قوله تعالى: { وتَنْحِتُون من الجبال بيوتاً فَرِهِين } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: { فَرِهين }. وقرأ الباقون: { فارِهِين } بألف. قال ابن قتيبة: { فَرِهِينَ } أَشِرِين بَطِرِين، ويقال: الهاءُ فيه مبدَلةٌ من حاء، أي: فَرِحِين، و { الفرحُ } قد يكون السرورَ، وقد يكون الأَشَرَ، ومنه قوله:
{ إِنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ }
[القصص:76] أي: الأشِرِين، ومن قرأ: { فَارِهِينَ } فهي لغة أخرى، يقال: فَرِهٌ وفارِهٌ، كما يقال: فَرِحٌ وفارِحٌ، ويقال: { فَارِهِينَ } أي حاذِقِين؛ قال عكرمة: حاذِقِين بنحتها.
{ بِأَكْوَابٍ } بآنية لا عرا لها ولا خراطيم، والظاهر أنها الأقداح وبذلك فسرها عكرمة، وهي جمع كوب { وَأَبَارِيقَ } جمع إبريق وهو إناء له خرطوم قيل: وعروة، وفي «البحر» أنه من أواني الخمر، ...
{ وَكَأْسٍ مّن مَّعِينٍ } أي خمر جارية من العيون كما قال ابن عباس وقتادة أي لم يعصر كخمر الدنيا، وقيل: خمر ظاهرة للعيون مرئية بها لأنها كذلك أهنأ. وأفرد الكأس على ما قيل لأنها لا تسمى كأساً إلا إذا كانت مملوءة.
وقال القرطبي فى تفسيره:
{ بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ } أكواب جمع كوب وقد مضى في «الزخرف» وهي الآنية التي لا عُرى لها ولا خراطيم، والأباريق التي لها عُرى وخراطيم واحدها إبريق؛ سُمِّيَ بذلك لأنه يبرق لونه من صفائه
الثامنة ـ قوله تعالى: { إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ } الاغتراف: الأخذ من الشيء باليد وبآلة، ومنه المِغْرفَة، والغَرْف مثل الاغتراف. وقرىء «غَرْفة» بفتح الغين وهي مصدر، ولم يقل اغترافة؛ لأن معنى الغَرْف والاغتراف واحد. والغَرفة المرة الواحدة. وقرىء «غُرْفَة» بضم الغين وهي الشيء المُغْتَرَفُ.*
وقال بعض المفسرين: الغَرْفة بالكفِّ الواحد والغُرْفة بالكفَّيْن.*
وقال بعضهم: كلاهما لغتان بمعنى واحد. وقال عليّ رضي الله عنه: الأكُفّ أنْظَفُ الآنية، ومنه قول الحسن:
لا يَدلِفون إلى ماء بآنية إلا اغترافاً من الغُدْران بالرّاح
الدلِيف: المشي الرويد
قوله تعالى: { إِذْ تُصْعِدُونَ }: العاملُ في " إذ " قيل: مضمر أي: اذكروا. وقال الزمخشري: " صَرَفَكم إذ ليبتلِيَكم ". وقال أبو البقاء: " ويجوز أن تكونَ ظرفاً لـ " عَصَيْتُم " أو " تنازَعْتم " أو فَشِلتم ". وقيل: " هو ظرفٌ لـ " عفَا عنكم ". وكلُّ هذه الوجوهِ سائغةٌ، وكونُه ظرفاً لـ " صرفكم " جيدٌ من جهة المعنى، ولـ " عفا " جيدٌ من جهة القرب. وعلى بعض الأقوال تكونُ المسألة من باب التنازع، وتكون على إعمالِ الأخير منها لعدم الإِضمار في الأول، ويكون التنازُع في أكثر من عاملين.
