآخَر :
رَجُلَانِ مِنْ ضَبَّة أَخْبَرَانَا ***إِنَّا رَأَيْنَا رَجُلًا عُرْيَانَا
بِمَعْنَى : أَخْبَرَانَا أَنَّهُمَا , وَلَكِنَّهُ جَرَى الْكَلَام عَلَى مَذْهَب الْحِكَايَة .
اهـ من جامع البيان
وهو هو كلام الفراء في معاني القرآن 3/240 فكأن الطبري نقله دون نسبة لأنه من الذاكرة أو أنهما نقلا من مصدر واحد لكن الفراء أسبق بمائة عام فوفاته سنة 207 هـ وقد أملى المعاني من صدره إملاء وفيه من الإبداع غير المسبوق كما يشهد له من تأمل كلامه. فالله أعلم

================================

وتتميما للفائدة فقراءة:

وإذا الموؤدة سَأَلَتْ بأي ذنب قٌتِلْتُ

هي قراءة تنسب إلى
أبي وعلي وابن عباس وعكرمة وزيد بن علي وابن مسعود والربيع بن خيثم وابن يعمر وجابر بن زيد وأبي صالح والضحاك وأبي عبدالرحمن السلمي وهارون عن أبي عمرو وأبي الضحى مسلم بن صبيح وابن أبي عبلة ومجاهد وأبي عمارة عن حفص

وآخر ثلاثة أسندها لهم الهذلي في كامله ورقة 248 وقراءة أبي الضحى أسندها الطبري في جامع البيان عند تفسير الآية
وأول خمسة عند الكرماني في شواذ القراءات ص 505 بدون سند ومر سندها الضعيف عن ابن عباس عند الفراء
وكذا نسبها للصحابة ابن خالويه في القراءات الشاذة وزاد "عن عشرة من الصحابة " بدون تحديد ص 169 وجميع ذلك بدون إسناد
وبقيتهم تجدهم بمراجعهم في معجم القراءات للخطيب ص 323 - 325 ج 10 ومكرم ص 322 - 323 ج 5
ومعظم ذلك منقول من كتب التفسير غير المسندة


وهذه القراءة ليست في المتواتر
ثم على فرض صحة نسبتها إليهم في بعض الكتب القديمة وانقطاع السند فيما بعد فقد ثبت عن كثير منهم قراءة أخرى هي المتواترة
أقصد
سئلت بأي ذنب قتلت
فلا إشكال فقد اكتفى تلاميذهم أصحاب الأسانيد المتواترة بنقل إحدى القراءتين لموافقتها المصحف المجمع عليه.

وشذوذها اليوم لمخالفتها للمصحف و كون أسانيدها آحاد منقطعة، ولا تضر نسبتها لمن سبق لأن كثيرا من القراء ثبت عنهم أكثر من قراءة في المتواتر دون أن تضعف إحداهما الأخرى، وهنا من باب أولى بل لو قيل بالعكس لم يبعد لأن المتواتر الموافق للرسم أقوى بمراحل وهو علة للأخرى لا العكس.

وقولي مخالف للرسم، لأن قراءة سألت [بهمزة مفتوحة بعد مفتوح] على رسم سئلت بعيد ومخالف للقواعد ولا أعلم له شاهدا في القرآن في غير هذا الموضع.

والله أعلم
 
أعد نظرا ولك الشكر

أعد نظرا ولك الشكر

مع التحية للدكتور أنمار ، فلم أخطئ أخي الفاضل محمود الشنقيطي لأني قلت : ( وهذا ضبط غير صحيح ) تعقيبا على ما وجدته في مطبوعة ( معاني القرآن ) فالخطأ من المحقق لهذا الجزء أو المصحح أو هو خطأ مطبعي .
ولو أعدت نظرا - سلمك الله - لِما قلته في تعليقي لتبين لك ذلك جليا .
تلك واحدة ،
والثانية أني أوردت القول لبيان ما في ( معاني القرآن ) من خطأ الطباعة - كما هو واضح في كلامي - وليس للتخريج ولا الترجيح ولا الإسناد فهذا علم يبدي فيه القول كل خبير به وما وجودي في هذا الملتقى إلا لأفيد من كلام أهل العلم ، وأبدي ملاحظاتي في حدود تخصصي ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه .
والثالثة أن قولي : ( هذا الضبط غير صحيح ) إنما سقته لخطإ محقق في موضع بعينه من مطبوعة كتاب ( معاني القرآن ) ومن يتأمل موضعه فسيدرك ذلك بلا جدال ، وليس لاحتمال يراه غيري في كتاب آخر .
لذلك أردت التنويه وليس للجدال ، وشكر الله لكل من وجد خللا فأصلحه .
 
