إشكال فى تفسير آية

إنضم
8 سبتمبر 2009
المشاركات
1,159
مستوى التفاعل
4
النقاط
38
الإقامة
القاهرة
[FONT=&quot]بسم الله الرحمن الرحيم

[/FONT]
[FONT=&quot]الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وآله وصحبه ومن والاه
أما بعد ، أثناء تدبرى لسورة الأنعام توقفتُ أمام إحدى آياتها متحيرا فى معناها[/FONT]
[FONT=&quot]وحتى بعد أن رجعتُ إلى العديد من كتب التفسير ظلت حيرتى باقية !![/FONT]
[FONT=&quot]وبعد تفكير عميق توصلتُ إلى ما أعتقد أن فيه حل الإشكال ، ولكنى لن أصرح به قبل أن أستطلع آراء أهل الملتقى الكرام ، فقد يكون لدى أحد منهم حل أفضل مما بدا لى[/FONT]
[FONT=&quot]أما الآية فهى قوله تعالى :[/FONT]
[FONT=&quot](( [/FONT][FONT=&quot]وَمَا[/FONT][FONT=&quot] قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ[/FONT][FONT=&quot] بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ [/FONT][FONT=&quot]تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا[/FONT][FONT=&quot] وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ [/FONT][FONT=&quot]يَلْعَبُونَ[/FONT][FONT=&quot] )) - الأنعام / 91[/FONT]
[FONT=&quot]أما وجه الإشكال فهو أن الآية – بحسب الظاهر من معناها - قد بدأت بالحديث عن المشركين فى مكة وذكرت مقالتهم الشنيعة : " [/FONT][FONT=&quot]مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ " ، [/FONT][FONT=&quot]وردت عليهم : " [/FONT][FONT=&quot]قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ [/FONT][FONT=&quot]بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ "[/FONT]
[FONT=&quot]ثم فجأة تحولت عنهم إلى خطاب اليهود بقولها[/FONT][FONT=&quot] : " [/FONT][FONT=&quot]تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ[/FONT][FONT=&quot] تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا "[/FONT]
[FONT=&quot]ثم بعد ذلك عادت مرة أخرى إلى خطاب مشركى مكة[/FONT][FONT=&quot] بقولها : " [/FONT][FONT=&quot]وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ "[/FONT]
[FONT=&quot]فهذا هو الظاهر إجمالا من معنى الآية[/FONT]
[FONT=&quot]والسؤال هو : كيف يستقيم سياق الآية مع هذا التحول الفجائى من الحديث عن المشركين أول الأمر ، إلى خطاب اليهود ، ثم العودة مرة أخرى إلي خطاب المشركين ؟!![/FONT]
[FONT=&quot]والمطلوب تحديداً هو دفع هذا الإشكال دون الإستعانة بعلم القراءات ، لأنى وجدت أن بعض المفسرين لم يجدوا حلاً لهذا الإشكال سوى بإقتراح قراءة أخرى ، هى :[/FONT]
[FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا [/FONT][FONT=&quot]" ، أى بضمير الغائب ، حيث اليهود غير حاضرين فى المشهد ، وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو ، وبها أخذ شيخ المفسرين الإمام الطبرى رحمه الله [/FONT]
[FONT=&quot]ولكنى أعتقد أنه يمكن تفسير الآية دون تغيير القراءة ، أى وفق القراءة الأكثر شيوعا بين جمهور القراء ، والتى عليها رسم مصحف المدينة :
" [/FONT]
[FONT=&quot]تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ [/FONT][FONT=&quot]تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا "

[/FONT]
[FONT=&quot]فمن يفتح الله عليه بشىء فى دفع هذا الإشكال فليتقدم به مشكورا[/FONT]
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الكريم العليمي المصري

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يخفى عنك بارك الله فيك ان النظر في سياق الايات من وسائل تفسيرها ورأيي المتواضع ان هذه الآية لايمكن ان تكون موجهة لكفار قريش فلاوجه للاحتجاج بالتوراة على عبدة الاصنام والخطاب ظاهر بيّن ليس فيه التباس فهو موجه لليهود من اول الاية والايات التي تسبقها الى آخرها
ولو لاحظت قوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره ) والتي سبق ان قيلت في حق اليهود ومفهومها انهم يؤمنون بالله ولكنهم لم يعرفوا منزلته وينزهونه ويؤمنون بمطلق قدرته ، فهاهم يقولون ان يعقوب صارع الله فصرعه تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ، وحتى التفاسير اوردت اكثر من تفسير فلا قطع اصلا بانها موجهة لكفار قريش ، ولو قرأتها وصرفت المعنى بالكلية الى اليهود لزال الاشكال بإذن الله
 
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم العليمي المصري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يخفى عنك بارك الله فيك ان النظر في سياق الايات من وسائل تفسيرها ورأيي المتواضع ان هذه الآية لايمكن ان تكون موجهة لكفار قريش فلاوجه للاحتجاج بالتوراة على عبدة الاصنام والخطاب ظاهر بيّن ليس فيه التباس فهو موجه لليهود من اول الاية والايات التي تسبقها الى آخرها . . . . ولو قرأتها وصرفت المعنى بالكلية الى اليهود لزال الاشكال بإذن الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فتح الله عليك أخى عدنان ، فالخطاب موجه بالفعل إلى اليهود وحدهم فى الآية كلها ، وسياق الآيات يدعم ذلك ويقويه كما قلتَ بحق ، ، وبالتالى فلا يوجد تحول فى الخطاب
ولكن هذ النظر السديد منك تعوزه بعض التفاصيل الهامة حتى يصبح راسخا وصامدا أمام الإعتراضات القوية التى يمكن أن توجه إليه ، بل التى وُجِهَت إليه بالفعل من قبل وجاء ذكرها فى بعض كتب التفسير ، وكان منها مثلاً :
إن اليهود لم يزعموا أبدا أن الله عز وجل ما أنزل على بشر من شىء ، فليس هذا من أصول عقيدتهم ، بل إنهم - وعلى العكس من ذلك – يتساهلون كثيراً فى منح صفة " نبى " أو " مُوحَى إليه " لمن هو دون ذلك بكثير ، ومن هنا فقد استبعد كثير من المفسرين أن يكون الخطاب موجهاً لليهود
ومنها كذلك : أن سورة الأنعام مكية , وأنها – على أرجح الأقوال – قد نزلت جملة واحدة ، بينما اليهود كانوا يقطنون المدينة ، إن لم يكونوا كلهم فالسواد الأعظم منهم ، فكيف يكون الخطاب مُوجِهاً إليهم فى مكة ؟
لهذا فالصورة لا تتضح معالمها بجلاء لو إكتفينا بما ذكرته فحسب دون رد مُقنع على أمثال هذه الإعتراضات القوية ، وبخاصة الإعتراض الأول منها
أخى الحبيب ، أراك قد اقتربت كثيرا من الهدف المنشود ، ولكن لا تزال تفصلك عنه بضع خطوات فحسب ، وهى خُطى قليلة ، ولكنها هامة وجوهرية
أشكر لك أن كنتَ أول من استجاب دعوتى ، بارك الله فيك
وفى إنتظار مشاركات أخرى تبنى على ما إنتهينا إليه ، وتحاول أن تدفع الإشكالات الجديدة التى أشرنا إليها
 
اسعدك الله بفتح من عنده

اخي الكريم ، ذكر بعض المفسرين سببا لنزول الآية وهي قصة الحبر السمين الذي غضب من الصادق المصدوق حين ناشده بالله ان كان جد قصة الحبر السمين في التوراه فغضب وانكر ان يكون الله انزل كتابا من السماء.
هذا احتمال واحتمال ذكره المفسرين ، والاحتمال الثاني ان يكون المعنى مستتر اي لم ينزل الله على بشر بعد موسى كتابا في تعريضٍ وانكارٍ للانجيل والقرآن الكريم ، واذا استنكرنا ان يكونون اليهود مقصودين لان الايات مكية فهذا لا يحتج به لأن العزيز الحكيم في كتابه وفي مواضع كثيرة من السور المكية نزه نفسه جلت ذاته وتقدست اسماؤه عن الصاحبة والولد ورفض وفند عقائد غير عقيدة قريش فهل نقول ان ذلك لا يقبل لان القول بالولد قول النصارى ولا يستقيم ذلك مع كون الآيات مكية ؟
قد لا يطمئن قلبك لذلك تماما ولكن لنتدبر كتاب الله ونتحاور وليشترك اخواننا واخواتنا في هذ الحوار وسنصل بإذن الله لما يشفي صدورنا ويطمئننا بالحق من عنده
وصلى الله على سيدنا محمد
 
اسعدك الله بفتح من عنده
اخي الكريم ، ذكر بعض المفسرين سببا لنزول الآية وهي قصة الحبر السمين الذي غضب من الصادق المصدوق حين ناشده بالله ان كان جد قصة الحبر السمين في التوراه فغضب وانكر ان يكون الله انزل كتابا من السماء.
هذا احتمال واحتمال ذكره المفسرين ، والاحتمال الثاني ان يكون المعنى مستتر اي لم ينزل الله على بشر بعد موسى كتابا في تعريضٍ وانكارٍ للانجيل والقرآن الكريم

أشكرك أخى على اجتهادك هذا ، وأقول إن لك عليه أجر إن شاء الله ، وكنت أتمنى أن تنال عليه أجرين ، ولكن قصة الحبر السمين التى ذكرتها ليست سببا فى نزول الأية محل البحث ، ولأكثر من سبب
ولا أريد أن أتطرق إلى التفاصيل الطويلة طلبا للإيجاز ، ولكن الخلاصة أنه بعد البحث والتحقيق ثبت أن لا علاقة لها بنزول الآية
وكذلك الإحتمال الثانى يُؤخذ عليه أن معناه بعيد ، وأن الأقرب إلى الفهم هو المعنى الظاهر والمباشر لا هذا المعنى المستتر كما وصفته أنت
كما أن التعريض والإنكار له أساليب أخرى وتعبيرات مختلفة ، ولا يستدعى منهم تصعيد الأمر إلى حده الأقصى فينكروا وحى الله إلى البشر كافة وعلى وجه الإطلاق
واذا استنكرنا ان يكونون اليهود مقصودين لان الايات مكية فهذا لا يحتج بهلأن العزيز الحكيم في كتابه وفي مواضع كثيرة من السور المكية نزه نفسه جلتذاته وتقدست اسماؤه عن الصاحبة والولد ورفض وفند عقائد غير عقيدة قريش فهلنقول ان ذلك لا يقبل لان القول بالولد قول النصارى ولا يستقيم ذلك مع كونالآيات مكية ؟
أما هذه فأوافقك عليها ، ولكن يمكن إثباتها بطريقة أفضل من الكلام النظرى المجرد ، أعنى بطريقة عملية وواقعية تعالج لب الموضوع نفسه وتنفذ إليه مباشرة ، وذلك من خلال البحث التاريخى فى أماكن تواجد اليهود فى جزيرة العرب فى الجاهلية وفجر الإسلام ، والذى ينتج عنه أن اليهود لم يكن تواجدهم مقصورا على المدينة فحسب كما هو مظنون
قد لا يطمئن قلبك لذلك تماما
صدقت أخى فى حدسك وتوقعك هذا ، وقد كنتُ صريحاً معك فيما سبق بما يؤكد حدسك الصائب
ولكن لنتدبر كتاب اللهونتحاور وليشترك اخواننا واخواتنا في هذ الحوار وسنصل بإذن الله لما يشفيصدورنا ويطمئننا بالحق من عنده
أشكرك على هذه الدعوة الكريمة لإخواننا وأخواتنا فى الملتقى ، وأضم صوتى إلى صوتك
كما أن الدعوة موجهة قبل ذلك – وفى المقام الأول – إلى أساتذة التفسير الأجلاء من أعضاء هذا الملتقى الكريم ، وهم - على ما أظن - ليسوا بقلة ، فأرجو ألا يبخلوا علينا بتوجيهاتهم وآرائهم السديدة ، لا حرمنا الله منهم
وصلى الله على سيدنا محمد
عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم
 