والجمهور على " تُصْعدون " بضم التاء وكسر العين من أصْعد في الأرض إذا ذهب فيها، والهمزة فيه للدخول نحو: " أصْبح زيدٌ " أي: دخل في الصباح، فالمعنى: إذ تَدْخُلون في الصُّعود، ويبيِّن ذلك قراءةُ أُبيّ: " تُصْعِدون في الوادي ". والحسن والسلمي: " تَصْعَدون " من صَعِد في الجبل أي رَقِي،
والجمع بين القراءتين: أنهم أولاً أَصْعَدوا في الوادي، ثم لَمَّا حَزَبهم العدوُّ صَعِدوا في الجبل، وهذا على رأي مَنْ يفرِّقُ بين: أَصْعَدَ وصَعِد. وأبو حيوة: " تَصَعَّدُون " بالتشديد، وأصلها: تَتصَعَّدون، فحُذفت إحدى التاءين: إمَّا تاءُ المضارعة أو تاء تَفَعَّل، والجمع بين قراءته وقراءة غيره كما تقدم. والجمهور " تُصْعِدون " بتاء الخطاب، وابن محيصن ـ ويروى عن ابن كثير ـ بياء الغَيْبة على الالتفات وهو حسن، ويجوز أن يعود الضمير على المؤمنين أي: والله ذو فضل على المؤمنين إذ يُصْعِدون، فالعامل في إذ: " فَضْل ".
يقال: أصعد: أبعد في الذهاب، قال القتبي: " كأنه أبعد كإبعاد الارتفاع " قال الشاعر:
1466ـ ألا أيُّهذا السائلي أينَ أَصْعَدَتْ فإنَّ لَها في أهل يَثْربَ مَوْعدا
وقال آخر:
1467ـ قد كُنْتِ تبكين على الإِصعادِ فاليومَ سُرِّحْتِ وصاح الحادي
وقال الفراء وأبو حاتم: " الإِصعادُ: ابتداء السفر والمخرج، والصعود مصدر صَعِد [إذا] رَقِي من سُفْل إلى علوّ " ففرَّقوا هؤلاء بين صَعِد وأَصْعد. وقال المفضل: " صَعِد وصَعَّد وأَصْعد بمعنى واحد، والصعيدُ وجهُ الأرض ".
وقرأ الجمهور: بضم الضاد في ضعف معاً؛ وعاصم وحمزة: بفتحها فيهما، وهي قراءة عبد الله وأبي رجاء. وروي عن أبي عبد الرحمن والجحدري والضحاك: الضم والفتح في الثاني. وقرأ عيسى: بضمتين فيهما. والظاهر أن الضعف والقوة هما بالنسبة إلى ما عدا البدن من ذلك، وإن الضم والفتح بمعنى واحد في ضعف.
وقال كثير من اللغويين: الضم في البدن، والفتح في العقل.
قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم في إحدى الروايتين التناؤش بالهمز وقرأ الباقون بغير همز فمن قرأ بالهمز فهو من التناوش وهو الحركة في إبطاء، والمعنى من أين لهم أن يتحركوا فيما لا حيلة لهم فيه، ومن قرأ بغير همز فهو من التناول، ويقال: تناول إذا مد يده إلى شيء ليصل إليه وتناوش يده إذا مد يده إلى شيء لا يصل إليه ثم قال { مِن مَّكَانِ بَعِيدٍ } يعني من الآخرة إلى الدنيا وروي عن ابن عباس أنه قال: من مكان بعيد قال: سألوا الرد حين لا رد...
لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ } أي تعب { وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } كلال وفتور وهو نتيجة النصب، وضمه إليه وتكرير الفعل المنفي للمبالغة في بيان انتفاء كل منهما كذا قال جمع من الأجلة،
وقال بعضهم: النصب التعب الجسماني واللغوب التعب النفساني. وأخرج ابن جرير عن قتادة أنه فسر النصب بالوجع والكلام من باب:
لا ترى الضب بها ينجحر
والجملة حال من أحد مفعولي (أحل)......
