أحتاج إلى كتب في الإعجاز الرسمي والعددي للقرآن الكريم

  • بادئ الموضوع بادئ الموضوع نور
  • تاريخ البدء تاريخ البدء
لاحظت أن الأخوة يتعرضون في مشاركاتهم لمسألة إتلاف المصاحف وإحراقها ! وهذا بعيد عن موضوعنا هنا .
مَن ظنّ أن المصاحف أُتلفت لمجرد اختلافها في مثل ( السماوات ، السموات ، السموت ) = فقد أخطأ ، ولم يقل بهذا أحد أبدا !
 
قلنا إن عثمان رضي الله عنه فرق القراءات في المصاحف، وكذلك الرسم. فإذا كانت كلمة قرءان قد كتبت في بعض مصاحف عثمان وفق هذا الرسم (قرءان) فيبقى السؤال قائماً : لماذا تعمد أن يكتب في صحيفة أخرى وفق الاصطلاح ويستثني من ذلك موضعين فيرسمها هكذا: (قرءن). وما قيل في كلمة قرءان يقال في كلمات كثيرة ومنها كلمة إبراهيم. فقد كتبها رضي الله عنه في صحيفة هكذا: إبرهيم، وكتبها في صحيفة أخرى مثلها إلا في 15 موضعاً - في البقرة - كتبها هكذا: إبرهم.
هذا يعني أن اختلاف الرسم في مصاحف عثمان متعمد ليحافظ على أسرار الرسم، ولو كان الرسم اصطلاحياً لما لجأ إلى تفريقه في المصاحف.
تقول : اختلاف الرسم للمحافظة على أسرار الرسم !!
أليس في هذا دَوْرٌ ؟ ( تفسير الشيء بنفسه ).
بل الصحيح أن يقال : " اختلاف الرسم للمحافظة على أسرار القراءات " ..
وإليك البيان :
العلة المذكورة ، في كتب من أفنوا أعمارهم في علوم الرسم ، لكتابة كلمة : ((( قرن ))) في يوسف والزخرف = هي الإشارة إلى قراءة من ينقل ويسقط الهمز كابن كثير : ((( قُرَان ))).
والعلة في كتابة : ((( إبراهم ))) بالبقرة ، بلا ياء في بعض المصاحف دون بعضها = هي الإشارة إلى قراءة من يقرأ بألف بين الهاء والميم : ((( إبراهام )))، كهشام في الجميع ، وابن ذكوان كذلك في أحد وجهيه ، وفي البقرة فقط في وجهه الثاني له .
فرجع الأمر إلى أن علل الرسم تدور مع القراءات ، لا مع سبب غيبي سريّ ، ناهيك عن السبب العددي !.
فلله در أولئك الصحب !
 
ويقول أخي حسين إن الأمر في الكتابة كما في الصناعات وهو يعلم أن الرسول عليه السلام قد حرص على كتابة القرآن من أول يوم واتخذ كتبة كانوا يكتبون بين يديه عليه السلام.
بارك الله فيكم ، حِرص رسول الله صل1 على كتابة القرآن ، لا يخرج صنعة الكتابة عن أصلها ، ولا يدخلها في شريعته ودينه صل1 الذي بُعث ليرشد الناس ويهديهم إليه .
فقد عُرف من شمائله صل1 حرصه على أمرهم باستخدام كل صناعة وحرفة ومعرفة من شأنها أن تكون سببا في حفظ الدين ونصرة الملة ونشر الدعوة ؛ كما استفاد صل1 من صنعة البناء في إقامة مسجد للمسلمين ، وكان تحت عينيه صل1 ، بل ومشاركته كسائر الناس في بنائه ، ولم يعلمهم رسول الله صل1 حرفة البناء ، ولا كانوا يجهلونها قبل بعثته صل1 ، فقد كانت دورهم تملأ المدينة وسائر البلاد . وكذلك استفادته صل1 من فكرة حفر الخنادق عند غير العرب لحياطة المدينة ، وقد شاركهم أيضا في الحفر وقطع بعض ما أعياهم قطعه من الأحجار . وهكذا كان صل1 لا يألو جهدا يستفيد من كل فكرة ولو يسيرة في نصرة الدين ونشر الدعوة . وكل ذلك لا يخرج هذي الحرف - وغيرها كثير - عن أصلها أو يجعلها من دينه صل1 الذي بُعث به .

وقائل ذلك يلزمه أن يجعل نوع المِداد الذي كُتبت به المصاحف في عهده - وكذا اللخاف والعسب وغيرها من مواد وأدوات الكتابة في زمانهم - يلزمه أن يجعلها مثل الرسم توقيفا . ولا فصل بينها وبينه في ذلك .​
 
يندر في الحوارات الطويلة أن يحافظ المتحاورون على النفس العلمي في الأخذ والرد والطرح والجواب، وما هذا إلا دليل على نبل الإخوة سنان وعصام وحسين، وحسن مقصدهم مهما وصل إليه الحوار من نتائج.
فأسأل الله أن يبارك فيهم، ويسدد آرائهم ويوفقهم للحق والصواب.
وكلام الأخ الفاضل العليمي لا أوافقه عليه، ولم ألحظ شيئا مما ذكره من الجدل أو عدم الموضوعية، ولو لاحظت الإدارة مثل هذا لأغلق الحوار كما حدث مع حوارت أخرى في حالات نادرة.

وفقكم الله جميعا أيها الأحبة، ونرجو المحافظة على هذا الجو الهادئ والأدب الرفيع، فإننا نقتدي بأفعالكم وتصرفاتكم قبل أقوالكم وآرائكم .
 
نقصد باصطلاحي: ما اصطلح عليه قوم في لغتهم من طريقة للكتابة، وبذلك يستطيع الكل أن يكتب للكل. ولا يصح أن يكون لكل فرد طريقته الخاصة. ونحن اليوم نكتب كلمة(لكن) دون ألف على الرغم من لفظها، ولذلك نُخَطِّئ من يكتبها لاكن. وكذلك نُخَطِّئ من يكتب لفظ الجلالة كما يلفظ (اللاه). والرسول عليه السلام اختار كتبة يتقنون الكتابة ومنهم زيد بن ثابت.
الأخ حسين يعتبر الكتابة كالصنعة، أي أن موقف الرسول عليه السلام من كتابة المصحف كموقفه من الصناعات. ونحن نخالفة تماماً لأن الرسول عليه السلام لم يتخلف عن الأمر بكتابة آية واحدة وكانوا يكتبون بين يديه ويأمرهم بقراءة ما كتبوا. ولو علم الصحابة أن الكتابة كالصنعة لما حرصوا على النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام، وكان يسعهم أن يجمعوا القرّاء فيكتبون ما يمليه القراء، لأن القراءة هي الأصل، والكتابة لا تتطابق مع اللفظ.
إذا كانت كلمة قرءن إشارة إلى قراءة من يسقط الهمزة لكتبت هكذا:(قران) تماما كما كتبها الأخ عصام. ولكنها كتبت قرءن. وإذا كان بإمكاننا أن نرجع الاختلاف في الرسم إلى الاختلاف في القراءات نكون قد وصلنا إلى حل، وهو أن الرسم توقيفي لأنه يتبع اللفظ التوقيفي.
ولكن ظواهر الرسم تثبت أنه ليس بإمكاننا أن نرجع كل اختلاف في الرسم إلى الاختلاف في القراءات. ثم من هو الذي قرر أن يفرد كلمات دون غيرها برسم خاص، هل هم الكتبة في عصر الرسول عليه السلام أم الصحابة بعد عصر الرسول عليه السلام؟! ونحن نعلم أن زيداً أخذ في الجمعين عن صحف الرسول عليه السلام. وكيف لكاتب واحد أن يخالف في رسم كلمة بينها وبين مثيلتها بضع كلمات ويتكرر ذلك ويشيع.
تكررت كلمة (شيء) في القرآن الكريم أكثر من 200 مرة، فلماذا كتبت في الآية 23 من سورة الكهف على خلاف الرسم هكذا: (لشايء) وهي تقرأ وصلا ووقفاً كباقي الكلمات (هذا في حدود علمي في القراءات). وإذا كان مرد ذلك للقراءة فماذا نقول في كلمات مثل قارون وسبحان وكتاب (قرون، سبحن، كتب)....ألخ.
 
ولا يصح أن يكون لكل فرد طريقته الخاصة. ونحن اليوم نكتب كلمة(لكن) دون ألف على الرغم من لفظها، ولذلك نُخَطِّئ من يكتبها لاكن. وكذلك نُخَطِّئ من يكتب لفظ الجلالة كما يلفظ (اللاه). والرسول عليه السلام اختار كتبة يتقنون الكتابة ومنهم زيد بن ثابت.
بارك الله فيكم ، ليس حديثنا عن أخطاء الكتابة ، إنما نتكلم عما تسمح به القاعدة وتقره من اختلافات ، ولا ينكره العارفون بالكتابة على بعضهم ، وذلك كثير جدا ، ولم يزل موجودا في جميع كتابات الأمم في كل زمان ومكان ! ولا طريق لإزالته أبدا ، حتى مع ظهور المجامع ومراكز الدراسات اللغوية ، بل أقرته ! فكيف بزمانهم ؟!
مثل اختلافي معك مثلا في كتابة ( إسحق ) ، قد تكتبها أنت ( إسحاق ) ، أو العكس ، وليس لأحدنا أن ينكر على صاحبه .
هذا هو ما عليه مدار كلامي وحديثي كله . فلا محل لحديثكم هنا عن الخطأ واللحن ، وعن اختيار الكتاب المتقنين وغير ذلك ، فهذا ما لا نماريكم فيه أو نجادل أبدا .
وليس معنى نسخ مصحف من آخر أن يطابقه تماما في كل وجه من هذي الوجوه التي يختلف الرسم فيها ، وكلها صحيحة ، إذا فرضنا تطابقهما تماما في القراءة واللفظ في كل كلمة .
لأن الرسول عليه السلام لم يتخلف عن الأمر بكتابة آية واحدة وكانوا يكتبون بين يديه ويأمرهم بقراءة ما كتبوا.
مجرد كتابة القرآن بين يديه صل1 لا يدل على التوقيف ، وقد تخطينا هذي النقطة وذكرناها مرارا .
السؤال هو : هل ثبت أن رسول الله صل1 تدخل في صنعة الكُتّاب ووجههم إلى نظام معين في الكتابة يتبعونه ؟ أم لم يثبت ؟
لأن التوقيف يعني أنه صل1 وقّفهم عليه وعلّمهم إياه . هذا هو ما سألت عنه مرارا .
وهو ينطبق على الكتابة وغيرها ، بصرف النظر هل فُعل ذلك أمامه صل1 أو لم يُفعل .
ولو علم الصحابة أن الكتابة كالصنعة لما حرصوا على النسخ التي كتبت بين يدي الرسول عليه السلام،
هذا الفهم خاطئ ، وهل حرصوا على ذلك طلبا لأوجه الرسم وكيفيته ؟! هذا ما لم يقل به أحد أبدا ، ولا يُفهم ذلك من الأحاديث أصلا ، ولو حتى إشارة .
إنما قصدوا التثبُّتَ من كون ذلك قرآنا حتى ينسخوه ، ولم تكن قضيتهم تحري أوجه الرسم فيما يُختلف في رسمه كما مثّلتُ مرارا بكلمة ( السموات ، السموت ) للتقريب ، فكان غرضهم إثبات الكلمة ، غير مبالين على أي وجه رُسمت ، ما دام هذا الوجه صحيحا غير منكر بينهم مما يعرفونه من قواعد الكتابة ونظامها في زمانهم . ولا ورد عنهم أنهم ناقشوا الخلاف في مثل ذلك أو حتى وقفوا عنده .
وكان يسعهم أن يجمعوا القرّاء فيكتبون ما يمليه القراء، لأن القراءة هي الأصل، والكتابة لا تتطابق مع اللفظ.
وما أدراكم أن بعض النَّسْخِ - وربما أكثره - لم يكن إملاءً ؟! مع أن هذا هو المتصور عادة في مثل زمانهم ، لكن ثبت أيضا بالرواية الصحيحة أن الرجل منهم كان يُمْلي على أصحابه وهم يكتبون ! كما كان يفعل رسول الله صل1 حين يملي عليهم شيئا من القرآن أو غيره من رسائل وغيرها . وهذا كاف وحده لإبطال القول بالتوقيف .
وليس شرط النسخ أن ينقل الرجل بنظره من مصحف آخر ، وإن وقع ذلك منهم .
ولكن ظواهر الرسم تثبت أنه ليس بإمكاننا أن نرجع كل اختلاف في الرسم إلى الاختلاف في القراءات.
أحسنتم ، هذا هو مدار نقاشي معكم الآن ، فلنخلّ جانبا مسألة اختلاف القراءات والأحرف ، بفرض عدم ورود خلاف فيها مؤقتا ، وليكن حديثنا عن الكلمات التي لا يؤثر اختلاف الرسم في أدائها ، ولا يؤثر الأداء في رسمها ، كبعض الأمثلة التي تفضلت بها من مثل ( قرون ، وسبحن ) وغيرها بفرض عدم اختلاف الأداء .
ثم من هو الذي قرر أن يفرد كلمات دون غيرها برسم خاص،
لم يُقرر ذلك أحد ، ولا قصده ، وهذا هو موضع خلافنا في هذا الموضوع من أصله ! [أعني ما لا يختلف الأداء فيه كما اتفقنا] .
تكررت كلمة (شيء) في القرآن الكريم أكثر من 200 مرة، فلماذا كتبت في الآية 23 من سورة الكهف على خلاف الرسم هكذا: (لشايء) وهي تقرأ وصلا ووقفاً كباقي الكلمات (هذا في حدود علمي في القراءات). وإذا كان مرد ذلك للقراءة فماذا نقول في كلمات مثل قارون وسبحان وكتاب (قرون، سبحن، كتب)....ألخ.
أجبتُ عن مثل هذا من قبل فليرجع إليه . وانظروا كذلك ما أحلتكم إليه في مشاركتي رقم 36 .