ورد مثل ذلك في القران :قوله عز جل :

يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [المائدة/109]
 
بمناسبة الحديث هنا عن هذه الآية ، فقد كان نشر الأستاذ الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود بحثاً عن قضية الموؤدة بعنوان (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة) عام 1426هـ وأنكر أن يكون هذا الأمر مختصاً بالعرب وحدهم ، وأنه أمرٌ معروف عند غيرهم قديماً وحديثاً، وأن الموؤدة في الآية ليست (البنت) الموؤودة ، وإنما (النَّفس) الموؤدة . ويدخل في ذلك من تعرض للوأد أنثى كانت أو ذكراً . وقد عرض بحثه ذاك على هيئة كبار العلماء حينها .. ليت أحد الإخوان يبحث لنا عن هذا البحث ويحضره هنا ففيه فوائد وعهدي به بعيد ، وقد يكون مرفوعاً على موقع الدكتور مرزوق أو مصوراً .
 
وهذا تقرير وجدته عن محاضرة للدكتور مرزوق بن تنباك عن كتابه في السودان .

ندوة تهز كثيرمن المسلمات.. حول كتابه (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة)
د.مروزق: وأد البنات في الجاهلية ليس له أسانيد حقيقية!!
سيدنا عمر بن الخطاب لم يقم بوأد ابنته والعقاد أشار الى ذلك!!
رصد: هيثم أحمد الطيب
أقام معهد البروفسير عبد الله الطيب بجامعة الخرطوم بالتعاون مع الملحقية الثقافية للسفارة السعودية ندوة (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة) قدمها الدكتور: مروزق بن تنباك الأستاذ بجامعة الملك سعود بحضور ناصر بن نافع البراء الملحق الثقافي وأثارت الندوة جدلاً خطيراً بين العلماء والباحثين..
د. مروزق قال باديء ذي بدء أُحي الملحق الثقافي وأقول هو رجل من عطر الثقافة، والأمر الذي بيننا الآن ألح عليَّ كثيراً وتأملت فيه ملياً وأن كأستاذ جامعي لما يقارب الثلاثين سنة، والأستاذ الجامعي لابد له من بحوث ليضيف إلى طلابه المفيد..وعلى ذلك خطر ببالي: لماذا اختار العرب الدفن للبنات أحياءاً.. لماذا لم يقتلونهن بالسيف أو الرمح.. ذهبت لأبحث عن السبب في ذلك.. وتبين لي أن هذه الروايات لا تعتمد على أساس ثابت في الجاهلية، بل هي روايات متضاربة،ولو قرأنا الرواية التي جاءت عن قيس بن عاصم وهو أول من وأد البنات، والسبب في ذلك أن قبيلة بكر غزته َوسبت نسائه ومنهن إحدى بناته وعندما تم الصلح رفضت البنت العودة الى أبيها، ولذلك بدأ في الوأد حتى وصل إلى 12 بنتاً، وتأريخياً كان سائداً أن كل قبائل نجد وكل قريش..وقيل أن قيس هذا جاء للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع وفد قبيلة تميم ومعه صعصعة بن نائية وقال له:أنا أنقذت 400 بنتاً من الوأد فأمره _ لقيس_ أن يُكفر عن ذلك، واستحسن فعل صعصعة..وكل الروايات لم تكن صحيحة.. فقيس لم ينهزم قط، وعندما رجعت للأحاديث وجدتها تخلو من نص صريح عن الوأد إلا واحداً، ورجعت لجاهلية العرب ولم أجد كلمة وأد مطلقاً.. والوأد بمعنى قتلها، وخلا الشعر الجاهلي من أي إشارة إلى هذه العادة، وتتبعت الروايات فتبين لي أن الوأد لم يحدث مطلقاً في الجاهلية..ورجعت للقرآن الكريم فوجدت أن المفسرين يأخذون بيت الفرزدق كشاهد ثابت عندهم في أن جده وأد.. وانتقلت من النص للمفهوم ولم يحدث أن عُثر على ذلك مطلقاً..
ورجعت لشعر سيدنا حسان بن ثابت فوجدت فيه أنه يهجو نساء قريش في أنهن يقتلن أولادهن وبناتهن إن كان هنالك مسوغ شرعي لذلك.. بمعنى إن الحمل كان غير شرعي.. وهذا يحدث في هذا الزمان..وعندما رجعت للغة وجدت أن الهلاك للنفس بمنظور ما أشار إليه القرآن الكريم ( لاتقتلوا أولادكم من إملاق) و(لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق)..