جزيت خيرا فعلا لا مترادفات في القران ومن امثلة ذلك مايضن انه ترادف وهو ليس كذلك وقد جعل بعض المفسرون في القرآن مترادفات في تفسيرهم لقول الله تعالى وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (15)ففسر(مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ)أي مالها مثنوية،وكأنه يريد ان يقول مالها رديف،كيف يكون وقد سبقها بالقول(صَيْحَةً وَاحِدَةً)والصحيح معنى فواق:ليس بعد هذه الصيحة إفاقة،وقوله تعالى تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) قال تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ أي خابت وخسرت(وَتَبَّ)أي خاب وخسر،وهذه مترادفات،والصحيح انه لماتبت يداه وخابت وخسرت الخير،تب الرسول وتلفظ عليه بقوله تبا لك،وقال(مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ)ما اغنى عنه ماله،وما اغناه ماكسب من مال،وهذا فيه ترادف والصحيح مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ ماأغناه ماله في الدنيا (وَمَا كَسَبَ)ماكسب الإيمان بل خسره،وجعل بن كثير رحمه الله مترادفا في قوله تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41)قال في مامعناه ان الله الهم كل هذه المخلوقات صلاتها وهو يعلم تسبيحها وصلاتها ولذلك قال كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ أي لايخفى عليه ولذلك قال وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ والصحيح(كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)الضمير عائد الى هذه المخلوقات لاعلى الله(أي كل يعلم ما كلف به ويعلم طبيعة عبادته) وقوله(وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ)أي عليم بأعمالهم0وقوله تعالى فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) أي لم ينصاعوا(أي يسطاعوا لأمر الله) للأمر الواقع وييئسوا(ان يظهروه) بل مستمرين في محاولة الظهور دون جدوى واستطاعة لنقبه،فالأسطياع:هو التسليم والإنصياع،والإستطاعة:هي القدرة،فلم يتحلوا بأي صفة من تلك الصفتين(فما اسطاعوا ان يظهروه)بمعنى فما انصاعوا ان لايظهروه،أي يتركوه ،ومن امثلة التعبير بمثل هذا الأسلوب البلاغي قوله تعالى(وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ)بمعنى ان لا تميد بكم أو قوله تعالى(وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ)أي حتى لاأذكره،وقوله تعالى( وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)بمعنى حتى لاتقع وقد شكك المبطلون في ان هذا خطأ لغوي(فأستطاعوا ليست بمعنى اسطاعوا)فلامترادفات في القرآن
وعد الله بتآويل القرآن الكريم قال تعالى بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (39) وهذا تأويل يأتي في الدنيا كحقائق تروى لاوقائع تعايش فلن يضل القرآن على الكثير عمى لايفهم بعضه إلا بعض العلماء من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلابد من مهدي يأتي بتأويله،فالقرآن ليس مبهم بل العقول مبهمة،فالكفار كذبوا به قبل تأويله وقبل ان يحيطوا بعلمه وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ وبعد ان يأتيهم تأويله ايضا سيكذبون كسابقيهم ممن كذب به، فسوف يكذبون به بعد التأويل كما اخبر الله،اما التفسيرات الأخرى لهذه الآية للعلماء قاطبة التي اطلعت عليها باطلة،اما قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (53) فهذا التأويل وقائع تعايش في الآخرة وليست حقائق تروى في الدنياء،فالآية الثانية لاتكرر الأولى والا كانت مرادف لها في المعنى والقرآن ليس به مترادفات ثم أنظر كيف تفسر القرآن بالقرآن؟انظر قال تعالى إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا (10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (11) كيف تفسر الآية الأولى بالآية الثانية؟ضد عَبُوسًا في الآية الأولى نَضْرَةً في الآية الثانية،وضد قَمْطَرِيرًا في الآية الأولى سُرُورًا في الآية الثانية،اذا اليوم القمطرير هو اليوم الحزين أو الكئيب،وقال تعالى سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) كيف نعرف معنى سرابيل؟نعرفها من خلال هذه الآية قال تعالى وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81) اذا سرابيل:بمعنى مايلبس كالثياب والدروع،ولو قلنا سرابيل بمعنى ملاجىء،فأنه لامترادفات في القرآن،فلا يأتي بعد اكنانا مرادف لها في المعنى ومن امثلة تفسير الاية بالايةقوله تعالى فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18)فما المقصود بـ(وسق)و(اتسق)يضن المفسرون بقوله(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ)أي اكتمل ضوئه وصار بدرا، وهذ غير صحيح،فـ (وسق)و(اتسق)بمعنى واحد وتفسرالآية الأولى الآية الثانية،فـ(ماوسق)أي ماستر وغطى بظلامه،واذا(اتسق)أي استتر وتغطى بالظلام عند(الخسوف)وامثل للكلمة بسؤال استفهامي لتقريب معنى الكلمتين للذهن وهو(هل القمر وِسق من غيره ام اتسق لوحده؟) اذا للقران قواعد تساعد في فهم مفرداته هذا والله اعلم