تنبيه : لا يصح الخلط بين كلامي وكلام الأستاذ عصام في مناقشتكم فيعد رأينا واحدا ؛ إذ أتحفظ على بعض ما قال ، وفقه الله وإياي وإياكم للحق.​
 
تنبيه : لا يصح الخلط بين كلامي وكلام الأستاذ عصام في مناقشتكم فيعد رأينا واحدا ؛ إذ أتحفظ على بعض ما قال ، وفقه الله وإياي وإياكم للحق.

رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي ، فمن المعصوم ؟ .
 
إذا كانت كلمة قرءن إشارة إلى قراءة من يسقط الهمزة لكتبت هكذا:(قران) تماما كما كتبها الأخ عصام. ولكنها كتبت قرءن. وإذا كان بإمكاننا أن نرجع الاختلاف في الرسم إلى الاختلاف في القراءات نكون قد وصلنا إلى حل، وهو أن الرسم توقيفي لأنه يتبع اللفظ التوقيفي.
ولكن ظواهر الرسم تثبت أنه ليس بإمكاننا أن نرجع كل اختلاف في الرسم إلى الاختلاف في القراءات. ثم من هو الذي قرر أن يفرد كلمات دون غيرها برسم خاص، هل هم الكتبة في عصر الرسول عليه السلام أم الصحابة بعد عصر الرسول عليه السلام؟! ونحن نعلم أن زيداً أخذ في الجمعين عن صحف الرسول عليه السلام. وكيف لكاتب واحد أن يخالف في رسم كلمة بينها وبين مثيلتها بضع كلمات ويتكرر ذلك ويشيع.
تكررت كلمة (شيء) في القرآن الكريم أكثر من 200 مرة، فلماذا كتبت في الآية 23 من سورة الكهف على خلاف الرسم هكذا: (لشايء) وهي تقرأ وصلا ووقفاً كباقي الكلمات (هذا في حدود علمي في القراءات). وإذا كان مرد ذلك للقراءة فماذا نقول في كلمات مثل قارون وسبحان وكتاب (قرون، سبحن، كتب)....ألخ.
بل كُتبت في المصاحف ( ق ر ن) بلا ألف ولا همز . وكتابتي أنا ( قرانا ) للتوضيح فقط .
أما كتابة ( شيء ) في موضع الكهف ( لشاي ) فذكر السخاوي فيما ذكر أنها كتبت كذلك للتفرقة بينها وبين ( شتى ) ، وهي كعلة رسم الألف في ( مائة ) . أي أنها إشارة للضبط .
وأما قولك : "ولكن ظواهر الرسم تثبت أنه ليس بإمكاننا أن نرجع كل اختلاف في الرسم إلى الاختلاف في القراءات".. فكلام يفتح الباب للفهم الصحيح لاختلافات الرسم حذفاً وإثباتاً من واقع الكتابة والقراءة ، وليس من واقع العدد . وهذا هو محل النزاع .
 
رحم الله امرأ أهدى إلي عيوبي ، فمن المعصوم ؟ .
بارك الله فيكم ، مجرد تحفظي على بعض ما ذكرتم لا يجعله باطلا ، أو يعده في عيوبكم ، وقد سُبقتم إلى مثله من باحثين أفاضل .
إنما الوقوف عند كل كلمة في الموضوع يثيرها الأحبة قد يُشتته ويخرجنا منه بغير فائدة . وقد تغاضيت عن كثير مما ذُكر فيه لذلك .
وفقنا الله وإياكم لما يحب .
 
حتى لا نبقى في دائرة التكرار، فقد وضحت المواقف، وأبان كل طرف بما يكفي فلننتقل إلى المسألة التالية:
وفق مذهب أخي حسين وأخي عصام فالرسم - على وجه اليقين - ليس بتوقيفي، بل اختلفت الكتبة.
إذن لنسأل:
طالما أنهم اختلفوا ولم يتفقوا فليس هناك من إجماع للصحابة على وجه. وطالما أن بعضهم أحيا رسوماً قديمة نبحث عنها لنعلل..... إذن لماذا نلتزم اليوم برسوم تبعدنا عن اللفظ الثابت بالتواتر؟! وطالما أن القرآن قد نزل مقروءاً والكتابة كالصناعات فلماذا لا نيسر على الناس فنكتب القرآن بالرسم المعاصر الأقرب إلى اللفظ الذي هو حقيقة القرآن المنزل؟!
 
حتى لا نبقى في دائرة التكرار، فقد وضحت المواقف، وأبان كل طرف بما يكفي فلننتقل إلى المسألة التالية:
وفق مذهب أخي حسين وأخي عصام فالرسم - على وجه اليقين - ليس بتوقيفي، بل اختلفت الكتبة.
إذن لنسأل:
طالما أنهم اختلفوا ولم يتفقوا فليس هناك من إجماع للصحابة على وجه. وطالما أن بعضهم أحيا رسوماً قديمة نبحث عنها لنعلل..... إذن لماذا نلتزم اليوم برسوم تبعدنا عن اللفظ الثابت بالتواتر؟! وطالما أن القرآن قد نزل مقروءاً والكتابة كالصناعات فلماذا لا نيسر على الناس فنكتب القرآن بالرسم المعاصر الأقرب إلى اللفظ الذي هو حقيقة القرآن المنزل؟!

لا يجوز نسب القول بالاصطلاح إلينا في هذه المحاورة فهو قول يرجع إلى زمن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم.
والإجماع إنما وقع على تلك المصاحف التي كتبها الكتبة ، والتي فُرّقت على الأمصار مع قراء يقرئون بها ، وأجمع الناس بمن فيهم أصحاب المصاحف المخالفة على التزام ما في هذه المصاحف ؛ لما رأوا ما كان من ورائها من خير على الأمة .
واستقر الأمر على ذلك مقرراً عليه عمل الناس وفتوى الأئمة كمالك وأحمد وغيرهما .
وألفت الكتب لتدوين دقائق المرسوم في تلك المصاحف ، كالمصاحف للسجستاني والتبيين والمقنع ...
فبقي الحال الأغلب في المصاحف إلى قرابة القرن الرابع تكتب على الكتبة الأولى .. ثم بدئ بإدخال الضبط إليها .
والرخصة التي تطالب بها يا شيخ سنان - استطراداً عن الموضوع - هي موجودة في المدارس والصحف والكتب ، وفي بعض المصاحف ورقية ورقمية ، كما لا يخفى عليكم .
وقد رخّص في الرسم القياسيّ (المخالف للعثماني) في التعليم منذ مالك وغيره (في الصغار)، دون المصاحف الكبار التي هي بمثابة المصادر والوثائق .
بل نحن الآن نترخص في كتابة الآي على قواعد الإملاء .. ولا حرج !
 
فلماذا لا نيسر على الناس فنكتب القرآن بالرسم المعاصر ...
انظر : ( المقدمات الأساسية في علوم القرآن ) لعبد الله الجديع / ط1 ، ص 151 - 154 .
 
في المسألة المطروحة هناك أدلة وليس هناك من نص يقدّم لنا من قبل أيٍّ من المختلفين في المسألة.
طالما أن السلف يذهبون مذهب الأخ عصام والأخ حسين فأرجو أن يُنقل لي أقوال عن الصحابة تؤيد قولهم بأن الرسم ليس بتوقيفي.
الإمام مالك أفتى بعدم جواز كتابة المصاحف بالرسم الجديد، بل الكتبة الأولى. فلماذا يصر رضي الله عنه على الرسم العثماني على الرغم من أن الكتابة كالصناعة كما يُصر الأخ حسين.
أما كتابة غير المصاحف فهذا ليس محل خلاف، لأن سؤالنا محدد: هل يجوز كتابة المصاحف بالرسم الجديد الأقرب إلى اللفظ القرآني المجمع على أنه وحي من الله تعالى؟!
النقط والشكل لا علاقة له بموطن الخلاف لأنها إضِافات لم تذهب الرسم العثماني. وتشدد السلف واحتياطهم عند إدخال النقط والشكل يدل على أنهم يلتزمون الرسم العثماني بشدة. ولو كان علمهم أن الرسم منهم لما تشددوا فيه.
لا قيمة لإجماع الصحابة إلا أن يكون من قبيل الإجماع على أمر شرعي. فتمسك البعض بالرسم مع الزعم بأنه من اصطلاح الكتبة يوقعنا في تناقض.
 
قبل أن نسوق الأدلة من جديد على أنه ليس توقيفاً لا بد أن نسجل أمراً مهماً :
وهو أنكم صرحتم قبلاً أن هناك أحاديث وآثاراً تعضد دعواكم بالتوقيف . وطالب الأخ حسين بأن تأتوا بها بقوله : أين تلك الآثار والأحاديث ؟! ، فلم تأتوا بأثارة ، ولا اعترفتم بخلو وفاضكم من حديث .
فهل عدمتم سنداً تُثبتون به التوقيف ؟
هذا أولاً .
 
قصد الأخ العليمي بعض الآثار التي يُستشهد بها في هذا الباب، ومنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوجه الكتبة. ولكنني لم أتعرض لهذا لعلمي ما في ذلك من ثغرات، ولكنني في المداخلة الأخيرة قلت إنه لا يوجد عندنا ولا عندكم من نص في ذلك، فلماذا أخي عصام لا تبني على آخر قول.
لكن بعض الأخوة استدرك عليَّ في ذلك فقال: بل هناك نص، قلت أين هو؟ فقال: ورد لفظ قرآن وقرآناً في المصحف 68 مرة، في حين ورد لفظ كتاب أكثر من 200 مرة.
لفظ قرآن من جهة كونه مقروءاً، أما كتاب فمن جهة كونه مكتوباً. يقول سبحانه: "تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"، وهذا يعني أن له صيغتان، صيغة ملفوظة وصيغة مكتوبة. ويقول سبحانه:"يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب"، إذن الرسول عليه السلام يعلم الكتاب. هذا ظاهر النص الكريم، ومن يرد أن يُخرج النص عن ظاهره يطالب بالدليل.
ويقول سبحانه:" نزل عليك الكتاب بالحق"، ولهذا التنزيل صورتان: أن ينزل مكتوباً كما هو في اللوح المحفوظ، أو ينزل به جبريل فيكتبه الكتبة كما هو في اللوح المحفوظ. ومن يريد أن يصرف الآيات الكثيرة عن ظاهرها فليقدم لنا الدليل.
 