وأول ما أثرت هذا الموضوع كان في سمنار بالجامعة، قلت ذلك ووجدت هجوماً عنيفاً..وبعد بحث سبع سنين لم أجد نصاً يؤيد ذلك..( وإذا المؤودة سئلت) لم أجد مفسراً قال قبلي بهذا القول، لكني نشرت رأيي ووضعت كل ما أستطيع من منطق..والقضية فيها لبس كثيف، فهناك من يقارن بين فضائل الإسلام ونقائص الجاهلية.. ولو نظرنا لإبي حيان صاحب البحر المحيط نجده بنى تفسيره على فصاحة اللغة، والصحيح أن العرب وغير العرب لايرحبون بالبنت، هي طبيعة بشرية وليست طبيعة عربية.. بعضهم قال هي أشياء منسية ولكني أقول إنها أساسية..
عندما صدر الكتاب أثار ضجة كبيرة وتصدى له رئيس رابطة العالم الإسلامي ،وقال لي هذه أساطير لا تشغل نفسك بها، فقلت له إن وجدت في تراثنا نصاً واحداً اعتمد عليه المؤرخون والمفسرون والعلماء غير التي أوردتها فكتابي وما يحتويه باطل.. وأقول لا يوجد نص فيه قول الوأد.. وفي السنة النبوية كانت المقاربة بين 29مرة، 11 مرة ذُكر فيها الوأد و18 مرة لم يذكر فيها، وكلها الاعتماد فيها على فهم الراوي..
وعقب عليه عدد من أعضاء ندوة البروفسير عبد الله الطيب.. وكانت البداية مع د. طارق ابراهيم وكان تعقيبه:
نبدأ بالقول عن بنات الحارث بن هشام فقد ورد أنه كان يعطي الأبل لمن يتزوج من بناته.. وهنا إشارة تكريم فالذي يدفع الإبل لتزويجهن لا يمكن أن يأتي الوأد منه، ونمضي إلى المحلق أبا البنات اللائي لم يتزوجن، فعندما مدحه الأعشى بقصيدة وذاع صيتها تزوجت كل بناته السبع،
تعقيب عن فكرة الوأد مبالغة في الإخفاء، سأله المعقب كيف تكون المبالغة في الإخفاء في الدفن..
المؤودة هي النفس بأدلة منطقية.. ومعقب ثالث قال يجب أن تكون الندوة بعنوان( مدلول الوأد بين الوهم والحقيقة) وما أورده من أدلة لم يكن فيه القوة الكافية!!
وعاد د. مرزوق :سيدنا عمر رضي الله عنه لم يقم بوأد ابنته، وما نسمعه صناعة خيالية وقد ذكر ذلك عباس العقاد في كتابه (عبقرية عمر)،ولم يعرف عن هذه القصة إلا في القرون المتأخرة.. واستشهد أيضاً بالهجاء الشعري الذي كان بين القبائل العربية في جنوب الجزيرة وشمالها والذي لم يحمل بين طياته نصاً شعرياً عن الوأد ذماً، وحلقة الهجاء التي كانت دائرة بين جرير والفرزدق والتي استمرت 40 سنة لم تذكر فيها كلمة الوأد رغم أن الهجاء بينهما بلغ مبلغاً صعباً.. وليس العرب وحدهم من لايرحبون بالبنات فأنا عندما كنت في استكتلندا ووضعت زوجتي بنتاًصرختا في وجهي ممرضتان( دلالة عدم ترحيب)، وبالمنطق هي قصة أوهى من بيت العنكبوت!! وأنا أعرف أن ما قلته كان صدمة معرفية.. وكتابي ردَّ عليه 25 أستاذاً جامعياً، وفي النهاية أنا لست محامياً في الدفاع عن العرب.. أنا باحث علم وليس للعواطف مجال في أبحاثي..
د. صديق عمر صديق مدير معهد البروفسير عبد الله الطيب للغة العربية قال: الملحق الثقافي السعودي د. ناصرالبراء فتح ثقافي لنا، وهديته لنا اليوم أنه جاءنا بهذا العالم والباحث والذي سمعنا به وقرأنا له بعض ما وصلنا من إنتاجه العلمي الذي يملأ الدنيا ويشغل الناس.. وهو من المدافعين عن اللغة العربية بطريقة موضوعية في كتابه ( الفصحى والفكر العامي). وعن كتابه (الوأد عند العرب بين الوهم والحقيقة) أقول إن الكتاب فيه نسق تدقيق علمي للقضايا..
 
