وقوله في الشاطبية : (وَصِلْ وَاسْكُتَنْ كُلٌّ جَلاَيَاهُ حَصَّلاَ ) وجهان لابن عامر وورش وأبي عمرو ..وهم المرموز لهم بالكاف والجيم والحاء .. والصحيح أنها رموز لهؤلاء القراء كما أخبر العلامة السخاوي في شرحه وهو أدري بكلام شيخه من غيره .. ولا عبرة بمن لم يعدهم رموزا .. والله أعلم
الخلاف يا فولي إنما هو في البيت التالي وهو قول الشاطبي رحمه الله ( ولا نص كلا حب وجه ذكرته *** وفيها خلاف جيده واضح الطلا ) وأما قوله ( وصل واسكتن كل جلاياه حصلا ) فلا خلاف فيه , فقد توهمت وأدخلت شرح البيتين في بعضهما , فميز بارك الله فيك , ولا ترسل لي على خاص صفحتي سبا وشتما لأني نصحتك فما جزاء الناصح أن يسب ويشتم
زاد في الطيبة تخفيف التاء ات السابقة للبزي ، وله التشديد وصلاً في الشاطبية قولاً واحداً .
وهذه التاءات تشدد في الوصل فقط ، وعند البدء بها تكون تكون بتاء واحدة مخففة .
في حال وصل هذه التاءات بما قبلها تعامل وكأنها كلمة واحدة في حال سبقها بحرف مد سواء كان أصليا(ولآ تّيمموا) ،أو جاء عن صلة الميم ( كنتمو تّمنون) ، أو الهاء (عنهو تّلهى) فتعامل كالمدّ اللازم وتمدّ بمقدار ست حركات .
أما لو سبقها ساكن غير حرف مثل (هل تّربصون ـ إذ تّلقونه) يظهر الساكن الأول .
وإذا سبقت بنون ساكنة تبقى الغنة كما هي بمقدار حركتين نحو (أن تولوا).
ووافقه «أبو جعفر» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى( ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ ) (سورة الصافات آية 25) فقط .
ووافقه «رويس» بتشديد التاء قولا واحدا وصلا في قوله تعالى( فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) (سورة الليل آية 14) فقط .
وقد وردت في إحدى وثلاثين موضعا وهي:
1 - وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (سورة البقرة آية 267).
2 - وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا (سورة آل عمران آية 103).
3 - إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ (سورة النساء آية 97).
4 - وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ (سورة المائدة آية 2).
5 - وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ (سورة الأنعام آية 153).
6 - فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (سورة الأعراف آية 117).
7 - وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (سورة الأنفال آية 20).
8 - وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا (سورة الأنفال آية 46).
9 - قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ (سورة التوبة آية 54).
10 - وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (سورة هود آية 3).
11 - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ (سورة هود آية 57).
12 - يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ (سورة هود آية 105).
13 - ما نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ (سورة الحجر آية 8).
14 - وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا (سورة طه آية 69).
15 - إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ (سورة النور آية 15).
16 - فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْهِ ما حُمِّلَ (سورة النور آية 54).
17 - فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ (سورة الشعراء آية 45).
18 - هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ (سورة الشعراء آية 221).
19 - الشَّياطِينُ* تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (سورة الشعراء الآيتان 221 - 222).
20 - وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى (سورة الأحزاب آية 33).
21 - وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ (سورة الأحزاب آية 52).
22 - ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ (سورة الصافات آية 25).
23 - وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ (سورة الحجرات آية 11).
24 - وَلا تَجَسَّسُوا (سورة الحجرات آية 12).
25 - وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا (سورة الحجرات آية 13).
26 - أَنْ تَوَلَّوْهُمْ (سورة الممتحنة آية 9).
27 - تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ (سورة الملك آية 8).
28 - إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ (سورة القلم آية 38).
29 - فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (سورة عبس آية 10).
30 - فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (سورة الليل آية 14).
31 - خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ (سورة القدر الآيتان 3 - 4).
وقرأ الباقون هذه التاءات، بتاء واحدة مخففة.
قال الشيخ محيسن :
تنبيه: يفهم من قول المصنّف: «وبعد كنتم ظلتم وصف» أن «البزّي» له التشديد بالخلاف في قوله تعالى:
1 - وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ (سورة آل عمران آية 143).
2 - وقوله تعالى: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (سورة الواقعة آية 65) إلّا أن المقروء به، والذي تلقيته عن «شيخي» مشافهة هو التخفيف فقط، لأن التشديد ليس من طرق «النشر» وقد اعتذر «ابن الجزري» في كتابه «النشر» عن ذكرهما بقوله: «ولولا إثباتهما في «التيسير، والشاطبيّة» والتزامنا بذكر ما فيهما من الصحيح، ودخولهما في ضابط نصّ «البزي» لما ذكرتهما، لأن طريق «الزينبي» لم يكن في كتابنا» اهـ .
تنبيهات :
قوله تعالى: فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ
قال في الطيبة :.... يغفر يعذّب رفع جزم (ك) م (ثوى(ن) صّ
قرأ ابن عامر وأبو جعفر ويعقوب وعاصم بالرفع فيهما.والباقون بجزمهما .
فثبت من ذلك أن يعقوب له الرفع فيهما ، وأبو عمرو له الإسكان فيهما .
إدغامهما أي الراء من " يغفر" والباء من "يعذب"لأبي عمرو من باب الصغير .
وليعقوب من باب الكبير (وقيل عن يعقوب ما لابن العلا).