براهين وإشكالات حول الآية من كتب التفسير
بعد أن لمست مدى صعوبة الموضوع على المتابعين له من نسبة المشاركة فيه ، رأيت أن أقدم بين يديه ببعض الفقرات المقتبسة من كتب التفسير ، والتى توضح حقيقة الإشكالات التى تثيرها الآية الكريمة ، وأن أقدم معها فى الوقت ذاته براهين ساقها بعض المفسرين لبيان أن الآية تخاطب اليهود خاصة ، برغم ما يثيره هذا أيضا من إشكالات أخرى
وبعد الفراغ من هذا العرض سوف أطرح تفسيرى للآية والذى يعالج الإشكالات المطروحة ويدفعها جميعا بحمد الله تعالى
وهذا التفسير الذى وفقنى إليه ربى بكرمه وفضله يمتاز بأنه لا يتصادم مع تفسير السلف الصالح رضى الله عنهم وأرضاهم ، وإنما يتفق معه فى النقاط الجوهرية ، ثم يبنى عليه ويضيف إليه ، وهذا أمر يتقبله ويرضاه علماء ومشايخ السلفية ولا يعارضونه ، أعنى البناء على تفسير السلف بما لا يتعارض مع أصله
كما يمتاز هذا التفسير – ولله الحمد – بأنه يمثل حلقة جديدة من سلسلة ما يمكن أن نسميه " إعجاز القرآن فى مقارنة الأديان " ، وهى السلسلة التى نشرتُ حلقات منها فى غير هذا الملتقى ، وهى تكشف عن إعجاز القرآن الكريم فى إحاطته التامة بدقائق وأسرار الملل والنِحل والمذاهب المختلفة فى الأديان السماوية ، بل والوضعية كذلك
وسأعرض الآن للإشكالات التى وردت فى كتب التفسير حول الآية موضع البحث ( الأنعام 91 ) ، ثم أتبعها بذكر البراهين الدالة على إختصاص اليهود بالخطاب فى الآية كلها ، وهو الأمر الذى يمثل نقطة التلاقى الرئيسة ما بين تفسير السلف الصالح للآية وتفسيرى لها
أولاً : الإشكالات

جاء فى تفسير الفخر الرازى لهذه الآية ، وتحت عنوان " المسألة الثالثة " ما يلى :
(( في هذه الآية بحث صعب، وهو أن يقال: هؤلاء الذين حكى الله عنهم أنهم قالوا: " ما أَنزَلَ ٱللَّهُ علَى بَشَرٍ مّن شَىْء " إما أن يقال: إنهم كفار قريش أو يقال إنهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فإن كان الأول، فكيف يمكن إبطال قولهم بقوله تعالى: { قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَـٰبَ ٱلَّذِى جَاءبِهِ مُوسَىٰ } وذلك لأن كفار قريش والبراهمة كما ينكرون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم فكذلك ينكرون رسالة سائر الأنبياء، فكيف يحسن إيراد هذا الإلزام عليهم ؟!
وأما إن كان الثاني وهو أن قائل هذا القول قوم من اليهود والنصارى، فهذا أيضاً صعب مشكل، لأنهم لا يقولون هذا القول، وكيف يقولونه مع أن مذهبهم أن التوراة كتاب أنزله الله على موسى ، والإنجيل: كتاب أنزله الله على عيسى ؟!
وأيضاً فهذه السورة مكية ، والمناظرات التي وقعت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين اليهود والنصارى كلها مدنية، فكيف يمكن حمل هذه الآية عليها، فهذا تقرير الإشكال القائم في هذه الآية ))
ثم يأتى الخازن فى تفسيره ليُعقب على بعض كلام الإمام الرازى بقوله :
(( وأورد الرازي على هذا القول إشكالاً أيضاً وهو أنه قال: إن اليهود مُعترفون بإنزال التوراة على موسى فكيف يقولون " ما أَنزَلَ ٱللَّهُ علَى بَشَرٍ مّن شَىْء " مع اعترافهم بإنزال التوراة ؟ ولم يجب عن هذا الإشكال بشيء ))
أى أن الرازى – فيما يرى الخازن – لم يُقدم حلاً لهذا الإشكال الذى أورده !!
الإشكال الثانى :
وهو يتعلق بقوله تعالى : "[FONT=&quot]تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيس تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT]
وقد أورد هذا الإشكال الفخر الرازى وغيره من المفسرين فقالوا – والعبارة للرازى – ما يلى :
(( فإن قيل: إن كل كتاب فلا بد وأن يودع في القراطيس، فإذا كان الأمر كذلك في كل الكتب، فما السبب، في أن حكى الله تعالى هذا المعنى في معرض الذم لهم ؟ ))
ثم حاول – هو وغيره من المفسرين – الجواب عنه فقالوا :
(( المراد أنهم لما جعلوه قراطيس، وفرقوه وبعضوه، لا جرم قدروا على إبداء البعض ، وإخفاء البعض ، وهو الذي فيه صفة محمد عليه الصلاة والسلام )).
ولكن حتى هذا الجواب قد أثار إشكالا جديدا ، هو التالى :

الإشكال الثالث : والعبارة للفخر الرازى أيضا :
(( فإن قيل: هب أنه حصل في التوراة آيات دالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام. إلا أنها قليلة ، والقوم ما كانوا يخفون من التوراة إلا تلك الآيات ، فلم قال: ويخفون كثيرا ؟! ))
وهو فيما أرى سؤال وجيه وفى محله تماماً ، فكيف أجاب عنه الرازى ؟
لقد كان هذا جوابه :
(( قلنا: القوم كما يخفون الآيات الدالة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام، فكذلك يخفون الآيات المشتملة على الأحكام، ألا ترى أنهم حاولوا على إخفاء الآية المشتملة على رجم الزاني المحصن ))
ولكن هل ما ذكره الرازى فى جوابه يصح أن ينطبق عليه وصف " كثيرا " الوارد فى الآية ؟
لا أعتقد ذلك ، بل أرى أن معنى الآية أعمق وأكبر مما أجاب به الفخر الرازى رحمه الله ، كما سوف نرى فيما بعد إن شاء الله
( يتبع )
 
الإشكال الرابع :
وهو خاص بحصر سبب نزول الآية فى واقعة محددة ، يشار إليها إختصاراً بقصة ( الحبر السمين )
وقد أورد الفخر الرازى فى تفسيره هذه القصة ، ثم أعقبها بذكر إشكالات قوية تفند كونها سببا لنزول الآية ، ورغم أنه حاول حل تلك الإشكالات ، إلا أن حلوله جاءت أضعف كثيرا من الإشكالات ذاتها ، مما جعلنى أرفض أن تكون هذه القصة سببا مؤكداً فى نزول الأية ، وقد رفض هذا من قبلى مفسرون كبار كالطبرى وابن كثير وغيرهما ، وإليكم القصة وما أثارته من إشكالات بحسب عبارة الفخر الرازى :
" إن مالك بن الصيف كان من أحبار اليهود ورؤسائهم، وكان رجلاً سميناً فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أنشدك الله الذي أنزل التوراة على موسى هل تجد فيها إن الله يبغض الحبرالسمين ، وأنت الحبر السمين ، وقد سمنت من الأشياء التي تطعمك اليهود "
فضحك القوم ، فغضب مالك بن الصيف ، ثم التفت إلى عمر فقال: ما أنزل الله على بشر من شيء ، فقال له قومه : ويلك ما هذا الذي بلغنا عنك ؟ فقال : إنه أغضبني ، ثم إن اليهود لأجل هذا الكلام عزلوه عن رياستهم، وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف "
وبعد أن فرغ الرازى من سرد القصة أورد الإشكالات عليها فقال :
(( فهذا هو الرواية المشهورة في سبب نزول هذه الآية، وفيها سؤالات :
السؤال الأول : لَفْظُ الآية وإن كان مُطْلَقاً إلاَّ أنه يَتَقَيَّدُ بحسب العُرْفِ ألا ترى أن المرأة إذا أرادت أن تخرج [من الدار] فغضب الزَّوْجُ،فقال: إن خرجت من الدار فأنْتِ طالق، فإن كثيراً من الفقهاء قالوا: اللفظ وإن كان مُطْلَقاً إلا أنه بِحَسبِ العُرْفِ يتَقَيَّدُ بتلك المرأة، فكذا هاهنا فقوله: { مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ } وإن كان مُطْلٌقاً بحسب أصْلِ اللغة إلاَّ أنه يتقيد بتلك الواقِعَةِ بحسب العُرْفِ، فكان لقوله تعالى: { مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّنشَيْءٍ } في أنه يبغض الحَبْرَ السمين، وإذا كان هذا المُطْلَق مَحْمُولاً على هذا المُقَيَّدِ لم يكن قوله: { مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى } مبطلاً لكلامه
السؤال الثاني : أن مالك بن الصيف كان مفتخراً بكونه يَهُوديًّا مُتَظَاهراً بذلك، ومع هذا المَذْهَبِ لا يمكنه أن يقول: ما أنزل الله على بشر من شيء إلا على سبيل الغَضَبِ المُدْهِشِ للعقل، أو على سبيل طغيان اللسان ، ومثل هذا الكلام لايَلِيقُ بالله - تبارك وتعالى - إنزال القرآن الباقي على وجه الدهر فى إبطاله
والسؤال الثالث : أن الأكثرين اتفقوا على أن هذه السورة مكية وأنها أنزلت دفعة واحدة، ومناظرات اليهود مع الرسول عليه السلام كانت مدنية ، فكيف يمكن حمل هذه الآية على المناظرة ؟ وأيضاً لما نزلت السورة دفعة واحدة، فكيف يمكن أن يقال هذه الآية المعينة إنما نزلت في الواقعة الفلانية ؟ فهذه هي السؤالات الواردة على هذا القول ))
ثم أخذ الرازى رحمه الله يحاول جاهدا الإجابة عما طرحه من أسئلة ، ولكن أجوبته جاءت– كما ذكرت من قبل – دون قوة تلك الأسئلة ، والتى رأيتُها كافية لرد هذه القصة كسبب لنزول الآية وعدم أهليتها لذلك
ولكن هذا لا ينفى أن الأية نزلت فى اليهود خاصة ً، فقد أورد المفسرون أسبابا أخرى لنزولها وكلها تخص اليهود ، ومن ذلك ما يلى :
روى الواحدي في أسباب النزول بغير سند عن ابن عباس رضي الله عنهما ومحمد بن كعب القرظي أن اليهود قالوا: ما أنزل الله على بشر من شيء ، فأنزل الله تعالى هذه الآية
وقال أبو حيان التوحيدى فى " البحر المحيط " :
" نزلت في اليهود قاله ابن عباس ومحمد بن كعب . . . أو في فنحاص بن عازوراء منهم ، قاله السدي، أو في اليهود والنصارى ، قاله قتادة "
ويلاحظ أن " فنحاص بن عازوراء " هو شخص آخر غير الحبر السمين " مالك بن الصيف "
كما توجد روايات أخرى تخص اليهود تحديدا ، ولكنى ضربت صفحا عن ذكرها للإختصار ، فمن أرادها فليراجعها فى " زاد المسير " لإبن الجوزى
المهم أن الآية قد نزلت فى اليهود بحسب روايات عديدة وردت عن السلف رضى الله عنهم ، وأن نزولها في حق اليهود كما يقول الفخر الرازى : هو القول المشهور عند الجمهور
أما البراهين الأخرى على نزولها فى اليهود خاصة ً فقد عبّر عنها بعض المفسرين على النحو التالى :
جاء فى تفسير " الميزان " ما يلى :
" والآية وإن لم تعيّن القائلين بهذا القول إلا أن الجواب بما فيه من الخصوصية لا يدع ريباً في أن المخاطبين بهذا الجواب هم اليهود ، وذلك أن الآية تحتج على هؤلاء القائلين بكتاب موسى عليه السلام ، والمشركون لا يعترفون به ولا يقولون بنزوله من عندالله، وأيضاً الآية تذمهم بأنهم يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيراً ، وهذا أيضاً من خصائص اليهود على ما نسبه القرآن إليهم دون المشركين "
وبالمثل قال شيخ الأزهر السابق الدكتور سيد طنطاوى فى " التفسير الوسيط " :
" والذى نراه أن الآية الكريمة تصلح للرد على الفريقين: فريق المشركين وفريق اليهود ، إلا أن سياقها يجعلنا نرجح أن الخطاب فيها موجه بالأصالة إلى اليهود وإلى غيرهم بالتبع، لأنهم هم الذين جعلوا التوراة قراطيس أى أوراقا مفرقة ليظهروا منها مايناسب أهواءهم وليخفوا منها ما فيه شهادة بصدق النبى صلى الله عليه وسلم ، وتوجيه الخطاب إلى اليهود لا يتنافى مع كونها مكية ، لأنه ليس بلازم أن يكون كل قرآن مكى خطابا لغير اليهود "
وأخيراً نقتبس قول شيخنا الشعراوى رحمه الله :
" لا بد أن يكون القائلون هذا يؤمنون بأن موسى نُزَّل عليه كتاب لتكون الحُجَّة في موضعها. وكُفار مكة كانوا غير مؤمنين بأي رسول "
( يتبع إن شاء الله )
 