ثانياً :
فهذان أكبر أئمة الرسم القرآني يذكران ذلك في صدري كتابيهما نقلاً عن أشياخهما ، قالا بأن ذلك الإجماع إنما هو منعقد على اصطلاح .
ولا داعي للتكثر بذكر أقوال من بعدهم ، فكل من بعدهم ناقل عنهم مسند إليهم ناسج على منوالهم رضي الله عنهم أجمعين .
(1) قال إمام الفن ومحرره أبو عمرو الداني ت 444 هـ ( المقنع 130 ):
"هذا الكتاب اذكر فيه إن شاء الله ما سمعته من مشيختي ورويته عن أئمتي من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار: المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وسائر العراق المصطلح عليه قديما مختلفا عن الإمام مصحف عثمان بن عفّان رضي الله عنه وعن سائر النسخ التي انتسخت منه ..." .
(2) وقال الإمام أبو داود سليمان بن نجاح ت 496 هـ ( مختصر التبيين 2 / 5 ) :
" ... ونجعله إماماً يقتدي به الجاهل ويستعين به الحافظ الماهر ويزيل عنهم الالتباس في الحروف والكلم والآي لكثرة تشابه الآي والكلم وتكرار القصص ، رغبة منهم في اتباع الصحابة رضي الله عنهم واقتفاء آثارهم وامتثال ما اصطلحوا عليه من الهجاء قديماً ..." .
فما رأيكم ؟ .​
 
كثر الكلام بأن جمهور السلف لا يقولون بالتوقيف. وقد طلبنا نصوصاً منقوله عن الصحابة أو التابعين، فأين هي؟
أبو عمرو الداني من علماء القرن الخامس الهجري، وكتابه المقنع دراسة في رسم مصاحف عثمان وما بينها من اتفاق واختلاف. ولم يتعرض لمسألة التوقيف وما أورده الأخ عصام من نقل عن الداني هو مقدمة ترد فيها كلمة مصطلح في سياق يصعب فيه الزعم أنه بالمعنى المختلف فيه هنا. وها أنا أنقل لك أخ عصام من المقنع:
يقول الداني:" وسئل مالك رحمه الله: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا إلا على الكتبة الأولى"، ثم يقول عن نفسه:" قال أبو عمرو ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة" انتهى.
والسؤال المتكرر: كيف أجمعت الأمة على عدم جواز مخالفة الرسم الأول؟! ولا شك أن موقفهم هذا يشير إلى حكم شرعي.
وتدبر قوله في تعليل اختلاف رسوم المصاحف:"...وثبت عنده _ يقصد عثمان رضي الله عنه _ أن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منزلة ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة. وعلم أن جمعها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكن إلا بإعادة الكلمة مرتين، في رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم ما لا خفاء به، ففرقها في المصاحف، لذلك فجاءت مثبة في بعضها ومحذوفة في بعضها لكي تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله عز وجل وعلى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا سبب اختلاف مرسومها في مصاحف أهل الأمصار" انتهى
ثم انظر إليه وهو يرفض النقط باللون الأسود حتى لا يلتبس الرسم الأصلي بالإضافات على الرغم من أنها إضافات تُجلّي النص:" قال أبو عمرو: ولا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصورة الرسم، وقد وردت الكراهة بذلك عن عبد الله بن مسعود وعن غيره من علماء الأمة".انتهى وإذا كان النقط عندهم مكروهاً فما بالك بتغيير الرسم؟!
فلماذا هذه الحساسية المفرطة إذا كان الرسم كالصناعات؟!!!!
مثل هذا الاحتياط يُحسب لصالح القائلين بالتوقيف حتى يصدر عن الصحابة صريح الكلام بخلافه.
 
قبل أن نسوق الأدلة من جديد على أنه ليس توقيفاً لا بد أن نسجل أمراً مهماً :
وهو أنكم صرحتم قبلاً أن هناك أحاديث وآثاراً تعضد دعواكم بالتوقيف . وطالب الأخ حسين بأن تأتوا بها بقوله : أين تلك الآثار والأحاديث ؟! ، فلم تأتوا بأثارة ، ولا اعترفتم بخلو وفاضكم من حديث .
فهل عدمتم سنداً تُثبتون به التوقيف ؟
هذا أولاً .
صرّح بهذا العبد لله ، وليس أخى سنان
ولم نعدم سنداً نثبت به التوقيف كما ظننتم أخانا الحبيب
وإنما صرفتنا بعض الشواغل عن متابعة الموضوع ، ليس إلا
وفيما سيلى إن شاء الله ستجد الجواب
 
حتى لو سلمنا - جدلا - أن رسول الله صل1 عرف صنعة الكتابة - وليس يطعن في قدره أن لا يعرفها صل1 كما تظنون - :
ما هي الأحاديث والآثار التي تفيد ذلك ، بارك الله فيكم ؟

قلنا من قبل أننا نرجّح أن النبى – صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن جاهلاً بقواعد الكتابة طوال حياته ، بل نرجّح أنه تلقَّى العلم بها من الله عز وجل عن طريق أمين الوحى جبريل عليه السلام ، وليس قولى هذا بدعاً من القول ، بل قال به قبلى علماء أفذاذ :

قال الحافظ بن حجر : "كان النبي أمياً وذلك بسبب الإعجاز. ولما اشتهر الإسلام وأَمِنَ الارتياب عرف حينئذ الكتابة "!.
كما قال ابن شيبه: " ما مات رسول الله صل1 حتى كتب وقرأ ".
وقال الطبرسي : " فأما بعد النبوة فلا تعلق به الشك والتهمة ، فيجوز أن يكون قد تعلم الكتابة ".
وعلى ضوء هذا يمكن لنا قبول الأحاديث والآثار التى تفيد أنه عليه الصلاة والسلام كان يوجّه كتبة الوحى فى رسم القرآن وكتابته ، ومن ذلك ما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنه قال :
كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دعا رجلاً إلى الكتابة كان يقول : «ألقِ الدواة، وحَرف القلم، وجوِّد بسم الله الرحمن الرحيم ، أقم الباء، وفرِّج السِّين، وافتح الميم، وجوِّد الله، وحسِّن الرحمن الرحيم، فإن رجلاً من بني إسرائيل كتبها فجودها فدخل الجنة ».​
وأعرف مسبقاً أنك سوف تقول عنه " إنه حديث ضعيف " ، مع أنى وجدتك متوقفاً إزاء هذا الحديث ، حيث توجهت إلى من أورده لك بهذا السؤال :
" جزاكم الله خيرا أبا مقداد .. هل تصح هذي الرواية عن أنس - رضي الله عنه - ؟ "
ولكنك لم تتلق جواباً عن سؤالك هذا ، وكان ذلك فى ملتقى أهل الحديث ، وهذا هو رابط مشاركتك
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=936269&postcount=7

ولكن حتى لو افترضنا كونه ضعيفا ، فهذا لا يمنع من الإستئناس به ، وأنظر تفصيل هذا فى مشاركتى التالية إن شاء الله


 
كثر الكلام بأن جمهور السلف لا يقولون بالتوقيف. وقد طلبنا نصوصاً منقوله عن الصحابة أو التابعين، فأين هي؟
أبو عمرو الداني من علماء القرن الخامس الهجري، وكتابه المقنع دراسة في رسم مصاحف عثمان وما بينها من اتفاق واختلاف. ولم يتعرض لمسألة التوقيف وما أورده الأخ عصام من نقل عن الداني هو مقدمة ترد فيها كلمة مصطلح في سياق يصعب فيه الزعم أنه بالمعنى المختلف فيه هنا. وها أنا أنقل لك أخ عصام من المقنع:
يقول الداني:" وسئل مالك رحمه الله: هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء؟ فقال: لا إلا على الكتبة الأولى"، ثم يقول عن نفسه:" قال أبو عمرو ولا مخالف له في ذلك من علماء الأمة" انتهى.
والسؤال المتكرر: كيف أجمعت الأمة على عدم جواز مخالفة الرسم الأول؟! ولا شك أن موقفهم هذا يشير إلى حكم شرعي.
وتدبر قوله في تعليل اختلاف رسوم المصاحف:"...وثبت عنده _ يقصد عثمان رضي الله عنه _ أن هذه الحروف من عند الله عز وجل كذلك منزلة ومن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسموعة. وعلم أن جمعها في مصحف واحد على تلك الحال غير متمكن إلا بإعادة الكلمة مرتين، في رسم ذلك كذلك من التخليط والتغيير للمرسوم ما لا خفاء به، ففرقها في المصاحف، لذلك فجاءت مثبة في بعضها ومحذوفة في بعضها لكي تحفظها الأمة كما نزلت من عند الله عز وجل وعلى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا سبب اختلاف مرسومها في مصاحف أهل الأمصار" انتهى
ثم انظر إليه وهو يرفض النقط باللون الأسود حتى لا يلتبس الرسم الأصلي بالإضافات على الرغم من أنها إضافات تُجلّي النص:" قال أبو عمرو: ولا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصورة الرسم، وقد وردت الكراهة بذلك عن عبد الله بن مسعود وعن غيره من علماء الأمة".انتهى وإذا كان النقط عندهم مكروهاً فما بالك بتغيير الرسم؟!
فلماذا هذه الحساسية المفرطة إذا كان الرسم كالصناعات؟!!!!
مثل هذا الاحتياط يُحسب لصالح القائلين بالتوقيف حتى يصدر عن الصحابة صريح الكلام بخلافه.

أنت يا أخي سنان لا تعرف قيمة الشيخين الجليلين الداني وأبي داود في القراءة والرسم !! ولا تعرف أن أسانيد هذين الإمامين في القراءة والرسم تصل إلى الصحابة والتابعين . وقد صرح الداني تصريحاً لا تلميحاً في صدر كتابه أنه روى هذا عن شيوخه !
" أذكر فيه إن شاء الله ما سمعته من مشيختي ورويته عن أئمتي "
أليس الإمام الداني المجمع على إمامته في هذه الفنون يحكي لنا بهذا التقديم صورة ذلك الإجماع الذي حصل زمن الكتْبة الأولى ، بسنده القوي والمتصل ، والمشهود له بالوثاقة والعدالة ؟؟؟ وهل أشهر من أسانيد الداني أسانيد ؟!!
ثم أنت - رغم هذا الذي أوردنا !!- تطلب منا حديثاً أو نقلاً !!- ولم تستطع أن تأتي بمثله - نتجاوز فيه كل الكتب المدونة المعتمدة والتي تلقتها الأمة بالقبول ، كأنك تريدنا أن نبعث الموتى ! .
وأنت تكذّب بكلامك هذا الإمام الداني والإمام أبا داود على جلالتهما التي ذكرت لك، تكذبها بما رأيت من تحوطات (واللفظ لك) واجبة ، اتخذها السلف الكرام ، لتصون ما أجمع عليه الصحب في شأن المصاحف، وتظن أن تلك التحوطات ما كانت لتكون إلا أمارة على التوقيفات الربانية ، وهل يثبت التوقيف بالظن والاحتياط والاحتمال ؟ وهل كذلك تستنبط الأحكام ؟!.. أنت تكذبهما جميعاً معاً بلا بينة ولا برهان . أنت تكذب الرواية برأيك !! وأنت إذ تكذب الداني في القرآن برأيك أشبه بمن يكذب البخاري في الحديث برأيه !!
وأنت بذلك تخلط خلطاً لا نظير له بين دلائل ثبوت الأحكام ، وما يجب أن يراعى في جانب الأحكام الثابتة ، من التوقي والاتباع للأحكام !.
ليت شعري ! ماذا نصنع ؟!!
 
قصد الأخ العليمي بعض الآثار التي يُستشهد بها في هذا الباب، ومنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يوجه الكتبة. ولكنني لم أتعرض لهذا لعلمي ما في ذلك من ثغرات ،.
نعم ، هذا صحيح ، بارك الله فيك
وإذا كان البعض ( ومنهم أنتم كما يبدو ) يرى أن حديث معاوية السابق ذكره يُعد حديثاً ضعيفا ً، فإنى قد أخذت هنا بقاعدة الأصوليين التى تقضى بجواز الإستشهاد بالحديث الضعيف إذا لم يوجد فى الباب غيره، وهو ما ينطبق على المسألة محل النزاع
وتلك هى أدلتهم على ذلك :
قال الحافظ السخاوي في فتح المغيث ( 1 / 82 – 83 طبعة دار الكتب العلمية – لبنان) : ( أبو داود يخرج الضعيف إذا لم يجد في الباب غيره وهوأقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع في ذلك شيخه الإمام أحمد فقد روينا من طريق عبد الله بن أحمد بالإسنادالصحيح إليه قال سمعت أبي يقول لا تكاد ترى أحدا ينظر في الرأي إلا وفي قلبه غل ، والحديث الضعيف أحب إلي من الرأي ، قال فسألته عن الرجل يكون ببلد لا يجد فيها إلا صاحب حديث لا يدري صحيحه من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل ؟ قال : يسأل صاحب الحديث ولا يسأل صاحب الرأي ، كذا نقل ابن المنذر أن أحمد كان يحتج بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا لم يكن في الباب غيره .
وفي رواية عنه أنه قال لابنه لوأردت أن أقتصره على ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء ولكنك يابني تعرف طريقتي في الحديث إني لا أخالف ما يضعف إلا إذا كان في الباب شيء يدفعه
وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أنه كان يقدم الضعيف على القياس بل حكى الطوفي عن النقى بن تيمية أنه قال : اعتبرت مسند أحمد فوجدته مواقفا بشرط داود) انتهى اهـ
ثم قال السخاوي : (ونحو ما حكى عن أحمد ما سيأتي في المرسل حكايه عن الماوردي مما نسبه لقول الشافعي في الجديد : أن المرسل يحتج به إذا لم يوجد دلالة سواه

وزعم ابن حزم أن جميع الحنفيه على أن مذهب إمامهم أيضا أن ضعيف الحديث أولى عنده من الرأي والقياس
وقال ابن كثير : في القسم الأول نظر إذا لم يكن في الباب غير ذلك الحديث ، وتعرض للاحتجاج به في فتياه ، أو حكمه ، أو أستشهد به عند العمل بمقتضاه .
وبهذا ترى أن هناك من اساطين العلم من يعتد بالحديث الضعيف حتى في الاحكام إذا لم يكن في الباب غيره ، أو لم يكن هناك ما يدفعه ، وهو مقدم على كلام الرجال عندهم
وهو قول الامام أحمد ، وابو داوود ، والشافعي حكاية الماوردي ، واليه مال السيوطي ، وهو قول الاحناف حكاية ابن حزم
 