مع احترامنا لشخص الدكتور مرزوق ومكانته العلمية
لكن الرجل بعيد عن التحقيق في هذه المسألة وغيرها كقضية السحر وتلبس الجان..
قضية الموءودة واضحة في القرآن ، وهي قضية متأصلة في النفس العربية الجاهلية
ويكفي فيها قول الله تعالى:
(وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) )
 
وهذه إضافة أخرى

وهذه إضافة أخرى

الوأد عند العرب بين الوهم و الحقيقة:


الوأد عند العرب بين الوهم و الحقيقة " هو عنوان المحاضرة التي ألقاها الدكتور مرزوق بن تنباك في ندوة الوفاء الخميسية لعميدهاالشيخ أحمد با جنيد مساء الخميس الواقع بتاريخ 9/2/1427هـ , و التي أدارها الدكتور عائض الردادي الإعلامي المعروف , و حضرها الكثيرون من روّاد الفكر و الثقافة .
صدمة في الثوابت
منذ البداية جاء عنوان المحاضرة : ( الوأد عند العرب بين الوهم و الحقيقة ) ليصدم الحاضرين في ثوابتهم من القرآن الكريم و السنّة الشريفة , و ليست صدمة معرفية كما حاول المحاضر أنْ يثبته جاهداً لكنه فشل في ذلك , و أثار معظم المداخلين في نهاية المحاضرة ,
لماذا الدفاع عن الجاهلية البائدة ؟!
بدأ المحاضر حديثه بالقول : كنت أرى ما يراه الناس في هذا الموضوع , و هو أنَ الوأد كان موجوداً في الجاهلية ثمّ سألت نفسي لماذا وأد العرب بناتهم ؟! و لماذا اختاروا الوأد بالذات ؟! ثمّ بدأت أبحث في هذا الموضوع , فبحثت عن الرواية الأدبية , فهي تبدأ بقيس بن عاصم حينما جاء للرسول سنة9هـ و أخبره أنّه قتل عدداً من بناته , و كان معه صعصعة المجاشعي جد الفرزدق , و ذلك سنة الوفود (وفد بني تميم ) و قد قال ( صعصعه ) للنبيّ صلّى الله عليه و سلّم أنّه أنقذ أربعمائة موؤدة من تميم , ثم أخذ ينقذ هذه الوؤدات و قد نظرت في هذه الرواية فوجدت أنّها واهية لا تعتمد على سند صحيح مقنع .
ما سبب وأد قيس بن عاصم لبناته , فقد جاء في الرواية أن إحدى بنات قيس أُسرت ثمّ خيّرها مَن أسرها في أنْ تعود لأبيها أو تبقى لديه , فاختارت أنْ تظل مع من أسرها , فغضب قيس بن عاصم غضباً شديداً , و قرر أن يئد كل بنت تولد له , فجرى ما سنّه في بني تميم .
و لنا وقفات في هذه الرواية
أولاً : أنَ قيس بن عاصم مات بالبصرة سنة 47هـ, وعمره حين وفد للنبي صلّى الله عليه و سلّم لم يتجاوز 35 سنة , فكيف يقتل اثنتي عشرة بنتاً له خلال هذه السنوات القليلة .
ثانياً : عدت إلى تاريخ العرب في جاهليتهم فلم أجد من يذكر ذلك في أشعارهم , و يستحيل كذلك أنْ ينقذ صعصعة جدّ الفرزدق هذا العدد من الموؤدات !
ثالثاً : رجعت إلى كتب التفسير فوجدت أنَ جميع المفسرين يأخذ قضيّة الوأد عند العرب مسلّمة و يورد قصة قيس بن عاصم دون تعليق أو تمحيص. و بعض المتأخرين يجعل عمر بن الخطاب أحد الوائدين .و هذا لا يصح سنده .
رابعاً : بعضهم يورد أنَ قبيلة قريش كان لها جبل تئد فيه البنات سمّي بجبل أبي دلامة , وهذا لا يصح .
خامساً : القرآن الكريم صريح بأن الوأد موجود , و لكن هل هو وأد البنات كما قال المفسرون أم هو وأد النفس البشرية سواء كانت ذكراً أم أنثى ؟! و هذا ما أراه .
سادساً : لغة العرب في ( البحر المحيط ) لأبي حيّان تتحدث عن قتل الإنسان بلغة النفس , و هذا هو المقصود بالموؤدة : ( و إذا ) الموؤدة سئلت , بأيَ ذنب قتلت ) كما ورد في القرآن الكريم , و هو يخصّ العرب و غيرهم من الأمم , فقد كانوا يقتلون الأطفال الذين يولدون بعلاقات غير شرعية , و مازلنا نجد هذه الأفعال في وقتنا الحاضر , فهناك من يدفن الابن أو البنت حياً حين يكون من علاقة غير شرعية , و هو من طبقة المجتمعات الحاضرة و السابقة و ليس مقصوراً على عرب الجاهلية .
سابعاً : ردد الفرزدق إنقاذ جده صعصعة لوأد البنات كثيراً و لكن الإشكالية أننّا لم نجد عربياً في الجاهلية أثنى على فعل صعصعة !!
أشجان و مداخلات