ألا أنه في الفريدة منع الإدغام ليعقوب حيث قال :
(( وأدغم باء " يعذب " فى " من " قالون وابن كثير وحمزة بخلف عنهم. وأبو عمرو والكسائى وخلف العاشر بدون خلاف. وورش بالإظهار.....واندرج .......يعقوب (ولاحظ أن عدم إدغام يعقوب فى فيغفر، يعذب صحيح ولا يجوز الإدغام). أ.هـ
وخالفه الشيخ الشيخ جمال شرف حيث قال في تعليقه على هذه الكلمة في شواهد الطيبة : (وهو محرك عند يعقوب فله الإدغام والإظهار فيهما معا )ص41
ولم يتعرض في النشر لهذه المسألة صراحة وكذا شراح الطيبة ، إنما تحدثوا فيها من باب الصغير حيث قال في النشر : (يعذب من يشاء) في البقرة ....وقرأ الباقون من الجازمين بالإظهار وجهاً واحداً وهو ورش وحده )ا.هـ
فالحديث هنا عن الجازمين ولم يتحدث عنها أنها من باب الكبير ،وقال في النشر أيضا : "فالباء" تدغم في الميم في قوله تعالى(يعذب من يشاء) فقط وذلك في خمسة مواضع موضع في آل عمران، وموضعان في المائدة. وموضع في العنكبوت. وموضع في الفتح. وإنما اختصت بالإدغام في هذه الخمسة موافقة لما جاورها وهو (يرحم من. ويغفر لمن)))أ.هـ
فقد ذكر الإدغام في بقية المواضع ولم يذكر موضع البقرة ؛لأنه يختلف عن بقية المواضع كما مر .
وظاهر شراح الطيبة يوافقون ما قاله ابن الجزري رحمه الله ، قال ابن الناظم : يريد قوله تعالى «ويعذب من» الذي في البقرة، أدغمه أبو عمرو والكسائي وخلف، واختلف عن حمزة وابن كثير وقالون كما سيأتي، وهذا في قراءة من جزم، والباقون منهم بالإظهار وهو ورش وحده ومن أظهر عن حمزة وابن كثير وقالون.
وقرأ الباقون بالرفع وهم ابن عامر وعاصم وأبو جعفر ويعقوب، «ويظهرون» فإنه ليس عندهم من هذا الباب.)أ.هـ
وقال النويري عند قوله " يعذّب من حلا روى وخلف فى دوا بن "(وقرأ الباقون من الجازمين بالإظهار وجها واحدا وهو ورش وحده)أ.هـ
قال في الاتحاف : وابن عامر وعاصم وأبو جعفر ويعقوب بضمهما بلا إدغام فيهما )ا.هـ
فالذي يظهر من هذه النصوص الإظهار فيهما ، إلا أنك لا تجد أحدا يستثني موضع البقرة ، فيمكن توجيه كلامهم أنهم اهتموا بالحديث عن الصغير فقط .
وقد وجدت كلاما لصاحب الكامل يذكر فيه الإدغام في (يعذب) ليعقوب عن طريق الوليد ـ ويتفق صاحب الكامل وصاحب المصباح في الأخذ عن الخزاعي ـ حيث قال الهذلي في الكامل : (يعذب من يشاء) في سورة البقرة بالإظهار ورش ...إلى أن قال : ويعقوب غير الوليد )344
والشاهد قوله (ويعقوب غير الوليد ) أي أن الوليد له الإدغام في يعذب ؛ لأنه استثناه من المظهرين ، والذي يظهر لي أنه نص في محل النزاع ؛ أي أن يعقوب ورد عنه من يدغم (يعذب) .
وقد يقول قائل بأن الوليد ليس من طرق يعقوب فكيف يستدل به؟
الجواب : لست بصدد البحث عن هذه الجزئية إنما بحثي يكمن في وجود الإدغام الكبير في كلمة (يعذب) خاصة ليعقوب ،ومعلوم أن قلة قليلة ذكرت الإدغام الكبير ليعقوب ، ويصح بذلك توجيه كلام ابن الجزري بأنه يقصد الحديث عن الجازمين .
وقوله في الطيبة (وقيل عن يعقوب ما لابن العلا) أي موافقة أبي عمرو في قواعده ، وليس في كلماته ؛ بدليل أن يعقوب في الإدغام العام يدغم بلا خلاف في الكلمات التي اختلف فيها عن أبي عمرو في الكبير مثل (وشطأه رجح) كما قال في الفريدة :(عند تحرير الإدغام العام الذى فى المصباح لم أجد تفصيلات فى هذا الإدغام كما فى تفصيلات أبى عمرو فاعمل على الإظهار عموما، الإدغام عموما) أ.هـ
ولو كان يعقوب موافقا لأبي عمرو لذكر له الخلاف أيضا في المختلف فيه لأبي عمرو على الإدغام الكبير .
والذي يظهر لي أن ما قاله الشيخ جمال شرف هو الصواب .والله أعلم
وأفادني الأخ ممدوح مصطفى بفائدة جليلة اضطربت فيها قواعد صاحب الفريدة وهي في كلمة (ورقكم) .
قال في الفريدة :
ورقكم: بكسر الراء لنافع وابن كثير وابن عامر وحفص والكسائى وأبى جعفر ورويس. والباقون بإسكانها. والشاهد: ورقكم ... ساكن كسر (ص) ف (فتى) (ش) اف (ح) كم. ولاحظ إدغام رويس على قراءته فى ورقكم.) أ.هـ
فقد ذكر لرويس الإدغام مع أن أبا عمرو لا يدغمه لسكون الراء ، فكيف يخالف ما قاله أولا ؟.