بقيت مسألة هامة جدا تُمَثّل فيما أرى الإشكال الأكبر فى الآية ، وهى تتعلق بتوجيه المفسرين لقول اليهود : " مَآ أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِن شَىءٍ " ، مع تعارض هذا القول مع عقيدة اليهود فى الوحى والنبوة ، إذ المعروف عنهم أنهم أكثر الأمم تلقيا للوحى وأن أغلب الأنبياء كانوا منهم ، فكيف يقولون مثل هذا القول الغريب تماما عن المعهود فيهم ؟!!
لقد طالعتُ العشرات من كتب التفسير للوقوف على آراء المفسرين فى هذه المسألة الصعبة
فماذا وجدت ؟
وجدتهم يرددون مقولة واحدة لتبرير هذا القول ، وتلك هى :
إن اليهود قالوا ذلك على سبيل المبالغة فى إنكار إنزال القرآن
تجد هذه المقولة أول ما تجد فى تفسير الكشاف للزمخشرى المتوفى سنة 538 هـ
ثم تصادفها فى أغلب ما تلاه من تفاسير حتى عصرنا الحاضر ، مما يعنى أن المفسرين من بعد الزمخشرى قد أخذوها عنه ، ثم أخذوا يرددونها دون فحص وتمحيص ، وأيضا دون إضافة وتجديد
فهل جواب الزمخشرى ومن أخذوا عنه يصلح فعلا لتبرير قول اليهود الغريب هذا ؟
فى الواقع إنه لا يصلح بالمرة لتبريره ، لأن السياق الذى ورد فيه هذا القول يأبى ذلك المعنى من جهة اللغة والبيان ، ذلك أن الله عز وجل قد جعل قولهم هذا تعليلاً لقوله تعالى :
" وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ " ، والجسر الواصل بين القولين هو الظرف " إذ " المقترن بالماضى للدلالة على التعليل ( أنظر : معجم حروف المعانى فى القرآن الكريم – ج 1 – ص : 170 ) ، ولننظر فى تركيب الأية بتمعن :
" وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ إِذ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِن شَىءٍ "
فهذه الرابطة ما بين القولين تدل دلالة مؤكدة على أنهم قالوا ذلك على سبيل الخبر والتقرير ، ولم يكن على سبيل التعريض والمبالغة ، بمعنى أنهم كانوا جادين فى قولهم هذا ، قاصدين له ، ومن هنا جاء قوله تعالى : " وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِهِ " مفندا وداحضا لهذا القول منهم
ومن جهة أخرى فإن قوله تعالى الذى جاء معقبا على مقالتهم يؤكد كذلك أنهم كانوا قاصدين لهذا القول ، جادين فيه ، أعنى بذلك قوله تعالى ردا عليهم :
" قُل مَن أَنزَلَ الكتَابَ الذى جَآءَ بِهِ مُوسَى . . . "
ومما يؤكد جديتهم وقصدهم لهذا القول ما لاحظه ابن عطية رحمه الله حين قال :
(( تعليل قوله تعالى : " وما قدروا الله " بقولهم : { ما أنزل الله } يقضي بأنهم جهلوا ولم يعرفوا الله حق معرفته إذ أحالوا عليه بعثة الرسل ))
نخلص مما سبق إلى أن القائلين : " مَآ أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِن شَىءٍ " لم يقولوه على سبيل المبالغة فى الإنكار كما ظن الزمخشرى ومن تابعه من المفسرين ، وإنما قالوه إعتقادا منهم فى صحته
ولكن بما أن القائلين ذلك كانوا من اليهود كما قدمنا ، فهذا القول يعارض وينافى تماما عقيدة اليهود العامة فى الوحى والنبوة ، فكيف نحل هذا الإشكال الصعب ؟!!
أقول : هنا يتجلى إعجاز القرآن فى إحاطته التامة بالفرق والمذاهب اليهودية المختلفة ، بل المتعارضة ، حيث يدلنا علم مقارنة الأديان على أنه توجد بالفعل فرقة يهودية قديمة كانت تؤمن فعلا بأنه سبحانه وتعالى ما أنزل على بشر من شىء من بعد موسى عليه السلام وكما قالت الآية بالنص !!!
فسبحان الله العظيم !!
وليس هذا فحسب ، بل إن تلك الفرقة كانت تجعل كتابهم المقدس قراطيس منفصلة ، فلا تُبدى منها إلا ما أرادت ، وتُخفى الباقى - وهو كثير - كما قالت الآية أيضاً !!!
ومرة أخرى أقول : سبحان من هذا كلامه !!
هذا هو الجديد الذى أود إضافته مما أفاء به الله وأنعم على هذا الفقير
ولكن قبل أن أعرض لهذا الوجه الإعجازى فى تفسير الآية بالتفصيل أتوجه إلى حضراتكم بهذا السؤال الذى أرجو ألا تهملوا الرد عليه :
هل تبين لكم مدى صعوبة فهم هذه الآية لو إقتصرنا على ما قيل فى تفسيرها من قبل ، دون محاولة فهمها بنظرة جديدة ؟
أم أن ما قاله المفسرون من قبل فيه غنية وإقناع ؟
أرجو التفاعل والمشاركة ، والله يجزيكم خيرا
 
اخي العليمي المصري فتح الله عليك ووفقك لكل خير لقد قلت :
، حيث يدلنا علم مقارنة الأديان على أنه توجد بالفعل فرقة يهودية قديمة كانت تؤمن فعلا بأنه سبحانه وتعالى ما أنزل على بشر من شىء من بعد موسى عليه السلام وكما قالت الآية بالنص !!!


وقلنا في معرض الرد الثاني :
والاحتمال الثاني ان يكون المعنى مستتر اي لم ينزل الله على بشر بعد موسى كتابا في تعريضٍ وانكارٍ للانجيل والقرآن الكريم


ولدي تعليق ، وسؤال :
التعليق ان سبب تبادر الاشكال في اذهاننا احيانا هو اننا بدأنا بمراجعة اقوال المفسرين قبل ان نعمل افهامنا في الايات لذا فلولا تعمقك اخي الحبيب في اقوال المفسرين لوصلت للنتيجة مباشرة ، ولا اثرب على ذلك والعياذ بالله بل اعرض طريقة غير التقليدية الفيتها ذات اثر عظيم في فهم كتاب الله وهي قراءة الآيات والتدبر والتفكر فيها وتدوين ما يعن لنا من معان وتوضيحات ثم بعد ذلك مراجعة اقوال المفسرين ، وذلك يتميز انه لا يقيدك بما سبقت اليه عينيك من اقوال فيجعلك لا تستطيع ان تخرج من تلك الاطر التي رسمتها لنفسك بلا شعور منك.


السؤال هو مالذي اقنعك بأن الخطاب لليهود والسورة مكية ؟ برغم ان القناعة مستقرة لدي منذ البداية ولكن لاحظت انك لم كن مطمئنا لذلك
 
السلام عليكم
قول : هنا يتجلى إعجاز القرآن فى إحاطته التامة بالفرق والمذاهب اليهودية المختلفة ، بل المتعارضة ، حيث يدلنا علم مقارنة الأديان على أنه توجد بالفعل فرقة يهودية قديمة كانت تؤمن فعلا بأنه سبحانه وتعالى ما أنزل على بشر من شىء من بعد موسى عليه السلام وكما قالت الآية بالنص !!!

هذا الكلام بعيد جدا
إذن معنى اعتقادهم على تفسيرك : أن الله أنزل كتابا على موسى ،ولم ينزل شيئا على بشر من بعد موسى ، وهنا لايكون تفنيد كلامهم بالسؤال : مَن أَنزَلَ الكتَابَ الذى جَآءَ بِهِ مُوسَى ،
.....
"وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَآؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ "
كان من العرب من يقرأ التوراة ، وينتظر الرسالة ... بل ينتظر أن تتنزل عليه " ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ " المدثر 15 ، فلما نزلت على غيره قال عنها "إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ قَوْلُ ٱلْبَشَرِ " المدثر 25 .
إنه بفعله هذا ماقدر الله حق قدره بعدة طرق
1- تصور أن الله يكلم الناس مباشرة ليدعوهم للايمان .... وهو فى ذلك كمن قالوا "وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا ٱللَّهُ ..." البقرة 118
2- ادعاء أن الله لم يرسل رسلا من البشر
3- تصور أن الله لايعلم عن علمه بكتاب موسى
4- رفض اصطفاء الله رسولا غيره
وفى هذا كله" وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ...."