و في نهاية المحاضرة جاءت المداخلات العديدة المعبرة عن حس إسلامي راقٍ, و فهم عميق للقرآن الكريم و السنّة الشريفة التي أثبتت وأد البنات في مواضع كثيرة , فقال الأستاذ حسن مرزوق يبدو لي أن الوأد في التراب أفضل لنفسية العربي من القتل بالسيف ثمّ أنَ القرآن الكريم نصَ بصورو جليّة على الوأد ,فهل يُنكر محاضرنا ذلك ؟! أمّا الشاعر جميل الكنعاني فقال : أرى أن هناك تصحيحاً تاريخياً لأنَ صعصغة عاش في الجاهلية و ليس في الإسلام !!
و تمنى الدكتور محمد الشوّاف الإعلامي و الكاتب المعروف على المحاضر لو أنّه عرض كتابه على شلّة من العلماء لتصحيح ما وقع فيه من أخطاء و اجتهادات كان في غنى عنها , فمثلاً عدم ذكر الشعراء الجاهليين للوأد لا يعني نفيه , و القرآن الكريم يصرح به , كما أن في تحليلك للأمور تغلب الظن على اليقين ... فما ردك ؟!
أمَا الشيخ أحمد باجنيد فقد شكر الباحث و الحضور على اهتمامهم و تلبية دعوته.
و تساءل الأستاذ سعد العليان باستهجان لما قاله المحاضر :
كيف يبشر الرجل بالمولود و هو ولد الزنا كما أولت الآيات يا دكتور في قوله تعالى : ( و إذا بشر أحدهم بالأنثى ظّل وجهه مسوداً و هو كظيم * يتوارى من القوم من سوءما بُشِر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) ؟!
أما فضيلة الشيخ الداعية محمد بافضل , فاستنكر أقوال الباحث
و قال : كيف نوفّق بين ما قلت و بين الآيات المحكمة في القرآن الكريم ؟!
و أشار د. محمد الهواري أنَ وأد البنات كان يتم من خلال الأب و ليس الأم , لأنَ الأب هو الذي يكره البنات !!
و علّق الأستاذ عبد الله العريني قائلاً : أخشى أنْ يكون الأستاذ د . الكريم قد وقع في الاستقراء الناقص لأنّه اعتمد على الروايات الأدبية دون الاعتماد على القرآن الكريم و السنة المطهرة .
أما الأستاذ محمد القصبي فقال القرآن الكريم يثبت الوأد في أكثر من موضع فكيف نصدّق ما يقوله الدكتور ؟!
و استهجن الأديب د. عدنان النحوي أنْ يدافع المحاضر عن العرب في الجاهلية و ينفي عنهم الوأد و القرآن يثبت ذلك لديهم , و قد وقعوا في شرور أعظم من ذلك وعلى رأسها الشرك بالله .
وقال الدكتور أحمد الزيلعي أن الوأد موجود في كل العصور حتى يومنا هذا وإن كان بأشكال متنوعة .
وبين الدكتور عوض القوزي أن الدكتور مرزوق التنباك يعتمد في محاضرته هذه على استنتاجه الخاص ، وكثيراً ما يفعل ذلك ، وربما يصيب ويخطئ ، لكن لديه جهداً وجلداًُ في البحث .
بينما أنكر عبد الرحمن عبد الله ما ذهب إليه المحاضر لتعارضه مع القرآن الكريم وقال الشيخ حيدر عيدروس : حديث وأد البنات صحيح عند الإمام مسلم ولا مجال للشك فيه ، وقد شرح العلماء هذا الحديث ، وبينوا أن وأد البنات من الموؤدة التي وردت في القرآن الكريم ، ولذلك أرى أنه ينبغي أن يتراجع الباحث عمّا قال وكتب ! أما الأستاذ أحمد الحازمي فقال : لقد ورد وأد البنات عند أهل السنن بعنوان : ( الوأد الخفي ) ، ثم كيف نفسر الوأد على غير الوجهة الصحيحة ، وقد تحدث علماء اللغة عنه ، ومنهم الزمخشري وه من أئمة اللغة العربية ؟! ورأى الأديب شمس الدين درمش أن الناس يفهمون معظم آيات القرآن الكريم ، ولابد أن أسأل المحاضر : كيف نوفق بين شواهد القرآن الكريم وبين الشواهد الأدبية ؟! ويظن الدكتور عبد الجبار دية أن الباحث لا يستطيع مخالفة المحكم من القرآن الكريم ، لكنه يفسّره تفسيراً آخر من جهة اللغة !
وتحدث الأستاذ الكاتب أيمن ذو الغني عن جهود علماء اللغة حين تتبعوا غريب الألفاظ ودقائقها ، وفسّروا الوأد بما عناه القرآن الكريم وهذا ما ينكره المحاضر معتمداً على روايات تاريخية وأدبية ، فهل يصح ذلك ؟!
ثم تمنى الأستاذ الدكتور عائض الردادي من الإخوة قراءة الكتاب بدقة .
ملتقى الشعر :
وفي ختام الندوة ، فتح المجال للشعر ، وبدأ الشدو مجموعة من الشعراء منهم : جميل الكنعاني بقصيدته ( جرائم الوأد ) ثم المهندس سعيد بادويس بقصيدة (بدر وشمس وظلمات ) وجاءت أخيراً قصيدة ( ملحمة النور ) للشاعر الدكتور عمر خلوف والتي وجدت استحساناًُ كبيراً لدى جمهور الندوة .
http://www.alwfaa.net/default.asp?peagSh=subTopi&TopiID=126
 