الأخ الكريم عصام،
نعرف الداني، ولذلك كانت مداخلتي السابقة احتجاجاً به. ومن يقرأ كتابه المقنع يدرك أنه يقول في بعض المسائل باجتهاده كما يصرّح هو. ومع ذلك لم أرفض له سنداً ولا اجتهاداً وإنما رفضت فهماً لك. ولا أدري لعلك لم تنتبه أنني أنقل عن الداني وأنصص كلامه. وعليه أطلب منك سنداً يسنده الداني أوغير الداني يصرّح بعدم توقيف الرسم. أما علمت أن البخاري وغيره من الأئمة إذا لم يسند لا يحتج بحديثه. وأنا أطلب ما صح عن الصحابة أو التابعين. ويبدو أنك تريد أن تقول لي إذا قال الداني قولاً فلا بد أن له سندا؟!!!!!! وأذكرك أننا لا نتحدث عن قراءة الداني. وأنت تعلم أن الكلمة تأخذ معناها من السياق، والكلمة التي تحتج بها منزوعة من سياق لا يتحدث عن التوقيف والاصطلاح. ومن معاني اصطلاح الناس إتفاقهم وتواطؤهم على أمر، والسؤال كيف اتفقوا ولماذا تواطؤوا؟ فأرجوك لا تشهر في وجهي سيف الاتهام.
ثم أريدك أن تعطيني جواباً على كلامي السابق وهو:((لكن بعض الأخوة استدرك عليَّ في ذلك فقال: بل هناك نص، قلت أين هو؟ فقال: ورد لفظ قرآن وقرآناً في المصحف 68 مرة، في حين ورد لفظ كتاب أكثر من 200 مرة. ولفظ قرآن من جهة كونه مقروءاً، أما كتاب فمن جهة كونه مكتوباً. يقول سبحانه: "تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"، وهذا يعني أن له صيغتان، صيغة ملفوظة وصيغة مكتوبة. ويقول سبحانه:"يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب"، إذن الرسول عليه السلام يعلم الكتاب. هذا ظاهر النص الكريم، ومن يرد أن يُخرج النص عن ظاهره يطالب بالدليل. ويقول سبحانه:" نزل عليك الكتاب بالحق"، ولهذا التنزيل صورتان: أن ينزل مكتوباً كما هو في اللوح المحفوظ، أو ينزل به جبريل فيكتبه الكتبة كما هو في اللوح المحفوظ. ومن يريد أن يصرف الآيات الكثيرة عن ظاهرها فليقدم لنا الدليل)).
ومن هنا أنصح الأخ العليمي أن لا يفتح باب الحديث الضعيف حتى لا ينحرف الحوار إلى مسائل شائكة.
 
في المسألة المطروحة هناك أدلة وليس هناك من نص يقدّم لنا من قبل أيٍّ من المختلفين في المسألة.
بارك الله فيكم . هذا غلط ، أنتم مَن ادعى التوقيف ، فأدخلتم في دين الله ما ليس منه ، فصرتم المطالبين بالدليل عليه ، إذ ادعيتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجّه الكُتابَ إلى نظام معين يتبعونه في كتابة المصاحف يوافق أو يخالف ما عهدوه من نظام كتابتهم قبل بعثته صلى الله عليه وسلم ، وهذه دعوى خطيرة تحتاج إلى برهان وبينة ، لما يترتب عليها من أحكام شرعية يجب المصير إليها .

فالأصل أن الصحابة رضي الله عنهم فعلوا ما لا دليل عندكم يخرجه عن أن يكون مباحا كغيره من سائر معارف الدنيا التي سكت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوقّفهم على شيء فيها ! شأنه في ذلك شأن جميع رسل الله وأنبيائه ، إذ لم يُبثعوا لمثل هذا .

ومع ذلك نجيبكم إلى بعض ما طلبتم هنا :
فأرجو أن يُنقل لي أقوال عن الصحابة تؤيد قولهم بأن الرسم ليس بتوقيفي.

من ذلك - مثلا - قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( لا يُمْلِيَنَّ - أو يُمِلَّنَّ - في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف ) . [ أخرجه أبو عبيد في الفضائل ، وابن أبي داود في المصاحف ، وغيرهما بسند صحيح لغيره ] .

وكذا قوله رضي الله عنه لما قال له رجل : ( يا أمير المؤمنين ، جئتك من الكوفة وتركت بها رجلاً يملي المصاحف عن ظهر قلبه ) يعني عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، قال عمر رضي الله عنه : ( والله ما أعلم بقي من الناس أحد هو أحق بذلك منه ) . [ أخرجه ابن أبي داود وغيره بسند حسن ] .

ومن ذلك أيضا قول عثمان بن عفان رضي الله عنه في نسخ المصاحف : ( فليكتبْ زيدٌ وليُمل سعيدٌ ) ، أو ( ليكتب أحدهما ، ويملي الآخر ) . [ أخرجه ابن أبي داود في المصاحف بسند صحيح ] .

وكذا ما رواه البخاري في صحيحه ( كتاب فضائل القرآن ، باب تأليف القرآن ) عن يوسف بن ماهَكٍ : أن عائشة رضي الله عنها أخرجت مُصحفَها لرجل عراقي فأمْلَتْ عليه آيَ السوَرِ . وعند أبي عبيد في الفضائل أن يوسف هو الذي أملى عليه .

والشاهد مما أوردت هنا وغيره أنهم كانوا يملون المصاحف ، ولو كان وقّفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على كيفية معينة من الرسم ووجوه خاصة = لما كان الإملاء ممكنا أبدا ، إنما كان يجب أن ينقل الرجل بنفسه ونظره هو من مصحف معين ، حتى ينسخه كله ، وهذا عسير جدا في مثل زمانهم ، بل ونادر حتى في زماننا اليوم بعدما تيسرت أدواته من أقلام ومداد وورق وأجهزة .
ثم إن الإملاء هو المتصور أصلا في عملهم ، لأن به يمكن للنفر من الرجال أن يكتبوا جميعا في الوقت نفسه بإملاء رجل واحد . فينجزون النسخ بسرعة . وإلا بقوا في إخراج النسخة الواحدة أياما كثيرة ! وربما اضطروا لتوزيع سور المصحف أو صفحات منه قليلة على عدة رجال ينسخون نقلا بأنظارهم . ولعل هذا مما جعل بعض السور في بعض المصاحف تتفرد بوجه معين من الرسم دون سائره أحيانا .

الإمام مالك أفتى بعدم جواز كتابة المصاحف بالرسم الجديد، بل الكتبة الأولى. فلماذا يصر رضي الله عنه على الرسم العثماني على الرغم من أن الكتابة كالصناعة كما يُصر الأخ حسين.
هذا يدل على أن فضيلتكم لم يرجع إلى ما أحلته إليه غير مرة من مراجع ، وهذه مشكلة لا يمكن معها استمرار النقاش . وقد لاحظت هذا من كثير من المغالطات في كلامكم ، والتي كان يجب أن يظهر فيه أنكم حتى كلفتم أنفسكم بالرجوع إليها ، وإلا كان ظهر ذلك ، سواء بقبوله والمصير إليه أو مناقشته والرد عليه .

ومجرد قولكم ( بالرسم الجديد ) ، وقولهم لمالك رحمه الله من قبلكم : ( على ما أحدثه الناس ) = يدل دلالة قوية على أن سائر كتاباتهم قديما كانت توافق رسم المصحف ، لمن تأمل .

أما كتابة غير المصاحف فهذا ليس محل خلاف، لأن سؤالنا محدد: هل يجوز كتابة المصاحف بالرسم الجديد الأقرب إلى اللفظ القرآني المجمع على أنه وحي من الله تعالى؟!
أيضا هذا السؤال يؤكد لي أنكم لم ترجعوا إلى ما أحلتكم إليه في مشاركة سابقة . إذ ما زالت كثير من الحقائق غائبة عنكم .
قلت مرارا : رُسمت المصاحف على ما عرفوا من نظام الكتابة في زمانهم ، ولم يكن أحدهم يجد مشكلة بين ما ينطق وما يكتب ، في المصاحف وغيرها ، إنما المشكلة عند بعضنا الآن ممن لا يدرك ذلك .
حتى إذا تغيرت كتابات الناس وتطورت ، بدأ بعضهم يلاحظ اختلافا - ولو يسيرا - بين ما أحدثوا من الرسم ، وما يجدوه في المصاحف الأولى = سئل عن ذلك مالك رحمه الله وغيره ، فأفتوا بما علمتم ، لتعلق بعض الرسم بالقراءة ، لا لاعتقادهم بتوقيفه كما ظننتم .

وقلتُم وقلنا مرارا أن ليس كل ظواهر الرسم تتعلق بالقراءة والأداء ، إنما بعضها . وحديثكم هنا عن المصحف كله ، وليس عن كلمة واحدة أو كلمتين لا يختلف الأداء بتغير وجه رسمهما !

النقط والشكل لا علاقة له بموطن الخلاف لأنها إضِافات لم تذهب الرسم العثماني. وتشدد السلف واحتياطهم عند إدخال النقط والشكل يدل على أنهم يلتزمون الرسم العثماني بشدة. ولو كان علمهم أن الرسم منهم لما تشددوا فيه.
ما ثبت من تشدد بعضهم في ذلك أول أمره ، لأمور منها خشية تغير ما قد يؤثر في القراءة ويحيلها ، فهو حرص على القراءة أولا وأخيرا كما قلت . وخشية تأثرها بذلك إذ بدأ اللحن يفشو في الناس ويكثر ، فلما تبين مصلحة ذلك رجعوا إليه وعدوه خيرا .

لا قيمة لإجماع الصحابة إلا أن يكون من قبيل الإجماع على أمر شرعي. فتمسك البعض بالرسم مع الزعم بأنه من اصطلاح الكتبة يوقعنا في تناقض.
مَن ظن أني أعتقد باصطلاح الرسم بمعنى أنه من اختراع الصحابة أو اتفاقهم على ظواهره ووجوه رسمه ( كالمجامع اللغوية الآن مثلا ، أو لجان مراجعة المصاحف ) ، أو اتفاقهم على حذف كلمة من مصحف معين وإثباتها في آخر لمصحلة ما ، أو بمعنى أنهم اصطلحوا على زيادة حرف في كلمة كذا ونقصانه في أخرى لسبب ما رأوه = من ظن ذلك من كلامي فقط أخطأ ، ولم يدرك ما أردت بيانه !

اعتقادي في الرسم - الذي لم أجد ما ينقضه إلى الآن ، ويظهر لي كل يوم ما يؤكده - أنهم نسخوا المصاحف وِفق ما عرفوا وألفوا ونشأوا عليه وشبوا من نظام الكتابة وأساليبها وقواعدها في زمانهم - كما نحن الآن وغيرنا من الأمم في سائر كتاباتها - ، ووفق ما علموه وانتقل إليهم من صنعة الكتابة ممن سبقهم من العرب أو الأمم القريبة منهم . ولم يجدوا في ذلك اختلافا بين ما يكتبونه في مصاحفهم وفي غيرها . كل ذلك وقع منهم دون اتفاق أو توقيف .

ورغم تطور الكتابة كل يوم وبُعد زمانهم عنا ، ما زالت تحتفظ كتاباتنا بكثير من الظواهر الكتابية التي نجد آثارها جلية في رسم المصحف وغيره من النقوش القديمة التي بلغنا صفة رسمها . كمثل حذفنا الألف في ( هذا ، لكن ، هؤلاء ) وغيرها ، وكمثل إثبات الواو في ( أولئك ، عمرو ) وغير ذلك كثير جدا . ولم يبق منه إلا القليل الذي بقي أثره في رسم المصاحف وتغيرت كتابة الناس فيه ، مثل كلمة ( الصلوة ) ، حتى وقت قريب جدا كان كثير من الناس يكتبها كذلك بالواو !
حتى أخذت تطرد كثير من ظواهر الرسم مع الأيام ، ولم يشذ إلا اليسير ، ثم حُفظ الأمر بالرواية وبقي على ذلك في بعض المصاحف إلى يومنا ( كما مثلنا بكلمة لأاذبحنه ) ، كل ذلك بقدر الله عز وجل .
فليس لأحد بعد ذلك أن يطالب بتغيير رسم المصاحف لمجرد اختلافاته اليسيرة هذي مع ما أحدث الناس . بل الأولى أن تُعلَّم لمن يقدر .
فإن هممتُ بنسخ مصحف أو طباعته - وقد صار ذلك ميسورا في زماننا بفضل الله - ، وتحريتُ في ضبطه قراءة أهل مصر من الأمصار ، فما يجرمني بعد ذلك على ترك ما بلغني من رسم المصاحف القديمة ، على ما بين رسمها ورسمنا من اختلافات يسيرة ؟!
ثم إن الاكتفاء بما رواه علماء الرسم يسد باب الاختلاف على رسم موحد جديد يكون نموذجا يُرجع إليه في نسخ المصاحف !
وإلا رأينا العجائب في المصاحف ، بعدما فشا الفساد في الناس كما نعلم !
لكن الأهم من ذلك كله أن (بعض) الرسم يتعلق بحروف القراءة . غير ما هنالك من مصالح عدّها العلماء يطول الحديث هنا بتتبعها .
ومع ذلك كله لم يمنع العلماء من كتابة القرآن أو بعضه على ما أحدث الناس ، ولا نجد دليلا يمنع من ذلك . ما دام الرسم محفوظا يرجع إليه القراء والباحثون . ثم إن كلام مالك وأحمد لا يُفهم منه حُرمة ذلك أو كُفر فاعله أبدا ، إنما كرهوه لما ذكرنا . ولو كان القول بالتوقيف ظاهرا في الناس جليا مسلما به معمولا عليه الإجماع كما ظننتم = ما استفتى الناسُ مالكا والأئمةَ في ذلك ، ولروى الأئمة دلائله في كتبهم وفتاويهم واستشهدوا به على أقوالهم ، ولما رأينا مصاحف كثيرة في خزانات العالم مما يرجع إلى القرون الأولى - لا تكاد تجد تطابقا تاما بين ثلاثة منها في ظواهر الرسم التي لا يختلف الأداء بتغير وجوهها ، وإن كُتبت جميعا وفق ما صح ولاقى القبول من قراءات أئمة الأمصار .
 