وهناك احتمال ثان أن هؤلاء العرب كانوا يقرأون التوراة ككتاب حكمة موروثة عن موسى ولايعلمون أنها منزلة من السماء ، ولذلك أمر الرسول أن يجيب السؤال "مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ " بقوله تعالى " قُلِ ٱللَّهُ " ، ونحن نعلم أن اليهود لم ينكروا أن الله هو من أنزل التوراة على موسى ليؤمر الرسول أن يبلغهم أن الله هو من أنزلها
وأيضا أجد أمرا ينفى كون اليهود هم المقصودون فى الآية وهو أن القرآن إذا تكلم مع اليهود أو عنهم ذكر التوراة وليس كتاب موسى الذى يذكره عند الكلام مع أمة دعوة محمد عليه الصلاة والسلام
الأولى مثل "يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ ...." آل عمران 65 ، "ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ ...." الأعراف 157
والثانية مثل " أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً ...." هود 17 ... ولم تأت ومن قبله التوراة

وأيضا أعلق على قول الشعراوى الذى نقلته
" لا بد أن يكون القائلون هذا يؤمنون بأن موسى نُزَّل عليه كتاب لتكون الحُجَّة في موضعها. وكُفار مكة كانوا غير مؤمنين بأي رسول "
لو كان الأمر كذلك يكونون كاذبين أو متعمدي الكذب فى قولهم "
مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ " ، وهذا -وإن صح - ليس المقصود فى الآية أن تبين كذبهم ،إذ أنها تتكلم عن معتقدهم وفى عدم تقديرهم لله حق قدره
والذين يقولون "مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ " هم من يرون أن الرسول يجب ألا يكون بشرا ، هم من طلبوا فى هذه السورة " وَقَالُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ...." الأنعام 8

والله أعلم


 
اخي العليمي المصري فتح الله عليك ووفقك لكل خير
لقد قلت :
، حيث يدلنا علم مقارنة الأديان على أنه توجد بالفعل فرقة يهودية قديمة كانت تؤمن فعلا بأنه سبحانه وتعالى ما أنزل على بشر من شىء من بعد موسى عليه السلام وكما قالت الآية بالنص !!!
وقلنا في معرض الرد الثاني :
والاحتمال الثاني ان يكون المعنى مستتر اي لم ينزل الله على بشر بعد موسى كتابا في تعريضٍ وانكارٍ للانجيل والقرآن الكريم
أخى الكريم عدنان
شكر الله لك تفاعلك مع الموضوع وتعليقاتك المفيدة عليه
وفيما يلى توضيح أكثر لما أردتُ بيانه :
أنت أخى لا زلتَ ترى أن القائلين : " مَا أَنزَلَ اللهُ عَلَى بَشرٍ مِن شَىءٍ " لم يكن هدفهم من قولهم إلا إنكار نزول القرآن من عند الله ، بينما الذى وجدته أنا من دراستى لعقيدة هذه الفرقة اليهودية – كما سأشرحها بالتفصيل لاحقا إن شاء الله – أنهم يعنون ما قالوه بالحرف الواحد ، فينكرون وحى الله إلى أحد من البشر من بعد موسى وفتاه يوشع بن نون عليهما السلام ، فهذا هو الفرق بين وجهتىّ نظرنا أخى الكريم

أما بخصوص التعليق الذى أوردته فقد أوافقك نسبياً على أن طريقتك فى تدبر القرآن أحيانا ما تكون مفيدة جداً ، ولكن أعتقد أنه من غير الممكن أن نفسر القرآن دون الرجوع إلى أقوال من سبقونا ، لا سيما وأن التفسير يقوم فى جانب كبير منه على المأثور ، فكثير من آيات القرآن قد فسرها الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ، كما أن الكثير من مفردات القرآن وألفاظه لا يمكن لنا أن نفهمها وحدنا دون الرجوع إلى لغة العرب وأشعارهم ، وأعتقد أنك تعلم – على سبيل المثال - بمسائل ابن الأزرق لإبن عباس رضى الله عنهما ، وتعلم كذلك أن الشعر هو ديوان العرب
فكيف نغض الطرف عن هذا كله ( التفسير بالمأثور ، والتفسير باللغة والشعر ) وننطلق من تلقاء أنفسنا فى تفسير القرآن لا نلوى على شىء
فالتفسير أخى الحبيب – كما تعلم - علم له أصوله وقواعده ، ومن ترك الأصول فلن يستطيع الوصول !!
بل إن هذه المقولة يمكن أن تنطبق على كاتب هذه السطور، فربما ما كنتُ وصلتُ إلى التفسير الإعجازى لهذه الآية الكريمة لولا أننى اطلعتُ على الإشكالات العديدة التى ذكرها المفسرون من قبلى ، واطمئن أخى ، فالعقل البشرى – معجزة الخالق العظيم – يستطيع أن يُغَربِل الأقوال والآراء المتباينة للمفسرين ، وأن يصطفى منها ما يراه مناسبا ، ويستبعد البعض منها دون أن يتأثر بها إلى الحد الذى تخشاه

أما بخصوص سؤالك فأحييك عليه ، فإنه سؤال وجيه وفى محله تماما ، وسوف أوافيك بالجواب عنه من خلال عرضى لعقيدة تلك الفرقة اليهودية التى أنكرت وحى الله تعالى إلى الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى وفتاه " يوشع بن نون " عليهما السلام
وتقبل تحيات أخيك

 
إذن معنى اعتقادهم على تفسيرك : أن الله أنزل كتابا على موسى ،ولم ينزل شيئا على بشر من بعد موسى ، وهنا لايكون تفنيد كلامهم بالسؤال : مَن أَنزَلَ الكتَابَ الذى جَآءَ بِهِ مُوسَى ، .....

حياكم الله أخى مصطفى ، وعليكم السلام ورحمة الله
أُقدّر وجهة نظرك وأحترمها ، لكن استبعادك أن يكون اليهود هم المعنيين بالخطاب ، فهذا ما أخالفك فيه تماماً لأسباب كثيرة سبق بيان بعضها بالتفصيل ، ولكنى لا أفرض رأيى عليك ، بالرغم من أنه ليس رأيى وحدى ، وإنما هو رأى جمهور المفسرين كما قال بذلك العديد من العلماء
كما أنه كذلك رأى بعض السلف الصالح كما أفادت بعض الروايات الواردة عنهم
ثم إنه هو الرأى الذى ينسجم مع التركيب البيانى واللغوى للآية ومع قراءة الأفعال الواردة فيها بـ ( تاء المضارعة ) : ( تجعلونه ، تبدونها ، تخفون ، وعُلمتم ، تعلمون ) وبضمير المخاطب : ( أنتم ، أباؤكم )
أما على قولك فالأنسب هو الأخذ بالقراءة الأقل شيوعا والتى تقرأ تلك الأفعال بـ ( ياء المضارعة ) : يجعلونه ، يبدونها ، . . . الخ
وأعلم أخى أن أكثر المفسرين قد جعلوا الخطاب في " وَعُلّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ ءابَاؤُكُمْ " لليهود ، والذي علموه هو الذي أخبرهم به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الأمور التي أوحى الله إليه بها ، فإنها اشتملت على ما لم يعلموه من كتبهم، ولا على لسان أنبيائهم، ولا علمه آباؤهم
ولا يمكن أن يكون الخطاب هنا بالذات للمشركين ، لأنهم رفضوا تعاليم محمد صلى الله عليه وسلم ولم يؤمنوا بها

وأما قولك بأن تفنيد الله تعالى لقولهم لا يتناسب مع إعتقادهم المذكور فأقول :
بل تجده مناسبا جدا - أخى الكريم - إذا وضعت فى إعتبارك أمراً هاما للغاية ، هو أن تلك الفرقة اليهودية لم تكن على بينة من أن كتاب موسى قد نزل عليه بطريق الوحى من السماء ، بل كانوا يظنون أن موسى قد تلقاه مكتوبا بإصبع الله سبحانه ، فالقرآن هنا يصحح لهم إعتقادهم هذا فيُنبئهم بأن الله قد أنزل الكتاب على موسى عليه السلام بنفس الكيفية التى أنزل بها القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ، ومن هنا جاء قوله تعالى : " قل الله " مصححا لإعتقادهم هذا ، ومُثبتا نزول الكتاب على موسى تنزيلا ، لا جملة واحدة
فأنظر أخى الكريم كيف تنسجم أجزاء الآية مع بعضها البعض !!
وكلامى هذا فيه الرد كذلك على الإحتمال الثانى الوارد فى كلامك ، والذى قلتَ فيه أن اليهود لم ينكروا إنزال التوراة على موسى

وأما كلامك عن أن بعض العرب كان يطمع فى أن يستأثر بوحى السماء ، فأقول :
هذا شىء ، والإعتقاد الذى تشير إليه الآية شىء مختلف تماما
ومن الملاحظ أن تفسيرك لقوله تعالى : " ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدرِه " قد جمع بين المتناقضات التى لا يمكن الجمع بينها ، وأنظر مثلا إلى قولك فى البند الثانى ، وكيف أنه يتناقض مع قولك فى البند الرابع ، إذ كيف يطمع بعضهم فى نزول الوحى عليه ، وفى الوقت نفسه يؤمن بأن الوحى لا يكون للبشر وإنما للملائكة ؟!!
أما عن تفرقتك بين " كتاب موسى " و " التوراة "فأقول :
إن من إعجاز القرآن الكريم فى هذه الآية أنه إستعمل تعبير " الكِتَابَ الَّذى جَآءَ بِه ِمُوسَى " على وجه الخصوص !!
هل تدرى أخى لماذا أقول ذلك ؟
السبب هو أن تلك الفرقة اليهودية التى تخاطبها الآية الكريمة لم تكن تؤمن من التوراة كلها إلا بكتاب موسى فقط لا غير ، أى بأسفار موسى الخمسة وحدها ، وترفض ما عداها من الأسفار الكثيرة التى وردت بعدها
أرأيت أخى الكريم إلى إعجاز القرآن العظيم !!!
وسوف أزيدك بيانا حول هذه المسألة فيما سيلى من مشاركات إن شاء الله
وأيضا أعلق على قول الشعراوى الذى نقلته : لا بد أن يكون القائلون هذا يؤمنون بأن موسى نُزَّل عليه كتاب لتكون الحُجَّة في موضعها. وكُفار مكة كانوا غير مؤمنين بأي رسول
لو كان الأمر كذلك يكونون كاذبين أو متعمدي الكذب فى قولهم
مَآأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ " ، وهذا -وإن صح – ليس المقصود فى الآية أن تبين كذبهم ،إذ أنها تتكلم عن معتقدهم وفى عدم تقديرهم لله حق قدره
هذا كلام جميل جدا ، إذن أنت هنا توافقنى الرأى فى أن الآية تحكى معتقدهم الحقيقى ، فهذا هو ما أحاول إبرازه وبيانه منذ مشاركتى الإفتتاحية فى هذا الموضوع ، ففيما الإختلاف بيننا إذاً ؟
الإختلاف الوحيد هو أنك لم تقرأ بعد شرحى للآية على ضوء علم مقارنة الأديان ، والذى منه سوف يتبين لك أن هناك فرقة يهودية قديمة كان هذا هو معتقدها الحقيقى بالفعل
ومن هنا أدعوك أخى إلى التريث وإنتظار ما سوف أكشف النقاب عنه فى المشاركات التالية إن شاء الله
وتقبل تحياتى أخى الكريم
 
لا أرى اي اشكال في الآية فواضح جدا أن المقصود هم اليهود ، وهم معروفون أنهم يمارسون طقوسهم الدينية في حيز مغلق وليس غريبا عليهم أنهم يخفون ما يعلمون ...
 