ما ورد في الصحيح عن المؤودة
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَمَنَعَ وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ" الحديث في الصحيحين
قال في الفتح:

قَوْله : ( وَوَأْد الْبَنَات )
بِسُكُونِ الْهَمْزَة هُوَ دَفْن الْبَنَات بِالْحَيَاةِ ، وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَ ذَلِكَ كَرَاهَة فِيهِنَّ ، وَيُقَال : إِنَّ أَوَّل مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَيْس بْن عَاصِم التَّمِيمِيّ ، وَكَانَ بَعْض أَعْدَائِهِ أَغَارَ عَلَيْهِ فَأَسَرَ بِنْته فَاِتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ حَصَلَ بَيْنهمْ صُلْح فَخَيَّرَ اِبْنَته فَاخْتَارَتْ زَوْجهَا ، فَآلَى قَيْس عَلَى نَفْسه أَنْ لَا تُولَد لَهُ بِنْت إِلَّا دَفَنَهَا حَيَّة ، فَتَبِعَهُ الْعَرَب فِي ذَلِكَ ، وَكَانَ مِنْ الْعَرَب فَرِيق ثَانٍ يَقْتُلُونَ أَوْلَادهمْ مُطْلَقًا ، إِمَّا نَفَاسَة مِنْهُ عَلَى مَا يَنْقُصهُ مِنْ مَاله ، وَإِمَّا مِنْ عَدَم مَا يُنْفِقهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّه أَمْرهمْ فِي الْقُرْآن فِي عِدَّة آيَات ، وَكَانَ صَعْصَعَة بْن نَاجِيَة التَّمِيمِيّ أَيْضًا وَهُوَ جَدّ الْفَرَزْدَق هَمَّام بْن غَالِب بْن صَعْصَعَة أَوَّل مَنْ فَدَى الْمَوْءُودَة ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَعْمِد إِلَى مَنْ يُرِيد أَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَيَفْدِي الْوَلَد مِنْهُ بِمَالٍ يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ الْفَرَزْدَق بِقَوْلِهِ : وَجَدِّي الَّذِي مَنَعَ الْوَائِدَاتِ وَأَحْيَا الْوَئِيد فَلَمْ يُوأَدِ وَهَذَا مَحْمُول عَلَى الْفَرِيق الثَّانِي ، وَقَدْ بَقِيَ كُلّ مِنْ قَيْس وَصَعْصَعَة إِلَى أَنْ أَدْرَكَا الْإِسْلَام وَلَهُمَا صُحْبَة ، وَإِنَّمَا خَصَّ الْبَنَات بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ كَانَ الْغَالِب مِنْ فِعْلهمْ ، لِأَنَّ الذُّكُور مَظِنَّة الْقُدْرَة عَلَى الِاكْتِسَاب . وَكَانُوا فِي صِفَة الْوَأْد عَلَى طَرِيقَيْنِ : أَحَدهمَا أَنْ يَأْمُر اِمْرَأَته إِذَا قَرُبَ وَضْعهَا أَنْ تُطْلِق بِجَانِبِ حَفِيرَة ، فَإِذَا وَضَعَتْ ذَكَرًا أَبْقَتْهُ وَإِذَا وَضَعَتْ أُنْثَى طَرَحَتْهَا فِي الْحَفِيرَة ، وَهَذَا أَلْيَق بِالْفَرِيقِ الْأَوَّل . وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ إِذَا صَارَتْ الْبِنْت سُدَاسِيَّة قَالَ لِأُمِّهَا : طَيِّبِيهَا وَزَيِّنِيهَا لِأَزُورَ بِهَا أَقَارِبهَا ، ثُمَّ يَبْعُد بِهَا فِي الصَّحْرَاء حَتَّى يَأْتِي الْبِئْر فَيَقُول لَهَا اُنْظُرِي فِيهَا وَيَدْفَعهَا مِنْ خَلْفهَا وَيَطِمّهَا ، وَهَذَا اللَّائِق بِالْفَرِيقِ الثَّانِي ، وَاَللَّه أَعْلَم .