قلنا من قبل أننا نرجّح أن النبى – صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن جاهلاً بقواعد الكتابة طوال حياته ، بل نرجّح أنه تلقَّى العلم بها من الله عز وجل عن طريق أمين الوحى جبريل عليه السلام ، وليس قولى هذا بدعاً من القول ، بل قال به قبلى علماء أفذاذ :​

بارك الله فيكم ، ذلك لم يخف ، وإصراركم على إقحام الحديث عن مسألة أمية الرسول صل1 هنا = لا محل له من الإعراب ! لا سيما بعدما قلتُ ( سلّمنا جدلا أنه كان يعرف الكتابة صل1 ) . فما بالنا نعيد الكلام ونكرره وعندنا من المشاغل ما عندنا ؟!
فإن شئتم فتحتم لذلك موضوعا مستقلا ، وأمددناكم ببعض الكتب التي ناقشت معرفته صل1 الكتابة كما تفضلتم ، مثل كتاب ( تحقيق المذهب ) لأبي الوليد الباجي ، أشهر من صرح بذلك على الإطلاق .
لكن سلمنا بهذا جدلا حتى نكمل الحوار ، مع أنه غير ممتنع أن يكون رسول الله صل1 قد عرف الكتابة آخر حياته لماماً - كما قال بعض الباحثين - لا سيما مع شدة ذكائه صل1 وتوافر الكُتاب حوله ، لكنه قطعاً لم يُحسنها صل1 ولا احترفها كالكُتاب ، ولا ورد عنه أنه كتب إلا كلمات يسيرة إذا أُخذت الأحاديث على ظاهرها كما فهم بعضهم .
لكن المهم ما طلبنا الأدلة عليه مرارا ؛ أين الأحاديث والآثار على أنه صل1 وجّه الكتاب وعلّمهم غير ما عهدوا من كتاباتهم ؟؟
استشهدتم بحديث واحد ! وكان باطلا ! وإن صحّ فلا علاقة له بموضوعنا !
وكنت قد سألت أبا المقداد عنه ولم أنتبه حينها - ولا أنتم ! - أنه نُقل في المشاركة قبلها مباشرة قولُ ابن حجر ببطلانه من رواية أنس ! فإن كان عندكم علم بصحة هذي الرواية فبينوه لنا جزاكم الله خيرا . ربما كانت أحسن أحواله أن يكون موقوفا على بعض مَن يعلم صنعة الكتابة من الصحابة كعثمان وعلي رضي الله عنهما .
ولو سلمنا - جدلا - بصحة هذا الحديث مرفوعا ، أين هو مما نتحدث فيه من حذف ألفات ، وزيادة ياءات ، وتبديل واوات ؟!
إنما الكلام في الحديث كله عن ظواهر فَنِّية جمالية يتذوقها بنظره العالِم بالكتابة والجاهل بها ، لا سيما في كلمة كالبسملة تدور في كلام الناس كثيرا ويفتتحون بها كتاباتهم ، قرآنا كان أو غيره . ثم أين الدليل من الحديث أنه قصد بها قرآنا ؟! ألا يحتمل أن يكون ذلك أثناء كتبه رسالة مثلا يمليها عليه ؟ أو أنه وجهه إلى تحسين خطه فيها وفي غيرها عامة ، دون أن يكون وقت قالها كان يملي عليه شيئا ؟
ثم إن الأمي قد يعرف كثيرا من الكلمات التي يتوافر الناس على كتابتها أمامه ، من مثل اسم الله عز وجل ، والبسملة ، والشهادة وغيرها ، بل يكتب بعضهم اسمه ( محمد ، أحمد ) وغير ذلك ، ولا يخرجه هذا عن أن يكون أميا .
ولا يُستبعد أن يكون رسول الله صل1 عرف بعض ذلك أو علمه لماما لذكائه وتوقد ذهنه صل1 .
ولو أن رجلا أميا توافر أولاده حوله يكتبون أمامه واجباتهم المدرسية مثلا لما استحال أن يلتقط بعض معرفة أشكال بعض الحروف أو الكلمات وأسمائها ، لكن ذلك لا يجعله مثلهم أبدا في معرفة الكتابة ، إلا بأن يجلس ليتعلم ذلك منه قصدا .
بل بعض الخطاطين أُمي لا يقرأ ولا يكتب إلا بصعوبة جدا ! لأنه في الحقيقة يرسم نقلا بنظره لا غير ، بل ربما يبدع في ذلك ويسبق غيره من الكاتبين. وكثير منهم لا يعرف قواعد الكتابة وأصول الإملاء أصلا !
فظهر أن الحديث لا يصح الاستشهاد به فيما نتحدث عنه من ظواهر الرسم بحذف الألفات والواوات وزيادتها وغير ذلك . ذلك إن صح سنده أصلا . وهو يعارض الروايات الصحيحة الثابتة التي تدل على أنه صل1 لم يكن يُحسن الكتابة .
ولو عُلم من حاله صل1 أنه كان يوجه الكُتاب إلى مثل ذلك أو يعلمهم أياه = للزم أن يقع ذلك منه مرارا وتكرارا لكثرة ما كان يملي عليهم ، ولذاع ذلك في الناس وانتشر ، لكثرة الكاتبين السامعين لتوجيهاته تلك صل1 .

بل لو أحسن الكتابة صل1 لكتب بنفسه ولم يحتج إليهم أو يرسل إلى زيد مثلا ، ولكانت القِطع التي كتبها صل1 أكثر القطع حرصا منهم على طلبها عند جمع المصحف ، وعلى كثرة روايات أحاديث الجمع والنسخ لم نجد مثل ذلك فيها ، ولا أشاروا إليه ، وهي مظنته ومكان تبيانه إن كان وقع .

قلتم أن جبريل علّمه الكتابة ، وبأن الأئمة قالت بذلك ، لم أجد هذا في مشاركتكم ؟! ومثله لا يثبت بمجرد الظن والوهم ، مع حسن مقصدكم . ولعلكم تناقشون ذلك في موضوع آخر مستقل إن شئتم . فليس حديثنا هنا عن أميته صل1 .

وإن يكن هذا هو حديث الباب الوحيد عندكم .. فالله المستعان .​
 
الأخ الكريم عصام،
نعرف الداني، ولذلك كانت مداخلتي السابقة احتجاجاً به. ومن يقرأ كتابه المقنع يدرك أنه يقول في بعض المسائل باجتهاده كما يصرّح هو. ومع ذلك لم أرفض له سنداً ولا اجتهاداً وإنما رفضت فهماً لك. ولا أدري لعلك لم تنتبه أنني أنقل عن الداني وأنصص كلامه. وعليه أطلب منك سنداً يسنده الداني أوغير الداني يصرّح بعدم توقيف الرسم. أما علمت أن البخاري وغيره من الأئمة إذا لم يسند لا يحتج بحديثه. وأنا أطلب ما صح عن الصحابة أو التابعين. ويبدو أنك تريد أن تقول لي إذا قال الداني قولاً فلا بد أن له سندا؟!!!!!! وأذكرك أننا لا نتحدث عن قراءة الداني. وأنت تعلم أن الكلمة تأخذ معناها من السياق، والكلمة التي تحتج بها منزوعة من سياق لا يتحدث عن التوقيف والاصطلاح. ومن معاني اصطلاح الناس إتفاقهم وتواطؤهم على أمر، والسؤال كيف اتفقوا ولماذا تواطؤوا؟ فأرجوك لا تشهر في وجهي سيف الاتهام.
ثم أريدك أن تعطيني جواباً على كلامي السابق وهو:((لكن بعض الأخوة استدرك عليَّ في ذلك فقال: بل هناك نص، قلت أين هو؟ فقال: ورد لفظ قرآن وقرآناً في المصحف 68 مرة، في حين ورد لفظ كتاب أكثر من 200 مرة. ولفظ قرآن من جهة كونه مقروءاً، أما كتاب فمن جهة كونه مكتوباً. يقول سبحانه: "تلك آيات الكتاب وقرآن مبين"، وهذا يعني أن له صيغتان، صيغة ملفوظة وصيغة مكتوبة. ويقول سبحانه:"يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب"، إذن الرسول عليه السلام يعلم الكتاب. هذا ظاهر النص الكريم، ومن يرد أن يُخرج النص عن ظاهره يطالب بالدليل. ويقول سبحانه:" نزل عليك الكتاب بالحق"، ولهذا التنزيل صورتان: أن ينزل مكتوباً كما هو في اللوح المحفوظ، أو ينزل به جبريل فيكتبه الكتبة كما هو في اللوح المحفوظ. ومن يريد أن يصرف الآيات الكثيرة عن ظاهرها فليقدم لنا الدليل)).
ومن هنا أنصح الأخ العليمي أن لا يفتح باب الحديث الضعيف حتى لا ينحرف الحوار إلى مسائل شائكة.

لا أريد الآن أن أنتقل مما أوردت من أدلة إلى أدلة أخرى ، لأني صرت أظن أن هناك مشكلة في فهم الدليل ، فلا يغني الانتقال إلى دليل آخر ، إذا بقيت المشكلة معنا :

فلا زلت تثبت أنك لا تعرف أستاذ الأستاذين وشيخ مشايخ المقرئين كما وصفه بذلك الشمس ابن الجزري .
وقال الذَّهبيُّ: إلى أبي عمرو [الداني] المُنـتهَى في تحرير علم القراءات، وعلم المصاحف، مع البراعة في علم الحديث والتَّفسير والنَّحو، وغير ذلك.
والداني هو صاحب المثل السائر في سماء المنقول والمعقول : "وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف القرآن على الأفشى في اللغة، والأقيس في العربية، بل على الأثبت في الأثر، والأصح في النقل، وإذا ثبتت الرواية لم يردّها قياس عربية، ولا فشو لغة؛ لأن القراءة سنة متبعة، يلزم قبولها والمصير إليها".
وهب ( وهب تفيد الظن ، ولا تعارض مع حسن الظنون ) هب أنه يجتهد فاجتهاده ليس خارجاً عن ترجيح نقل على نقل وتقوية سند على سند ونحو ذلك مما لا يخفى .
وهب أنه يبدي رأياً من تلقاء نفسه ليس له فيه سلف ( وهذا ليس من شأنه في هذا الكتاب ) ، فإنه لفرط أمانته ووثاقة علمه فإنه يصرح - ولا بد ّ- بأن هذا من عنده ، أو هذا رأيه . ولم نجده فعل ذلك .
وكيف يخون القارئ منذ صدر الكتاب بعرض رأيه في معرض المسلمات ؟. وكيف نصرف الرواية الصريحة إلى الدراية بهذه الطريقة من التخمين الرياضي العددي الذي يفرض الفروض ويلج في إثباتها بعد ؟.
أما تأويلك للفظ " المصطلح " بلا مسوغ وجيه ، وادعاؤك فيه أنه وارد في غير سياق ما نحن بسياقه ، فكلام لا يليق بفضيلتك التي أشار إليها الأخ الحبيب العليمي . فالداني جعل كتابه هذا في الروايات التي تذكر رسم المصاحف متفقة ومختلفة ، ولا شيء غير الرواية كما هو معلوم وصريح ، وأخلاه من العلل والشرح كما قال هو بنفسه ، وزاد بأن عاب من اكتفى فيه بظنه ودرايته ، فإذا رددنا عليه رددنا ببرهان وبينة وتجرد للحق ، وإذا كان ذكره للاصطلاح في المقنع سهواً ، فكيف يتواطأ معه على ذكره أبو داود وغيره من الأئمة وصولاً إلى الشيخ علي الضباع في سمير الطالبين .
وصدقني ! هذه أول مرة أسمع فيها أن العلماء إذا أطلقوا لفظ (اصطلح) فهم يريدون به التوقيف !!، لأنهما ضدان ، والخطأ في استعمالهما لا يليق حتى بصغار المدارس . فأرجو أن تعيد النظر .
واسمح لي أن أعيد نص الإمام الداني واصلاً له بما قطعته عنه اقتصاراً واختصاراً للبيب ، حتى نفهم مقصد الداني في كتابه هذا، يقول رحمه الله في مقدمة كتابه المقنع (والأرقام من عندي، واللون الأزرق كلامي ، والأحمر للتنبيه ):