السلام عليكم
بالاضافة إلى ماقال الأخ الغامدى من نظر فى الاحتمالات التى تحتملها الآية فإنى أضيف شيئا لفهم آية وهو : ماعلاقة الآية بالواقع الآن ؟؛ هذا اضافة مما هو معلوم من قواعد التفسير من علاقة الآية بما قبلها وما بعدها ، وعلاقتها بموضوع السورة ككل .... الخ
وفى هذه الآية نجد أنها معطوفة على موضع قبلها
والموضع قبلها "أولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ" .... وهذا يجعل الأمر واضح أن هؤلاء الذين كفروا بالنبوة والرسالة هم المقصودون فى الآية موضوع البحث ولاشك ...
إن الآية تتكلم عن طائفة من الكافرين بالرسالة فى الآية قبلها يمثلون نموذجا لهذه العقيدة التى قد توجد فى أى زمان .
إن المذكورون فى الآية هم من فى الآية قبلها وهم حاضرون من بداية السورة
كذبوا بالحق لما جاءهم .... آية 5
طلبوا ملكا ينزل دليلا على هذا الحق ....آية 8
أنكروا البعث .... آية 29
طلبوا آيات دليلا على هذا الحق ..... آية 37
استعجلوا العذاب ....آية 58
.... الخ
وقولى أن اليهود ليسوا هم المقصودون حصرا بعد هذا الفهم لدلالة النص يؤدى إلى أمرين
فهم متناسق للسورة ، وعدم جعل هذه الآية كجزيرة منعزلة تخص طائفة قليلة لم يُذكروا من قبل ولامن بعد؛
ثم عدم الركون إلى أن الأمر يخص اليهود ولاشأن لنا .... فنجمد الآية بلا تفعيل فى الواقع .،
....
ثم إنّى أرد على القول بأن تاء المضارعة فى الآية دليل على أنهم اليهود ، فأقول
هذا غير صحيح
لأن هذه هى الصيغة التى يفند بها الرسول قولهم ... أى هذا خطاب الرسول لكل من يقول " ماأنزل الله على بشر من شيء " ، بدليل أن الآية بدأت بالكلام عن غائبين " وماقدروا الله حق قدره ..." ثم وجهت الرسول عليه السلام كيف يرد عليهم بخطاب منه لهم بـ ( تاء المضارعة ) : ( تجعلونه ، تبدونها ، تخفون ، وعُلمتم ، تعلمون ) وبضمير المخاطب : ( أنتم ، أباؤكم ) ؛ ثم عادت للكلام عن غائبين " ذرهم فى خوضهم يلعبون "،
فلا حجة بوجود تاء المضارعة بأن الخطاب لليهود .

ثم هناك ملاحظة هامة ... ألا وهى أن القائلون بأن المذكورون فى الآية هم اليهود بنوا قولهم على ذكر كتاب موسى ، ونسوا أنه عطف عليه فى الآية التالية " وهذا كتاب أنزلناه مبارك " أى أن هذا دخل فى الاحتجاج عليهم ويكون المعنى كله : كيف تنكرون الرسالة وانزال كُتب على رسل وقد أنزل كتاب على موسى نورا وهدى للناس ،وهذا كتاب - القرآن - أنزلناه مبارك.
الخلاصة : من تنطبق عليه مقدمة الآية ... سواء كان من اليهود أو غيرهم ... يُحاجج من الرسول ومن دعى بدعوته " من أنزل الكتاب الذى ...."

والله أعلم
 
القرآن حمال أوجه وهو لكل زمان ومكان ولو انقرض من خاطبتهم الاية كالامم البائدة يبقى الخطاب متجددا لمن لف لفهم من المعاصرين من الطواغيت والظالمين ، ولكن المقصود الخطاب الاصلي في الآية لمن كان ؟ اعتقد ان نفي كونه كان موجها لليهود يلزم ان تكون قريش تحتفظ بالتوراة في قراطيس يخفونها ويبدون كثيرا.

في ظني ان اختلاف التاء والياء تبعا للخطاب فالله سبحانه وتعالى يوجه نبيه بصيغة ما يقوله فكانت تلك الصيغة بالتاء وكأنها على لسان النبي صلى الله عليه وسلم فكأن المعنى
لو قلت لك : اسأل ابنك الغائب عن الدرس ( اين كنت تلعب حين اتى وقت درسك ؟) سيجيبك بأنه كان في المنزل
هذه الصورة في الجملة الآنفة الذكر شبيهة من حيث الخطاب لمدلول الآية والخطاب فيها وبالتالي فالسياق دوما يدل على انها موجهة في الاصل لليهود لان الضمير عائد من اول الاية الى اخرها على نفس القوم ولو اختلف الظمير
وجميل جدا اثراء المبحث بالنقاش بهذه الصورة فبوركتم جميعا
والله اعلم وصلى الله سيدنا محمد
 
لا أرى اي اشكال في الآية فواضح جدا أن المقصود هم اليهود ...
هذا كلام جميل جدا ، أعنى قولكِ : واضح جدا أن المقصود هم اليهود
لكن كونكِ - مع هذا الوضوح الشديد - لا ترين أى إشكال فى الآية – بعد كل الذى قلناه – فإن ذلك هو الشىء غير الواضح بالمرة !!!
وأشكركِ على المشاركة أختنا الفاضلة

 
السلام عليكم .... وفى هذه الآية نجد أنها معطوفة على موضع قبلها
والموضع قبلها "أولَٰئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ۚ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ" .... وهذا يجعل الأمر واضح أن هؤلاء الذين كفروا بالنبوة والرسالة هم المقصودون فى الآية موضوع البحث ولاشك ...
إن الآية تتكلم عن طائفة من الكافرين بالرسالة فى الآية قبلها يمثلون نموذجا لهذه العقيدة التى قد توجد فى أى زمان .
إن المذكورون فى الآية هم من فى الآية قبلها وهم حاضرون من بداية السورة
وعليكم السلام ورحمة الله
سؤال يا أخى مصطفى لو سمحت :
لماذا أخترت أن يكون الموضع الذى عُطِفَت عليه الآية هو الذى ذكرته ، ولم تختر موضعاً آخر هو أقرب إليها منه فى المعنى، وذلك هو قوله تعالى قبل الآية :
{ أولئك الّذين آتيناهم الكتاب } - الأنعام 89
وفى هذا يقول ابن عاشور رحمه الله فى تفسيره :
" وقد جاءت هذه الآية ( الأنعام / 91 ) في هذا الموقع كالنتيجة لما قبلها من ذكر الأنبياء وما جاءوا به من الهدى والشّرائع والكتب "
كما قال فى موضع آخر : " وعليه يكون وقع هذه الآيات في هذا الموقع لمناسبة قوله : " أولئك الّذين آتيناهم الكتاب "
ثم هناك ملاحظة هامة ... ألا وهى أن القائلون بأن المذكورون فى الآية هم اليهود بنوا قولهم على ذكر كتاب موسى
هذا غير صحيح يا أخى ، لأنهم لم يبنوا قولهم على ذكر كتاب موسى فحسب ، وإنما على ما أعقبه كذلك من كلام جاء بصيغة الخطاب المباشر ، أى على قوله تعالى :
[FONT=&quot]" قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ[/FONT][FONT=&quot] الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ [/FONT][FONT=&quot]تَجْعَلُونَهُ[/FONT][FONT=&quot] قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ [/FONT][FONT=&quot]تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ "
[/FONT]
 
اعتقد ان نفي كونه كان موجها لليهود يلزم ان تكون قريش تحتفظ بالتوراة في قراطيس يخفونها ويبدون كثيرا.
بارك الله فيك أخى عدنان
الحق ما قلتَ ، فالإحتمال الذى ذكرته بعيد جدا ، إن لم يكن مستحيلاً ، أو فى حكم المحال
وعليه يبقى أن الخطاب فى الآية مُوجّهاً لليهود بلا ريب

وبعد هذه الردود السريعة على الإخوة المشاركين بارك الله فيهم جميعا ، لم يبق إلا أن أعرض للوجه الإعجازى فى تفسير الآية الكريمة
فانتظرونى قريبا جدا : مساء اليوم أو غدا على أقصى تقدير إن شاء الله
 
السلام عليكم
سؤال يا أخى مصطفى لو سمحت :
لماذا أخترت أن يكون الموضع الذى عُطِفَت عليه الآية هو الذى ذكرته ، ولم تختر موضعاً آخر هو أقرب إليها منه فى المعنى، وذلك هو قوله تعالى قبل الآية :
{ أولئك الّذين آتيناهم الكتاب } - الأنعام 89
وفى هذا يقول ابن عاشور رحمه الله فى تفسيره :
" وقد جاءت هذه الآية ( الأنعام / 91 ) في هذا الموقع كالنتيجة لما قبلها من ذكر الأنبياء وما جاءوا به من الهدى والشّرائع والكتب "
كما قال فى موضع آخر : " وعليه يكون وقع هذه الآيات في هذا الموقع لمناسبة قوله : " أولئك الّذين آتيناهم الكتاب "
لاأوافقك الرأى ،وأجيب سؤالك
اخترت أنها عُطفت على " يكفر بها هؤلاء "، ولم أختر عطفها على " أولئك الذين آتيناهم الكتاب " لأن " أولئك الذين " تشير إلى ثمانية عشر رسول وآبائهم واخوانهم وذرياتهم ممن اجتبى الله وهدى الله إلى صراط مستقيم ؛ فكيف يكونوا " وماقدروا الله حق قدره "؟!!!!!! خاصة وقد ذكر فى السياق آخرون " فإن يكفر بها هؤلاء "
هذا غير صحيح يا أخى ، لأنهم لم يبنوا قولهم على ذكر كتاب موسى فحسب ، وإنما على ما أعقبه كذلك من كلام جاء بصيغة الخطاب المباشر ، أى على قوله تعالى :
[FONT="]" قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ[/FONT][/COLOR][/B][B][COLOR=#003300][FONT="] الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ [/FONT][FONT="]تَجْعَلُونَهُ[/FONT][/COLOR][/B][B][COLOR=#003300][FONT="] قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ [/FONT][FONT="]تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ "[/FONT]
ودليلهم هذا ضعيف جدا ... لأن تاء المخاطبة فى الآية هى للمخاطبين من الرسول ولاتحدد هويتهم . لكن دليلهم الأصلى ذكر كناب موسى فقالوا إذم الخطاب لليهود .
وأنا لم أمنع كون اليهود مخاطبين ، لكنى أردت أن أقول أن كل من قال بما فى صدر الآية يكون الرد عليه نفس الرد ، وإلا فإنى أسأل لو أن رجلا من مشركى قريش تبين لمسلم أنه لايقدر الله حق قدره إذ أنه يقول : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فبماذا يرد المسلم عليه ؟
وعلى كل حال
نننظر قبل الوجه الاعجازى ... معلومات عن طائفة اليهود التى قالت لم ينزل كتاب من بعد موسى ، وكيف كانت الآية خطابا لهم ؟
حياك الله
 