وفي شرح مسلم:
وَأَمَّا ( وَأْد الْبَنَات ) بِالْهَمْزِ ، فَهُوَ دَفْنهنَّ فِي حَيَاتهنَّ ؛ فَيَمُتْنَ تَحْت التُّرَاب ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِر الْمُوبِقَات ، لِأَنَّهُ قَتْل نَفْس بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَيَتَضَمَّن أَيْضًا قَطِيعَة الرَّحِم ، وَإِنَّمَا اِقْتَصَرَ عَلَى الْبَنَات ، لِأَنَّهُ الْمُعْتَاد الَّذِي كَانَتْ الْجَاهِلِيَّة تَفْعَلهُ .
 
القتل والوأد في القرآن

القتل والوأد في القرآن


بسم الله الرحمن الرحيم


القتل والوأد في القرآن

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين:
الأصل الذي دل عليه الكتاب والسنة هو حرمة قتل النفس الإنسانية:
(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) سورة الأنعام من الآية (151)
(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) سورة الإسراء من الآية (33)
ولا ترتفع هذا الحرمة إلا بأحد سببين:
الأول: أن يكون مقابل نفس قتلت ظلما.
الثاني: أن يكون مقابل الإفساد في الأرض.
وهذا ما أشار الله تعالى إليه في قوله:
(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) المائدة (32)
وفي قوله تعالى:
(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا) الإسراء (33)
وهناك صور من القتل المحرم ذكرها الله تعالى على وجه الخصوص لاختلاف السبب الدافع إلى القتل :
الصورة الأولى:قتل الأولاد عموما بسبب الفقر:
وهذا أشار الله تعالى إليه في موضعين :
الأول في سورة الأنعام ، قال تعالى:
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)
والثاني في سورة الإسراء في قوله تعالى:
(وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا) الإسراء (31)
وهاتان الآيتان تبين لنا أن الدافع إلى قتل الولد هو الفقر أو خشية الفقر.
وقد بين تبارك تعالى أن هذا من تزيين الشياطين للمشركين، قال تعالى:
( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُون) الأنعام (137)
قال بن كثير رحمه الله تعالى:
يقول تعالى: وكما زينت الشياطين لهؤلاء المشركين أن يجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا، كذلك زينوا لهم قتل أولادهم خشية الإملاق، ووأد البنات خشية العار.
الصورة الثانية: وأد البنات ، قتل البنات على وجه الخصوص خشية العار.
وقد أشار الله تعالى إلي هذه القضية والدافع إليها في ثلاث سور من القرآن:
في سورة التكوير:
(وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9))

وفي سورة الزخرف:
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17))
قال بن كثير:
{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ } أي: إذا بشر أحد هؤلاء بما جعلوه لله من البنات يأنف من ذلك غاية الأنفة، وتعلوه كآبة من سوء ما بشر به،ويتوارى من القوم من خجله من ذلك، يقول تعالى: فكيف تأنفون أنتم من ذلك، وتنسبونه إلى الله عز وجل؟.