"(1) هذا الكتاب أذكر فيه إن شاء الله ما سمعته من مشيختي ورويته عن أئمتي [أول تصريح بالنقل عن أئمته ومشيخته]
(2) من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار: المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وسائر العراق
(3) المصطلح عنه / عليه قديماً [أوضح تصريح بأن الرسم اصطلاحي، فلماذا لم يقل : المنصوص عليه توقيفاً؟!]
(4) مختلفاً فيه ومتفقاً عليه
(5) وما انتهى إليّ من ذلك وصحّ لديّ منه [ثاني تصريح بالرواية عن أئمته ومشيختي بالسند الصحيح إلى الصحابة والتابعين]
(6) عن الإمام مصحف عثمان بن عفّان رضي الله عنه وعن سائر النسخ التي انتسخت منه الموجّه بها إلى الكوفة والبصرة والشام
(7) وأجعل جميع ذلك أبوابا، وأُصنفه فصولا،
(8) وأُخْليه من بسط العلل وشرح المعاني [تصريح بأن الدراية لا محل لها في كتابه وأنه لا يتدخل فيه باجتهاده إلا من جهة الرواية فحسب والتصنيف]
(9) لكي يقرب حفظه، ويخفف متناوله على من التمس معرفته
(10) من طالبي القراءة وكاتبي المصاحف وغيرهم ممن قد أهمل شرح ذلك وأضرب عن روايته، وأكتفى فيه دهرا بظنه ودرايته [يعيب على المخالفين]،
(11) وقد رأيت أن أفتح كتابي هذا بذكر بعض ما تأدى اليّ من الأخبار والسنن في شأن أهل المصاحف وجمع القرآن فيها إذ لا يستغنى عن ذكر ذلك فيه أولا، وبالله استعين وعلى إلهامه للصواب اعتمد، وهو حسبي ونعم الوكيل".
فهل تبين أن المقنع كتاب رواية محققة فحسب ؟
أما أسانيد الداني إلى قراء الصحابة ومصاحفهم فأشهر من نار على علم ! [ينظر : معرفة القراء الكبار للذهبي ، وغاية النهاية لابن الجزري وغيرهما]
 
والمقنع للداني مصدر من أجل مصادر الرسم العثماني ، لا تجد مصحفاً الآن (ومنها مصحف المدينة الذي تتخذونه مرجعاً للإحصاء) إلا ومن مصادر رسمه كتاب الداني هذا أو من نقل عن الداني نقلاً كثيراً أو تلمذ له .
وناقله الإمام الداني مؤتمن على ما ينقله نقلاً صحيحاً ، إن لم يكن قد بلغ مبلغ التواتر ، وهو في كليهما مصدق مؤتمن لا قادح فيه .
وأنتم تقولون هو رسم توقيفي ، محسوب ، معدود ، كأدق ما يكون الحساب والعد ! .
فكيف تصفون ناقل هذا التوقيف المحسوب والمعدود والدقيق ، بأنه يخلط (أو يدلس) اجتهاده بنقله ودرايته بروايته ؟
رغم قولكم : "ومن يقرأ كتابه المقنع يدرك أنه يقول في بعض المسائل باجتهاده كما يصرّح هو". وهل صرح أن قوله في صدر كتابه : " الرسم اصطلاح " من اجتهاده ؟؟؟ لم يفعل !
وكيف السبيل إلى تصفية أهم مراجع الرسم مما شاب الرسم التوقيفي فيها – على ما قلتم (بلازم قولكم) – من آراء الرجال ؟
كيف تحكمون بأنه توقيف ؟، ثم تعودون ، فترون (في سياق تشكيكي) أنه ( أي الحكم بالاصطلاح ) اجتهاد من الداني موقوف عليه أو مخلوط باجتهاد ؟ (رغم تصريحه الآنف الذكر في المشاركة السابقة بأنه ناقل لا شارح ولا معتل)، كيف يخلص هذا الاجتهاد المدعى منكم على الإمام من هذا التوقيف المدعى منكم على الرسم، وكيف نحررهما ؟ كيف نحرر معقوله من منقوله؟ .. وإذا لم نستطع تخليصه وتحريره ، فكيف نحكم بتوقيف الرسم كله جميعاً (من فاتحته إلى ناسه) على ما في الرسم (على زعمكم) من اختلاط ، وكيف نشرع في عد ما هو مخلوط توقيفه باجتهاده وروايته بدرايته ، وكيف نثبت الإعجاز العددي من بعد ذلك كله ؟!
أليس إقراركم بالاجتهاد من هذه الجهة (التي هي في الحقيقة تشكيك في الرسم وناقليه إلينا) .. أليس هذا نقضاً لمدعاكم في توقيف الرسم فالإعجاز المنوط به أو احتمال الإعجاز الذي قد يقع في قابل الأيام ؟
 
معذرة شغلت اليوم، ولما فتحت ليلاً وجدت كلاماً طويلاً رأيت أن أقسّم الرد. وأبدأ بمداخلات أخي حسين:
يقول أخي حسين أننا لم نقدم الدليل، وكان بإمكانه أن يقول دليلكم عندنا لا يدل، لأننا قدمنا له عدة أدلة. وعندما قدّمت له نصوصاً وطلبت الإجابة عنها تناسى هو والأخ عصام الأمر _ الأهم _ ولعلهم يجيبون في مداخلات قادمة.
كنت أعلم أن الذين يزعمون أن مذهب جمهور السلف هو عدم التوقيف لا يملكون دليلاً إلا ما سمعوه من بعض المشايخ فظنوه حقيقة. ومن أراد أن يطلع على الدليل فهذا أخي حسين يقدمه،ِ وخلاصته أن الصحابة كان يملي بعضهم على بعض، فكيف يمكن الإملاء والرسم توقيفي. الجواب: أولاً: إملاء واحد على آخر ِأبعد عن الخطأ وأسرع في الإنجاز وعلى وجه الخصوص عندما يملي واحد على جماعة. ثانياً: السائد في المصحف هو الرسم الاصطلاحي ومن هنا يسهل الإملاء مع التنبيه إلى حذف ألف مثلاُ أو إثباتها، أو حذف ياء إبراهيم أو إثباتها. ويمكن للأخ حسين أن يطبق ذلك عملياً فيملي صفحة على زميل له. وهنا لا بد أن ننبه أننا قلنا سابقاً إن إقرار الرسول عليه السلام للمصطلح يجعله توقيفياً بدليل عدم الإقرار في مواقع محددة معروفة لنا.
لم أستدل بقولهم"على ما أحدثه الناس" إنما أستدل بقول مالك رضي الله عنه:"بل الكتبة الأولى"، لماذا الكتبة الأولى إذا كان ما يُحدَث أقرب إلى اللفظ المتواتر؟ ثم أنت أخي حسن تقرّعني لأني لم انظر في إجاباتك السابقة.
تقول أخي حسين:" لم يكن أحدهم يجد مشكلة بين ما ينطق وما يكتب"، من أين لك هذا ونحن نلاحظ اختلاف الرسم في الكلمة الواحدة. والذي يقرأ لأعذبنه كيف سيقرأ لأاذبحنه؟ّ!!
اختلاف رسم المصاحف بين سببه الداني ونقلت في مداخلة سابقة تعليله، وخلاصته أن عثمان رضي الله عنه فرقها في المصاحف لعلمه بنزول الكل.
أما مسألة أمية الرسول عليه السلام فلا تفيد هنا لأن النبي الأمي أقدر على الإملاء من العالم المتقن للكتابة، فلا ضرورة للخوض في المسألة.
 
الأخ عصام
أين قلتُ إن لفظ اصطلح يعني التوقيف؟!!
لماذا تطيل الحديث عن فضل الداني وفضل أسانيده ونحن لم نخالف في ذلك. وإنما نطلب منك أن تأتي بكلامه صريحاً في سياق يناقش فيه المسألة. أما أن تعمد إلى مقدمة كتاب وتنتزع منها كلمة لتعتبر أن هذا موقف الداني، فلا أظن أن العلماء يقبلون مثل هذا الاستدلال. ونحن نعلم أن للكلمة حقيقة لغوية وحقيقة عرفية وحقيقة شرعية. فوسع صدرك معي أخي ودلل لي بكلام للسلف يصرحون فيه بعدم توقيف الرسم، أو بكلام للداني في سياق غير ملتبس حتى ندخل ذلك في باب الأدلة.
ثم كثرة تنقيركم على الإعجاز العددي لا يدل على جدية في البحث عن الحقيقة. وهنا أقول:
هناك إعجاز لا علاقة له بالرسم وإنما بترتيب السور وهو الأضخم. فما عساكم تقولون؟ أنا أقول لك الحل: لا بد عندها أن نطرح مسألة ترتيب السور ونزعم أن الصحابة هم الذين رتبوه، وستجدون لكم سلفاً في هذه المسألة، المهم أن نجد وسيلة لرفض هذه المسألة التي لم يقل بها السلف، فهل يعقل أن نعلم أمراً لم يعلمه الصحابة رضوان الله عليهم؟!!!!!!!!!!!!
 
يقول أخي حسين أننا لم نقدم الدليل، وكان بإمكانه أن يقول دليلكم عندنا لا يدل، لأننا قدمنا له عدة أدلة. وعندما قدّمت له نصوصاً وطلبت الإجابة عنها تناسى هو والأخ عصام الأمر _ الأهم _ ولعلهم يجيبون في مداخلات قادمة.
بارك الله فيكم ، أين هي أدلتكم والأمر الأهم الذي تناسيناه ؟؟ لعلنا لم ننتبه له .
إن كنتم قصدتم ما نبهكم عليه بعض الأخوة مؤخرا : بأن الله عز وجل وصفَ القرآنَ وغيره مما أنزل على رسله بأنها ( كُتب ) ، وبأن القرآن كتاب ؛ تستشهدون بذلك على أن رسول صل1 علّم الصحابة وجوها معينة من الرسم يتبعوها = فهذا أقل من أن يوقف عنده أو يرد عليه ! إذ فيه من المغالطات بأصول اللغة وأصول التفسير وغيرها ما يطول الحديث بتتبعه وذكره هنا .
فالأحسن أن تفتحوا فيه موضوعا في الملتقى العلمي ، لتسمعوا رأي مشايخنا وأهل التفسير في الآيات ، وترون إن كان سبقكم إلى هذا الكلام العجيب من قبل أم لم يسبقكم إليه أحد من العالمين ! وإلا فتحته أنا وأعدكم أن لا أتعرض فيه لغير ما ذكرتم من دلالة الآيات . ونحن بين أهل التفسير ولا بد أن نحترمهم .

ثم قولي بأن لا دليل عندكم يعني صحيحا معتبرا عند العلماء !
وإلا مثلا لو سألتَ ملحدا عن دليله على إنكاره البعث ، فغنّى لك أغنية !
هل تقول أعطاني الدليل ، ولكن دليله عندي لا يدل ؟! .. إنما هو أجابك ، لكن بغير دليل .
( طبعا قصدت التقريب بالمثال ، وإلا فإنا نحبكم في الله بقدر ما بيننا من أخوة الإسلام ، وإن اختلفنا وخطأ بعضنا بعضا )

كنت أعلم أن الذين يزعمون أن مذهب جمهور السلف هو عدم التوقيف لا يملكون دليلاً إلا ما سمعوه من بعض المشايخ فظنوه حقيقة.
أخطأتم في ظنكم ، وأنتم من يطالَب بالدليل ، وإن لم نقدم أي دليل على عدم التوقيف لأنه الأصل ، فلا يدخل شيء في دين النبي صل1 إلا ببرهان وبينة !!

ومن أراد أن يطلع على الدليل فهذا أخي حسين يقدمه،ِ وخلاصته أن الصحابة كان يملي بعضهم على بعض، فكيف يمكن الإملاء والرسم توقيفي.
خطأ آخر ، ليس هذا وحده ما أستدل به ، ولا قول عثمان للرهط ( إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلسان قريش ) فقط ، ولا أميته صل1 فقط ، وإن كان كل ذلك جميعا كاف ! إنما دليلنا الأول ( هو عدمكم الدليل ) ، وهذا وحده شاف كاف ، ثم من بعده ما ذكرناه لكم مفرقا - مجاراة - وما لم نذكره !!

ثانياً: السائد في المصحف هو الرسم الاصطلاحي ومن هنا يسهل الإملاء مع التنبيه إلى حذف ألف مثلاُ أو إثباتها، أو حذف ياء إبراهيم أو إثباتها.
وما الضمان أن لا يختلفوا فيما سكت عنه المملي ؟!! وهو الكثير السائد كما قلتم ؟!

ويمكن للأخ حسين أن يطبق ذلك عملياً فيملي صفحة على زميل له.
صدقت ، صفحة واحدة ، وزميل واحد .. سهلة ! ... لكنا نتكلم في أناس يملئون مسجدا ! .. يُملي عليهم من حفظه !! ... مئات الأوراق ..... !!!!!
هذا على فرض أن أقلامهم وأوراقهم كانت من نوع ( روترينغ ) !!