لاأوافقك الرأى ، وأجيب سؤالك
اخترت أنها عُطفت على " يكفر بها هؤلاء "، ولم أختر عطفها على " أولئك الذين آتيناهم الكتاب " لأن " أولئك الذين " تشير إلى ثمانية عشر رسول وآبائهم واخوانهم وذرياتهم ممن اجتبى الله وهدى الله إلى صراط مستقيم ؛ فكيف يكونوا " وماقدروا الله حق قدره "؟!!!!!! خاصة وقد ذكر فى السياق آخرون " فإن يكفر بها هؤلاء "
أخى مصطفى ، أرجو أن تفهمنى لمرة واحدة ، ولآ أريد أن يتحول النقاش المثمر إلى ساحة مراء وجدال ينتصر فيها كل منا لرأيه بأى ثمن
أنا لم أقل أبدا أن الواو هنا للعطف ، أنت الذى تقول ذلك
أما ما أراه ، ويراه معى فريق كبير من علماء اللغة وواضعى المعاجم المتخصصة فى حروف المعانى أن الواو هنا للإستئناف وليست للعطف ، هذا أولاً
أما ثانياً : حتى لو كانت الواو هنا عاطفة كما تقول ، فما أدراك من هم تحديداً المشار إليهم بلفظة ( هؤلاء ) ؟!
ولماذا جزمت بأنهم مشركو قريش ؟!
لا يوجد دليل واحد يحدد هويتهم هذه على وجه القطع
بل وأكثر من هذا : يحتمل جدا – وهذا ما أميل إليه – أن الإشارة فى تلك الحالة ( أى حالة العطف ) موجهة إلى أتباع تلك الفرقة اليهودية التى أنكرت وحى الله إلى البشر من بعد موسى
والدليل موجود هذه المرة ، هل تعلم ما هو ؟
الدليل هو أن من بين الثمانية عشر نبياً ورسولا الذين وردت اسماؤهم فى الآيات التى قبلها يوجد أكثر من عشرة منهم لا يؤمن بهم أتباع تلك الفرقة اليهودية ، أى أنهم يكفرون بكتبهم وبحكمهم وبنبوتهم كما قالت الآية بالنص ، وهذا نصها :
" [FONT=&quot]أُولَئِكَ الَّذِينَ [/FONT][FONT=&quot]آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا[/FONT][FONT=&quot] بِكَافِرِينَ[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT]

ودليلهم هذا ضعيف جدا ... لأن تاء المخاطبة فى الآية هى للمخاطبين من الرسول ولاتحدد هويتهم .
سبحان الله !!
يا أخى الفاضل ، دعك من تاء المخاطبة هذه وأنظر فى معنى الكلام ككل
فالآية تقول : "[FONT=&quot]تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا[/FONT][FONT=&quot] "[/FONT]
فمن تراهم الأولى والأقرب إلى هذا الوصف ؟؟
من الذين تنطبق عليهم تلك الصفات أكثر من سواهم ؟؟
هذا هو ما أردت قوله ، فلماذا لا تفهمنى يا أخى ؟! ، سامحك الله
وأنا لم أمنع كون اليهود مخاطبين ، لكنى أردت أن أقول أن كل من قال بما فى صدر الآية يكون الرد عليه نفس الرد ، وإلا فإنى أسأل لو أن رجلا من مشركى قريش تبين لمسلم أنه لا يقدر الله حق قدره إذ أنه يقول : ما أنزل الله على بشر من شيء ، فبماذا يرد المسلم عليه ؟
لا يا أخى ، إن هذا الرد لا يصلح – كما تظن – لكل طائفة أو لكل مذهب وملة ، وإنما هو خطاب مخصوص لطائفة محددة ، طائفة من خصائصها أنها :
1 - أنكرت وحى الله إلى الأنبياء من بعد موسى عليه السلام
2 - جعلت التوراة فى قراطيس متفرقة فأظهرت بعضها وأخفت أكثرها
فهى طائفة محددة وموصوفة بصفات خاصة
وعلى كل حال ننتظر قبل الوجه الاعجازى ... معلومات عن طائفة اليهود التى قالت لم ينزل كتاب من بعد موسى ، وكيف كانت الآية خطابا لهم ؟
هل تتربص ببحثى قبل أن أشرع فى عرضه ؟!!
سبحان الله !!
لو كنتَ تريد الإنتظار لأنتظرت بالفعل ، ولكن . . . .
يؤسفنى أن أقول : لا تنتظرنى يا أخى ، فلن أكتب شيئا الآن حتى تهدأ النفوس ، لأنى لا أستطيع أن أكتب حرفا واحدا فى مناخ يسوده التربص والنقد لمجرد النقض
حياك الله
وحياكم الله
 
أعتذر للإخوة والأخوات عن تكملة الموضوع فى الوقت الحاضر
وسوف أستكمله لاحقاً فيما بعد حين ييسر الله ويأذن بذلك
والسلام عليكم ورحمة الله
 
السلام عليكم
أعتذر عما وصل إليه النقاش .... لقد كنا منذ يوم نمتدح ثرائه
فعل ذلك الأخ الغامدى
ويبدو أننى أفت هذا الثراء فمعذرة
إلا أنه يجب أن ألخص وجهة نظرى
1- المقصودون فى الآية هم أصحاب واو الفاعل فى قوله تعالى " وما قدروا .... إذ قالوا.." لاشك فى هذا
2- هؤلاء إما أنهم من تتكلم السورة عنهم من بدايتها " .... ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " الأنعام 1 ، وحضروا فى أخذ ورد ...، والسورة تقيم الحجة عليهم وتفند أدلتهم
3 - يجوز أن تحتج على كافر بانزال التوراة ، كما تحتج على رجل بوذى - مثلا - بأن الله قادر على خلق ذكر بغير أب كما خلق عيسى المسيح عليه السلام .
4- من يجعل التوراة قراطيس ... قد يكون منهم غير اليهود
5- كان من العرب من يقرأ التوراة كورقة بن نوفل
6 - الكهان والكهنوت... اصطلاح عند أهل الكتاب ... كذلك كانوا عند العرب يسيطرون على الناس بكتب وقراطيس ينسبوها للنجوم وما شابه أو للحكماء من القدماء كموسى بنى اسرائيل .. ، وهكذا التوراة حاضرة أيضا دون حضور اليهود ... ولكنه الكتاب الذى جاء به موسى ،ولم يذكر اسمه (التوراة )، وعلموا منه بدون بحث منهم معلومات كثيرة عن الخلق والتكوين والسماء والنجوم والأمم السابقة ...الخ
والله أعلم
 
لازال النقاش ثريا وألتمس العذر للأخ العليمي فاخينا مصطفى مصر على اقتحام السور والباب امامه مفتوح :) ولكن يا أخي العليمي ليس بهذه الحدة فلا يجب ان يقتنع الجميع بما يقال وللاخ مصطفى نظرة وجيهة من زاوية رؤيته نحترمها ولو اختلفنا معها ، وانا اتفق مع ماذهب اليه العليمي واعتقد انه لم يكن يلزمه كل هذا التكلف ولكن الرجل اجتهد في تثبيت ما اضطربت نفسه امامه وهذا حقه وجهد مثمن ، فأختم باستدعاء الهدوء والحلم والروية فينا جميعا في هذا الموضع وغيره والتماس العذر وتفادي الحدة في اللفظ بين الاخوة او التعريض بتسفيه الرأي وانا اول من يوصى بذلك ، يسر الله لنا ولكم فهم كتابه وفتح علينا وعليكم بفتحه ووفقنا بتوفيقه وضاعف لنا ولكم الاجر اضعافا والسلام عليكم
 
السلام عليكم
أعتذر عما وصل إليه النقاش .... لقد كنا منذ يوم نمتدح ثرائه
فعل ذلك الأخ الغامدى ، ويبدو أننى أفسدت هذا الثراء فمعذرة
إلا أنه يجب أن ألخص وجهة نظرى
1- المقصودون فى الآية هم أصحاب واو الفاعل فى قوله تعالى " وما قدروا .... إذ قالوا.." لاشك فى هذا
2- هؤلاء إما أنهم من تتكلم السورة عنهم من بدايتها " .... ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " الأنعام 1 ، وحضروا فى أخذ ورد ...، والسورة تقيم الحجة عليهم وتفند أدلتهم
أخى الكريم الأستاذ مصطفى
عفا الله عما سلف ، وغفر لنا ولكم
وأعلم أخى مصطفى أنى لا أكتفى بمسامحتك وحسب ، بل إننى أتوجه إليك بالشكر أيضا
لا تعجب أخى الكريم مما أقول ، فأنت حقاً تستحق منى الشكر لأنك نبهتنى إلى أمر هام للغاية ، هذا الأمر رأيتُ أنه يدعم بحثى ويقويه ، وذلك حين تحدثت عن مرجع الضمير الذى تنعطف عليه عبارة : " وما قدروا "
فمن ذلك قولك :
إن المذكورين فى الآية هم مَن فى الآية قبلها ، وهم حاضرون من بداية السورة :
كذبوا بالحق لما جاءهم .... آية 5
طلبوا ملكا ينزل دليلا على هذا الحق ....آية 8
أنكروا البعث .... آية 29
طلبوا آيات دليلا على هذا الحق ..... آية 37
استعجلوا العذاب ....آية 58
. . . . الخ
هذا الفهم لدلالة النص يؤدى إلى . . . عدم جعل هذه
الآية كجزيرة منعزلة تخص طائفة قليلة لم يُذكروا من قبل ولامن بعد
وأقول : بالرغم من أنه لا توجد ضرورة قصوى لعطف هذه الآية على آية سابقة ، لأن الواو هنا فى رأى بعض المفسرين استئنافية وليست عاطفة ، أى أنها تستأنف كلاما جديدا مستقلاً عما سبقه
أقول : بالرغم من ذلك فإن كلامك هذا قد حفزنى لأن أبحث فى السورة عن إشارة قريبة إلى تلك الطائفة اليهودية بحيث يمكن عطف الآية 91 عليها
وبعد أن أجلت البصر فى أنحاء السورة بحثا عن تلك الإشارة ، وقع نظرى على آية تصلح أن تكون هى ضالتنا المنشودة ، وهى فى نفس الوقت تعتبر أقرب إلى الأية 91 من الآيات التى ذكرتها لنا ، لأنها تأخذ الرقم 70 ، بينما ما استشهدت أنت به من آيات كان معظمها يقع فى الثلث الأول من السورة ، وإليك موضع الشاهد فى الآية :
[FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا [/FONT][FONT=&quot]دِينَهُمْ [/FONT][FONT=&quot]لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا[/FONT][FONT=&quot]" – الأنعام / 70[/FONT]
وفى هوية هؤلاء الذين تشير إليهم الآية ، وجدتُ ابن الجوزى رحمه الله يقول :
" قوله تعالى: { وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً } فيهم قولان : أحدهما : أنها الكفار. والثاني : اليهود والنصارى ".
كما أن ابن عاشور رحمه الله قال فيها:
والذين اتَّخذوا دينهم لعباً ولهواً فريق عُرفوا بحال هذه الصلة واختصّت بهم ، فهم غير المراد من الذين يخوضون في الآيات( المذكورين فى الآية 68 )
وهذا يعنى أنه منذ الآية 70 تبدأ السورة فى الحديث عن طائفة جديدة غير التى ذَكَرَتهم من قبل
كما أن بعض المفسرين قد ذكروا أن من معانى هذه الآية ما ذكره الفراء رحمه الله بقوله :
" أنه لا يوجد قوم ( سواء من المشركين أو من أهل الكتاب ) إلا ولهم عيد يلهون ويلعبون فيه إلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن أعيادهم صلاة وتكبير وبر وخير "
من الواضح إذن أن من الجائز جدا أن الآية تشير إلى طائفة من أهل الكتاب ، ومنهم اليهود بطبيعة الحال
ولا تحسبن أن هذه الآية بعيدة عن الآية 91 التى نبحثها ، لأنه إذا كانت توجد عشرون آية ما بين الآية 70 والآية 91 ، فإن سبع عشرة آية من العشرين نجدها مخصصة بالكامل لحلقة من قصة إبراهيم عليه السلام مع التعقيب عليها ، و بمجرد أن انتهى التعقيب على القصة وردت على الفور الآية 91 التى هى محل بحثنا
وهنا يجب ألا نغفل عن أن قصة الخليل إبراهيم عليه السلام هى من القصص التى يهتم بها كثيراً أهل الكتاب ، وبخاصة اليهود الذين كانوا يفتخرون ويتباهون بأنهم " أبناء إبراهيم "
ويطيب لى فى هذا المقام أن أضيف شيئا جديدا يتعلق بمناسبة هذه القصة للسياق الذى وردت فيه ، فأقول :
إن سورة الأنعام قد اختارت من سيرة إبراهيم عليه السلام حلقة بعينها تُمثّل أهمية كبيرة وخاصة لتلك الطائفة اليهودية بالذات ، بإعتبار أن المنتمين إلى تلك الطائفة كانوا مهتمين جدا بعلوم الفلك وبعلم النجوم ، وأنهم كانوا يستعملونه فى السحر كما سنعرف لاحقا بالتفصيل
والحلقة التى تقصها علينا سورة الأنعام من سيرة إبراهيم عليه السلام تُرَكّز جدا على تأملاته فى ملكوت السموات ، وكيف أنه أفاد إبراهيم عليه السلام فى التوصل إلى وحدانية الله ، أى أنه إستخدم علمه الفلكى هذا فيما يفيد ، وليس فى السحر والتنجيم كدأب هؤلاء القوم ، وبذلك تبدو القصة وكأنها مسوقة لهم خصيصا بغرض العظة والإعتبار والتوجيه !!
وعلى هذا فالسياق كله يؤكد أن تلك الطائفة اليهودية هى المعنية بالخطاب فى الآية 91 ، وسبحان الله العظيم !!!!
أرأيت أخى مصطفى كيف أنك قد أفدتنى بتعليقاتك المثمرة ؟! ، فجزاك الله خيرا
أما الذى سبّب لى بعض الضيق فى حديثك فكان جدالك لى فى أمر آخر إعتبرته أنا شديد الوضوح ولا يحتاج إلى توضيح
ولكن لنضرب صفحا عن ذكر الخلافات السابقة ، ولنبدأ معا صفحة جديدة ملؤها الود والتفاهم ، وتقبل منى أطيب التحيات أخى العزيز
ملحوظة : سوف أستأنف حديثى فى القريب العاجل إن شاء الله نظراً لأمور عارضة تشغلنى الآن ، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
 