في سورة النحل في قوله تعالى:
(وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (60) وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (61) وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ....)
وهذه الآيات تصور لنا أن بعض العرب قد بلغ الغاية في كراهية أن يولد له أنثى ، ولا يزال هذا الأمر في نفوس الناس إلى يومنا هذا.
وفي آيات سورة النحل يصور لنا القرآن الحرج الذي كان يقع فيه العربي جراء هذا الاعتقاد الشيطاني ، فهو أمام خيارين:
إمساك هذه المولودة مع شعوره بالهوان البالغ ، وإما يتخلص منها بدفنها في التراب ، وفي جميع الحالات فقد أساءوا الحكم:
أساءوا حين نسبوا البنات إلى الله ، وأساءوا حين يشعرون بالمهانة أن يولد لهم البنات ، وأساءوا حين يقتلون البنت خشية العار.
والوأد قد دلت السنة على أنه يطلق على قتل البنات على وجه الخصوص خشية العار ، ففي الصحيحين:
عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ:عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ وَمَنْعًا وَهَاتِ وَوَأْدَ الْبَنَاتِ وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةَ الْمَالِ
ووأد البنات كانت تفعله الجاهلية وتعرفه قريش ، جاء في البخاري:
"قَالَ اللَّيْثُ كَتَبَ إِلَيَّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ رَأَيْتُ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَائِمًا مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ يَقُولُ يَا مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ وَاللَّهِ مَا مِنْكُمْ عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ غَيْرِي وَكَانَ يُحْيِي الْمَوْءُودَةَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ لَا تَقْتُلْهَا أَنَا أَكْفِيكَهَا مَئُونَتَهَا فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ قَالَ لِأَبِيهَا إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَئُونَتَهَا"
وإن كان هذا النص يشير إلى أن سبب الوأد هو الفقر وهذا ربما يفهم منه أن الموءودة يطلق على النفس المقتولة بدافع الفقر سواء كانت ذكرا أو أنثى ، إلا إن حديث المغيرة السابق يخص البنات مما يدل على أن القتل ليس دافعه الفقر وإنما خشية العار ، بل إن حديث أسماء هذا خصه بالبنات وإن كان السبب المذكور هو الفقر.
وروى أبو داود من حديث بن عباس رضي الله عنهما قال:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ كَانَتْ لَهُ أُنْثَى فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا قَالَ يَعْنِي الذُّكُورَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ" وَلَمْ يَذْكُرْ عُثْمَانُ يَعْنِي الذُّكُورَ.

وبهذا يتبين أن القول بأن العرب لم تكن تعرف وأد البنات قول بعيد عن التحقيق ، ويكفي أن ذلك ورد في أوثق كتب السنة ، وإذا كان الذين كتبوا في التاريخ لم يتطرقوا لهذه القضية ، فلا يصح أن نستثني كتب السنة فإنها أوثق من كتب التاريخ وهي أيضا من التاريخ.
 
إذا رجعنا الى علّة السؤال من أوله : لماذا المسئول هو الموؤودة وليس الوائد ؟.
قد تكون النقاط التالية تجيب على السؤال أو تعين عليه بشكل ما:
*- إذا تسنى للمظلوم أن يتكلم بلسانه عن مظلمته فإن ذلك أدعى في تبيان الحق وإقامة الحجة مما يذكي نار العذاب على الظالم الذي لا يُسمح له بالتكلم لضعف حجته ووهن موقفه.
*-قد يكون ذلك إشارة خفيّة كون الموؤودة حينما قُتلت لم يكن لها لسان تتكلم به لصغرها وضعفها. وقد آن لها أن تتكلم وتأخذ حقها ممن أعدم حياتها.
*- إن نطق الموؤودة يعطي المشاهد سواء في الدنيا أو الآخرة عظمة المشهد وفداحته. ويشكّل أيضاً قضيّة محكوم بها للمظلوم صاحب الحجة. مما يجعل الوائد يتفكر ملياً قبل أن يقدم على الوأد. حيث أن المسألة ليست لصالحه وسوف تحسم من أول كلمة ستنطق بها الموؤودة المظلومة .
والله أعلم .
 
عودة
أعلى