كل هذا ليس مشكلة !! لكن المصيبة : أن تدّعوا كل هذي العجائب والغرائب التي تستحيل في مستقر العادة !! ثم لا تجدوا أي دليل أو إشارة إلى حدوثها مع كثرة عدد من رأوها وحضروها إن كانت وقعت !!

هلا عددتمونا في العقلاء ولو لدقائق ؟!!

وهنا لا بد أن ننبه أننا قلنا سابقاً إن إقرار الرسول عليه السلام للمصطلح يجعله توقيفياً بدليل عدم الإقرار في مواقع محددة معروفة لنا.
على قولكم هذا مثلا يكون تسقيف المساجد بجريد النخل أمرا توقيفيا !!
وكذا كتابة القرآن على اللخاف والعسب !! وغير ذلك كثير ؟!

لم أستدل بقولهم"على ما أحدثه الناس"
صدقتَ ، ولكن برأيك - وأرجو أن تجيبني - : ما معنى ( أحدثه الناس ) ؟ وما هو الذي أحدثوه ؟ وكيف كان قبل أن يحدثوه ؟
وأنت صغته ثانية بقولك ( الرسم الجديد ) ، هذا ما قصدتُ .

تقول أخي حسين:" لم يكن أحدهم يجد مشكلة بين ما ينطق وما يكتب"، من أين لك هذا ونحن نلاحظ اختلاف الرسم في الكلمة الواحدة. والذي يقرأ لأعذبنه كيف سيقرأ لأاذبحنه؟ّ!!
كما لم تجد أنت مشكلة في كتابة كلمة ( هذا ) مع نطقك ألفا بعد الهاء !! هل لاحظت ذلك ؟! طبعا لا ! ومثلها كتابتك الواو في ( أولئك ) بغير نطق الواو ؟ هل عندك مشكلة .
لكن لو جئت بأعجمي تعلمه العربية والكتابة للاحظ ذلك من أول مرة !! وهذا ما حصل معي ومعك وغيرنا من الأعاجم لما رأينا رسم المصاحف ! ثم نحاكمهم بعد ذلك بما نكتب نحن بميزان مقلوب!! ونجعل ما وافقونا فيه اصطلاحا، وما خالفونها فيه توقيفا ! يا سلام !

اختلاف رسم المصاحف بين سببه الداني ونقلت في مداخلة سابقة تعليله، وخلاصته أن عثمان رضي الله عنه فرقها في المصاحف لعلمه بنزول الكل.
ليست القضية مَن قال ! إنما القضية بالبرهان !
ما الدليل على أن صفة الرسم ووجوهه وكيفيته نزلت من السماء ؟! وما الدليل على أن رسول الله صل1 تعلمها من جبريل ؟! .. سلمنا بكل هذا جدلا !! واعتبرنا الآيات التي ذكرتموها تدل عليه ولو من بعيد ! لاحظ .
ما الدليل على أن رسول الله صل1 وجّه أصحابه إليها وعلمهم إياها ؟! [لست أدري كم مرة قلت هذا السؤال ، والله المستعان]، وكيف يقع منه ذلك مرارا وتكرارا ، ولا يبلغنا شيء منه ؟!!
ثم كلام الداني الذي نقلتموه هو عن حروف معينة من القراءة تتعلق بالرسم ، لا يحتملها جميعا وجه واحد منه ( وهي قليلة ) وقد رواها الأئمة قبله ، وليس هذا حديثنا . فأين سائر الرسم من هذا الكلام ؟!
وأين البرهان على أن عثمان رضي الله عنه قصد تفريق ذلك ؟؟ حتى لو قال به الداني أو غيره من الأئمة رحمهم الله جميعا .
ولا نريد أن نتطرق للكلام عن القراءات والأحرف هنا .
بل رواية أبي عبيد وغيره - من قبل الداني - لهذه الحروف ( دون سائر ظواهر الرسم ) = مما يعضد القول بعدم التوقيف أيضا !

أما مسألة أمية الرسول عليه السلام فلا تفيد هنا لأن النبي الأمي أقدر على الإملاء من العالم المتقن للكتابة، فلا ضرورة للخوض في المسألة.
الإملاء والتلاوة يقدر عليهما الأمي والكاتب ، إنما نتكلم عن صنعة الكتابة وتعليمه أوجه الرسم لأصحابه صل1 !
فما برهانكم على وقوع ذلك منه صل1 ؟ سواء تعليما بالوحي أو آية معجزة ؟ حتى نصدق أنها وقعت .. أم تنسبون لرسول الله صل1 مثل ذلك بمجرد الظن ؟!!

والله عندي ما يشغلني عن متابعة الملتقى كله هذي الأيام ، لكن قدر الله أن أتورط في مناقشة هذا الموضوع رغم ضيق الوقت ، وقد تعبت حقا من تكرار الكلام . لولا أن طبيعة عملي على الحاسوب يسرت علي ذلك أحيانا ، فالحمد لله على كل حال ، وهو الموفق والمستعان والهادي للحق .​
 
الأخ عصام
أين قلتُ إن لفظ اصطلح يعني التوقيف؟!!
ماذا تفهم من هذا القول الذي تقوله أنت في المشاركة (رقم 67) :
وما أورده الأخ عصام من نقل عن الداني هو مقدمة ترد فيها كلمة مصطلح في سياق يصعب فيه الزعم أنه بالمعنى المختلف فيه هنا
ما وجه الصعوبة ؟ وما التأويل الصحيح ؟ وهل يحتاج لفظ المصطلح إلى تأويل أصلاً ؟ لم تبينه لنا .
وكذلك قولك في المشاركة رقم (77) :
إقرار الرسول عليه السلام للمصطلح يجعله توقيفياً
وكأن الرسول قد حضر معهم الكتبة ، والاصطلاح الذي كان ، فأقرهم عليها ، فانقلبت توقيفاً بعد أن كانت اصطلاحاً !!!:
كيف ذلك ؟! وما معنى هذا هنا ؟ .
وعلى ماذا يدل عندك كلام الإمام الداني الذي أوردناه لك ( بعد أن لم تذكر لنا التأويل الصحيح في نظرك لقول الداني ) إذا لم يكن معناه مختلفاً عن التوقيف ، فلا بد (على قولك إذن) أن يكون هو المعنى الموافق ، إذ لم يكن المعنى المختلف، يعني مرة أخرة أنك تقول : إن قول الداني : "المصطلح عليه قديماً" ليس دالاً دلالة قاطعة على نفي التوقيف ، أي : لفظ " المصطلح " ( وقد ورد هنا صريحاً ) ليس عكس التوقيف ، فهو لا يناقض التوقيف ، أي قد يكون دالاً على التوقيف ، فلا بد أن يكون هو إياه !! سبحانك ربي !
لماذا تطيل الحديث عن فضل الداني وفضل أسانيده ونحن لم نخالف في ذلك
لأنك تتناقض ، وتتعنت في رد أسانيده ، وتطلب سنداً آخر غير سند الداني إمام الفن وديوانه ، وذلك في قولك بعده :
وإنما نطلب منك أن تأتي بكلامه صريحاً في سياق يناقش فيه المسألة
إذن ! أنت تريد من الإمام الداني ، لكي يكون كلامه قاطعاً كالسيف ، أن يأتي مثلاً مثلاً إلى كلمة ( يخادلون ) في صدر البقرة ، ويقول لك أو لأمثالك من الباحثين المعاصرين بلسان هذا العصر الذي نعيش فيه نحن : "حدثنا أحمد بن عمر بن محمد بن عمرو الجيزي قراءة منّي عليه ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن عبد العزيز الإمام ، قال : حدثنا عبد الله ابن عيسى المدني ، قال : حدثنا عيسى بن قالون ، عن نافع ابن أبي نعيم القارئ ، قال : الألف غير مكتوبة يعني في المصاحف في قوله في البقرة (وما يخدعون) و...".. وبعد أن ينهي هذا القول المنقول ، تريد منه ، عليه من الله الرحمة والرضوان ، أن يعقب عليه مثل تعقيبات المستشرق الكبير براجستراسر عند كل موضع موضع ، ويقول : وهذا أيها القارئ اللبيب والفطن العجيب من ( الهجاء المصطلح عليه قديماً ) [مقتبس من المقدمة] بين الصحابة والمجمع عليه فيما بينهم والمحرم على الناس مخالفته أو نحو ذلك مما يكشف المكشوف ويوضح الواضح. دأباً يكرر لك هذا القول عقب كل أسانيده ومروياته ، ولا يعتبر أمراً كلياً يورد في المقدمة ويصدق على جميع الجزيئات !! وسيأتي كتابه في سبعين أو سبعمائة كراسة !! أهذا هو المطلوب ؟!!
ولا بد أن يؤلف كتاباً مخصوصاً ، ويجعل عنوانه صريحاً كل الصراحة من مثل : (الرسم القرآني : اصطلاح لا توقيف ) ويصدره بسنده الذي منتهاه : قال فلان من الصحابة : " إنما كانت الكتبة التي كتبها الصحابة وأجمعوا عليها اصطلاح لا توقيف " !!؛ وذلك كله ليخدم السياق الذي تبحث عنه أنت ، ويضع فيه هذا الكلام الذي نقلناه عنه من مقدمة كتابه الذي ألفه في الرسم القرآني خاصة !!، ويكرر عند كل موضع موضع ، بلا كلل ولا ملل!! . ولا بد من صيغة واحدة للأحكام مثل القالب المعدني ، الذي إذا وافقته العبارات فهو حرام أو لا .. فحلال مباح !.
وأما قولك :
أمّا أن تعمد إلى مقدمة كتاب
ليس هذا الكتاب المذكور مثل أي كتاب ! يا أخي الحبيب ، إنه المقنع ومختصر التبيين ، ولو شئت أتيت بغيرهما ، هذا دستور الفن . فلماذا تجعلني عشوائياً في الاختيار ، حفظك الله ؟!
وبعدها تقول معرضاً بأمانتي ، بعد أن جعلتني عشوائياً :
وتنتزع منها كلمة ، لتعتبر أن هذا موقف الداني
والله لقد أوردت المقدمة كاملة ، منقحة ، كما أوردتها محققة الكتاب ، جزاها الله خيراً ، والمقدمة نفسها تعبر عن المقصود دون أدنى توجيه مني ، فقط لونتها بالأحمر ، ولا عيب في التلوين !.. ونبهت عليها ، ولا عيب كذلك ..
أم ماذا تعني بكلمة (تنتزع) ، وهل تعني أن الداني عنده ضعف في الإنشاء فهو يقول : " المصطلح " ، وهو لا يعني ما يقول ؟؟
ثم تقول :
فلا أظن أن العلماء يقبلون مثل هذا الاستدلال
من هم هؤلاء العلماء الذين تدعي عليهم بقولك المكرر في محاورتك هذه : ( لا أظن ).
إذا ظننت فلا تحقق ، ولا تصدق ، حتى تأتي بالبرهان الذي تخضع له العقول وتخبت له القلوب !.
اذكر واحداً منهم فقط ، ولا وكس ولا شطط !
وأقول لك : إن كل من قرأ المقنع وغيره ، ومرّ على كلام الداني هذا من العلماء - وما أكثرهم - تلقاه بالقبول ، بلا نكير ولا تعطيل !
ونحن نعلم أن للكلمة حقيقة لغوية وحقيقة عرفية وحقيقة شرعية
كلام جميل .. لكن لا محل له هنا .
فوسع صدرك معي أخي
نعم وكرامة عين ! وسوف نحتسب هذا الوقت عند الله !
ودلل لي بكلام للسلف يصرحون فيه بعدم توقيف الرسم
هذا الطلب منك جاء على خلاف الأصل ، فالأصل عدم التوقيف ( كما قد قيل لك )، وليس على النافي (وهو أنا) دليل ، إنما الدليل على المثبت (وهو أنت). ولم تأتوا بأي دليل يثبت ، حتى الأحاديث الضعيفة والموضوعة (التي همّ بها الأخ العليمي في المشاركة [...، و69، و71] ، وتأولت قصده في المشاركة [65] وزجرته عنها في المشاركة [72]) لا تساعدكم في دعواكم هذه .
وذكرت الخيار الثاني:
أو بكلام للداني في سياق غير ملتبس
سوف آتيك به ، ولكن بشرط أن تقنعنا بوجه اللبس في كلامه في صدر كتابه المقنع .. وهل وجدت اللبس نفسه في كلام أبي داود سليمان بن نجاح في صدر كتابه : ( مختصر التبيين ) ، في المشاركة التي أوردتها ( رقم 66 ) .
حتى ندخل ذلك في باب الأدلة
أليس الأفضل أن تقول : حتى نقبل الدليل في الحكم باصطلاحية الرسم ؟
ثم كثرة تنقيركم على الإعجاز العددي لا يدل على جدية في البحث عن الحقيقة
الإعجاز العددي هو سبب كل ما نناقشه الآن ، أم أنك نسيت عنوان الموضوع ؟ ! وهذه مناقشة علمية ، سليمة القصد إن شاء الله !
أما المقاصد والنوايا هل نحن نبحث عن الحقيقة أو نلعب !! فأمرها إلى الله وحده .. نسأله الإخلاص والسداد والتوفيق والمغفرة لنا جميعاً .. ونعوذ بالله من الشيطان ونزعه ونفثه وفتنه .. ولا حول ولا قوة لا بالله .
وهنا أقول:
هناك إعجاز لا علاقة له بالرسم وإنما بترتيب السور وهو الأضخم. فما عساكم تقولون؟ أنا أقول لك الحل: لا بد عندها أن نطرح مسألة ترتيب السور ونزعم أن الصحابة هم الذين رتبوه، وستجدون لكم سلفاً في هذه المسألة، المهم أن نجد وسيلة لرفض هذه المسألة التي لم يقل بها السلف، فهل يعقل أن نعلم أمراً لم يعلمه الصحابة رضوان الله عليهم؟
هذه محاولة للخروج من الموضوع إلى مسألة أخرى تماماً ، ولا داعي للتضخيم والتعميم ، ولا داعي مرة أخرى للحكم على النوايا ، نسأل الله أن يعيننا على أنفسنا ويغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا !
 