[FONT=&quot]تلخيص ما سبق ، و حل الإشكال

[/FONT]
[FONT=&quot]التلخيص[/FONT][FONT=&quot] :
[/FONT]
[FONT=&quot] 1 – الذين تعنيهم الآية 91 من سورة الأنعام هم من اليهود كما قال جمهور المفسرين ، وهم من المؤمنين بأن موسى عليه السلام جاء بكتاب من عند الله[/FONT]
[FONT=&quot]2 – لكن الآية تفيد بأن هؤلاء ينكرون وحى الله تعالى إلى الأنبياء من البشر ، بينما اليهود لا ينكرون ذلك ، بل إن توراتهم تحفل بالكثير من أسفار الأنبياء[/FONT]
[FONT=&quot]فكيف نوفق بين هذين الأمرين ؟!![/FONT]
[FONT=&quot]الحـــل[/FONT][FONT=&quot] :

[/FONT]
[FONT=&quot]الذين تعنيهم الآية هم فرقة خاصة من اليهود أنكرت وحى الله إلى الأنبياء من بعد موسى عليه السلام ، كما أنكرت أسفارهم ولم تعترف بها كوحى إلهى ، وموسى عندهم أسمى من البشر العاديين ، وربما لهذا قالوا : " ما أنزل الله على بشر من شىء " فى تلميح منهم إلى أن موسى عليه السلام لا يُقَارن ببقية البشر ، وسوف نُلقى مزيداً من الضوء على هذا الأمر فى البند ( ثانياً ) مما سيلى ذكره بعد قليل [/FONT]
[FONT=&quot]والسؤال الآن : مَن تكون هذه الفرقة ؟![/FONT]
[FONT=&quot]والجواب فيما ترجح عندى والله أعلم : هى فرقة السامريين ، أو يهود السامرة ، الذين يعتبرون من أقدم الفرق اليهودية المعروفة فى التاريخ اليهودى[/FONT]
[FONT=&quot]فما هى عقيدة السامريين ؟ ، وبماذا يفترقون عن عامة اليهود ؟

[/FONT]
[FONT=&quot]أولا : عقيدة السامريين[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT]
[FONT=&quot]قال [/FONT][FONT=&quot]ابن حزم [/FONT][FONT=&quot]في كتابه[/FONT][FONT=&quot]" الملل والأهواء والنح[/FONT][FONT=&quot]ل " [/FONT][FONT=&quot]:[/FONT]
[FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]فأم[/FONT][FONT=&quot]ا [/FONT][FONT=&quot]اليهود فإنهم قد افترقوا على خمس فرق وهي : 1 - السامرية . . . و[/FONT][FONT=&quot]هم[/FONT][FONT=&quot] يبطلون كل نبوة كانت في بني إسرائيل بعد موسى[/FONT][FONT=&quot] ويوشع فيكذبون بنبوة[/FONT][FONT=&quot] شمعون وداوود وسليمان وأشعيا وأليسع والياس وعاموص وحبقوق وزكريا وأرميا وغيرهم،[/FONT][FONT=&quot] ولا يقرون بالبعث البتة "[/FONT]
[FONT=&quot]وقال الشهرستاني فى كتابه الملل والنحل[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT]
[FONT=&quot]" [/FONT][FONT=&quot]إن السامريين قد اثبتوا نبوة موسى وهارون ويوشع بن نون عليهم السلام ،[/FONT][FONT=&quot] وأنكروا نبوة من[/FONT][FONT=&quot] بعدهم[/FONT][FONT=&quot] إلا نبيا واحدا ، وقالوا : إن التوراة ما بشرت إلا بنبي واحد بعد [/FONT][FONT=&quot]موسى يصدق ما بين يديه من التوراة ويحكم بحكمها ولا يخالفها البتة "[/FONT]
[FONT=&quot]أما الأستاذ الدكتور حسن ظاظا ، وهو أستاذ أكاديمى من كبار المتخصصين فى اللغة العبرية والتراث الدينى اليهودى ، ففى الفصل السادس من كتابه " الفكر الدينى اليهودى " ، والمعنون بـ " المذاهب والفرق اليهودية " قال ما يلى :[/FONT]
[FONT=&quot]1 – السامريون[/FONT][FONT=&quot] : [/FONT][FONT=&quot]هذه الفرقة الصغيرة الفقيرة التى لا يزيد أبناؤها ( حالياً ) على وجه هذه الأرض عن بضع مئات من الأنفس ، تعيش بجوار مدينة نابلس العربية بفلسطين . . . وهم ينتسبون إلى مدينة السامرة القديمة والتى كانت عاصمة مملكة إسرائيل المنشقة على عرش سليمان عليه السلام بعد وفاته . . . وعقيدة السامريين تتلخص فى النقاط الآتية :[/FONT]
[FONT=&quot]( أ ) الإيمان بإله واحد ، وأن هذا الإله روحانى بحت[/FONT]
[FONT=&quot]( ب ) الإيمان بأن موسى رسول الله ، وأنه خاتم رسله ، [/FONT][FONT=&quot]ولا إيمان بغيره من الأنبياء[/FONT]
[FONT=&quot]( ج ) الإيمان بتوراة موسى وتقديسها ، [/FONT][FONT=&quot]وعدم قبول كتب العهد القديم الأخرى [/FONT]
[FONT=&quot]( د ) الإيمان بأن جبل " جرزيم " المجاور لـ " نابلس " هو المكان المقدس الحقيقى والقبلة الحقيقية الوحيدة لبنى اسرائيل[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يقول : " [/FONT][FONT=&quot]وقد ترتب على أركان الإيمان هذه أنهم [/FONT][FONT=&quot]لا يؤمنون[/FONT][FONT=&quot] بنبوة الأنبياء الذين جاءت أسفارهم بعد توراة موسى فى العهد القديم. ويعتبرون كل هذه النصوص من صنع البشر ، وأنها من عمل قوم ضالين مضللين ، ولا يستثنون من ذلك إلا يوشع بن نون الذى يأتى سفره بعد توراة موسى مباشرة ، لأن التوراة نفسها تشير إلى أن يوشع كان صاحب موسى وخادمه ( وهو فى القرآن : فتاه ) وأن موسى عهد إليه بالخلافة من بعده ، وأنه هو الذى عبر الأردن بأول موجة من بنى إسرائيل تدخل فلسطين ، وبطبيعة الحال هم يرفضون بقية النصوص المقدسة اليهودية كـ المشنا والتلمود والمدراش ونحوها ، ويعتبرونها من الأعماق البعيدة فى الكفر ، والنص المقدس الذى يتعبدون به هو توراة موسى ، ويضاف إليها أحيانا سفر يوشع بن نون ، وبذلك يتآلف كتابهم المقدس من ستة أسفار فقط " . ( أنظر : د. حسن ظاظا : الفكر الدينى اليهودى – أطواره ومذاهبه ، ص : 205 – 209 )[/FONT]
[FONT=&quot]وعلى ضوء ما سبق ذكره ( من أن السامريين ينكرون نبوة الأنبياء الذين جاءوا بعد موسى كما ينكرون أسفارهم ) نستطيع أن نفهم ما يرمى إليه قوله تعالى بعد ذكره للعديد من الأنبياء فى الآيات السابقة على الآية 91 :[/FONT]
[FONT=&quot] " أُولَئِكَ الذينَ ءاتَيناهُمُ الكِتابَ والحُكمَ والنُبُوَةَ ، فإن يَكفُر بِهَا هَؤُلآءِ فَقَد وَكَّلنا بها قَوماً ليسوا بِهَا بِكافرِينَ "[/FONT]
[FONT=&quot]إذ أن من بين الثمانية عشر نبيا ورسولا الذين ذكرتهم الآيات نجد حوالى نصفهم لا يعترف السامريون بنبوتهم ولا بكتبهم ، وهم بحسب ترتيب ذكرهم فى الآيات :[/FONT]
[FONT=&quot]داود ، سليمان ، أيوب ، زكريا ، يحيى ، عيسى ، إلياس ، اليسع ، يونس ، عليهم جميعا الصلاة والسلام

[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً : غلوهم فى موسى عليه السلام[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT]
[FONT=&quot]كان السامريون يؤمنون بأن[/FONT][FONT=&quot] موسى نبي الله الأوحد وخاتم رسله[/FONT][FONT=&quot] وبأنه تجسيد للنور الإلهي والصورة الإلهية[/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]وهم لا يعترفون بداود أو سليمان عليهما السلام[/FONT]
[FONT=&quot]والدكتور سيد فرج راشد[/FONT][FONT=&quot] أستاذ اللغات السامية بكلية الآداب بجامعة الملك سعود يقول فى كتابه المتخصص " السامريون واليهود " :[/FONT]
[FONT=&quot]" يؤمن السامريون بموسى عليه السلام كنبى للرب ، [/FONT][FONT=&quot]ويعتبرونه آخر الأنبياء ، وبالتالى فهم لا يؤمنون بالأنبياء الذين جاءوا من بعده، وقد ترتب على ذلك عدم إيمانهم بأسفار هؤلاء الأنبياء[/FONT][FONT=&quot] ، ولا يستثنون من ذلك إلا يوشع بن نون "[/FONT]
[FONT=&quot]ثم يقول : ولا نكاد نجد فى الأدب السامرى مثيلا لوصف الكاتب السامرى " مرقاح " للدور الفريد الذى قام به موسى عليه السلام ، حيث جاء فى الفصل التاسع من كتاب مرقاح السادس ما نصه :[/FONT]
[FONT=&quot]" أن موسى هو النبى الذى كانت نبوته كنزا سيبقى ما بقى العالم ، هو أبو الأعاجيب وصانع المعجزات وسيد المواثيق ، [/FONT][FONT=&quot]ونور العالمين وشمس النبوة[/FONT][FONT=&quot]، [/FONT][FONT=&quot]ومثله لا يوجد نبى من الجنس البشرى كله[/FONT][FONT=&quot] ، [/FONT][FONT=&quot]إستمع إليه الأحياء وخافه الموتى وأطاعته السموات والأرض [/FONT][FONT=&quot]"[/FONT]
[FONT=&quot]ونلاحظ فى هذا المجال [/FONT][FONT=&quot]( والكلام للدكتور سيد ) أن فقرة " ومثله لا يوجد نبى من الجنس البشرى كله " التى أوردها مرقاح ربما إشتقها من فقرة سفر التثنية 34 : 10 القائلة : " ولم يقم بعد نبى فى اسرائيل مثل موسى الذى عرفه الرب وجها لوجه " . أما بالنسبة لفقرة مرقاح " وأطاعته السموات والآرض " فإن هذا المفهوم ربما اشتقه من فقرة سفر التثنية 32 :1 القائلة : " انصتى أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض أقوال فمى "[/FONT]
[FONT=&quot]
ثالثاً : اهتمامهم بعلوم الفلك ونبوغهم فيها[/FONT]
[FONT=&quot] :[/FONT]
[FONT=&quot]من المعلوم عن السامريين منذ القِدم وحتى اليوم اشتهارهم بعلوم الفلك وإستخدامها فى السحر والتنجيم ، ويعلم ذلك جيداً سكان فلسطين من مدينة نابلس والمجاورين لها[/FONT]
[FONT=&quot]و[/FONT][FONT=&quot]فى حديث أدلى به[/FONT][FONT=&quot] الكاهن حسني السامري ( 67 عاما ) لوكالة فرانس برس يقول :[/FONT]
[FONT=&quot]" توارثنا كتب الفلك [/FONT][FONT=&quot]والتنجيم [/FONT][FONT=&quot]منذ الاف السنين[/FONT][FONT=&quot] ، وآخر كتاب عندنا نستخدمه عمره نحو 450 عاما "[/FONT]
[FONT=&quot]ويضيف قائلاً : " [/FONT][FONT=&quot]نحن [/FONT][FONT=&quot]نقوم بالفتاحة ( أى فتح المندل ، وهى من طرق العرافة والتنجيم ) [/FONT][FONT=&quot]عن طريق الفلك[/FONT][FONT=&quot] والسؤال عن الاسم[/FONT][FONT=&quot] واسم الام ، او اسم الزوج[/FONT][FONT=&quot] او الزوجة، ونحن نفتح للمرض وفشل الزواج او الخسارة[/FONT][FONT=&quot] في العمل "[/FONT]
[FONT=&quot]ويتابع قائلا « لقد تعلمت الفلك والفتاحة وعمري 12 عاما اي منذ 45 عاما "[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]ويؤكد الكاهن ان [/FONT][FONT=&quot]السامريين يمتلكون كتبا فلكية غير موجودة في العالم[/FONT][FONT=&quot] ويستطيعون معرفة مطلع كل رأس شهر قمري وتواريخ الكسوف والخسوف مسبقا[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]ويربط الكاهن حسني السامري معرفتهم بالفتاحة والفلك [/FONT][FONT=&quot]بأنهم يعتبرون انفسهم [/FONT][FONT=&quot]من سلالة سبط لاوي وسبط النبي يوسف[/FONT][FONT=&quot] الذي كان يفسر الاحلام وقال :[/FONT]
[FONT=&quot]« لم يكن علم [/FONT][FONT=&quot]النبي يوسف بتفسير الاحلام الا بعد ان تعلم من كتاب تارفيم وهو كتاب جده[/FONT][FONT=&quot] لأمه اعطته اياه والدته "[/FONT]
[FONT=&quot]ويؤكد ان معظم كتب الفلك القديمة التى كانت لديهم بيعت بسبب الفقر ، وهي موجودة الآن في مكتبات موسكو وليننغراد والولايات المتحدة[/FONT][FONT=&quot]
[/FONT]
[FONT=&quot]ونأى الكاهن حسني بطائفة السامريين عن الساحر السامري الذي ذكر اسمه في[/FONT][FONT=&quot] القرآن وأضل بني اسرائيل في سيناء وجعلهم يعبدون العجل. وقال : " كان اسمه[/FONT][FONT=&quot] قارون السامري، ولم يكن في ذلك الوقت سامريين ويهودا، كانوا بني اسرائيل "[/FONT]
[FONT=&quot]واللافت[/FONT][FONT=&quot] أن السامريين الحاليين [/FONT][FONT=&quot]توارثوا عن أسلافهم خبرة علم الفلك[/FONT][FONT=&quot]، حيث يستطيعون [/FONT][FONT=&quot]تحديد مواعيد أعيادهم لمدة مائة سنة مقبلة، نظرا لتمكنهم من تحديد الشهورالقمرية، ما يجعل بعض مسلمي مدينة نابلس يلجئون إليهم لمعرفة بداية شهر رمضان[/FONT][FONT=&quot] وعيد الفطر. [/FONT][FONT=&quot]لكن هذه العلوم تبقى سرية[/FONT][FONT=&quot] وتورث فقط للكهنة الذين يقسمون دائما[/FONT][FONT=&quot] على عدم إفشاء هذا السر للعامة[/FONT][FONT=&quot] ))[/FONT]
[FONT=&quot]وعلى ضوء ما سبق نستطيع أن نفهم لماذا وردت قصة إبراهيم عليه السلام وتأملاته فى ملكوت السموات فى سياق الحديث عن طائفة السامريين ، وقد تحدثتُ عن هذا الأمر فى المشاركة السابقة ، فالمرجو مراجعتها[/FONT]

[FONT=&quot]رابعاً : هجرة بعضهم إلى الجزيرة العربية[/FONT][FONT=&quot] :[/FONT]

[FONT=&quot]يقول الدكتور سيد فرج فى كتابه " السامريون واليهود " :[/FONT]
[FONT=&quot]" من الجلى أن الطائفة السامرية قد تعرضت لأذى شديد فى عهد الإمبراطور الرومانى هادريان فى القرن الثانى الميلادى ، مثلهم فى ذلك مثل اليهود فى أنحاء الأراضى اليهودية ، حيث أمر الإمبراطور بإحراق معظم كتب التراث السامرى ، كما يبدو أنهم خرجوا من بلادهم وانتشروا فى المناطق التى سبق لليهود أن انتشروا فيها "[/FONT]
[FONT=&quot]ومن الثابت تاريخيا أن كثيرا من اليهود قد هاجروا على أثر هذا الإضطهاد إلى الجزيرة العربية ( أنظر إسرائيل ولفنسون : تاريخ اليهود فى بلاد العرب فى الجاهلية وصدر الإسلام – الباب الأول )[/FONT]
[FONT=&quot]من هاتين المقدمتين ينتج بالضرورة أن بعض السامريين قد هاجروا مثل عامة اليهود إلى جزيرة العرب[/FONT]
[FONT=&quot]ولكن أين استوطنوا فيها ؟[/FONT]
[FONT=&quot]إذا كان اليهود قد استوطنوا يثرب وما حولها ، فإن هذا يلزم عنه أن السامريين قد خالفوهم وأختاروا مناطق نائية عن يثرب ، والسبب فى ذلك أن اليهود والسامريين من الصعب جدا أن يتعايشوا معا فى مكان واحد ، نظرا للعداء المستحكم فيما بينهما ، والذى يرجع إلى الإختلافات العقائدية الحادة فيما بينهما ، وهذا هو ما جعل السامريين طوال تاريخهم القديم يعيشون بعيدا عن اليهود ، فأستوطنوا مدينة شكيم ( نابلس ) فى مملكة اسرائيل الشمالية ، بينما عاش اليهود فى مملكة يهوذا الجنوبية[/FONT]
[FONT=&quot]وعلى ضوء ما سبق يمكن القول أن توجه اليهود نحو يثرب وما حولها يعنى أن السامريين قد خالفوهم فتوجهوا نحو مكة وما حولها من القرى ، ولعل هذا هو ما تشير إليه الآية 92 من سورة الأنعام التالية للآية محل بحثنا ، وذلك بقولها : (( وَلِتُنذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَن حَولَهَا ))[/FONT]
[FONT=&quot]كما يمكن أن نجد فى هذه الآية تعريضاً بالسامريين الذين أنكروا كتب الأنبياء من بعد موسى ، وذلك بقولها عن القرآن :[/FONT][FONT=&quot]{[/FONT][FONT=&quot] مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ [/FONT][FONT=&quot]} أى من [/FONT][FONT=&quot]الكتب التى أنزلها الله عز وجل على الأنبياء

[/FONT]
[FONT=&quot]أرجو أن يكون فى هذا العرض البيان الكافى ، والله ولى التوفيق[/FONT]
 
سأزيل هذا الإشكال - إن شاء الله -، فأقول مستعينا بالله:
تفيد الآية: أن الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم.
وجه ذلك: أن المشركين رضوا تحريف اليهود للتوراة وجعلها قراطيس؛ فخاطبهم بقوله: {تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا}؛ مع أن الخطاب في قوله:{وما قدروا الله حق قدره}، في سياق الخبر عن المشركين؛ فدل على أنهم شركاء في هذا الكفر؛ ولم لا وقد كان اليهود والمشركون، يناصر بعضهم بعضا على عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجحود نبوته.
وتصديقه: {فعقروا الناقة}، مع أن العاقر شخص واحد، كما قال: {فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر}، وإنما وجه لهم الخطاب {فعقروا الناقة}، لأنهم رضوا بفعله.
وأحمد الله أن وفقني إلى هذا قبل أن أطلع على ما ذكر ابن عاشور في التحرير، حيث قال: ... وإما أن يكون خطابا للمشركين.
ومعنى كونهم يجعلون كتاب موسى قراطيس يبدون بعضها ويخفون بعضها أنهم سألوا اليهود عن نبوءة محمد صلى الله عليه وسلم فقرأوا لهم ما في التوراة من التمسك بالسبت، أي دين اليهود، وكتموا ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يأتي من بعد، فأسند الإخفاء والإبداء إلى المشركين مجازا لأنهم كانوا مظهرا من مظاهر ذلك الإخفاء والإبداء. ولعل ذلك صدر من اليهود بعد أن دخل الإسلام المدينة وأسلم من أسلم من الأوس والخزرج، فعلم اليهود وبال عاقبة ذلك عليهم فأغروا المشركين بما يزيدهم تصميما على المعارضة.
 
تفيد الآية: أن الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم.
وجه ذلك: أن المشركين رضوا تحريف اليهود للتوراة وجعلها قراطيس؛ فخاطبهم بقوله: تجعلونها قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا؛ مع أن الخطاب في قوله:وما قدروا الله حق قدره، في سياق الخبر عن المشركين؛ فدل على أنهم شركاء في هذا الكفر؛ ولم لا وقد كان اليهود والمشركون، يناصر بعضهم بعضا على عداوة النبي - -، وجحود نبوته.


اخي المبارك :

المشركين رضوا تحريف اليهود؟؟

كيف يكون ذلك ؟؟ وهم لا يؤمنون بموسى ولا بقراطيس اليهود ؟؟ وماهو دليلك حفظك الله على أن قريشاً رضوا بما فعل اليهود ؟؟؟
 
عودة
أعلى