وأخيراً ..
فقد وصل النقاش إلى حدّ أخشى أن يحرفه الشيطان عن مقصده
وأحسب أني قد أوصلت فكرتي لإخواني الأحباب
والذين لا أزكيهم على الله تعالى
فلهم في إخلاصهم وحرصهم على الحق ما يجعلهم يقتبسون النور
ويهتدون به
وقد يكون في كلامي ما هو محتمل للخطأ أو خطأ محض
فأنا امرؤ خطاء بحكم جبلتي وضيق وقتي وقلة اطلاعي
فما كان من صواب فالحمد لله
أو من خطأ فأستغفره
وأتوب إليه​
 
الأخ الكريم عصام، والأخ الكريم حسين
الكتابة في هذا الملتقى يقصد منها فائدة الجميع، ولسنا هنا في مبارزة، وإنما رغبة منا في أن يطلع الباحث على وجهات النظر المختلفة، فيعلم أن الأمر متنازع فيه قديماً والأدلة تحتمله. ولا شك أن الترجيح سيختلف باختلاف العقول والخبرات.
خلاصة:
يُطلب الدليل من المثبت، ويطلب كذلك من النافي. أما الذي لا يملك الدليل على النفي أوالإثبات فهذا الذي لا يدري.
احتج مالك رضي الله عنه بعمل أهل المدينة، وهذا ليس بنص ولكنه عندي أقوى من رواية الآحاد. وأقصد هنا أن أقول إن عدم وجود النص لا يعني عدم وجود الدليل.
"خيركم من علم القرآن وعلمه": لا يستطيع أحد أن يزعم أن تعليم القرآن هنا يقصد به فقط التلاوة، بل يشمل أيضاً تفسير القرآن. ولا يستطيع أحد أن يزعم أنه تعليم التفسير دون التلاوة. وعليه فتعليم الرسول عليه السلام للكتاب بنص القرآن الكريم يشمل الكتابة والتفسير.
أقوال العلماء لا تدخل في باب الأدلة، ولكننا نضطر أحياناً للتسليم جدلاً من أجل الوصول للمطلوب.
لا أشك لحظة أن المناقشات قد أفادت وأثمرت في العقول ما أثمرت. وأرى أن كل واحد منا خرج منها والصورة لديه أوضح.
أشكر أخي حسين وأخي عصام على ما قدما من جهد ووقت أسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتهما يوم القيامة، وأن يبارك لهما في وقتهما ومالهما وبدنهما وذريتهما.
"والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر".
 
كلمة سواء قد يكون فيها فصل الخطاب


انتهى نقاش الأخوة الأفاضل نهاية طيبة والحمد لله ، رغم بقاء كل منهم على موقفه الذى كان عليه قبل النقاش ، ولا ضير فى هذا ، فإختلاف وجهات النظر بين الناس أمر طبيعى ولا غرابة فيه ، لا سيما فى المسائل الخلافية التى لم يحسمها دليل قاطع لا ريب فيه ( وإن كنا نعتبر إجماع الصحابة على الرسم دليل قوى على توقيفه ، ولكن لا بأس )
ورغم الإختلاف الحاد حول تلك المسألة فأنى أرى أن الحوار الموضوعى السليم يمكن أن يؤدى إلى تقارب وجهات النظر والحد من غلوائها ، فيثمر عما عبر عنه القرآن بـ ( كلمة سواء ) يتجلى فيها الحد الأدنى من الإتفاق بين المتنازعين
وقد عثرت على رأى قيّم لواحد من كبار علماء الأزهر الشريف فى المسألة المتنازع عليها ، حيث استطاع أن يوفق بين الرأيين المتعارضين وأن يُقلص من حجم الفجوة الكبيرة القائمة بينهما ، وها أنا ذا أعرضه على حضراتكم :
يقول الأستاذ الدكتور عبد الحى الفرماوى فى كتابه " رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين " :
(( إنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقرَّ كتَّاب الوحي على ما كتبوه ، وهذا الإقرار يلزمنا باتباع ما كتبوه وإن كان اجتهاديًّا منهم . . . ولو كان اجتهادهم فى الكتابة غير مراد الله - عزَّ وجلَّ - ما تركهم عليه ، وما دام قد تركَهم على ذلك ، فدلَّ على أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ورسوله مقرَّان لهذه الكتابة التي يكتبها الكتَبة من صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكانت بذلك اجتهاديَّة من الصَّحابة، باعتبار ترْك الشَّارع لهم يكتبون على ما يعرفون ، توقيفيَّة باعتِبار تقْرير الشَّارع لهم على ما كتبوا ، وعدم تخطِئَتهم في كتابتهم، ولو لم تكُن صحيحة لبيَّن لهم ووجَّههم حسب ما يريد ))

وأرى أن جمال هذه الفكرة وحُسنها لا يكمن فحسب فى أنها قد جمعت بين المتنازعين فى صعيد واحد يؤلف بينهما ، وإنما يكمن بالدرجة الأولى فى أنها قد عملت حساباً يُعتد به للمشيئة الإلهية والتى عبر عنها بقوله : ( مراد الله ) وقوله ( حسب ما يريد ) ، فهذه المسألة على جانب كبير من الأهمية ، ولكن الإخوة المحاورين لم يولوها الإنتباه الكافى الجدير بها ، رغم أننى فى أول مداخلة لى فى هذا الموضوع قد أشرت إلى أهمية هذه المسألة بقولى :
ثم إن ما فعله عثمان أو غيره لم يُغيّر شعرة واحدة فى آخر الأمر مما قدّره الله وأراده بشأن رسم كتابه العزيز ، فالرسم الذى أراده الله تعالى لكتابه العزيز هو الذى بقى محفوظاً إلى يومنا هذا ، فإن الله بالغ أمره كما تعلمون ، كما أنه - جل وعلا - غالب على أمره، وأنه لطيف لمايشاء
فما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وكل الدلائل تشير إلى أنه عز وجل قد شاء أن يصلنا رسم المصحف الشريف على ما كان عليه فى صحفه الأولى ، وأن يبقى محفوظاً كما كان ، وكما نجده الآن فى مصحف المدينة ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ( أنظر المشاركة رقم 22 )
وهكذا يتبين أن هذه المسألة ( المشيئة الإلهية ) فى غاية الأهمية ، بل إنها كانت مستندى الأول والرئيس فى قولى بالتوقيف
أسأل الله عز وجل أن يجمعنا وإياكم على الحق دوما ، وأن يهدينا جميعا إلى سواء السبيل
وصلِ اللهم على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلّم
 
المضي في تقرير اصطلاحية الرسم ، وهو الذي يتساوق مع النصوص ... سيأتي على القول بالإعجاز العددي من أساسه .
علاوة على ما سبق ، يجب الإنتباه كذلك إلى أنه :
حتى لو افترضنا أن رسم المصحف ليس توقيفيا فإن هذا لن يقدح بالمرة فى فكرة الإعجاز العددى للقرآن ، ولن يعارضها أو ينال منها على الإطلاق ، فدعاة الإعجاز العددى فى غنى حقيقى عن إثبات توقيفية الرسم ، حيث يكفيهم جدا أن يكون رسم المصحف واجب الإتباع فحسب ، وهذا ما لا ينازع فيه أحد من النافين لتوقيف الرسم ، حيث رسم المصحف عندهم واجب الإتباع كذلك !
ومن هنا فمناقشة فكرة توقيفية الرسم تُعَدّ بعيدة عن مناقشة فكرة الإعجاز العددى ، حيث لا يوجد تلازم حتمى بينهما
وفى هذا السياق أسجل إعجابى بمنهجية الأستاذ الدكتور فهد الرومى حين وضع ضوابط للبحث فى الإعجاز العددى ، وذلك فى بحثه الذى شارك به فى المؤتمر الدولى الثانى للإعجاز العددى والذى انعقد منذ شهرين فى الرباط ، حيث جعل على رأس تلك الضوابط : الإلتزام فى الإحصاء العددى برسم المصحف العثمانى ، لكونه واجب الإتباع
ومن هنا لا يحق لأحد أن يعترض على الباحثين الإحصائيين بدعوى أن رسم المصحف لم يثبت توقيفه ، فمثل هذا الإعتراض يصبح تعسفياً محضاً ، إذ يكفى أن يكون الرسم واجب الإتباع فحسب
أردت أن أوضّح هذا الأمر للإخوة الأفاضل المعارضين للإعجاز العددى ، لأن كلام البعض منهم ( كما جاء مثلا فى الإقتباس أعلاه ) يوحى بإعتقادهم فى وجود إرتباط قوى بين الفكرتين ، بينما حقيقة الأمر غير ذلك تماما
كما أقول أيضا : صَدّقونى أيها الأخوة الأفاضل ، يوجد إعجاز عددى للقرآن الكريم ، وأُقسم لكم بأغلظ الأيمان على ذلك ، وليس من رأى بأم عينيه كمن سمع من غيره ، ولو أتيحت لى الفرصة لعرض نماذج من هذا الإعجاز فى هذا الملتقى الكريم لرأيتم منها العجب العجاب بالفعل ، ولكن يبدو أن الإدارة الموقرة قد إتخذت موقفا متشددا من هذا الإعجاز بناءًا على نماذج سابقة عُرِضَت منه وأثارت حولها جدلا شديدا ، ولكنى ومن هذا المنبر أناشدهم إعادة النظر فى قرارهم هذا إزاء الإعجاز العددى ، وذلك لإتاحة الفرصة لمن لم يسبق له عرض شىء منه بعد ، لا سيما وإن كان هذا الشىء الجديد يتصف بالإحكام الشديد والمنهج المنضبط تمام الإنضباط ،كما أنه لن يثير حوله أى جدل إن شاء الله

" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ، وأنت خير الفاتحين "
 
( إعجاز الرسم ) حديث خرافة !!

أقول هذا في وقت كثر فيه الحديث عن الرسم وخرج عن حد المعقول إلى مايشبه العبث ، حتى بلغ الأمر ببعضهم أن يتحدث عما يسمى بإعجاز الرسم القرآني !! وعقدت فيه ندوات وألفت فيه كتب أكثرها متكلف بارد !! ونقول لو كان الذي كتب القرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه بيده وخطه بيمينه لم يكن معجزا !! فكيف وليس له في كتابته حرف واحد إنما كتبه أصحابه رضي الله عنهم على ما كانت تكتب العرب وتعرف !!
 




(( إنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أقرَّ كتَّاب الوحي على ما كتبوه ، وهذا الإقرار يلزمنا باتباع ما كتبوه وإن كان اجتهاديًّا منهم . . . ولو كان اجتهادهم فى الكتابة غير مراد الله - عزَّ وجلَّ - ما تركهم عليه ، وما دام قد تركَهم على ذلك ، فدلَّ على أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - ورسوله مقرَّان لهذه الكتابة التي يكتبها الكتَبة من صحابة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فكانت بذلك اجتهاديَّة من الصَّحابة، باعتبار ترْك الشَّارع لهم يكتبون على ما يعرفون ، توقيفيَّة باعتِبار تقْرير الشَّارع لهم على ما كتبوا ، وعدم تخطِئَتهم في كتابتهم، ولو لم تكُن صحيحة لبيَّن لهم ووجَّههم حسب ما يريد ))

وأرى أن جمال هذه الفكرة وحُسنها لا يكمن فحسب فى أنها قد جمعت بين المتنازعين فى صعيد واحد يؤلف بينهما ، وإنما يكمن بالدرجة الأولى فى أنها قد عملت حساباً يُعتد به للمشيئة الإلهية والتى عبر عنها بقوله : ( مراد الله ) وقوله ( حسب ما يريد ) ، فهذه المسألة على جانب كبير من الأهمية ،
احييك اخي الكريم علي هذ الفكره الصائبه التي اراها عين الحقيقه في حل مشكلة هل الرسم توقيفي ام اجتهادي
 
عودة
أعلى